Top Ad

الأحد، 18 أكتوبر 2020

http://akkioasisdesarticles.blogspot.com/

خواطر من وحي رواية عشاق الصحراء

 

          ولاشك أنني قد كنت محظوظا هذا الأسبوع، حيث قرأت رواية "عشاق الصحراء" للكاتبة والأديبة المغربية "زبيدة هرماس"، استزادة لبعض الوعي الوحدوي والثقافة الوطنية خاصة في زمن هذه المناوشات الانفصالية في مدينة "العيون" ومعبر "الكركرات" والتي حتما ستبوء بالفشل، كانت في الحقيقة رواية شيقة مليئة بالأحداث وبكثير من الحبكة والسلاسة وعبق السرد التاريخي والسياسي والاجتماعي حول القضية، لا أراه إلا خيرا من ألف مؤتمر ومؤتمر، وتستحق ترجمتها إلى تحفة فنية مسرحية وسينمائية، ومن أجل توعية الأجيال وتحميلها مشعل الأمانة، وجب توفير الرواية في كل المكتبات المدرسية والخزانات الجماعية، واستثمارها كمرجع غني ومفيد للأنشطة الجمعوية الترفيهية والترافعية؟؟.

          الرواية من الحجم المتوسط، عدد صفحاتها 285، من مطبعة طوب بريس 2011، لمبدعتها الكاتبة والأديبة المغربية "زبيدة هرماس"، عضو المجلس العلمي بالبيضاء وعضو رابطة كاتبات المغرب، لها سبع روايات وهي تصور في هذه الرواية الصراع المحتدم والمفتعل في الصحراء المغربية ومختلف أطرافه، الصحراء ببيئتها الخلابة، المستعمر الإسباني الغاشم (الكولونيل إيمانويل)، المقاومون (الشيوخ أحمد ومحمد)، الخائن(سالم النخلة)، أبناء سالم من بعده(محمد ومصطفى ومولود)، الجنود الإسبان ومغامراتهم (خوسي و ريكاردو وخوليو..)، انفصاليي المخيمات في الداخل والخارج بوهمهم والجحيم الذي جعلوا البلاد والعباد يعيشون فيه، كل هذا في ثمانية فصول ممتعة وهي "عشاق الصحراء".."العاصفة".."المغامرة".."اللقاء".."المسيرة".."المصير".."السفر".."العودة"؟؟.

          ولأني لست أديبا روائيا ولا ناقدا سينمائيا، فلن أدخل إلا في ما قد يحفز على قراءة الرواية التي تبقى ضرورة وممتعة ولا تغني عنها وعن تفاصيلها وخيالها الفياض كل الشهادات والحكايات، ومن ذلك بعض ما ورد في أهم ذخائرها:

1-    الخيمة الثابتة في الصحراء: بكل حمولاتها و طقوسها الإيجابية، فهي ملتقى أهل القبيلة في الأفراح والأعراس، وهي مأوى لصلة الرحم بينهم، والسمر على تقاسم روائع الأشعار الحسانية والمعلومة الدينية والحكمة الأدبية والطرفة الترفيهية واللعبة التقليدية..، إلى جانب الحوارات السياسية والاجتماعية وقيادة المقاومة بالتخفي، وعقد الصفقات التجارية والتحالفات بين القبائل..، وكل ذلك على كؤوس الشاي المعتق، في أجواء من الكرم والأهازيج الصحراوية والزينة والبخور الطيبة الفواحة وغير ذلك مما تفتقده المدنية الحديثة؟؟.


