Top Ad

الأحد، 30 مايو 2021

http://akkioasisdesarticles.blogspot.com/

الغش في الامتحان فرصة للنجاح أم ورطة في المهانة؟؟

       رغم كل الجهد المبذول في محاربة الغش في الامتحانات والمباريات، فإن الظاهرة  المشينة لا تزال تقض مضجع كل المراقبين والتربويين والإداريين، بما ساءت وتسيء إلى منظومتنا التربوية وقيمها الاشهادية، وتوضع فيها كل ظروف الإنتاج و جهود الإصلاح موضع التساؤل والتساؤل المحرج، والذي ولا شك تطال كل مخرجاته السيئة كل مجالات القيم الفردية والجماعية وكل مجالات الحياة المدرسية والمجتمعية. لماذا لازال التلميذ / الطالب / الموظف..يقدم على الغش في الامتحانات والمباريات والترقيات..؟، لماذا يفقد الثقة في ما عنده من المعارف ومهارات التحليل والتفكيك والتركيب ويضعها في ما عند غيره مما يظنه يسعفه ولو بتمسك غريق بغريق؟، لماذا يتحدى القوانين المجرمة للظاهرة ويصر على ممارستها رغم أنف المراقبين أو على الأقل يكون مستعدا لذلك ولا يحول بينه وبينها إلا مدى تغاضي هؤلاء المراقبين وغضهم لبعض الطرف ؟؟.

 

         لماذا يرى بعض الناس – تلميذا وأسرة ومدرسة – في الغش فرصة للنجاح؟، لماذا يصرون على هذا النجاح بأي ثمن وبأقل جهد ممكن أو حتى بدونه على الإطلاق، إلى درجة قد يقدم التلميذ على امتحان لم يعد له حرفا، وسنة بعد أخرى؟، لماذا قد يتغاضى بعض المراقبين عن أداء واجب ما يكلفون به من المراقبة داخل فضاء الامتحان؟، أية ضمانات قانونية وضعت لهم من أجل ذلك، وهم الذين يعرضون أنفسهم لمخاطر وتهديدات الانتقام ممن يعتبرون أنفسهم ضحايا الحراسة المشددة وكأنها تحرمهم من حق مكتسب؟. لماذا بعض المدارس تشجع على ممارسة الظاهرة تفلتا من المحاسبة وإكراه عتبة النجاح، وتفاديا لتراكم التلاميذ السيئي السمعة الذين يفسدون في المؤسسة ولا يدرسون؟؟، أين قيم الأسرة التي من المفروض أنها تربي أبنائها على حرمة الغش وضرورة بذل الجهد لكل نجاح؟، أم أن شلة الأقران وثقافة الشارع قد تغلبت على الجميع، فإذا العبقري عندهم هو الغشاش، وإذا المرشح الفائز هو الراشي، وإذا المسؤول الذي يتسلق سلم الترقى بسهولة هو الذي يعاكس بخبث ومكر ودهاء حق المواطن في أغراضه ويصادر إرادته في الحرية والكرامة دون محاسبة، وكلها شكل من أشكال الغش والفساد؟؟.

 

يحكي ضجيج الأرقام أن الدولة قد تخسر تنمويا واقتصاديا أخلاقيا وديمقراطيا..، إلى حوالي 5 % من الناتج المحلي الخام نتيجة الفساد، بما يعادل 5 ملايير دولار سنويا، وتظل تحتل المراتب المتأخرة نسبيا في الشفافية ومحاربة الفساد عالميا، رغم توفرها على ترسانة قانونية وهيئات محاربة ولكنها غير كافية وغير فعالة، وربما كانت هناك بنيات مجتمعية فاسدة لا يحميها غير القانون ذاته كما يقال في(أسعار المحروقات نموذجا)، وبذلك يخسر البلد من مصداقيته وسمعته أمام شعوب العالم وأما شعبه الذي يفقد المصداقية والثقة في كل شيء ولا يتعبىء أو يتحمس لأي شيء؟؟، وقبل ذلك يفقد المرء على موارد الغش من إيمانه ودينه مع خالقه وهو الأخطر، الشعور بالمهانة و وخز الضمير، وقد يتحجج المتحججون أن الأمور ليست بهذه القتامة في التعليم خاصة، وأن التلاميذ لا يزالون ينجحون بمعدلات ونسب مرتفعة ( 80%)، وأن تلاميذ آخرون يفوز بمباريات دولية في المواد العلمية، ولكن جلهم لا يفوز كما أن جل شهاداتنا غير مقبولة عند الدول الأخرى ويضطر أصحابها لإعادة دراستهم من الصفر حتى يجدوا لهم فرصة عمل وإقامة في دول المهجر، ليصبح الأمر في صورته كصورة قسم فيه تلميذ أو تلميذين حصلا على نقط جيدة وربما كاملة، وسط ركام من زملائهم بنقط مجملها تحت المعدل؟؟.

 

إن الغش في الامتحان غش وليس حقا مكتسبا ولا فرصة، اللهم إذا كان نحو الكذب والسرقة..والفساد وخيانة الأمانة، وفي ذلك كله تأنيب الضمير وإهانة الذات وقيم المجتمع ما بعده تأنيب و إهانة، في ذلك كل صور الأنانية والوصولية والاتكالية و الاضطراب والضبابية..، وعن ذلك تنتج نفس كل هذه القيم الهدامة في المجتمع، وبسببها تتفشى فظاعة الرشوة و الزبونية والإخلال بالواجب والمسؤولية، والهروب من العمل إلى المقاهي أو عدم الالتحاق به أصلا (موظفون وموظفات أشباح)، والموظف المبني على الغش هو السبب في عرقلة الاستثمارات التي يستثمر فيها على ظهر أصحابها، المماطل في قضاء أغراض المواطن إلا بواسطة، هو مصدر كهربة الإدارة و سبب العمليات الطبية الفاشلة، وتصاميم العمارات الساقطة، وبلطجة إفساد الانتخابات ودخول غير المؤهلين فيها بدون رؤى تدبيرية ولا تنموية، الغشاشون هم حثالة مشاريع عصابات التهريب والإرهاب والهجرة والدعارة والمخدرات و غيرها مما يستثمر في مآسي المجتمع وفقره ويأسه؟؟.

