Top Ad

الأحد، 19 سبتمبر 2021

http://akkioasisdesarticles.blogspot.com/

مواقع التواصل الاجتماعي وغياب الفاعل التربوي

        كثيرون هم الفاعلون التربويون بجد، وكثيرة هي أعمالهم القيمة وإنجازاتهم المبهرة، على مستويات متعددة في المدارس والجمعيات والملاعب والمخيمات..، وفي كثير من الفضاءات التربوية والترفيهية والتكوينية والتدريبية..، ورغم ذلك – مع الأسف – لا تزال معاناة الطفولة والشباب في توسع وامتداد بل واستفحال غريب وكأن لا شيء يعمل لصالحهم بلى حمايتهم وإنقاذهم؟. هل انتهى عهد الفاعل التربوي وهو الذي تخرج من كلياته الشعبية في الجمعيات والمخيمات العديد من رجالات الدولة الوطنيين؟، هل صدأت وسائله التربوية من "نشيد" و"لعبة"..، ولا تستطيع القولبة في صبحيات رقمية أثيرية يدخل منصاتها ويتحلق حول شاشاتها الملايين بدل مجرد العشرات من الأطفال فقط؟؟.

 

         أنظروا إلى مواقع التواصل الاجتماعي مثلا، كم تصدمنا - ورغما عنا وعن أعيننا التي لم تبحث عن ذلك ولم تقصده - كم تصدمنا مئات وآلاف من فيديوهات الجرائم الأخلاقية والتصرفات اللا تربوية التي ترتكب في حق الطفولة والشباب دون رقيب ولا حسيب:


1-    فهذا أب يعلم ابنه الصغير كيف يدخن الشيشة؟

2-    وهذا آخر يعلم بريئته كيف تتذوق الخمرة وتعاقرها معه؟

3-    وهذا يتندر على كل ما هو ديني من لحية وحجاب وفقيه ومسجد وصلاة..؟

4-  ومراهقات يسترزقن بعرض أجسادهن عبر "اليوتوب" و"التيكتوك" وصفحات "الفايسبوك" و"الأنستغرام"..، وبألقاب بطولية من درجة "قائدة" و"كابرانة" ودرجة "مهند" و "مخنث"؟

5-    التحرش الجنسي والاغتصاب والعنف والتطرف وفظاعة المخدرات و"الكريساج" ووقاحة التعاطي للدعارة..؟

6-  هذا بالإضافة إلى حملات متتالية بغرض هدم القيم الأخلاقية تحت شعارات شهوانية براقة من قبيل "جسدي حريتي" و"علاقاتي  رضائية أو مثلية ما دخلكم"؟، يغذيها وهم الغرور بحوزة آلاف المشاهدات وتسجيل ملايين الإعجابات والتربع على عرش "Tendance" ؟

 

والخطير في الأمر، توهم هؤلاء المراهقين الصغار والعابثين الكبار، أنهم أحرار..وأبطال عارفون ..مبدعون..ماهرون..مؤثرون..مشهورون..بل أذكياء يكسبون من المال السائب والمغرض من "يوتوب" و"تيكتوك" ما لا يكسبه حتى الموظفون الأشقياء في وظائفهم المتجاوزة، والتي طالما طحنتهم وأحرقت عمرهم دون طائل؟، والنتيجة - على كل حال - أخلاق اجتماعية جديدة فاسدة ومفسدة، تهب رائحتها النتنة على أوساطنا الأسرية والمدرسية بدل أن يكون العكس، ويتسكع انحرافها في شوارعنا ب"تشمكيرها" وفي ملاعبنا ب"شغبها" المدمر للملك العمومي والمشترك من الفضاءات، بل وتصب مياهها الآسنة في مياه البحر الدافئة، وأمواجها العكرة طالما لوثت مواسم الصيف والشواطىء؟؟

 

