Top Ad

السبت، 30 يناير 2021

http://akkioasisdesarticles.blogspot.com/

العوائق النفسية للداعية وكيفية تجاوزها 2/2

 

      تطرقنا في الجزء الأول من هذه المقالة إلى العوائق على مستوى الفرد (08) ثم العوائق على مستوى التنظيم الحركي(08)، والآن:

3- عوائق الدعوة على مستوى المجتمع:

         أيضا هناك عوائق دعوية ومنها:

1-    التشبع الدعوي، عكس الزمن الماضي.

2-    الانفجار الرقمي وما أصبح ينشغل به الناس عن كل شيء.

3-    الحملة الإعلامية المغرضة والمشوشة ضد الدعاة، بالإصرار على تغييبهم عن مختلف المنابر والبرامج، بل وتشويه صورة بعضهم والتحامل عليهم بما ينفر الناس منهم.

4-    التشهير بخطاب الكراهية والتطرف مقابل تغييب خطاب المحبة والاعتدال، ووضع الجميع في سلة واحدة، تجعل كل استجابة تنظيمية عند البعض بداية تطرف وإرهاب لا محالة،"والباب اللي يجي منو الريح سدو واستريح".

5-    سياسة تجفيف المنابع عند البعض، واحتكار إصلاح الحقل الديني عند البعض الآخر، وسياسوية تفعيل قانون الإرهاب في بعض الحالات والملابسات، مقابل التضييق على الحريات العامة ومنع أو محاكمة بعض الجمعيات؟؟

6-    الانشغال السائد للناس في المجتمع بدواتهم بشكل عام، وغلق أبواب منازلهم ومسك فضول أموالهم، وليس الدعاة بدعا من ذلك بقدر أو آخر، فهم في مثل هذا أبناء بيئتهم ومثل غيرهم أو يكادون؟؟.

7-    تراجع حس المواطنة والتضحية بسبب تعاقب سياسات التفقير والتهميش والمس بالقدرة الشرائية للمواطن وحقه في الحرية والكرامة والتنمية المجالية والإنصاف الاجتماعي، ما جعل أجواء التبخيس والتيئيس والنفور من كل التنظيمات  هي السائدة، بحيث لا تتعدى نسبة الانتماء إلى الهيئات السياسية 1%  مقابل حوالي 10 %. لجمعيات المجتمع المدني ومنها الجمعيات الحركية وهو رقم ضئيل جدا؟؟.

8-    ما يبدو من الوصاية المشددة على الحقل الديني والتضييق على الدعاة الأحرار والمستقلين، بعزل بعض الخطباء والوعاظ وعدم مساندة الحركات الدعوية لهم شبابا جريئين متجاوزين كانوا أو شيوخا متزنين مظلومين، فبالأحرى أن يكونوا معارضين ويجدوا لهم مساندين ومن حقهم، وقس على ذلك بعض المواقف الوطنية والدولية التي ينتظر فيها المنتمون إلى التنظيمات الدعوية شيئا من الجرأة والصدع بالحق فلا يكون إلا الصمت والصمت المطبق، إن لم تكن المسايرة للمواقف المرفوضة عندهم؟؟.

 

والآن على مستوى الحلول: نقترح مع المقترحين ما يلي:

1-    ضرورة مراجعة الفرد لعلاقاته مع ربه، فكل اضطراب في نفسية أو سلوك الفرد إلا وهو من خلل في عقيدته أوضعف في عبادته (خذ مثلا اضطرابات التطير والتشاؤم..أو الخوف و الشح..أو الحسد وسوء الظن..، وغير ذلك من أمراض النفس مما يقعد الناس عن العمل وعن البذل والعطاء).

2-    ضرورة الإيمان والإخلاص وبدل الجهد الفردي قبل انتظار الجهد الجماعي، فالدعوة أمر الله ومشروع شخصي قبل أن تكون مشروعا جماعيا، وهو القائل سبحانه:"أدعو إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة" وهو القائل كذلك:"ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين"،(والعمل من أجل الناس رياء وتركه بسببهم شرك، والإخلاص أن يعافيك الله منهما).

3-    مرافقة العلماء وكتب العلم وفقه الواقع الدعوي والاجتماعي والسياسي على السواء، والإلمام بمنازل الإصلاح وأساليب الدعوة وأشكالها ومجالاتها..