 

غير أن هذه الآفة المدمرة في الحقيقة معقدة، وليست مسؤولية التلميذ/الطالب/الموظف وحده مهما تحملها، ولكن يمكن محاربتها والحد منها بشكل كبير، كلما تضافرت جهود جميع الأطراف واستثمرت عائدات كل المداخل، بشكل إرادي قوي مستمر ومنهجي، وقائي وعلاجي.. زجري وعقابي، ومن ذلك:

 

1-     بدء من الأسرة، وما ينبغي أن تربي عليه أبناؤها من قيم الصدق والمراقبة والاجتهاد والأمانة..، وغير ذلك مما ينبغي أن يتشبع به الآباء والأبناء في تعايشهم اليومي قولا وممارسة فردية وجماعية.

 

2-  إلى المدرسة التي ينبغي أن تتشبع فيها الأجيال على الدوام بقيم التنافس الشريف وتكافؤ الفرص وجودة التعلمات منهجيات وبيداغوجيات..مواثيق ومذكرات..أطر تربوية وإدارية..أنشطة صفية وموازية، لا يكون لها من المصداقية (تدابير أولية أو قانون الإطار) إلا بقدر ما تؤهل التلميذ وتسعفه عند الحاجة وتنقذه من السقوط في رذيلة الغش في حياة المدرسة ومدرسة الحياة عامة.

 

3-  إلى التلميذ، الذي ينبغي أن تكون له من قوة الشخصية ما يلزم، ومن المبدئية ما ينبغي، ومن حب الدراسة ومنهجيتها، من سنة ربط النجاح ببذل الجهد والتوكل على الله والرضا بقدره وما ينبغي من شيم الإحلال والإخلال، من معرفة الخطأ من الصواب والحلال من الحرام وتجنبه، من اللون والطعم والرائحة ما أنقى وأبهى وأبقى، من الثقة في النفس وعدم الذوبان في الآخرين، خاصة عند الخطأ والانحراف عملا بقولهم:"دير راسك بين الريوس وعيط يا قطاع الريوس"، كان الناس يكفرون ويعربدون والمؤمنون يوحدون ويعذبون(أحد..أحد)، فالبطولة أن تستقيم إذا انحرف الناس وأن تصلح إذا أفسدوا..، وفي الحديث: "لا يكُنْ أحَدُكمْ إمَّعَة، يقول: أنا مع الناس، إن أحْسنَ الناسُ أحسنتُ، وإن أساؤوا أسأتُ، ولكن وَطِّنُوا أنفسكم إن أحسنَ الناسُ أن تُحْسِنُوا، وإن أساؤوا أن لا تَظلِمُوا". رواه الترمذي عن ابن مسعود،؟؟.

 

4-  إلى السياسات العمومية، التي لا يغني تعاقب حكوماتها وبريق شعاراتها في شيء ما لم تضيق برامجها وممارساتها الخناق على الريع والفساد..، ما لم توفر للمواطنين الفرص التي من حقهم، وتضمن لهم حق الولوج إليها عن جدارة واستحقاق، حتى يدرك الجميع واقعا وممارسة..متابعة ومحاسبة، أن فرصته تنتظره وليست مستحيلة، ويقترب منها أو يبتعد بقدر ما يقترب أو يبتعد من القيم والكفاءة، لذا فلا ملجأ من الصدق والاستقامة والكفاءة والاستحقاق إلا إليهما؟؟.

 

5-  إلى جمعيات المجتمع المدني وعلى رأسها جمعيات آباء وأولياء التلاميذ والجمعيات المهتمة بالقطاع وبالنشء والأسرة والمدرسة عموما، أين جهودها في الدعم والتقوية، في تدريب النشء على مهارات إدارة الأزمات واتخاذ القرارات واقتحام العقبات ورفع التحديات وكسب الرهانات وقبلها تصحيح التصورات والتصرفات التي يعتبر بعضها الغش حق مكتسب ما دام يستشري في المجتمع بمختلف الأشكال وعند جميع الفئات، وهذا خطأ لا يقر به لا الشرع ولا القانون، أين جهود هذه الجمعيات وحرصها على التأهيل النفسي للتلاميذ قبل الامتحانات. وإعدادهم ومرافقتهم خلال المباريات، وإلى أي حد مؤسساتنا قبلها منفتحة على هذا أو جمعياتنا شريكة فيه مقبلة عليه؟؟.

 

6-  إلى سياسة العقوبات الزجرية الصارمة، فتطبيق القوانين المحاربة للغش في السنوات الأخيرة أدى إلى تناقص الظاهرة ومحاصرتها بشكل ملفت، ربما إلى 50 % خاصة بعد 2016، ولكن ما حدث ويحدث بعدها من الاصطدام والتراخي والتأويل..والفلسفة المغرضة ربما، أدى إلى استئناف عودة الظاهرة وانتشارها وتطورها وتحورها، لذا لا مناص من العودة إلى تطبيق القانون بشكل صارم، وعلى جميع الأطراف المتورطين، وبالموازاة الدائمة والقوية مع المداخل الأخرى السالفة الذكر من تأهيل وتجويد وسياسة عمومية شفافة وفرصة لكل مجتهد..غير متخاطف حولها، مفاهيم متسعة ومتطورة من الغش، حراسة مشددة، كاشف التقنيات المتطورة، تقارير الضبط وطرد مباشر، أصفار تأديبية موجبة للسقوط، غرامات مالية باهضة بين 5 ألاف و100 ألف درهم، حرمان من الامتحان لدورات، سجن لأشهر وسنوات..، ترسانة قانونية جيدة ومسعفة مؤسسة وبانية لحاجة الفرد والمجتمع من قيم النزاهة والشفافية والعدل والمساواة والكفاءة والاستحقاق وما تستوجبه من قيم الحكامة و ربط المسؤولية بالمحاسبة؟؟، ولكن لا فائدة منها إذا افتقدت إلى إرادة التفعيل أو القدرة عليه أو التهرب منه أو الانتقاء فيه أو تجريدها من دواعمها الأساسية، لأن قربنا أو بعدنا من التحكم في ظاهرة الغش ومحاربتها الدائمة والمستمرة لا تقاس إلا بمدى هذه الشمولية والتكامل في الوسائل القوية والفعالة وضمنها المرة والمكلفة ولكنها ضرورية ضرورة الوقاية قبل العلاج، وحتى عند العلاج فقديما قيل:"الطفيليات من جذورها تجتث..والأورام الخبيثة من بوادرها تستأصل..وآخر الدواء الكي.. آخر الدواء الكي.." ؟؟.

