Top Ad

الأحد، 25 ديسمبر 2022

http://akkioasisdesarticles.blogspot.com/

زكرياء بوخلال.. اللاعب المهاري القدوة

في الوقت الذي عبرت فيه كل فئات الشعب المغربي عن استحسانها وتنويهها وفرحتها العارمة بالأداء المبهر الممتع المقنع للمنتخب الوطني لكرة القدم في إطار فعاليات كأس العالم لهذه السنة قطر 2022، فعاليات حقق فيها نتائج غير مسبوقة تمثلت في بلوغه نصف النهاية كأول فريق عربي وأفريقي تمكن من التربع عن جدارة واستحقاق مع الثلاثة الكبار والأوائل في عالم الساحرة المستديرة؟. وكان مما زاد هذا التفوق والتألق الرياضي هيبة وجلال ما تشبث به الفريق الوطني بكل أعضائه لاعبين ومسيرين من إظهار الوطنية المحفزة والنبوغ المغربي المتدفق الفياض وكل ما يتصل بهما من رموز دينية عمق هويتنا، وعشق وطني فظيع، واحتفاء بالآباء والأمهات وكافة الأسرة التي يحاول البعض من الغربيين غرس معاولهم المسمومة في حصنها، فحاولوا الترويج للخمور والشذوذ والمثلية لولا حزم الدولة المنظمة التي منعت ذلك؟.

 

في هذه الأجواء الاحتفالية الاجتماعية الجماعية تخرج علينا بعض الأقلام المغرضة والمواقع الشاردة، لتعكر علينا فرحة هذا الاحتفاء الشعبي العارم، مدعية أنها إنما تنبهنا إلى أمر خطير يلف الموضوع خاصة ويحدق بالوطن عامة، ألا وهو وجود "سلفي" متخفي في الفريق، وهو عنصر نشيط مقبول ومحبوب وسرعان ما سيؤثر على الجميع ويحول أعضاء الفريق ولاشك إلى خلية إرهابية ناسفة، لن تأتينا بغير خراب الكرة ونسف الملاعب؟. ما دعواكم يا مفترين؟، وما قرينتكم يا مستأصلين؟، أجابوا بكل غباء، عفوا، ألا ترون الشاب - حفظه الله - حيوي ظريف.. يمارس في قلب الهجوم.. يهجم ويسجل.. يرفع السبابة.. يسجد شكرا لله.. ويسجد معه كل الفريق؟. ألا ترونه يتلو عليهم آيات من الذكر الحكيم.. يصلي الجمعة والجماعة بالناس.. ألا ترونه قد تصور مع الشيخ العالمي "ذاكر نايك".. ألا تعلمون أنه قد نشط في السر كالبركان فتكلف بتجهيز ملعب للأطفال في دار "بوعزة "من ماله الخاص؟، ألا ترون.. ألا ترون.. لماذا يسجل الأهداف؟، لماذا يلف علم فلسطين؟، لماذا يسجد شكرا لله؟، لماذا يرفع السبابة؟ كل شيء إلا رفع السبابة، هل رفعها "طوطو" في البوليفار؟.

 

يا سبحان الله، وكأنه لم يعد اليوم عند هؤلاء شيء اسمه الحرية الشخصية؟، ولا احترام الثوابت الوطنية؟، ولا الوحدة في إطار التعدد؟، ولا احترام الرياضة والرياضيين؟، هل كتب على الرياضي ألا يكون متدينا؟، في أي رياضة يحقق الممارس هدفا ولا يسمح له بالتعبير عن فرحته ومشاعره، دينية كانت أو حتى بزنطية، هل كتب على الرياضة أن تكون "طوطوية" متسخة متفسخة عقيمة أبطالها من كرتون "شعكوكات" و" لابواطات" و"تيرسيات" ووصوليات وحزازات( ) إلى غير ذلك من الاستيلاب الهوياتي والسلوكي، لا ميزانيات تبقي ولا نتائج تحقق؟. يا سبحان الله، كيف لم ترى هذه الأبواق الشاردة صدى الإسلاموفوبيا عند أسيادها الغربيين والحداثويين، كل الإنجازات المبهرة للاعب الخلوق "زكرياء" وكافة زملائه من لاعبي الفريق؟، كيف غاضتهم استقامة أخلاق "بوخلال"  - ولا نزكيه على الله -؟، كيف لم تحركهم البسمة التي رسمها - مشكورا - على وجوه الأطفال الأبرياء؟، كيف لم يفرحوا بما خلقه الفريق من فرحة عارمة للشعب المغربي شارك فيها جلالة الملك بذاته، وامتدت إلى باقي الشعوب الشقيقة والصديقة؟. كيف لم يعبئوا بالعائد الوحدوي القومي للأمة العربية بالطول والعرض؟، كيف سمح لهم خبالهم أن يمسوا بالمغرب  وسمعته الطيبة التي اجتاحت العالم في هذا المونديال وعلى أكثر من صعيد وبأكثر من عائد؟.

