Top Ad

الاثنين، 30 مايو 2022

http://akkioasisdesarticles.blogspot.com/

المجتمع المدني وسؤال القضايا البيئية.. الماء نموذجا

        على عكس أدواره الحمائية والخدماتية المعتادة، يطرح اليوم وبقوة سؤال المجتمع المدني ومدى مساهمته الفعلية في التنمية المستدامة والسياسات العمومية ومدى مشاركته في وضعها وأجرأتها.. مواكبتها.. تقييمها  وتطويرها كما تتطلب ذلك أدواره الدستورية، وفي ذلك رهان انتقال هذا المجتمع من مجرد خطاب الانتقاد والتحريض والصدام أحيانا، إلى سلوك التعاون على الممارسة الإصلاحية والواقعية، ليس برؤيته السياسية وقوته الاقتراحية فحسب، بل أيضا بالتعاون بين الديمقراطية التمثيلية والديمقراطية التشاركية والشراكة بينهما في مشاريع تنموية تساهم عمليا وميدانيا في التخفيف من أزمات وطنية وحل معضلات تنموية، رغم إكراه بعض القوانين والمراسيم التنظيمية؟.

 

ولعل من المجالات التي تستوعب هذا التعاون المتعدد الأوجه والمختلف الأطراف والحساسيات وتحتاج إلى جهود الجميع كل من مكانه وبإمكانه، مجال قضايا البيئة وكيفية الحد من تداعيات تغيراتها المناخية العالمية الخطيرة على الجميع على أساس من الإلتقائية المواطنة والمصلحة العامة والهموم المشتركة، من الاحتباس الحراري.. تلوث الماء والهواء.. استنزاف الطاقات الأحفورية.. الجفاف والفيضانات.. الحروب المدمرة والعابرة للقارات.. وقد أصبح هذا من اهتمام الكل، ويلقى من النضال المدني الكوني الشيء الكثير، بل أوصل بعض الهيئات البيئية ك"الخضر" في ألمانيا  إلى مراكز القرار والتأثير فيه عبر تشكيل التحالفات والحكومات ومجموعات الضغط لفرض برامج وتوجهات؟.

 

واليوم، إذا أخذنا معضلة الماء مثلا، نذرتها.. تخزينها.. تدبيرها.. تلوثها.. معالجتها.. تعدينها.. تكلفتها.. تسويقها وتعميمها.. عدالتها.. تعبئة مواردها ودوامها.. كل هذا جعل منها قضية دولية و وطنية تتطلب تضافر جهود كل الفاعلين.. مسؤولين حكوميين وفاعلين مدنيين ومواطنين غيورين من أجل الحد أو  - على الأقل - التخفيف من تداعيات هذه الأزمة المعضلة.. المزمنة والمستفحلة. فإذا صح ضجيج الأرقام حولها فإن منظمة الصحة العالمية والأغذية والزراعة الأممية تقول أن حوالي 40% من سكان العالم يعانون من ندرة هذه المادة الحيوية، و 70% من كوارث العالم أصلها من الماء والفيضانات، وحوالي 2 مليار من سكان العالم يعانون من سوء الخدمات المائية، و3،5 مليون يموتون سنويا بسبب تلوث الماء ضمنهم 26 ألف طفل يوميا، و 80% من الأمراض تسببها هذه المياه الملوثة وغير الصالحة للشرب؟.

 

و وطنيا، تؤكد الدراسات ان مخزون الماء سينخفض ب 50% في أفق 2050، بل انخفض المعدل الوطني الفردي من استعمال الماء عما كان عليه من 1000 م3 إلى مجرد 650 م3، والفلاحة وحدها تستهلك من الثروة المائية الوطنية إلى نسبة 85%، بينما المواطن مجرد 3% وبتكلفة حوالي 20% من دخله الفردي، هذا وبلغ الجفاف نسبة 64% مما كان عليه يعني من انخفاض التساقطات، ومعدل ملىء السدود الوطنية لا يتعدى 37%، وكل هذا يسبب مجموعة من الأخطار من بينها الجفاف وقلة التساقطات.. ارتفاع تكلفة الاستهلاك.. الاختلالات الايكولوجية والاضطرابات الاجتماعية.. الهجرة القسرية.. مقابل استنزاف الفرشة المائية من طرف كبار المستهلكين.. وبعض الزراعات المستوردة أو المستوطنة.. غياب العدالة المائية في التوفير والتوزيع.. ضياع مياه التساقطات رغم السدود.. ضعف المعالجة( 250مليون م3/500 مليون م3) بل ضعف حتى استعمال المعالج منها إذ لا يتعدى (30%)؟.