الحبيب عكي


اقرء المزيد

الاثنين، 24 مايو 2021

http://akkioasisdesarticles.blogspot.com/

يوم أسعفتني قراءتي عن أم القضايا

من ذكرياته مع القضية الفلسطينية التي انخرط في نصرتها وحمل همها منذ سن مبكرة ولعقود وعقود، حدثني صاحبي عن محاضرة ساخنة كان قد حضرها في الثمانينات في إحدى دور الشباب بالمدينة، وكان السيد المحاضر على ما يبدو "يساريا"، لم يدخر جهدا في أن يبين أن القضية قومية صرفة، وأن من ينظر إليها غير ذلك فهو من الرجعيين الظلاميين ومن النظاميين الامبرياليين، وهم يسيؤون إلى القضية أكثر من البربريين الصهاينة أنفسهم؟؟. صال وجال في دفوعاته الواهية، وساد صمت مطبق في كل جنبات القاعة الفسيحة العريضة وهي مملوؤة عن آخرها، ويعرف من بين الحاضرين العديد من الأساتذة الأجلاء وزملاء العمل، هم واعون ومثقفون أـكيد، ولكنهم صمتوا حتى ظن السيد المحاضر أنه قد أحسن الصولة والجولة وحسم الموقف الإيديولوجي لرؤيته وطرحه على ما كان سائدا في تلك العهود؟؟.

 

لكن صاحبنا أخذ الكلمة في غياب المداخلات، ليفند مجمل ما ذهب إليه السيد المحاضر، وموضة العصر اليسارية آنذاك في أوجها محطات وفعاليات..مواقف وشخصيات، قد أساءت إلى القضية وتاجرت فيها وحادت بها عن الطريق وعن فئات عريضة من الجماهير، رؤية ومنهاجا، عطاء ونضالا ميدانيا ودبلوماسيا..،فانقلبت القاعة إلى صفه وتتالت تصفيقات الحاضرين والحاضرات على دقة معلوماته التاريخية وقوة حجته المعرفية وأسلوبه التواصلي وحماسه النضالي، وما أن أنهى مرافعته المفحمة حتى ساد صمت آخر في القاعة وأسقط في أيدي المحاضرين والمنظمين، وما هي إلا هنيهات حتى تحركت الأقدام تحتك بالأرض، وماج الحاضرون وهمهموا، ليخرجوا بعدها من القاعة جميعا بنظام وانتظام، وكأنهم يثنون على صاحبنا المرافع القوي والمقنع والذي نطق -على ما يبدو - بما أرادوا وما لم يستطيعوا هم النطق به، فأرادوا أن ينهوا السجال على سجاله الحقيقي والواقعي؟؟.

 

زاد صاحبي وهو يخبرني عن سر قوة مداخلته الترافعية آنذاك فقال: "إيه، تلك الأوقات، كانت الجدية في كل شيء، وكانت المعارك الإيدولوجية والهوياتية على أشدها، والحلقات الجامعية الصاخبة بلياليها البيضاء، لا يصمد فيها إلا الأقوياء، ممن يلتهمون عشرات الكتب والأشرطة أسبوعيا وشهريا، ولمختلف الدعاة والمفكرين والكتاب والفلاسفة، وكنت أنا أتابع القضية وفق مرجعيتي الإسلامية في العديد من المجلات وعلى رأسها مجلة "فلسطين المسلمة" ومجلة "الأمة" وخاصة مجلة "المجتمع" الكويتية، وهي التي دأبت على أن تخصص لها كل أسبوع ملفات وملفات وتثير فيها قضايا وقضايا، كما تابعت القضية من حيت الرؤية والسجال الفكري والاستراتيجي من كتب المناضل اليساري سابقا والإسلامي لاحقا، الأستاذ "منير شفيق" وكيف سفه أوهام "أوسلو" ومفاوضات "الاستسلام" وكل هذا الذي أصبح اليوم فعلا على أرض الواقع مجرد ترهات وهرولة دون عائد، بل هرولة الفراشات إلى نور حتفها ؟؟.

 