4-    الأخذ بعلم النفس التربوي وخطواته في التنمية البشرية وعلم التواصل وفقه الإصلاح وإكراهاته..، فهي المفاتيح للنفوس وما أدراك ما النفوس..مريضة وصحيحة..مفتوحة ومغلقة..مقتصدة وظالمة..سابقة بالخيرات وأمارة بالسوء إلا ما رحم الله.

5-    ضرورة الوعي بالذات ومعاجلة أعطابها النفسية، انطلاقا من الكتاب والسنة و التدريبات المعاصرة، وعدم المبالغة في الرقابة الذاتية، التي تحدث النفس بأنها لا تستطيع فعل شيء رغم كون ذلك في الحقيقة بمقدورها ومن حقها.

6-    الحرص على فضيلة العمل الجماعي، والتعاون على الخير مع الغير، فالمرء ضعيف بمفرده قوي بإخوته، والنجاة جماعية ومؤسساتية قبل أن تكون فردية، وواهم من يعتبر الدعوة: "قل كلمتك وامشي" أو بإمكان الفرد أن ينجز ما تعجز عنه الجماعة والدولة؟؟.

7-    الحرص على الدورات التكوينية والعمل بالمخططات والبرامج والحملات الدعوية في أي تخصص يرى فيه المرء نفسه، تربوي أو اجتماعي أو تدافعي أو خدماتي..وكلها من أجنحة الدعوة النافعة بإذن الله.

8-    مراجعة بعض المسلمات في الأعمال الدعوية، أو على الأصح تطويرها وتدارك ما يعتريها من انحراف أوتقصير أو نمطية متجاوزة، إن على مستوى الرؤى والمنطلقات أو على مستوى الوسائل والخدمات (العمل الاجتماعي نموذجا).

9-    استحضار ما يقدمه الآخرون لقضاياهم الدينية..اللغوية..السياسية..الرياضية..من مجهودات وتضحيات جبارة ومنظمة و واسعة..، بل في تاريخ الأنبياء والصحابة رضوان الله عليهم مع الدعوة وتضحياتهم من أجلها أجل العبر وأخلدها.

10-        الاعتزاز بالإسلام وشرف الدعوة ، والتغلب على الهزيمة النفسية التي قد تذهب بالبعض إلى أن يخجل من إظهار كل ما يمت للإسلام بصلة، فبالأحرى الدعوة إليه وفي إطار حركي. أو يعيش ببعض الإسلام في حدوده دون أن يعمل ويدعو له وهو يعتبره خير وأفضل،  كما يصبح من اللازم على الدعاة والحركات الدعوية اعتماد المدخل الحقوقي للدفاع عن حرية الناس وكرامتهم وعدالتهم الاجتماعية..، وكلها مما يقيدهم إلى خشاش الأرض والرفض ولا يدعهم يحلقون في رحابة السماء والاستجابة للطاعات والخيرات؟؟.

 

وأخيرا:

          ينبغي أن نستحضر بالأخص خطورة العوائق النفسية على الناس، وكيف تقعد أصحابها عن العمل، بل كيف يمكن أن تنحرف بهم ضد دعوتهم ،أو تدمرهم وتغرقهم في متاهات الدنيا وهذا أخطر،

1-    لقد تحدثت عن ذلك سورة الروم في مقدمتها.

2-    وتحدث عنه الحديث: " نصرت بالرعب مسيرة شهر".

3-    وتحدثت عنه قصة الفيل الذي ظل ساكنا رغم فك قيوده، بل وقصة الحمار الذي قاوم الانطلاق بشدة لاعتقاده بوهم ربطه وهو غير مربوط.

4-    وتحدثت عنه مسرحية "مريض خاطرو" للمسرحي المبدع الراحل أحمد الطيب لعلج.

5-    وتحدثت عنه قصة النسر الذي ترعرع وسط عشة الدجاج، فلا هو نسر ولا هو دجاج.

