Top Ad

الجمعة، 27 يناير 2023

http://akkioasisdesarticles.blogspot.com/

على هامش تصريحات السيد معالي الوزير.

       تصريح.. بيان.. كلمة.. حوار ولقاء.. مقابلة صحفية.. جواب برلماني.. مذكرة.. دورية.. تغريدة.. تدوينة.. شهادة.. مراسلة.. أمر يومي.. مرسوم قانون.. ربورطاج.. تقرير تركيبي ومجالي..، ما المقصود بكل هذه الترسانة التواصلية؟، ولماذا يلجأ إليها بعض المسؤولين دون البعض الآخر أو أكثر منهم؟، كيف يمكن لكل هذه الترسانة أن تكون منظومة إعلامية متكاملة لصالح المسؤول ومهامه لا ضدا عليهما؟، كيف للتصريحات والبيانات والحوارات واللقاءات والملتقيات ألا ينسي بعضها البعض، وتكون مجرد الظهور من أجل الظهور والعبور من أجل العبور والعقد من أجل العقد، لا أحد يلتفت إليها أو يهتم بها، فبالأحرى أن يستمد منها المعنيون بالأمر ما يهمهم ويدخل في دوائر اختصاصهم، وعلى رأس أولئك المستمدون المعنيون جهات الإصدار المصرحة صاحبة التصريح والبيان ذاتها؟.

 

            تلك حكاية السيد معالي وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة السيد شكيب بنموسى، الذي صرح غير ما مرة بتصريحات غاية في الأهمية والخطورة في نفس الوقت، وهو على كل حال يشكر عليها وعلى جرأتها.. دقتها وتوقيتها، وعلى ما تحمله من رسائل واضحة، كان من الممكن أن تكون منطلق خطط استراتيجية وبرامج إصلاحية ستساهم ولا شك بشكل ملموس في النهوض بقطاع التعليم الحيوي وتجاوز بعض رداءته المزمنة ومعضلاته المتفاقمة، خاصة كلما أخذت بعين الاعتبار ما يلزمها من أقوال ومقترحات الأطراف الأخرى من الممارسين والمستهدفين وغيرهم من الخبراء والشركاء والفاعلين، وهو ما لا يقع لحد الآن أو على الأقل بالشكل المطلوب مما يجعل الكثير من التصريحات الومضة المضيئة مجرد تصريحات يمحو بعضها البعض؟.

 

            يمحو بعضها البعض وبالتالي لا تقدم من الحلول شيئا، إن لم تكن في حد ذاتها إشكالات مقلقة، ولنوضح الأمر بثلاثة أو أربعة من هذه التصريحات المهمة وهي كالتالي:

1-  التصريح الأول يقول فيه السيد الوزير: "77% من تلاميذ الابتدائي لا يتقنون الكفايات المستهدفة في المرحلة"،  وهي القراءة والكتابة والحساب والتعبير كما هو معروف، تصريح للسيد وزير التربية الوطنية تناقلته المواقع الإلكترونية والقنوات الإعلامية والتقارير الصحفية، وكانت تقول به قبله التقارير الموازية قبل الرسمية، والمجلس الأعلى للتربية والتكوين والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والنموذج التنموي الجديد.. ولكن ماذا بعد؟، لا شيء؟. من غير دعم بعض التعليم الأولي في بعض المناطق لا زالت منظومة التعليم الابتدائي هي نفسها بكل ثقلها وتعقيداتها التي بلغت حد العجز والعقم أحيانا، وعلى مرأى ومسمع كل مرامي قانون الإطار والتدابير الأولية للإصلاح التي لا زالت ببطئها وارتجالها وتعقيدات تنزيلها تجعل من المرحلة الإعدادية - على حد قول أحد الظرفاء - وكأنها مرحلة "محو الأمية"، ومن المرحلة الابتدائية وكأنها مجرد "سنوات الضياع"؟.

 

2-  التصريح الثاني حسب نفس المصادر في معناه: "كل نساء ورجال التعليم سيجمعهم نظام أساسي واحد، هو المرجع لكل ما لهم وما عليهم كموظفي وزارة التربية الوطنية منذ التحاقهم بها إلى إحالتهم على التقاعد". ودون السؤال مثلا عن كل هذا الحيف الذي طال ولايزال الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد أو أطر الأكاديميات كما يسمونهم، لثماني سنوات وهذه الفئة العريضة والحديثة تشهد هضم الحقوق وهدر الزمن المدرسي وتحطيم النفسيات.. إضرابات واقتطاعات ومحاكمات.. ليرد لهم الآن كل شيء ناضلوا عليه إلا الإدماج الذي كان أساس المشكل، وحسب المراقبين والمعنيين المتضررين لم يتحدث عنه اتفاق 14 يناير 2023 بوضوح ومراسيم قوانين ومناصب مالية وتعويضات..؟. ثم أيضا، لماذا تحقق اليوم مطلب إحداث الدرجة الممتازة لفائدة أساتذة الابتدائي والإعدادي وقد كان طوال تاريخ الوزارة من سابع المستحيلات وأصبح اليوم ممكنا حسب نفس الاتفاق، وهذا قرار جيد على كل حال إذا صح مضمونه والتزم بتفعيله، ولو لم يكن مصيره مصير وعود زيادة  2500 درهم وبعض ما قبلها، فبأي عدل وبأي إنصاف وجيوش من الأساتذة المعنيين قد هضموه أزيد من عقد وعقدين من الزمن، وجيوش منهم قد تقاعدوا مكرهين أو قضوا وفي أنفسهم غصة لا تغتفر من حقهم المسلوب استضعافا وظلما.. قهرا وارتجالا؟.