لا يمكن ترك الحبل على الغارب هكذا، والانحراف الرقمي والالكتروني والافتراضي كل يوم ينخر الطفولة والشباب، ويسرق منهم كل أوقاتهم الثمينة، يشوش عليهم الاهتمامات ويلهيهم عن أداء الواجبات، يحرمهم من التركيز والتحصيل الدراسي، يخجلهم في عالم الواقع بقدر ما يجرؤهم في العالم الافتراضي، ينفرهم من الاجتماعات الأسرية والزيارات العائلية، يختلي بهم في مخداعهم ويرافقهم في مراتعهم، إلى أن يفسد عليهم قيمهم الأخلاقية وراحتهم النفسية..، وكل هذا، تحت مسمى الترفيه وما هو بترفيه ولكنه غزو وطوفان برمجة وإدمان وتركيع، فما العمل؟:

 

1-    لابد من  وعي الآباء وتحمل مسؤوليتهم اتجاه أبنائهم ف(إن الله سائل كل راع ما استرعاه حفظ أم ضيع)؟

2-    لابد من عي الشباب بخطورة ما يضيعونه من أعمارهم في ما يضرهم ولا ينفعهم(..ويسأل عمره فيما أفناه)

 

3-  ضرورة يقظة الفاعلين التربويين، وإدراكهم أن ما ألفوه من فضاء الجمعيات والمخيمات ودور الشباب والمراكز الثقافية..، قد تحول جزء كبير منها إلى العالم الرقمي والافتراضي وصفحات التواصل الاجتماعي، ومن ثمة ضرورة رصدهم ومواكبتهم لما يبث عبرها من السموم والترافع ضدها كتلك الكوارث التي سبقت الإشارة إليها أعلاه، بالموازاة مع تسجيل حضورهم الدائم وإبداعم التربوي والتكويني وتنشيطهم الترفيهي المتميز والهادف في هذه العوالم؟

 

4-  سن قوانين رقمية وضرورة تطبيقها، ليس حجرا على الحريات الفردية والجماعية للأفراد، ولكن، حماية لنشئنا وعدة مستقبلنا من كل المحتويات الرقمية الهدامة والتي تضر به فكريا وذوقيا..نفسيا وأخلاقيا، لأن النشء لا يمكن بناؤه بالإثارة والفضيحة وعموم الرذيلة، لذا تصبح محاربتها واجب الوقت لمختلف الفاعلين وعلى رأسهم التربويين والمسؤولين، و"ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب"؟.

 

5-  دعم حريات الإبداع وتوجيهها نحو المجالات المفيدة والمحتوى المحترم والبناء، وهنا لابد من استدعاء البرامج التربوية والتكوينية للمدارس وجمعيات المجتمع المدني في مواد الإعلاميات والتكنولوجيا وجهود تملكها والتضلع فيها، وما حققه شباب الدول الراقية فيها من ثورة في صناعة "الروبوتات" و الهواتف الذكية والحواسيب واللوحات والتطبيقات والبرمجيات والألعاب..، التي ندمنها نحن ولا نفقه من ذواكرها و"بيوصاتها" و"راماتها" و"روماتها" شيئا، لا أقول مما قل أو كثر ولكن مما يسعفنا في نهضة وطنية رقمية قيمية حتمية و مأمولة؟؟.

 

           وهكذا، يظل سؤال العالم الرقمي والعالم الافتراضي ومواقع التواصل الاجتماعي مطروحا على الجميع، خاصة مع جائحة "كورونا" وما بعدها، حيث أصبحت هذه العوالم ملاذ الصغار والكبار وتحديا حقيقيا في حياتهم وكل مناحيها وأغراضها، لذا فهي تمنح نفسها شرف كونها ستصبح سيدة الجميع في المستقبل وستحتكر كل الأغراض البشرية في كل الدنيا، أراد من أراد وكره من كره؟، من هنا يطرح السؤال: ماذا نفعل نحن في هذه العوالم الرقمية وبها؟، أو على الأصح ماذا ينبغي أن يفعل فيها أطفالنا وشبابنا؟، كيف ولماذا؟، الجانب التقني والمهاري في إطار الجواب مهم جدا كحامل تكويني، من هنا ضرورة الأستاذ التقني المتخصص كخبير معالج، ولكن لا يقل عنه أهمية وضرورة وجود ومواكبة وتسجيل حضور وإبداع مفيد وشيق، الفاعل التربوي، حامل القيم الأخلاقية وحارس هوية الأمة وذاكرة الأجيال وبوصلتها، عنها ينافح وبها ينفتح ويتواصل بلا حدود، فهل سيلج فاعلنا التربوي هذه العوالم الرقمية الأخاذة أم سيستمر في الغفلة والضبابية والغياب، وهو من أسباب ضياع شباب الوطن والأمة وطفولتها؟؟.

