Top Ad

الجمعة، 27 مارس 2020

http://akkioasisdesarticles.blogspot.com/

كيف سيسعنا بيتنا الضيق في حجر كورونا ؟؟

       كثيرون من تطرقوا - جزاهم الله خيرا- إلى كيف يمكن أن نقضي حجرنا الصحي في بيوتنا طوال هذه الأيام العصيبة لحماية أنفسنا من وباء "كورونا" دون كلل أو ملل أو ضجر وضيق،وقالوا في مقترحاتهم  وتوصيات برامجهم بالعديد من الأشياء المهمة كالمحافظة على الصلاة وقراءة القرآن والدعاء،وقالوا بالدراسة مع الأبناء والحوار معهم واللعب الجماعي،إلى قائل بالقراءة الحرة والكتابة المبدعة والتفرغ للبحث العلمي مع ممارسة الهوايات كالرياضة والطبخ وغيرها،دون نسيان الانخراط في الجهود التضامنية للمجتمع والسؤال عن الأهل والتكافل مع المحتاجين منهم..؟؟،وإذ أقر - كفاعل تربوي - بكل هذه المقترحات القيمة حسب ما يراه الناس ضروريا ولهم مناسبا،سأتناول الموضوع من زاوية أخرى اجتماعية ونفسية بالأساس،وأراها ضرورية لتحقيق ما سبق من مقترحات الإخوان والأخوات،وبالتالي لابد من:

1- وضع الحجر الصحي الجبري في إطاره و وظيفته:
         وهي اتخاذ الأسباب العلمية والشرعية لتفادي وباء معدي ليس له دواء ولا لقاح إلا العزل الصحي لتقليل الخسائر والضحايا بين الناس، وباء أصاب كل العالم وأغلق بالقوة القاهرة كل الأبواب حتى أبواب المساجد والكنائس والمدارس والكليات والملاعب والأسواق والمقاهي والملاهي والمواني والمطارات، فكيف بأبواب البيوت والمحلات؟؟.

2- استحضار أنماط العيش وإبداء المرونة في تقبلها:
         فالرخاء لا يدوم،والشدة لا تدوم،قد يصبح المرء صحيحا ويغدو مريضا والعكس،دوام الحال من المحال،وتلك الأيام نداولها بين الناس،من سره زمان ساءته أزمان. ثم ما فائدة كل تراثنا الغني في أدب العزلة إذا لم يعنا اليوم :"من دخل بيته فهو آمن"،"الزم بيتك وابك على خطيئتك"،"وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى"،" وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا" الكهف / 25.فالحياة في أفكارها و طرق عيشها قبل إمكانياتها و فضاءاتها،،وكم يشقي بعض الناس في القصور ويسعد بعضهم في الكهوف؟؟.

3- تنظيم الوقت وتنويع البرامج وتوازنها:
         فالإنسان بطبعه ملول،ضعيف،لا يستطيع العيش على نمط واحد ونشاط وحيد،وسرعان ما يحب التغيير والحرية،أضف إلى ذلك تنوع حاجاته بين الجسدية والغذائية و الفكرية والروحية..،لذا على هذا التنظيم الزمني أن يراعي هذا الامتداد والتراكم وهذا التنوع واختلاف الحاجات والفئات والاهتمامات إلا ما قد يحصل بشأنه توافق غير مجبر؟؟.
4- حسن المعاملة واحترام الآخرين:
         لقوله (ص):"ليس منا من لم يحترم صغيرنا،ويوقر كبيرنا،ويعرف لعالمنا قدرا"،ومن الاحترام اعتماد التعايش والحوار والإقناع،وتجنب القيادة المفروضة والأوامر المستبدة،الحرص على ضمان الحقوق والواجبات وسط الأسرة، كما أن من الاحترام أيضا مراعاة بعض الفئات المحجورة في البيت من ذوي الاحتياجات الخاصة،والمسنين،وربما الأطفال والمراهقين والمعطلين والمدمنين والمختلين..،وكيف يمكن أن نستوعبهم ونكون لهم نحن الأقرباء رحمة أفضل من الشارع والغرباء؟؟.
5- تخفيف الضغط وتجنب المشاكل:
         ففيروس "كورونا" قد ضغط على الجميع بشكل أو بآخر،وسد الأبواب في وجه الجميع،سد أبواب الرزق عن الكثيرين وأقعدهم عن الشغل بل أفقدهم إياه،وسد أبواب المعاهد والكليات والملاعب والجمعيات،بل حتى أبواب المساجد والحج والعمرة والموانىء والمطارات،فلا بد من الابتعاد عن كل ما يمكن أن يزيد من الضغط على الناس أو يثير معهم المشاكل،وإلا انفجر الوضع وسادت الشحناء،واندلعت معركة "كورونا" الأسرية المادية والمعنوية،كما تنذر الناس ببعض الحالات:"زوجة ضيقت على زوجها بقيل وقال فتركها وهجرها في هذه الحالة العصيبة نحو المجهول"، و"زوج ضيق على زوجته بالتدخل في كل شيء فاستنجدت منه بالشرطة،قائلة لهم عن زوجها،أنقدوني من "كورونا" عندنا في البيت، بعينيه ورجليه يريد الفتك بنا"؟؟.


 6- إشاعة المحبة والجو الأسري الدافىء:
         بأن يظهر الأب محبته لأبنائه وأمهم،بالقرب والثناء والتشجيع والبسمة،وتظهر الأم محبتها لأسرتها باعتبار زوجها - على كل حال - وسماع أبنائها ومساعدتهم والقدرة على تنظيم أوقاتهم وحل خلافاتهم وتفهمها،ويظهر الأبناء شعورهم بالانتماء إلى البيت وتحمل بعض المسؤولية فيه،ولا يستنكفوا عن ذلك بهواتفهم وحواسيبهم والانعزال في غرفهم عن آبائهم وإخوانهم،لابد من تقديم مقدورهم من الخدمات وعدم التسخط على الوجبات وإثارة الخصومات؟؟.
7- الانخراط في المعركة الوطنية ودعم ملحمتها:
         بدء من الالتزام الصارم بالتعليمات والقرارات الاحترازية الصادرة عن الجهات الرسمية،شروط النظافة والوقاية العامة،الحجر الصحي وتجنب الخروج والتجمعات والجولان..،نشر الايجابية والتفاؤل والاعتصام بالله تعالى،القيام بالواجبات المدرسية والأعمال الإدارية الممكنة عن بعد،والانخراط في الأعمال التضامنية الممكنة وبالأشكال الممكنة،ولنتذكر أننا كلنا في سفينة الوطن،وقوم منا أصابوا قيادتها وقوم ركوبها،ولا حق لأي كان أن يخرقها ويغرقها،لابد من إيقافه عن ذلك،"..فإن هم تركوهم هلكوا وهلكوا جميعا..وإن هم منعوهم نجوا ونجوا جميعا"؟؟.
8- احترام الخصوصيات والاختيارات والهوايات:
         اللهم ما كان محل توافق بين المعنيين،كقراءة أو قيام جماعي أو لعب وترفيه جماعي أو مساعدة في مهام بيت ودراسة،أو تعلم مهارات أو لغات وتخطيط مشاريع،أو تحلق حول حكايات الأمهات والجدات،أو جلسات تبديد مخاوف الأطفال من المرض بالعلم ونفي الإشاعة وحول الدراسة بالمتابعة والمساعدة وحول الأصدقاء بالتمكين من السؤال والتواصل معهم،وغير ذلك مما الناس فيه أوعى بحيثياتهم ودوافعهم؟؟.
9- التزام الآداب الشرعية للمخالطة والعيش الجماعي:
         خاصة لمن يضم بيتهم بعض المحارم والأغراب ممن اضطرتهم "كورونا" للحجز الجماعي مع غيرهم،وأكيد سيضطر البعض للتنقل بين الغرفات،والمرافق الصحية،والتنظيف والخدمات..،فليكن كل شيء بآداب..،آداب اللباس والاستئذان،والجلوس والحوار والأكل أو الترفيه الجماعي،ولا ينبغي أن تسلمنا "كورونا" الأجساد والأبدان إلى "كورونا" الأخلاق والأديان؟؟.
10- الصبر و الدعاء واحتساب الأجر عند الله تعــــالى:
         قال تعالى:"أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء"النمل/62 ، وقال عمر رضي الله عنه:"لو نزلت صاعقة من السماء،ما أصابت مستغفر"،وقال الرئيس الإيطالي:"لقد انتهت حلول الأرض،ولم تبقى إلا حلول السماء"؟؟،وحلول السماء تكون باللجوء إلى رب السماء وحسن الظن به والرضا بقضائه وقدره،والتوبة إليه ففي الأثر:"ما نزل بلاء إلا بمعصية،وما رفع إلا بتوبة"،وحسن التوكل بذل قصارى الجهد في اتخاذ الأسباب و الإلحاح في الدعاء على رب الأسباب؟؟.والحمد لله على حجرنا،لازلنا فيه قادرين على الوضوء والصلاة والذكر والدعاء،ولازال لدينا فيه الماء والكهرباء والمؤونة والهاتف والتلفاز والانترنيت،نجوب عبرهم كل العالم ونحن في بيوتنا، والحمد لله - كما يقال - أنه حجرا وليست حربا،طعاما وليس جوعا،بيوتا وليس لجوء،وأمنا وليس خوفا،وإن شاء الله،كلها أيام وسنفرح بفضل الله..بفضل الله..رغم أنف "كورونا"؟؟.
الحبيب عكي