 

بئس الفكر فكركم، متى كان "السلفيون المتطرفون" - على حد قولكم - يهتمون بالكرة إطلاقا، فبالأحرى أن يلعبوها في الفريق الوطني وأنى لهم مدارج ذلك؟، أو يشاركوا بها في فعالية كبرى من حجم كأس العالم، وهي عند بعضهم قد تكون أفيون الشعوب لا متنفسها، قمارا تبذيرا وكفرا يخدش في معتقد المؤمن؟، أي استخفاف بأعضاء الفريق وكأنهم إمعة لا يفكرون ويساقون لكل من هب ودب؟، لماذا "بوخلال" بالذات وكل اللاعبين كانت لهم حركاتهم الخاصة بنفس المعاني والدلالات؟ وأيضا، متى كان الشباب الرياضي المتدين حاليا يهتم بالأحزاب والتنظيمات فبالأحرى اهتمامه بالخلايا والمواجهات الدونكيشوطية مع الأطباق الدولية؟، لكم أن تنظروا في حياة جلهم، إنهم جيل آخر.. جيل آخر، منفتح صحيح.. متعلم بين بين.. ولكنه برغماتي.. مواطن وأسري إلى النخاع.. ولكن المسكين كسرت طموحه وكبريائه صعوبة الحياة وقساوتها.. وبالتالي فكل همه أن يتقاتل من أجل شأنه.. وفقه الله وكان في عونه، وإثم اتهامه بالباطل والتحريض عليه بالمجان، ولا شك سيكون على الأريسيين و"الصحافيين" والبزنطيين الذين لم يتعلموا كيف يمارسون الصحافة ولا في أية معارك يخوضون بها، غير معركة إسقاط الناهض بدل إنهاض الساقط، فاللهم لا شماتة؟.

 

"بوخلال" يا سادة، لاعب وطني موهوب، يمارس هوايته واحترافه ومعتقده كما يشاء ومن حقه، لا يحتاج إلى دعاية من أحد ولا يقبل أيضا صدا أو تضييقا من أحد، فبالأحرى تهميشا أو إقصاء أو صدقة بالاستقامة والمهارة ولا بالمواطنة والبراءة؟. والرياضة رياضة وستبقى رياضة، يمكن ملؤها بكل شيء من أقصى الانحراف العبثي إلى أقصى الجد الهادف، من أقصى السمسرة والاسترزاق إلى أقصى التهذيب والأخلاق، فشكرا للشعب المغربي الأصيل الذي قدر مواهب اللاعب "زكرياء" وكل اللاعبين فاحتضنها خير احتضان. شكرا لأسر اللاعبين وقد أحسنوا تربية أبنائهم وأنفقوا على تكوينهم ودعموهم في ذلك حتى أثمرت مواهبهم وأضاءت أخلاقهم وسمي الفريق بفريق الساجدين ومرضاة الوالدين، شكرا للجامعة الوطنية لكرة القدم وهي ترد بقوة في النازلة المشؤومة وترفض رفضا قاطعا المساس باللاعبين وحياتهم الشخصية وقيمهم الدينية التي هي قيم المغاربة ككل، شكرا لجلالة الملك – حفظه الله – وهو يستقبل اللاعبين بكل العطف الأبوي والحفاوة والتكريم وهم مرفوقون بأمهاتهم.. من المنقبة والمحجبة.. إلى التقليدية والعصرية..، إنه مغرب الوحدة في التعدد.. كان ولا زال وسيبقى بكل الشموخ والإباء والحرية والعزة والكرامة.. ولا عزاء للحاقدين الحداثويين الاستئصاليين؟.

الحبيب عكي


اقرء المزيد

الاثنين، 19 ديسمبر 2022

http://akkioasisdesarticles.blogspot.com/

كرة القدم عندما تكون قيما متعة ونضالا.

        في الوقت الذي لا تزال فيه بعض الحركات الإصلاحية عند نظرتها التقليدية للرياضة بشكل عام وكرة القدم بشكل خاص، من أنها مخدر.. أفيون الشعوب.. لا تقدم ولا تؤخر.. مضيعة للوقت والمال، والناس في حياتهم أحوج ما يكونون إلى الجد والعمل لا إلى الهزل والترفيه والكسل؟. وبالتالي لم تهتم مثل هذه الحركات لا بالرياضة ولا بالسياحة ولا بالفن ولا بالإعلام ولا بغير ذلك من عوامل الإصلاح الناعم، بل بالعكس، عقودا وعقودا وهي تمني النفس بأن يكون لها بعض الإسهام في ذلك دون ممارسة ولا إنجاز، بل تعتبر كل هذا الاهتمام العالمي الشديد بكرة القدم من صحف وقنوات وفرق وتدريبات ودوريات وبطولات وتحليلات واستثمارات وصناعات..، إنما هي غواية شيطانية للإلهاء والانهاك وأعمال وطنية ودولية خارج الملف؟.

