Top Ad

الخميس، 23 ديسمبر 2021

http://akkioasisdesarticles.blogspot.com/

مع سواعد الأمة في ضيافة الرسول صلى الله عليه وسلم.

      من روعة الإسلام ورحمته ورحابته، عنايته الفائقة بمختلف الفئات من أطفال وشباب، رجال ونساء، حفدة وشيوخ، في إطار من المحبة والمودة والتعاون والتضامن والفاعلية الدينية والمجتمعية، تجد فيها كل فئة ذاتها وطموحها بما يحفظ لها من كرامتها وحقوقها و واجباتها. وقد  عني الإسلام بالشباب خاصة أيما عناية، وسنحاول في هذه المقالة إبراز بعض معالم الهدي النبوي الشريف في هذا الصدد، يعني عنايته x بسواعد الأمة وشبابها، أس وأساس قوتها ونهضتها، و قوتها الفكرية والسلوكية أو كتلتها الحرجة في مختلف القرارات والاختيارات، كيفما تكون يكون حال الأمة في الحاضر والمستقبل، ومن تلك المعالم التربوية في ضيافته (ص) ما يلي:

 

1-    التربية السليمة والمتكاملة: المعتدلة والمتوازنة، وفي حديث هلك المتنطعون "..ولكني، أصوم وأفطر.. أصلي وأرقد.. وأتزوج النساء.. فمن رغب عن سنتي فليس مني".

2-    تربية مرجعية واضحة: تعتمد الكتاب والسنة والانفتاح على الحكمة الإنسانية: قالx لعمر بن الخطاب وقد أبدى إعجابه ببعض التوراة: "أمتهوكون أنتم..لو كان موسى عليه السلام حيا ما وسعه إلا اتباعي".

3-   غرس الإيمان في النفوس: والترغيب في فضائله وفي الحديث " سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ في ظِلِّهِ يَوْمَ لا ظِلَّ إلَّا ظِلُّهُ: إِمامٌ عادِلٌ، وشابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ اللَّه تَعالى، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ بالمَسَاجِدِ، وَرَجُلانِ تَحَابَّا في اللَّه: اجتَمَعا عَلَيهِ، وتَفَرَّقَا عَلَيهِ، وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ، وَجَمَالٍ فَقَالَ: إِنِّي أَخافُ اللَّه، ورَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فأَخْفَاها، حتَّى لا تَعْلَمَ شِمالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينهُ، ورَجُلٌ ذَكَرَ اللَّه خالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ " متفقٌ عَلَيْهِ.

 

4-   الترغيب في مكارم الأخلاق: "أقربكم مني منزلة يوم القيامة، أحاسنكم أخلاقا" وفي حديث آخر: "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق".

5-   الرفق في التعامل مع الشباب: كمفتاح لكسب قلوبهم والتواصل معهم بعقولهم، قال تعالى: "فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ۖ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ۖ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ "آل عمران / 159.وقال (ص) : "ما كان الرفق في شيء إلا زانه، وما ينزع من شيء إلا شانه"رواه مسلم. 

 

6- الوصاية بالشباب خيرا: ففي الحديث: "أوصيكم بالشباب خيراً؛ فإنهم أرق أفئدة، لقد بعثني الله بالحنفية السمحة، فحالفني الشباب، وخالفني الشيوخ" حديث مرفوع. ومن الوصاية بهم عن أبي سعيد الخدري قال: "أوصانا رسول الله x أن يوسع لكم في المجالس وأن يفهمكم الحديث، فإنكم خلوفنا وأهل الحديث بعدنا ". ومن الوصاية بهم، الحرص على سلامة عقيدتهم: "يا غلام إني أعلمك كلمات، احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سالت فسال الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة.." رواه الترمذي..، حسن سلوكهم وأخلاقهم: "المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده" متفق عليه..، حفظ ألسنتهم عن كلام السوء: "ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا مُعَاذُ وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ في النَّار عَلَى وُجُوهِهِمْ أَو عَلَى مَنَاخِرهِمْ إِلاَّ حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهمْ" رواه الترمذي..، حفظ أوقاتهم وصحتهم: "اغْتَنِمْ خَمْسًا قبلَ خَمْسٍ: شَبابَكَ قبلَ هِرَمِكَ، وصِحَّتَكَ قبلَ سَقَمِكَ، وغِناكَ قبلَ فَقْرِكَ، وفَرَاغَكَ قبلَ شُغْلِكَ، وحَياتَكَ قبلَ مَوْتِكَ" حديث صحيح.. عفتهم عن المحارم واستعفافهم: " يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء" حديث صحيح.

 

7- زرع الثقة وتحمل المسؤولية: وقد أرسل (ص) مصعب بن عمير(24 سنة) للدعوة، وأسامة بن زيد (18 سنة) لقيادة الجيش، وزيد بن ثابت (17 سنة) لإتقان لغة اليهود، وجعفر بن أبي طالب (18 سنة) مرافعا عن وفد المسلمين عند النجاشي.