اقرء المزيد

الاثنين، 23 مارس 2020

http://akkioasisdesarticles.blogspot.com/

دليل المنجيات والمهلكات في حربنا ضد كورونا

        لا شك أن بلادنا في هذه الأيام العصيبة،تخوض حربا ضروسا ضد وباء "كورونا"،وككل بلدان العالم سخرت بلادنا من أجل ذلك كل الطاقات واتخذت كل القرارات التي ستؤتي ولاشك أكلها قريبا غير بعيد بإذن الله. ولكن الحرب كما يقال - خدعة وخطة والنصر والهزيمة سنة وليس أمنية،وسنة الله لا تحابي أحدا ممن أخذ بأسبابها أو فرط فيها وتمنى على الله الأماني،ترى ما هي عوامل النصر في هذه المعركة(المنجيات)وما هي مداخل الهزيمة(المهلكات)؟؟.
1- المنجيات الخمسة:
         1- الوعي الصحيح بهذه الظرفية الوبائية و خطرها على الأمة:
         وعي يخرس من ينفي بجهله وجود "كورونا"،ويطمئن من يهول بفزعه من وجودها،ويجعل كل أمر الكون بيدها بدل يد خالق الكون.و وعي يحرك من يضيع الأوقات الثمينة في القيل والقال وفوبيا أخبار الإحباط  والانتظار والتهور المهلك،أو مجابهة الأزمة من غير مداخلها العلمية والصحية والتدبيرية والقانونية الصحيحة؟؟.

         2- المجابهة الجماعية والشاملة والمتكاملة:
         مجابهة جماعية يكون الجميع فيها مسؤولا، كل من موقعه وحسب مسؤوليته وإمكانه،مجابهة صحية علمية وإعلامية وطنية واجتماعية ونفسية وأمنية، لهذا ينبغي الإسراع في تركيب بعض الحلقات المفقودة وتمتين كل الحلقات الضعيفة في بداية مجابهتنا اليوم لهذه الجائحة المعضلة،وخاصة الحلقات الاجتماعية والنفسية والنجاعة؟؟.

         3- المسؤولية والإيجابية والسلوك المواطن:
         فالمعركة معركة وجود وطن وأمة،والمعارك لا تكتسب بالسفسطة والحسابات الضيقة والعدمية،المعركة لابد لها من قيادة موحدة ذات قدرات وخبرات وصلاحيات وهي المؤسسات،ولابد لها من جنود منفذين مخلصين وخلايا تدبير وشركاء في التدبير وهم المواطنون الأوفياء،ومقتضى السلوك المواطن أن يحرص الجميع على ألا تؤتى سفينة الوطن من جهته ومن ثغره،بل ألا يترك أحدا يفعل ذلك كما تقتضي قيادة السفينة وحمايتها من الغرق،"..فإن يتركوهم هلكوا وهلكوا جميعا،وإن يمنعوهم نجوا ونجوا جميعا"،أو على حكمة الصينيين اليوم:"تعامل مع الجميع على أنك مصاب،واحذر من الجميع على أنه مصاب" exécution؟؟.

            4- المقاربة التشاركية والحزم في القرارات والاستفادة من كل الموارد لتحصين كل الجبهات:
         فليس استثنائية اللحظة مبررا مقبولا لتجاوز المقاربة التشاركية بين كل السلط  المعنية وهي المقاربة الأصل وهي الفصل،لأنه ما دام المقرر يقرر لغيره فينبغي أن يشركه،أن يقنعه،أن يسمعه،أن يراعي ظرفه وحاجته ومستطاعه،بل حتى ما يمكن أن يقدمه وليس ما ينبغي أن يأخذه،ولنأخذ العبرة من "ماكرون" وهو في عز الأزمة يتفقد المستشفى ليتلقى الأوامر من الأطباء بشأن ما يلزم لحسن تدبيرها؟؟.

         5- استلهام الخصوصية الوطنية للمجتمع المغربي وملاحمه التاريخية:
         والتي كلما كان فيها التلاحم بين العرش والشعب ،كان النصر وتجاوز الأزمات حليفهما،وكلما قاد لحظاته الحرجة العلماء والمسؤولون الأكفاء كان النصر حليفهما،وكلما كان البعد الوطني حاضرا والحس الاجتماعي التضامني قويا كان النصر حليفهما،وكلما كان الدعاء واستدرار اللطف والنصر من الله كان النصر المؤزر حليفهما،وذاكرتنا لا يزال يتعالى فيها صوت قراءة الأجداد للطيف في المساجد،فكيف بنا اليوم نحن الأحفاد ألا نأخذ ما شئنا من التدابير الميدانية والمقترحات العملية،و نطرق فوق ذلك ومعه وقبله وبعده باب الله وهو القائل سبحانه وتعالى:"أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض"النمل / 62.

2- المهلكات الخمسة:
         1- عدم أخذ العبرة من الآخرين سلبا وإيجابا:
         ففيروس "كورونا" رغم حقارته قد دب وباؤه اللعين في كل العالم،وشره أنه يبحث عن جسد بشري يهلكه ليحيا هو،ولا يميز في ذلك بين دين ولا لون ولا جنس ولا موطن ولا فقير أو غني ولا حاكم أو محكوم؟؟،وقد تتلخص كل التجارب العالمية للعبرة بين تجربة الصين الناجحة (الحجر الصحي والالتزام المواطن)،وتجربة إيطاليا الحرجة (التهور والبطء في اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب)،والحكمة ضالة المؤمن،والحكمة أن نراهن بفضل الله على أقل الخسائر والضحايا وهذا ممكن؟؟.

         2- التجزيء والتضارب في التدخلات:
         فعلى العكس مما يلاحظ من انهيار الوحدة القومية والديبلوماسية العالمية في أيام،وأصبح كل منهمك في تدبير جائحته بمفرده متروكا لقدره،ينبغي أن تواجه الجائحة العالمية بجهود وخطط عالمية،ما دام عدو الجميع ومصيره أمامها واحد، وقديما قيل:"من لم يطفىء النار في بيت جاره،أحرقت داره"؟؟،ثم و هذه البلدان اليوم في زوارقها المنفردة وسط البحر الهائج تسعى للنجاة الفردية بعدما تصدعت باخرتها الجامعة المانعة،ينبغي أن تهتم بالقائد،بالركاب،بالجدافين،وكيف يقوم كل واحد بدوره ومن موقعه،بالوجهة بالبوصلة بالشمس،بالتموين بالطمأنة..،وغير ذلك من الأعراض الجانبية الاجتماعية والنفسية التي قد يكون فتكها أكثر ضراوة؟؟.

         3- عدم التعبئة والاستثمار في الوعي الوطني:
         فكل هذه الفلتات المعزولة على قلتها،من كسر الحجر الصحي،وهلع "اللهطة" والاستهلاكية،وعدم تفعيل الخدمة عن بعد لمن يملك وسائلها،والاستثمار في الأزمة من قلة الوعي أحيانا..،الشيء الذي - لا قدر الله - قد يفشل كل هذه الجهود الجبارة التي تبذل على قدم وساق وبكل حزم و يقظة، على حد قولهم:"سيظل الناس يبحثون عن لقاح ضد فيروس "كورونا"،ونحن سنظل نبحث عن لقاح ضد فيروس التخلف وضحالة الوعي"،عند البعض طبعا؟؟.

