Top Ad

الخميس، 30 أبريل 2020

http://akkioasisdesarticles.blogspot.com/

سؤال الطفل المغربي ما بعد كورونا؟؟

        يرى الخبراء والمهتمون وكافة الفاعلين والمحللين أن تاريخا مشرقا سيكتب للبلد في خضم معاناة جائحة "كورونا"،وأن مفاهيم هذا المستقبل الجديد وملامحه واختياراته واتجاهاته تنسج الآن في ظل هذا الربيع الكوروني العالمي بكل قساوته وعنفه وفظاعته وبائه وشيوعه،وما ترك الناس مجالا إلا وخاضوا في التنظير له بشتى الوسائل المتاحة لهم،كتابة مقالات وبرامج إعلامية،ندوات سياسية ودورات تكوينية،حملات تحسيسية وتضامنية..،عبر ما استجد لهم من تطبيقات التواصل المرئي عن بعد،وهكذا قالوا في الاقتصاد ما بعد "كورونا"،السياحة ما بعد "كورونا"،العالم القروي ما بعد "كورونا"،المسألة الاجتماعية،المجتمع المدني والحريات وتكافؤ الفرص ما بعد "كورونا"،وكل شيء مما سينضج بشكل أفضل معالم النموذج التنموي الجديد الذي ننتظره من أجل مغرب جديد قوي و صاعد؟؟.

         وفي هذا الاتجاه،أطرح اليوم سؤالا أراه لم يحظى بالأهمية اللازمة في النقاش العمومي كالعادة،رغم كونه الأس والأساس في كل شيء،ألا وهو سؤال الطفل المغربي ما بعد "كورونا"؟،كيف حال طفولتنا قبل هذا الوباء وكيف حالها خلاله؟،ماذا أعددنا لحل إشكالاتها المزمنة والمتفاقمة خلال وبعد "كورونا"؟،ما يلزم ذلك من تصورات سياسية ومشاريع تنموية وتشريعات قانونية وإمكانيات؟،ما هي الجهات القطاعية و مؤسسات التنشئة الاجتماعية التي ستكون مسؤولة عن أجرأة تلك السياسات الجديدة وبأية كفاءة و مردودية  وعدم تداخل؟،أية ضمانات ستقطع بها مع ما عرفته وتعرفه من التضارب وتقاذف المسؤوليات بينها،الشيء الذي يستديم الأزمة و العجز والتدني في هذا المجال الحيوي الذي يرهن حاضر ومستقبل البلاد وهو رافعة الروافع؟؟.

         ورغم كل ما تعرفه بلادنا من الجهود التربوية الجبارة والتراكم التشريعي والتنموي في مجال الطفولة،فإنه وكما وقف على ذلك الجميع أيضا،فإن أزمة "كوفيد 19" قد بينت لكل المعنيين والمتتبعين إشكالات حقيقية و اختلالات عميقة التي ينبغي للسياسات العمومية الحالية والتدخلات المجتمعية الحالية والمستقبلية تداركها ومعالجتها بشكل جاد،حاسم ومسعف،لعلي أجمل بعضها في ستة أولويات وهي:
1- الطفل والصحة.
2- الطفل والأسرة.
3- الطفل و التعليم.
4- الطفل في وضعيات صعبة.
5- الطفل و القيم الأخلاقية والوطنية.
6- الطفل و الحق في اللعب والترفيه.

         1- الطفل والصحة:  بما فيها الصحة العلاجية والصحة النفسية والفكرية والقيمية إلى غير ذلك،كيف لنا بأن نربي أجيالنا الناشئة تربية متزنة غير مضطربة..وسطية غير متطرفة..حوارية غير مكرهة..سليمة ومتكاملة؟،كيف لنا أن نعمق فيهم غرس مفهوم الوقاية خير من العلاج،ونوفر لهم في البادية كما في المدينة ما يحافظون به على عادة الغسل والوضوء والطهارة والاستحمام والترويح، الماء والصابون والتطهير الصحي ومعجون الأسنان والثوب والحذاء الأنيق..؟،أين نحن مما يرتبط به ذلك من تغذية كافية ومتوازنة،وتربية صحية تحسيسية وقائية،وسكن لائق غير ضيق،غير المآرب و"البراريك" التي يلفها الدخان الخانق وتحيط بها البرك الآسنة،أين نحن من مستشفيات جامعية جهوية وإقليمية محلية صديقة للأطفال وعلى ما تتوفر من تخصصات وتجهيزات وكفاءات وحسن معاملات،أين نحن من العيش الكريم والبيئة النظيفة التي يتوفر فيها التطهير والماء الصلح للشرب وتنعدم فيها كل مظاهر التلوث المدمرة للطبيعة البشرية؟؟.

         2- الطفل و الأسرة: وقد توهجت بعدما أغلقت "كورونا" في وجه الأطفال كل مؤسسات التنشئة الاجتماعية إلا الأسرة، لتعيد لها مكانتها الأساسية والمحورية باعتبارها الحضن الطبيعي والمرفىء الدافىء في المجتمع،ولكن،كيف حال أسرنا مع المتعاقب عليها من سياسات التفقير والإقصاء والهشاشة؟، كيف هي مع ظواهر التفكك الأسري والطلاق،والخلافات الزوجية والتوتر ومعاملات القسوة،والتهرب من المسؤولية؟و كيف هي مع الإهمال والاستلاب وغير ذلك مما ينعكس على المجتمع ويشيع فيه مظاهر انحرافها وانحرافه من مخدرات وعصابات وشبكات..؟،كيف هي مع نماذج الأسر المنحرفة للأمهات العازبات ورهطهن والزواج العرفي الرضائي وما يحيد عنه من مقاصد ويهدره من حقوق؟،هل مع هذا سنضمن شيئا من أدوار الأسرة الشرعية المتماسكة ذات هوية ومرجعية و قيم الانتماء والمسؤولية،وهل بهذا سننمي بيننا قيم السكن والسكينة والمودة والرحمة والرعاية والحماية والخدمات،أو على الأصح كيف يمكننا أن نضمن تحقيق وتنمية ذلك؟؟.

         3- الطفل والتعليم: وأتحدث هنا بالإضافة إلى المشاكل التعليمية المزمنة والمستفحلة كإشكالات الجودة والمردودية وملائمة المدخلات للمخرجات؟،أتحدث عن هذا الذي تفجر خلال هذه الأزمة الكورونية دون سابق إنذار،وهو التعليم عن بعد،والذي من الآن فصاعدا،سيفرض ولاشك مكانه في المنظومة كما في غيرها من المنظومات،ولكن من يفتح ورشه بشكل جاد وكل شيء فيه منعدم أو يكاد،المفهوم..البرامج..المحتوى..اللوجستيك..وسائل الولوج..أوجه الاستثمارات التربوية الممكنة..؟،خاصة بعدما رأينا فئات واسعة من الأطفال والشباب بل حتى الآباء والأساتذة كلهم في قاعة الانتظار،وعلى امتداد الأزمة وخاصة في العالم القروي؟؟. من هنا السؤال:هل سنعافس هذا الورش دراسة وتكوينا،انتشارا وتعميما،جودة ومجانية،كما عافسنا غيره من أوراش تعميم خدمات الماء والكهرباء والنظافة؟،لابد من الخطوة،فهي الكفيلة بتجاوز كل هذه السطحية المعلوماتية واستعمالاتها في السخرية والعبثية المتفشية،مما يحول بيننا وبين طفولة مغربية معلوماتية دارسة مبدعة لعصرها مواكبة على أوسع نطاق؟؟.

         4- الطفل في وضعيات صعبة: وضعية التشرد في الشارع،وضعية الإدمان على التدخين والمخدرات،وضعية ذوي الاحتياجات الخاصة،وضعية التعثر والفشل الدراسي،وضعية الاستغلال الجنسي والاقتصادي،وضعية الخادمات القاصرات في البيوت،وقبلها وضعيات الأطفال أيتام الأرامل والمطلقات بدون نفقة و رهط الأمهات العازبات ونزلاء مراكز الحماية والمؤسسات الخيرية،أضف إلى ذلك الوضعيات الصعبة لطفولة العالم القروي،المتمدرسة وغير المتمدرسة،المحرومة من البنيات التحتية و فضاءات اللعب والترويح،بل حتى المواهب والمتفوقين الذين لا يجدون بيئة تتفطن لمواهبهم وتفوقهم وتعمل على احتضانهم ودعمهم وتشجيعهم،هم في وضعية لا يحسدون عليها؟؟،لا مستقبل لطفولة المغرب دون تظافر الجهود للتخفيف من هذه الوضعيات الصعبة والحيلولة دون استفحالها إن لم يكن القضاء عليها ومن جذورها،وهذا جد ممكن كما رأينا أن الدولة خلال هذه الجائحة قد طهرت الشوارع والمحطات من كل هذه النتوءات،وفي رمشة عين رغم ما كنا ندعيه من قلة الإمكانيات والتفريط في المسؤوليات؟؟.

