Top Ad

الثلاثاء، 28 فبراير 2017

http://akkioasisdesarticles.blogspot.com/

حكاية التلميذ والأرنب


كلنا يتذكر تلك القصص التربوية الرائعة،التي كنا نلتهمها بشغف وتناوب في الابتدائي عن أدب الأرانب..."الأسد والأرنب"،"الأرنب والسلحفاة"،"الأرنب والقبعة"،"المزارع والأرنب"،"الأرنب والصياد"،...،و حتى القصص المصورة التي أعجبتنا كثيرا وربطتنا بكل سلاسة بالكتاب والقراءة كأوسع أبواب العلم والمعرفة،"أرنوب الحكيم"،"أرنوب الشجاع"،"أرنوب في الغابة"،"أرنوب والنمر"،"أرنوب السريع"،"الدكتور سنينات"،"أرنوب العملاق"...،وكلها قصص تطفح بالمتعة والإفادة،وزرعت فينا العديد من القيم التربوية التي لازالت تفعم حياتنا وتنير دروبنا وتحضر بداهة لرسم سلوكنا والفصل في مواقفنا،كالقوة والذكاء،والجد والغرور،واستحالة قمع الحقوق والحاجات الفطرية،وفضائل  العمل الجماعي والتعايش بين الكائنات والمحافظة على البيئة،وغير ذلك مما لا زال يشكل الإشكالات العويصة للحياة المعاصرة؟؟.

         ولكن، كل ذلك العالم الغريب والعجيب للأرانب، وكأنه قد أعدنا ولو من غير قصد،لتكون لنا قصصنا الواقعية والحقيقية معها،فأصبحت حياة العديد منا صغارا وكبارا لا تخلو من رائحة الأرانب بكل أنواعها،"أكلة الأرانب"،"الأرنب والجزرة"،"الأرنب الوحشي"،و"الأرنب الصعيدي"،و"الأرنب الهندي"،"أرنب السباق"،"أرانب الدكتور محسن"،و"أرانب الإنتخابات"،"أنفلوانزا الأرانب"،"تربية الأرانب بين الهواية والتجارة"،أو ما يصطلح عليه اليوم بمشاريع الأرانب والدجاج في التنمية البشرية..،بعد سنوات من الهدر والعبث لا يتمكن المرء فيها لا من الدراسة والإجارة ولا من العمل والتجارة؟،ورغم كل ذلك،فما أحوج عودة تلاميذ اليوم إلى عالم الأرانب لعل حكمتها وأمثالها تنقذ حياتهم الدراسية كما أنقذت حياة من قبلهم؟؟.

         كثير من التلاميذ بعد مضي الأسدس الأول من السنة الدراسية وما حققوه فيه من نتائج في الغالب غير مرضية،يتساءلون مع أنفسهم في كل حين أسئلة صامتة صارخة،موسوسة مهلوسة،لاشك،تكاد تمزق أعصابهم المتوترة وتحرق طاقتهم الإيجابية ومن هول ذلك تكاد تنفجر رؤوسهم المصمتة،ومما يزيد الأمر هولا وبشاعة،ذلك الرفض العائلي المطلق لتلك النتائج وذلك الغياب المطبق لأي مظهر من مظاهر مناقشتها وتقييمها في جل المؤسسات التربوية،وما سيترتب عن ذلك من إجراءات التقويم والتغيير والدعم والإنقاذ الممكن، وكلها تكاليف إضافية ومجانية لا رغبة ولا قبل لأحد بها؟؟،ليبقى التلميذ المسكين الغض الطري موكولا إلى نفسه وهواجسه،حول حياته الدراسية خاصة والمستقبلية عامة،هل سينجح أم سيسقط أم سيطرد أو يوجه إلى التكوين ليعاد استيعابه بعد سنوات في الفرصة الثانية أو محو الأمية والتربية غير النظامية؟،هل يستطيع إنقاذ نفسه من الغرق وكيف؟،هل سيهتم بالمواد التي يفهمها أم بتلك التي لا يفهمها وهي مصدر مشاكله الدراسية والأسرية وعقده الحياتية؟؟.

         لكل هؤلاء أقول،لا منقذ لكم غير حكمة الأرانب،وحتى تتضح الرسالة جيدا أقول لكم أبنائي و أحبائي التلاميذ،كما تقول خبرة التربويين وتجربة المدربين،أرأيتم إذا أطلقنا أرنبا حرا في الطبيعة والهواء الطلق،أو في البركة الضحلة والمسبح العائم،في أيهما سيجري بشكل فائق؟؟.طبعا في الهواء الطلق وهو أسرع من جرى،و هواؤكم الطلق هو المواد التي تفهمونها وتجتهدون فيها وفيها تحصلون على النقط الجيدة؟؟. أما برككم ومسابحكم التي تكادون تغرقون فيها أو في أحسن الأحوال وأنتم لا تحسنون السباحة لن تتجاوزوا في هذه البرك مجرد الإبقاء على حياتكم معلقة في مكانها رغم كل الخبط والعشواء؟؟.

1-  اجتهدوا أكثر في المواد التي تفهمونها كيفما كانت،حتى الرياضة والتربية الإسلامية والعربية والاجتماعيات والتشكيليات..،أو المواد العلمية من رياضيات وعلوم وفيزياء وتكنلوجيا وإعلاميات..،إذا كنتم تفهمونها،وحصلوا فيها على أعلى النقط الممكنة،فذلك سيعزز ثقتكم في أنفسكم و سيعوض نقصكم في المواد الصعبة،خاصة وأن كل المواد في الإعدادي لها نفس المعامل،حتى أن 18 في الرياضة و02 في الرياضيات تساوي النجاح؟؟.

2-  حاولوا الاهتمام بالمواد الصعبة قدر الإمكان، فقط بمضاعفة الجهد فيها دون إفراط ولا تفريط،مثلا،بإنجاز تمرنين أو ثلاثة في الأسبوع بدل تمرين واحد،وقبل ذلك تغيير طريقتكم في تلقي هذه المواد داخل الفصل،ومنهجية مراجعتكم لها كأن تكون جماعية مع الزملاء إن كانت فردية؟؟.

3-  تأكد أن النجاح هو أبسط شيء،وفي مقدورك،وقد نجحت أكثر من  10 مرات قبل وصولك لنهاية الإعدادي أو الثانوي،ونجح غيرك ممن هم أمثالك وأقل منك في نفس المستويات،ثم إن النجاح في الحقيقة نجاحات،معرفية ومهاراتية وسلوكية،اجتماعية فنية ورياضية..،يظل النجاح الدراسي مجرد جزء منها،لا ينبغي الاهتمام به بقدر ما ينبغي الاهتمام بكيفية الحصول عليه، هل حققناه عن جدارة واستحقاق أم عن طريق الغش والتزوير. وهل توجهنا إلى شعبة علمية بنقط المواد الأدبية أم بنقط المواد العلمية بالأساس،وماذا سيتبقى لنا كمستوى معرفي ومهاراتي بعد كل شيء؟؟.

4-  لابد من الانتباه داخل الفصل حتى تسمع جيدا،والتركيز فيما يقال حتى تفهمه جيدا،والسؤال والمشاركة حتى تتيقن من أخذك المعلومات والمهارات على حقيقتها لا كما تظن.و قد قيل في هذا الصدد:"أول العلم الصمت، وثانيه الاستماع، وثالثه السؤال والمشاركة،ورابعه الفهم والحفظ، وخامسه العمل، وسادسه النشر"؟؟.فقط،إذا كنت تريد الذهاب إلى "طنجة" في الشمال الغربي فثابر في المسير ولا تتوقف ولا تتراجع،وتأكد على أنك في الطريق قبل أن تجد نفسك ربما في "طاطا" في الجنوب الشرقي؟؟.

5-  لابد لك من رفقة صالحة تعينك على الدراسة، وتجنبك رفقاء السوء،الذين يحبطونك ويزينون لك في مراهقتك وضعف شخصيتك العناد المجاني والعنف والانحراف وكل السوء والمتاهات،وتذكر أن أجيال الأمس لم تصل بشيء اسمه تهافت "الساعات الإضافية" بقدر ما وصلت فقط بالمجهود الذاتي وبالرفقة الصالحة يتعاون فيها الزملاء على المراجعة الجماعية المثمرة،وعلى السرعة النهائية التي مكنتهم من ربح السباقات والمباريات؟؟.