وأضاف صاحبي يقول: "فعلا، قد أكون مبالغا في تقدير الأمور كأي شاب غض طري آنذاك، وفي غياب تأطير علمي أكاديمي رصين، لأنني اكتشفت وتيقنت في ما بعد خاصة بعد بعض الإطلاع على بعض كتب الآخرين برؤية مختلفة ك"برهان غليون" و"عزمي بشارة"، أن القضية قضية الجميع، وأن لليساريين اتجاه القضية نضالهم وعطاؤهم كما للإسلاميين أيضا تضحياتهم وقصورهم كغيرهم، ورغم ذلك فقد أحسست بفخر شكرت عليه قراءتي وإقدامي، حيث كان باستطاعتي تسفيه ونسف أي هراء ثقافي ينال من القضية وحقائقها، هذا وقد حدث معي نفس الموقف في التسعينات، وأنا أتابع الحروب العدوانية المتتالية للصهاينة على شعب فلسطين الأعزل (حيفا38/ يافا47/ طبريا ودير ياسين48/ بيت لحم52/ غزة الأولى55/ كفر قاسم56/ بيت المقدس 69/ صبرا وشاتيلا82/ الحرم الإبراهيمي94/ بلاطة وجنين02/ رفح04/ بيت لاهيا05/...) بما يزيد عن 120 مجزرة صهيونية بشعة؟؟، وأتقطع ألما على المؤامرات الرسمية للقمم العربية والإسلامية وقد تجاوزت في عددها الثلاثين(30) بالتمام والكمال، العربية منها والإسلامية منها (69/74/81/84/91/97/00/03/05/16/17...)، وكلها ذهبت من شرف المناداة بالجهاد المقدس لتحرير فلسطين وحماية المقدسات، إلى مجرد الشجب والندب لجرائم بني صهيون على بشاعتها، إلى الخضوع التام لعرابيهم الغربيين والأمريكيين والتطبيع الفردي والثنائي مع كيانهم اللقيط، من لا اعتراف..لا سلام..لا تفاوض..إلى دعم المقاومة واستخدام سلاح النفط والمقاطعة ضد العدو.. إلى حل الدولتين والأرض مقابل السلام، إلى السلام من أجل السلام، إلى الانقلاب على المقاومة وحصارها والتطبيع ضدها بدون أرض ولا سلام..،  إلى تحويل فوهة بنادقهم الخشبية الصدئة المهترئة من وجه العدو إلى وجه بعضهم بعضهم البعض، في اليمن السعيد وسوريا الشقيقة وليبيا وقطر والسودان..والتصدي لكافة الثورات العربية؟؟.

 

وفي كل قمة وبسم التضامن تقدم تنازلات وشيكات على بياض مقابل لا شيء، بل سجلت العديد من الأنظمة العربية  مواقف مخجلة اتجاه الفلسطينيين و زعمائهم الميدانيين حتى ضاقت بهم الأرض بما رحبت، فاغتيل أبو جهاد في تونس، وأخرجت منظمة فتح من لبنان بعد "صبرا وشاتيلا" 1982، وشتت الشتات في مخيمات الشتات لبنان سوريا والأردن، في أوضاع إنسانية مزرية، دفعتني حينها أن أبدع على إثرها رفقة الشباب الجمعوي والجامعي بعض المسرحيات الملتهبة حول القضية وتواطئاتها واعتمالاتها، ورغم قتامتها المضحكة ومأساتها المفجعة، فقد كانت تغطي الأيام الثقافية الفلسطينية لبعض الجمعيات في مدينتنا، وما كانت تختتم به مهرجاناتها من أمسيات فنية صاخبة، كان الإقبال عليها والتفاعل معها منقطع النظير، ولا زال كل أولائك الشباب إلى اليوم – كلما التقيتهم – لا زالوا يلهجون بأبطال تلك المسرحيات القوية وحواراتها العميقة وصراعاتها المفصلية وأجوائها التي لا تنسى، وكأنها جعلت لحياتهم وحياتنا معنى وأي معنى؟؟.

ولكن اليوم - مع الأسف – لم يعد شيء من ذلك أو يكاد، فطبيعي أن نرى كل هذا الفتور اتجاه القضية، وكل ما يطالها من حرب دروس في التعقيد والتشويه وأوهام التطبيع التي لا زال الناس في أعماقهم على عكس الأنظمة والحكومات، يتصدون له بمختلف الأشكال، ولكنه في الواقع الرسمي والنخبوي - مع الأسف - ما يلبث إلا في ازدياد، فما العمل؟؟.

1-     لابد من إعادة تصحيح الرؤية نحو القضية، وإيلاء البعد العقائدي فيها المكانة التي يستحقها قبل غيره؟؟

2-     إحياء دور جمعيات المجتمع المدني في الدفاع عن القضية في مختلف برامجها وأنشطتها الثقافية والإبداعية والفنية والتكوينية ؟؟

3-     النبش في أرشيف الحركة الإسلامية واليسارية والنضالية عموما وما قدمته لصالح القضية في مختلف الجوانب وعلى طول الصراع ولا يزال ملهما؟؟

4-     تفعيل العمل الاجتماعي لبيت مال القدس والقضية الفلسطينية عموما، خاصة وأن من المساعدات الدولية ما هو مشروط  ويقايض لأغراض غير أغراضها ؟؟

5-     القراءة الرصينة الواسعة عن تاريخ القضية و مختلف الأطراف والدوائر والمسارات الفاعلة فيها، وكيف يمكن أن تتجاوز كل هذا الذي أصابها اليوم من الركود والدوران في عبث المتاهات وسخف المفاوضات غير المنتجة إلا لمزيد من القمع والاستيطان، ومن الأشياء التي ينبغي الاهتمام بها في هذا الإطار:

 

1.     النشر حول القضية في وقت لا تجرأ العديد من المنابر على ذلك.

2.     البحث في تاريخ العدوان الصهيوني في الوقت الذي لا تجرأ بعض الجامعات على ذلك.

3.     إعادة النظر في كيفية التعاطف الفردي والأسري مع القضية بما يقـــــاوم التطبيع فعلا.

4.     البحث في الواقع الفلسطيني وما أصبح يعرفه من الفرقة والتجاذب والاصطدام أحيانــا.

5.     كيفية تفعيل واقعي متماسك وفعال لمختلف الأطراف العربية والدولية المتعاطفة مع القضية.

6.     إحياء الممكن من الفنون الجميلة و النشر والتأليف وكل ما من شأنه إنعاش ذاكرة الأجيــال.

7.     استثمار وسائل التواصل الاجتماعي ومهارة صناعة المحتوى، بديلا لتجاهل الإعلام الرسمي.