2-  علامات وآليات الحياة في الصحراء: وهي التي تحافظ على عذرية ونقاء تعامل الإنسان مع الطبيعة وتمثله السلم للبيئة، وهي علامات مرشدة أحيانا، معينة أحيانا، ونبع الحياة في كل الأحوال، كل من حاد عنها أو أراد تجاهلها إلا ضل وخاب وربما تاه وهلك، ومن ذلك علامات: الناقة سفينة الصحراء..اللثام بوصلة اتجاه الرياح وضدها.."الملحفة" و"الدراعية"اللباس متعددة الاستعمالات..القبيلة حضن الجميع..شيخ القبيلة المرجع الديني والسياسي والاجتماعي..النجم والقمر..الماء والتمر واللبن..النملة..الطيور علامات الحياة والقرب السكني..العاصفة و"الطيوطا"والهاتف والبوصلة والزاوية..؟؟.


3-  جبروت المستعمر الإسباني الغاشم: يحل ويقيم عنوة في الصحراء، يشك في كل شيء ويعمل على تدميره أو استغلاله، يعمل على استقطاب متعاونين إغراء لهم أو بالرغم منهم ، يزرع الفتنة والفرقة بين القبائل ويحملها على التناوش، همه التوسع والمصالح التجارية والاستعباد، سلوكه العربدة والسكر والليالي الماجنة، سياسته إهانة شيوخ القبائل والتعامل معهم بالتعالي وقطع أواصر ارتباطهم بالوطن وبالسلطان؟؟.


4-  والاستعمار ديني حقيقي وموازي: ويتجلى في مجموعة من السلوكات الاستفزازية لبيادق المستعمر، لا ينفكون عن التصرف بها إمعانا في معاداة عقيدة الساكنة المسلمة في الصحراء، ومن ذلك حمل الصليب والعذراء والإنجيل، تمزيق وريقات القرآن الكريم مما يجدونه في جيوب المقاومين الشهداء والأحياء، إحراق مكتبة "السمارة" للشيخ ماء العينين، أسر الأسر المسلمة وإرسال أبنائها إلى القداس المسيحي وطقوسه، تعليمهم اللغة الإسبانية للمستعمر على حساب لغتهم العربية، منعهم من زيارة ذويهم لصلة الرحم، توزيع بعض أراضي الرعي على القبائل بقانون الغاب..؟؟.


5-    سلوك الانفصالي بعد غسل الدماغ: الانفصالي(مولود ولد سالم) رغم أنه ترعرع في الثكنة العسكرية للمستعمر مع إخوته (محمد) الذي أصبح عالم القبيلة وإمامها، و(مصطفى) تاجر المدينة، فقد ذهب ضحية هجرته من الوطن وإقامته بين (لاس بالماس) وإسبانيا والمخيمات، مما جعله يتعرض لكثير من غسيل الدماغ و الوهم الإعلامي والتأثر بالفكر الشيوعي الثوري الانفصالي وجحيم الحياة في المخيمات، فلم يعد يصوب فوهة مدفعه إلا نحو إخوته و قبيلته ووطنه بكل أنواع الشر والأذى، ولم يفق من هذا الانحراف الفكري والسلوكي إلا بعد الزيارة التي قام بها لأرض الوطن والتي وقف فيها على عشق الدفىء الاجتماعي وبحبوحة البناء والتنمية التي تنعم بها أقاليم الصحراء على عكس ما كان يروج له إعلامه الانفصالي المغرض؟؟،


6-    سمات الخائن وصراعه النفسي: وأما الخائن (سالم النخلة) فبعد أسره وأسرته من طرف المستعمر وضغطه عليه بوضعيته الصعبة، أصبح دليله في الصحراء ومترجمه بين القبائل التي تحتقره رغم أنه يحاول التورية عنها أحيانا، يحتقره القائد العسكري (إيمانويل) كذلك ويتعامل معه بمصلحة، عذبه مدلى على ظهر الجمل حتى كاد يقضي، ورغم ذلك فقد ظل يعيش بين المطرقة والسندان، بين الخيانة و الواجب الوطني و وضعه الأسري الممزق، ولم ينقده إلا توبته بعد العاصفة وهجرته إلى قبائل "أيت باعمران" بعدما لفظته قبيلته، ليبدأ هناك حياة جديدة، ويشارك في المسيرة الخضراء التي حررت الصحراء؟؟. وهو القائل في أعمق لحظات مراجعته: "أيها الوطن العزيز،إلى متى سأشرب مائك وأتنفس هوائك، وأنا الذي يغمس في سرادب الخيانة والعمالة، أعز ما لدي هو أنت، صدقني فأنت لحد الآن تقبلني وأنا الذي لم أقبلك بعد، العتب علي..العتب علي.. "ص 21؟؟.