 

هذه الأرقام الصادمة تطوق عنق الجميع وتستنفره لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، ولكن كجمعيات المجتمع المدني وفاعلين مدنيين فيها ماذا يمكن أن نفعل وبماذا يمكن أن نساهم وكيف يمكن أن نقارب هذا الموضوع الإشكال؟، هنا سأورد بعض ما سعت وتسعى إليه بعض الهيئات المدنية الرائدة في المجال المدني عامة والمجال البيئي والمائي خاصة:

 

1-  تنظيم ندوة علمية فكرية من طرف المتخصصين والدارسين والمهتمين لإدراك حقيقة الإشكال في الموضوع وحجمه وامتداده وأسبابه.. أخطاره ومقترحات حلوله، انطلاقا من فرش إحصائي دقيق معتمد ومحين.  ثم إعداد مذكرة ترافعية في الموضوع بناء على توصيات الندوة أو ورشات يوم دراسي موسع، على اعتبار أن الإشكال المائي مرتبط بالأساس وفي كثير من جوانبه بالمواطن، نعم، ولكن كذلك بالسياسات العمومية والحكامة ويحتاج الأمر إلى حلول ومقترحات.

 

2-  تنظيم حملة رقمية وعلى مواقع التواصل الاجتماعي مع الممكن من الفاعلين والشركاء، وبالمتاح من الوسائط كبسولات.. ملصقات.. توجيهات تدوينات ونداءات تدعو إلى الوعي اللازم بندرة الماء وضرورة ترشيد استعماله وحسن استهلاكه. وفي نفس الوقت دعوة الممكن من هيئات المجتمع المدني ومؤسسات التنشئة الاجتماعية والفاعلين للانخراط في الحملة والتربية البيئية والمائية عموما.. كتاب.. خطباء.. فنانين.. تشكيليين.. مؤسسات تعليمية.. جمعيات تربوية.. مخيمات صيفية.. من أجل مؤسسات إيكولوجية وصديقة للطفل واليافع والشاب والبيئة.

 

3-  دعم الحركة الجمعوية في انخراطها في مجالس تدبير وكالات الأحواض المائية، برامج ومبادرات مداولات ومقررات، وكذاك في تعاطيها مع التدبير المائي الميداني خاصة في العالم القروي والأرياف التي تعز فيها خدمات الدولة وتتكسر على صخرتها برامج الحكومات، وقد لا يقوم مقامها ولو نسبيا غير ما دأب عليه المجتمع المدني من تأسيس جمعيات وتعاونيات لتدبير ماء الأحياء وتطهيره وتوزيعه، وحفر الآبار وصيانة العيون، وبناء وتنظيف السواقي وتشجير ضفافها، وحملات تحسيس الساكنة والنشء بكل ما تتعرض له نعمة الماء وثروته سلبا وإيجابا، وكل ما يلزم لحسن تدبيره وترشيد استعماله.

 

4-  الاشتغال على مدى متوسط على الأقل في ائتلاف جمعوي بيئي يهتم بالموضوع ويتابع الاشتغال عليه بكافة الطرق المشروعة.. المتاحة والممكنة.. ترافع ضد من يسببون في الاضطرابات المناخية سياسات وسلوكات.. ضد كبار المستهلكين الجشعين في مختلف المجالات.. ضد الزراعات المستنزفة للفرشة المائية.. والترافع كذلك من أجل كل ما سيساهم في تبني التقنيات المعاصر لاقتصاد الماء كالطرق السيارة للماء والتحلية والمعالجة والتخزين وصيد السحاب..، وغير ذلك مما ما سياهم في توفير العدالة والأمن المائي للجميع، حسب المناطق الجغرافية والظروف المناخية.

 

5-  و كل ذلك، باستدعاء  ثقافة الماء في التاريخ الوطني والتراث الحضاري الإسلامي المبدع، وما يزخر به من تنمية الوازع الديني والجمالي في التعامل مع الماء، وتوسيع مفهوم التدين ليشمله عقيدة سلوكا وعبادة وهو في كل أصولها وفروعها، وهو نعمة من الله تستوجب الشكر بالحمد والترشيد: " وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين" الأعراف/31، وتستوجب التوفير والتعبئة بالتشارك و"الأسبلة" يعني صدقة جارية في سبيل الله: "الناس شركاء في ثلاث الماء والنار والكلأ "صححه الألباني، وفي الحديث: "خير الصدقة سقي الماء"، وقبل ذلك وبعده التزام الطاعات وتجنب المعاصي لاستدامته خيرات وبركات من رب السماء، عذبا فراتا برحمته لا ملحا أجاجا بذنوبنا، قال تعالى: "وقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا، يرسل السماء عليكم مدرارا" وقال (ص): "ما منع قوم زكاة أموالهم إلا ومنعوا القطر من السماء" رواه ابن ماجة؟.