         4- الطفل والقيم الأخلاقية والوطنية: بدل الشائع والمعتاد في صفوف نشئنا من بعض قيم أكل الغلة وسب الملة،وفحش لمز وهمز الوطن والمواطن ولعن الدين والوالدين،وتخريب الملك العمومي وتدمير المرافق ومدرجات الملاعب،العنف الذي أصبح يذوق من أشكاله وألوانه حتى الأصول والفروع والأساتذة والأصدقاء،طفولتنا تحتاج إلى غرس ما تفجر خلال جائحة "كوفيد 19" من قيم المواطنة العالية،والتماسك الأسري والتضامن الاجتماعي،والكلمة الموحدة بين العرش والشعب والسلطة والمواطن وتعاون الجميع على خدمة الوطن وإنقاذ السفينة وحماية ركابها،قيم التقدير والاقتداء بجنود الواجهة خلال المعركة من الأطباء والأساتذة ورجال السلطة والأمن بدل غيرهم من نجوم السطحية والظرفية،قيم البحث العلمي والاجتهاد في الدراسة والقطع مع الكسل والغش والرغبة في الكسب والنجاح دون عمل،القيم الأخلاقية التي أحنت الآباء على الأبناء وأعطفت الأبناء في الآباء،و القيم الروحية التي ألجأت الخلائق إلى خالقها تدعوه كشف الغمة عن الأمة برفع الوباء والبلاء والعناء والتعجيل بالفرح والسرور والشفاء والرخاء والهناء؟،قيم المسؤولية الاجتماعية التي طهرت الشوارع والمحطات في رمشة عين مما كانت تعج به من الأطفال المشردين والمتسولين والمدمنين وآوت وأطعمت الفقراء والتائهين والمساكين واللاجئين..؟،فبأي حق قد يتلاشى كل هذا الانجاز الرائع بعد "كورونا" وقد أثبتت الجائحة أنه رغم ضراوتها،فبشيء من العزم والحزم كان بالإمكان أكثر مما كان؟؟.

         6- الطفل والحق في اللعب والترفيه: لقد عاش الطفل المغربي على امتداد الحجر الصحي ضغوطا نفسية حقيقية ورهيبة،الخوف من المرض..الهلع من المجهول..الدراسة عن بعد..الاحتكاكات الأسرية..الانقطاع عن الأصدقاء..قتامة القصف الإعلامي...،ولم يكن يخفف عنه إلا سعة صدر الآباء وعطف الأمهات وفيض عطفهم وحنانهم،ولم يكن يخفف عنه إلا ما جادت به عليه العديد من الجمعيات التربوية من ترفيه تربوي وتنشيط رياضي عن بعد على شكل أناشيد وألعاب ..ومسابقات فنية رياضية وثقافية..ومسامرات تعبيرية وجدت تفاعلا واستحسانا كبيرين لدى كل من تمكنوا من وسائل الولوج والاستفادة والإفادة،مما يطرح خصوصيات الطفل وحاجياته على الطاولة من جديد، ليس حقوق الرعاية والحماية فحسب،بل أيضا الحق في حرية التعبير والمشاركة في التغيير،والحق في اللعب والترفيه،كحاجة سوسيو_تربوية، ونفسية _ تعليمية ؟؟، فكم نحتاج لهذا الأمر من إطارات تربوية وجمعيات طفولية على امتداد الوطن،وكم نحتاج له من فضاءات ترفيهية وجمعوية ومخيمات وحدائق وألعاب ومكتبات حديثة شاملة وقاعات متعددة الاستعمالات..،ودمقرطتها؟؟،فأن يعيش الطفل المغربي مستقبلا بكل النقص المسجل في هذه المجالات،معناه أن نديم عيشه وعيش الوطن ربما في عهد "كورونا" أو في أحسن الأحوال في عهد ما قبل "كورونا"،وهما أمران أحلاهما محبط..بل أحبط من محبط؟؟.
الحبيب عكي

اقرء المزيد

السبت، 25 أبريل 2020

http://akkioasisdesarticles.blogspot.com/

الإنترنيت في حياتنا خلال و بعد كورونا..فرص وتحديات؟؟

        لا زالت الشبكة العنكبوتية أو "الإنترنيت" تنسج خيوطها الأخطبوطية المتشعبة في حياتنا،ويوما بعد يوم يصل صبيبها إلى كل المجالات والقطاعات و يعم كل الحارات ويغرق كل الفئات،وهذا ما أكدته جائحة "كورونا" - رفع الله بلائها عن العالمين - إذ كادت كل الحياة تتوقف على وجه البسيطة إلا من مظاهرها العنكبوتية وهواتفها الذكية التي ارتفعت استعمالاتها في كل المجالات ولدى كل الفئات بشكل ملحوظ وغير مسبوق،وهو شكل إيجابي على العموم رغم بعض النتوءات التي ظهرت على السطح،وصعوبات الضبط والتطبيق والتأقلم والاستئناس والانتقال من عالم كرس فينا كل تخلفه الروتيني المقيت، إلى عالم لا ندري في الحقيقة كنهه وقيمته المضافة رغم كل المبشرات والإشادات والإشهارات،مما يطرح السؤال هل سيتحول عالمنا بعد الأزمة إلى عالم رقمي افتراضي،وما هي الشروط الموضوعية والضرورية ليكون هذا التحول إيجابيا يبني مستقبل الإنسانية وحضارته ولا يهدم قيمه البناءة و يدمرها؟.

         أولا،إن الحياة الرقمية فيروس عالمي،لم يعد يستشير أحدا في الاستحواذ على حياته أذن له بذلك أو رفض،غير أنه على عكس فيروس الموت "كورونا" فإن الرقمنة أصبحت اليوم فيروس التقدم وتسهيل الحياة وتطوير جوانبها التدبيرية والتواصلية،أو على الأصح هناك من فرض مع هذا التقدم الإلكتروني الحياة وتسهيلها،مثلما هناك من فرض معه الموت والحرب والإبادة،والحاسم الحاسم في الأمور كلها هو عقلية الشعوب وعبقريتها في قلب السحر على الساحر،وفي مدى تعميم الوعي والاستثمار في السلوك الإيجابي البناء بدل سياسة العبث والسلوك السلبي الهدام؟؟.الحياة الرقمية في الحقيقة،مكنت من نماء واضح في مداخل المستثمرين ورجال الأعمال بزيادة الإنتاج والأرباح مما مكنهم من تطوير مشاريعهم والرفع من رواتب العاملين،وخلقت راحة نفسية للموظفين بتحريرهم من كل ما يضغط عليهم من الحضور والتنقل الدائم إلى مقرات العمل،وحتى من مواقيته الروتينية والمزعجة،بل بدلت هذا الحضور الضاغط والمكلف بمجرد إيجاد الأفكار وأداء المهام في أي وقت أو موقع كان يضمن لصاحبه الراحة ولمشغله ما يطمح إليه من الوفرة والإنتاج؟؟ .

         نجحت "الصين" خلال أزمتها مع "كورونا" في التعليم عن بعد، بعدما عطلت الحضور والدوام المدرسي لأن لها بنية رقمية حولت المنازل إلى فضاءات مدرسية؟؟.ونجحت "سنغافورة" في تقدم اقتصادها إلى مراتب الاقتصاديات الأولى في العالم،عندما رقمنت تأسيس الشركات والمقاولات في بلدها بشكل قوي استطاع معه المستثمر في البلد أو في الخارج من أن ينشىء شركته في البلد في مدة 24 ساعة دون أن يرى أي رجل إداري بيروقراطي أو يراه؟؟.ومما ساعد "رواندا" في نهضتها في وقت قياسي وجيز هو جعلها خدمات الإنترنيت في بلدها بالمجان؟؟،ولماذا "الصين" و"سنغافورة" و"رواندا" و"الموزمبيق"،وكلنا يرى اليوم الازدحام والصفوف المصطفة التي يضربها الناس على أخذ الموعد من الشباك المكلف بها في المستشفيات،في حين أن هذا الموعد يمكن للمرء أن يأخذه عبر البوابة الإلكترونية لوزارة الصحة "موعدي"،بكل يسر وراحة من منزله أو في مكتبه أو في أية مكتبة أو أي محل فيه ربط للإنترنيت؟؟.

         أخذ الموعد ألاستشفائي يسير،وطلب وثائق إدارية من عقود الازدياد وشهادات وسجلات عدلية ونسخ من العقود والأحكام القضائية، إعلانات عن أنشطة جمعوية وحجوزات سفر أو إقامات فندقية وجولات سياحية...،واليوم مع "كورونا" تعليم عن بعد،وقبول أعمال إدارية من البيت عبر "النيت" والهاتف ما كانت تقبل بالأمس،محاضرات جامعية لكبار الدكاترة وعمليات جراحية قطرية معقدة عبر "اللايف"..،تتبع الأبناء في الشارع والمدرسة،مراقبة مخالفين للقوانين  في المؤسسات والشركات والساحات والممرات..عبر تطبيقات وخرائط وكاميرات..،تحميل آلاف الكتب من مختلف المواقع والمكتبات الافتراضية..طلب الأكلات والسخرات المنزلية والسلع التجارية..صناعة المحتوى..من طرف آلاف الشباب الذين امتص "النيت" بطالتهم،ورفعت أرباح "يوتوب" مداخلهم ومن بيوتهم وفي ما يختارون من الأوقات..،والبقية تأتي؟؟.

         يقال بسبب الإنترنيت فإن 70 % من مهن اليوم قريبا ستختفي،فهل نحن مستعدون لهذه الثورة الرقمية الكاسحة والتي ولاشك ستغير حياة الجميع؟،هل نحن مستعدون لإعادة النظر في متلاشيات المستقبل من بعض رجال السلطة الذين ألفناهم وتعرفونهم ولكل منكم مع كل منهم ألف حكاية وحكاية في القمع والشطط والتسلط وتضييع الأوقات وفرض الوساطة والارتشاء وغير ذلك من أساليب هدر الكرامة وسوء ارتفاق المواطن في الإدارة،ماذا ستفعل هذه الكائنات غدا إذا دخل الحق في المعلومة حيز التنفيذ عبر مرسوم،وغدا الإشعار في تنظيم الأنشطة والترخيص لها وطلب العديد من الوثائق كله متاح فقط عبر الإنترنيت،كما أصبح عند الآخرين - منذ زمان - متاحا بمجرد تصريح بالشرف؟؟.هل سننعي إلى أجيال الغد محنطات اسمها الأستاذ ومستحثات اسمها المدرسة،أم سنعيد النظر في دورهما في زمن قد يصبح فيه كل "يوتوبر" أستاذا بأي كان،وكل بيت مدرسة دون باب ولا بواب؟؟.