 

الحبيب عكي


اقرء المزيد

الأربعاء، 8 سبتمبر 2021

http://akkioasisdesarticles.blogspot.com/

المغرب، لغة الحلول التي لا تفهمها الجزائر.

عبثا تستمر عصابة النظام الجزائري وطغمته العسكرية الحاكمة، في الاستثمار في معاندة الشعب المغربي ومعاكسته في قضيته الوطنية الأولى حول الصحراء المغربية، ذلك أن استثمارهم ذلك استثمار فاشل انطلق منذ البداية من الأخطاء والأوهام، ليستمر طوال تاريخه المضطرب في إنتاجها وتسويقها، وبالتالي، في الوقت الذي يتحدث فيه المغرب بطلاقة وفصاحة لغة الثقة والحقائق والحلول الواضحة بالحجج والبراهين، ويجد بها لكل إشكال طارىء رؤية متماسكة وحلا مناسبا وردا مفحما، يأبى النظام المتربص في الجزائر الشقيقة إلا أن يتحدث لغة المشاكل والاضطرابات والتعقيدات، وأن يتوهم وهم العين في كل حل مشكلة، ومشكلة معقدة، يتخذها سببا لمعاندة المغرب - ولا شك لو رأيت - ولكن لإلهاء الشعب الجزائري خارج قضاياه الشائكة وملفاته الحقوقية والتنموية العالقة وهذا أخطر؟؟.

 

المغرب، يتحدث لغة الحق التاريخي والبيعة الشرعية بين سكان الصحراء وملوك المغرب، فمن ذا الذي يمكنه أن يمحو حقائق التاريخ أو يمزق روابط البيعة؟؟. والمغرب، يتحدث لغة المنتظم الدولي والشرعية الأممية ومحكمة العدل الدولية التي قضت بوجود الروابط الشرعية المتينة والدائمة بين الصحراويين والملوك العلويين، فعن أي قضاء يبني نظام الخصم وعدو القضية ادعاءه الزائف؟؟، المغرب يتحدث لغة الاستثمار في صحرائه بناء عمران..وتنمية إنسان..وهيكلة حياة..لا لشيء إلا لأن المغرب في صحرائه والصحراء في مغربها قولا وفعلا، عدلا وصدقا، فماذا قدم نظام الخصم لمن يحتضنهم في مخيمات "تندوف" يسعى بهم موائد العالم أعطوه أو منعوه، فهم دائما في متاهة الشرود ومأساة التشرد في جحيم المخيمات، وبيننا وبينهم في التنمية والأمن والاستقرار سنوات ضوئية ؟؟،

 

المغرب، يتحدث لغة الجهوية الموسعة والممارسة السياسية والحياة المدنية لأبناء الأقاليم الجنوبية للمملكة كما هو الشأن بالنسبة لأبناء الداخل والأقاليم الشمالية، تحت الرعاية السامية لجلالة الملك والعرش العلوي المجيد، والإجماع الوطني تحت شعار:"الله..الوطن..الملك"؟. فكان النواب البرلمانيون من الصحراء والممثلون الجهويون والمستشارون الجماعيون..، كل يوم ينتجون مزيدا من الخدمات الاجتماعية والمباني السكانية والبنيات التحتية، في نموذج تنموي خاص بالأقاليم الجنوبية للمملكة، تعدت فيوضاته الاستثمارية والإشعاعية إلى أفريقيا بمهمات المشاريع الفلاحية وناجحات المقاولات التجارية بل وحتى الإشعاعات الروحية والدينية، إذ فوق المساجد المغربية الكبرى في إفريقيا، قريبا ستتلعلع تلك المنارة الحضارية المرتقبة في مسجد المعبر الحدودي ب"الكركرات" ليستقبل و يودع المسافرين من وإلى المغرب نحو أفريقيا أو منها بأول شيء وأهمه في حياة الإنسان ألا وهو فرصة الراحة والسكينة والوضوء والصلاة والذكر والإيمان والأمن والاطمئنان عند "منارة الصحراء"؟؟.