7-      بين الجنود الإسبان والمقاومون الصحراويون: جنود الاستعمار لا يعرفون غير تنفيذ الأوامر، غير الإيقاع بأكثر الضحايا، غير الحرص على الترقية والترفيه، غير ادعاء حب الجمهورية والاستجابة لندائها ولو بأبشع الجرائم البشرية، مقابل ولو وجبة سمك طري شهي، أو قارورة خمر وعلبة سجائر أو ليلة مع مومس عاهر؟؟، بينما المقاومون يجاهدون بدافع الدين، ويفدون الوطن بدمائهم، ولا ينتظرون شيئا غير الأجر والثواب وشرف الشهادة والحرص على الوحدة الوطنية والسلطان الشرعي اللذان يحفظان لهم دينهم واستقرارهم، هم يأخذون عن الشيخ العالم بينما غيرهم عن الجينرال الظالم؟؟.

       ويبقى الصراع محتدما، وروعة الرواية لم يمنعها من وجود بعض الجوانب التي تحتاج – في نظري – كقارىء إلى إيضاح وسبر غور ومن ذلك:

1-    إبراز اللحظات الأخيرة من حياة "إيمانويل" مع العاصفة.

2-    عدم إبراز دور شيخ القبيلة بالدور الكبير الذي هو عليه.

3-    لا زال مصير زوجة "سالم" الأولى والثانية غير معروف.

4-    مسألة إدماج التطرف الديني في حياة الصحراويين وهي مسألة غير واقعية.

5-    أولاد "سالم"، كيف لم يجمعهم الدين(محمد) والإعلام(مولود) والتجارة(مصطفى).

6-    بعض الأحداث في الرواية أكبر من حياة الصحراويين وما تتميز به من الدعة و الهدوء والسكينة.

7-    أسباب الفكر الانفصالي وما يتسبب فيه من اضطرابات متتالية في الداخل وجرائم شنيعة في المخيمات.

8-    مستجدات القضية و جهود المجالس التشريعية و الاستشارية والمدنية و"المينورسو" والهيئات الدولية.

      وتبقى كل هذه الملاحظات لا تنقص من القيمة الفنية والجمالية للرواية قي شيء، وكل هذه الشذرات لا تغني عن قراءة الرواية التي أجزم أن قدرا كبيرا من المتعة والوعي والترافع في قراءتها مضمونة و زيادة، فشكرا لروايتنا الفاضلة وقراءة ممتعة. 

الحبيب عكي


اقرء المزيد

الاثنين، 12 أكتوبر 2020

http://akkioasisdesarticles.blogspot.com/

الدخول المدرسي و اختلالات مجالس التدبير في ظل جائحة كورونا.

 

       في الحقيقة، ما أكثر الهيئات التربوية والإدارية في المؤسسات التعليمية، بشكل يستوفي لها كل متطلبات التدبير والتسيير والتدوير وإعادة التدوير وزيادة، على الأقل من الناحية النظرية والتصورية لخريطة الطريق التربوية السليمة والمتكاملة والواضحة، مجالس ولجن..أندية وجمعيات..مشاريع ومبادرات..شركاء وفاعلين..، ولكن في الميدان على أرض الواقع، وجود ذلك كله وعدمه في العديد من المؤسسات سواء، إذ لا زالت تتخبط في العديد من المشاكل المزمنة والمستفحلة، تأثيرها في الأول وفي الأخير،على جو العمل والحياة المدرسية الكئيبة وعلى المردودية التربوية المتدنية رغم الجهود الجبارة، مما يجعل تدابير كل ما نرفعه من شعارات مدرسة المصداقية والنجاح و الجودة و المواطنة والإدماج وتكافؤ الفرص..، محل التساؤلات الإصلاحية المشروعة؟؟.