         4- ضعف التواصل و التراحم وشرود الإعلام:
         تواصل بين الأب وأبنائه في حجرهم الصحي في البيت،بين أستاذ وتلاميذه في بيوتهم عن بعد،بين المسؤول من رجال السلطة والمواطن..،وقد تكون ظروف الحياة قد قست علينا وأخذتنا بعيدا عن بعضنا البعض،بل زجت بنا في متاهات الصراع وأتون المغالبة،ولكن في هذه اللحظات العصيبة تحية عالية للأطباء ورجال السلطة والأساتذة ورجال الأمن وكل المتدخلين في تدبير هذه المعضلة،لما أبانوا عنه من يقظة وجدية ومسؤولية ومواطنة وتأطير وإيجابية واستمرارية دون كلل ولا ملل،ومن الواجب احترام أوامرهم والانصياع لقراراتهم وهي شروط أساسية للتصدي للوباء وربح معركتنا ضده،وهكذا ستكون فرصة لنعيد قاطرة الحياة إلى سكتها و الأخوة إلى دفئها و المواطنة إلى ثقتها وتضحيتها وتعاونها،وها هم الناس في الحجر الصحي مثلا،فأي مواكبة روحية واجتماعية ونفسية يحظون بها، فعسى أن نعيد الإعلام أيضا إلى أدواره الحقيقية والرائدة في نشر المعلومة وروعة الفكرة وترك التفاهة وفظاعة الإشاعة؟؟.

         5- عدم أخذ العبرة الحقيقية والمناسبة من الحدث:
         العبرة في اتجاه التعايش السلمي بين البشر واحترام البيئة،بما فيها البيئة الطبيعية،والبيئة البشرية،والبيئة الكونية،فطغيان الإنسان وإصراره على شر تدمير غيره وهدم التوازنات التي خلق الله تعالى عليها الكون،لن يأتي العالم إلا بمزيد من الكوارث:خرق طبقة الأوزون،الاحتباس الحراري،الأمطار الحمضية،الإشعاعات النووية للحروب،تلوث البيئة عموما، فيروسات  "سارس" و  "إيبولا" و "زيكي"  و H1N1  و Cov 19 ..،و أنفلونزا الخنازير، والدجاج، والبقر المجنون ...،ألم يكفينا ما مر بالإنسانية من الأوبئة الفتاكة للجدري،والزهري، والكوليرا،والتيفويد،والسل،والسيدا...؟؟،فمتى نعي أننا لسنا وحدنا في هذا الكون،وأنه يسع غيرنا كما يسعنا،متى نعي أنه ينبغي علينا احترام الفطرة الإلهية في هذا الكون،أرجو ألا يظل الناس يبحثون عن لقاح ضد فيروس "كورونا"،ونظل نحن نبحث عن لقاح ضد فيروس التخلف واضمحلال الوعي" والإصرار على التدمير والظلم والفساد والاستبداد؟؟.
حفظنا الله وإياكم من الوباء،ورفع عنا وعنكم وعن العالمين البلاء...أمين.
الحبيب عكي

اقرء المزيد

الخميس، 19 مارس 2020

http://akkioasisdesarticles.blogspot.com/

كيف نتجاوز السخرية في زمن كورونا ؟؟

       كما هو ملحوظ هذه الأيام العصيبة،أن هناك موجة من السخرية الفظيعة تجتاح في هيجان مواقع التواصل الاجتماعي بنكتها السخيفة وتكتسح أرض الواقع بتصرفاتها الرعناء،وهي تستخف بجائحة "كورونا" وتحاول التقليل من خطورة هذا الفيروس الوبائي الفتاك وإظهاره على غير حقيقته،وهو الذي ظل ينشر المنايا ويحدث الضحايا في كل أرجاء المعمور؟؟،وهذا أمر مقلق جدا وغير مسؤول البتة،ولاعتبارات عدة لعل أولها وأخطرها كونه يحاول النيل من البحوث العلمية الجادة والجهود الوقائية الجبارة وما ينبني عليها من تدابير إجرائية قاسية ولكنها لازمة لإدارة الأزمة بنجاح،أزمة حرجة وغير مسبوقة يخشى الجميع فشل إجراءات الخروج منها - لا قدر الله - بمثل هذه السخرية الرعناء واللامبالاة البلهاء،من هنا ضرورة الحرب على واجهتين إحداهما لا تغني عن الأخرى،واجهة الحد من انتشار الفيروس وحصده للأرواح،و واجهة انتشار السخرية التي تعبد له الأجواء بما تحصده من الوعي وتزيفه من الحقائق وتثبطه من الهمم والعزائم؟؟.

         لا بأس من السخرية الإيجابية المحفزة المصلحة على عادة أبناء الشعب الظرفاء،وفي ذلك بعض الإيجابية الباعثة على التفاؤل وحمل الأمور من جانبها الأخف،وترك شؤون الخلق للخالق ففي نهاية المطاف ومهما دفع المرء القدر بالقدر واحتاط واتخذ الأسباب،ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن،وهو القائل: "لِلَّهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ ۚ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بنصر الله"الروم/4،وقديما كان الساخر ظريفا طريفا مكديا ذكيا مصلحا اجتماعيا حاضر البديهة مخيالا مبصرا بزمانه،وسخريته هادفة سياسية اجتماعية وإصلاحية بانية،وكثير من الساخرين كانوا هم صوت الشعب لدى الحكام وفي موائد الكرام واللئام،وصوت المقهورين الذين حموهم بسخريتهم من قساوة الحياة ومن الضرب والتأديب والتنكيل والزج بهم في السجن على باطل،فسخروا من السياسات ومن المسؤولين...وسخروا من الفقر والبطالة ومن الجهل والأمية ومن الغلاء والهجرة ومن المتردي بصفة عامة في حياة الناس وفي الحياة الأسرية والصحية والتعليمية وغيرها،وكل ذلك كان يخلق الفكاهة لدى المتلقي ويدفعه إلى المبادرة بالتغيير في الاتجاه الصحيح؟؟.

         على عكس اليوم،الذي نجد فيه جل الساخرين في زمن "كورونا" من ذوي السيكولوجية المتهورة واللامسؤولة،ربما نرجسيون يشعرون بالنقص في ذواتهم وفي حياتهم،ويسعون للتعويض وفرض ذواتهم بهدم الآخرين وانتقاد تصرفاتهم ولو بقلب الحقائق وتزييف الوعي وجعل الشيء الخطير تافها والشيء التافه عظيما،وقد يتفننون بالصوت والصورة وStatut  وLive   وstory   و Copier & Coller و J'aime  وGroupe وPage ...عبر كل مواقع التواصل الاجتماعي والتطبيقات الذكية، وعبر كل أنواع السخرية وطيفها من قبيح الأفعال التي قد تمتد من الهزل الخفيف والضحك السخيف إلى السخرية الآثمة والفكاهة الثقيلة،إلى التندر والتهكم المبكي والهمز واللمز والاستهزاء المرير،إلى التعريض الفصيح والهجاء الواضح والبلطجة واللامبالاة بوصفهما عنفا صريحا واعتداء جريحا،حتى إذا جد الجد كان الساخرون أول الكافرين بسخريتهم،كما يظهر اليوم من تهافتهم على اقتناء المواد الغذائية والمؤونة بجشع واحتكار ومضاربة،و هم الذين ما فتؤوا يضحكون من الجائحة ويعتبرونها مجرد حكاية لا تستحق كل ما اعتبروه بهرجة؟؟.