 

       يا شباب ويا شابات، لا يمكن الترافع عن قضية نحن نجهل تفاصيلها، ولا يمكن ربح قضية نحن لا نؤمن بها أو غير متحمسين للدفاع عنها، فما بالك إذا كان للقضية تاريخ ومسارات..فرص وإكراهات..نجاحات وإخفاقات..أطراف وصراعات..اجتهادات وانحرافات..، وما بالك إذا اعترت القضية تعقيدات ومستجدات وتطورات..حقائق وشبهات وملابسات، قد تجعلها جزئية وهي كلية، ثانوية وهي أولوية، قطرية وهي كونية، أرضية دنيوية وهي عقدية سماوية..، أعتقد أن سبيل استبيان كل هذه الأمور وغيرها، وسلك الطريق الصحيح بوضوح اتجاهها، وبذل الممكن واللازم من الجهد بيقين من أجلها، لا شيء يفيد في ذلك أفضل من القراءة، والقراءة بمختلف أشكالها الفردي والجماعي..السمعي والبصري.. السياسي والسجالي.. التفاوضي والنضالي..، وعي ويقظة ومواكبة..مواطنة تضحية ومبادرة.. وكل هذا في الأول وفي الأخير قراءة، والقراءة واجب وجوب العلم قبل العمل، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، فالقراءة القراءة يا شابات ويا شباب ؟؟.

الحبيب عكي


اقرء المزيد

الأربعاء، 19 مايو 2021

http://akkioasisdesarticles.blogspot.com/

حتى تتجاوز المقاومة الباسلة خذلان المطبعين؟؟

       في الحقيقة، لا يستسيغ المرء كل هذا الذي يراه من بشاعة العدوان الصهيوني الهمجي على شعب فلسطيني أعزل، طالما أوغل فيه جيش العدو المدجج قصفا وتدميرا..قتلا وتهجيرا، تفقيرا وتشريدا..، لا لشيء إلا لأن الشعب المسكين  ككل شعوب العالم يرفض الاحتلال ويقاوم من أجل الحرية والكرامة والاستقلال وحماية شعبه ومقدساته تحت حدوده وسيادته؟، لكن كما يقال لكل شيء ثمن، وثمن الحرية والكرامة التضحية والشهادة، وما أصابك لم يكن ليخطئك، ورب ضارة نافعة. فصبرا أهلنا المرابطين في بيت المقدس، وثباتا أهلنا المنتفضين في حي الشيخ جراح، وصمودا مقاومتنا الباسلة في فلسطين كل فلسطين، فإن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون، وترجون من الله ما لا يرجون، وإن يكن للباطل جولة ساعة فإن للحق صولة إلى قيام الساعة؟؟.

 

         فعلى عكس ما يروج له الصهاينة المتغطرسين، وما جروا إلى جحيمه طلائع الأنظمة العربية المنبطحة المطبعة، والنخب المهزومة المهرولة، ها هي فصائل المقاومة الفلسطينية الباسلة بمجرد "براقها" و "قسامها" و"عياشها" الوليد، تنسف أحلامهم وتسقط أوهامهم، وترد في نحورهم كيد مسلسلاتهم للقضاء على القضية وتصفيتها المخزية، فلا مسلسل "كامب ديفد" الهجين ولا "أوسلو" اللعين ولا "مدريد" العربيد ولا "خريطة الطريق" ولا "صفقة القرن"..ولا "بطيخ"، لا شيء عاد يحظى بمتابعة حلقاته العبثية البلطجية غير المستلبين من المطبعين، أنظمة مستبدة وسفراء مطبلين ومهرولين مسترزقين..، وها هم اليوم في "تل الربيع" جنة بني صهيون الموعودة، قد أوردوا أنفسهم شر الموارد، ينقضون معهم الوضوء في المخابىء وتحت الأنقاض، ويستنجدون من قصف المقاومة السديد على رؤوسهم، ولكن هيهات هيهات ما استنجادهم إلا كالمستنجد بالنار من الرمضاء، ولا عزاء للمطبعين؟؟.

 

         المقاومة الفلسطينية الباسلة يا سادة، كما يقول المحللون في وصفها وشرحها، وعلى رأسهم الرئيس التونسي السابق المقاوم "منصف المرزوقي":

1-     أحيت القضية الفلسطينية وأعادتها إلى الواجهة بقوة.

2-     فضحت دولة الأبارتيد الصهيوني العنصري أمام العالم.

3-     حركت و وحدت الشعب الفلسطيني في كل أرضه، في غزة، في الضفة، في القدس، في 48 والشتات..، بعدما اعتقد في فرقتهم وتمزقهم واحتمال مواجهاتهم البينية المعتقدون.

4-     عرت المطبعون العرب، أمام شعوبهم كأنظمة وكمهرولين كنخب، ولم يعد أحد منهم يجرأ على القول أنه لمثل هذا الجحيم يطبع مع العدو، أو أن ما يدعيه من تحقيق "السلام" و"التنمية" مع الصهاينة وحماية الفلسطينيين منهم ومنع ضم أراضيهم، لا زال ممكنا مع اليهود وهو الذي ينقض معهم الوضوء في مخابئهم كل يوم، مرعوبا مرهوبا منهم لا من غيرهم؟.

5-     أرسلت رسائل واضحة إلى من يهمهم الأمر من صناع القرار الدولي، أن السلام الحقيقي لا يمر إلا عبر أصحاب القضية الحقيقيقين وهم الفلسطينيون أصحاب الأرض والحق التاريخي، لا عبر غيرهم من الأنظمة المهزومة أو المطبعين المسترزقين؟.

6-     وأخيرا، حررت الشعوب العربية المقهورة لتتنفس بعض الصعداء بعد طول خنق لحريتها في التعبير وحق مشاركتها في التغيير، من طرف أنظمتها الاستفرادية باسم التطبيع ومحاربة الربيع العربي 2008 ، ألا في ربيع الربيع قد سقطوا، ويوم يأتي الربيع لن تنطلي على الشعوب لا أمريكا ولا بوابتها الإسرائيلية ولا إيران ولا فزاعتها الإخوانية؟.