6-  حاول تحسين علاقتك بالجميع،بدء بالمحيط الأسري من الآباء والإخوان إلى المحيط المدرسي من الأساتذة والتلاميذ،واجعل قصدك فيها:"الاحترام المتبادل" و شعارك فيها:"احترم تحترم"،فذلك من شأنه أن يشجعك على السؤال والجواب وعلى المشاركة الهادفة دون قمع ولا عقد وأن يساعدك على التحصيل الجيد وخلق أجواء فصلية وأسرية لذلك؟؟. مؤخرا، سألت أحد التلاميذ لماذا لا تجتهد في مادة اللغة العربية وهي المعروفة عند التلاميذ سهلة وبسيطة؟،فأجاب:"السبب من أستاذ المادة الذي يقمعنا ويعيرنا ولا يترك لنا أية فرصة للفهم والمشاركة وكأنها -ساعة في الجحيم-"؟؟. فلا مدخل – في نظري- لتحسين المردودية في المادة دون تحسين العلاقة مع الفصل والأستاذ أولا،ويمكن دعم هذا الاتجاه التربوي بممارسة هوايات فنية رياضية أو تطوعية جمعوية،أو تجارية مهنية مع الآباء والأصدقاء،مما سيحرر حياتك وينعشها وينمي شخصيتك ويطور علاقاتك الاجتماعية الإنسانية والرقي فيها وبها،على عكس ما يعتقد البعض،من أن ممارسة مثل تلك الهويات والأنشطة إنما يكون على حساب التحصيل الدراسي؟؟.

7-      وأخيرا،كما يقول الفيزيائيون إن الشيء ذاته قد يكون متحركا أو ساكنا حسب المرجع أو زاوية الرؤية،لذا فحكمك على الصواب والخطأ والجيد والقبيح والنجاح والفشل والشغب والانضباط..، لابد لك من مرجع،منه تنطلق وإليه تعود في كل شيء،منه تنطلق في نظرتك إلى الأشياء وحكمك عليها،وتبنيك والتزامك بها أو تركك لها، في رسمك لأهدافك ومنهجيتك بالبند العريض أو محوك إياها بمبيض سيال دافق،خاصة على ضوء ما تعج به الحياة من أفكار ومعتقدات وسلوكات و شلل متضاربة،لا منقذ لك من تضاربها وحيرتها إلا المرجع الصحيح الواضح وهو شرع الله،قال تعالى:"أفمن يمشي مكبا على وجهه أهدى،أمن يمشي سويا على صراط مستقيم"؟؟.

        ترى هل سنستوعب نحن الآدميين درس الأرانب هذا،ونستفيد منه كما ينبغي،أم سنستسلم لبرك الوسط التعليمي المريض وما أضحلها وما أغرقها وأخطرها،الاكتظاظ و كثافة المقررات،و البيداغوجيات المتجاوزة،ومركزية القرارات، وفلسفة التنافس والإقصاء،وفراغ الأنشطة،وغياب الشراكات،وأسواط المذكرات التي تلهب ظهور الجميع..،هل سنكون مثل أرانب الحكمة أم أرانب الجزرة،ومثل أرانب الجد والاجتهاد أم مثل أرانب اللعب واللهو والغرور الذين تهزمهم حتى السلاحف فقط بجدها ومثابرتها في صمت،على أي لا أريد أن نظن أنفسنا ندرس مثل الآخرين وسننجح مثلهم،بينما نحن مجرد أرانب المدرسة أو"أرانب السياق" وهي في الحقيقة أسوأ حظا من"أرانب السباق"التي سرعان ما يمضي الناس بحماس إلى خط الفوز والوصول بينما "تتكربع"هي بنفسها إلى هاوية الهامش وما أدراك ما الهاوية وما الهامش؟؟.


   الحبيب عكي
اقرء المزيد
http://akkioasisdesarticles.blogspot.com/

هذا المغرب الرائع،بثرائه و رونقه وعمقه(2)


مغربنا  الحبيب بلد التقاليد والأعراف العريقة وألف حكاية وحكاية،قد يفضل المرء العيش في ظلالها وبين أهلها بما تمثله ويمثلونه من المغرب الحقيقي وعمقه التاريخي المتوضئ الوضاء،بعيدا عن بعض التنوءات التي تلطخ نضارة وجهنا المليح وتعكر صفو ذهننا المرآة،هنا أو هناك في هذا المجال أو ذاك مع هذه الفئة أو تلك،بعيدا عن وسوسة المغرضين وهلوسة الإعلام والدعاية المغرضة والمطبلة لهما،وفي رحم وعمق هذا التاريخ الناصع والواقع اليومي المتجدد نجد كل النقاء والصفاء والبهاء:

1-  مغرب التضامن: إلى درجة أن الأخ الأكبر أو العامل في الأسرة مثلا يعيل كل أفرادها،وربما غيرهم  من الأقارب والأحباب،وحدث في التاريخ أن الجماعات السلالية مثلا كانت تهتم بكل محتاج و محتاجة و عابر سبيل وعابرة إلى درجة كانوا فيها  يكفون الأرملة مؤونتها فلا تضطر للازدحام معهم في الأسواق؟؟.

2-  مغرب الوحدة: رغم التعدد الإثني واللغوي والجغرافي،ورغم بعض التناوش الذي قد يقع بين القبائل أحيانا فلا أحد يتخلى عن أخيه للعدو البشري أو الكوارث الطبيعية مهما كلفه ذلك،وما الحملات التضامنية المسترسلة فترات الزلازل والفيضانات والجفاف إلى يومنا هذا إلا دليل على ذلك؟؟.

3-  مغرب العفة والكرامة:وعليها ينشأ النشء،عفة في العرض والأخلاق،وعفة في الكسب والإنفاق،إلى درجة ينبذ فيها كل من خالف أو خالفت خلق العفة والمروءة كائنا من كان أو أوتي ما أوتي من الأقارب أو الأباعد؟؟.

4-  مغرب القناعة والكرم:إلى درجة قد تجد المرء في بعض المناطق يعيش بمجرد التمر واللبن(لبن الإبل ومريم)،حامدا ربه شاكرا إياه على ما وهبه من الأهم من الصحة والراحة والإيمان دون احتجاجات ولا مسيرات ولا..ولا..؟؟.

5-    مغرب الانفتاح: وهذه حقيقة أخرى لم تمنع بلدنا فيها هويته الواضحة وعمقه الأصيل من أن يجمع بين المتناقضات،فتوحد مثلا في ظل التعدد،وغرس جذوره في أفريقيا و هو يطل بفروعه على أوروبا،وأشاع كل ثماره و كل إشعاعه الحضاري في كل القارات،ينتمي إلى العديد من الهيئات الدولية في تعاون تام مع هياكلها ومنظماتها لبلورة وتنمية التعاون الدولي،فأصبح بذلك يعرف عند القاصي والداني،بأن الأمن والإيمان مغربي والتقدم والاستقرار والازدهار أيضا مغربي،فجاءته ترحل إليه أقوام وأقوام عابرة ومستقرة،عاملة ومستثمرة،لاجئون من الحروب الأهلية يطلبون الأمان،وجاهلون وثنيون يتعلمون العلم والإيمان،أفارقة يفترشون بضاعتهم في كل مكان،وأجانب يستثمرون في الرياض السياحية والمركبات الصناعية بكل أمان؟؟.

       هذا هو وجه المغرب الحقيقي وتاريخه الناصع،وما يطرى عليه اليوم من نتوءات تفسد الوضوء والوضاءة هنا وهناك في هذا المجال أو ذاك ومن طرف هذه الفئة أو تلك أو هذه الأسرة والمؤسسة أو تلك،شيء غريب عن قيمه وشيمه ويضر ولاشك بسمعته وأبنائه،غرابة وضرر الطفيليات بجذوع أشجارها الطيبة المثمرة؟؟،صحيح أن لكل جيل حق الاجتهاد لحياته وزمانه،ولكن ليس إلى درجة المسخ والقطيعة والتشويه والتعقيد،وإلا فما علاقة الثقافة المغربية الأصيلة وتاريخنا الوطني المجيد ومواطنتنا الجياشة بهذه الظواهر المشينة التي تطفح كل يوم على واقعنا وتكاد تخنق أنفاسنا وتشوش على راحتنا وتنخر في أمننا؟؟،خذ مثلا،خرق قانون السير،وتلويث البيئة،والرشوة واستغلال السلطة،وسوء خدمة المواطنين،وحرمان الطبقات المستضعفة،و رداءة التعليم والصحة،وتعدي الفروع على الأصول،وإهمال الأطفال والأبطال،وارتفاع العنوسة ومعاشرة بعض النساء والرجال في الشارع البهيم والغرف المكتراة معاشرة الأزواج،أوغرق العديد من الشباب في عالم المخدرات وأعالي البحار،والتدبير المفوض في العديد من خدمات الجماعات،في الماء والكهرباء والهاتف وحتى النظافة وجمع الأزبال...؟؟،هل في هذا أية مواطنة أو قيام بالواجب أو اجتهاد أو إبداع أو..أو..حتى لا أدري ماذا؟؟.