 

         ولنتذكر أن كل هذا من كيد الشيطان الذي يزينه للناس، وكان كيد الشيطان لو رأيتم وجربتم ومارستم أضعف من ضعيف، نعم إن حلاوة ممارسة الدعوة وتيسير الله تعالى وتوفيقه لممارسيها المخلصين المتوكلين لا تعدلها حلاوة، كما أن هناك تناقض في الموضوع، إذ بقدر ما تنحصر الدعوة ويتقاعس البعض ويفتر عن ممارستها، بقدر ما ينتشر المد الإسلامي عبر العالم قاطبة، والله متم نوره ولو كره المشركون، الإشكال إشكالنا إذن، والدعوة فردية كانت أو جماعية، تعليمية وتبليغية أو خدماتية و تدافعية، أو رسمية أو مدنية كانت، هي في الحقيقة مشروع شخصي قبل أن يكون جماعي، فلماذا لا نتعامل معها كما نتعامل مع مشاريعنا الشخصية التي نبذل من أجلها الغالي والنفيس ولا يرتاح لنا بال حتى نتملكه بأي كان وعلى أي مدى كان ومع من كان، الدعوة سارية والصحوة ممتدة بذل ذليل أو عز عزيز ولكن فقط، بأي قدر نساهم في ذلك؟؟، قال تعالى:" وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ، إنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ" البقرة / 110 .

الحبيب عكي
اقرء المزيد

الأربعاء، 20 يناير 2021

http://akkioasisdesarticles.blogspot.com/

العوائق النفسية للداعية وكيفية تجاوزها2/1

 

        العوائق النفسية هي تصورات وهمية يعتقد بها المرء، وجدارات واهية يبنيها في خياله ولا وعيه وبقدر ما يصدقها ويزينها له الشيطان بقدر ما تخلق فيه سلوكا مرضيا واضطرابا نفسيا و وسواسا قهريا يحول بينه وبين ممارسة الدعوة إطلاقا، أو على الأقل ممارستها بقلب منشرح و بشكل سلس ومطلوب، فتنتج عن ذلك ظواهر غير محمودة في الحقل الدعوي والاجتماعي مما يتحدث الناس عنه من الفتور الدعوي..والبطالة الدعوية..والتآكل التنظيمي..والانحسار أو الأفول الحركي جزئي أو كلي لا قدر الله، ناهيك عما سيسود المجتمع من شيوع المفاسد والاختلالات التي تتصدى لها الدعوة، شرعية وتعليمية كانت أو سياسية واجتماعية، وكلها في مقتضى النهي عن المنكر والأمر بالمعروف، قصد الممكن من رد المفاسد وجلب المصالح؟؟.

 

         و العوائق النفسية قد تكون ذاتية مرتبطة بالشخص وتربيته، أو بالتنظيم واختياراته وقياداته، أو فقط بالمجتمع واعتمالاته،

1-    فعلى المستوى الشخصي:

يمكن أن نسجل عوائق نفسية وتصورية ومهاراتية ..، وكلها نفسية أو لها علاقة بالنفس ومن ذلك:

1-    قول المرء أنا لا أستطيع ممارسة الدعوة.


2-    لا فائدة من ممارسة الدعوة في غياب الاستجابة من المدعوين.


3-      الدعوة شأن الهيئات والمؤسسات، والأئمة والعلماء وأنا لست منهم، والخلط في حكمها الشرعي بين الوجوب ومجرد الندب.


4-    الدعوة وتكاليفها والتزاماتها واجتماعاتها وأسفارها تستهلكني عن أشغالي وتبعدني عن أبنائي وهم الأولى.


5-    الدعوة محفوفة بالمخاطر الأمنية والتضييق على أصحابها ومتابعتهم والإيقاع بهم ولا قبل لي بذلك.


6-    الفتور عن مصادر التزود التربوي والعلمي والتعاون الدعوي، الذي هو الجلسة التربوية والأسرة التنظيمية، بدعوى أن أعضائها في مثل نفس مستوى بعضهم البعض، لا عالم فيهم ولا فقيه ولا خبير ولا متخصص، ولا يزيد بعضهم البعض شيئا، أو على الأقل لا يقنع بعضهم البعض لأن كل ما لديهم مجرد أراء شخصية ؟؟.

7-    طول الأمد والاستهلاك الإداري في الدعوة الذي قد يفقد المرء شيئا من قدسيتها و أولويتها ومركزيتها، خاصة عند بعض المسؤولين التنظيميين الذين بحكم التداول غادروا هياكل المسؤولية أو ربما حتى التنظيم الحركي برمته، وكذلك من كان تحت إمرتهم وتأثر بهم فاقتدى بهم في فتورهم وعزوفهم؟؟.