 

المغرب، يتحدث لغة فتح السفارات في أقاليمه الجنوبية، وقد بلغ عددها إلى حد الآن 25 سفارة ومن أعظم الدول وأرفعها شأنا في العالم، وفي ذلك استمرار في الاعتراف الدولي بمغربية الصحراء ودعم جهوده التنموية ومشاريعه الاستثمارية فيها، ومقابل ذلك اندحار دبلوماسي للانفصاليين وسدنتهم في النظام الثوري المناضل في أشقائه بدل مشاكله، ورغم ذلك فها هو لا يمنى إلا بخسارة وراء خسارة، ولا يمنعه ما يتجرعه من خسارة أن يستتبعها خسارة أشد مرارة، وها هو عدد الدول المستمرة في دعم جمهورية الوهم الصحراوي ينحدر إلى أقل من 34 دولة مقابل 84 في السبعينات والثمانينات والتسعينات، أي اندحار إلى اقل من 15%  فقط، مقابل 75 %  للمغرب وعلى رأسها أعظم دولة في العالم المعاصر "أمريكا" التي اعترفت مؤخرا بمغربية الصحراء بل وأبدت عزمها للاستثمار في طبيعتها وجمالها الخلاب؟؟.

 

وأخيرا، قصم ظهري أن المغرب الحبيب يتحدث لغة خاصة مع الجارة الجزائر، ما تحدثها خصم مع خصمه ولا حتى صحب مع صحبه، أبسط ما فيها وأعمقه ما فتىء يصرح به الخطاب المغربي الرسمي والحكومي وحتى الشعبي: "أن هيا نؤسس لجنة مشتركة بين الشعبين نناقش فيها كل شيء على الطاولة..وليكن ما كان "، هل بعد هذا حل أوتيسير للحلول أكثر من هذا..هل مثل هذا العرض يتجاهل؟...أنه يمكن أن يستثمر في الصحراء كائن من كان، حتى من الانفصاليين ربما، فقط أن يتوفر على جواز سفر مغربي..جزائري..أو إسباني..؟؟، فليسجل التاريخ والحكماء والفضلاء في كل العالم كل هذا الجنوح المغربي للسلم والسلام، والذي - مع الأسف - لا زالت العصابة (بلغة الحراك الشعبي) ترفضه  لأسباب هي في الحقيقية وراء دعم النظام الجزائري للانفصال في الصحراء المغربية، ترى ما هي هذه الأسباب:

 

·        خطأ استثمار النظام العسكري الجزائري منذ البداية في الموضوع؟

·        إشكال تعويض المصاريف المهدورة، حتى لا يخرج الداعمون من ورطتهم بعد عقود بخفي حنين؟.

·        الرغبة الخفية والمعلنة في إيجاد منفذ طرقي يسهل حركة المرور من الجزائر إلى المحيط الأطلسي؟.

·        كيف سنفتح الحدود يوما ما  بعد كل هذه العقود من الخسارة الرحيمية والتجارية والسياحية للشعبين؟.

·        على من يقع إثم السكة الحديدية المعطلة بين البيضاء والعاصمة ، مرورا عبر وجدة وتلمسان ووهران؟.

·        من سيبوء بإثم شباب البلدين الذين حرموا من زيارات البلد الجار، وهو المتنفس الطبيعي لسياحة الشباب؟.

·        من يقنعنا أن تعطيل مبادرات المجتمع المدني بين البلدين وعملهما المشترك،  لم تكن غير لعنة السياسيين؟.