 

         في قطاع المخيمات التربوية في المغرب، أزيد من 20 شراكة بين الوزارة الوصية ومختلف الفاعلين والمتدخلين، ولازال القطاع رديئا مزريا يثير الشفقة؟؟، ولكن يظهر أن الموضوع ليس قطاعيا فحسب أكثر مما هو موضوع سياسات عمومية متبعة ككل، فنفس الشيء يقع في قطاع التعليم أو يكاد، إذ نجد في المؤسسة التربوية مجالس(تعليمية..أقسام..تربوية..تدبيرية..تأديبية..)،وأندية(تربوية..علمية..فنية..رياضية..بيئية..)، ولجن (اجتماعية..يقظة..دعم..مواكبة..استماع..)، وجمعيات(أباء وأولياء..رياضة..دعم مدرسة النجاح..وجمعيات شريكة..)، ومشاريع (المؤسسة..التلميذ..تكوين الأستاذ..)،ونقابات الحقوق والإنصاف(الأستاذ..المدير..المفتش..المتصرفين..)، وكل هذا أحيانا،على بعض مئات من التلاميذ فقط، لو وزع على عدد هم على عدد المتدخلين والفاعلين ما تعدى نصيب كل منهم فريقا من 10 أطفال أو تلاميذ ولا يحسن تدبير أمرهم؟؟.

 

         ولعل الخلل الأكبر بعد السياسة العامة المتبعة في القطاع، يكمن ويظل في موضوع التدبير، الذي يظل في الغالب تدبيرا انفراديا فوقيا عموديا،عاجزا عن أداء روتينه اليومي العادي، فبالأحرى أن يرقى إلى أداء مهامه الجوهرية ويبدع لمستجداته الميدانية ما يلزمه من قرارات لذلك؟؟، فما هي مكامن الخلل في مجالس التدبير كواجهة تدبير المؤسسات؟، وكيف يمكن معالجة ذلك؟؟.

 

         1- خلل في العنصر البشري: المسؤول أو المشارك في التدبير،قد يكون مسؤولا، حسب همته وعزمه وحيويته وإبداعه حسب التخصص و الممكن والمتاح، إذ في نفس المنظومة القانونية والمرجعية التدبيرية ونفس ظروف المؤسسات،نجد البعض أكثر إنتاجا و نجاحا أو أكثر ركودا و إخفاقا من البعض الآخر، حسب الإيجابية والسلبية قبل الجهات والمؤسسات والإمكانيات والعلاقات؟؟.

 

         2- خلل في تكوين المجالس: عندما تكون بشكل صوري، فتولد ميتة ولا يكون لها من المجالس إلا الاسم وملإ التقرير الإداري للمراقبة و الإدارة الأعلى، وطبعا في مثل هذه المجالس تقدم الولاءات والصداقات على الخبرات والكفاءات، وفي غياب لفقه الصلاحيات فبالأحرى الجرأة على ممارستها أو امتلاك وسائل تنزيلها، ليبقى المجلس معطلا وإن انعقد فبدعوة من السيد المدير ومن أجل الدردشات و التوقيعات في بعض الأحيان؟؟.

 

         3- خلل في تقييد الصلاحيات: إذ نجد المذكرات الوزارية والدوريات المديرية، كثيرا ما تقيد اجتهادات المجلس وأعضائه، وبما لا يرونه حلولا ناجعة لما تعاني منه المؤسسة من معضلات على أرض الواقع، وتجعل مهامهم مجرد استشارات وإبداء الرأي في مجالات محددة وبمقترحات مشروطة بموافقة الدوائر العليا أحيانا، فلا قرار لهم مثلا في خريطة مدرسية..ولا محاربة اكتظاظ..ولا فرض انضباط..ولا احترام عتبة نجاح..ولا تبني تعليم عن فرب ولا عن بعد ولا..ولا..ولا حق التفكير أصلا إلا داخل الإطار العام للمنظومة وهو العاجز والفاشل أحيانا في إنقاذها وعلاج مشاكلها؟؟.