8-      طبيعة الشخصية "الداعية" التي تريد التعاطي للدعوة، إذا كانت هذه الشخصية مضطربة وغير متزنة، وتفتقد إلى متطلبات الدعوة وأخلاقها الضرورية من مثل: ضرورة تحمل ما يصيب الداعية  من أذى كلام الناس وانتقادهم الجارح، أو يفتقد إلى أخلاق الداعية من الصبر ..واللين.. وتقبل الآخر.. وخدمة الناس.. والتعامل معهم بالرشد والحكمة.. والرحمة.. وحسن النية.. والقبول عند الآخرين.. القدوة.. التواضع.. الوفاء.. الإخلاص.. العلم.. الإرادة.. القدرة.. العزيمة.. الهمة.. النظام.. ضبط الوقت.. الانفتاح.. المخالطة.. الاعتزاز بالإسلام.. شرف ممارسة الدعوة.. الاستقامة.. الزهد وعدم الطمع.. الشجاعة وعدم الخوف.. فقه الواقع.. فقه الأحوال والنفوس.. التعاون.. الاعتدال دون تطرف ولا تمييع.. الثقة بالنفس .. والتوكل على الله...

 

 

2-    وعلى مستوى التنظيم الحركي:

يمكن أن نسجل العوائق التالية والتي لها علاقة بنفسية الأفراد أو الجماعة أو الاختيارات العامة للتنظيم ومنها:

1-    تنظيم غير محكم تسود فيه بعض الأهواء والزعامات والمغالبات، بدل الشورى والديمقراطية واحترام قواعد العمل والتوجهات المقررة والاختيارات المتوافق حولها.


2-    تنظيم لا يستوعب أبنائه وخاصة ما دون القيادة والمسؤولين، مما يخلق بينهم الإحباط والتباعد وعدم المواكبة ولا الحماسة كما عند غيرهم من المسؤولين والوسطاء.


3-    تنظيم لا يحكم تكوين أعضائه وخاصة من الناحية المهارية، بحيث قد يظل فيه الأفراد عقودا من الزمن وهم على ما هم عليه مما ينقصهم من مهارة إلقاء درس أو موعظة في وليمة مثلا.


4-    تنظيم غير منفتح على وسائل العصر، التي هي وسائل الدعوة والتواصل وصناعة المحتوى، ولا تحابي غير من يتملكها ويستثمرها لإلباس الأقوام المعاصرة لبوسهم المشوق وغير المنفر.


5-    تنظيم لم تعد عنده الإقامة الفردية للجلسات التربوية والتنظيمية أو حضورها ملزمة ولا محط محاسبة و لا منح عضوية أو سحبها كما كان من قبل في البدايات.


6-    تنظيم يحصر الدعوة في تصور جزئي غير شمولي، يكاد لا يتجاوز الخطابة والمحاضرة والدرس والموعظة، وغير ذلك من وسائل البيان والتبليغ. التي لا تتقنها فئات عريضة من الفنيين والتقنيين والحرفيين غير الدارسين ولا المتخصصين، على العكس إذا كانت الدعوة أوسع من ذلك بما هي مخالطة الناس ونشر الخير بينهم والصبر على أذاهم، فيمكن للجميع أن يساهم فيها كل من موقعه وحسب إمكانه، وإلا فكما قال أحدهم فصاحب موعظة داعية ورئيس جماعة أو نائب برلماني ليس كذلك، وهو الذي يعافس المفاسد اليومية و يشرع لإصلاحها والحد منها بما ينفع الناس؟؟.


7-    تنظيم يتجاوز الهموم الواقعية لأعضائه ومحيطهم الدعوي، كضعف المهارات وشيوع الفقر والبطالة والعقلية الاستهلاكية(إقبال ملحوظ على محاضرات الأسرة من طرف أطباء نفسانيين متخصصين خلال الحجر الصحي)، مما يعني أن هناك حاجات واقعية في هذه الأسر، وبقدر ما تعرف أسرنا من مشاكل وتعكر الأجواء، بقدر ما تستحيل فيها ما ينادى به من الجلسات والبرامج التربوية الأسرية الخاصة أو المشتركة، والعكس بالعكس.