         نعم واليوم،لا يمكننا أن نتجاوز السخرية في زمن "كورونا" ونحارب بلاهتها، إلا إذا علمنا أولا لماذا تنتعش،وكيف تنتعش ومن طرف من إلى غير ذلك.تنتعش السخرية في زمن "كورونا" لأسباب وأسباب على رأسها:
         1-غياب المعلومة الصحيحة في البداية،مما فتح الباب على مصراعيه لشيوع الإشاعة بعدها،وممن هب ودب؟.
         2- هول الكارثة الوبائية وصدمة الوضع الصحي المتردي،إلــى درجة قد تبلغ  80 ضحية على سرير واحد؟؟.
         3-غياب البرامج الحوارية ذات المصداقية والواسعة الانتشار،والتي يمكنها نشر الإيجابية ومحاربة السخرية؟.
         4-ظهور عادات غريبة فعلا في حياة الشعوب،يصعب على المواطن قبولها والتأقلم معها،لا تجمع..لا مصافحة..لا صلاة جماعية..لا حج لا عمرة..لا دراسة..لا عمل..حتى طربت علينا المطربة بطربها الطروب فعلا:"ما فيش حاجة تجي كدة ..اهدى حبيبي كدة"،وطربنا نحن أيضا على طربنا:"الزين بالكمامة..والمشية كيف الحمامة..زينك زين كورونا..وخا بغاو يفرقونا"؟؟.

         5- سيادة بعض السياسات الكارثية الرسمية والقطاعية،التي لم تفلح إلا في استدامة الأزمة واستفحالها في العديد من المجالات،على غرار.. وعلى غرار..وعلى غرار،مما لا يقنع المواطن في شيء فبالأحرى أن يعبئه للانخراط فيها والترافع عنها،وربما يرى الساخرون في تدبير هذه الأزمة نفسها بعض الأخطاء من هذا الطرف أو ذلك  رغم كل الجهود الجبارة  التي نسأل الله تعالى أن تكلل بالنجاح؟؟
         6- غياب المقاربة التشاركية في التدبير،مع ما يبدو في ذلك أو يتوهمه البعض من الإجهاز على بعض المكتسبات في هذا الصدد وخاصة بعض الجهود المدنية؟.مع العلم أن الأمور في عمومها غامضة،ولا يستطيع تدبيرها إلا ذوو علم وخبرة،وقدرات وصلاحيات،خاصة وأن الناس في كل العالم قد تشتتوا بين كونهم ضحايا سياسات دولية ومؤامرات وحروب جرثومية،وبين كونهم مستهدفين من طرف فيروس حقير جشع لا يبحث إلا عن جسد يهلكه ليحيا،بغض النظر عن جنسه ولونه أو بيئته وموطنه أو دينه ومنصبه،عنصر قيادة دولية كان أو أداة دفع وتنفيذ محلية؟؟.
         7- انتشار الهواتف والتطبيقات الذكية ومواقع التواصل الاجتماعي التي يختفي وراء لوحات مفاتيحها الأخيار والأشرار،ويتفرج على شاشتها الجميع في كل الأوقات وعبر كل الأقطار،ودون حسيب ولا رقيب؟؟.
         8- طغيان السلبية والتشفي بدل الإيجابية والمشاركة،وسياسة العدمية والرفض لكل شيء،وفقدان الثقة في المؤسسات والسياسات،مما يؤدي إلى النقد والتشهير،للأشخاص والمبادرات بدل الأفكار والبدائل؟؟.

         فعلا،إن قيمنا التربوية والثقافية قد تغيرت كثيرا في اتجاه اللامعنى،وخطابنا السياسي والاجتماعي والديني أيضا تغير في اتجاه اللاجدوى،وسنظل نحن نساءل سياستنا التعليمية والتكوينية عن الأسباب والحلول،وستظل مواطنتنا وإنسانيتنا تساءلنا عن مداخل الإصلاح وحوامله،ولا شيء في الأفق متيقن منه غير السخرية التي ستظل تسخر منا ومن الجميع،إلى إشعار آخر بلغة قرارات "كورونا" - رفع الله بأسها و وبائها عن العالمين - هذا الإشعار الذي قد يكون قريبا أو بعيدا:

         1- ما ضعف فينا الوازع الديني،وقوي فينا التفلت الأخلاقي،وما يحملنا عليه من الفضح والتشهير بدل النصح.
         2- ما فقدنا معايير السخرية المباحة من غيرها،ومعايير صنع المحتوى وتبادل الرسائل من حبسها وإقبارها؟؟.
         3-،ما افتقدنا إلى مراقبة ذاتية وقانونية فعالة،وقبلها إعلام وطني مواكب على قاعدة"الخبر مقدس و الرأي حر"،وهو التجسيد الحقيقي لمرسوم "الحق في المعلومة" الذي دخل هذا الشهر حيز التنفيذ؟؟.

         4- وأخيرا،ما لم يبادر أهل الخير بمبادراتهم الخيرة،فما ساد أهل السخرية واللامسؤولية إلا بتواري أهل الجد والمسؤولية والمبادرة،وهكذا كما رأينا فقد كثر الهزل و اللغط ،وما أن ظهرت المبادرات التضامنية على السطح حتى خرس الخراسون،وما أن أحدث صندوق التضامن ضد "كورونا" حتى كدنا لا نسمع لهم حسا،فالمبادرة المبادرة فما نزلت الرحمة بشيء أكثر وأفضل من التضامن،فدعوا سخريتكم على صفحاتكم ومواقعكم وهواتفكم وتطبيقاتكم وارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء،ألف قفة وقفة..ألف توعية وتوعية..ألف التزام بالبيت والتزام..ألف مساعدة ومساعدة..ألف طمأنة وطمأنة..ألف حكاية وحكاية..،ذلكم الدواء ..ذلكم الدواء..الوعي والمسؤولية والمبادرة..فبادروا وبادروا بنظام وانتظام..رفع الله عنا وعنكم وعن العالمين البلاء؟؟.

الحبيب عكي

اقرء المزيد

الاثنين، 16 مارس 2020

http://akkioasisdesarticles.blogspot.com/

10 مصادر أساسية للطاقة الإيجابية 2/2

       في الجزء الأول من هذه المقالة تحدثنا عن بعض مصادر الطاقة الإيجابية،التي لابد أن ينهل منها الإنسان،حتى يحيط حياته بطاقتها الدافئة والباعثة على الحيوية والاستقرار والعطاء والسكينة والطمأنينة والسعادة، ومن تلك المصادر: مصدر الإيمان والعمل + مصدر المسؤولية والقصد + مصدر الثقة وتقدير الذات +  مصدر التفاؤل والأمل + مصدر الاعتدال والتوازن + ممارسة الهواية والنشاط البدني، وردفا على ذلك نتابع،

         7- مصدر الابتعاد عن الأشخاص السلبيين والمحبطين:
          فالصاحب ساحب كما يقال،ومن عاشر قوما في الغالب يكون منهم بقدر أو بآخر، وفي الحديث:"المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل"رواه أحمد؟؟،و قد أكدت المتابعات والدراسات أنه لا يصدر عن السلبيين والمحبطين إلا الأفكار السلبية والنظرة القاتمة إلى الحياة، وسلوكات اليأس والإحباط المقعدة والمدمرة، لا يلبث أصحابها والمتأثرون بها في محيطهم إلا أن تشوههم بل وتشوه الحقائق في أعينهم، فالخير والشر يملآن الدنيا في كل الأزمنة وكل الأمكنة،وما وجد نصف كأس فارغ إلا ونصفه الآخر مملوء، ومهما اشتدت الأزمة وقوي الفساد فالنهوض والتجديد والإصلاح دائما ممكن،فوق ذلك أن الإنسان غير مسؤول  عن النتائج التي قد تتحقق أو لا تتحقق، بل هو مسؤول بالأساس عن العمل وله شرف المحاولة ونبل الحرص على صوابها، ولكن عين الذبابة غير عين النحلة تأبى إلا أن ترى القاذورات وتحوم حول مطارحها وسرعان ما تختنق بروائحها و وحل نتوءاتها؟؟. لذا فالمطلوب من الإنسان الإيجابي الابتعاد عن هذه النماذج السلبية فكريا وشعوريا على الأقل إن لم يكن علاقات واجتماعات، بل الابتعاد عن كل حوامل السلبية ومداخلها الكبرى، والتي حددها النفسانيون في 6 عوامل تغرق من تكالبت عليه وسلم نفسه لها وهي:
           1- تركيز المرء على ما لا يريد بدل التركيز على ما يريد؟؟،
         2- اختلاط المفاهيم والتسميات لدى المرء فيسمي التحديات مثلا مشاكل،والواقع أن التحديات قابلة للمجابهة ولها حلول،بينما المشاكل قد تكون معقدة ومستعصية على الحل؟؟،
          3-عدم تذكره لنجاحاته رغم كونها أمر إيجابي ورافع،وعدم تناسيه لآلامه وإخفاقاته وهو أمر سلبي وخافض؟؟
            4-استقاء معلوماته من أهل الوهم والتراخي بدل أهل العزم و العلم؟؟،
            5- تناسيه أن في طي كل محنة ومعاناة منحة يمكن تحويلها إلى نجاح؟؟،
           6- التغافل عن القاعدة الذهبية للحد من الضغوطات والتحكم في المشاعر عند كل الأحداث والحوادث وهي: بدل الحسرة على الماضي و القلق من المستقبل فيتبدد الحاضر ولا يتجدد المستقبل،لك اللحظة التي أنت فيها وليكن شعارك مهما حدث "هنا والآن"،أو ما العمل والأمر لله من قبل ومن بعد؟؟،