·        كيف سنقبل بمغفرة ما لم نكن نعفره من الأخطاء المتبادلة أيام التسعينات..من طرد الجاليات وفرض التأشيرات..؟.

·        من سيقنع شعوبنا بمختلف أجيالها، بأن تعطيل هياكل الاتحاد المغاربي كان ضروريا..، وهو من جميع النواحي ليس كذلك؟.

 

ورغمها، يظل المغرب والجزائر جاران شقيقان، يجمع بينهما التاريخ والدين والأخوة واللغة والعادات .. إلى درجة أن الظرفاء من شباب الأجيال المعاصرة كانوا يبحثون بحماستهم عن هوية وأصل العديد من المأكولات والملبوسات والمعزوفات المعروفة بين الشعبين لينسبوها إلى بلدهم فخرا وتباهيا، مثل (الكسكس..والبرنوس..وحلق الرؤوس..الطاجين..والراي..والملحون..والقفطان والوجدية..) فلم يجد المساكين إلا أن ذلك انتشر في كلا الشعبين منذ قدم القديم، وشكل هويتهما وكينونتهما على قولهم في وصفنا من طرف ابن خلدون: "نحن قوم نحلق الرؤوس، ونلبس البرنوس، ونأكل الكسكوس"، وزاد المسرحي "الزروالي": "الكسكسو..والبسطيلة..والخليع..واللي مات على شبعة لهلا يردو"، فعسى أن يرشد بعض المسؤولون الذين يأتون ويذهبون رشد الشعوب والمؤسسات التي تبقى، وعسى أن تعود العلاقة بين الشعبين الجارين الشقيقين يوما كما كانت وأفضل..وأفضل بإذن الله؟؟.

الحبيب عكي


اقرء المزيد

الأربعاء، 1 سبتمبر 2021

http://akkioasisdesarticles.blogspot.com/

الغائب في ملف علاقات الجزائر بالمغرب

 

        المؤكد أنها علاقات متوترة ربما على امتداد كل العقود الأخيرة، فيها كثير من التحامل والتحامل المضاد، كثيرا ما تضررت جراءه مصالح الشعبين الجارين الشقيقين،على عكس ما كانت تقتضيه علاقات الأخوة وحسن الجوار التاريخي، كما أن سبب التوتر هذا هو في كثير منه عبارة عن ردود أفعال متشنجة بين النظامين الحاكمين في البلدين كما ينعت بعضهما البعض(العصابة#  المخزن)، سرعان ما تطبل لمواقفهما العدائية جوقات من النخب الموالية هنا وهناك، وبشكل دعائي فيه كثير من الحماسة والتصعيد بدل التعقل والهدوء، وكثير مما يتجاوز كل الروابط التاريخية المتينة ويفرق بدل أن يراعي المصالح الجماعية المشتركة القوية ويوحد، وهكذا أصبح لدينا كثير مما يزيد الصرح الشامخ بين الشعبين شرخا وهدما بدل أن يرممه ويصلحه ولما لا يجدده؟؟.

        

         ومع الأسف، كثيرا ما نقول أنه ينبغي أن نفرق بين خطاب الأنظمة بإكراهاتها وخطاب الشعوب بخياراتها، ولكن السائد على أرض الواقع في كثير منه، وكأنه لا يوجد غير خطاب الأنظمة وحده، بكل توتره وحدته وتجاوزه ربما غيره من المؤسسات التشريعية التي تجد نفسها عاجزة عن الفهم والمعارضة أو حتى النقد والتصويب، ومضطرة في المجمل للمصادقة عليه بدعاوي وملابسات، فإذا ساند ذلك الخطاب الرسمي الانفصال سوند، وإذا أمر بغلق الحدود أغلقت، وإذا علق المبادلات علقت، وإذا فرض التأشيرة على المسافرين من البلدين الجارين فرضت..وإذا..وإذا؟، وكأن الآمر الناهي في كل شيء والمستفرد بالملفات والقضايا، هي وحدها خطابات ومواقف رسمية للعصابة أو المخزن، ومع ذلك تتبجح الشعوب المغلوبة على أمرها بأنها معها ولو كانت ضد مصالحها وتاريخها، وهي في المجمل كذلك؟؟.