ليس فيه إلا أن القوم مغلوب على أمره ولاشك،وتتفلت أمور الحياة من بين يديه ربما،وتنسحب كل يوم وتتراجع إلى ما لا أدري؟؟،والأخطر من كل هذا هو التطبيع مع كل هذه النتوءات الخطيرة والتفلتات والابتعادات والانسحابات الغريبة والمتسارعة وكأنها طبيعية أو هي الطريق المعبدة والسيارة نحو حياة أسلم وأفضل؟؟.ولكن الآن لا فائدة من البحث عن الأسباب والمسببات والترامي والتراشق بالتهم والمسؤوليات،فالمغرب سفينتنا ومركبتنا جميعا،ولا يمكن إبحارها نحو شاطئ النجاة إلا بنا جميعا،فلننقذها كل من موقعه وعلى قدر مسؤولياته وإمكانياته،فلننقذها ثقافة وسياسة..أخلاقا ومعاملة..أصالة ومعاصرة..ديمقراطية وتنمية،و لا يكونن المهاجرون القادمون إليها والمستقرون بها والمستثمرون فيها أكثر إيمانا ورغبة وقناعة بها من أبنائها البررة،وعلى حد قولهم:"في هذه الأرض ما يستحق الحياة"،نقول:"في هذا المغرب ما يستحق الحب والعشق والإيمان...في هذا المغرب أكثر مما يستحق المواطنة والتضحية والنضال"؟؟.وصدق الشاعر إذ قــــال:
 بلادي تناجى فيها السحاب والأرز ** فتآخى يصافح فيها البعض بعضا
ولست تلقى كالمغرب الفذ أرضا  ** ولو اجتزت الأرض طولا وعرضـا

مهداة إلى كل الشرفاء العالمين العاملين ليسعدوا البلاد والعباد قدر المستطاع.

                                                                                                               الحبيب عكي

اقرء المزيد

الجمعة، 17 فبراير 2017

http://akkioasisdesarticles.blogspot.com/

جلد الثعبان وعقد الرقطاء(2)


       لم يتأخر الأمير"ساكو"كثيرا،بل جاء دار الفاتنة"تينو"في الغد يطلب ودها ويدها،وبعد مفاوضات وتمنعات رفعت من سومتها وصداقها وهداياها إليها وإلى أهلها،تم الزواج بينهما لتجد الزوجة"بير"نفسها وجها لوجه مع صديقتها الوفية بالأمس وضرتها الجديدة اليوم؟؟.لم تستطع الوفية المخلصة المسكينة تحمل الوضع الجديد مع ضرتها المخادعة التي بدأت تقتسم معها حب وعطف وصيد وغرفة زوجها"ساكو"،والذي - مع الأسف - بدا وكأنه قد تاه عن رشده وبدأ يؤثر زوجته الجديدة"تينو"على زوجته القديمة"بير"بحكم الجدة والبهاء وأشياء لا يعلمها إلا قلبه،فخرجت المسكينة من منزلها تائهة على وجهها في الغابة لا تدري من أمرها شيئا ولا لسيرها اتجاها ولا لنحيبها وعويلها توقفا،إلى أن وقفت فجأة مقابل ثعبان عملاق تصلب أمامها خشبة يعترض طريقها،وبعدما هدأ بعض روعها منه أخذت تستعطفه وتحكي له حكايتها التي تعاطفت معها كل الجبال والأشجار والحيوانات وهو كذلك،وأخبرها بأن لا تقلق و وعدها بأن لديه حل لمشكلتها،فقط لو ترافقه إلى جحره؟؟.

         تغلبت"بير"على وساوسها من احتمال إذاية الثعبان لها كما أذاها الإنسان،فلو أراد ذلك لفعله وهي أمامه،فما كان منها إلا أن ركبت على ظهره إلى أن أوصلها إلى جحره الغائر،وهناك رأت العجب العجاب،ترسانة من جلود الثعابين ومخزن من عيون الرقطاء،أخبر الثعبان الحيوان "بير"زوجة الإنسان،بأن الجلود إنما هي الجلود التي كان يبدلها في كل موسم،وبأن تلك عادته ولابد أن يفعلها لأن الثعبان إذا لم يبدل جلده فيه اختنق ومات،وبأن العيون البراقة الجواهر اللالىء التي أسرتها في الغار إنما هي عيون الأفاعي اللواتي كان يفتك بهن غيرة وتمنعا أو غدرا وخيانة،هكذا حياة الثعبان مثل الإنسان أحيانا،ثم طلب منها ارتداء جلد من الجلود والتوشح بعقد من العقود وسترى حلا لكل مشاكلها وذهابا لأحزانها، ترددت الزوجة في البداية ولكن أما وإن في الأمر حل مشاكلها وذهاب أحزانها فإنها أقدمت على ذلك دون تردد،ولحسن حظها فبمجرد ارتدائها لهما فقد تبدلت رأسا على عقب وعادت أجمل الجميلات بهاء ودماثة،ومن شدة فرحتها عادت تهرول إلى بيتها حتى قبل أن تشكر ثعبانها؟؟.

         عادت الزوجة"بير"إلى بيتها،ومن شدة سحرها وبهائها لم يتعرف عليها زوجها"ساكو"،عكس زوجته الشابة"تينو"التي تعرفت عليها منذ اللحظة الأولى و أصرت على أن تعترف ضرتها"بير"بما فعلته من أجل ما أصبحت تتمتع به من فتنة وبهاء أصبح يفوق ما تتمتع به هي؟؟،حكت الزوجة"بير"حكايتها مع ثعبان الغابة وترسانة جلود الجمال ومخزن عيون اللالىء ،فتدخلت"تينو" بخبث موسوسة ومغيرة لصدر زوجها الحيران من الأمر فقالت:"صدقنا أن كل حكايتك مع الثعبان،وهل كانت كل هذه الحكاية بدون ثمن؟،أم ماذا سيكون الثمن يا مولاي غير...غير الخيانة التي لا تليق بمقام مولاي الأمير"ساكو"؟؟.فقد الأمير أعصابه من سماعه سهام زوجته"تينو"فجرد"بير"من جلد الثعبان وعقد الرقطاء وجرها من يدها يسرعان نحو الغابة،يبحثان عن الثعبان،وما أن لقياه حتى أكد للأمير الذي كان يحتاج إلى تأكيد، أحد له حكاية زوجته المسكينة"بير"،فاطمأنت نفسه واستسمح منها وشكرها على وفائها وطبعا أمسك بيدها من جديد وعاد بها الأدراج إلى البيت،وهو عازم على إنزال أشد العقوبات بالشيطانة الكذابة؟؟.

ولكن المفاجأة الجديدة أن وجد الزوجان أن الجلد والعقد اللذان قد عولا عليهما ليمنحاهما دفء جديدا في حياتهما،وجداهما قد مزقتهما الزوجة المغرورة"تينو"،وقد أدركت أن"بير"ولاشك ستسترجع منها زوجها،وأنها ستعطيه بهما وبسخاء ما كان ينقصه من حب وتجمل وبهاء،أدركت "تينو"أن أحلامها قد سقطت ولم يعد لها مقام بين أهل القرية  فما كان منها إلا أن جمعت أسرتها وفرت بها خارج القرية حتى من دون أغراض قبل أن يدركها مولاها أوتقطعها مولاتها؟؟،أما الزوجان القديمان الجديدان فقد اعتذر كل منها للآخر واستمرت حياتهما في حب وإخلاص وحبور،وكان مما زادها حيوية وحبورا أن رزقهما الله ابنا وبنية جميلين بعدما تأخر بينهما الإنجاب بعض الشيء وذهبت بهما الظنون مذهبها،وشكرا لله وقياما بالواجب فقد بذل الوالدين كل جهديهما لتربية أبنائهم على أحسن القيم وأفضل الطباع،علم ومعرفة،قدرات ومهارات؟؟.