          ففي الفنون والآداب كثيرا ما نستمتع بقراءة ومشاهدة قصص وروايات وأفلام الناجحين والطامحين والمتفائلين والفاعلين رغم اضطرابات ومتاهات واحباطات الحياة الاجتماعية، وفي البيت مثلا  يمكنك الابتعاد عن مصادر الطاقة السلبية - كما يقول الخبراء - بمحاربة الأوساخ والأتربة،وسوء التنظيم والفوضى،والاستهلاكية والحساسية لأفراد وسلوكات،والعنف الأسري والعلاقات المتوترة...؟؟، وفي الشارع يكون المواطن إيجابيا ومتحضرا كلما تعالى عن سلوكات النشل والسرقة والتحرش وتتبع العورات والانخراط في العصابات وترويج المخدرات..، كما ينبغي على العقلاء تجنب السياقة المتهورة والتجاوز المعيب والمكالمات الصاخبة المزعجة...؟؟، وفي الشأن المحلي أنت مشارك متفاءل مساند للمصلحين محارب للتزوير والفساد والاستبداد...؟؟،وفي العمل الرسمي أو التطوعي أنت منخرط في محاربة الغش والتقصير والإخلال بالمواعيد والاستغلال غير المشروع لممتلكات المؤسسة وسياراتها وهواتفها..،وغير ذلك مما يفسد المروءة و يقذف بالضمير طال الزمن أو قصر في متاهة التأنيب؟؟.

8- مصدر إيجابي جدا وهوالتحكم في المشاعر:
            الإيجابية منها والسلبية على حد سواء،وذلك بالتدريب والتدريب المستمر،سواء بالمجهودات الفردية أو بمساعدة المقربين والأصدقاء أو تحت إشراف المدربين المتخصصين،لأن طبيعة الحياة انها متقلبة لا تدوم على حال،قال الشاعر:
لكل شيء إذا ما تم نقصان *** فلا يغر بطيب العيش إنســــان
هي الأمور كمـا شاهدتها دول*** من سره زمان سـاءته أزمان

         من سره زمان ساءته أزمان،فينبغي أولا ان تكون لك مرجعية منطقية و وسطية للفرح والقلق، وليس حسب الأمزجة والأهواء ولا حتى الطوارىء، وليس حسب العادات الراكدة أو الأفكار الوافدة، ثانيا، إذا كان لك من الأفراح والمسرات ما تريد فاحمد الله تعالى واعمل على استدامتة بالشكر والرضا والقناعة ف:"من أصبح معافى في بدنه يملك قوت يومه آمنا في سربه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها"رواه البخاري والترمذي؟؟، وإذا كان لك غير ذلك فاعمل على تجاوزه متوكلا على الله مستعينا به متوسلا بكل ما يسعفك من وسائل الاستغفار والصلاة وقراءة القرآن  خاصة ورفع الدعاء عامة، وكذلك وسائل الإيمان وحسن الظن بالله والصبر والاصطبار والإصرار على العمل على رفع البلاء، وكل ذلك مع الإخلاص ولاشك سيؤدي إلى نتيجة،ولو أقسم صاحبه على الله لأبره؟؟.

         كما أن من أنجع وسائل  ضبط المشاعر حضور الدورات التكوينية في الموضوع والتمسك بقاعدتها الجوهرية "المعرفة سلاح الأقوياء و الوقاية خير من العلاج"؟؟، عليك أيضا امتلاك ثقافة كافية فيما قد يعترض طريقك من الضغوط،أو ما تضطر فيه إلى التدخل والفعل واتخاذ القرار مع حسن البرمجة والرفق بالدماغ على ألا يخالف تفكيره سلوك الجسد فيضطرب الاثنان(لا تتمارضوا فتمرضوا)، فذاك وحده مما يفسر اختلاف أحوال الناس وتصرفاتهم اتجاه نفس المنح و العطايا ونفس المحن والمصائب، فمثلا قاعدة بعد التعثر يأتي النهوض وبعد السقوط يأتي النجاح، أوقاعدة لكل داء دواء وليس المرض آخر المطاف، يجعلنا نجد اتجاه نفس المرض الصابر المعافى و المتهالك المنهار؟؟، وهناك الإيمان بالقضاء والقدر، فما أصاب المرء لم يكن ليخطئه وما أخطاه لم يكن ليصيبه، رفعت الأقلام وجفت الصحف، فالخير فيما اختاره الله،قال تعالى:"وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم، وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم"؟؟، كما أن هناك علم يسمى فن حل المشكلات واتخاذ القرارات، لعل أول ما ينبغي أن يتقنه المرء فيه - كما يقال - وفي حياته عامة، أن الإنسان الإيجابي يرى أن لكل مشكلة حل فيركز في البحث عن الحلول، بينما الإنسان السلبي يرى في كل حل مشكلة، فيركز في البحث عن المشاكل حتى يغرق فيها؟؟، لذا فكم هو محظوظ من رزق القصد والسماحة والوسطية والاعتدال في كل شيء،وتفويض الأمر إلى الله تعالى، في مشاعر الحب كما في مشاعر الكره،وفي مشاعر الفرح كما في مشاعر الغضب،فيجعل بذلك مفاتيح مخاطبة النفس بين يديه، إن شاء خاطبها بالإيجاب فكان له، وإن شاء خاطبها بالسلب فكان عليه ؟؟.

         9- مصدر النظافة والأناقة والرشاقة:
            صحيح أن الراحة النفسية والسعادة إحساس داخلي بالأساس، ولكن يظل المظهر الخارجي في الغالب الأعم ينطلي على نوع الأفكار والمواقف التي يتبناها صاحبه، فالنظيف كما يقول مالك بن نبي :"يتبنى الأفكار والمواقف النظيفة ولا يمكن للممزق المسجون بين الأسمال أن يعيش بغير أفكار الفقر المتسخة والتعاسة"؟؟، و كم يشعر المؤمن بالراحة عند الوضوء والطهارة والصلاة،وكم يشعر الإنسان عموما بالراحة عند الاستحمام والاستجمام، إلى درجة أن كل الديانات  قد جعلت للتعميد والتطهير بالماء واللعب فيه والترفيه به طقوسا ممتعة وقدسية لا مثيل لها، فقط لأنه يمنحنا النظافة والطاقة الإيجابية بل يمنحنا الحياة:قال تعالى:"وجعلنا من الماء كل شيء حي"؟؟. ومن النظافة القيام بسنن الحياة الفطرية  من قص الشارب و إعفاء اللحى وإكرام الشعر و تقليم الأظافر وحلق العانة واستعمال السواك أو نظافة الأسنان والختان والاستنشاق والاستبراء من الخبائث،وتمايز الذكور عن الإناث وعدم التشبه بالأغيار من المجوسيين والوثنيين..إلى غير ذلك،

         وقد حاولت الموضات التافهة إهمال هذه السنن الفطرية بل معاكستها دون جدوى، لأنها لم تجلب على أصحابها إلا حيرة الانحرافات الفكرية وأمراض الحقن السلوكية وتعاسة الأوساخ البيئية؟؟. والأناقة كلنا قد جرب ولا شك تأثيرها الإيجابي على النفس أيام العيد ولبس الجديد، وكلنا يعلم ما يحدث بين الزوجين من تآلف وانجذاب بينهما من مجرد اللباس الأنيق والتسريحة الجميلة والرائحة  المتميزة والتحية الدافئة والمعاشرة الطيبة المفعومة بالحب والإخلاص والوفاء وكلها من السلوكات الإيجابية التي رفعها الإسلام إلى درجة الواجب،غير أن الأناقة والجمال وبما ينعشان به الروح و يلهبان به الجسد ويفتحان به النفس، لا يشترط فيها الجديد والغالي لزوما بقدر ما يمكن تحقيقها فقط بالمتناسق من اللباس والحلاقة والعطور والألوان حسب الجنس والمقام و المرحلة العمرية و نوع العمل والفصول السنوية والإمكانيات المادية،على أن تتجنب المحاذير الشرعية في ذلك إن وجدت؟؟، أما الرشاقة  فمن نافلة القول أن البدانة المفرطة هي مصدر كل الأمراض المزمنة والمتاعب الصحية المعاصرة ؟؟.