         صادفت ذروة جائحة "كورونا" وما عرفته في إطار الإجراءات الاحترازية من منع التجمعات،حلول جمع عام لجمعية وطنية،وما أن بدأ أعضاء مكتبها يتدارسون في بدائل جمعهم العام قال أحدهم:"ألا يمكن أن نعقد نحن أيضا جمعنا العام عن بعد،يجلس فيه كل مؤتمر منا في بلدته وفي بيته، ونعتمد المداولات عبر غرفة دردشة جماعية مرئية والتصويت أيضا على اختيار الرئيس،ومريضنا ما عليه باس"؟؟.فإلى أي حد سيقبل التجديد التشريعي بمثل هذه التحديات،أو ماذا أعد لها،وهي ولا شك طال الزمان أو قصر مآلات التجمعات المستقبلية والجمعيات الافتراضية الوطنية والعابرة للقارات؟؟.

         1- غير أن كل هذه الفتوحات التكنولوجية والإبداعات الإلكترونية والرقمنات الإدارية،لا مستقبل لها في نظري إذا لم يصبح الهاتف والإنترنيت كما في العديد من الدول المتقدمة والناهضة معمما وبالمجان،وبالصبيب الجيد؟؟.

         2- إذا لم نفتح ورش المعلوميات في بلادنا ونرتقي به تدريسا وتعميما ولوجستيكا ومواكبة وإبداعا جوابيا لحاجياتنا المحلية والإنسانية،وربما كان ذلك هو السبيل المعبد للقضاء على كل هذا الاستعمال السطحي والعبثي للإنترنيت عند الكثيرين،والذي أبانت جائحة كورونا عجزه والتغيرير بضحاياه لما أبانوه عن عجزهم عن الولوج السلس للتطبيقات والمنصات المفيدة التي كان يتطلبها التعليم عن بعد على أوسع نطاق،لابد أن يصبح تعليم البرمجيات والتقنيات والتطبيقات والشبكات حقا من حقوق الإنسان تضمنه الدولة لانتشال المجتمع من الأمية والسطحية والعبثية؟؟.

         3- وتبقى كل المواقع الإلكترونية والتطبيقات الذكية وشبكات التواصل الاجتماعي، لا يؤمن عليها، أولا،من نهاية مجانيتها وبداية احتكارها أو انحرافها من الخدمات المقبولة اليوم إلى خدمات غير مقبولة؟؟،وثانيا،لا يؤمن عليها أيضا وهذا أخطر من فيروسات مثل فيروس "كورونا" لا تبقي فيها ولا تذر لا في الحواسيب ولا في الهواتف؟؟.

         4- لذا ستظل النسخ الورقية لكل الكتب والمكتبات والأرشيف الإداري لكل المؤسسات والقطاعات،ضرورية ومعتادة إلى جانب أخواتها الإلكترونية،رغم ما ستفقده من الصلاحيات والاستعمالات بالتأكيد،ولكنها ستظل موجودة فقط ربما حتى ينشد يومها المنشدون من التحف التربوية والمحنطات الإدارية والمتلاشيات الاجتماعية رغم أنف "كورونا":"الزين بالكمامة..والمشية كي الحمامة..زينك يا الإدارة زين "كورونا"..وخا بغاوا يفرقونا" ؟؟.
الحبيب عكي 

اقرء المزيد

الجمعة، 17 أبريل 2020

http://akkioasisdesarticles.blogspot.com/

سؤال العمل المدني خلال وبعد كورونا ؟؟

       لا شك أن المجتمع المدني بمختلف هيئاته وتجلياته،قد تضرر بشكل كبير وفظيع جراء جائحة "كورونا" المستجد،ضررا مزدوجا جانب منه يرتبط به ارتباطا ذاتيا وتواضع تجربته خلال الأزمات والكوارث،و جانب آخر يرتبط بمختلف القطاعات التي ينشطها و الفضاءات التي يشتغل فيها،والصدمة الأولى والفجائية التي فرضت عليها بمقتضى الحجر الصحي والتباعد الاجتماعي الدخول في ركود،وفرضت على هذا المجتمع توقيف كل أنشطته الجماعية من محاضرات وأمسيات ومهرجانات ورحلات ودورات ودوريات..؟؟،وثانيا،باعتبار عشرات الآلاف من الجمعيات (أزيد من 160 ألف جمعية)،جلها في ظل الأزمة علقت أنشطتها ولم تستطع المشاركة البتة،أو ساهمت فقط مساهمة محتشمة إن استطاعت ووجدت إلى ذلك سبيلا؟؟.مما جعل المجتمع يستغرب للأمر ويتساءل عن حقيقة هذه الجمعيات وحقيقة من تسلط عليها، وكيف تخلت عن المجتمع في هذه الظروف الحالكة كغيرها من السياسيين والنقابيين والمثقفين والفنانين والرياضيين..،وبأي وجه سيخاطبونه غدا وهم الذين استدفئوا - حسب اعتقادهم - حجرهم "مختفون" خلال الأزمة الكارثة؟؟.

         ولكن،بعد استيعاب الصدمة،وتطور الأزمة،وقوة النداء الوطني،والواجب التضامني والإجماع الإنساني،بدا الفاعلون المدنيون يستيقظون ويشحذون أفكارهم الخلاقة ويحرضون جنودهم التواقة إلى المساعدة في محاربة الوباء،ورفع البلاء،ومحاصرة الغلاء،والتخفيف من العناء،حتى يعم الفرح والسرور والهناء،لكن فيروس "كورونا" المستجد "كوفيد 19" رغم حقارته وعدم رؤيته فقد كان لهم بالمرصاد وأبى ببشاعته إلا البحث عن جسد حي أي جسد يهلكه ليحيا،وقلب بذلك الموازين في وجه الجميع قبل أوامر الحجر الصحي وتعليمات الالتزام به؟؟، وهكذا أصبحت الساحة غير الساحة،والعمل غير العمل،والقوانين غير القوانين،والضجر والخوف والملل والترقب هو الضجر والخوف والملل والترقب؟؟،فكيف يستطيع هؤلاء الفاعلون المدنيون العمل في هذه الظروف العصيبة؟،أو حتى يستشرفوا أفق عملهم المستقبلي بعد انكشاف الغمة عن الأمة بإذن الله؟؟، ما هي التحديات المدنية المستجدة في ظل هذا "الكوفيد 19" المستجد؟،وما هو الموضوعي منها وما هو الذاتي؟؟.

         الحياة مستمرة على كل حال بإذن الله وجهد الأطقم البشرية المجاهدة لحمايتها مشكورة، والعمل المدني كذلك سيستمر وبشكل أقوى لأنه لا أحد يقرر في مصيره غيره هو وهو بالذات،وقد يتراجع إلى الوراء خطوة ليثب إلى الأمام خطوات و يتعثر لينهض ويتشكل ليستمر بكل أشكال الحياة؟؟،فقط حتى لا ينحرف العمل المدني عن مساره المنتج،وحتى لا يتوقف كما بينت "كورونا" عن مداره المواكب،لابد من استحضار جملة من التحديات الواقعية والعمل على رفعها وجملة من المستجدات القاهرة والعمل على اعتبارها وجملة من الأسئلة الملحة والإشكالات العميقة والعمل على حلها، ومن أجل ذلك لابد من:

1- تجديد الرؤية:
         وهي المؤطرة لكل فعل سديد و راشد أو بائد وكاسد،وينبغي أن يكون تجديد هذه الرؤية من طرف الجميع نحو عمل مدني راشد ورائد، فالفاعل المدني يطرح عليه السؤال في عمله المدني: هل هو مع أو ضد؟،ائتلافي أو اختلافي؟،مع السلطة ومع غيرها من الأحزاب والجمعيات أم ضدها؟،أم مع وضد في نفس الوقت بحيث يقول لمن أحسن أحسنت ويسانده،ويقول لمن أساء أسأت وينتقده؟؟.والسلطة في حد ذاتها يطرح عليها السؤال: هل تؤمن بتعدد السلط والمقاربة التشاركية مع المجتمع المدني..وما مساطر ذلك وأوجه أجرأته؟،أم هي ذات طابع شمولي استفرادي بكل شيء وإن تعددت القوانين والمذكرات والبروتوكولات وتعددت،فهي كما يقول المثل سلطة وتظل سلطة ولو طارت سلطة - حالة الطوارئ نموذجا - وما كان ينبغي أن يحصل فيها من التعاون والتشارك ولم يحصل،أو على الأصح بالقدر الكافي؟؟. وللجمعيات وغيرها من الفاعلين أيضا سؤال:أي معنى تعطونه للتعاون والتراكم في غياب أية مبادرات وبروتوكولات ميدانية في هذا الاتجاه،أو نذرتها بشكل مخل؟؟،فالرؤية الرؤية ،فهي كل شيء وعليها يبنى كل شيء؟؟.

2- تجديد التكوين والتأهيل:
         لقد توقفت الحياة الطبيعية خلال أزمة "كورونا" العصيبة،إلا من بعض مظاهرها الافتراضية وعن بعد،لم يكن يفعل فيها في ظل الحجر الصحي إلا المستأنسون بعالم الديجيتال..العارفون بالحاسوب والإنترنيت والمدمنون على الهواتف الذكية والتطبيقات وشبكات التواصل الاجتماعي. وبينما كان المدنيون التقليديون العاجزون يتدورون نوما على مراقدهم وانتظارا في منازلهم،يتذمرون مما فعلت بهم "كورونا" وأخبارها القاتمة  تكاد تقتلهم،فإن غيرهم من عفاريت الديجتال كانوا ينشطون عبر وسائلهم الافتراضية بكل حماسة و قمة عطاء،..وصلات تحسيسية..ندوات توعوية..حلقات نقاشية..دورات تكوينية..مبادرات فنية..تداريب رياضية..بل حتى حملات تضامنية وإسعافية للمحتاجين عن بعد،دون خرق القانون ودون متاهة الإشعار والترخيص كان معهم السيد القائد والباشا أو ضدهم؟؟. ومن يدري،ربما كان هذا مؤشر على انتهاء العهد الورقي مهما مطط في عمره الممططون،ومؤشر على تراجع العمل الحضوري،وكثافة التنقلات وإرهاق الخدمات وإكراه الاقامات،فماذا أعدت الجمعيات من تكوينات لأطرها وروادها ومستهدفيها في هذا الإطار؟،وماذا لديها من برامج ومشاريع قابلة للإنجاز في هذا الاتجاه؟؟.