فكم في حياة أسرنا من"تينينة"أحرقت نيرانها حياة"ساكوت"ومزقت ضغائنها وتحايلها زواج"مبيرة"وعرضت براءة الأبناء لسهام التفكك وسيوفه النفسية والاجتماعية،زميلات وخليلات،جارات وحليلات وجاريات خادمات،عانسات ومتزوجات وأمهات عازبات بأبناء أو بدون، براتب أو بدون وبمسكن أو بدون،في الثانويات والمعاهد والكليات،عاملات في مقرات العمل وأطقم الشركات والمقاولات والجمعيات والتعاونيات،وعبر الأندية والمواقع والشبكات...،سلاح الجميع المبتلى هو البهاء والدهاء والبحث عن المتعة ولو في الحرام والشقاء،وعجز الجميع هو النفس الأمارة وضعف الوفاء والفقر وتهميش القيم، وبالأخص وبالأخص قيم العفة وإهمال التزين(جلد الثعبان)بل والأبهة(عقد الرقطاء)،إهمال اللعب والترفيه(الصيد والسباحة والغابة..)،وما اهتم بغيره من يهمل الاهتمام بنفسه،فاحذروا الإهمال والتبلد والجفاء تسلم لكم أسركم وصحبة أزواجكم و زوجاتكم،وتضعون بينكم وبين الفطريات الأسرية الخبيثة سدا منيعا يحصن ما بينكم وبين الله من ميثاق الود والمحبة والوفاء والإخلاص والعفة والاحتساب؟؟.
الحبيب عكي
اقرء المزيد

الأحد، 12 فبراير 2017

http://akkioasisdesarticles.blogspot.com/

جلد الثعبان وعقد الرقطاء(1)


لا يزال مفهوم الأسرة وأشكالها وتحديات استقرارها وخلق سعادتها والمحافظة على رقيها وتقدمها وتحقيق أهدافها في المودة والسكينة وتخريج أفراد صالحين ومصلحين لأنفسهم وللمجتمع،لا يزال كل هذا إشكالا حقيقيا مطروحا على العديد من الزيجات إن لم يكن على كلها،خاصة تلك التي تكون معرضة للعديد من تهديدات لا تنتبه إليها أو قيم وأخلاق تتنكر لها وتزهد في فضائلها أو ربما انحرافات تستهين بخطورتها وتنغمس في نتانتها،وهي على كل حال بمثابة فطريات خبيثة تظهر في البداية تعايشها في وئام مع الأشجار المثمرة أخذا وعطاء،و لكن سرعان ما تنقلب عليها وتنفث فيها كل سمومها وفطرياتها الخبيثة فتقوض جذوعها وتيبس أغصانها وفروعها وتفسد ثمارها وظلالها؟؟.

         وفي هذا الصدد، تحكي الأسطورة الأفريقية القديمة المعاصرة كما أوردها "حسن عبد القادر"في كتابه "الأساطير الأفريقية"،وما أدراك ما الأساطير الإفريقية حيث الواقع والخيال والسحر والحكمة والصراع الدائم بين الخير والشر والحق والباطل،تحكي الأسطورة أن الأمير"ساكو"والأميرة"بير"شابان قد تزوجا عن حب وإعجاب،وعاشا متآلفان سعيدان في أسرتهما المثالية،وما من شيء يعكر صفوهما لا مللا ولا إهمالا، وقد ظل الوضع بينهما كذلك إلى أن جاءت القرية أسرة غريبة رحب بها أهل القرية وتضامنوا معها في هجرتها ومحنتها الشاقة،وبسرعة فائقة استقرت واندمجت الأسرة المهاجرة بين أبناء القرية وتعودت على عاداتها وتعرفت على أهلها وكأنها منهم منذ زمان،كانت الأسرة المهاجرة تتكون من الزوج والزوجة بالإضافة إلى ابنتهما اليافعة "تينو"وكانت باهرة الجمال وافرة الخبث والدهاء؟؟.

         كانت الشابة "تينو"كل يوم ترمي شباك سحرها وإغرائها وفتنتها على من يعجبها ممن تتفرسهم من فتيان القرية الأقوياء،والغريب أنها رغم رعونتها تلك كانت ترفض الزواج من كل من تاسرهم وتسحرهم ويتقدمون إلى بيتها لخطبتها،كانت الأم قلقة من تصرفات ابنتها الغريبة وخاصة من أفكارها عن الزواج والذي كانت تحضها عليه طوال الوقت،طمأنت البنت أمها بأن لا تقلق بشأنها وبأنها ستتزوج قريبا ولكن من أغنى فتيان القرية وليس من أولئك الفقراء الذين يتقدمون إليها،لأن الفقراء حسب زعمها لا يستطيعون تحقيق أحلامها فبالأحرى مساعدة أسرتها لتحسين أحوالها،وتعويض ما عاشوه من الفقر والحرمان بعيش الملوك الأغنياء السعداء؟؟.

         وكم كانت المفاجأة عندما أخبرت "تينو"أمها بأنها ترمي شباك فتنتها على الأمير"ساكو"،فقط ألا تخبر أحدا بذلك بما فيهم أباها،وطبعا رفضت الأم فعل ابنتها بدعوى أن الأمير رجل ليس من طينتها وبأنه رجل متزوج مستقر مع زوجته الأميرة و هما سعيدان في أسرتهما،وبأنها إن أصرت على خطتها وأقدمت عليها وكتب لها النجاح حتى، فإنما ستكون الزوجة الثانية وهي بمثابة الخادمة الذليلة وما ستتعرض لها طوال حياتها من الإهانات والمعاناة؟؟.لم تسمع"تينو"الكلام واستسلمت لعواطفها وأصرت على رأيها وأقدمت على خطتها،وكانت أول ما بدأت به أن تقربت من زوجة "ساكو"تخطب ودها وتعرض خدمتها،ولما استأنست منها بعض الود والصداقة أخذت تستقي منها أحوال زوجها،ما يحب وما يكره،ما يأكل وما يشرب وما يلبس وأين يذهب وكيف ومتى...،فعلمت منها أن هوايته في الصيد وأن خروجه يكون فجرا عبر الوادي وعودته ليلا من الغابة؟؟.

         اعترضت"تينو"ممر الأمير"ساكو"وهو في طريقه إلى الصيد في الغابة،واحتالت عليه وسط الأشجار حتى يراها مذعورة فيهرع لإنقاذها ورؤية جمالها،لكنها بخبثها لم تمكنه حتى من ذلك بل اختبأت وهرعت لمجرد أن لمحها الأمير الصياد لمحته الأولى،خطفت الشيطانة لبه وأخذ يبحث عنها بين كل أعشاش الغابة غير مبال بما جاء من أجله من صيد الدواب أم حتى ما يهدده منها من أخطار،لم تظهر الفتاة مرة أخرى إلا في يم الوادي تسبح بكل روعة وفي كل غطسة في اليم كان سحرها يغرق لب الأمير،الذي آثر تركها تتم سباحتها وهو يرتوي تلصصا من جمالها وأنوثتها الغجرية الفاتنة،إلى أن جمعت البهية أغراضها بعدما أدركت غرضها وأوقعت بفارسها،الذي نسي صيده واكتفى  في خرجته تلك أن يعود خاوي الوفاض،ويكتفي باقتفاء أثر الفتاة الساحرة خطوة خطوة،وهي تعود إلى القرية إلى أن دخلت باب منزلها،وبعدها....؟؟.

الحبيب عكي

اقرء المزيد

السبت، 11 فبراير 2017

http://akkioasisdesarticles.blogspot.com/

مدونة واحات المقالات



        إلى الإخوة والأحباب والأصدقاء،قرائنا الكرام،نخبركم أننا قد أنشأنا بفضل الله مدونة خاصة،تحتوي على العديد من مقالاتنا التي دأبنا على تقاسمها مع الجميع.عنوان مدونتنا:"مدونة واحات المقالات Oasis des Articles"،رابطها 


زياراتكم تسعدنا  وقراءاتكم تشرفنا.
  تحياتي
 الحبيب عكي.

اقرء المزيد

الاثنين، 6 فبراير 2017

http://akkioasisdesarticles.blogspot.com/

إعداد المشاريع...لغة التغيير التي لا نتقنها؟؟


      كثيرا ما يقف المرء على أمر مجتمعي مقلق فيقيم الدنيا ويقعدها ولا يتغير شيء،بل ربما مرت الأيام وتغير ذات المرء وغيره ليعتادوا على الأمر المقلق ويطبعوا حياتهم معه،بل ربما ألفوا رداءته وحاربوا من حاول بعدهم التغيير فتستفحل الأمور وتزداد تعقيدا ؟.وقد يمر المرء بالمقابل على أمر طيب مفرح فلا يبالي به ولا يعتبر نفسه معنيا بدعمه واستمراره أو بنشره وتعميمه،وقد تمر الأيام وتنال من الأمر الطيب وتضعفه ربما إلى درجة قد تجمده أو تزيله لتجد الناس بعدها يتباكون عن يوم لم ينتبهوا إليه ولم يدعموه كما يلزم حتى يحافظوا عليه ؟؟؟.