8- القوة والمحافظة على الفتوة: بتجنب الموبقات والمعاصي والمخدرات والمهلكات..، وبممارسة الرياضة حيث نجد قولهم: "علموا أولادكم الرماية والسباحة وركوب الخيل، ونعم لهو المؤمنة في بيتها المغزل". و"المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير"، والقوة هنا في الدين والعلم والمال والجسد و الولد..إلى غير ذلك.

9- الحماية من صراع الأجيال: كما ورد في قوله (ص): "ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا ويعرف لعالمنا قدرا"رواه الترمذي وأبو داوود. ورسالة المسلمين وعقيدتهم واحدة كما في الحديث:"المسلمون تتكافىء دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم " يعني أنك تجد ما تعتقد وتدافع عنه فئة هو نفس الشيء بالنسبة لغيرهـا.

10- الدعاء ثم الدعاء لهم: قال (ص)  وهو يدعو لأحد الصحابة: "اللهم علم معاوية الكتاب والحساب وقه العذاب"رواه أحمد. ولعل من أدعية العصر أن ندعو لهم بتيسير أمرهم في ماراطون الدراسة، ومتاهات إيجاد الشغل، واستنزاف إيجاد السكن، وتأخر الزواج الذي سيكون لهم عونا على دينهم ودنياهم...

 

          و اليوم، وباعتبار واقع الشباب من أعقد التحديات في السياسات العربية والإسلامية وأخطرها، وتستعصي في حلها على كل الفلسفات الاجتماعية المستوردة، ألا يمكن أن نستفيد وبشكل معاصر من هدينا النبوي في سياستنا الشبابية الرسمية وما يعضدها من الجهود المدنية التطوعية، ومعلمنا الهادي:"عسى أن يسلم آخر هذه الأمة بما سلم به أولها"، مع ما يلزم من التجديد والاجتهاد طبعا، أم أن هناك سياسات شبابية سليمة وبرامج تنموية ذات مرجعية واضحة، ولكن مكامن الخلل فيها ومداخل التعثر والفشل إنما يكمن في مدى صدق تعاملها مع مشاكل الشباب، وبالتالي مدى مطابقة الانجازات لما يبرمج من المخططات؟، أم أن الأسوأ الأسوأ، أن يكون ما يستحدث من هذه الأزمات ينسي ما قبلها و يفاقمه، والمسؤولون لا يحلون لا ما سبق ولا ما لحق؟؟.

 

         لا يمكن لأية سياسة أن تحل مشاكل الشباب على طيفها القاني، وهي تتجاهل عقلية ونفسية الشباب، عقلية الرفض والمعاندة، عقلية المتعة واللهو والفتوة، الاستلاب والاستهلاك، قيم الالتزام والمبادرة والصحوة، الدراسة والتشغيل والتطوع، السفر والاستقرار والتأهيل، الانحراف والمخدرات والشبكات الإجرامية والأفكار المتطرفة أحيانا، شبكات التواصل الاجتماعي، الموسيقى والرياضة، هموم الأمة بين العزوف والمشاركة؟، لا يمكن أن نحل مشاكل الشباب بثقافة منحلة، وتعليم هزيل، وحداثة وافدة وعادات راكدة، وإعلام أحادي إقصائي مغرض، ولا باللامبالاة اتجاه ما يتعرض له الشباب من غزو فكري جعل من بعضهم ضحايا الميوعة والانحلال أو التطرف والإرهاب، أو ضحايا ازدراء القيم وروح المواطنة والسلوك المدني، أو إيثار الهجرة السرية ولو بالقضاء في الأعالي؟. لكم منهم نيسر طقوس الزواج والاستقرار والعنوسة متفشية؟، كم منهم نساعد على النجاة من أتون الانحراف و استعباد الإدمان؟، وبكم يشارك الشباب أنفسهم في وضع السياسات التي تهتم بشأنهم وأجرأة  برامجها؟، كم منهم نستوعب في العمل التطوعي المدني ونيسر لهم سبل وحريات ممارسة ذلك؟، لكم منهم منحنا "بطاقة الشاب" التي وعدوا بها و وعدوا طيلة مراحل خمس وزراء سابقين كلهم تشبثوا بها ثم مضوا وقضوا دون شيء؟؟.