الحبيب عكي


اقرء المزيد

الثلاثاء، 24 مايو 2022

http://akkioasisdesarticles.blogspot.com/

موسم الامتحانات وهيستيريا الغش والغشاشين

اليوم، ونحن على مشارف نهاية الموسم الدراسي وقرب فترة الامتحانات الاشهادية و التي يعتبرها الجميع بمثابة استحقاق وطني بالغ الأهمية إن في حياة التلاميذ على اختلاف أوساطهم ومستوياتهم، أو على مستوى مستقبل الوطن وما يتبناه من مناهج دراسية وطرق بيداغوجية يطرح عليها دائما سؤال النجاعة والفعالية، أو بما يؤهله هذا الوطن من طاقات بشرية ستؤول إليها إن عاجلا أو آجلا العديد من مهام البلاد وشؤون العباد. قلت اطلعت على خبر محزن محبط مفاده أن محلات بيع أدوات الغش وتقنياته الالكترونية تعرف رواجا منقطع النظير هذه الأيام، إن حضوريا أو عن بعد وبالتوصيل المجاني، وضمنها طبعا، أدوات وتقنيات جديدة ستتجاوز كل المعتاد من أدوات الكشف عن الغش وضبط الغشاشين في مختلف مراكز الامتحانات؟

 

الغش في الامتحانات إذن، موضوع قديم جديد.. مؤرق.. بذلت وتبذل لمحاربته العديد من الجهود الجبارة والمعتبرة، لكنه كالعنقاء دائما ينبعث من الرماد ويتجدد من رحم أدوات الكشف وأساليب المحاربة وربما بعض فرق الحراسة والإدارة، فلا يموت أبدا بل يزداد ولا يختفي، ومن جميل الصدف، أن الشرفاء أيضا لا يستسلمون في التصدي له، وإن بدا بعض التصدي أحيانا كالعبث أو شكلا من أشكال التشجيع، أو على الأقل الحرص على الخروج من الزوبعة كلها سالما كفرد، ولو بغض الطرف عن الممارسين الذين هم في الأول وفي الأخير يتباهون بأنهم نجحوا في تجاوز أساليب المحاربين وتغلبوا على تقنياتهم وأبطلوا مفعولها.. ردعها ومنعها، وبالتالي أهدافها الرامية إلى محاربة الفساد القيمي والحرص على المصداقية و تكافؤ الفرص؟.

 

إلى هنا فكل شيء عادي، ورغم هوله فقد لا يضيف لنا أي شيء على طريق الحلول، لذا أستدعي دراسة ميدانية قيمة في الموضوع لصاحبها الدكتور "المصطفى بنان" في كتابه "قضايا تربوية ولسانية"، يتعرض فيها، إلى العديد من القضايا الأساسية والتي ينبغي أن تكون من مداخل وحوامل المعالجة، وعلى رأسها: حجم ظاهرة الغش.. أشكالها.. امتدادها.. وسائلها.. خطورتها.. موقف القانون والدين منها، وبالأخص وبالأخص تمثلات التلاميذ الممارسين لها، وحسب هذه الدراسة الميدانية التي كانت في بداية الألفية في 25 سؤال وخمسة محاور وشملت حوالي 500 تلميذ(ة)، فإن الغش من فساد القيم المستشرية في المجتمع في انتخاباته وصفقاته وإدارته وإعلامه وتجارته وفلاحته وسياحته..، من هنا السؤال الطويل العريض حول دور المدرسة، هل ينبغي لها أن تكتفي بمجرد عكس قيم المجتمع وطلي روادها بها؟، أم  إصلاح هذه القيم المعطوبة والهدامة وبناء نشء على قيم صحيحة وبناءة مهما كانت غريبة في المجتمع؟.