 

            في حين أن حركات إصلاحية أخرى، لها نظرة مرنة متقدة، تعتبر الرياضة بشكل عام فطرة إنسانية وكرة القدم لعبة اجتماعية محبوبة عند كافة الشرائح الاجتماعية ممارسة و فرجة بل مقاولة واستثمارا بميزانيات ضخمة وهائلة، وهي كذلك بوابة صحية تواصلية تربوية مشرعة، يتحقق عبرها الكثير من أوجه تنمية الشخصية والمهارة واستثمار الوقت في الترفيه المحبوب والمباح،  فاعتمدتها لتربية أعضائها أولا والحفاظ على صحتهم وتجنيبهم الكثير من الأمراض المزمنة التي تسبب العجز والعياء والترهل والشيخوخة المبكرة، واعتمدتها كذلك للانفتاح على شرائح المجتمع ومخالطتها وفهم همومها ولغتها وأشواقها، فكونت المئات والمئات من الفرق الرياضية والفنية المحلية للإسهام في الحياة الثقافية للبلاد وتأطير العديد من مناسبات العباد؟.

 

            هكذا الناس والهيئات والدول اتجاه الرياضة بشكل عام وكرة القدم بشل خاص، بين معتقد بها.. ممارسا لها.. متفرجا فيها.. مشجعا عليها.. وبين متنكر لها.. محتقر لممارستها.. متجنب لفرجتها.. غير مشجع عليها، إن لم يكن قد أفتى فيها بالتحريم ولا يدخر جهدا في محاربة وعرقلة كل ما يمت لها بصلة كبيرة أو صغيرة؟. إلى أي حد مثل هذه النظرة موضوعية و واقعية؟. وإلى أي حد لم يتجاوز الوقت أصحابها لإعادة النظر فيها؟. هل فعلا تكون الرياضة ضد القيم والأخلاق؟. وهل فعلا، كرة القدم بقدر ما تمنح الناس السعادة بقدر ما لا تغير من واقعهم شيئا؟. هل هي إسراف وتبذير للأموال والأوقات؟.. وهل الناس أحوج ما يكونون في حاجة إلى ما هو أهم وأجدى من أعمدة النهوض والتقدم والازدهار الحقيقي والشامل اقتصاديا واجتماعيا.. بشريا ومجاليا؟.

 

            رحم الله "عماد الدين حليل" وهو يقول عن الفن - ردا عن المستخفين به.. الداعين إلى الجد بدل الهزل – فيقول لهم: "إنه الجد كل الجد حين يحين الجد"؟. وكذلك الرياضة بصفة عامة والكرة منها بشكل خاص، كانت فيها كل الاتجاهات من أقصاها العبثي الاستهلاكي التبذيري إلى أقصاها القيمي الأخلاقي خاصة في مجتمع الأخلاق:

1-     الرياضة الجماعية في القاعات وملاعب القرب في الأحياء: ألا تحرر الأفراد من شرنقتهم الفردية الأنانية إلى الروح الجماعية والفريق المتعاون.. فيكون التعارف والتآلف أرضية خصبو لغيرها من الحركات الاجتماعية؟.

2-     أليس العقل السليم في الجسم السليم في البيئة السليمة: وهذه البيئة السليمة ألا تطرح على الراغبين فيها تحديات الإيجاد والتخليق والتحصين من مظاهر الانحراف والمخدرات والفساد، وغير ذلك مما يمر كثير منه عبر الرياضة؟.

3-     قوانين اللعبة والروح الرياضية: ألا تربي الممارسين على مفهوم القانون والعدل والمساواة وعلى سعة الصدر؟

4-     الذكاء الرياضي والذكاء الجماعي: ألا يعتبر ذكاء لا يقل أهمية عن غيره من الذكاءات التي لا يكتمل عملها إلا به.. حتى قيل أن المؤمن يستعين على عبادته بقوة صحته وصلاح رفقته، و قد ورد في الحديث: " المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف "؟.