3- تجديد الاهتمامات والتركيز على الالتقائية:
         لقد تطورت تدخلات المجتمع المدني عبر التاريخ من العمل ألإحساني التلقائي الوقفي والأهلي،إلى خدمات القرب المنظمة و ملء  فراغ الدولة اتجاه الفئات الهشة،إلى التوجيه والإرشاد والمساعدة بالشراكة والتعاون مع الدولة،إلى القوة الاقتراحية والترافع الحقوقي ضد الدولة؟؟،ترى ماذا بقي أو سيبقى ذي جدوى خلال وبعد "كورونا"؟، ماذا سيسعفنا في معالجة الاختلالات المجتمعية الخطيرة والمطبات الكبرى التي عرتها جائحة "كورونا"،كظاهرة شيوع الفقر والهشاشة والبطالة والبطالة المقنعة؟،غياب قاعدة بيانات اجتماعية على غرار البيانات الأمنية للمواطن؟،ريع وتبذير المال العام في تشجيع السطحية الإعلامية والتفاهة الفنية المدمرة على حساب أولويات الصحة والتعليم والشغل والسكن والتربية المواطنة والثقافة العلمية والأدبية والقيم الإنسانية الكونية؟،وخلال تدبير أزمة "كورونا" ذاتها،كان بإمكان المجتمع المدني والجمعيات ذات الصلة أن تكون نشيطة أكثر وأكثر،على الأقل فيما هي خبيرة به و تتقنه،من أدوارها الوقائية كالتحسيس والتوعية،وأدوارها الميدانية كالمساعدة في التنظيم والنظافة والتوزيع،وأدوارها التواصلية والتكوينية عن بعد كالمنصات الترفيهية و التنشيط الافتراضي السكوني والتساكني للأسر والأطفال،في أدوارها التشاركية بمقترحات عملية في مراجعة وتعديل ميزانيات المجالس،بل وحتى أدوارها الرقابية والتفقدية كإعداد تقارير الحالات الاجتماعية في الأحياء،و مراقبة حالات التهافت على المؤن وبعض التجاوزات الحقوقية ممن كانت..؟؟،وكل هذا كان فقط بشكل محدود،فمن فوت كل هذه المساهمات الخيرة على المجتمع؟؟،وها هي "حركة مبادرات من أجل إصلاح المنظومة القانونية للجمعيات بالمغرب"- كما جاء في الصحافة - توجه نداء بتوقع أزيد من ألف جمعية إلى رئيس الحكومة تدعوه فيها إلى الإشراك الفعلي للمجتمع المدني في صناعة القرار وتمكينه من أداء أدوار أكثر فعالية في الأزمات وما بعدها، باعتماد عدد من الإصلاحات المستعجلة،فالمجتمع المدني شريك في الصيف والرخاء كما في الضيق والشتاء؟؟،
             وعلى أي، للخروج من هذه المنعطفات الخطيرة والمتاهات هذه بعض المقترحات:

1- ضرورة فتح حوار وطني واسع حول مخاض الأزمة وتداعياتها،بين كل الفعاليات الرسمية والسياسية والمدنية وغيرها،في جو من الثقة والمسؤولية،تعزز مخرجاته مقترحات النموذج التنموي الجديد؟؟.

2- ضرورة الترافع القوي والجاد وضغط مدني وازن ومتزن بكل الأشكال القانونية والمجتمعية المتاحة،ضد كل مظاهر الفقر والهشاشة والنيل من حقوق المستضعفين؟؟.

3- تفعيل المقاربة التشاركية وفق الدستور،وتبسيط مساطر تكامل التمثيليات والسلط و تعاونها،بعدما أكدت "كورونا" للجميع أننــــا في سفينة واحدة على حد قولهم؟؟.

4-اعتماد الالتقائية بين الفاعلين وبشكل إجرائي وعلى برامج ومؤشرات واضحة،فجهود التنمية المستدامة والعدالة المجالية تستوعب وتحتاج مســـــاهمة الجميع؟؟.

5- انتظام هيئات وفعاليات المجتمع المدني في روابط وائتلافات تصنف الإمدادات وتحدد الامتدادات،حتى يسهل استثمار الموجــود واستدراك المفقود،وبلورة الممكن من مشاريع وشراكات تنمية الشأن المحلي و الجهوي والوطني في جو من الثقة والمسؤولية والقوة الاقتراحية والتعاون والاستقلال؟؟.

6- إعادة النظر في أشكال التدخلات الاجتماعية المعاصرة ومساطرها المعقدة وهواجسها الأمنية،بما لا يطلق الحبل على الغارب،ولا يحرم المجتمع مما ألفه الناس من التدخلات الفطرية والتلقائية والمجدية خلال الأزمات،فلا يعقل أن يسمح بقوافل المساعدات لهيئة معينة وجمع التبرعات بالملايين على الهواء،ويطلب ترخيصا بالإحسان العمومي من مواطن أراد أن يكرم محتــــاجين بمجرد "عباسية" أو لباس مستعمل؟؟.

7- تغيير بوصلة الاهتمامات والتدخلات المدنية أو توجيه اللازم منها إلى واجب الوقت و ظواهر الأحياء والمؤسسات،آن الأوان أن يتخصص بعض المجتمع المدني في بناء وتجهيز المدارس والمستشفيات أو المركبات التربوية والاجتماعية المتكاملة،تماما كما تبني بعض جمعيات المحسنين مساجد عامرة وتجهزها وتسهر على قيميها،وفي تراثنا الوقفي الإسلامي وتجارب الدول الأخرى والغيورين من جاليتنا في الخارج ما صنع المعجزات في بلدانهم وبواديهم؟؟.

8- وجوب تثبيت كل هذا الإبداع المغربي الإيجابي الذي غطا المجتمع خلال الجائحة،والذي كشف عن المعدن الأصيل للمواطن المغربي رغم عقود من محاولة التزييف والتسطيح والاستلاب،أولا،بدعم الروح الوطنية العالية التي أبان عنها الجميع،والوحدة والائتلاف والتعاون بين المواطن ومختلف السلطات والدولة والمجتمع،وثانيا،بالانخراط في الترافع الوطني حول ضرورة إعطاء الأولوية لقطاعات الصحة والتعليم والتشغيل والسكن،والرفع من مكانة الأستاذ والطبيب والباحث والعالم والمسؤول بدل غيرهم من نجوم الأدلجة والتفاهة والفراغ،ثالثا،بتعزيز كل أشكال التضامن الاجتماعي القوي والتلقائي،والدفع في اتجاه إخراج السجل الاجتماعي للمواطن،ودعم صندوق تدبير الجائحة "1919" دون أسماء ولا مسميات ولا كاميرات،ولما لا استدامته بإحياء صندوق الزكاة أو صندوق التضامن الوطني،خاصة وأن الحاجة جد مرتفعة أكثر مما نتصور،وتحتاج إلى مبادرات جماعية ومستدامة تتخلص إلى حد ما من القيود المفرطة،كما حكا لي أحدهم اليوم أنه :"لأول مرة وجدت أمامي حشدا من المحتاجين فتصدقت عليهم بسخاء وأخذت لهم عند البقال "عباسيات" لم أعد فيها إلى إشعار السيد الباشا ولا رخصة الإحسان العمومي من السيد الوالي"؟؟.ورابعا،بنقل هذه الإيجابية البناءة - كما قال أحدهم - من رد الفعل والتظاهر بالتغيير تحت وطأة الأزمة،إلى استنباتها في حقول التغيير والبناء الحقيقي والتي هي البيت والمدرسة والجمعية والجامع؟؟.

9- الاجتهاد الفوري والثوري في الترسانة القانونية في هذا الاتجاه الذي يرفع القيود المجانية على الفاعل المدني،وييسر وصول الخدمات إلى الفئات المجتمعية المحتاجة؟؟،فما تردت حالة العديد من مستشفياتنا ومؤسساتنا التعليمية إلا بغلق أبوابها -عمليا- في وجه الفاعل المدني وحرمانها من خدماته التطوعية التنظيمية وتكويناته التربوية؟؟.ولا معنى بعد "كورونا" أن نظل نرى مثلا  قاعة أو منحة أو شراكة عمومية تمنح لجمعية وتحرم منها أخرى دون مبرر موجب؟؟،ولا معنى أن تمنح مقاعد التخييم مثلا لأطفال ويحرم منها آخرون،أو تعرقل رحلة وصولهم إليها من طرف من يفترض فيهم مساعدتهم من السلطات؟؟.لا معنى..ولا معنى.. ولا معنى للحسابات الضيقة والكيل بمكاييل رغم أنف الدستور والقوانين؟؟.