         إن التباكي عن الأمور الطيبة لا يغير من الواقع شيئا والتطبيع مع الأمور السيئة لا يزيد الواقع إلا سوءا وفسادا،بل الذي يغير ويصلح هو فعل الإنسان وتدخله المشمول بعناية الله تعالى وتوفيقه،من هنا استعمر الإنسان في الأرض وحمل أمانة الاستخلاف،وكلف بالدعوة والإصلاح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر،وشرع له دعم الخير ومحاصرة الشر والتعاون على ذلك بدرء المفاسد وجلب المصالح،وتلك بصيغة أخرى أهداف المشاريع ولغتها التي ينبغي أن نتدرب عليها ونتقنها وبقدر ما يتحقق بها من القيام بالواجبات؟؟؟.دعك من كوننا نحتاج إلى مشروع الثقافة لا إلى ثقافة المشروع،ودعك من كون العديد من الجمعيات التي سعت وراء المشاريع والتمويلات قد حادت بها عن مشاريعها الأساسية التربوية والثقافية والتكوينية والإشعاعية مقابل تمويلات قد تأتي وتمضي بشيء من التجهيزات ودون أي شيء من المنتوج الفكري أو استيعاب بشري يذكر،ودعك حتى من أيهما أجدى مشروع تمويل لبناء "خصة" كانت موجودة فكسرها المواطن،أو مشروع لتربية المواطن على احترام الملك العام حتى لا يكسر دورة المياه هذه أصلا ولا نعيد بنائها ؟؟؟.المشروع ليس مرتبطا بالدعم المادي ضرورة،بل بالتغيير أولا،وبالتعاون والمشاركة أيضا،ولا تعدو أن تكون فيه المسألة المالية إلا وسيلة من الوسائل قد تكبر أو تصغر ولكن أبدا لا تتوقف عليها كل المشاريع،فإنشاء جمعية مثلا مشروع وتدبيرها مشروع وإعداد نشاطها وإنجازه مشروع وشراكاتها ومشاريعها،تربية النشء وتخريج القادة،تعلم علم و إتقان لغة...،كلها مشاريع بما تعنيه من تفكير قبلي شمولي مفصل ومحيط،بدءا من الإشكال والفكرة والدواعي إلى وضع المشروع وتحديد الهدف العام والأهداف الإجرائية مرورا بمختلف مكونات المشروع و وسائله وجدولته الزمنية للتنزيل وانتهاء بالميزانية والطاقة البشرية المتدخلة والداعمة والمقومة...والأكثر من ذلك العزم الأكيد على التنزيل ومكابدة المستجدات والعقبات،فالمعروف أن التسويف والتواكل وتقاذف المسؤولية يضيع الإصلاح؟.فأين نحن من إعداد المشاريع،من التخطيط والبرمجة والانجاز والتقويم والإعلام،أين نحن من لغة التغيير الحقيقي التي لا نتقنها،أين نحن من ثقافة وضع الرؤية والرسالة والمخطط المتكامل والمتماسك والذي لا تتجاوزه الأيام في مداها القصير أو المتوسط؟.أين نحن من رصد الحركة المجتمعية لمعرفة الهيئات والمؤسسات والشخصيات والفعاليات التي تسير في اتجاهك الاصلاحي وتدعمك أو التي تسير عكس ذلك فتحاربك أو تشوش عليك؟.أين منا مشاريعنا للانفتاح والتعاون والتنسيق مع الغير على الخير وجهود التنمية وجهادها يسع الجميع ويحتاج إليه؟.أين منا مشروعنا لإشاعة هذه الثقافية في الجمعيات والتعاونيات والمؤسسات والأحياء السكنية وغيرها من الهيئات الرسمية والمدنية؟.وكم سيكسب الجميع بانتشارها وتجدرها في حياة الفرد والمجتمع وفي أبسط الأمور كما في أعقدها؟.كم مرة يحتج المرء على أمر مقلق في أسرته أو حيه أو مؤسسته أو قطاعه مثلا،فإذا قلت له ما هو الحل وماذا تقترح من بدائل،قال لا أدري المهم أنه مسؤولية الغير،وهذا الغير لا يتحرك في الغالب بدون مشاركة غيره،وغيره هذا ينتظر غيره...،ولا يسعف في كل هذا غير ثقافة المشروع والتدبير التشاركي والمساطير المواطنة المتعاونة،يعني ثقافة المخطط والمشروع التي تتيح للجميع التفكير الدقيق والشامل حول الإشكالات المطروحة كما تتيح المشاركة الجماعية حول الممكن والمفيد والأرخص والأسرع  والأجدى من الحلول ؟؟؟.

         إن إعداد المشاريع ذاتها ثقافة خاصة ولغة أكثر خصوصية،فأي إعداد يناسبك كفرد أو جماعة،كتربوي أو تنموي،في وضعك المحلي أو الجهوي أو الوطني،إعداد بالأهداف أم إعداد بالنتائج أو إعداد بالتشارك وبالفحص قصير المدى(D.C.A)...،هل يدرك المرء حقا ما بين الغايات والأهداف والوسائل والمؤشرات من اتصال وانفصال وما يرتبط بكل منها من أفعال إجرائية أو سلوكية تغييرية وبنائية كمية وكيفية استراتيجية عميقة أو مرحلية تكتيكية...؟.هل يستطيع المرء أن يبني مشروعه على تشخيص حقيقي وحاجيات غير وهمية وكيف يمكن أن يقوم بذلك والأمور تتغير في كل يوم وتتجاوز في كل ساعة،مما يجعل العديد من المشاريع تفكير آني في الزمن الماضي تموت قبل أن تولد،وقليلة أو عديمة الجدوى حتى لو دعمت بالملايين وأطعمت بملاعق من ذهب ؟.ما قدرتنا على تعبئة الشركاء والفاعلين والمستفيدين والعاملين والحفاظ على جسر التعاون مع الجميع،خاصة إذا كان المشروع ذو أرباح معنوية أكثر منها مادية ؟؟؟.كيف هي قدرتنا في البحث على الممولين والداعمين المحليين والوطنيين والدوليين عند الحاجة،وكيف هي قدرتنا في التفاوض والدفاع عن المشروع وفرض قيمه المضافة بكل إقناع واستحقاق أمام لجنة التحكيم والاختيار  حتى لو كانت منحازة؟.كم مشروعا قوبل لنا وبأية مواصفات،وكم دبر منها بنجاح وبأي عائد تربوي ودعم جمعوي؟. كيف هو نظامنا التربوي في الأسر والمدارس والجمعيات مع البحث العلمي التنموي والسوسيوثقافي،مع الفكر المشاريعي ونحن نسمع عن المشروع الشخصي للتلميذ ومشروع المؤسسة و فكر الابداع والاختراع والمقاولة والإدماج والمواطنة ؟. وكيف نحن مع التوثيق والإعلام والتسويق حتى يستفيد من تجاربنا الآخرون هم في أمس الحاجة إلى ذلك كما نستفيد نحن من تجارب غيرهم في الشرق أو الغرب ممن سبقونا إلى ذلك وتقدموا به خطى ثابتة في اتجاه تجاوز التخلف والأزمات،والرابح على كل حال هي ثقافة  التقاسم وتراكم الإنجاز التنموي على مستوى البلدان ؟؟؟.

         خطوات ولاشك مضنية ومعقدة وليست في استطاعة الجميع ولكن لابد منها،لأنه ليس دونها غير العبث والارتجال والغرق في متاهات المتاح وهي لا تجدي والطوارىء التي لا تنتهي ولا تزيد بنا نحو تحقيق الأهداف والمقاصد بل بالعكس ؟.الأمر صعب ولكن بالتدريب الهاوي والمحترف وبالتكوين المحلي والوطني قد يصبح الأمر سهلا ولعبة مسلية وممتعة ؟.الأمر صعب ولكنه الطريق المعبد الذي سلكته المؤسسات والدول التي غيرت أوضاعها إلى الأفضل في الشرق وفي الغرب،فهل نسلك طريق التنمية العالمية أم نكتفي بمجرد إتقان معظم لغات العالم واستهلاك صناعاته بعيدا عن إعداد المشاريع وهي لغة التغيير الحقيقي ولغة التنمية البشرية الشاملة والمستدامة ؟؟؟.قصم ظهري رجل يقول أنه ليس لديه هدف يحركه لأي شيء وهو سعيد في أسرته منشغل مع أبناءه مستقر في عمله الذي يشرف فيه على التقاعد...لا تنتظره ترقية ولا امتحان وليس لديه سفر ولا بيع ولا شراء ولا مقاولة،فعلى ما سيقرأ و لما سيتحرك،من يرغب اليوم في أية خبرة أو تجربة أو إبداع فيحركه،من يحمل هم غير مصلحته الشخصية؟؟؟.لكن وجدت بعض السلوى فيما يحكى من أنه كان هناك في مناطق الجنوب أيام الاستعمار وبينما كان الناس يحتجون ضد المستعمر وتدخلاته الفجة ضد الهوية الحضارية والخصوصية الوطنية،كانت ردة فعل أحد فقهاء المنطقة ومشروع مقاومته أن جمع ثلة من أبناء المنطقة يحفظهم القرآن الكريم ويعلمهم العلوم الشرعية،ولم يمضي وقت طويل حتى اشتهرت مدرسته العتيقة وأقبل عليها الطلبة من المناطق المجاورة ودعمها الوطنيون الغيورون،فكان من ثمراتها الطيبة والسريعة أن تخرجت منها أفواج من الفقهاء العالمين العاملين سرعان ما انتشروا في تلك الربوع وغيرها من الربوع الوطنية ليحافظوا أولا على تدين الناس وهويتهم والقضاء في نوازلهم بدون بدع ولا خرافات،بل ويساهموا من مكانتهم في المقاومة والتحرير مساهمة لا تقل عن مساهمة غيرهم من الفدائيين والوطنيين،إنها لغة المشاريع الكيفية والكمية أو لغة التغيير الحقيقي والذي وحده ووحده فقط يقود المؤسسات والمجتمعات إلى الأفضل،والذي معه ومعه فقط يرشد العمل ويكبر الأمل ؟؟؟.
  الحبيب عكي
اقرء المزيد