 

         4- خلل في هيمنة المسؤول:  عندنا يجعل الاجتماعات من تقريره وتقديره،ويجعل فيها المداولات استشارية لا تقريرية، مصرحا في ذلك بأنه سيتحمل المسؤولية (في قرار يريده) أو لا يستطيع تحملها (في قرار من اقتراح الآخرين ولا يريده)، وقد يقرر المجلس بالإجماع وفي الأخير لا يعمل بقراره بدعوى أو بأخرى، مثلا (تحديد بنية المؤسسة..أو فضاءاتها اللازمة..أو مقرراتها الدراسية..أو فترات ومدة امتحاناتها..أو أولويات مشاريعها وشركاتها..أوعدتها اللوجستيكية..)،ويصبح الأمر وكأنه عملا بالمثل المغربي العبثي (شاورها ولا تدير بريها)؟؟.

 

         5- عزوف عام عن المشاركة: لا من طرف الكفاءات ولا من طرف غيرها،على اعتبار سائد بأن أمر التدبير أمر شكلي وأن الانخراط فيه زيادة إثقال المشارك بدون أي عائد مادي ولا حتى معنوي ولو بكلمة شكر أو شهادة تقدير، وأن أمر إصلاح المنظومة التربوية ولو على مستوى المؤسسات التعليمية، ضحك على الأذقان، كيف لا وكل الأحزاب الوطنية والنقابات الجماهيرية والبرلمانات المتعاقبة قد هرمت من أجل ذلك لعقود وعقود دون جدوى، بل حتى ما يمنح لهذه المجالس من صلاحيات محدودة تعوزها في الغالب إمكانيات التنزيل؟؟.

 

         والآن، قد داهمنا هذا "الكوفيد 19 " كما داهم كل العالم، وكشف المشؤوم عن عورات الجميع وهشاشة القطاع كغيره من القطاعات، خاصة القطاعات الاجتماعية التي طالما قذف بها في طريق التخلف عن الموعد بدل طريق الإصلاح الحقيقي في الموعد، وعلى مدى عقود وعقود سجل قطاعنا المسكين خلافا وتخلفا مع توفير الفضاء التربوي..مع تجهيز الفضاء العلمي..مع محاربة الاكتظاظ..مع تراجع القيم وتدني المستوى المعرفي..مع فرض الانضباط ومحاربة الغش والانفلات..مع رقمنة المنظومة.. وتطوير البيداغوجيات..والتكوين المستمر للفاعلين..إلى التخلف عن الموعد مع الذين فرض عليهم التعاقد..ومع الذين فرض عليهم التقاعد..وحتى الذين لا زالوا وسط المؤسسات يكافحون وينافحون ..كم بينهم وبينها من تقارب أو تباعد؟؟.

 

         التعليم الحضوري وما يتطلبه من احترازات..والتعليم عن بعد وما يتطلبه من معدات وتقنيات ومفاهيم وبيداغوجيات..مجالس التدبير في المؤسسات يمكنها فعلا أن تساهم في تدبير الأزمة وعن قرب وبحلول ميدانية فعالة منقذة ومسعفة، تتجاوز احترام البروتكول الصحي إلى غيره من البروتوكولات التربوية و النفسية وتفعيل الحياة المدرسية وما تخطط له من ضمان المتعة والإفادة للجميع، هذا ممكن، شريطة تفعيل هذه المجالس والتنسيق معها وشريطة اعتبارها كما هي مبدعة حلول ميدانية لا مجرد أدوات تنفيذ لقرارات فوقية، ترى هل سيسمح لها بذلك أم سيحال بينها وبين ذلك، كما حيل بشكل ما في وقت ما، بين الجمعيات المدنية والجماعات الترابية وبين مساهماتها الممكنة بدعوى عدم التخصص و غرضية المساهمة ربما؟؟، ليبقى الجميع غارقا في أدواره التقليدية التي ما عادت تسمن أو تغني في شيء أمام تحديات الجائحة ورهانات التجاوز وحتميتها،"نحن في سفينة واحدة وهي سفينة الوطن"، ولدينا من مقاربتنا وطبائعنا ما يسع مساهمات الجميع، الانفتاح والمقاربة التشاركية واللامركزية والجهوية..والمحلية والمؤسساتية..والمواطنة والتضامن..المسؤولية والمحاسبة، أرجو أن يسعفنا كل هذا أو حتى بعضا منه حتى لا يستطيب فينا هذا "الكوفيد 19" المشؤوم  غزوه وفتكه جولات ..وجولات..في الصيف والشتاء؟؟.