8-    تنظيم لا يجد فيه الأعضاء ما يساعدهم على تحقيق بعض طموحاتهم الدنيوية الضرورية والمشروعة، كحق زواج وإيجاد عمل أو امتلاك منزل أو سيارة أو مقاولة..أو حتى خروج من ضائقة مالية، إذ غالبا ما يكون الفرد في معافسة مثل هذه الأمور بمفرده أو عرضة وفريسة للأنظمة الجشعة والربوية في المجتمع وهو الذي يؤمن بحرمتها، ومن ثمة يتساءل ويبحث عن دين وحركة يسعفانه في دينه ودنياه، وفي غيابهما يصبح هو مفتي نفسه وإن أفتاه الناس وأفتوه؟؟. (يتبع)

الحبيب عكي

 


اقرء المزيد

الخميس، 7 يناير 2021

http://akkioasisdesarticles.blogspot.com/

إدارة الأزمات في ظل جائحة كورونا...العمل الجمعوي نموذجا

  لا شك أن العمل الجمعوي من أكثر القطاعات الحيوية تضررا خلال جائحة كورونا، بما تسبب له فيه من أضرار عميقة وعامة ومستمرة، دخلت به في متاهات أزمة حادة، لا تزيدها الأيام إلا استفحالا واستعصاء على المبادرة والعلاج، ومن مظاهر ذلك:

1-    فجائية الجائحة و وقع صدمتها على الجميع.

2-    ارتباك الجمعيات في التعامل معها بشكل يضمن تواجدها وحيويتها المعهودة.

3-    صرامة التدابير الاحترازية، التي نحت في مجملها على تهميش الجمعيات الراغبة في المشاركة.

4-    توقف عمل عدد كبير من الجمعيات ودخولها في الحجر الجمعوي حتى بعد رفع الحجر الصحــي.

5-    تضرر الفئات المستهدفة من العمل الجمعوي خاصة في المجال التربوي والإشعاعي والاجتماعي.

6-    تضرر فئات العاملين في الجمعيات كالقيمات و المتعاقدات في مختلف البرامج وهي(أزيد من 40 ألف).

7-    عدم تجديد العديد من مكاتب الجمعيات التي تصادف انتهاء مدة صلاحيتها مع الجائحة ومنع التجمعات.

8-    غياب أي مبادرة جمعوية أو رسمية لفك الحصار واستئناف النشاط الجمعوي أسوة بغيره من الأنشطة في المعامل والمدارس والمساجد والمقاولات السياحية والدوريات الرياضية وغيرها.

9-    حرمان الطفولة والشباب من المخيمات الصفية التربوية والترفيهية لا خلال الصيف ولا بعده رغم ما عانه الجميع من الضغوطات النفسية الشديدة خلال فترة الحجر الصحي و حتى بعده.

10-    انقطاع السيل العرم من المحاضرات والندوات والأمسيات التربوية والدورات التكوينية التي بادرت بها الجمعيات عن بعد خلال الحجر الصحي، رغم أن الحاجة لا زالت جد ماسة إلى أضعاف مضاعفة منها في ظل سريان منع التجمعات الحضورية التي لا يستغني عنها العمل الجمعوي.

 

       و رغم ذلك فقد كانت لبعض الجمعيات بعض الأداء خلال الجائحة وخاصة في بعض الجوانب، وخاصة بعد إدراك السلطات حاجتها للمجتمع المدني و إبدائها بعض المرونة في الحجر عليه، وبعد تكيف بعض الجمعيات الأخرى مع الجائحة واكتشافها لما أتاحه لها العالم الافتراضي من فرص العمل الرقمي والتواصلي مع مختلف الفئات، وهكذا قامت بعض الجمعيات بأنشطة متعددة ومنها:

1-    أنشطة تحسيسية ضد خطورة الجائحة وسبل الوقاية منها.

2-    أنشطة تضامنية مع الفئات الهشة والمتوقفة عن العمل خلال الجائحة.

3-    أنشطة ترفيهية وتواصلية في المجال التربوي مع الأطفــــــال.

4-    أنشطة تكوينية افتراضية مع الأطر والشباب والنساء عن بعد.

5-    مواكبة ومراقبة مدنية لتدبير الأزمة والترافع ضد بعض ما عرفته من خروقات حقوقية وتدبيرية.

6-    رفع مذكرات قوية للمساهمة في حلول ما استجد من المشاكل المعقدة خلال الجائحة كضرورة تعويض المتضررين تعميم ذلك والاستمرار فيه طوال مدة الحاجة والجائحة.