10- الاعتبار اللائق للبعد العالمي في منهاج العمل المدني: فقديما قيل:"فكر عالميا و اشتغل محليا"،واليوم تبين أن العالم فعلا قرية واحدة،لا حدود بين دوله ولا تأشيرة إلا في خيال الناس ودواليب إداراتهم البيروقراطية رغم زجاجيتها،إن "الصين" في أقاصيها جارة لكل دول العالم،وما طلاها من "الطين الكوروني" في أقصى الأرض ها قد طلا غيرها في أقاصيها،فهل نغير قناعتنا في العمل لتصبح:"فكر عالميا واشتغل محليا وعالميا"؟؟.نعم منظومة حقوق الإنسان أصبحت اليوم كونية تحاسب عليها كل الدول والمنظمات؟،وكثير من كوارثنا التي تستنزفنا كل الدهر كالحروب والفقر والبطالة والتلوث و التطرف والإرهاب..إنما هي سياسات عالمية عرجاء ينبغي التعاضد للتصدي لها وإخماد نارها في مهدها وسببها الحقيقي،وقديما قيل:"من لم يطفئ النار في بيت جاره،أحرقت داره"؟؟.لابد من تعدد خطط العمل المدني،خطة للظرف العادي والإمكان المتاح،وخطة للطوارئ والأزمات؟،وخطة للتأسيس وقلة الإمكان،وخطة للإقلاع والتراكم والتطوير،وخطة..وخطة..محكمة ومرنة جادة و متجددة،حتى لا يصيب القوم ما أصابهم في زمن "كورونا"..دخلوا في الحجر الصحي..والحجر السياسي..والحجر المدني..،فما عاد باستطاعتهم غير قولهم:"العين بصيرة واليد قصيرة..العين بصيرة واليد قصيرة"،فاللهم ألطف بنا وبعبادك يا رب؟؟.
الحبيب عكي

اقرء المزيد

السبت، 11 أبريل 2020

http://akkioasisdesarticles.blogspot.com/

التعليم المستجد خلال و بعد كورونا المستجد

سبحان الله العظيم،تعليمنا الذي بخل على التلاميذ بالحواسيب الثابتة من النوع الجيد في مدارسهم أيام كانت هي الرائجة في البيوت والمحلات،واكتفى بذر الرماد في العيون ببعض قاعات "جيني" في بعض المؤسسات لم يسمع لمعظمها طوال وجودها حيوية ولا مردودية،ولا حتى أداء أثمنه صفقاتها؟؟. وتعليمنا الذي استكثر على التلاميذ توزيع لوحات مبرمجة بمقررات دراسية تفاعلية على غرار بعض الدول المجددة في برامجها و وسائلها التعليمية والمستثمرة في أجيالها المستقبلية،واكتفى بدلا عن ذلك بالمعهود من المحافظ التقليدية التي قد تحتوي في ثقلها وكبر حجمها وتعدد أدواتها،على أي شيء إلا اللوحة التفاعلية؟؟. وتعليمنا الذي ليس في برامجه ما يسعف لا الأستاذ ولا الإداري ولا التلميذ ولا الأباء من تعلم المعلوميات ولا إبداع التطبيقات ولا ترشيد الإبحار عبر المواقع والدردشة عبر الشبكات،فلا زال الجميع يجد الصعوبة حتى في الولوج إلى منظومة "مسار"وتفعيل مضامينها؟؟،بل تعليمنا الذي ليس هناك شيء أعدى إليه من أن يحصل الأستاذ على تلميذه هاتفا ذكيا يعبث فيه خلال الحصة مما يدفعه للتو وبكل عنف إلى نزع الهاتف من صاحبه بقوة وكتابة تقرير فوري مشحون بشأنه وطرده المباشر من الفصل؟؟.

اليوم في ظل جائحة "كورونا" - رفع الله وبائها عن الجميع - يقرر تعليمنا هذا - ودون سابق إنذار،بل متضاربا مع ما كان يدعيه أنه من الإشاعات - يقرر مضطرا توقيف الدراسة في المدارس والفصول وإفراغ المؤسسات التعليمية من كل شيء،وتعويض الدوام والحضور الملزم بالدراسة عن بعد في البيوت وفي المنازل،وطبعا عبر الإنترنيت والتلفاز وبواسطة الحواسيب والهواتف الذكية واللوحات والتطبيقات التفاعلية،وكل ما كان يعاديه ولم يؤهل له أي فئة تعليمية تعلمية كما ينبغي؟؟. المهم،أنه بدأ الدعاية الخارقة لكل ذلك كبارا وصغارا،مسؤولين ومشاهير فنية ورياضية،على أن الأمر أصبح اليوم من المسلمات التربوية المحسومة التي لا يناقشها ولا يتباطىء في تطبيقها إلا مشوش على تدبير الأزمة بل وربما أمن العباد واستقرار البلاد،exécution ؟؟. لا وقت إلا للتنفيذ والتنفيذ الفوري فساهم معنا أيها الأستاذ المحترم،ويا أيها التلميذ الذكي ويا أيها الآباء والأولياء،أدوا واجبكم الوطني والمهني والأبوي ولو بإنشاء مجموعات تواصلية عبر تطبيقات "الواتساب" و"الفايسبوك"، كنا قد نهيناكم عن "اللايفات" و فضح واقع التدريس عبر "يوتوب"،الآن ف"ليففوها وليففوها" ولو عبر أبيه وأمه حتى نهزم "كورونا"؟؟.

التعليم عن بعد مقاربة تربوية لها إيجابياتها وسلبياتها،ناجحة في بعض الحالات وفاشلة في أخرى،ضرورية في بعض الحالات وعبثية في أخرى،ورغم ما يؤمن به الجميع من أن أعمال العقلاء منزهة عن العبث،ورغم ما بدأ يستأنس به الجميع من أن المقاربة التشاركية ضرورة تربوية لا يمكن تجاوزها،فاليوم دعونا من كل هذا،وأمسكوا لكم أفكاركم وأغلقوا عنا أفواهكم،لا مجالس تدبر ولا نقابات ولا جمعيات ولا آباء ولا أولياء،ف"كورونا" قد "كورنت" أفكارنا ومؤسساتنا قبل أجسادنا و تعليمنا؟؟،وليكن لكم ذلك جدلا،ولكن فقط لماذا بدأنا تعليمنا عن بعد بدون حقيبة تربوية ولا تراكم ولا تنوع في الإبداعات والمنتوجات وكأنه لأول مرة؟؟. أين مردودية قاعات "جيني" وإدماج تكنولوجيا المعلومات والاتصال في المنظومة التربوية؟؟،أين منتجات الفرق التربوية المجددة والمبدعة الجهوية منها والمركزية أم هي مجرد هالة وحظوة وامتيازات دون حسيب ولا رقيب،وهي التي لم تزود خلال كل عقود نشأتها المختبرات العلمية في المؤسسات التعليمية ولو بقرص تعليمي واحد،ولا زال الأستاذ المبادر المجدد العصامي يشتغل في فصله ومؤسسته بجهاز عرضه الخاص(Datashow)؟؟.

أكيد،لا شيء سيعوض التعليم الحضوري والإلزامي من حيث التمحيص والتفاعل وغير ذلك،ورغم ذلك،فالتعليم عن بعد كان ينبغي أن تكون له في منظومتنا التربوية مكانة خاصة، وستتعزز ولا شك بعد أزمة "كورونا" وأخواتها من أزمات الأحوال الجوية - لا قدر الله -،ويمكن استثمار هذا التعليم عن بعد في أوقات الأزمة أو في غيرها،مثلا، في حالات الأطفال الذين يفتقدون إلى المدارس في المناطق النائية، للتخفيف من حالات الاكتظاظ الحادة في الأقسام،حالات الأطفال الذين تعوزهم التكاليف الدراسية ولا تنسجم مع واقعهم المعيشي،الذين لا يجدون وسائل النقل أو ترهقهم وتربك إيقاع حياتهم بشكل حاد،في حالات الطقس السيء الذي يهدد الأسرة التربوية ككل،حالات التلاميذ الذين يعنفون ويتنمر عليهم في المدارس دون حلول،حالات المرض الطويل والغياب الاضطراري مع القدرة على التعليم أو التعلم،حالات دروس الدعم والتقوية ومحو الأمية والتربية غير النظامية،التكوين المستمر والتنمية الذاتية والتحفيز الذاتي والتهيء النفسي للامتحانات،التخفيف من كثافة المقررات الدراسية بإنجاز بعض مجزوءاتها حضوريا وبعضها عن بعد،الإخبار برخص وغياب بعض الأساتذة(ة)..؟؟. ولكن لا بد من توفير شروط نجاح العملية كلها وعلى رأس ذلك:

1- توفير البنية اللوجستيكية اللازمة للتعليم عن بعد،وخاصة الحواسيب المحمولة الجيدة والهواتف الذكية الممتازة في كل بيت،لدى كل التلاميذ وكل الأستاذة والآباء.

2- تعميم شبكة الإنترنيت على كل التراب الوطني،في الحواضر وفي البوادي وبالصبيب الجيد وبالمجان،ومعافسة تلك المجانية وذلك التعميم كما عافسنا تعميم الماء والكهرباء .

3- تأهيل الأستاذ لتغيير طريقته التقليدية في التواصل وإعداد الدروس إلى إعداد المحتوى ومهارة التفاعل،دون أن تطغى الصورة والفرجة على ذلك ويفقد المضمون؟؟،وقبل ذلك إقناعه بجدوى هذا النمط التعليمي وبأن ذلك ليس استثمار الظرف الوبائي للنيل من مجانية التعليم أو التخلص من أعداد الأساتذة الموظفين؟؟.

4- تأهيل التلميذ،وإكسابه مهارة التعلم الذاتي قبل كل شيء،وتقنية البحث عن المعلومة،ومنهجية التلخيص والتفكير والمراجعة،وضبط استعمال الحاسوب والتعامل مع المواقع والشبكات والتطبيقات،والانضباط للحصص التربوية عن بعد؟؟.

5- تعميم تدريس المعلوميات في المؤسسات التعليمية، ومهارة التعامل مع مختلف البرمجيات والتكنولوجيات الرقمية من حواسيب وهواتف ومصورات وكاميرات وداطاشو..،وإحداث منصات تربوية للخلق والإبداع والتواصل داخل المؤسسات.