 

         الأمر السيء الآخر، أن العلاقات المتوترة هذه استمرت بين البلدين الشقيقين من نظام إلى آخر، وبنفس دعوى المصلحة الوطنية التي لا يعلمها إلا زبانيتها من نظام العصابة التي يتحرك ضدها كل الحراك الشعبي في الجزائر، وهي التي تربط ربطا تعسفيا بين ما لا يربط بالضرورة من الأحداث والوقائع الطارئة والمصالح المشتركة والضاربة في عمق التاريخ، و تحمل جل المواقف من المناوشات ما ليس ضروريا ولا منطقيا، وفي هذا الصدد وكما يتساءل البعض هل قرار فرض التأشيرة من طرف المغرب على أبناء الجيران، هل كان صائبا؟، يتساءل البعض الآخر أليس من الجنون إقدام عصابة هؤلاء الجيران على دعم مليشيات الانفصال في المعبر الحدودي ب"الكركرات"؟، أو طرد سكان "العرجة" من أراضيهم في "فكيك" المغربية؟، أو التغطية على استشفاء زعيم الانفصاليين "إ.غالي" بجواز جزائري في إسبانيا..؟،أو هرطقة "الشروق" ضد رمز بلادنا وسيادتها..؟، فهل كان هذا من الضروري أن يقع أولا، وهل كان من الضروري أن تكون له علاقة بالحدود الحيوية بين البلدين ويزيد في إحكام إغلاقها بدل فتحها و انفراجها الذي أصبح ملحا بين الشعبين؟؟.

 

       الأمر التصعيدي الآخر، هو أن يتجاوز هذا الاستفراد النظامي - العسكري - كل المعنيين في البلورة والمناقشة وحق المشاركة والمعارضة وإبداء الرأي، أو عدم الحرص على دستورية القرارات وإعطاء بدائل سلمية مناسبة بدل توترات الحرب المستفزة التي لا تبقي ولا تذر؟، بدء من غياب السادة العلماء والزعماء الجزائريين..إلى رؤساء الأحزاب المطبلين الذين لم نرى منهم مبادرة ولا معارضة..بل إلى رؤساء الحركة الإسلامية وجمعيات المجتمع المدني التي طالما ادعت الحرية والاستقلال..، فإذا بنا لم نجد لها غير مواقف مضحكة مخزية لا تقنع بها حتى ذاتها..، إذ يقولون نعم، نحن مع وحدة الأمة..ضد التفرقة ومخططات الاستعمار..مع ما وحدنا ويوحدنا قرونا مضت من الدين واللغة والأخوة والأرض والتاريخ والمصير المشترك، ولكن نظامنا اختار، وعسكرنا قرر، وعصابتنا سارت..ولا يمكن إلا أن نكون مع سياسة نظامنا - غفر الله لنا وله -..وينادون هم أيضا بالمتجاوز من مقترح "تقرير المصير"...الله يا زمان؟؟.

 

         الوهم الآخر، وهو استثمار كل هذا التوتر والتصعيد، لتصغير البلد الجار، وتحقيره وإظهاره -لا أدري أمام من -..بأنه ليس على شيء، لا في الموقف السياسي ولا في الرقي الاقتصادي، فبالأحرى الاختيار الإيديولوجي أو المعسكر التحالفي أو نظام الحكم الجمهوري(الحرية والثورة) أو الملكي(العبودية والحكرة)..؟؟، والواقع أن كلا البلدين بلد، ولعشرات الملايين من الساكنة لا يعيشون - بالماء والهواء - ولا يتسولون على موائد اللئام(اللهم لحاضنتهم في المخيمات)، أو ينتظرون فتاة بعضهم البعض، تعاطوا وتبادلوا أو تمانعوا وتقاطعوا؟، صحيح أن التاريخ جعل بعضهم أعرق من بعض، وبعضهم أكثر مقاومة للاستعمار من بعض..وبعضهم وبعضهم، ولكن عموما هناك تكافؤ في مجالات وتفاوت في أخرى، وحاجة التعاون والتضامن كما هو الحال بين جميع الشعوب مطلوبة ولازمة لأن يد الله مع الجماعة، وكما قال الشاعر:"تأبى الرماح إذا اجتمعن تكسرا*** وإذا افترقن تكسرت أفرادا"؟؟.