10- وأخيرا المصدر الدافق وهو الابتسامة:
             و الابتسامة في الحقيقة هي  بلسم الإيجابية والسعادة وينبوعهما المتدفق وأهم معلم ظاهر ودائم على صاحبيهما، الابتسامة علامة الأمن والطمأنينة والسلام بين الناس، و رسول الاستعداد لتقاسم الفرحة والسعادة مع الآخرين، علامة دفىء النفس وخلوها من الضغائن والأحقاد وتغلبها على الكبت والحرمان، و معيار الرضا بالقضاء والقدر خيره وشره، مغناطيس الانجذاب الجماعي إلى تيار الحياة الإيجابية وشامتها الساطعة ومنارتها الشامخة وبهوها الفسيح وصلاتها الصوفية الصرمدية، الابتسامة خير ملطف للأجواء المتوترة في البيت وفي الشارع وأماكن العمل وأنجع مقاوم ميكانيكي وأطوماتيكي للصدمات المتبادلة بين المتنافرين والمتصارعين، وطبعا من لوازم الابتسامة الصادقة عذب وسحر الكلام عند التحية والسلام وغيرها من التعاملات اليومية في البيت والعمل كقولنا : "شكرا ..وعفوا ..ومن فضلك ..ولو سمحت..شكر الله لك وأحسن إلينا وإليك"؟؟،

          فتبسموا يرحمكم الله تتبسم لكم الحياة، وكن جميلا ترى الوجود جميلا على قول "أبي ماضي"،تبسموا تنمحي في أعماقكم الضغائن وتنبعث منها  الرحمات، وقد كان من قبلنا يتبسمون في وجوه أقوام لا يحبونهم حتى،تبسموا حتى تميزوا بين البسمة الفطرية الطبيعية والمشروعة للذكور والإناث وبين الخضوع  المريض في القول وما يؤدي إليه من الخلاعة والسفاهة، تبسموا تؤمنوا لأنفسكم ولغيركم أجواء من الطاقة الإيجابية فكرة وعبرة،بلسما وشفاء وحافزا لكم ولليائسين والقانطين الذين سترسمون على وجوههم ولا شك كل معاني الغبطة والسرور في الحياة، تبسموا في وجوه إخوانكم تكثروا لكم  من الصدقات والصداقات، تبسموا يا ملوك العبوس في العالم فما افتقر ملك شيئا من افتقاره إلى المحبة والبسمة التي لا تحمله إلا على الرحمة والعطاء والوفاء..، إلا على الرحمة والعطاء والوفاء؟؟.
الحبيب عكي



اقرء المزيد
http://akkioasisdesarticles.blogspot.com/

بلاغ إعلامي


اقرء المزيد

الاثنين، 9 مارس 2020

http://akkioasisdesarticles.blogspot.com/

10 مصادر أساسية للطاقة الإيجابية 1/2

        كما أن روح حركة الأشياء من الوسائل والمعدات واشتغالها هي من الطاقة المناسبة، فكذلك الإنسان إكسير حياته و حيويته وسكينته وسعادته من الطاقة والطاقة الايجابية، وإن كانت الطاقة الأولى قد تكون حركية أو سكونية، كهرمائية وقودية أو حرارية شمسية أو ريحية متجددة، فإن الطاقة الثانية هي تلك الروح والمادة و تلك الفكرة و العبرة أو النظرة و الإحساس وذلك الماء والهواء أو غيره من المأكولات والمشروبات والملبوسات أو الممتلكات والمقتنيات والممتطيات..،التي تدفع الإنسان نحو الاستقرار والإيجابية والإنتاج والشعور بالفرح، أو بالعكس قد تدفعه نحو القعود والسلبية والإحباط والتذمر والكآبة والحزن، الطاقة إذن إيجابية محركة منتجة مفرحة أو سلبية مقعدة محبطة مدمرة، ويحتاج الإنسان أي إنسان من أجل حياة مفعومة بالإيجابية والحيوية والفعالية والطمأنينة وتحقيق الذات وأهدافها وسعادتها إلى الطاقة الإيجابية وفي ثلاثة مجالات على الأقل نفسية و فكرية وجسدية، ترى ما هي مصادر هذه الطاقة الايجابية والحيوية،خاصة في هذا العصر الذي يبدو فيه أن آبارها قد جفت أو تكاد و أن اليأس والكآبة والإحباط والضجر والاضطراب والأمراض والحروب والشكاوي قد سيطرت على الكبار والصغار من العالمين أو تكاد؟؟.

1-                مصدر الإيمان والعمل:
            الإيمان بالله تعالى وما دعا إليه من قيم الحياة الإيجابية،وهي المنقذة من الحيرة والضلال ومن العبث والاضمحلال، الإيمان الحي الفاعل في صاحبه النافع له ولمحيطه بما يجيب عن الأسئلة الوجودية الكبرى من أين؟ وإلى أين؟ وكيف؟ ولماذا؟وما هو الفضل؟، وبما يمنحه لنا من عقيدة سليمة سلمية وتصورات واضحة حول الكينونة والكون والكائنات وما ينبغي أن يسود بينها من علاقات وتصرفات،لا يقدر الله في علمه وفي غيبه على الجميع إلا الخير، الذي يحمل المؤمنون به والمهتدون إليه على الطاعات والفضائل ويزجرهم عن المعاصي والرذائل والضيق والندم،والعمل يصدق ذلك أو يكذبه،والموفق الموفق من كانت له أهداف إصلاحية كبرى و وفقه الله للعطاء فيها والصبر عليها فاستحق أن يكون ممن استثناهم من الخسران فقال:"إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات.."العصر/3 ؟؟.

2-                مصدر المسؤولية والقصد:
          المسؤولية في اتخاذ الأهداف الكبرى والواضحة والواقعية والتي يعيش من أجلها الإنسان،مدركا أهميتها مؤمنا بصوابيتها ومستعدا للتضحيات والعبادات التي تستلزمها،والمسؤولية في اعتبار العديد من مجريات الأمور هي من صنع الإنسان وتغييرها أيضا من قراراته:"كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ"المدثر/38، لذا لابد له من قصد واضح يجنبه الحيرة والتيه وتكون له  رؤية ومخطط وبرنامج و وسائل وإمكانيات ومهارات ومؤشرات وتقييمات وتقويمات..من أجل هذه الخيرية في الحياة؟؟، وكما يقال:"من ليست له أهداف فهو جزء من أهداف الآخرين" وقال تعالى:"أفمن يمشي مكبا على وجهه أهدى، أمن يمشي سويا على صراط مستقيم "الملك/22؟؟.

3-                مصدر الثقة وتقدير الذات:
           الثقة بالنفس وتقدير الذات وإمكانياتها وكفاءاتها ومواهبها وإنجازاتها فهو المحفز على إمكانية الفعل والعمل، تلبية حاجاتها النفسية والعاطفية وغيرها قدر المستطاع لأن المحروم طالما انشغل بحرمانه بل وحرمه من الاقتداء به،والثقة بالآخرين وتقديرهم وتقدير ما يملكون من مهارات وما به يتصفون وما يستطيعون وهو المشجع على إمكانية المخالطة والتفاعل والتعاون على الخير مع الغير، وهو أمر ضروري ما لم يرى المرء   شحا مطاعا أو هوى متبعا أو إعجاب كل ذي رأي برأيه؟؟، نعم،لا ينبغي طغيان التوجس من الآخرين ما لم تكن دواعي مؤكدة على ذلك، كما لا ينبغي مقارنة المرء إلا بنفسه و لا يومه إلا بأمسه، وإلا عاش الإنسان مضطربا معزولا...، وفي الحديث:"المؤمن لين هين إلف مألوف،ولا خير في من لا يألف ولا يؤلف"رواه الترمذي؟؟.