 

         إن مقاومة بهذه المواصفات والمخرجات التي تعيد القضية إلى مسارها الصحيح، وتقلب فيها الموازين بشكل غير مسبوق، أجدر – لو أنصفنا – أن ندعمها كما تدعمها كل الشعوب والضمائر الحية في العالم، ولعل من أوسع أبواب ذلك ما يلي:

1-     إبراز المقاومة المباركة على حقيقتها الناصعة، من أنها كل متكامل وطيف ممتد من غزة إلى القدس إلى الضفة إلى كل الأفق العالمي بشكل من الأشكال، وبأنها جزء من الحل وأن العدوان والاحتلال وقهر الإنسان هو الإشكال.

2-     تبني خطاب مقاوم في حواراتنا ومرافعاتنا الميدانية والافتراضية في القضية، والتحرر من الخطاب الإعلامي المغرض والمهزوم، وكم آلمني حوار على الهواء بين مثقفين عرب و إعلاميين غربيين، بعض العرب يقولون عن القضية: إشكال..إرهاب..حماس..حرب..يوتوبيا..انتحار..تعايش..، والآخرون يردون عليهم بعكس ذلك تماما: الإرهاب هو ما تمارسه عصابات المستوطنين الصهاينة..الحرب بين جيشين متكافئين وليس بين جيش وشعب أعزل..المقاومة حق مشروع لكل الشعوب التي تواجه الاحتلال..لولا حماس لفعل الصهاينة بالقضية ما يفعلون بها في القدس والضفة، الصهاينة لا عهد لهم و لا يحترمون لا المنطق ولا قرارات الشرعية الدولية..؟؟.

3-     دعم واستمرار الفعاليات المجتمعية السياسية والمدنية والاجتهاد في إبداع كل أشكال الدعم الممكنة واللازمة حسب الفئات والمسؤوليات، من مسيرات تضامنية..و وقفات احتجاجية..وحملات تبرعية..وأنشطة فنية رياضية وثقافية..؟، وفي ذلك  كما يقال كل الحرص: " على تحرير هناك من هنا وتحرير هنا من هناك" ؟؟.

4-     استثمار الشبكات الاجتماعية والمواقع الافتراضية والتطبيقات الرقمية التواصلية، للإبقاء على جذوة القضية حية في النفوس، وتنظيم مبادرات النصرة من الناس وإليهم، واستثمار ذلك كله في خلق رأي عام ضاغط على الأنظمة وصناع القرار، لحمل الترافع والنصرة من مجرد عواطف وتنفيس، إلى سياسات عمومية وبرامج حكومية أوسع وأشمل منفتحة ومستدامة؟؟.

5-     استثمار كل هذا التعاطف الشعبي والجماهيري القومي والعالمي لإحياء ما فرطنا فيه من أسلحتنا الشعبية الفتاكة وعلى رأسها أمر البترول العربي والمقاطعة الشعبية بمختلف أشكالها السياسية والاقتصادية الفنية والثقافية، للكيان الصهيوني ولعرابيه الغربيين والأمريكيين، فأمريكا نفسها لا تسود العالم إلا بهذه الأسلحة، مقاطعات..فرض عقوبات..منع مساعدات..تصنيفات وحصارات..فيتوهات وحروب مدمرة، كما لا زال العالم يعيش ويلاتها في العراق وأفغانستان..؟؟.

 

         وأخيرا، لئن نسيت فإني لن أنسى بؤس خطاب المطبعين المهزومين وما دأبوا عليه من الاستهزاء واحتقار كل خطوات المقاومة وتسفيهها كقولهم على حد قول المراسل:

·        صواريخ عبثية

·        مجرد استفزاز إسرائيل.

·        حق إسرائيل في الرد والردع.

·        إسرائيل متفوقة بكل المقاييس.

·        إسرائيل لا تحارب بمجرد مفرقعات وألعاب عيال.

·        الناس لا يقاتلون بمجرد الإرادة والرغبة في الشهادة.

·        "حماس" لا تحمي القدس وإنما تخدم "أجندة" إيران.

      إلى غير ذلك مما لم يقل به حتى "أفيخاي أدرعي"، وهو الذي كان يرفع مع من يوالونه من المهرولين العرب، هاشتاق #صفر تعاطف #صفر تعايش #صفر حقوق.. #لنا فلسطين دون العالمين أو القبر؟؟،

 

واليوم أيها المطبعون ، هل كان الصهاينة يتخيلون يوما أن بمجرد هذه المفرقعات والألعاب البهلوانية، ستقذف عاصمتهم في العمق؟، أو تهشم مصانعهم الحيوية؟، أو تحرق بوارجهم البحرية؟، أو يقطع عن مستوطناتها الماء والكهرباء؟، أو يغلق المطار والمدارس، وترفع الحواجز وتستباح المعابر، أو يختبىء ضيوفهم من المهرولين معهم في المخابىء؟، أو يرفض شبابهم الذهاب إلى الحدود خوفا من الموت؟، أو يحزم المستوطنون حقائبهم للمغادرة من حيث جاؤوا؟، أو يصدق الصهاينة قائد المقاومة "أبو عبيدة" ولا يصدقون رئيس الكيان "النتن ياهو"، وهذا أمر وأدهى، وكفيل بأن يرفع عنكم الغشاوة لعلكم تستيقظون من غفلتكم الطائلة، وتعودون إلى رشدكم المفقود، وتصطفون مع شعوب أمتكم في إرادتها، وتوقيف التطبيع ضد مصالحها، في طرد سفراء الكيان وإغلاق مكاتب الاتصال، في تبني سياسة المقاطعة وثقافة الممانعة، تلكم أولى خطوات النصرة والمقاومة .. ليس بعدها إلا الطغيان والمساومة؟؟.