 

ثانيا، الغش حسب الدراسة إذا صح ضجيج أرقامها التي قد تكون انخفضت نسبيا ولكنها لا تزال مرتفعة، حسب الدراسة الغش يمارسه في حينها الجميع (92%)، ولا يمتنع عنه إلا من رحم ربك (8%)، يمارسه الذكور (47%) والإناث (43%)، الأدبيين (43%) والعلميين (31%)، يمتد في جميع المستويات من الابتدائي (5%)  إلى الاعدادي (37%) إلى الثانوي (58%)، وقد يكون من تفسيرات هذا الارتفاع ما لا نستحضره عند المعالجة مما يحدث من نمو التلميذ وسلوك المراهق الذي يتسم بالحدة والنزوع إلى الاستقلالية وفرض الذات ومخالفة المحذور أو الانتقام من ضغوط الصغر وتربية الكبار؟. هذا وقد رأت الدراسة أيضا أن (51%) من الممارسين يرون أن الغش له مردودية وينقذ من المأزق في حين أن (33%) غيرهم يرون عكسهم وبأنه يضعهم في المأزق وليس مضمون النتائج ولا تأثير له عليها؟. أما عن أهم الأسباب والتمثلات التي تدفع التلاميذ إلى الغش فأهمها كثرة المواد الدراسية وطول المقررات(45%)، ثم صعوبة بعض المواد الدراسية وقيامها على الحفظ (36%)، ثم مبرر لأن الأخرين يغشون أيضا (10،35% ) أو الغش يساهم في تحسين النتائج (7،5% )، أما ما يعتقده البعض من أن التلاميذ يغشون لأنه ليست لديهم رغبة في الاجتهاد، أو لأنهم تعودوا على الغش، أو لديهم انشغالات أخرى تمنعهم، أو لا يفهمون الدروس...، فقد حظيت  بصفر نسبة أو تكاد؟.

 

أما المواد التي يغش فيها التلاميذ بكثرة فقد جاءت على رأسها مادة الاجتماعيات (37%)، ثم الإنجليزية (21%)، و الفرنسية (15%) ، فالرياضيات (12%)، فالتربية الإسلامية (5%)، ومن التلاميذ من يعتمد على الغش اعتمادا كليا (38%)، أو اعتمادا متوسطا تكميليا (62%)وهو الغالب، كما أن للغشاشين موقف شرعي من غشهم إذ أن (17%) يرونه فعلا عاديا، بينما (36%) يرونه فعلا ضروريا، و (47%) منهم يرون أنه فعل حرام، منهم (52%) علمي و (44%) أدبي، و(49%) ذكور و (46%) إناث؟. خلاصة القول، أن الغش يبقى من الفساد القيمي والأخلاقي يخرم مروءة الفرد وينخر صلاح المجتمع، وهو من المدرسة يبدأ ومنها يمكن خنقه واستئصال جذوره، وكل العاملين على ذلك جنود مجندة في مشروع مجتمعي فيه من العدالة والاستقامة ويكفيهم فيه شرفا - كما يقولون - أنهم قد ينقذون آلاف المرضى الذين قد يكونون ضحايا طبيب غشاش، ومئات  المباني التي قد تتهاوي مخلفة آلاف الضحايا جراء تصميم مهندس غير كفئ، وهم قدوات للنشء في الصلاح والإصلاح، يرافعون من أجل ارتفاق إداري يليق بالمواطن دون ابتزاز ولا وساطة أو بهدلة، وهم من سيعيدون للوظيفة مبدأها "الرجل المناسب في المكان المناسب" وفق القدرات والكفاءات بدل الأنساب والولاءات، وهم ضد مشاريع اللصوصية والوصولية والتسلق والانتهازية والريع وهدر المال العام، بما سيعطي للحياة معنى الحكامة الجيدة وربط المسؤولية بالمحاسبة وفق مبدئها الحضاري الخالد :"من جد وجد ومن زرع حصد" أو"من بطأ به عمله لا يسرع به نسبه"،  إنها حياة الضمير المرتاح والسلوك العدل  السوي سواء في الدنيا أو عند لقاء الله.؟ 

 