4-                مصدر التفاؤل والأمل:
           فالأمل دافع إيجابي وباصم على الجدوى، والعمل برهان وباصم على حسن التوكل، بعدهما يكون الإنجاز المرغوب والتراكم المطلوب وهما أكبر ينبوع للإيجابية وقمتها، إن الناس تدافع الأقدار بالأقدار حتى غدا دوام الحال من المحال وغدا تحول الأسوأ إلى الأفضل ممكن، ولكن فقط  بالأقوال الصادقة والأفعال الناطقة لا بمجرد الأقوال الحالمة ك"قاعد يبني القصور والعلال"، فلنتذكر دائما أن الكلمة مسؤولية وفعل،وأن العمل = قدرة + إرادة، ولن يرى النور عمل تغيب فيه القدرة الحقيقية بمفهومها الشامل أولا تجسده قوة الإرادة، قال تعالى: "وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون"التوبة/105؟؟.

5-                مصدر الاعتدال والتوازن:
           الاعتدال ففي الحديث:" إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ، وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلاَّ غَلَبَهُ،فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَ أَبْشِرُوا"وفي الحديث:"إنَّ هَذَا الدِّينَ مَتِينٌ فَأَوْغِلْ فِيهِ بِرِفْقٍ،إِنَّ المُنْبَتَّ لَا أَرْضًا قَطَعَ وَلَا ظَهْرًا أَبْقَى "،والشمولية بفعل شمولية الإنسان الروح والجسد والنفس والفكر والقلب ينبغي أن يهتم الإنسان بكل ما يحفظ عليه هذه الشمولية التي تمثل بحق رأسمال إيجابيته، من هنا هدف الأصوليون والمربون إلى ضرورة حفظ الكليات الخمس للدين الإسلامي والتي لا تستقيم الحياة إلا بها، حفظ الدين + حفظ العقل + حفظ البدن (الدم والنفس)+ حفظ المال + حفظ العرض والشرف. ولا ينبغي أن ينمو جانب نموا سرطانيا على حساب الجوانب الأخرى وإلا تشوهت النفس البشرية  واستحال عزفها المتناغم كما يقول المرحوم "محمد قطب"؟؟. وفي الحديث:"إن لربك عليك حقا،وإن لنفسك عليك حقا، وإن لأهلك عليك حقا،فآتي كل ذي حق حقه"رواه البخاري، وفي الحديث أيضا:"على العاقل ما لم يكن مغلوبا على عقله أن تكون له ساعات،ساعة يناجي فيها ربه، وساعة يفكر فيها في خلق الله،وساعة يخلوا فيها إلى حاجته من المطعم والمشرب"،هذا لمن قد يهمل حق نفسه أو حق أهله،فلا يسوقه ذلك إلا إلى الندم والنكوص  يوما ما وعدم الايجابية؟؟.

6-                ممارسة الهواية والنشاط البدني:
           وذلك يستوجب على المرء مهما كانت انشغالاته أن تكون له هواية يهتم بها إبداعية أو اجتماعية أو فنية أو رياضية خاصة، كممارسة نشاط تطوعي خيري نافع،أو فن من فنون الدفاع أو لعبة من الألعاب الرياضية المعروفة، أو فقط المشي في الهواء الطلق،في الطبيعة الخلابة والتنزه المنتظم بين أحضانها أو التأمل في عظمة البحر و روعته رفقة الأهل و الأبناء والأصدقاء، وشرب الماء الرقراق الصافي و أكل الطازج والموسمي من الخضر والفواكه وبالنوع والمقدار الذي يناسب نوع عملنا ومرحلتنا العمرية، وكل ذلك مما يعين على الراحة النفسية وتجديد الطاقة وحفظ الصحة والنظارة ويبعث فينا السرور والغبطة و الأمان ويدفع الضغوط عن النفس و يجنبها التواترات المدمرة، حتى قيل:"إن الطبيعة قرص ضد كل الهموم ومتنفس لكل المشاكل"؟؟. (يتبع)
الحبيب عكي



اقرء المزيد

الثلاثاء، 3 مارس 2020

http://akkioasisdesarticles.blogspot.com/

في الايجابية وثقافة المشروع والمساهمة في الإصلاح؟؟

        كثيرا ما يقف المرء على أمر مجتمعي مقلق فيقيم الدنيا ويقعدها ولا يتغير شيء،بل ربما مرت الأيام وتغير ذات المرء وغيره ليعتادوا على الأمر المقلق ويطبعوا حياتهم معه،بل ربما ألفوا رداءته وحاربوا من حاول بعدهم التغيير فتستفحل الأمور وتزداد تعقيدا؟؟،وقد يمر المرء بالمقابل على أمر طيب مفرح فلا يبالي به ولا يعتبر نفسه معنيا بدعمه واستمراره أو بنشره وتعميمه،وقد تمر الأيام وتنال من الأمر الطيب وتضعفه ربما إلى درجة قد تجمده أو تزيله لتجد الناس بعدها يتباكون عن يوم لم ينتبهوا إليه ولم يدعموه كما يلزم حتى يحافظوا عليه؟؟.إن التباكي عن الأمور الطيبة لا يغير من الواقع شيئا،والتطبيع مع الأمور السيئة لا يزيد الواقع إلا سوءا وفسادا،بل الذي يغير ويصلح هو فعل الإنسان وتدخله المشمول بعناية الله تعالى وتوفيقه،من هنا استعمر الإنسان في الأرض وحمل أمانة الاستخلاف،وكلف بالدعوة والإصلاح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر،وشرع له دعم الخير ومحاصرة الشر والتعاون على ذلك مع الغير بدرء الممكن من المفاسد وجلب الممكن من المصالح،وتلك بصيغة أخرى أهداف المشاريع ولغتها التي ينبغي أن نتدرب عليها ونتقنها،فبقدر ما يتحقق بها من القيام بالواجبات تصبح منها؟؟.

دعك من كوننا نحتاج إلى مشروع الثقافة لا إلى ثقافة المشروع،ودعك من كون العديد من الجمعيات التي سعت وراء المشاريع والتمويلات قد حادت بها عن مشاريعها الأصلية والأساسية،التربوية والثقافية،التكوينية والإشعاعية مقابل تمويلات قد تأتي وتمضي بشيء من التجهيزات ودون أي شيء من المنتوج الفكري أو استيعاب بشري يذكر،ودعك حتى من أيهما أجدى مشروع تمويل لبناء "خصة" أو تركيب مصابيح كانت موجودة في الشارع العام فكسرها المواطن،أو مشروع لتربية هذا المواطن على احترام الملك العام حتى لا يكسر المصابيح أو يعطل دورة المياه هذه أصلا فلا نعيد تركيبها ولا بنائها؟؟.المشروع ليس مرتبطا بالدعم المادي ضرورة،بل بالتغيير والإصلاح أولا،وبالتعاون والمشاركة أيضا،ولا تعدو أن تكون فيه المسألة المالية إلا وسيلة من الوسائل قد تكبر أو تصغر ولكن أبدا لا تتوقف عليها كل المشاريع،فإنشاء جمعية مثلا مشروع،وتدبيرها مشروع وإعداد أنشطتها وإنجازها مشروع، وشراكاتها ومشاريعها أيضا كذلك،تربية نشء وتخريج قادة،تعلم علم و إتقان لغة...،كلها مشاريع بما تعنيه من تفكير قبلي شمولي مفصل ومحيط،بدءا من الإشكال والفكرة والدواعي،إلى وضع المشروع وتحديد الهدف العام والأهداف الإجرائية،مرورا بمختلف مكونات المشروع ووسائله وجدولته الزمنية للتنزيل،وانتهاء بالميزانية والطاقة البشرية المتدخلة والداعمة والمقومة...؟؟،والأكثر من ذلك كله هو العزم الأكيد على التنزيل الميداني ومكابدة المستجدات والعقبات الواقعية،فالمعروف أن التسويف والتواكل وتقاذف المسؤولية يضيع الإصلاح،وسبب ذلك فقدان الإيجابية والمبادرة وسيادة النفس ألتيئيسي المقعد؟؟.