6- تصحيح مفاهيم هذا التعليم عن بعد،وإعداد برامجه ومنصاته ومنشطيه وجعله في متناول الجميع،حتى لا يكون التعليم عن بعد فاشلا من البداية وبكل المقاييس،إذا بقي هكذا بنفس البرامج الفصلية في المنزل واستبدال الأساتذة بالأولياء مؤهلين وغير مؤهلين؟؟،

7- استدراك نواقص التعليم عن بعد،خاصة ما ينتج عنه من ضعف مهارات التواصل والاحتكاك والتجارب عند المتلقي..،بتنظيم دورات تكوينية خاصة يحضرها المعنيون عن قرب؟؟. واستثمار التجربة الحالية بعد عشرات المنصات ومئات الدروس وآلاف الأقسام الافتراضية،للوقوف على إشكالات الموضوع ومعالجتها بكل جدية وموضوعية؟؟

8 - الاجتهاد في الجانب القانوني الخاص بتعويض الأساتذة عن الأتعاب والخلق والإبداع، وحماية المعطيات الشخصية للأساتذة والتلاميذ،وحماية العملية من أي انحراف افتراضي محتمل،وكذلك الاجتهاد فيما يخص مسألة المراقبة والتقييم بكل أشكالهما والامتحانات الإشهادية وإجازة المستفيدين في نجاحهم أو سقوطهم؟؟.
والله الموفق
الحبيب عكي


اقرء المزيد

الأربعاء، 8 أبريل 2020

http://akkioasisdesarticles.blogspot.com/

أطفالنا والحجر الصحي..استيعاب وحماية.

     كان الله في عون أطفالنا وهم ولا شك يواجهون خلال الحجر الصحي "الكوروني" ضغطا نفسيا مزدوجا،الخوف الذي تغشاهم من الوباء وما يسببه لهم ولغيرهم من قلق وتوتر وتشتت تركيز واضطراب في التصرفات وردود الأفعال؟،وضغط في قلة الحيلة التي سلمتهم إلى غيرهم من وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي وحتى بعض الآباء والأمهات يقررون بشأنهم بقصد وغير قصد بما قد يناسب أو لا يناسب،ولا يجدون أنفسهم إلا خاضعين لهذه المقررات وهي بالنسبة إليهم قد لا تزيد الطين إلا بلة؟؟.من هنا تزداد المسؤولية على هؤلاء الآباء والأمهات في قيادة سفينة أسرهم خلال هذه الظروف العصيبة نحو شط النجاة وبر الآمان،ولكن كيف؟،وما هي أنجح قواعد القيادة الأسرية في زمن الخوف والوباء،وما هي أنجع قواعد التعامل مع الأبناء في زمن الجمع الأسري والقلة المعيشية والحجر الصحي؟؟.
1- قواعد الاستيعاب:
         ونعني بها قواعد استيعاب الآباء لأبنائهم،وتفهم الأبناء للآباء،وحسن بناء جسر التواصل والتعاون بينهم،ملؤه اللحمة العائلية بدل الصراع والتنافر والمشاكسة،ملؤه الحوار والتفاهم والإقناع والاقتناع بدل الضغط والإكراه والأوامر السلطوية المفرطة،ولا أرى شيئا يفيد في هذا الاتجاه الإيجابي البناء أكثر من الرصيد التربوي للآباء ومدى تفهمهم لشخصية الطفل وتملكهم لمفاتيح عالمه وعلى رأس ذلك:
1-1- الطفل والزمن:
         يقول التربوي الباحث "ماهر الملاخ" في موضوع قيم له تحت عنوان:"مفاتيح عالم الطفل"،إن الزمن عند الطفل نفسي اجتماعي وليس ساعاتي كرونولوجي،فهو يستغرق في الشيء ما دام يجد فيه متعة وراحة نفسية،وإن أسدل الليل وإن بزغ الصباح،ويمل ويستنكف عن كل شيء يشعر فيه بالملل وعدم الراحة كائنا ما كان،لذا علينا الحرص في حجرنا الصحي على كل ما يخلق الراحة للجميع.
1-2- الطفل والفضاء:
         ويضيف الباحث التربوي المغربي:"إن الفضاء أي فضاء للتفكيك عند الصغار،وليس كما هو للتركيب عند الكبار"،مما يسبب لهؤلاء الكبار انزعاجا كبيرا عندما يقدم أطفالهم - رغم تحذيرهم المتكرر- على تفكيك كل ما رتبوه ونظموه في غرفهم،أو حتى تمزيق بعض الأثاث وتكسير بعض التحف في غرفة الضيوف،لذا لابد من الوعي بهذا بجمع الأطفال في بهو خاص مع أمتعتهم ولوازمهم،وإبعادهم عن كل ما يفكك وتعليق كل ما لا يفكك؟؟.
1-3- التصرفات السيئة للأطفال:
         إلى أن يضيف الأستاذ الباحث "كل تصرف عند الطفل وراءه قصد،وقد يكون قصد الطفل من تصرفه مقبولا،ولكن طريقة تصرفه وتعبيره عنه غير مقبول"،وعلى المربي أن يهتم بالمقاصد من التصرفات قبل اهتمامه بطرقها،فمثلا طفل يريد لفت انتباه أبيه للاهتمام به أو اللعب معه،فيمزق جريدته أو حتى يضربه؟؟،وطفلة تريد لفت انتباه أمها إلى خرقها لمقوم العدل بينها وبين أختها،فتكسر لعبها أو تستحوذ عليها أو تسرقها؟؟.
1-4- لبنات وإسمنت لجسر التواصل:
         وهي بالأساس ما عبر عنه "ماسلو" في هرمه حول حاجيات الطفل الأساسية في حياته،ويمكن القول أنها هي أساس كل شيء وعليها يبنى كل شيء،وعلى كل مربي السعي في توفيرها وهي:" تحقيق الذات والشعور بالكينونة + الحاجة للتقدير والثقة + الحاجة الاجتماعية والانتماء + الحاجة إلى العطف والأمان + الحاجة الجسدية والفسيولوجية"،فهل يصح بمبرر الحجر الصحي أو غيره السطو على هذه الحاجيات وحرمان الأطفال منها دون حتى إفهامهم لماذا أو تقبلهم لذلك،خاصة وأن الحجر بالأساس ما وضع إلا لحمايتهم من كل ما يهددها؟؟.

2- قواعد تخفيف الضغوطات :
         فلابد أن يدرك الآباء - وهم ولاشك مدركون لذلك - أن على الأبناء ضغوطات وإكراهات عديدة جراء ما هم فيه من الحجر الصحي وما انقلب من حياتهم رأسا على عقب،ولابد من تفهم ذلك ومساعدتهم على حلها وتجاوزها بسلام،ومن ذلك:
1- ضغط الخوف من المرض وتداعياته وهواجسه: وعلاجه اتخاذ التدابير الصحية و الالتزام بالتعليمات الوقائية وعلى رأسها النظافة والطهارة وتجنب المصافحة والتجمعات..،فذلك الفرار من قدر الله إلى قدره بقدره،ولنعلم بشيء من الطمأنينة والسكينة أن الله قد كتب على نفسه الرحمة لعباده،وأن ما أصاب الإنسان لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه،رفعت الأقلام وجفت الصحف".
2- ضغط توقف الدراسة الفصلية عن قرب وتعويضها بالدراسة المنزلية عن بعد: مع العديد من الأسئلة والهواجس المطروحة بصدد الموضوع، هل..وهل..وهل..،مما لا يملك الآباء ولا غيرهم أجوبة واضحة عنها،ليبقى الواجب تشجيعهم للتعاطي مع الموضوع بإيجابية ومساعدتهم على تنظيم أوقاتهم ومراجعتهم،خاصة بتوفير الجو المناسب والممكن من الأدوات المطلوبة،وتعريفهم على مهارة التعلم الذاتي وتقنياتها،دون تلقي الدروس وإنجاز واجباتها نيابة عنهم.
3- ضغط الانقطاع عن الأصدقاء وعدم الجلوس إليهم واللعب معهم وإلى متى: ويمكن التخفيف من ذلك بتمكين الأبناء من التواصل مع الأصدقاء والاستفسار عن أحوالهم في أوقات معينة عبر الهاتف أو الأنترنيت،وبإفهامهم أن الأمر عام في كل العالم تقريبا،وأنه رغم ذلك فهو ضيق مؤقت وبقدر ما يلتزم الجميع ويصبر على واجبه الأسري والوطني بقدر ما هنالك أمل للخروج من الأزمة إن شاء الله.
4- ضغط كثافة الأخبار السيئة عبر التلفاز والإشاعات عبر شبكات التواصل الاجتماعي وتطبيقات الهواتف الذكية: والحل منها هو إبعادهم عنها إلا بالقدر الضروري،وبالمشاهدة والمناقشة الجماعية،لنفي الإشاعة وتخفيف التهويل،والحذر من عواقب الإدمان على وسائط هذا العالم الافتراضي التي تأسر الناس من الواقع إلى عالم التوحد.
5- إكراه الحياة الجماعية غير المألوفة: وما قد يظهر فيها من الزعامات المفروضة والأهواء أحيانا وغير ذلك مما لا يجد فيه الجميع ذاته ولا أقرانه ولا رأيه ولا اهتمامه ولا هوايته،وهذا شيء طبيعي باعتبار اختلاف شخصيات الأطفال حتى في الأسرة الواحدة بين الحركي والسكوني والعنادي والعاطفي..؟؟،ولا خروج من ذلك إلا بمسؤولية الآباء والحوار الديمقراطي والمقاربة التشاركية مع الجميع؟؟،لابد أن يعي الآباء بجسامة دورهم في هذه اللحظات وتجسيد ذلك اتجاه أبنائهم جميعا،على حد قول أعرابية سئلت عن أي أبنائها أحب إليها فقالت:"أصغرهم حتى يكبر،ومريضهم حتى يصح،وغائبهم حتى يعود"،فما بالك اليوم وفي بيتنا محاجير من كل الأصناف،معطل لا يعمل،وعامل توقف، ومدين غير ميسر،وعازب غير محصن،ومدمن مبتلى..و..و...و..".؟؟،فكيف نعيد للأسرة معناها ودفؤها الحقيقي؟؟.