الحبيب عكي


اقرء المزيد

الأحد، 9 مايو 2021

http://akkioasisdesarticles.blogspot.com/

وحدها المستوطنات تسقط أوهام التطبيع (العدوان في حي الشيخ جراح نموذجا)


         في الحقيقة، لا أدري على ما يفرح المطبعون أفرادا وهيئات، أنظمة وحكومات، ولا أدري على ما يطبلون ولما يهللون ولأي رقصة فلكلورية نارية وذبحة عصفورية انتحارية يشحذون جوقاتهم، وكل هذا الذي يهرولون إليه من أشكال التطبيع والتضييع بأسماء ومسميات، مجرد وهم وأحلام يقظة سرعان ما سيستيقظ على سرابها ومرارة واقعها المستيقظون، ويسقط في مرارة وعلقم هوتها السحيقة على وجوههم الساقطون، بدء من كل معضلات القضية وتعقيداتها وعلى رأس ذلك معضلة المستوطنات، فما بالك بمعضلة المهجرين المطرودين، ومعضلة السجناء واللاجئين وجلهم بلا عمل ولا تملك ولا استقرار ولا عودة..، وكأنهم في سجن مفتوح في مثل وضعهم أو يكادون، وحل الدولة والدولتين وكلاهما في هذه الأوضاع التطبيعية المزرية من سابع المستحيلات؟؟.

 

مستوطنات الكيان الصهيوني على الأراضي الفلسطينية، هي تلك "الجيتوهات" السكنية اليهودية التي ما فتىء العدو الصهيوني يبنيها بالقوة على الأراضي الفلسطينية منذ زمان، وذلك بمقتضى سياسة استعمارية عدوانية صهيونية توسعية إحلالية لشعب يهودي غريب عملوا على استقدامه من بلدانه في المنشئ ليحل محل شعب فلسطيني أصيل ما فتؤوا يطردونه من بلاده بكل الوسائل، سياسة صهيونية قمعية اعتمدت طوال تاريخ القضية وصراعاتها ومنعطفاتها من طرف كل الأحزاب والحكومات الصهيونية للعمل والليكود، وكل رؤساء وزراء الكيان الغاصب من "كولدا مايير" و"إسحاق رابين" و"مناحيم بيغين" إلى "إسحاق شامير" و "شمعون بيريز" و"أرييل شارون" و"إيهود باراك" و"إيهود أولمرت" و"النتن ياهو"..، وكلهم يقول لسابقه في موضوع الاستيطان لن تغلبني، وهاك المزيد؟؟.

 

سياسة بدأت من أيام الانتداب البريطاني إلى أيام النكبة 1948 وأيام النكسة 1967 وما قبلها مع العثمانيين والأردنيين، لتستمر اليوم في كل أحواض المدن الكبرى لفلسطين من الضفة الغربية إلى القدس إلى قطاع غزة، وقد بلغ اليوم عدد مستوطنات العدو الصهيوني في فلسطين  حوالي  150 مستوطنة، منها  125 في الضفة، و 15 في القدس، و17 في قطاع غزة، و 7 في الخليل، بحمولة استيطانية إجمالية تبلغ حسب مختلف مصادر المراكز والمؤسسات المهتمة بالاستيطان(بتسيلم) حوالي 53 ألف وحدة سكنية لحوالي 800 ألف مستوطن، التهموا حتى الآن إلى جانب رهطهم في الكيان الغاصب حوالي 70% من فلسطين التاريخية؟؟، هذا بالإضافة إلى بعض المستوطنات على أراضي غور الأردن وهلاله الخصيب والجولان وسيناء والتي اضطر الكيان لإخلائها بدعوى اتفاقيات السلام الثنائي مع الأطراف، وما الأمر كذلك ولكن لتكلفتها غير المتوقعة أمنيا واقتصاديا ؟؟.

 

وتظل المستوطنات كلها إشكالات، وأخطر إشكالاتها ما تفرضه من تغييرات تعسفية على أرض الواقع لصالح العدو، فهي بمثابة جدارات عازلة عنصرية بين التجمعات الفلسطينية حتى لا تتواصل ولا تهيء أي حركة نضالية مقاومة؟، وأحزمة ناسفة لساكنة القرب منها من الجانب الفلسطيني  بما تطلقه عليهم من أعيرة نارية عشوائية بدعوى المخالفات وما تلفقه لهم من أحكام استثنائية عسكرية قاسية؟، وعلى امتداد كل الطرق الكبرى الالتفافية التي تخترق البلد، للتحكم في حركة الدخول والخروج من وإلى هذه المدن التي أصبحت تخنقها بحوالي 600 معبر ونقطة تفتيش ثابتة وحوالي 1500 نقطة متنقلة؟، وهي كذلك عازلة للفلسطينيين للوصول إلى البقية الباقية من أراضيهم ومصدر عيشهم بضواحي هذه المستوطنات الفخاخ؟، مستوطنات محمية بقوة السلاح لجيش العدو؟، تسيطر على موارد البلد من المياه و الأراضي الفلاحة والمعامل الاقتصادية (كسارات حجرية)؟، ولا تستحيي أن تستثمر بشروطها المجحفة في اليد العاملة الزهيدة لأهل البلد وهي مكرهة تجد نفسها بين المطرقة والسندان؟؟.

 

هذه الجرثومات الاستيطانية الإحلالية لم تأتي من فراع، بل ربما كان أكبر دافع إليها ومحرض عليها بعد ديني تلموذي متطرف، إذ يعتقد المتطرفون الصهاينة أن الأرض أرضهم وأن الرب من أمرهم باستيطانها وهو يبارك جرمهم لتحقيق الوعد الإسرائيلي في أرض الميعاد، يقول الحاخام "تسفي كوك" في "جيروزاليم بوست" وهو من منظمة "غوش إيمونيم" بمعنى (المؤمنين) : "هذه الأرض كلها لنا، بأكملها، تنتمي إلى كل واحد منا، ولا يمكن إعطاؤها للآخرين، ولا حتى جزئيا، الآن وإلى الأبد، فهذه المسائل واضحة، ومطلقة، فلا يوجد عرب ولا فلسطينيين ولا أراض عربية أو فلسطينية، بل بالأحرى جميع الأراضي اليهودية ميراث أجدادنا الخالد"؟؟، فهل يعي المطبعون مثل هذه الحقائق وهم يبذلون قصارى جهدهم في وهم التطبيع مع كيانات غير طبيعية ولا تؤمن بذلك مهما غلفته بالأسماء والمسميات البراقة، لا تؤمن به قولا وفعلا، تحديا وعنترية و صلافة، ولا أدل على ذلك من جانب خفي وهو ارتفاع معدة الخصوبة داخل المستوطنات إلى أكبرها في العالم(7,59)،أكبر من السوق الأوروبية (1,5) و عموم الكيان (3,1) وحتى داخل الضفة الغربية (3,2) ؟؟.