7-    حملات فايسبوكية قوية وناجحة ضد قانون 22.20 السيء السمعة ضد مكتسبات الناس في الحريات العامة، وكذا بعض حملات المقاطعة لبعض الدول المطبعة أو المسيئة للرسول (ص).

 

والآن، مع رفع الحجر الصحي، والعمل على إنعاش بعض الاقتصاد الوطني والرهان على التعايش مع الجائحة الغامضة والقاسية، استأنفت العديد من القطاعات أنشطتها ببروتوكول صحي وإجراءات احترازية صارمة، التعليم..النقل..السياحة..الأسواق..المساجد..المقاولات..القضاء عن بعد..إلا الجمعيات فلا تزال في حجرها و أزمتها، فهل إلى حلول من سبيل؟، وكيف يمكن للجمعويين المساهمة في حل أزمتهم؟، وما دور المسؤولين في الموضوع؟، خاصة أن القطاعات الوصية والشريكة لم تكن في مستوى اللحظة المعقدة، لا في امتلاك خطة عمل طارئة، ولا في امتلاك رؤية لتدبير الأزمة المستدامة، بل حالها كان أسوأ من حال الجمعيات أو يكاد، فهذه وزارة الشباب والرياضة مثلا، وعدت بنوع من العطلة الصيفية كانت الجمعيات ترافع من أجلها خلال الصيف ولم تفي، و وعدت ببعض التنشيط السوسيو تربوي في الأحياء بعد الصيف ولم تفي، وقامت بعض مديرياتها الجهوية ببعض الأنشطة الافتراضية عن بعد خلال الحجر الصحي وتوقفت مثلها مثل الجمعيات بعد الحجر، رغم أن كل الدواعي تدعو إلى تكثيفها بدل قطعها وتجميدها؟؟

 

الواقع أنه لابد للجمعويين من فقه إدارة أزمتهم، وككل أزمة فإنها حسب علماء الأزمات تدور دورتها في خمسة مراحل وهي:

1-    مرحلة الميلاد: المبهم وغير الواضح والموحي بالسيء والأسوأ.

2-    مرحلة النمو: وتزداد الأزمة فيها سوء كلما ساء فهم متخدي القرار بها.

3-    مرحلة النضج: وهو أخطر مرحلة إذا لم يتم فيها اتخاذ القرار الصحيح، يمكن للأزمة أن تتجاوز الجميع، وتتفاقم لتأتي على الأخضر واليابس ولا ينفع معها لا تسكين ولا حلول ترقيعية.

4-    مرحلة الانحسار: وهي حينما يستوعب الناس الأزمة ويتفاعلون معها كيفما حصل بشكل منظم أو عشوائي، مما يولد بعض التعايش والمقاومة وبداية الفهم والقرار الممكن والانحســــــار.

5-    مرحلة التلاشي: وهي المرحلة التي تفقد فيها الأزمة أسباب ولادتها و مظاهر عرقلتها.

 

        ولعلاج الأزمة أية أزمة حادة أو غير حادة، متوقعة أو غير متوقعة، تحت سيطرة الجمعية أو تفوق إمكانياتها، فلابد من خمسة خطوات ضرورية أيضا وهي:

1-    ضرورة الوعي الجماعي بالأزمة..الإكراهــــات والفرص.

2-    محاصرتها بالإبقاء على الحد الممكن من الحركة والأداء.

3-    قلة الشكوى والتذمر بتغليب الشعور بالأمان والاطمئنان .

4-    استمرار التواصل والتفاعل مع المعنيين والمستهدفين والعاملين بكل الأشكال و الأقدار الممكنة.

5-    التعافي التدريجي من الأزمة بتوفير أدوات العمل المطلوبة والأعمال البديلة الفردية والجمـاعية.

6-    ضرورة الإبداع وتجاوز الأشكال التقليدية المألوفة في العمل والتواصل إلى غيرها من الأشكال الجديدة والأعمال الممكنة ومع الفئات الممكنة وبالوسائل الممكنة، خير من سياسة الكل أو لا شيء؟؟.