 

         غير أن المتضرر من كل هذه الاختلالات والسياسات الاستفرادية والمنتجة للهشاشة، ليس الشباب وحده، ولكن هو الوطن والأمة بالدرجة الأولى، هذا الوطن وهذه الأمة اللذين يحتاجان إلى نهضة رائدة محركها الأساسي ودافعها القوي هو الشباب، وليس أي شباب كيفما كان، ولكن كما قال محمد إقبال في رسالته إلى الشباب نشرتها مجلة الأزهر عدد 36 / 1985، يقول الفيلسوف الإسلامي بتصرف: "الشاب المسلم هو الذي يؤمن بعقيدته إذا شك الناس.. ويكون شجاعا ومقداما إذا جبن وخاف الناس.. ويكون أفاقيا وإنسانيا إذا عبد الناس الأموال والأصنام.. ويتجرد ويتمرد عن الزيف إذا اتبع الناس الشهوات والأهواء.. ويزهد ويؤثر غيره إذا آثر الناس أنفسهم وأنانيتهم.. الشاب المسلم يواجه العالم إذا انجرف الناس مع التيار.. صاحب عقيدة ورؤية ورسالة، لا تملى عليه إرادة الآخرين.. صاحب علم ويقين، لا تقليد ولا جمود ولا ركود.. ولا سجود إلا لرب العالمين.. إلا لرب العالمين" ؟؟.

الحبيب عكي


اقرء المزيد

الاثنين، 13 ديسمبر 2021

http://akkioasisdesarticles.blogspot.com/

فضائل الهدي النبوي على طفولة الأمة.

        كثيرة هي الجهود المبذولة من أجل حسن تنشئة الطفولة وأجيال المستقبل، في مختلف المجالات، ومن طرف العديد من الهيئات والمؤسسات، وبعشرات الاستراتيجيات والأطقم والميزانيات، ولكن – مع الأسف – لا يزال واقع الحال ولغة الأرقام يؤكدان أن المهمة التربوية التنموية النهضوية المصيرية والحتمية لا تزال في تعثر دائم، بل وتواجه تحديات مستحدثة تزيدها تعقيدا إن لم نقل تجعلها في حالة استحالة؟. مهم جدا أن يعمل الناس، ولكن أهم منه كيف يعملون؟، وأين..ومتى..وبمن..ومع من..؟، وإلا كان عملهم مهما بلغت قوته وتظافرت جهوده، يبقى مجرد حسن النوايا كحسن نوايا من يريدون إبحار السفينة ولو على الرمال، كذبوا كما قيل، لو صدقوا لأحسنوا العمل؟؟.

 

إن الطفل في التعليم الابتدائي مثلا، يراد منه إتقان بعض المهارات كالقراءة والكتابة والحساب، وتنمية رصيده من المفاهيم والقيم الإسلامية والوطنية، فهل يتجاوزه وقد تملكها؟، أو بكم يتملكها، والإحصاء يشير إلى أن 70% لا يتملكونها كما ينبغي، حسب صرح بذلك وزير القطاع؟. والطفل في مجال الصحة يحتاج إلى سرير وطبيب ودواء..، وقبلها وبعدها يحتاج إلى التحسيس و التوعية والوقاية والعناية، فهل يجدهما؟، أو على الأصح بكم يجدهما وكثير من الفضاءات لا تعير اهتماما لذلك، وقد لا تكون لديها وسائل ذلك ولا ثقافته؟. وكم من طفل في مدارات التيه يجرفه تيار الاستغلال الاقتصادي وربما الجنسي في البيوت والحقول والمعامل و الورشات..؟، وكم من طفل تمدرس أو لم يتمدرس، عمل أو لم يعمل، لا يجد حرجا في أن يعبر عن جهله الديني وضعفه الانتمائي وضحله التربوي والثقافي بسب الدين ولعن الوالدين، وتخريب الميادين العامة بالآلاف وبالملايين؟؟.

 

عكس الطفولة في عهد الرسول (ص)، وكل السيرة تتحدث عن سلامتها من عقد طفولة اليوم، ومنهم من برز في الحفظ (ابن مسعود 14 سنة) والدعوة (مصعب بن عمير 24) والأمانة (سعد بن أبي وقاص 17) والسفارة (جعفر بن أبي طالب 18)، وحسن الإيواء (الأرقم بن أبي الأرقم 12)، وبرز في حذق اللغات (زيد بن ثابت 17) وقيادة الجهاد (أسامة بن زيد 18)، والمفدون بأرواحهم للرسول صلى الله عليه وسلم(علي بن أبي طالب 10)، والمراقبون لله تعالى المستحضرون لخشيته(بنت بائعة اللبن)، والجريؤون في التعبير عن رأيهم بطلاقة وإفحام دون تطاول وقلة أدب(طفل عمر واللعب في الطريق)..وبرز.. وبرز، وكل هذا من مدرسة الرسول(ص) التي تشبع خريجوها من الصحابة والتابعين رضوان الله عليهم بالهدي النبوي والصدق مع الله. فلماذا لا نفقهها على حقيقتها ونجربها بلسما لما طوفنا من أمر التربية والتنشئة ولا زال في واقعنا لا يستقيم؟؟.