 

وعلى الصعيد الميداني، أليس من القيم والأخلاق الفاضلة، هذه القوافل الخيرية والحملات الاحسانية التي يقوم بها بعض النجوم الرياضيين ومؤسسات الأندية التي يمارسون فيها.. للتكفل بتمدرس الأطفال المحتاجين في قراهم.. لتقديم بعض المساعدات كشق طرق وبناء مرافق اجتماعية من مدارس ومستوصفات؟. وجمعيات المواهب الرياضية لأبناء الجالية، ألا تنتشل أبنائهم من متاهات الإدمان والانحراف والموبقات التي يعتادها أبناء الغرب.. ناهيك عما تعزز به حياتهم بقيم الهوية والارتباط بالجذور الثقافية لبلدانهم؟. قال الشاعر: " يا عابد الحرمين لو أبصرتنا.. لعلمت أنك بالعبادة تلعب.. منْ كانَ يخضبُ جيدهُ بدموعِه.. فَنُحورُنَا بِدِمَائنَا تَتَخَضَّبُ"؟.

 

اليوم، يستطيع الرياضيون أن يفخروا بقول مثل هذا بعدما تخلت العديد من قوى الإصلاح الجادة الفردية والجماعية عن أدوارها النضالية أو تكاد، وتواطئ منها العديدون مع قوى الظلم والاستبداد، فلا تكاد تسمع لها في النضال همسا ولا ترى لها في الواقع ركزا؟. لتنهض جماهير الفرق الرياضية الوطنية الكبرى تصل الحاضر بالماضي وتسعى سعيها في التأطيري النضالي والتربية على المواطنة، وعبر مدرجات الملاعب ترفع "التيفوات" وتصرخ بالشعارات التي تبتك آذان من يهمهم الأمر من المسؤولين بأغاني احتجاجية حول قضايا وطنية قومية وإنسانية (فلسطين يا الحبيبة.. في بلادي ظلموني..)، لم تأتي لا من الأحزاب والنقابات ولا من الاتحادات والبرلمانات، ولكنها من الملاعب الرياضية الترفيهية وسرعان ما أصبح يحفظها ويرددها الجميع لنفس الأغراض داخل وخارج الوطن؟.

 

واليوم أيضا، في كأس العالم قطر 2022، أليس كأس التدافع القيمي والحضاري بامتياز؟.. ألم يمنع البلد المنظم ممارسة الشذوذ والترويج للمثلية رغم سلطان مراكزها الدولية الداعمة؟. وحين يملأ شوارعه بلوحات إشهارية طويلة وعريضة بأحاديث نبوية شريفة لعلها تبلغ الممكن من الآيات بلغات متعددة؟.. حين يمنع تناول الخمور داخل الملاعب وفي محيطها؟، ويفرض رؤيته الرياضية المخلقة على العالم، حيث استدعى أكبر وأشهر الدعاة في العالم الإسلامي وفسح لهم المجال لتذكير العالمين بدين ربهم؟. حين يسمح برفع علم فلسطين في وجه المطبعين الصهاينة حتى يستفيق الواهمون من وهم هرولتهم؟. حين يرفع الفريق المغربي من سقف الإنجاز كما رفعت قطر من سقف الإعداد والتنظيم المحكم، ويسجد كل الفريق والطاقم داخل الملعب سجدة شكر لله إثر كل فوز وانتصار وكل الفضائيات تنقل لشعوبها ذلك؟. أية أخلاق وفضائل أجمل من ذلك.. أي متعة ونضال أجدى من ذلك.. إنها رياضة الساحرة المستديرة.. إنها كرة القدم.. القيم والمتعة والنضال.. "الجد كل الجد حين يحين الجد"؟.  

الحبيب عكي


اقرء المزيد

السبت، 10 ديسمبر 2022

http://akkioasisdesarticles.blogspot.com/

المستحيل ليس مغربيا كلما تخضبنا بتمغربيت.

لا زالت فعاليات كأس العالم قطر 2022، تتدفق نجاحاتها الميدانية بالعديد من الجواهر النفيسة، السياسية منها والاجتماعية والثقافية الحضارية، وعلى رأس ذلك طبعا، رفع الرصيد والانجاز الرياضي المغربي بشكل غير مسبوق عربيا وإفريقيا وعالميا. ما تمخضت عنه العديد من المكاسب الرياضية والحضارية للشعب المغربي المعطاء، ومن بينها أيضا إثراء القاموس اللغوي والفكري للمغاربة وإعادة الاعتبار بإزالة الغبار عن مفاهيم وقيم أصيلة في حياتهم، كمصطلح "النية" الذي ورد في الحديث "إنما الأعمال بالنيات"، ونطقت به الحكمة "مول النية يربح" وسارت به الأقوال "النية بالنية والحاجة مقضية" ف"دير النية وبات مع الحية" لا تخاف من شيء ورعاية الله تكلأك، مع ما يحمله ذلك من درر بليغة وفيوضات من الصدق.. والثقة.. والانصهار.. والعمل.. والوطنية.. والجماعية.. والاستقامة.. والقتالية.. والتوكل على الله وهو عند حسن ظن عباده.