الأحد، 5 فبراير 2017

http://akkioasisdesarticles.blogspot.com/

في مقام الرصد على مقام البرد؟؟


       عذرا عزيزي القارىء،فأنا لا أعرف شيئا عن مقام الرصد ولا البياتي،ولا أعرف شيئا كثيرا عن البحر الطويل والقصير ولا الأبيض ولا الأسود،الوديان والبحور لا أتقن السباحة فيها و تغرقني،والألحان والمقامات المتعسف عليها لا تطربني،غير أن مقام البرد لا أدري كيف يتلبسني في بحر الصيف والشتاء،على بطن خاوية وأمعاء ثاوية وأسنان مصطكة باردة،تقطعت بها وبصاحبها السبل وأعياها الانتظار،وكان حتما عليها أن تتجرع زخات المطر و أطباق الثلوج وهبوب الرياح وسكون الأفراح في الوادي وبين الأهالي،بل أين المأوى وأين الأهالي،أين الحقول وقد جرفها الوادي أمام أهلها ولا يبالي،وأين البهائم وقد نفقت تحت الثلوج في الأعالي؟؟.

        نحن لا نشكو شيئا أي شيء يا ربنا،وعلى ما نشكو وكل ما استطاع القوم أن يعكروا به صفو حياتنا،مجرد موجة برد قارس،وكل حياتنا بك يا رب دفىء وبهم يا ربنا برد قارس، سخروه علينا سنين وسنين بل عقودا وعقودا تركت الأمة في ثلاجتهم المفتوحة جامدة هامدة أو تكاد؟؟.هؤلاء المسؤولون ممن يتولون أمرنا وتسيير دنيانا،يسكنون القصور الدافئة،ويلبسون أحسن الثياب ويتدثرون بالوثير من الفراش،ويأكلون أشهى الأطعمة ويشربون المياه المعدنية الصافية،-بالصحة والعافية- ولكن ما بالهم يقولون لعبادك المحاصرين وسط الصقيع في السهول والجبال والغارقون في الأوحال وقد تقطعت بهم الأوصال وساءت الأحوال:"وما لكم ألا تشربوا غدير المطر،وتطلوا لكم للدفىء الأوحال،أو مالكم لا تنطحون رؤوسكم ضد الحيطان وتشربون لكم الدماء وهي تجري بينكم كالوديان؟؟.

        نحن لا نشكو يا ربنا ضعفنا وحرماننا وهواننا إلا إليك،نحن شعب الثلج في المغرب غير النافع استوطنا الجبال والفيافي،وقهرنا البرد والصقيع  كما قهر أجدادنا الأعادي في الوادي والضفاف،كيف نشكو إلى القوم قطع الطرقات والطرقات عندهم معبدة سيارة،أو دفن الثلوج لكهوفنا والثلوج عنهم تجرفها وتفتحها الجرافات،أو قطع الأسواق الأسبوعية والأسواق عندهم يومية ممتازة،أو حصار العربات والحافلات عبر الممرات أيام وليالي و هي عندهم برية وبحرية وجوية لا تحاصر،أو غياب مستوصف وفي جل عمارتهم مختبرات وعيادات وصيدليات،أو تعطيل المدارس والمدارس عندنا مشتركة المستويات، منذ كم وكم وهي عندنا معطلة،لا ظهرا وعلما تبقي ولا أرضا تقطع أوطفلا تنفع وللتفوق تدفع؟؟.نحن فقط نريكم هذا الذي ترون في كل نشرة على تلفازكم لعلكم ترونه على حقيقته ببصيرتكم قبل أبصاركم:

1-   طفل قروي من شدة البرد والصقيع يرتدي أكياسا بلاستيكية له أحذية وجوارب،ولما ترجل فوق الثلج يلعب رغم كل شيء،وكأنهم قد رأوا أثر قدميه العملاقة على الثلج بالأقمار الاصطناعية،و للتو حلت في القرية سيارات رباعية الدفع،ومروحيات وكاميرات ومصورون ومصورات،يبحثون عن "رجل الثلج" الأسطورة،لعلهم يحظون منها بشريط سينمائي وثائقي غير مسبوق،أو على الأقل وبالمقابل يقبضون على هذا الذي لا يزال مصرا على إفشال مشروعهم"زيرو ميكا"،وهو يغني مع الأطفال أغنيتهم الشعبية المشهورة:"والو...والو...والو...ما عندنا والو...والو...حتى زفتة والو..."؟؟.

2-   ولا أتحدث عن رب أسرة فقد كل صلاحياته ولا حول له ولا قوة،بل لا منقذ ولا متدخل ولا مساعد إلا أن يدركه الله برحمته وألطافه،فالطريق مقطوعة،والسوق معطلة،والأطفال بردى عطشى وجياع،والماشية تحت الثلج والدواجن من شدة البرد قد نفقت،والمساعدة قد أبطأت وأخطأت،والزوجة مريضة ومن شدة مرضها ومباغتة حملها وقرب وضعها الصعب،لم يجد الأهالي بدا من أن يفعلوا تضامنهم ويحملوها على نعش كالموتى،ولكن إلى أين،إن لم يكن إلى بساط ثلاجة الصقيع المفتوحة التي ستقضي فيها قضائها؟؟،الأنين لا ينقطع والطريق لا تنفتح والمستشفى لا تقترب،ومروحية الإسعاف لا زالت مشتغلة في التلفاز؟؟.

  لله ذر العديد من دول البرد والصقيع في روسيا وسيبريا والإسكيمو والقوقاز والصين ومنغوليا...،وقد كان حظها  أضعاف مضاعفة من قساوة الطبيعة ومآسيها التاريخية من الفياضانات والثلوج والزلازل والبراكين...،وكم كانت لهم من حكايات وأساطير حول البرد والثلوج والصقيع وغيرها،ولكن بعزمهم وإرادتهم حولوا تلك الحكايات والأساطير إلى حقائق واقعية،قهروا بها كل ظروفهم الطبيعية القاسية أو على الأقل خففوا منها بدرجة كبيرة،فإذا حكاية التنين العملاق يصبح قطارا عملاقا،يخترق كل تلك الدول من الصين و روسيا وسيبريا  والقوقاز والتبت ومانغوليا...،وإذا بكل دول المنطقة يوحدها ويخترق مناطقها الوعرة  هذا القطار الجبار،فلا انعزال ولا حصار في مثل هذه الدول الحديثة والحداثية فعلا،وإذا بالجليد القطبي تمزقه مجرد كلاب الإسكيمو من فصيلة"الهيسكي"الوفية القوية تجر عربات البريد والتسوق،وعربات السياحة والاستكشاف،فازدهرت الرواية الأسطورية والسياحة الدولية والسينما العالمية،ولم تتعطل المدارس؟؟.

نحن لا نحلم بمثل هذا أو بعضه،وإن كان مجمله في المتناول ويمكن تحقيقه على أرض الواقع،فقط لو استطعنا في البداية محاربة هذا البرد السياسي والاجتماعي،الصحي والتعليمي،وحتى بعض البرد المدني الغريب عن مناطقه وهموم أهلها؟؟.وإلا فقط،ما معنى أن نجد مجرد نادي رياضي للطيران قد يملك عددا من المروحيات أكثر من الذي تملكه وزارة الصحة؟؟،وإلى متى ستظل أسطورة كثرة الإكراهات وقلة الإمكانيات واهية لا تنطلي حتى على دعاتها،وطالما فضحتها المهرجانات الفلكلورية والفنية والرياضية والموازينية...،والتي تغيب فيها كل الإكراهات وتظهر فيها بقدرة قادر كل الإمكانيات وتصرف بسخاء كل الميزانيات المليونية وحتى المليارية؟؟.ويبقى الأسوأ في الموضوع أن بعض السلطات في بعض المناطق والجهات لا تجد خجلا ولا وجلا من أن تمنع بعض المبادرات المدنية التلقائية،من تقديم بعض المساعدات لإخوانهم البدويين المتضررين على تواضعها،بدعاوي واهية لا يقبلها منطق ولا عقل،خاصة وإن قوافلها ونشطاؤها قد يكونون قد قطعوا من أجل إيصال تلك المساعدات آلاف الكيلومترات من الداخل أو من الخارج؟؟.