 

ولاشك أن خصائص تربوية متميزة من الهدي النبوي كانت وراء حماية الطفولة وتكوينها، فمنحتها سلامة نشأتها، وتكامل جوانبها، ونضج شخصيتها، وإيجابية منطقها، وتأثيرها في محيطها الاجتماعي، نذكر منها بعض المعالم الأساسية بمناسبة المولد النبوي الشريف:

 

1-    حسن اختيار عناصر الولادة: وجعلها ترتكز على عنصر أساسي وهو الدين والقيم، قال (ص) في الزواج: (تنكح المرأة لأربع.. اظفر بذات الدين ثربت يداك، وأضاف: إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه..).

2-    حفظ بيئة الاحتضان وترسيخ هويتها: ومعالمها وقوانينها، هذه البيئة التي هي الأسرة وقد أكد على كونها أسرة شرعية لا رضائية ولا مثلية..، وغير ذلك مما يكون مجمل رهطه اليوم من ضحايا الوضعيات الصعبة.

3-    الوصاية بحسن التربية: وجعلها مسؤولية الآباء قبل غيرهم من المؤسسات والفاعلين والمتدخلين، فقال (ص): "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته"، وقال أيضا: "إن الله سائل كل راع ما استرعاه حفظ أم ضيع".

 

4-    التربية السليمة والمتكاملة: بأبعادها اللازمة ومنها:

1-    البعد التعليمي:" مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع واضربوهم عليها وهم أبناء عشر، وفرقوا بينهم في المضاجع"رواه أحمد وأبو داوود.

2-    البعد العقائدي: " يا غلام إني أعلمك كلمات، احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سالت فسال الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة.. "رواه الترمذي.

3-    البعد الأخلاقي والقيمي: " يا غلام، سمِّ اللهَ، وكُلْ بيمينك، وكُلْ مما يليك"متفق عليه، وفي الحديث:"ما نحل والد ولده شيئا أفضل من حسن الخلق"رواه الترميذي.

4-    البعد الاندماجي في المجتمع: "المؤمن سهل لين هين إلف مألوف ولا خير في من لا يألف ولا يألف".

5-  البعد الحقوقي: ففي الحديث:"إن لولدك عليك حقا"، أو كما حدث مع الطفل الذي أصر على حقه في الشرب قبل الصحابة..، فأقره (ص) على حقه ذلك وأولويته تلك لكونه على يمينه، فسار في ذلك المثل: "ابدأ باليمين ولو كان عمر على الشمال". ومن الأبعاد الحقوقية في تربية الطفل أيضا: بعد الانتماء.. حسن التسمية.. تحمل المسؤولية.. التربية لزمان غير زمان الآباء.. بعد الملاطفة واللعب والترفيه.. بعد القدوة والرفقة الحسنة...إلى غير ذلك.

 

         فأين العدل في طفولة اليوم تحرم قرويتها مما تتمتع به حضريتها، لا لشيء إلا لأنها ليست من فئتها وفي غير مجالها؟. أين البيئة الحاضنة الآمنة وكثير من التشريعات وبعض اللوبيات أصبحوا لا يشجعون غير نمط الأسرة الرضائية المدنية غير الشرعية؟. أين الانتماء لبيت جعله الأبناء مجرد فندق للأكل والنوم والاستراحة.. لا تابع ولا متبوع؟. وأين المسؤولية عندما تعتمد البنت على أمها في كل شيء وحتى بعد زواجها واستقرارها في بيت زوجها ومع أبنائها، وتضع كل هواتف البيت في خدمة تواصلية استنجادية لا تنقطع مع أمها، ما أفعل في كذا وكذا؟. أو تبعية الابن لأبيه في أبسط مصاريفه (الحلاق والحمام والحافلة..) حتى بعد تخرجه الجامعي وربما توظيفه توظيفا كيفما كان؟، أين التربية لزمان غير زمان الآباء، عندما يصر الآباء أن يكون أبناؤهم نسخا طبق الأصل منهم؟، ليس في العبادات وحدها، بل حتى في العادات أيضا، رغم أن لكل زمان عادات قومه؟. أين الملاطفة واللعب في بيوت "حامضة" بسبب أو بدونه، واللعب والترفيه مفتاح كل ود وتواصل إيجابي بين الكبار والصغار؟؟.

 

       أخشى أن يصدق على كثير منا أفرادا ومؤسسات، أسرا ومدارس وجمعيات، ونحن لا تعجبنا كثير من أفكار أبنائنا ولا تصرفاتهم، أخشى أن يصدق علينا قول عمر رضي الله عنه لمن جاءه يشكو إليه عقوق ابنه، فجيء به وسألهما واستمع إلى ما بينهما ثم رد على الرجل الشاكي بعد هول ما سمعه، من أن أباه لم يحسن اختيار أمه، ولم يحسن اختيار اسمه، ولم يعلمه شيئا من القرآن..،: "لقد عققته قبل أن يعقك"؟. إن تربية اليوم هي حصاد الغد، وكما يقول المربون: "من يزرع التسلط والانقياد حصد الرفض والعناد، ومن يزرع الحقد والكراهية حصد العدوان والتدمير، ومن يزرع السخرية والتعيير حصد عقدة الاضطراب والتقصير، ومن يزرع.. ومن يزرع.. يحصد.. ويحصد؟. وبالمقابل من يزرع التسامح والتعايش حصد الصبر وتقبل الآخرين، ومن يزرع التقدير والتشجيع حصد الثقة بالنفس والمبادرة والإبداع، ومن يزرع العدل والإنصاف حصد الوفاء بالحقوق والواجبات، ومن يزرع الرضا والقبول حصد الثقة والتوكل، ومن يزرع الصداقة حصد المحبة، ورأس الأمر كله في مشاعر المحبة والحنان بين المربي والمربى، فازرع ما شئت فكما يكون الزرع يكون الحصاد؟.