 

أيضا، مفهوم قوي جدا لخصه المغاربة في قولهم: "المستحيل ليس مغربيا"، على قول الأمريكيين: " Yes we cane"، وقول الفرنسيين:" Vouloir c’est Pouvoir, alors, Si on veut on peut"، وهي مفاهيم تضع الثقة في أهلها أولا، وتجعلهم ينتصرون على مخاوفهم الذاتية ومعوقاتهم الواقعية قبل خصومهم وأعدائهم. كما تجعلهم يرفعون سقف طموحاتهم عاليا ويؤمنون بإمكانية تحقيقها ويسلكون السبل الجادة لذلك وينجحون فيها نجاحا باهرا يغمرهم بالمتعة وبالفرحة وينسيهم المتاعب والتضحيات، وعادة ما تفرح لفرحهم كل الشعوب المحبة للخير من شعوب العالم الشقيقة والصديقة، كما حدث ويحدث مع انتصارات الفريق المغربي المتتالية والمبهرة والتاريخية في فعاليات كأس العالم قطر2022، حتى قيل أن "قطر" رفعت السقف في الإعداد و"المغرب" رفع السقف في الإنجاز فطوبى لهما، بما وحدا قلوب العرب والرياضيين بتتالي الانتصارات وإثر كل انتصار تعم الفرحة العارمة في كل مكان، فشكرا لكل من يساهم فيها.

 

في الحقيقة، يخيل إلي أنه كثيرا ما يظلم البعض منا هذا البلد الحبيب ويقسو عليه بشكل غريب، ويستكثر عليه رائحة الفرحة حتى في الرياضة، قد يكون ذلك بتصرفاته الرعناء كمسؤول أو بتقاعسه عن بعض واجبه كمواطن، أو فقط بفقدانه الثقة في كل شيء ونشره اليأس من أي نهوض وإصلاح ممكن في أي مجال وبأية أجيال، شعاره في ذلك "أولاد عبد الواحد كلهم واحد" و" ما تبدل مسهول غير بما كفس"؟. في حين أن غيرنا من أبناء الشعوب الأخرى يتمنون لو أنهم مغاربة أو يتمكنون من أن يكونوا كذلك، ولو فقط من أجل الاستمتاع بما حبانا الله من دفىء الشمس ولطيف البحر على مدار السنة، أو ببعض المظاهر الفلكلورية خاصة تلك التي يحضر فيها الشهي من"الكسكس والطاجين" والرائع البهي من "الجلابة والقفطان..". صدق "الزروالي" وهو يقتبس عن ابن خلدون قوله: " نحن قوم نحلق الرؤوس ونلبس البرنوس ونأكل الكسكوس...، الكسكسو  والبسطيلة والخليع و وليدات "الركراكي".. واللي مات على شبعة والفرحة لهلا يردو"؟.

 

صحيح، أن الآخرين لا يعرفون حقيقة أمورنا وحجم خبايانا.. وما نصلى به من قمع الحريات في بعض الأحيان.. وبعض المعارك الحقوقية المجانية.. وبطء التنمية في بعض المجالات وفي بعض المناطق.. ورداءة الخدمات الاجتماعية في العديد من الادارات.. والفقر والهشاشة وبطالة وهجرة الشباب الذين يقضي بعضهم في الأعالي أو يغيبون وراء الضباب؟. لكن، أليس مثل كل هذا في كثير من الدول مثلنا بل وأكبر منا.. على الأقل من حيث مواردها الطاقية وثرواتها البترولية ودخلها القومي..، ورغم ذلك، فهي الأقل في كل شيء، لا في الحرية.. ولا في التنمية.. ولا في الديمقراطية.. ولا حتى في الوحدة القومية والاستقرار الوطني..، وكأنها على قول "عبد الرحمان منيف" ك"مدن الملح".. لا شيء فيها مما يعد من المقومات الأساسية للدولة غير الملح والملح المذاب. وصدق الشاعر إذ يقول: "لست تلقى كالمغرب الفذ أرضا... ولو جلت الأرض طولا وعرضا"؟.

أما بالنسبة لبلدنا الحبيب، فإنه بلد حقيقي وأي بلد تاريخي وحضاري، إذا أراد.. فكر وقدر.. عزم وعبأ.. عمل وأنجز.. حقق ونجح.. ومن ثمة صح قوله عن نفسه: "المستحيل ليس مغربيا" و" تمغربيت" سر نجاحنا كما يؤكد ذلك المحللون غير ما مرة وطوال تاريخيا:

1-  من أخرج المستعمر الغاشم من البلاد صغيرا ذليلا يطلب النجاة.. حرر من سطوته البلاد وأراح من بطشه العباد.... أليس هم المغاربة بتضحياتهم الوطنية وجهادهم الإسلامي؟.