و أخيرا،كيف نعمل على إنجاح النقطة الوضاءة في الموضوع ونحقق رسالتها وأهدافها،ألا وهي المبادرة الملكية لتقديم المساعدات وإنشاء المستشفيات العسكرية الميدانية في المناطق القروية المهددة بموجة البرد والصقيع،أين نحن من رسالتها التي تقول بالعناية الفائقة بالمواطن كل المواطن،عناية استباق ومواكبة وإنصاف ومصالحة...،في الجبل والقرية كما في السهل والمدينة؟؟.أين نحن من مبادرة انتقال المسؤولين إلى المواطنين لتفقدهم ومساعدتهم؟،وأين نحن من انتقال الأطباء إلى المرضى للعطف عليهم ومعالجتهم؟،إن الفقر وحده لما رأى دفىء المسؤولين وعطفهم على المواطنين قال لهم :"مالي ولبلاد الحب والدفىء،وماذا سأجني في بلاد عسكرها يساعد فقرائها ولا يطلق عليهم النار في الساحات والميادين"؟؟،وإن المرض وحده لما رأى هذا السلوك الدافىء للأطباء  المواطنين المناضلين قال لهم كالجن الجبان:"لا عليكم لقد أحرقتموني بعطفكم وحبكم،فلا أسفار ولا مواعيد ولا سمسرة في العمليات وشراء الأدوية،الكل في الحين وبالمجان،وفي الحين وبالمجان،أنا أيضا سأغادر أجساد المرضى حتى قبل أن تمسوها وتعالجوها"؟؟.صدق من قال:"الرضا مقام،والشكر حال وإن شكرتم لأزيدنكم،فاللهم عل مقامنا بين المقامات وحسن أحوالنا بين الأحوال؟؟.
                                    
                                                                                                                
                                                          الحبيب عكي
اقرء المزيد

السبت، 4 فبراير 2017

http://akkioasisdesarticles.blogspot.com/

ابنكيراين يهزم أينشتاين؟؟


يقول العبقري"أينشتاين":"أنه من الغباء أن ينتخب نفس الشعب في نفس البلد نفس الحزب بنفس الأشخاص،بنفس الطريقة و الحماسة والنمط الاقتراعي،لنفس المهام في نفس المناخ في نفس المدة بنفس البرامج والمخططات،وينتظر منه تغيير النتائج  وإنجازات مختلفة وأفضل"؟؟.ويظهر أن "بنكيران"قد أصبح عبقريا أكثر من الفلاسفة والسياسيين وهو القائل:"إذا كان فريق "الكابتن عبدو" يلعب بشكل جيد فلماذا تريدوننا أن نغيره"؟؟،وهو القائل:"إذا كان فقط،هذا الذي سيفعله الآخرون في البرلمان والحكومة،فلماذا لا نفعله نحن والسلام"؟؟،بل رد على الذين انتقدوه في ترشيح بعض الوجوه الذين عششوا في البرلمان وأدمنوا رواتبه وطبعوا مع غوغائيته:"أتريدوننا أن نلعب بلاعبين هواة أم محترفين"؟؟.

        ويظهر أن الشعب قد اقتنع مرة أخرى ب"أينشتاين"مغربه وزمانه ولا زال يجرفه مستمتعا "تسونامي البيجيدي"ويصوت عليه فرحا في كل الاستحقاقات الوطنية وللمرة كم..وكم..وكم،معتقدا في وعوده الانتخابية التي لا يتحقق معظمها،وآملا في التغييرات الديمقراطية اللازمة للحياة السياسية في البلاد والتي يزداد تعقيدها، أو ربما مقتنعا فقط بالهوية الفطرية والمرجعية الدينية للحزب وأياديه النظيفة،وبالتجربة الرائدة التي تخوضها المجالس الجماعية الحضرية منها والقروية وحتى الجهوية رغم حداثتها،هذه المجالس الترابية التابعة لحزب"البيجدي"والتي أنجزت وتنجز في المغرب فعلا ثورة تنموية تأهيلية بنيوية تشاركية لم ينجزها غيرها من السابقين والعابثين والناهبين عبر 60 سنة مضت؟؟،وأصبح المغرب مع "البيجيدي" في وقت وجيز وكأنه قد وضع على السكة التنموية الحقيقية ولا يفتىء قطارها يمخر عباب الوطن طولا وعرضا سهولا وتلالا وديانا وجبالا،يساهم فيها في زرع بذورالعدالة المجالية وتوزيع فسائل التنمية البشرية و رعاية أزهار الإنصاف الاجتماعي والمصالحة السياسية،مما جعل الشعب ينظر إليه نظرة أمل وهوية وأصالة فمد بينه وبين الحزب حكمة :"أول الغيث قطرة ومن كان على الدرب سار ومن سار وصل"،وحديث رسوله صلى الله عليه وسلم:"عرفت فالزم"،عرفت كل شيء كما يخاطبك به "بنكيران"،ورأيت كل شيء كما تنجزه لك الجماعات الترابية التي يسيرها حزب "بنكيران"،وشاهدت وتشاهد كل شيء من التشويش كما لا تمل منها المعارضة على"بنكيران"،فلماذا لا تركب قطار الصلاح والإصلاح وهو أقل ما يستحق منا ومنك الوطن؟؟.

        هذا عن الشعب،أما النظام فيبدوا أنه هو الرابح الأكبر،ورغم ما يتجرعه من ضغوطات النظام الدولي والمناخ العربي الإقليمي الانقلابي،فقد أبى إلا دعم وتعزيز هذا الاستثناء والنبوغ المغربي بكل فخر واعتزاز، تجديدا دستوريا 2011، واحتراما لنتائج الانتخابات واختيار رئيس الحكومة من حزبها المتصدر،وتطبيع العلاقات معه بدعم حكومته، لتستمر مختلف جهود التنمية عبر الشرقي من جهات المملكة وغربيها،وإن وعى بكل خيوط اللعبة الواعون،ولم يفتىء تحكمهم يستثمرها بدوره لتمرير قرارات وتقديم ولاءات ما استطاع الثوريون والانقلابيون في ربيعهم العربي تمرير ولو عشر معشارها؟؟،إنها فضيلة الإصلاح في ظل الاستقرار ولعبة الرابح رابح، والرابح في الأول وفي الأخير هو الوطن والمواطن أو على الأصح بعض المواطن؟؟.ليبقى الخاسر الأكبر بلا شك هي المعارضة من أجل المعارضة،معارضة بئيسة ظلت الأغلبية تفوقها أغلبية ومعارضة،فظلت المسكينة تندب حظها وتجيش إعلامها وأقلامها ومواقعها وحتى شوارعها التي لازالت تشهد على مسيراتها "الحميرية"و"المتخلى عنها" دون جدوى؟؟،إذ لا تبلغ تمثيلية مسيراتها الوطنية من كل حدب وصوب ولو ربع مهرجان "بيجيدي" محلي واحد،فما بالك بمهرجان وطني حاشد تحضره عشرات الآلاف وتتابعه ملايين الشعب؟؟.