 

       إن التربية خاصة الأسرية منها أو حتى المؤسساتية، الأسرية منها والمدرسية أو حتى الجمعوية، لابد لها من لمسة إنسانية كما يقول الدكتور "محمد بدري" في كتابه القيم "لمحات في فن التعامل مع الأبناء"، لمسات ضرورية حتى لا تكون التربية سوطا يلهب الظهور لكنه لا يزكي النفوس ويرقق القلوب، لمسات تربوية عميقة لخصها في 10 عناصر نذكر عناوينها ولكم البحث عن تفاصيلها في الكتاب، يقول الدكتور:"من تريد تربيته، فلابد: "استمع إليه - احترم مشاعره - حرك رغبته - قدر جهوده - مده بالأخبار- دربه - أرشده - تفهم تفرده - أتصل به - أكرمه...،إلى أن يقول ولابد لكل هذا من جو تربوي مفعم ب: الأمن والأمان - الحرية والمشاركة - مراعاة الفروق الفردية - رسالة ورؤية تربوية واضحة - المرونة - الاحترام - الرعاية والتشجيع - المتعة والإثارة" ؟. والله الموفق .

الحبيب عكي

اقرء المزيد

الاثنين، 6 ديسمبر 2021

http://akkioasisdesarticles.blogspot.com/

الرسول (ص) وكيف حارب السائد من العنف ضد النساء 2/2

          قلنا، لمحاربة ظاهرة العنف على النساء والتخفيف من تنامي شيوعها وحدتها، لابد من ضرورة استحضار مخاطرها على المرأة والأسرة والمجتمع ككل، بالإضافة إلى بعض المداخل الأساسية الأخرى ومن ذلك:

 

2-   ضرورة تقوية الوازع الديني: باعتباره عنصرا إيجابيا ومساهما حقيقيا و بقوة في الحد من التحقير والاهانة والعنف المتبادل بشكل عام وضد المرأة بشكل خاص، فالعقيدة والشريعة والسيرة النبوية الشريفة.. كلها تفيد وتؤكد أن الإسلام دين المودة والمحبة والأمن والأمان والسلم والسلام، دين الرأفة والرحمة ومكارم الأخلاق، دين المساواة والعدالة الاجتماعية والإنصاف، دين الصفح والعفو والتسامح وادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم.. فمن غيره - إذا لم نشوهه كالدواعش - يضمن لنا ولغيرنا الأمان؟. قال رسول الله (ص):" ليس منا من لم يحترم صغيرنا و يوقر كبيرنا ويعرف لعالمنا قدرا" رواه أبو داوود والترمذي.

 3-  ضرورة الاقتداء برسول الله (ص): وهو الذي جسد القيم الإسلامية خير تجسيد فحارب العنف في كل مظاهره وأشكاله كما تبين ذلك سيرته العطرة:

أ‌-     فقد حارب العنف تأسيسا:  حيث أرست شريعته قواعد الحكم والعدل والقضاء في المجتمع، وجعلت المودة والرحمة من أسس الزواج لقوله تعالى: " وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ " الروم/ 21. وقال (ص): وفي الحديث الصحيح: "استوصوا بالنساء خيرا". وفي حديث آخر: "إنما النساء شقائق الرجال، ما أكرمهن إلا كريم ولا أهانهن إلا لئيم" رواه أبو داوود. وقال (ص): "خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي"، وفي الحديث القدسي: "إن الله حرم الظلم على نفسه وجعله بينكم محرما فلا تظالموا". هكذا حرم.. وحرم.. حتى حرم ترويع البهيمة عن صغارها والطير عن فراخه. وحرم الانتشاء بنفسية العدوان والتعذيب حتى أن امرأة دخلت النار في هرة، حبستها فلا هي أطعمتها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض؟، بل حرم تدمير البيئة وحرق الأرض حتى خلال الحرب، فما بالك اليوم بمن يساهم في تلوث البيئة وعنف الحياة وجعل حياة الناس جحيما لا يطاق؟.