والآن، من باب المعالجة هل نستطيع الاستفادة من مثل هذه الدراسة وغيرها؟، هل نستطيع الاستفادة من هذه الأرقام وتحيينها؟، هل نستطيع محاربة الظاهرة محاربة مجتمعية شمولية لا تجزيئية؟، هل نستطيع فعلا إعادة النظر في أدوار المدرسة وفي برامجها ومناهجها واختياراتها البيداغوجية ومشاريعها القيمية، إلى أي حد نستطيع تجديد أساليب التقييم والتقويم وجعلها ترتبط بالتفكير والتحليل والتركيب والتفكيك بدل مجرد.. ومجرد؟،  وقبلها وبعدها هل نستطيع ربط حاضر دراستنا بمستقبل وظائفنا حتى يكون للغش معنى عند تجنبه أو الاقدام عليه؟، هل نستطيع تحفيز لجن المراقبة على يقظة وحزم أكثر وضمان سلامتها في ذلك حتى نقضي على مقولة البعض "الآخرون يغشون أيضا"؟، هل نستطيع الاشتغال على هذا التلميذ نفسيا وتحضيريا أسريا ومهاريا ؟، هل نستطيع مواكبة تطور تكنولوجيا الغش التي تتغلغل بها كل الأسواق والمواقع؟، هل نستطيع تقوية زجرنا القانوني وبالأخص الحزم في تطبيقه وتعميم تطبيقه على الجميع؟،

 

وأخيرا، هل نستطيع تقوية وازعنا الديني لأنه من غرائب هذه الدراسة كما يشير إلى ذلك صاحبها أن (92%) من التلاميذ يغشون وحوالي النصف منهم (47%) يرون أن ذلك حرام في حرام، فكيف يمكننا الرقي بهذه القيمة الروحية الثرية من مجر اعتقاد لائكي بارد منفصل عن الحياة إلى سلوك عملي في صلبها فردي وجماعي أسري ومجتمعي؟. وكذلك لمن يرون أن الغش ضروري وعادي ومما انطلى به الجميع وأصبح لهم من الحقوق المكتسبة، هل فعلا هو ضرورة وحق مكتسب؟، كيف يكون مكتسبا وكل القوانين تعاقب عليه؟، وهل هو ضرورة إيجابية أم سلبية؟، من الضرورات التي تبيح المحظورات (الغش) أم مجرد سلوك تبريري وضعف إيماني وانهزام سلوكي للتطبيع مع الرذيلة والانتهازية والوصولية في زمن الفردانية والاتكالية والأنانية، وأعتقد مع الكثيرين أنه كذلك قطعة من النار وخرق في السفينة الجماعية، من الحكم الشرعي والقانوني ومن المواطنة والمصلحة الفردية والعامة أن ندعها ونحاربها بما يلزم وما يفيد من يفعلها ولا يدعها، على حد قولهم فمن لم يطفئ النار في بيت جاره أحرقت بيته، بل ربما حيه وطنه وأمته؟.

الحبيب عكي


اقرء المزيد
http://akkioasisdesarticles.blogspot.com/

الجهة وسؤال تغييب المداخل والحوامل التنموية؟

         من شدة حرمانهم ومعاناتهم يتفاءل الناس أحيانا، ويتمنون لو أنه تحقق لهم من التنمية شيء أي شيء – على الأقل – حتى يحسوا أنهم مواطنون وأنهم ذكروا كغيرهم في الكتاب التنموي؟، لكن مرارة الواقع لا يمكن أن تبقي مجرد الأماني إلا أماني، لن ينقلب معها التهميش والغبن يوما إلى إدماج وإنصاف ورفع الضرر الجماعي. لأن الشيء فرع عن تصوره أو التصور عنوان التصرف أو كما يقال: "قاليه: "باك طاح".. قاليه: "من الخيمة خرج مايل"؟.

 

            من هنا يتساءل المتسائلون، هل يمكن أن تتحقق التنمية في جهة لا تمتلك عنها تصورا واضحا متوافقا عليه،  ولا مداخل وحوامل دقيقة ومفصلة قبل سؤال تداخل الاختصاصات بين الوزارات والجهات والجماعات؟، وقبل سؤال الإمكانيات والسياقات والرجالات؟،  وسؤال الحكامة والمحاسبة والعدالة المجالية وتحديد المسؤوليات؟.

1-    بين القطاعات الحكومية والمجالس الترابية والمنظمات الدولية و وكالات التنمية والصناديق الخاصة والشركات والمقاولات والأبناك..، من يتحمل مسؤولية تنمية الجهة أو لماذا تضيع هذه التنمية وسط كل هؤلاء المتدخلين والفاعلين على كثرتهم؟.

2-  كيف ستتحقق التنمية في جهة لا تتوفر على أي معهد أو مركز للبحث التربوي التنموي والعلمي الاجتماعي حتى لا تبقى كل المبادرات والتدخلات مجرد ارتجالات ويغلب عليها الجانب العمراني - على أهميته - على الجانب الإنساني وضرورته القصوى كذلك؟.