        لقد احتدم النزال خلال الحملة الانتخابية،وستظل معظم الأحزاب ورائها تجر أذيال الخيبات وتتالي الخسارات، ما لم تفهم الدرس الديمقراطي والنضالي ل"البيجيدي"الذي يبدو أنه قد أنهى عهد الدكاكين السياسية الموسمية والأحزاب الشكلية الكرتونية وحتى الإدارية التحكمية،فأصبح خيارها الوحيد من الآن فصاعدا هو إما أن تكون أحزابا فعلية أو لا تكون؟؟.ولعل هذا من أهم إنجازات "البيجيدي"التي سيظل يذكرها له الوطن عبر التاريخ. لقد فكت الحملة الانتخابية للاستحقاقات التشريعية المغربية 07 أكتوبر 2016 عقدة ألسن الجميع،وصرخ الجميع بأنه حزب وأي حزب وله قائد وأي قائد،"أينشتاين" ولا "أينشتاين"،وكل "اينشاين: يظن نفسه "هتلر" وله من المناضلين ما يفوق شعب "الفوهرر"بل شعب الصين الشعبية الذي لو هب على جبل لجعله دكا دكا،ولو أقدم على صناديق الاقتراع يملؤها ما ترك فيها لأحد من ورقة؟؟،مناضلون قد أعلوا طموحاتهم و يمنون أنفسهم بالحصاد والاكتساح،كيف لا وبعض"أينشتيناتهم"قد تفتق لهم مخهم عن فلسفة أصيلة طالما جلبت إليها أصحاب،"المرقة"و"الزرقة"و"الطبل والغيطة"،وعن برامج واكتشافات تنموية معاصرة،ل"الحشاشين"و"البصاصين"ومرضى"الدمى الصينية"و"محاربة "الأخونة"ب"الأعونة"،وكل هذا قد سحقه "بنكيران"-تبارك الله عليه- سحقا،بل ها هو الليلة بفضل الله يستقبله جلالة الملك يعينه رئيس الحكومة لولاية ثانية ويكلفه بتشكيلها،ليسحق بذلك حتى أولئك الذين لم يستسلموا في تهييىء الأجواء النفسية للارتداد على الخيار الديمقراطي بمخالفة الدستور وتعيين رئيس الحكومة من "تقنوقراط"لا يعرف معاناة تسيير حزب سياسي،ولا خاض حملة انتخابية قطعت أحذية مناضليه،ولا نظم مهرجان حاشدا وخاطب فيه الناس فأقنعهم،ولا صوت عليه الشعب ونال ثقتهم عن جدارة واستحقاق،ورغم ذلك تخول له نفسه المساهمة في الانقلاب على إرادة الشعب ومصادرة حلمه في مغرب ممكن وأفضل؟؟.ولكن ورغم هذا، فقد كادت تجمع الأحزاب كلها على تشخيص دقيق للأوضاع،وبرمجة حلول لها لا تكاد تتمايز بينها في شيء إلا لماما، وفي أشياء محدودة ومجالات ضيقة لا يفسد فيها الاختلاف للود قضية،ترى هل سيستمر الجميع بعد الانتخابات في تبيان حسن نواياه الانتخابية وعزائمه التعاونية أم سرعان ما سيعود الجميع إلى المعتاد من الصراع والتنازع والتشويش والعرقلة وغير ذلك من "القيامة"السياسية التي لم تؤدي يوما إلا إلى الفشل والخذلان على حساب الوطن والمواطن؟؟.

        ليكن مهما يكن فالمسؤولية جد جسيمة ولن تبقى ملقاة إلا على كاهل حزب "البيجيدي" الفائز و"أينشتاينه" "بنكيران"- حفظه الله -، ترى هل سيبرهن هذه المرة على ثقة المواطنين فيه مرة أخرى وفي حزبه وما واخذهم به ووأخذوه عليه في الله؟،هل سيخوض الإصلاح الحقيقي الذي سيكون في مصلحة الجميع؟،هل سيتجاوز بعض عشوائية واندفاعية الولاية الأولى التي أعفت الدولة إلى حد كبير من تحمل مسؤولياتها على حساب المواطن،الشيء الذي جعل رئيس الحكومة وكأنه يحكم بمجرد ضغوطات وإكراهات وتوصيات لا بمسؤوليات وصلاحيات وإمكانيات؟،والآن وكأني بنداء الوطن إلى "البيجيدي" وأغلبيته الحكومية المقبلة يقول،وبعد تهنئتهم على نصرهم المبين،وبعد نيل ثقة ودعم جلالة الملك والمؤسسات، لابد من:

1-   ضرورة الحفاظ على الخيار الديمقراطي،بما يعني من التعدد الحقيقي و حكم الشعب والمؤسسات،لا حكم الانفراد والشمول والتحكم والتعليمـــات؟.

2-   ضرورة الانجاز التنموي الحقيقي،إذ لا طائل ولا فائدة وراء مشهد ديمقراطي سفسطائي لا يلبي حاجة المواطن وحقوقه من التنمية المستدامة؟،

3-   ضرورة الانتصار على الضغوطات والإكراهات،إذ لم يعد مقبولا خطب ود المواطن قبل الانتخابات وصفعه بالإكراهات وإيكاله إليها مباشرة بعدها؟،مما لا يعني غير إفراغ الحياة السياسية من المعنى، ورهن الوطن ولاية أخرى بيد العفاريت والتماسيح، وتركيد هموم المواطن تستفحل إلى أن توقظ اللعبة المقبلة مواجعها؟،

4-   ضرورة إنتاج الثروة بعيدا عن جيوب المواطنين المرهقة إلا بقدرها،إذ لا نجاح لكل ما سبق في غياب الثروة،قبل ترشيدها والعدل في توزيعها،وبهذا سيتصالح المواطن حقا مع السياسة بعيدا عن ما هو طاغ الآن من العصبية المقيتة والحزبية الضيقة وشراء الضمائر وريع المنـــــــــــاصب الكبرى والولاءات؟،

5-   الاشتغال بالهموم الحقيقية والأساسية للمواطن،كالإدارة والصحة والتعليم والبطالة والسكن،بعيدا عن كل شيء الذي لا يعني في الغالب إلا لا شيء،فمن مشكل البطالة مثلا تنبع مشاكل الفقر والتغذية والصحة والعنوسة والسكن والأمن والاستقرار والاستثمار والازدهار،إذا عالجتها الحكومة فقد عالجت كل ما يتفرع عنها؟،

6-   تحمل المسؤولية حق تحملها،دون عفاريت ولا تماسيح ولا تحكم ولا بيروقراطية ولا داخلية ولا خارجية ولا..ولا..،فنحن ملكية دستورية والدستور يحدد صلاحيات ومسؤوليات جميع الأطراف،وعدم تفعيله وكذا عدم تفعيل الثقافة الحقوقية كما ينبغي،لا يعدو إلا نكسة وعودة إلى المعتقدات الخانقة التي طالما حاول الشعب دفعها دون جدوى؟،

7-   العناية بالمسألة الأمنية،ليس بسبب الأجواء الدولية والإقليمية المضطربة فحسب،ولكن لتزايد الظواهر الغريبة عن ثقافتنا الدينية التي تحرم الظلم والمس بأمن البلاد والعباد،وأعرافنا الوطنية التي تشجع التسامح والتعايش والتضامن،فما بال المواطن اليوم قد أضحى لا يأمن على نفسه من"التشرميل"الإداري والسياسي والفني والرياضي...قبل الحقوقي والعقوقي والانحرافي،إن المسألة هوياتية تنموية إدماجية،تربوية وثقافية ومدنية بالأساس فلا "زيرو كريساج" قبل "زيرو مخدرات" و"زيرو بطالة وبؤس ويأس"؟،

8-   التواضع في اعتبار المشروعية الشعبية والاعتداد بها لأن مجرد حوالي 02 مليون صوت انتخابي التي حاز عليها الحزب، رغم رمزيتها وأهميتها وضخامتها،فهي لا تمثل شيئا في نسبة 15 مليون الذين لهم حق التصويت، فبالأحرى 40 مليون عدد سكان المغرب؟؟،ولهذا لابد من تهذيب الخطاب اتجاه الجميع وخاصة اتجاه الشعب المسكين حتى لا يسمع من جديد مثل استفزازاتكم السابقةا:"سأقرر هذه الأمور القاسية والتي لا ترونها شعبية(المقاصات والمقايسات والإحتجاجات والتقاعدات والزيادات...)،واللي ما بغا يصوت علي مرة أخرى لا يصوتش"؟؟؟؟؟،وأخيرا،ضمان حق جميع الفصائل والفئات والجمعيات والنقابات...،في الاحتجاج السلمي وحقها في الحوار الاجتماعي،دون تعنيف ولا تكسير عظام أو إسالة دماء في الشوارع على عينك يا "بنكيران"؟؟،

إن تفعلوا هذا إن شاء الله، تنجزون ملامح مغرب جديد فعلا،مغرب طالما كان حلم المغاربة عبر الزمان والمكان، حلم الناخبين الذين سيحسون بعدم ضياع أصواتهم،والمقاطعون الذين ربما راجعوا مواقفهم من العزوف والمقاطعة،مغرب ثورة الملك والشعب والمسيرة الخضراء وكل المسيرات الإصلاحية المباركة،مغرب الديمقراطية والتنمية والعدالة المجالية و التضامن والإنصاف،مغرب الأمن والاستقرار والتقدم والازدهار،مغرب يهزم فيه "ابنكيراين"عفريته وتمساحه "أنشطاين"،فهل يبرهن على ذلك..نرجو ذلك؟؟.
             

  الحبيب عكي


اقرء المزيد

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

المتابعون

المشاركات الشائعة