2-  من خاض معركة التشييد والبناء لمختلف البنيات والمؤسسات.. وأرسى قوانين الحريات والتنظيمات السياسية والمدنية.. أليس هم المغاربة بتشريعاتهم وقوانينهم الوطنية الجامعة؟.

3-  من كسب رهان مغربة وتعميم تعليمه وصحته.. إدارته وقضائه.. سكنه وصيده.. تشغيله ونقله.. ولا زال يطور فيهما وفي غيرهما من المجالات حسب الإمكان القومي والمقتضى العصري؟.

 

4-  من ربح رهان الاستقرار الوطني والوحدة في التعدد.. وبالأمس استعاد الصحراء بمسيرة سلمية خضراء مظفرة.. واليوم يقود فيها وفي غيرها من جهات المملكة.. مسيرة التنمية المستدامة والجهوية الموسعة؟.

5-  من أمن نفسه ضد اضطرابات وزحف موجات الربيع العربي الهادر وقد عصفت ولا زالت بهديرها ببعض الدول، ورغم كل التضحيات الجسام لازالت لا ترى لها منها مخرجا ولا أفقا فبالأحرى شط النجاة؟.

6-  من دبر جائحة كورونا "كوفيد 19" العالمية الفتاكة بأقل الخسائر الممكنة، واستفاد من دروسها الوبائية القاسية في دعم التصنيع الوطني وإقرار السجل الاجتماعي والتغطية الصحية التضامنية للجميع؟.

 

         فعلا، إن "المستحيل ليس مغربيا" و"تمغربيت" لا يقف في وجهها وأمامها شيء، ولن يكون المستحيل مغربيا كلما كان مفعوما ب"تمغربيت" الحقيقية والصادقة فالتف العرش بالشعب والشعب بالعرش في ملحمة وطنية يقودها الاجماع الوطني وقيم مرجعيتنا وهويتنا الحضارية.. وكلما استمع المسؤولون لنبض الشعب وحنينه وأنينه.. ورأى الجميع أن وطن التقدم والازدهار والأمن والسلام أكثره عطاء ووفاء قبل الأخذ والطمع في المزيد الذي قد لا يكون لك.. وأعتقد أن ظروفنا الحالية في هذا الوطن الغالي وما عكر ويعكر صفوه من موجة الغلاء والمس بالقدرة الشرائية لفئات عريضة من المواطنين..، وما زال يعاني منه الكثيرون من صعوبة الحصول على الشغل والسكن والاستقرار الأسري..، كل هذا يستلزم منا وقفة جماعية كل من مكانه وبإمكانه لإحياء ما تراجع في صفوفنا من قيم المواطنة الحقة والنبل والعطاء أي "تمغربيت"، تلك التي تغشى الحشود من المواطنين فلا تدري كيف تصيح على طول الشارع: "العاشقين في النبي صليوا عليه ".. وتملأ عمق الساحات " وي.. وي.. اللي ما حماها.. ماشي مغربي".. وتشدو فرحا " هي هو.. مبروك علينا.. هذي البداية.. مازال مازال"؟.

 

وإن شاء الله إلى "درنا النية" كما يقول المدرب "الركراكي" النجاح، بمعنى الصدق.. والعزم.. والعمل.. والجماعة.. والشباب.. والثقة.. والانصهار.. والتعاون.. والاستماتة.. والأخلاق.. والاستقامة.. والتوكل على الله.. ورضاة الوالدين.. سنربح كل الرهان التنموي الوطني أكثر مما ربحنا الرهان الرياضي أو نكاد.. وبعد هذا الاكتساح المغربي الرياضي والنفسي لأعتى الفرق التي ساد الظن أنه لا يشق لها غبار، "بلجيكا".. "كندا".. "إسبانيا".. واليوم "البرتغال" في ربع النهاية.. ها نحن بفضل الله وبشكل غير مسبوق نتربع في المربع الذهبي للأربعة الرياضيين الكبار في العالم، ومتمنياتنا للفريق الوطني عبر القادم من مباريات النصف والنهاية بمزيد من التألق والانجاز والفوز الرياضي ولبلدنا المزيد من التألق والإنجاز التنموي بفضل الله.. والصدق والنية.. ورضاة الوالدين.. و"ديما مغرب"؟.