3-  أي وكالة علمية تنموية في جهتنا تختص بإنضاج المشاريع والبحث عن الشراكات وتعبئة الرأسمال الوطني والأجنبي وتعبئة الموارد البشرية المؤهلة أو تأهيلها بمعايير وطنية ودولية تتجاوز  الجدالات العقيمة لتحقيق المؤشرات والمعايير التنموية المعتبرة من عدمها؟.

4-  أية جهوية نريد كما يتيحها الدستور الجديد، إدارية أم سياسية، تخصصاتها وآلياتها.. فضاءاتها ومؤسساتها.. بنياتها المعيارية وعدالتها المجالية.. طاقات ومنطلقات..؟.

5-  أين جهويتنا من التنوع والاختلاف في إطار الوحدة والتعايش السلمي المعهود بين أبناء الجهة، وأينهم من القرار الجهوي الجماعي المنصف لجميع الفئات وجميع المناطق، هو قرار صعب بالتأكيد، ولكنه سيضمن الانصاف وجبر الضرر ورفع منسوب المشاركة وتعزيز قيم التضامن في الجهة.

6-  هل ستكون تنمية الجهة ممكنة في غياب الاعمال الدستوري القاضي بتحرير المعلومة و وضعها رهن إشارة الجميع والتواصل الدائم مع الجميع، وذلك ما كان يتيحه البث المباشر لأعمال الدورات على الفايسبوك، من هنا يطرح وبقوة سؤال لماذا تخلى عن اعتماده المجلس الجهوي الجديد؟.

7-  إن التنمية لن تتجسد إلا على أرض الواقع وعبر العديد من التظاهرات الثقافية والخدمات الاجتماعية والحقوق الأساسية، هي في نفس الوقت مظاهر التنمية وحواملها ومن ذلك:

 

·        منتدى كفاءات الجهة لتنظيم الحوار والتشاور العمومي.

·        المهرجان الجهوي لثقافات الواحات لتثمين الوحدة في التعدد.

·        ملتقى الابداع لإنعاش الفلاحة والصناعة التقليدية والرعي والسياحة.

·        المتحف الجهوي الدائم للتراث والإبداع لحفظ ذاكرة الأجيال وانعاشها.

·        مخيم جهوي لطفولة الجهة لترفيهها ومشاركتها وبمعايير وطنية ودولية.

·        المكتبات الحديثة وقاعات متعددة الوسائط للشباب والجمعيات في المدن والقرى.

·        الملتقى الجهوي للمسرح والسينما وفنون الفرجة والأداء بمختلف ألوانه الجهوية.

·        المعرض الجهوي للكتاب ودعم النشر والتأليف يتنقل بين أقاليم الجهة بالتناوب.

·        ملتقى أبناء وأصدقاء الجهة في الداخل والخارج للسياحة والتوأمة والاستثمـــــــــــــــــــــــار.

·        منتدى الجهة والمجتمع المدني باعتباره رافعة تنموية لا زالت مهمشة وغير مثمنة.

·        البنيات التحتية التي ستؤهل الجهة لتكون فعلا كذلك، من كلية جامعة ومستشفى جامعي وطرق ومطارات..؟

 

فأين مثل هذا أو حتى بعضه في برنامج مجلسنا الجهوي في درعة تافيلالت وشركائه وغيرهم من المتدخلين والفاعلين، وكيف ستتحقق التنمية في غياب مثله أو حتى بعضه؟.

1-  كيف سيشعر بتنمية أية تنمية شاب جنوبي خريج بطالي وإلى جانبه إخوانه في المنزل و زملاؤه في القصر ليس أمامهم أي حظ غير متاهة الهجرة وكوابيسها أو ما يسمونه مبادرة الاندماج عبر مشاريع الدجاج والأرانب، وفرق خاصة لأوراش "الضالة" والدقة الفيلالية.. و"فيه جات".. يتدورون من العطش هم وحقولهم ودوابهم و قارورات الماء المعدني تفيض عبواتها فوق الطاولات وفي الحقائب في كل اجتماعات المجالس الجهوية والإقليمية والجماعية؟.

2-  وكيف ستشعر بهذه التنمية شابة بل شابات جنوبيات شرقيات كل حياتهن وهن يحلمن باستكمال دراستهن، ويعتقدن ببذل الجهد كما ينبغي حتى يتخلصن من المتاعب، ولكن، ما أن نجحن وفزن بالشهادة الثانوية، حتى رفضتهن الجامعة المحلية ليدخلن في متاهة الدراسة العليا بعيدا عن الجهة، ومع متاعب الغربة والمنحة والكراء والأسفار، سرعان ما قد يعدن إلى دواويرهن مجرد زعيمات تعاونيات الطرز والفصالة ومستحضرات التجميل من التمر والحناء؟.