فأين نحن من إعداد المشاريع،من التخطيط والبرمجة والانجاز والتقويم والتوثيق والإعلام؟؟،أين نحن من لغة التغيير والإصلاح الحقيقي التي لا نتقنها؟؟،أين نحن من ثقافة التخطيط الاستراتيجي والأخذ بالأسباب،من وضع الرؤية والرسالة والمخطط المتكامل والبرامج المتماسكة والتي لا تتجاوزها الأيام في مداها القصير أو المتوسط؟؟.أين نحن من رصد الحركة المجتمعية لمعرفة الهيئات والمؤسسات والشخصيات والفعاليات التي تسير في اتجاهك الإصلاحي وتدعمك،أو التي تسير عكس ذلك فتحاربك أو تشوش عليك؟؟.أين من مشاريعنا للانفتاح والتعاون والتنسيق في الخير مع مع الغير،خاصة وأن جهود التنمية وجهادها يسع الجميع ويحتاج إليه؟؟،أين من مشروعنا إشاعة هذه الثقافية في الجمعيات والتعاونيات والمؤسسات والأحياء السكنية وغيرها من الهيئات الرسمية والمدنية؟؟،وكم سيكسب الجميع بانتشارها وتجدرها في حياة الفرد والمجتمع وفي أبسط الأمور كما في أعقدها؟؟،كم مرة يحتج المرء على أمر مقلق في أسرته أو حيه أو مؤسسته أو قطاعه مثلا،فإذا قلت له ما هو الحل وماذا تقترح من بدائل؟،قال لا أدري؟،يعني أن المهم أن الأمر ليس من مسؤوليته بل من مسؤولية الغير؟،وهذا الغير لا يتحرك في الغالب بدون مشاركة غيره،وغيره هذا ينتظر غيره...؟؟،ولا يسعف في كل هذه الأوضاع الانتظارية غير ثقافة المشروع والتدبير التشاركي والمساطر المواطنة المتعاونة،يعني ثقافة المخطط والمشروع التي تتيح للجميع التفكير الدقيق والشامل حول الإشكالات المطروحة ورصدها وتشخيصها،كما تتيح المشاركة الجماعية حول الممكن والمفيد والأرخص والأسرع  والأجدى من الحلول ؟؟؟.

         إن إعداد المشاريع ذاتها ثقافة خاصة ولغة أكثر خصوصية،فأي إعداد يناسبك كفرد أو جماعة،كتربوي أوتنموي،في وضعك المحلي أو الجهوي أو الوطني والدولي،إعداد بالأهداف أم إعداد بالنتائج أو إعداد بالتشارك وبالفحص قصير المدى(D.C.A)؟؟،هل يدرك المرء حقا ما بين الغايات والأهداف والوسائل والمؤشرات من اتصال وانفصال؟؟،وما يرتبط بكل منها من أفعال إجرائية أو سلوكية تغييرية وبنائية كمية وكيفية استراتيجية عميقة أو مرحلية تكتيكية...؟؟.هل يستطيع المرء أن يبني مشروعه على تشخيص حقيقي وحاجيات غير وهمية؟؟،وكيف يمكن أن يقوم بذلك والأمور تتغير في كل يوم وتتجاوز في كل ساعة،مما يجعل العديد من المشاريع مجرد تفكير آني  و ورقي وفي الزمن الماضي تموت قبل أن تولد؟؟،أو قليلة وعديمة الجدوى حتى لو دعمت بالملايين وأطعمت بملاعق من ذهب؟؟.ما قدرتنا على تعبئة الشركاء والفاعلين والمستفيدين والعاملين والحفاظ على جسور التعاون مع الجميع،خاصة إذا كان المشروع ذو أرباح معنوية أكثر منها مادية؟؟.كيف هي قدرتنا في البحث على الممولين والداعمين المحليين والوطنيين والدوليين عند الحاجة؟؟،وكيف هي قدرتنا في التفاوض والدفاع عن المشروع وفرض قيمته المضافة بكل إقناع واستحقاق أمام لجنة التحكيم والاختيار حتى لو كانت منحازة؟؟.كم مشروعا قوبل لنا وبأية مواصفات؟؟،وكم دبر من مشاريعنا المقبولة بنجاح وبأي عائد تربوي ودعم جمعوي؟؟. كيف هو نظامنا التربوي في الأسر والمدارس والجمعيات مع البحث العلمي التنموي والسوسيو ثقافي،مع الفكر المشاريعي ونحن نسمع عن المشروع الشخصي للتلميذ ومشروع المؤسسة و فكر الابداع والاختراع والمقاولة والإدماج والمواطنة وحقوق الإنسان؟؟. وكيف نحن مع التوثيق والإعلام والتسويق حتى يستفيد من تجاربنا الآخرون هم في أمس الحاجة إلى ذلك كما نستفيد نحن من تجارب غيرهم في الشرق أو الغرب ممن سبقونا إلى ذلك وتقدموا به خطى ثابتة في اتجاه تجاوز التخلف والأزمات،والرابح على كل حال هي ثقافة  التقاسم وتراكم الإنجاز التنموي على مستوى البلدان؟؟.

         خطوات ولاشك مضنية ومعقدة وليست في استطاعة الجميع ولكن لابد منها بقدر ما نتوفر على قيم الإيجابية والمسؤولية والمبادرة،لأنه ليس دونها غير العبث والارتجال والغرق في متاهات المتاح وهي لا تجدي والطوارىء التي لا تنتهي ولا تزيد بنا نحو تحقيق الأهداف والمقاصد بل بالعكس،الأمر صعب ولكنه بالتدريب الهاوي والمحترف وبالتكوين المحلي والوطني قد تتملك قواعدها وأسرارها فيصبح الأمر عندك سهلا ولعبة مسلية وممتعة في نفس الوقت؟؟،الأمر صعب ولكنه الطريق المعبد الذي سلكته المؤسسات والدول التي غيرت أوضاعها إلى الأفضل في الشرق وفي الغرب،فهل نسلك طريق التنمية العالمية أم نكتفي بمجرد إتقان معظم لغات العالم واستهلاك صناعاته و منتجاته بعيدا عن إعداد المشاريع وهي لغة التغيير الحقيقي ولغة التنمية البشرية الشاملة والمستدامة؟؟.

قصم ظهري رجل يقول أنه ليس لديه هدف يحركه لأي شيء وهو سعيد في أسرته منشغل مع أبناءه مستقر في عمله الذي يشرف فيه على التقاعد...لا تنتظره ترقية ولا امتحان وليس لديه سفر ولا بيع ولا شراء ولا مقاولة،فعلى ما سيقرأ و لما سيتحرك؟؟،من يرغب اليوم في أية خبرة أو تجربة أو إبداع فيحركه،من يحمل هما غير مصلحته الشخصية؟؟.لكن وجدت بعض السلوى فيما يحكى من أنه كان هناك في مناطق الجنوب أيام الاستعمار وبينما كان الناس يحتجون ضد المستعمر وتدخلاته الفجة ضد الهوية الحضارية والخصوصية الوطنية،كانت ردة فعل أحد فقهاء المنطقة ومشروع مقاومته أن جمع ثلة من أبناء المنطقة يحفظهم القرآن الكريم ويعلمهم العلوم الشرعية،ولم يمضي وقت طويل حتى اشتهرت مدرسته العتيقة وأقبل عليها الطلبة من المناطق المجاورة ودعمها الوطنيون الغيورون،فكان من ثمراتها الطيبة والسريعة أن تخرجت منها أفواج من الفقهاء العالمين العاملين سرعان ما انتشروا في تلك الربوع وغيرها من الربوع الوطنية،ليحافظوا أولا على تدين الناس وهويتهم والقضاء في نوازلهم بدون قوانين وضعية ولا بدع ولا خرافات،بل ويساهموا من مكانتهم في المقاومة والتحرير مساهمة لا تقل عن مساهمة غيرهم من الفدائيين والوطنيين،إنها لغة التفاؤل والأمل والإيجابية والمشاريع الكيفية والكمية،أو لغة التغيير والإصلاح الحقيقي والذي وحده ووحده فقط يقود الأشخاص والأسر والمؤسسات والجماعات والمجتمعات إلى الأفضل،والذي معه ومعه فقط نتغلب على اليأس والإحباط ويرشد القول والعمل ويكبر التفاؤل والأمل ؟؟؟.

الحبيب عكي

اقرء المزيد

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

المتابعون

المشاركات الشائعة