الحبيب عكي


اقرء المزيد

الأحد، 4 ديسمبر 2022

http://akkioasisdesarticles.blogspot.com/

منتخب الساجدين وفريق الفائزين ورضاة الوالدين

         رغم كل التظاهرات والبطولات الوطنية والدولية في مختلف الرياضات وبهرجتها وإشعاعها، فلا يزال الجدل قائما حول جدوى الرياضات خاصة الفرجوية منها والشعبية كالمستديرة الساحرة كرة القدم، أو على الأصح لا يزال الجدل قائما حول سلمها في دعم النهوض والتنمية وتحقيق التقدم والازدهار والأمن والسلام لمختلف شعوب العالم، خاصة في دول العالم الثالث التي تتخذها - كما يقول البعض - وكأنها كل شيء في حياتها وهي قد لا تكون أي شيء. جدل تغذيه وبقوة تلك الماكنة الإعلامية العالمية المستثمرة في الاتجاه الأول والمراهن على تجاوز كل تعثرات الشعوب وتحقيق كل تطلعاتها فقط بالرياضة وخاصة رياضة كرة القدم كمدخل ومحمل لكل شيء؟.

 

            هكذا أصبحت المبالغة والمبالغة الشديدة في الاهتمام بالرياضة وخاصة الرياضة الفرجوية الشعبية كرة القدم، واقعا عالميا وفي كل مجالاتها.. وبكل تفاصيلها.. فكان الميزانيات الضخمة والاستثمار الخيالي في الصحف والقنوات.. وفي الفرق والمباريات.. وفي الدوريات والبطولات.. وكانت هناك جيوش من الجماهير المجيشة دائما تقرع الطبول.. جماهير ذات عشق فرجوي رهيب.. وذات ثقافة رياضية واسعة.. وانشغال بكل التفاصيل.. أسماء الفرق واللاعبين.. أسماء العصب والبطولات.. نتائجها.. أثمنة اللاعبين والمدربين.. تعاقداتهم وانتقالاتهم.. أرقام أقمصتهم وأجنحتهم.. جهد رهيب لو بذل عشر معشاره في غيره من المجالات العلمية والتنموية الدافعة أو القاطرة لكان غير الذي هو الآن؟.

 

            شخصيا، من غير المرحلة اليافعية، لم تكن تستهويني كرة القدم أبدا ولا أية كرة غيرها، بقدر ما استهوتني بعض الرياضات الدفاعية فمارستها ولا أزال إلى اليوم والحمد لله. ولكن الآن يطرح السؤال وبقوة موضوعية و واقعية وحتى نهضوية وتنموية.. صحية حقوقية وديمقراطية، هل نفهم الرياضة على حقيقتها؟.. هل نمارسها بروحها الرياضية وأهدافها التنموية؟.. هل لدينا شيئا من بيئة ذلك؟، ألا ينبغي إعادة النظر في جل الرياضات كأهداف وممارسات.. فضاءات وتنظيمات؟.. حمولات تربوية إصلاحية.. وطقوس فرجوية جماعية؟،.. تعارف إسلامي سلامي قومي وعالمي؟. أو على الأقل كمحفز مرافق ملطف وضروري لغيره مما يبذل في غيرها من المجالات الجادة والمضنية؟.

 

            أعجبني برنامج أحد المرشحين لرئاسة مجلس جهة فتية، ركز فيه على أربع أو خمس نقاط ضمنها العمل على تحقيق جهة رياضية بامتياز.. اهتماما وممارسة شعبية عامة وعارمة تستفيد منها كل الفئات الأطفال والشباب.. الرجال والنساء.. على اعتبار أن الرياضة عنده تحقق الصحة والفرجة والتعارف والاندماج والراحة النفسية، ولن تخدم الجهة أجساد معتلة ولا نفوس مختلة و"المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف" وإن كان في كل خير.. طبعا، كان حلمه أن يطلق نهضة رياضية في الجهة الفتية.. مع تحقيق ما يتطلبه ذلك من بنيات تحتية.. وملاعب وقاعات وساحات ومدارات.. ووسائل نقل ومآوي فندقية.. ودعم الفرق والأبطال.. والجمعيات والعصب الجهوية؟. لكن مع الأسف، استبداد "البلوكاج" لم يعمل ولم يدع غيره يعمل.. الضحية هي ساكنة الجهة.. لا تنمية ولا رياضة؟.

 

            صحيح، أن هناك فرق وعصب.. اتحادات وجامعات، أصبحت بميزانياتها الضخمة واستثماراتها الخارقة، وربما العابرة للقارات، أصبحت وكأنها الدولة داخل الدولة، وهناك أيضا دول غيرت سياسة نهوضها من الحوامل التقليدية للفلاحة والصناعة والتجارة والملاحة التي تبدو عاجزة ومتجاوزة، إلى حوامل جديدة ترتكز على الرياضة والسياحة والاعلام..، ورغم اضطراب أصولها ورساميلها، فهي قد استثمرت فيهما بما عاد ويعود عليها في مدارج التنمية المستدامة وحقوق الإنسان أكثر من غيرها؟. أضف إلى ذلك ما حققه هذا النموذج التنموي لشعوبه من تحقيق الرفاه والسعادة.. والصحة وحيوية المواطن.. والحقوق والديمقراطية.. والأمن والسلام. وفوق ذلك قيم المواطنة الحيوية.. والانفتاح والتعايش.. والمحبة والتضامن؟.