  

ب- وحارب العنف ممارسة:  فقال (ص): " تزوجوا الودود الولود فإني مباه بكم الأمم" حديث صحيح. وشرف زوجته أم المؤمنين عائشة ليأخذ الناس عنها دينهم "خذوا دينكم عن هذه الحميراء". وأمر بالتلاين والتوافق بين الأزواج فقال:" لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقا رضي منها اخر" رواه مسلم، وكان (ص) يكون في خدمة أهله بكل تواضع، ويتعاون معهم في هموم البيت وعبادات مشتركة كالصلاة والصيام..، ويتشاور مع بعض زوجاته حتى في أمور الدولة بل وينزل على رأيهن ويصبح ناجحا كمشورة أم سلمة في الحلق. إلى أن جعل آخر الدواء الكي فقال تعالى: "الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ ۖ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ" البقرة/229. تسريح بإحسان وليس بعنف ولا غمط حقوق ولا استقواء جمعيات ومحاكم ومستشفيات؟.

 

ج‌- وحارب العنف وقـــاية: فقال لمن جاءه يخبره عن الزواج: "هل لا نظرت إليها فإن في أعين الأنصار شيئا"، وقال: "هل لا تزوجتها بكرا تلاعبها وتلاعبك"؟، وأعطى حق القبول أو الرفض لكلا الزوجين قبل الارتباط وهو أحرى أن يؤدم بينهما. كما أرسى مجموعة من أداب المعاشرة الزوجية والمعاملة الأخوية والرعاية الأسرية كحقوق و واجبات تدفىء الأسر  وتجعلها مستقرة بقدر ما تلتزم بها.

ه- وحارب العنف معالجة: قال تعالى: " وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا ۗ " النساء/ 35. وأفاد بأن الصلح خير، وأدخل فيه أطرافا من أقارب الزوجين بدل أغراب المحاكم، ورتب على جلسات الصلح والتكفل التزامات تعيد للعشرة الزوجية ما قد تكون فقدته من السكينة والمودة، وإن لم يكن فقدر من الاحترام والتقدير واستحضار مراقبة الله في التعامل.

 

و‌-  وحارب العنف إقرارا ورفضا من عقائد الآخرين وعاداتهم: فحرم ما كان سائدا من عادة وأد البنات: "وإذا الموءودة سئلت بأي ذنب قتلت" التكوير 8-9. وجعل حسن تربية البنات مما يدخل صاحبه الجنة. بل جعل الجنة تحت أقدام الأمهات، ورضا الله تعالى من رضاهن، فبرزت في عهده صحابيات، وتألقت بهديه عالمات واقتدت بتضحياته مجاهدات، وهو القائل (ص): "ما كان الرفق في شيء إلا زانه وما نزع من شيء إلا شانه" رواه مسلم. وشهدت له أمنا عائشة رضي الله عنها بكل ذلك فقالت: "ما ضرب رسول الله شيئا قط بيده ولا امرأة ولا خادما" رواه مسلم.

   

4- ضرورة تنمية جودة العلاقة بين الرجل والمرأة: والآباء والأبناء والأساتذة والتلاميذ والعمال وأصحاب المعامل والحكام والمحكومين..، وينبغي أن يتيقن الجميع أن لا حد للعنف بيننا ما لم يشتغل كل منا على ذاته بمجهودات تنموية فردية ذاتية أو تربوية مؤسساتية، مهما كانت معتقداته وانتماؤه أو مركزه وسلطته، وكما يقول الاستشاريون الأسريون والتربويون التواصليون.. ومن خلال علومهم وتجاربهم، لا يمكن العيش في سلام أو حتى الحلم بذلك مع:

1.    إنسان: غير مسالم ولا مؤمن مع نفسه، فبالأحرى مع ربه ومع غيره بل وحتى مع بيئته وكونه..

2.    رجل : عصبي/كذاب/متسلط/ جاف عاطفيا/ بخيل / استغلالي/ لا يقدر/ لا يبالي/ أناني/ لا مسؤول..

3.    امرأة : كسولة/ مدللة/ جافة عاطفيا/ غيورة زيادة/ عنيدة/ مستفزة/ مهملة/ عصبية/ ثرثارة/ لا مسؤولة..

وكذلك يمكن قول العديد من نفس الأشياء على الأبناء والأسرة والمدرسة وجمعيات المجتمع المدني وكل فضاء يمكن أن يكون مصدرا ومرتعا للعنف والعنف المتبادل، وصدق من قائل: "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم" الرعد/11؟.