الحبيب عكي

 


اقرء المزيد

الاثنين، 5 أكتوبر 2020

http://akkioasisdesarticles.blogspot.com/

فلسطين بين قوسين..فلسطين بلا أقواس

 

        كثيرة هي التحديات التي تواجهها القضية الفلسطينية في الوقت الراهن، وخاصة كل هذا الطول المزمن الذي لازال يلفها باعتبارها أقدم تصفية استعمارية لازالت تستعر أطوارها الشرسة على أزيد من قرن من الزمن (منذ 1917)،ولاشك أن هذا الطول الممتد عبر خريطة القضية وتضاريسها الوعرة والنتائج التي لا تكاد تتغير، بل تتراجع لصالح المشروع الاستيطاني للعدو المتغطرس وحلفائه المتواطئين، كل هذا ولاشك أحدث نوعا من الإنهاك والتراخي المتنامي في التعامل مع القضية، لا مع بعض الرؤساء المطبعين ولا مع غيرهم من المهرولين، وربما إلى درجة أصبح فيها الدفاع عن الحق المشروع للقضية وأهلها، لا يأتي إلا بين قوسين أو أقواس ليس لنا فيها لا حق الفتح ولا حق الإغلاق:

 

         1- قوس الحركة التضامنية المشروطة بالإثارة من طرف العدو وما يسيله في أبنائنا من الدماء.

         2- قوس معظم التضامن الشعبي بمجرد الشعارات والهتافات وربما بعض الأنشطة والمهرجانات.

         3- قوس عدم جدوى الدبلوماسية العربية في المحاكم العالمية و المحـــافل الدولية.

         4- قوس الانقسامات العربية بين التضامن مع القضية والتحامل والتحريض ضدها.

         5- قوس الهرولة إلى التطبيع والخيانة العظمى.

         6- قوس شيطنة المقاومة والتحريض ضدهــــا.

         7- قوس المتاجرة السخيفة والمزدوجة بالقضية من طرف الدول الكبرى.

         8- قوس الكيل بمكيالين بين أصحاب الحقوق الشرعية والكيان الغــاصب.

         9- قوس عجز المنتظم الدولي عن فرض احترام ما يسمى بقرارات الشرعية الدولية.

         10- قوس المبادرات العربية والدولية وما تعرفه من بهرجة وبلطجة، وفي الأخير ليلغي بعضها البعض؟؟.

 

          لتبقى القضية "بين قوسين" على حد تعبير الكاتب المغربي "مصطفى منيغ"، وكأنها مجرد العواطف (أضعف الإيمان) التي تنتظر الحلول (وقد طال انتظارها) وتشعبت وقائعها وتعقدت مستجداتها ومتطلباتها:

         1- فلسطين القضية واضحة: احتلال..عدوان..استيطان..فقدان السيادة..غياب الدولة..،فأين الحلول؟؟.