 

            من قال أن الرياضة ضد القيم.. خالية من المثل.. من قال أنها مجرد ترفيه فاسد وتخدير مدمر في الأرض.. بالعكس، الرياضة تنقد ممارسيها من الانحراف والادمان.. من الضعف والهوان.. تفجر طاقاتهم وتوجه اهتماماتهم.. تصقل مواهبهم وتنضج شخصياتهم.. تمتع أرواحهم.. تحفظ صحتهم و تقوي أعصابهم على التحمل والمواجهة والانجاز..؟، فكم من مرض نداويه بمجرد ممارسة الرياضة، مستغنين في ذلك عن غيرها من الأطباء والأدوية والمواعيد؟، وكم من بطل رياضي كان مدمنا ضائعا، وبفضل الرياضة تحول إلى بطل أسطورة ونجم النجوم.. وكم من لاعب كان فقيرا معدوما ممتهن الكرامة.. ليعود بعد نجاحه وتكوين ثروته بعرق جبينه ليتبرع ببعضها إلى أهل بلدته المحتاجين ودعم مؤسساتها الخيرية بسخاء.. يدعم فيها تضامنها وصحتها.. تشغيلها وتمدرسها.. مشاريعها الصغرى بما لم تستطعه حتى برامج الدولة بقدها وقديدها، ولا غرابة بعد ذلك أن تراعي الشعوب ود لاعبيها فصيرت بعضهم عليها رؤساء؟.

 

            أنظر إلى فريق منتحبنا الوطني المغربي وما أبان عنه من قيم ومهارات خلال فعاليات كأس العالم قطر الشقيقة  2022،.. قيم ومهارات عالية استحق بها لقب منتخب الساجدين وفريق الفائزين.. دون مجاملة ولا محاباة مجانية  ولا عاطفة جنونية.. ولكن، نتيجة أدائه القتالي على أرضية الملعب وفوزه التاريخي على منتخب الشياطين "بلجيكا" التي ساد الظن بانها لا يشق لها غبار، لكن الفريق الوطني غبرها بهدفين دون رد، وختم ذلك بسجدة جماعية على أرضية الملعب، شاكرين لله منه وعطائه لهم، لاعبين أنيقين مهذبين.. مدرب وطني غيور وماهر.. ورغم أن جلهم من أبناء الجالية فهم منضبطين مهرة متعاونين.. بررة مع والديهم.. وذلك درس في المواطنة والعطاء لمن يدعيهما لمجرد أنه من الداخل، لاعبين ألبسوا الصغار والكبار قميصهم وكلهم فخر الانتماء.. إنهم فعلا، فريق أنسونا مرارة من كانوا قبلهم من أصحاب "الشعكوكات" الخنثوية وهزائمهم المجانية، "شعكوكات" لم يكن يراعي لاعبوها مسؤولية التمثيل الوطني ولا شرف حمل قميصه ولا حققوا من النتائج ما يرضي الجمهور المتعطش للفوز والنجاح أي فوز وأي نجاح؟.

 

            بل أنظروا إلى قطر الشقيقة كدولة منظمة في حد ذاتها، وما حرصت عليه من إبراز القيم الرياضية النبيلة، وكأن شعارها:" الرياضة نعم.. ولكن الانحراف والشذوذ والخمور لماذا"؟، وكأن شعارها: " الرياضة نعم.. ولكن الدعوة مع الرياضة، لما لا "؟، وكأن شعارها: "استقبال دول العالم، نعم.. ولكن التطبيع مع العدو الصهيوني، لماذا"؟. وكأن شعارها: "قطر دولة منظمة.. والفرقة العربية، لماذا"؟. وكأن شعارها: " اللعبة رياضية سياسية.. ونسيان القضية الفلسطينية في خضمها، لماذا"؟. وكأن شعارها: " اللعبة رجولية.. ولكن حرمان النساء من الفرجة، لماذا"؟. إنها شعارات أصبحت ميدانية، وتكفي قطر الشقيقة دليلا على نجاح دورتها لكأس العالم. بل نجاح اختيارها التنموي المبدع والمقنع والممتع.. اختيار الرياضة والسياحة والاعلام الداعم لقضايا الأمة.. إنه النموذج الإبداعي في كل شيء؟.

الحبيب عكي


اقرء المزيد

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

المتابعون

المشاركات الشائعة