 

         وهكذا وبعناد المعاندين وبسطو الساطين على الحقائق، وهبنا الذي يجمعنا للذي يفرقنا..و وهبنا الأبقى الصامد للعابر الذي يزول، وكأن بعضنا شعوب بدون ذاكرة ولا واقع أو حق سياسي أو طموح مستقبلي غير الذي تراه فيالق المخزن أو عصابة العسكر، صحيح أن هناك بعض الحراك الاجتماعي في بعض مدن المغرب أيضا، لكنه جزئي محدود اجتماعي المطالب ولا وجه للمقارنة؟، عكس العصابة في الجزائر والتي نفهم الآن لماذا يتحرك ضدها الحراك الشعبي في كل الجزائر ولكل هذه الأشهر والسنوات، فعلاقاتها المتوترة مع المغرب الشقيق واستثمارها الفج في الانفصال غير المشروع لوحدته الترابية، نموذج فشل ذريع لسياستها مع البلد الجار وما ينبغي أن يحظى به من حسن الجوار، وما غيرها من سياسات البلاد بأحسن منها حالا ومآلا، ولا زال يصرخ بذلك الحراك الشعبي ويطالب بالرحيل قبل الإصلاح، وإن كان في الحقيقة ذلك الشأن شأنهم، ولكن فقط:

 

1-    أين تاريخ العلاقة بين البلدين وتداخل حياتهما المشتركة سياسيا واقتصاديا، ثقافيا واجتماعيا؟.

2-    ماذا عن فترات العلاقات السيئة بين الشعبين وكيف تم إصلاحها وتجاوز هفواتها وبأية مرجعية؟.

3-    كم هي الدواعي المعاصرة والرهانات الضرورية التي تدعونا اليوم إلى تمتين الوحدة والتعاون بيننا؟.

4-    كم دراسة موضوعية لدينا لهذه المرحلة المتوترة، وماذا فقد أو ربح الشعبين.. قبلها ..أثنائها..وبعدها ؟.

5-    هل دواعي إغلاق الحدود بين البلدين منطقية؟، وهل لا زالت المبررات المقدمة مستساغة في عالم اليوم؟.

6-    ما هي الخلفيات الحقيقية للتوتر الحالي بين دعم الانفصال أو دعم الإرهاب..طغيان الجيش..زعامة أفريقيا..؟.

7-    إعلام الفائض من نشر الغسيل بين البلدين على شاشات الفضائيات،هل هو جزء من الحل أم مزيدا من الإشكال؟.

 

        خلاصة القول،  ما مدى استعداد الجزائر الجارة لحل المشكل، والمغرب ينادي بشكل رسمي بفتح الحدود، وبلجنة مشتركة تناقش على الطاولة كل شيء مما قد يكون من عوائق الجوار الطبيعي والتعاون المغاربي الذي طال انتظاره...لجنة مشتركة..وكل شيء؟؟، لكن مقابل ذلك، ربما لا حياة لمن تنادي، فقد تجاهلت العصابة النداء فأقبلت ليس على الاستمرار في غلق الحدود رغم مرارة وفظاعة جرمها، بل على قطع العلاقة الدبلوماسية برمتها، ولا ندري في الحقيقة أية علاقة كانت موجودة حتى تقطعها، أو على الأصح، ماذا تبقى منها حتى نأسف عليه؟، أم المهم عند البعض هو وهم المبادرة فبادروا، و ري غل القطع فقطعوا...فاللهم لا شماتة؟؟.

الحبيب عكي


اقرء المزيد

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

المتابعون

المشاركات الشائعة