3-  وكيف سيشعر بكذا تنمية أطفال لم يتجاوزوا طوال طفولتهم غار "زعبل" نحو مخيم أو شاطئ أو غيرها من المنتجعات السياحية أو المآثر التاريخية في عاصمة روحية أو سياسية أو اقتصادية أو غيرها، فلما حصل لبعضهم كان رفقة والديه في سيارة الإسعاف بحثا عن "سكانير " في مستشفى جامعي  تفتقده الجهة، علهم يداووا فلذة كبدهم وينقذوه من سم لسعة العقارب، لكن الله قدر ما شاء فعل؟.

 

لا تنمية بدون مداخل تنموية واضحة وحوامل ثقافية رافعة متكاملة، لا تنمية بدون رؤية جهوية جماعية تجعل منها جهة عيش كريم للجميع وبالجميع، قبل الإنتاج والاستهلاك والبنيات والمؤسسات، لا جهة المن والصدقات والولاءات، لا تنمية تحقق ولا حرية وكرامة وعدالة اجتماعية تبقي؟.


الحبيب عكي


اقرء المزيد

الخميس، 19 مايو 2022

http://akkioasisdesarticles.blogspot.com/

اعتلالات في التعاطي مع جرائم الإرهاب الصهيوني.. اغتيال شرين أبو عاقلة نموذجا.

      أتذكر في ما قرأت أن أحدهم قد قال أن أعقد مراحل حياة الإنسان، هي عندما لا يدرك أوضاعه المشكلة، فبالأحرى أن يدرك كيفية التفكير فيها والخروج منها، من هنا يأتي دور العلماء العاملين والمفكرين اليقظين والمثقفين الملتزمين النبهاء، يبصرون الناس بأحوالهم الصائب منها والمعقد، الحل منها والإشكال، وبالتالي من تمة يبصرونهم بما ينبغي أن يلتمسوه لها من مداخل الحلول ومخرجات الإصلاح؟، غير أن بعض الكيانات والدويلات اللقيطة مثل بعض الأفراد والهيئات، لا تدرك مأزقها ولا كيفية الخروج منه وكل ما تتخبط فيه وتقدم عليه إنما هو تكرار للحلول الفاشلة والأدوية القاتلة، إن لم تكن علاج مشاكل بتوليد مشاكل مثلها و أعقد منها؟.

 

تلك حال الكيان الصهيوني الذي كما يقول الشاعر الفلسطيني "تميم البرغوتي" في ما معناه: " ليس في قاموسهم غير الأزمات وعلاج الحصار بالحصار.. والاقتحام بالاقتحام.. وكل حصار واقتحام تكرار لسابقه، في غزة والقدس والضفة، ولو بعد سنوات وعقود، مما يدل على فشلهم الذريع في حصار ما لا يحاصر واقتحام ما لا يقتحم، "جنين" و"القدس" و"الشيخ جراح" نموذجا"؟. غير أن حال العرب من غير المقاومين والمرابطين ليس بأحسن حال، مفاوضون من أجل السلام "الاستسلام"، مطبعون مهرولون نحو الأوهام، ضحايا صفعة القرن واتباع الأزلام، وكلما أقدم الصهاينة على إرهاب غاشم رأيتهم يتواطؤون.. يصمتون.. وإذا ما أحرجوا رأيتهم يبررون ولو بطعن القضية في ظهرها ولا يخجلون؟.

 

قضية اغتيال صحفية القضية والحقيقة "شرين" أبوا عاقلة نموذجا، وكل أو جل ردود الفعل اتجاهها اعتلال في اعتلال ومن ذلك:

1-     يستغرب بعض القوم فداحة الجرم الارهابي ضد صحفية عزلاء إلا من صوتها وكاميرتها ، وكأنه ينتظر شيئا آخر من الكيان الصهيوني غير التطرف والغدر والاهاب؟.

2-     وينادي البعض بضرورة فتح تحقيق موضوعي تشارك فيه كل الأطراف، والمعتدي لا يفتىء يغير روايته مرات ومرات، كذبا تروج له ماكنته الإعلامية العالمية الرهيبة؟.

3-     ويركز البعض على الحادثة الأحادية على فجاعتها، وينسى القضية ككل وعلة العلل فيها وهو الاستيطان، الذي ذهب ويذهب ضحيته كل يوم مئات الصحفيين وغيرهم؟.