 

5-   ويبقى أن عنف الانحراف الثقافي والفساد السياسي أقوى: وهو المؤسس لغيره من أشكال العنف، وضاغط بشكل مباشر او غير مباشر على العديد ممن يمارسونه قوة وبلطجة أو مجرد دفاع عن النفس و ردة فعل، ولنأخذ على سبيل المثال: " تعنيف الوقفات الاحتجاجية لأطباء وطبيبات الغد ورجال ونساء التعليم غير ما مرة.. الحراكات الشعبية السلمية في الشمال والجنوب.. النساء ضحايا عنف كيس الدقيق في الصويرة.. حمالات معابر المهانة في سبتة ومليلية.. ضحايا الهجرة السرية في تطوان والأعالي.. الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد أو الذين اضطروا للتقاعد.. تسقيف سن المباريات في 30 سنة وما يعرفه اليوم من ردود أفعال وغليان.. التهاب الأسعار وضعف القدرة الشرائية للأمهات.. أزمة التشغيل وصعوبة السكن ورداءة الخدمات في العديد من المصالح..؟، ما أصبح مشاعا من المحاكمات السياسوية وتوقيف بعض أئمة المساجد  وتمريغ جرأة بعض الصحافين والصحافيات، ما أصبح يمنع من الوقفات التضامنية مع فلسطين ومناهضة التطبيع، وما أصبح منسيا من قضايا الأمة والقضايا الكونية العادلة..، أين كل هذا من شعارات الحقوق والحكامة والأمن والأمان..؟.

 

        مواطن في كذا ظروف ومواقف لا يمكن أن يكون إلا عنيفا ولو على نفسه وشريكه و لربما على وطنه وأمته، إلا أن يتداركه وعيه وسعيه في محاربة الظاهرة والتخفيف من ضغوطاتها من أبوابها التربوية والقيمية والاجتماعية المتاحة، وهي في الحقيقة أكثر مردودية ونجاعة، إلا أن يتداركه الله بقدر منه ولطف وحبه لرسول الله والاقتداء به، فقد كان الكثيرون ينطقون بكلام الشرك وكان بلال بن رباح رضي الله عنه يعذب لرفضه ذلك ويأبى إلا الصبر والتجلد والاحتساب، وتركها خالدة أمام كل الصامدين الملتزمين أحد.. أحد، لعلهم يحسنون إيمانا إذا أساء الناس.. لعلهم يسالمون مبدئيا ويرحمون إذا تسلط وعنف الناس، فيا أيها المحاربون للعنف في أنفسهم وأسرهم وأمتهم، لابد من شيء من القناعة والمبدئية والمبادرة الجماعية المنظمة والمتكاملة وهي الكفيلة بتغيير الواقع مهما قيل أنه لا يرتفع، فلا بد يوما بعزمنا وتضافر جهودنا وحسن توكلنا سيرتفع.. وسيرتفع، فمزيدا من الوعي الثقافي والوازع الديني والالتزام السياسي؟.

الحبيب عكي

 


اقرء المزيد

الاثنين، 29 نوفمبر 2021

http://akkioasisdesarticles.blogspot.com/

الرسول (ص) وكيف حارب السائد من العنف ضد النساء 2/1

        كلما حلت بنا محطة اليوم العالمي لمحاربة العنف ضد المرأة، والذي يصادف 25 نونبر من كل سنة، هذه المحطة التي تحتفي بها الدول الأعضاء في الأمم المتحدة منذ 1981، رثاء وتضامنا مع الأخوات الثلاثة النشيطات السياسيات الدومنيكيات: Patricia وMaria  وAntonia ، اللواتي طالهن بطش الاغتيال بأمر من حالكم الدولة يوم 25 نونبر 1960. وكلما حلت بالعالم هذه المحطة إلا وتجده على أقصى درجات التأهب يدق ناقوس الخطر باستمرار انتشار هذه المعضلة السيئة الذكر و تجده يضغط على كل الزنانيد لمحاربتها. لكن، على ما يبدو دون جدوى، بل إن بشاعتها تزداد استفحالا في الاتجاه المعاكس كما تؤكد ذلك الإحصائيات في معظم البلدان، مما يطرح السؤال تلو السؤال: هل استنفذت الأيام العالمية دورها؟، هل أخطأت الطريق مقارباتها؟، هل السياسات العامة ما عادت تكترث بها؟، هل لا زال هناك أمل في محاربة هذه الظاهرة الكونية البشعة والتخفيف من حدتها وامتدادها، وبأية مقاربات ممكنة وفعالة؟.

 

إذا صح ضجيج الأرقام، فإنه يشير إلى أن حجم العنف بمختلف أشكاله، لازال مستعرا في جميع الدول ويطال جميع الفئات و خاصة الأقليات والفئات الهشة منها، وبأرقام خطيرة غير مقبولة ولو بحالات معدودة ومحدودة، فأكثر من 95%  من العنف في فرنسا طال النساء، و700 ألف أمريكية تغتصب كل سنة و 1411 اغتصاب يومي في جنوب أفريقيا، و 85 % من الكرواتيين مارسوا ضرب النساء، و3/1 من نساء العالم يتعرضن للعنف منها 10/8 من الهنديات و47% من الأردنيات،  و 25 % من السيرينكيات خادمات بيوت دون أجرة، 120 مليون ختان فتيات و 60 مليون وليدة موؤودة تحرم من الحياة، و50% مقتولات أزواجهن في البنجلاديش...؟، وعندنا على سبيل المثال ظواهر عنف صارخة ولو بدون أرقام:  100 ألف حالة طلاق سنة أولى زواج، وحرمان السلاليات وغيرهن من الإرث، وبعض القرويات من الدراسة الابتدائية وربما الجامعية، والكثيرن يسطون على راتب المرأة الشهري بداعي من الدواعي..؟. هذا رغم كل ضجيج خطط التحسيس.. ملتقيات التداول.. حركات نسائية.. بحوث ميدانية.. تقارير موازية.. برامج أممية.. مساعدات إنسانية.. مستجدات دولية.. قوانين زجرية.. وغير ذلك كثير مما هو معروف ومعمول به في ساحة النضال الوطني والأممي ضد تعنيف وعنف النساء؟.