       وأخيرا،لا ينبغي نسيان ضغط الروتين والفراغ وانعدام الوسائل التربوية والترفيهية ( وسنعود إليه بشيء من التفصيل في آخر الموضوع)، ولكن قبل ذلك،لا ينبغي أن ننسى ضرورة تجنب ما يثير قلق الطفل ويسبب له الضغط بشكل عام،من مثل الخلافات الزوجية،تركه فريسة أعراض مرضية لا يفهمها،إشكالية حصوله المستمر على النقط السيئة في الدراسة،علاقته المضطربة بالأصدقاء،مقارنته السيئة والمحبطة بالآخرين،عدم العدل بينه وبين إخوته،السخرية منه والتقليل من شأنه وكفاءته،عدم تشجيعه على مبادراته وإنجازه المقبول،حرمانه مما يحب كالألعاب ومن حركيته وتفريغ طاقته الحيوية،وأخطر من ذلك تعرضه لعنف أو تحرش لا يستطيع التعبير عنه؟؟،وأوسع أبواب العلاج هو الاهتمام بالطفل والتقرب منه ومعاملته بالمودة والاطمئنان بدل القسوة والخذلان؟؟.


3- قواعد الحماية والوقاية:
         إن أولوية الأولويات من حجرنا الصحي هو خروج جميع أفراد الأسرة دون إصابة وخروج الوطن بأقل الخسائر والضحايا،فالحجر الصحي ليس مقصودا لذاته،بل كحل وحيد لحماية الناس من ارتفاع انتشار الوباء،وفوق ذلك فحجرنا الصحي ليس في أسوأ الظروف،ونحن نجد فيه..ونجد..ونجد،إلى درجة يمكن لمعظمنا أن يقول غير مفتري:"لا ينقصنا غير سلامتكم والنظر في وجوهكم الأعزاء"؟؟،ولكن هل في الحجر الصحي من لا يستنكف عن الخروج تلو الخروج ومن غير ضرورة ملحة أحيانا؟،من يستهتر بقواعد السلامة الصحية والقانونية؟، من يعيش في الخوف والهلع الدائم وما يترتب عن ذلك من الزج بجهازه المناعي في معارك طاحنة وخاسرة،ومن توترات وفظاظات مع الأبناء وربما مناوشات ومنازعات مجانية وانشطارية مع الآخرين؟،أقول هذا،والمرصد الوطني لتتبع انتشار الوباء يتحدث كل يوم عن ارتفاع أعداد المصابين،وبعض مراكز الاستماع اليوم تتحدث عن ارتفاع حوادث العنف الأسري خلال هذا الحجر الصحي إلى 5 مرات،وقد رأينا فيديوهات عن هذا العنف الأسري المجاني..من..ومن..ومن..،فمزيدا من الوعي والمسؤولية حتى لا يكون أي محجور ليس له من حجره إلا الحجر وإيذاء الآخرين؟؟.

1- الحماية الصحية والوقائية: وهي المقصودة في كل الموضوع،حماية من الوباء حسب ما أوصت به منظمة الصحة العالمية،وكما بينت ولا زالت تبين التجارب المريرة للدول العظمى مع الوباء،وحتى كما في سنة نبينا (ص) وسياسته الوقائية مع الأوبئة،لا حماية من المرض إلا الحجر الصحي (التزام تعليمات السلطة والقانون)،التغذية السليمة والمتكاملة حسب المجهود والإمكان،الحيوية والحركية والتمارين الرياضية رغم ضيق الفضاء،قواعد النظافة بالماء والصابون ومطهرات الألبسة ومعقمات الفضاء والوضوء والطهارة،ولابد للآباء من أن يكونوا قدوة في ذلك،بمبادراتهم وتعليمهم ومشاركتهم الأبناء؟؟.

2- الحماية الإيمانية والنفسية: وهي جزء أساسي من الصحة العامة، بل إن كل خلل عقائدي أو إصابة نفسية طال الزمن أو قصر ستتفجر في صاحبها بإصابة بدنية ومرض عضوي هالك؟،ولعل من أهم قواعد الصحة النفسية التي ينبغي لنا تفعيلها بقوة هذه الأيام،المواظبة على الوضوء والصلاة وأذكار الصباح والمساء والدعاء بكل يقين وخشوع،اتخاذ الأسباب وكأنها كل شيء وحسن التوكل على الله وكأنها لا شيء،وذلك الفرار من قدر الله إلى قدره بقدره وهو خير حفظا وهو أرحم الراحمين،كتب على نفسه الرحمة سبحانه.

3- الحماية من الروتين الممل وضغط الفراغوهنا - كما يوصي الخبراء - لابد أن تتوافق الأسرة على ضرورة تنظيم الوقت وتنوع برامجه وتكاملها مع الحفاظ على بعض الفقرات الأساسية فيه كأوقات الاستيقاظ وتناول الوجبات وأداء العبادات والقيام بالواجبات والمصالح الفردية والجماعية..وهكذا بكل عزم وحزم إلى أن يأتي وقت النوم في حينه المعتاد،وتوافق كذلك وبكل مرونة على قدر ممكن ولازم من المساعدة الأسرية والأنشطة الجماعية والألعاب الترفيهية،وأعتقد أن لأطر الجمعيات ومؤطري المخيمات و مربو السلك الابتدائي ومدربي التنمية الذاتية الكثير الكثير مما يمكنهم أن يفيدوا به الأسر والمجتمع في هذه الظروف الصعبة،إذا ما أخذوا المبادرة وتمكنوا من التواصل ولو عن بعد وفي مواقع التواصل:"ألعاب داخلية،سهرات ليلية متنوعة،تنشيط تربوي،أناشيد مسرح ولوحات،ورشات تكوينية،مسابقات ثقافية،،معامل تربوية،تحدي قراءة وتلخيص الكتب،موائد المناقشة الجماعية،موائد حفظ القرآن الكريم والحديث النبوي،التربية الأسرية والإبداع،حلقات القصة والحكاية،تعلم اللغات والمهارات،الألعاب الشعبية وألعاب الذكاء،مشاريع البحث التربوي والأدبي والاجتماعي عبر الأنترنيت،أندية سينمائية ومشاهدة ومناقشة جماعية،

         جلسات تربوية مختصرة للمصالحة بين الإخوة على ما قد يكون بينهم من الإساءات والمناوشات والتجاوزات خلال اليوم،يمكن أن تكون مواضيعها حسب الشكوى إن وجدت،أو المكافئة على إنجاز عملي أو سلوكي بين،أو حول مواضيع الحقوق والواجبات،حق الله،حق العباد،حق الآباء،حق الأبناء،حق الأخوة على بعضهم البعض،حق الأسرة وأفرادها،حق الطريق وحق المدرسة،حق الوطن وحق المواطن،وحق وحق..،تغرس خلالها القيم وتصحح المفاهيم،ويصحح خلالها أيضا ما قد يكون بين الإخوة من التجاوزات كما يكافئ الجميع على ما قد يصدر منهم من الإنجازات؟؟.حفظ الله أسرنا وأطفالنا وآبائنا و أوطاننا،ورفع عنا وعن العالمين هذا الوباء والبلاء والغلاء والعناء..وأعان كل من يتصدى له أو يساعد على ذلك من أي موقع وبأي إمكان،آمين..أمين..والحمد لله رب العالمين؟؟.
الحبيب عكي


اقرء المزيد

الجمعة، 3 أبريل 2020

http://akkioasisdesarticles.blogspot.com/

في فضل شعبان وحسن استقبال رمضان

         شعبان شهر الخير والبركة بين رجب ورمضان، شهر يغفل عنه الناس لكونه بين شهر محرم وهو رجب وشهر فضيل وهو رمضان،و هو - لو علموا - فهو فرصتهم الحقيقية لتكوينهم وتأهيلهم وتسليمهم  إلى رمضان في أحسن حال،وبعد تأهيل نفسي وتربوي واجتماعي شامل ومتكامل،وهو تأهيل ضروري لكل منا،وما تلك النتوءات التي تظهر على كثير منا خلال رمضان من فتور و عياء عن العمل والعبادة..ومن توتر وإسراف في استهلاك الطعام حد الاستدانة والبدانة..ومن تخمة فظيعة وسهر مجاني ونوم ثقيل..ومن..ومن..ومن..،إلا لغياب هذا التأهيل أو على الأصح ضعفه. ترى كيف للمؤمن في هذا الظرف الوبائي العصيب أن يؤهل نفسه وأهله لهذا الشهر الطيب المبارك وما دور شعبان في ذلك؟؟.

1-    في الجانب التربوي:
قالت عائشة رضي الله عنها:"ما رأيته (ص) أكثر صياما منه في شعبان"، ولما سئل عن ذلك (ص) قال:"ذاك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان،وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين،فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم". رواه أحمد. يعني أن رسول الله (ص) كان يحاسب نفسه،وكانت الطاعة قربانا له بين يدي أعماله إلى الله سبحانه وتعالى،وكان أهم ما يتعبد به (ص) في شهر شعبان  هو الصيام،صيام نفل يستقوي به المرء على صيام فرض في رمضان،وذكر عن الصحابة رضوان الله عليهم أن بعضهم كانوا يغلقون دكاكينهم وهم يستعدون لرمضان أشهرا عدة قبله ويعيشون بأفضاله عليهم الباقية الباقية،وكانوا يعيشون خلال هذا الاستعداد مع القرآن الكريم تلاوة وحفظا ومراجعة،ومع ما يصاحب القرآن الكريم من الصلاة والقيام وعمارة المساجد،والذكر والدعاء ف"اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلغنا رمضان"،وغير ذلك من مأثورات الصباح والمساء و الاستغفار،التي ولاشك يفتر عنها الكثيرون؟؟.