 

       ولعل الحفاظ على قدر من التواصل والتفاعل الراتب بين قيادات الجمعية شرط ضروري لكل ما بعده من الإبداع و الحلول الممكنة لما يستجد من الإكراهات والعراقيل والمعضلات، وبقدر ما يكون هذا التواصل والتفاعل ولو للاستئناس و لو للمواساة ولو سؤال البعض عن أحوال البعض، بقدر ما يمكن أن تثار قضايا الجمعية ومستجدات الحقل الجمعوي الذي يربطهم، وبقدر غيابه أو ضعفه وعدم تواتره بقدر ما تدوم أزمة الجمعية وينفرط عقد أهلها، وربما ينصرف قادتها وحتى روادها والعاملين فيها والمستفيدين منها إلى شؤون أخرى لن تتركهم على كل حال للفراغ والانتظار؟؟. والواقع أيضا، أن الجائحة بقدر ما كانت أزمة خانقة بالنسبة للبعض بقدر ما كانت فرصة سانحة بالنسبة للبعض الآخر، أبان فيها عن يقظته وتكيفه السريع وعلو كعبه في الإبداع والتجديد في طرق العمل والتواصل، وهكذا كانت فترة الحجر الصحي مثلا فترة متدفقة بسيل عرم من الأنشطة القيمة، فرأينا فيها: أمسيات تربوية وترفيهية..محاضرات وندوات..مسابقات قرآنية وفنية..دوريات رياضية ودورات تكوينية..وصلات تحسيسية وحملات تضامنية..دروس الدعم تعليمية وتطوعية وغيرها؟؟.

 

       الآن وقد رفع الحجر الصحي، فكيف لنا في إدماج مثل هذه الأنشطة الرقمية الافتراضية في برامج الجمعيات؟، لماذا توقفت الدورات التكوينية والمسابقات الإبداعية وهي أيسر عن بعد منها عن الحضوري؟، لماذا توقفت المواظبة المدنية لتدبير الأزمة الوبائية والاجتماعية بالنقد الإيجابي والقوة الاقتراحية المسعفة مع مختلف الإكراهات والمستجدات والارتجالات، والأمر أنه مع طول الأزمة المعضلة وتجدد مساراتها ومتاهاتها على مستوى التنزيل والإدارة أحوج ما تحتاج إلى مثل هذه التدخلات أكثر من أي وقت مضى؟، أين الترافع الجمعوي عن الفئات المتضررة، هل أنصفت وكفى الله الجمعيات الترافع؟، أين ما كان ملحا ولا يزال من السجل الاجتماعي للمواطن، هل خرج إلى حيز الوجود ويساهم في حل الأزمة الاجتماعية للمواطن؟، أين ما أبانت عنه الجائحة من ضرورة تجديد القوانين المعرقلة للعمل المدني، هل أصبح بعدها أيسر وأعم وأعدل؟، ماذا اقترحت الجمعيات لعلاج علاقاتها مع السلطات وما اتسمت به أحيانا ولازالت من السلطوية والتوتر والمزاجية وعدم الشفافية؟؟.

 

       فشل ما بعده فشل إذا ألقى العمل الجمعوي بكل اللائمة في هذه المعضلات على جائحة "كورونا" أو حتى على غيرها من مزاجية بعض السلطات وإكراهات اشتغالها وتأويلها للقوانين أو تجاوزها، إن العمل الجمعوي أكبر من أن يكون عمل أوقات الراحة أو تجزية فاضل الأوقات، وأكبر من أن تقرر في مصيره قساوة جائحة أو إدارة رجل سلطة، أو فتور قادة جمعويين وانسحاب ممارسين عاملين، أو قلة أو كثرة مستفيدين وإقبالهم أو إدبارهم، إن مجرد ناشطين مدنيين حيووين استطاعوا بمفردهم خلال الأزمة ولا يزالون أن يقدموا من الأنشطة الافتراضية ما لم تقدمه جمعيات بصفاتها الجهوية والوطنية؟؟، فمتى يدرك الجمعويون أن كل الأمور بأيديهم، وكيفما يكونوا تكون حركيتهم الجمعوية، فعسى ألا يدخلوا في الحجر الجمعوي بعدما رفع الحجر الصحي، وعسى ألا يصابوا ب"الكوفيد الجمعوي" ونحن نتغلب ونتعايش مع "الكوفيد الكوروني"؟؟.

الحبيب عكي



اقرء المزيد

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

المتابعون

المشاركات الشائعة