         2- فلسطين العقيدة واضحة:الوحدة العربية..الأخوة الإسلامية..الشرعية الدولية..النصرة الشعبية..فأين الحلول؟

         3- فلسطين الإشكالات واضحة:اللاجئين..المهجرين..السجناء..المحاصرين..المطبعين..المنقسمين..فأين الحلول؟

         4- فلسطين الخيبات واضحة: مفاوضات ماراطونية..عدوان دائم على شعب أعزل..استنزاف الطاقات والموارد والمؤيدين والمساعدين..فأين الحلول؟؟.

         5- فلسطين حتى التضحيات والانتصارات والمعجزات واضحة: الصمود والتحدي..المقاومة والاستبسال..حراسة المقدسات في الأقصى والتشبث بالقدس عاصمة أحادية وأبدية..،فلماذا السعي في التطبيع (الذي يبقي المظالم على حالها) بدل السعي في التحرير (الذي يعيد الحقوق إلى أهلها)،ولماذا فرض الحلول المرفوضة والتي تبقي على كل مشاكل الفلسطينيين بل وتعمقها وضمنها:

         1- الاحتلال الغاصب.

         2- الاستيطان وفرض سيادة العدو بشكل أو بآخر حتى على المنـاطق المحررة ؟؟.

         3- الانقسام الداخلي والمس بالوحدة الوطنية بين ضفة "عباس" وغزة "هنية"؟؟.

         4- أزمة الرواتب والمساعدات وجحيم الحواجز والمعابر للاشتغـال في"إسرائيل"؟؟.

         5- الهرولة إلى التطبيع حتى من بعض الداخل الفلسطيني المتمثل في السلطة فداء "أسلو" و"المفاوضات"؟؟.

         6- مقاومة المقاومة والتحريض على حصار  قطاعها و نزع سلاحها و عزل زعامتها واغتيالها قــــــــادتها؟؟.

         7-اللاجئين والمهجرين والأسرى والسجناء والمحاصرين وبعضهم يختزلون القضية اليوم في انفكاكهم ممـــــا هم فيه؟؟.

         8- تهويد القدس وهدم الأقصى  والحفريات تحته ؟؟

         9- عرب 48 ومشاركتهم في الكنيست الإسرائيلي؟؟.

         10-مفاوضات السلام التي لا تؤدي إلا إلى مزيد من الاستسلام،ومزيد من اقتطاع الأراضي وبناء المستوطنات؟؟

         11-هشاشة الموقف العربي الإسلامي بين التخاذل والتطبيع، والانحياز الواضح للمنتظم الدولي اتجاه الكيان؟؟.

         12-الخلط بين الثورة والسلطة وصعوبة الانتقال من الأولى إلى الثانية التي تختزل القضية فيها،رغم أن الواقع غير ذلك، مما يجعل أمل الثائرين وحماسهم ونضالهم والتزامهم يخبو ويتراجع مع هذه المتناقضات؟؟.

        

         وهكذا ستبقى فلسطين امتحانا حقيقيا، لكل مناضل وفي وكل مناصر مخلص، فردا أو هيئة..أو مثقفا أوحقوقيا..أو مجتمعا مدنيا أو أهليا..أو حتى جهة رسمية وشعوبا عربية وإسلامية وغيرها، لكن بأية أدوار نضالية وأية مهام طلائعية وعلى أكثر من صعيد وأكثر من واجهة، مادية ومعنوية، تاريخية وحقوقية، عقائدية واجتماعية..، يتربص بها أعداء داخليون و خارجيون وحتى ذاتيون ومن ذلك:

         1- مقاومة الملل والشعور بالإنهاك،فإنما يربح المعارك الأقوياء على الصبر والإصرار والثبات والاستمرار؟؟.

         2- مقاومة تزييف الوعي بالقضية وقبول غير المقبول من حلولها؟؟.

         3- مقاومة الانسحاب من الميدان والتولي يوم العسرة عن النصرة؟؟.

         4- مقاومة انفراد السياسي بالقضية والتقرير باسمها دون تفويض من الأمة؟؟.

         5- مقاومة الحلول المغشوشة التي تهدر دماء أجيـــال وأجيــال من الشهداء؟؟.