 

والواقع أن هناك العديد من البياضات والانحرافات في التعاطي مع محاربة ظاهرة العنف ضد النساء وخطورتها على ذواتهن وأسرهن وبني جلدتهن ومجتمعهن، ومن ذلك:

1-  عدم اعتبار العنف ظاهرة اجتماعية مجتمعية متعددة الأشكال والمظاهر والأسباب، والممارسين والممارس عليهم..، ومن الخطأ اختزالها في عنف الرجل على المرأة، الذي يصبح مجرد عنف الزوج على زوجته على خطورة ذلك.

 

2-  الاستخفاف بكون العنف سمة الحياة المعاصرة، السياسية والاقتصادية، القانونية والتربوية والثقافية..، ومن القصور الفادح محاولة علاجه في مجرد العلاقة بين الرجل والمرأة أو الحياة الأسرية وحدها، وكل شيء يؤثر عليها؟.

 

3-  ألا يطرح السؤال على الحركات النسائية أو النسوانية خاصة وخراجها النضالي لا يلبث يشيع الظاهرة ويستفحلها بقصد أو من غيره بما عادته وتعاديه من معتقدات الأمة ودينها، بل وتعتقده سبب كل مظاهر العنف السائد؟.

 

4-  القوانين التنظيمية والزجرية كالمدونة والقانون الجنائي مثلا، هل تواكب الظاهرة ومستجداتها وأشكالها..، هل تفهمها على حقيقتها؟، هل تطبق على أرض الواقع بطريقة صحيحة، هل لها وسائل ذلك؟ هل تجتهد للمستجدات، وما يتفجر فيها من معضلات؟، إلى أي حد يناسب ذلك الواقع الوطني (مراكز الاستماع ومراكز الحماية ودور الرعاية نموذجا)، ونفس الشيء يمكن أن يقال بالنسبة للمعتقدات الدينية والعادات الوطنية خاصة مسألة الحرية والمساواة والقوامة..؟.

 

        اعتبار النقط السابقة وبالشكل المشار إليه، أساسي ولاشك في حسن تدبير معالجة ظاهرة العنف وخطورتها على الفرد والمجتمع، باعتبار العنف سلوكا عدوانيا يصدر من الفرد أو الجماعة أو الدولة المتنفذة، بذخيرة البذاءة والقسوة والشدة والغلظة والفظاظة والتسلط..، وبغرض الإيقاع بالضحية لفظيا أو جسديا أو نفسيا أو كلاهما، وبما يحدث فيه ندوبا نفسية لا تندمل أو عاهات عضوية متفاوتة الخطورة إلى مستديمة باهضة التكاليف (94 مليار دولار في أمريكا)؟، ومن أجل الحد والتخفيف من كل هذا، لابد من بعض المداخل الأخرى ومنها:

 

1-  استحضار العواقب الوخيمة لممارسة العنف: وشيوع مظاهره المدمرة للنفوس والمهشمة للأجساد الغضة الطرية والخلق الرباني الذي خلقه الله في أحسن صورة ما شاء ركبه، استحضار هذه العواقب المشينة في إطار كل ما نرفعه من شعارات الحق في الأمن والتنمية والمساواة والعدالة والانصاف، الذي سنظل نبتعد عنها بقدر ما تسود عواقب هذا العنف والعنف المضاد في المجتمع، من فقدان الذات المعنفة الثقة في نفسها/ الإحساس بمرارة الظلم والمهانة/ الاضطراب النفسي والتشوه الجسدي/ التفكك الأسري/ الخوف على الذات من الاعتداء/ وعلى الممتلكات من النهب والسلب/  حرمان الأطفال من التمدرس خوفا والطالبات من الكليات توجسا/ ...وليس عبثا قال الله تعالى:" فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف" قريش/ 3-4، وقال رسول الله (ص): "المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده.. والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه" متفق عليه. ولاشك أن للعلماء وجمعيات المجتمع المدني والإعلام دور رائد في هذا الصدد لابد أن يقوموا به بكل تحرر وتجرد ومهنية وتكامل وعلمية.

الحبيب عكي


اقرء المزيد

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

المتابعون

المشاركات الشائعة