4-     وينبش البعض حمقا وسذاجة في ديانة الضحايا بدل عطائهم النضالي وإخلاصهم الوطني، في حين أن العدو لا يفرق في استهدافه للجميع لا بين الدين واللون والجنس ولا غيرهم؟.

5-     ويعتقد البعض في تدخلات الهيئات الحقوقية والمنظمات الدولية، في حين أن ديدنها حق "الفيتو" في مجلس الأمن والكيل بمكيالين، وما "شارلي إيبدو" و "خاشقجي" عنا ببعيد؟.

6-     ولا تمنع فاجعة الحدث وغيره من الأحداث، لا تمنع أصحاب وهم السلام والمطبعون العرب من السعي وراء أوهامهم، مع عدو لا يراعي فيهم ولا في شعوبهم إلا ولا ذمة، ولا يقر لهم ميدانيا لا باتفاق ولا صفقة..، وقد أسقط في أيديهم، لو يخجلون؟.

 

         لذا فأخشى ما أخشاه، أن يستمر وضعنا المفلس، يستوطن فيه العدو أرضنا ويغتال أبنائنا.. نسائنا وأطفالنا.. ونثور لحظة ونصرخ هنيهة ثم نستكين في انتظار إيثار شرطي "بافلوفي" آخر، و هو وضع غير مقبول مع الأسف، ولكنه قد يكون عاديا لاعتبارات مخجلة لابد من تجاوزها، ولن نتجاوزها:

1-     ما لم نعمل على استمرار الرسالة النبيلة النضالية والإعلامية ل"شرين" أبو عاقلة والتي أراد العدو طمسها وراء جريمته النكراء في اغتيالها.

2-     ما لم نقرر جائزة الشهيدة "شرين" أبو عاقلة في مجال الصحافة والإعلام كمدرسة نضالية إعلامية تؤهل الشباب للانخراط في هموم الوطن والأمة.

3-     ما لم نطلق اسمها كبطلة شجاعة وصحفية ملتزمة على شوارعنا وساحاتنا ومؤسساتنا كما يطلق العدو أسماء مجرميه على ذلك في إطار التهويد وحفظ الذاكرة.

4-     ما لم ننحت في صدريات كل الأجيال من الصحفيين الشباب اسم " Shirine" وصورتها إلى جانب  كلمة "Press" ورمز مؤسستها، حتى يعلم العدو أن "شرين" ورسالتها لا تموت أبدا، وقديما قيل:" قد يعبث الطغاة بوردة ولكنهم أبدا لا يستطيعون إبادة الربيع"؟.

5-     ما لم تكف أنظمتنا القطرية عن التضييق عن الصحافة الحرة والصحافيين المستقلين، وعن الضغط عليهم في رسالتهم الإعلامية بمحاكمات صورية سياسوية مفضوحة؟

6-     وما لم تكف أنظمتنا الإعلامية القطرية من الارتهان بأتون الوكالات الإعلامية الرهيبة وتكتفي إزائها بلعب دور السخرة المجانية والببغائية المغيبة لشأن الأمة والمزيفة للحقائق؟

 

          لكن، هل سنفعل ذلك أو متى سنفعله وفينا من يشكك في المقاومة الباسلة ويركن إلى غيرها من المفاوضين والمطبعين، وهي التي تعمل جادة على عدم تكرار ما وقع، أو على الأقل إذا ما وقع ردوا عليه ردا مناسبا باللغة التي يفهمها العدو حتى يتذوق المجرمون مرارة ما يذيقونه غيرهم من الأبرياء، قال تعالى: " إِن تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ ۖ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ "النساء/104؟. وهل سنفعل ذلك أو متى سنفعله وفينا آخرون من لا زالوا يرقصون على "شرين" أخرى تملأ بهم الميادين والساحات وترقص بهم على جرائم "العرص بلحة" في مذبحة "رابعة" وملحمته الخرقاء البلهاء في غلق المعابر في وجه الفلسطينيين وفتحها دون خجل في وجه الصهاينة؟. اللهم لا شماتة، فلا نضال إلا في الميدان، و رحم الله من قال: "الغائبون في الجغرافيا غائبون في التاريخ"، ولعل تلك من رسائل الشهيدة المجيدة "شرين" أنطوان أبو عاقلة، فهل نستوعبها ونفعلها.. من أجل القضية نرجو ذلك؟.

الحبيب عكي


اقرء المزيد

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

المتابعون

المشاركات الشائعة