         6- مقاومة أساليب العدو وإفشال خططه في البحث عن صيده وطرائده فــي التطبيع؟؟.

         7- مقاومة النفاق الدولي والكيل بمكيالين طوال تاريخ القضية، والبحث عن سبل إلزامه بالعدل والإنصاف؟؟.

         8- وضع تصور معاصر للقضية يستحضر تضحيات الماضي ولا ينسى تحديات الحاضر وتطلعات المستقبل؟؟.

         9- إبراز الممكن من الحلول، المقبول منها والمرفوض، الآني والمستقبلي(غزة نموذجا)؟؟.

         10- تنظيم أنشطة تربوية وثقافية والتشجيع على إبداعات فنية وكتابات أدبية وحملات اجتماعية تروي عطش النشء في التعرف على القضية و مؤازرتها ونصرتها على أوسع نطاق ممكن؟؟.

         11- التنسيق الممكن بين كل جبهات ومنظمات مقاومة التطبيع القطرية في أفق جبهة مدنية عالمية لنصرة القضية على أرض الواقع و في المحافل الدولية، على غرار كل المجتمعات المدنية الغربية والحيوية لها قضايا وهموم تدعمها و تناضل من أجلها بكل الأشكال وفي كل المحافل، وتحقق في ذلك تقدما ملحوظا على مستوى صناعة القرار القطري والعالمي، خاصة في مجالات الحقوق والحريات والبيئة والمناخ و محاربة الفقر والهشاشة..؟؟.

 

         12- وأخيرا،ضرورة مقاومة الانقسام والصراع الداخلي والحرص على وحدة الوطن والمشروع والعدو          والقضية والمصير؟؟، مع الموضوعية في تقييم الذات الإسلامية والعلمانية على السواء، فعمق تراجع القضية يفضح الجميع، وفي عهدهم تقع كل هذه النكبات الاستيطانية والتطبيعية وغيرها؟؟، وفي هذا الصدد يرى بعض المهتمين بضرورة تجديد القيادة السياسية و النضالية والثقافية والفنية المتصدرة للمشهد،وامتلاك آلية فعالة لذلك؟؟،وفي هذا الصدد يرى كاتبنا المحترم "مصطفى منيغ" في مقاله الرائع"فلسطين بين قوسين":"أن "عباس أبو مازن" قد استنفذ أغراضه وعليه أن يغادر،لأنه لم يعد يقدم للقضية غير التراجع السريع إلى دركات خطيرة وغير مسبوقة وكل شيء فيها يتدهور،إذ منذ 2014 آثر - على ما يبدو - مكتبه المكيف ولم يتحرك إلا للتسول على موائد التظاهرات المناصرة للقضية،حتى ولو كانت مائدة أسوأ جامعة مناصرة للقضايا وهي الجامعة العربية؟؟،وينبغي أن يتم هذا قبل أن توقظ جائحة "كورونا" بالقوة معظم المناصرين لينفضوا رغبة ورهبة عن شيء اسمه وهم القضية أو القضية بين قوسين"؟؟.

         

         نعم،إزاء القضية وطول مسارها وتعقد واقعها وصعوبة مآلها وتعدد أطرافها..،قد ينحرف المنحرفون..ويتراجع المتراجعون..ويستسلم ويتساقط المتساقطون..ويطبع المطبعون..ويهرول المهرولون..ويسترزق المسترزقون..ويبتز المبتزون..وقد..وقد..وكلها مواقف غير مقبولة بكل منطق شئت أو يشاءون، وبنفس المنطق نقول:"لا لفلسطين بين قوسين..نعم لفلسطين بلا أقواس،إلا أقواس القدس والأقصى..وأقواس عكا وحيفا..أقواس النصر في  طبرية والناصرية، أقواس الموت والشهادة وقوفا شامخا..لا أقواس الموت والذل والخذلان ركوعا وخنوعا؟؟.

الحبيب عكي


اقرء المزيد

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

المتابعون

المشاركات الشائعة