ومعلوم عن العبادة في أي شهر كانت لابد لها من أن تكون خالصة لله وصوابا على الشريعة، من هنا حاجتنا في هذا الشهر المبارك شعبان على مزيد من التدريب على إخلاص النية لله في أعمالنا وسلامة الصدر اتجاه الناس في معاملاتنا،والتفقه في الدين لمزيد من الخشية والتزكية ومعرفة الأحكام والفضائل. ما طموحنا في رمضان وماذا نريد أن نحققه أو يلزمنا أن نحققه فيه، وبالأخص ما خطتنا لتحقيق ذلك حتى نكون من المتقين مصداقا لقوله تعالى:"يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون"البقرة / 183،فهل نطمح إلى ختم القرآن خلاله؟،هل نعزم المواظبة على صلاة الجماعة والقيام مع الإمام أثناءه؟،هل سنصحح فينا سلوكا سيئا كهجر القرآن الكريم،والتخلف عن صلاة الجماعة في المسجد،أو التعاطي للتدخين أو الإدمان المجاني على مواقع التواصل..أو التقاعس عن القراءة وممارسة الرياضة،وغير ذلك مما إن ألفناه واستمرأناه قد يضيع علينا فضل رمضان إيمانا واحتسابا وهو فضل الأفضال،قال تعالى:"قل بفضل الله وبرحمته ،فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون"يونس/58.

2-    في الجانب الاجتماعي:
 جرت العادة والمواطنون في كل شعبان واستقبالا لرمضان - في اعتقادهم - يتنافسون في تهيء الأكلات الخاصة بالشهر الفضيل وبكميات وكميات في البيوت والمحلات،ويتسابقون في اقتناء العطور والبخور والهدايا وتفصيل الألبسة الخاصة والمكلفة لهم ولأزواجهم وأبنائهم،وبشكل محموم وهيستيري أحيانا،حتى أن رمضان – كما يقال – تساءل يوما هل أصبح الناس كلهم أغنياء ولهم من السيولة ما يكفي؟؟،فأخبره شعبان بأنهم إنما يستدينون من أجلك يا رمضان من الأبناك، ويرهنون ممتلكاتهم لدى وكالات القروض،ومجوهرات نسائهم لدى المجوهراتيين،الذين يوهمونهم بالتوسيع عليهم شهرا ليلفوا على أعناقهم وأرزاقهم  حبال الضيق والهموم بقية الشهور كلها؟؟.

الاستعداد لرمضان يا سادة،هو التخلص من هذا العبث إلا بالقدر الضروري الذي يخلص المواطن من هموم الاستدانة والاستهلاك المفرط والتباهي الاجتماعي؟؟. بما يفرغه للعبادة في شهر العبادة عله يتوب في شهر التوبة وينال الغفران في شهر الغفران؟،هو التدرب نفسيا وعلميا وعمليا على التصدي لما قد يتعرض له في رمضان من توتر واستفزاز وسباب وشجار إن رد عليه بالمثل أفسد عليه صومه؟،هو الجرأة على التخلي على الضغائن والشحناء والغيبة والنميمة التي تأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب؟،هو التعود على تفقد أحوال المساكين والمحتاجين والتكافل معهم قدر المستطاع،خاصة في هذه الظروف الوبائية الحرجة وتعدد وسائل التضامن؟،هو المشاركة في مشروع قفة رمضان وكسوة العيد وإفطار الصائم في بيوتنا أو مع أصحاب المقاهي أو جمعيات المجتمع المدني الخبيرة؟،هو التفكير في أشكال صلة الرحم المعلقة بالعرش تقطع من يقطعها وتصل من يصلها،وغير ذلك مما يجعل شهر رمضان فعلا،شهر الجود والكرم والخير والبركة،على سنة رسول الله (ص)،وقد:"كان أجود الناس وكان أجود ما يكون في رمضان"متفق عليه؟؟.

3-    في الجانب الدعوي:
وأكيد أن الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى،وإرشاد الناس إلى الخير،والعمل لهذا الدين والتمسك به، واجب شرعي فردي وجماعي حسب العلم والفقه والموقع والإمكان،وينبغي أن يكون لهذه الدعوة حظ في هذا الشهر الفضيل كما في كل الشهور،وأكيد كذلك أن كثير من معطيات العصر قد جعلت هذا الواجب الدعوي صعبا بقدر ما هو سهل في نفس الوقت،وحتى ينجح الداعية في دعوته اليوم لابد من أن يطرح على نفسه أسئلة ملحة بل ويجد لها أجوبة واضحة،ما هي أهداف الدعوة المعاصرة؟،ما هي مواضيعها؟،ما هي وسائلها وحواملها؟،ما هي مجالاتها مراجعها ومرافقها ومرافقيها؟،ماذا يملك و يتقن الداعية من ذلك؟،أو على الأصح كيف له أن يمتلك و يتقن بعض ذلك واللازم منه؟.أية كتب قرأها وأية محاضرات سمعها و فهمها حق فهمها،من أية كلية تخرج وأية أبحاث علمية واجتماعية أنجز أو ساهم في إنجازها؟؟،

ماذا أعد الداعية المعاصر من خطب للمساجد المتاحة؟،ومن مواعظ للولائم المنتظرة؟،ومن نصائح للفصول المسندة،ومن رسائل تواصلية وحملات تضامنية مع المحتاجين؟،ومن مقالات تربوية وفكرية للمواقع الإلكترونية،و"ليفات" تفاعلية لصفحات التواصل الاجتماعي،ومن جلسات تربوية ترفيهية لأسرته ومع الشباب والزملاء،و خلوات إيمانية وعلمية مع نفسه ومن..ومن..ومن..؟،وبأية جودة وحرفية،وبأية حمولة فكرية ورؤية إصلاحية؟؟.ولعل الحجر الصحي - رغم قساوته - هو فرصة لبرامج فردية وجماعية عن بعد وغير بعد في هذا الاتجاه،فقط كم سننتصر فيه على نفسياتنا الملولة؟؟،ولعل شعبان أيضا هو فرصة لإنضاج هذه المشاريع الدعوية أو على الأصح إتمام إنضاجها والتدرب عليها أو على بعضها حتى يتمكن الداعية بدعوته وحنكته وربانيته من ولوج مدرسة رمضان والرواء بروائه في غرس الإيمان في القلوب و زرع المحبة في النفوس وبذر الأخلاق في الطباع،والمساهمة في بناء الأجسام الصائمة القوية والنفوس المطمئنة الأبية والأرواح التقية الزكية وصلة الأرحام وصهر الخصام،في موسم تجارة نيل الحسنات ومحو السيئات،يقبل عليها الجميع في رمضان بكل قوة وطمأنينة وتلقائية؟؟.

بقي أن نشير،أن خير ما يعيننا على تحقيق هذه الأهداف والفضائل،هو إدراكنا لمكانة شعبان كفرصة تكوينية وتدريبية لاستقبال الشهر الفضيل، فضلا عن مكانته هو في حد ذاته،ففي الحديث:"أن الله تعالى يطلع على خلقه في ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن"؟؟. رمضان ضيف كريم لابد أن نهيء له كل الفضاءات الجميلة،وندعو لمجالسته كل الشخصيات الفضيلة،ونصحح له منا كل السلوكات القبيحة،ونكرمه كما يكرمنا بكل ما يرضى به ربنا عنا، شهر قد بشر به رسول الله (ص) فقال: "قد جاءكم المطهر...شهر أوله رحمة،وأوسطه مغفرة،وآخره عتق من النار"إلى أن قال:"فيه ليلة خير من ألف شهر(ليلة القدر)..من حرمها فقد حرم"؟؟. وأخيرا،وبمناسبة هذه الظروف الوبائية وما أحدثته من الخوف والهلع في المجتمع،لابد من اتخاذ الأسباب وكافة الاحترازات وشيء من الطمأنينة والسكينة رغم كل شيء،فيحكى أن وباء قد تفاوض مع ملك على دخول بلاده ولابد،فأذن له على ألا يقتل فيها أكثر من ألف شخص،ولكن حدث عند نهاية الوباء وأن ماتت عشرة آلاف،فلما سأل الملك الوباء لماذا هذا التجاوز؟،قال الوباء إنما قتلت الألف المتفق عليها،أما البقية الباقية فإنما قد قتلهم الخوف والهلع؟؟،نعم،الخوف والهلع يقتلون قبل الوباء أحيانا؟؟. لذا علينا تقوية إيماننا وعقيدتنا التي تعلمنا أن الموت بالأجل من رب الأسباب قبل الأسباب،وتعلمنا أن سنة الله في مواجهة الأسباب إنما تكون باتخاذ الأسباب كأنها كل شيء والتوكل على رب الأسباب كأنها لاشيء،وتعلمنا أن من اهتم بربه وركز في أمره كفاه ما سواه،فهذه غزالة جاءها مخاض،وعن شمالها صياد يريد رميها وعن يمينها أسد يريد افتراسها،وأمامها غابة تحترق و ورائها نهر جار،موت أو احتراق أو غرق،فما كان منها إلا أن سلمت أمرها لله وركزت في الذي تستطيعه وهو مخاضها،وإذا بالبرق من السماء يعمي الصياد ويربكه فيطلق سهمه نحو الأسد فيرديه قتيلا،وإذ بالرعد يفجر المطر من السماء فيطفىء نيران الغابة،فتقوم الغزالة من مخاضها بعناية الله وحفظه لها من كل مكروه؟؟،وفقنا الله وإياكم لحسن استثمار شعبان، وسلمنا الله وإياكم إلى رمضان سالمين وعلى أحسن حال،ورفع عنا وعن العالمين هذا الوباء والبلاء والغلاء والعناء..وأعان كل من يتصدى له أو يساعد على ذلك من أي موقع وبأي إمكان، آمين ..أمين..والحمد لله رب العالمين؟؟.

الحبيب عكي

اقرء المزيد

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

المتابعون

المشاركات الشائعة