 

أكبر محفز على الاستيطان الصهيوني في فلسطين المحتلة هو السياسة الأمريكية الموالية والداعمة لغطرسة العدو الصهيوني في المنطقة ورعايتها، رغم رفض المنتظم الدولي لسياسة الاستيطان والقضاء بعدم شرعيتها في محكمة العدل الدولية وفي الجمعية العامة للأمم المتحدة منذ 1979؟؟، ورغم ذلك فقد ظلت هذه المستوطنات المشؤومة مستمرة ليس فقط للصمت العربي المخزي وموقفه المخجل اتجاهها؟، ولا لفشل كل مفاوضات الاستسلام في توقيفها أوحلها؟، ولكن بالأساس لأن الكيان الصهيوني يعتمد سياسة المساعدات والامتيازات السخية لتشجيع المستوطنين على تعمير هذه المستوطنات والعيش فيها  عقيدة ونضالا ومواطنة، مساعدات قد تبلغ 11 ألف دولار بما يعادل 40 ألف شيكل سنويا لكل مستوطن، ناهيك عن قروض جد تفضيلية في الأبناك، ناهيك عن الحراسة العسكرية الدائمة لهم والضامنة لأمنهم، هذا فوق السياسة الصهيونية الخبيثة في انتزاع أراضيها بقوة المصادرة والطرد والتهجير، بدعوى المصلحة العامة والطرقات والمحميات، بفرية غياب الملاك الأصليين في الخارج، أو حتى عدم تسجيلها في مكاتب العدو، يعني الإقرار بتسليم الملك الخاص للعدو وإلا سطا عليه (فهم تسطى)؟؟.

 

ولعل خير مثال على كل هذه الانتهاكات العدوانية، ما يحدث هذه الأيام (رمضان 1442/2021) في حي الشيخ جراح وباب العمود بالقدس الشرقية، من انتفاضة ساكنة الحي وما يحظون به من التضامن الواسع من طرف المقدسيين وأهل الضفة والقطاع وكل الضمائر الحية في العالم، التي لم تكن لتقبل بإقدام مستوطنين مخبلولين على الاستيلاء على منازل أربعة فلسطينيين مرشحون أن يصبحوا 28 أو 38 أو ربما الحي كله، وقد كانوا يقيمون فيها منذ 1956 بوثائق ملكية من العثمانيين والأردنيين و"الأونوروا" قبل استيلاء وضم الكيان الصهيوني للقدس الشرقية 1967 ضدا على كل الشرعيات؟؟، هذا وقد استصدر المستوطنون في حق الفلسطينيين حكما قضائيا بالإخلاء بدعوى أن المنازل أقيمت على أراضي كانت لجمعيتين استيطانيتين مهاجرتين ولليهود حق استرجاعها، عكس أراضي المهجرين من عرب 1948؟؟. هكذا وبكل صلافة، الأدعياء صهاينة، والمحكمة صهيونية، والقانون صهيوني وحتى المحامي صهيوني (توسيا كوهين) تلاعب في القضية ضد وكلائه الفلسطينيين؟؟، لكن للقدس رب يحميه، وسيظل الغزاة يأتون ويرحلون والمقدسيون فيه يرابطون وعنه يذودون، ومن حقهم الصلاة في الحرم المقدسي، ومن حقهم استقبال الزوار وتنظيم الإفطار، ومن حقهم رفع الحواجز وتخطي البوابات،تحدي الصافرات والإنذارات..،وكل هذا الذي يحاول القمع الصهيوني والتطبيع العربي فرضه بالصمت المخزي وبالحديد والنار؟؟.   

 

أيها المطبعون الحالمون بما حلمت وما لم تحلم به متاهات و أوهام "كامب ديفد" و"أوسلو" و"مدريد" و"خريطة الطريق" و"صفقة القرن"..؟، هذه بعض معضلات المستوطنات وهي غير طبيعية، فماذا أنتم فاعلون لحلها حتى تعود طبيعية؟، الإبقاء عليها والزيادة في أعدادها ومناطق امتدادها يعني التهويد المطلق والسماح في الحقوق الشرعية والتاريخية للشعب الفلسطيني وليس من حقكم؟؟، جرفها وإجلاء أهلها منها انتصارا لقوة الحق بدل حق القوة، وعملا بالمبدأ الكوني باطل ما يبني على باطل..فهل يسعفكم موقفكم الإنبطاحي وخوركم التطبيعي لا في الحق ولا في الباطل؟؟، التقايض السكاني بترحيل عرب 48 إليها وترحيل المستوطنين مكانهم كما حدث ذات يوم بين تركيا واليونان، ولا أحد يقبل بهذا المسخ من الاتجار في البشر، ولا أحد من أولائك العرب رحل عن أرضه فرحا وطيبة خاطر رغم كل الدواهي والأعادي، ثم أي تفويض حصلتم عليه حتى تتصرفوا نيابة عن هؤلاء أو هؤلاء ولا أحد يقر لكم بذلك؟؟، إذن، هل رأيتم كيف بنقطة بسيطة هي نقطة المستوطنات لا تلبث أن تصبح كل القضية، قضية وطن وحكاية شعب، تأبى إلا المقاومة والصمود حتى النصر أوالشهادة.. حتى النصر أو الشهادة .. ولنا في أهالينا في القدس والشيخ جراح خير مثال في المقاومة وبلسم الأفراح ؟؟.

الحبيب عكي

اقرء المزيد

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

المتابعون

المشاركات الشائعة