 

3-  التصريح الثالث: " أن الإصلاح رغم كل ما كان يصرف عليه من ميزانيات.. فإنه لم يدخل الفصول الدراسية بعد ولم يلامس واقع التلميذ ومعيقات تمدرسه". وهذا اعتراف بفشل الإصلاحات السابقة أو على الأصح نسبية وهامشية إنجازها الإصلاحي، لكن، هل ستحيد إصلاحات العهد الجديد عن ذلك حتى تجنب نفسها نفس مصير من سبقتها من أخواتها " لا إصلاحات حققت و لا ميزانيات أبقت.. ولا تدريس تلاميذ رقت ولا أساتذة ريحت"؟، أعتقد أنها يمكنها أن تجنب نفسها ذلك أولا، بالجرأة في القرار وهو لازم، ثم بصحة التشخيص وليس بإعادته كما تذهب إلى ذلك المشاورات الأخيرة من أجل إصلاح المدرسة المغربية؟، وفوق ذلك وبالأخص عدم مقايضة الإصلاحات بالتكلفة المادية، ترشيدها نعم.. صرفها في الأوجه الصحيحة نعم، الشفافية والمحاسبة والحكامة نعم، ولكن تقتيرها بدعوى التقشف أمر لم يجر على المنظومة غير الكوارث وتفاقم المعضلات، أساتذة التعاقد.. تراكم الترقيات.. مؤسسات غير معيارية.. فضاءات هشة.. مختبرات شبه فارغة.. خصاص في النقل المدرسي.. في الإقامات المدرسية.. وكل ذلك يضرب في الثقة والمردودية والجودة، وقد أنفقت عليه "تركيا" مثلا، بعد إصلاح الإنسان، ميزانية تضاعفت 720 %؟.

 

4-  التصريح الرابع: "إن تعليم الطفل/التلميذ بالحرف العربي والحرف الفرنسي والحرف الأمازيغي في نفس الوقت أمر صعب"، خاصة في المرحلة الابتدائية التي يبدأ فيها كل أطفال العالم تعليمهم بلغتهم القومية وفي أبعد الحدود تكون لغة الأم المنزلية وسيطا لغويا لتسهيل بعض التعلمات لا غير. فما دخل الفرنسية في فرض تطفلها وتشويشها على اكتساب الصلابة والمتانة اللغوية والمعرفية والقيمية للطفل/التلميذ المغربي؟. ومتى ستمتلك الوزارة جرأة القرار واستقلاله في مسألة حيوية ومصيرية كهذه، لغة التدريس وتدريس اللغات؟. متى ستحسم الوزارة في رد الأمور إلى نصابها، على الأقل كما يتحدث بها قانون الإطار 17.51 دون تحامل ولا تأويل.. التدريس بالعربية والمناولة اللغوية.. يعني تدريس كل المواد بالعربية.. مع إمكانية تدريس بعض المجزوءات في المواد العلمية بلغة أخرى غير العربية وقد لا تكون حتى الفرنسية، فلماذا حشرها في كل شيء دون موجب وجاهة ولا استحقاق لساني أو علمي؟.

 

   وختاما، جميلة هي التصريحات من السادة المسؤولين خاصة تلك التي تكون مواكبة.. رصينة.. عميقة.. موجهة ومؤشرة.. لأنها دليل على اليقظة والحضور والمواكبة.. التفاعل والتواصل والإعلام..، ولكن الأجمل منها أن تلازمها مراسيم قوانين وتشريعات ميدانية تترجم الأفكار الإبداعية إلى مشاريع عمل ميدانية، وطبعا تتولى ذلك الجهات المسؤولة عن التشريع الحكومي والقطاعي، ولا يعفى المسؤولون الوزاريون وأطقمهم التدبيرية في تحريك ذلك والمساهمة فيه بأي حال من الأحوال، حتى يعطوا لتصريحاتهم مصداقية ولكلماتهم مسؤولية.. يراها الناس تترجم على أرض الواقع حلولا تدبيرية وتراكمات مردودية وطفرات تنموية حقيقية، تخدم بشكل إيجابي على الدوام، كل من التلميذ والأستاذ والأسرة والمجال وتساهم بشكل ملموس في كسب رهانات وتحديات وانتظارات الإنسان والعمران عبر الوطن والأمة ككل؟.

الحبيب عكي



اقرء المزيد

الأحد، 22 يناير 2023

http://akkioasisdesarticles.blogspot.com/

في الخطاب الحركي والرياضة على ضوء المونديال؟.


         في الحقيقة، لقد كان مونديال قطر 2022 هوسا رياضيا وسياسيا عالميا جارفا بكل المقاييس وعلى العديد من الأصعدة، وقد ساعد على انتشاره واستحكام تفاعلاته المتوترة بعض الشيء تلك الماكنة الإعلامية المدججة بأكثر من ترسانة دعائية تفجرت قذائفها وتطايرت حممها البرغماتية في ذلكم الكم الهائل من السمسرة والاحتكار الذي منع حتى ما كان سائدا في أزمنة سابقة من شيوع حقوق نقل المباريات مجانا إلى كل شعوب العالم. كما ساعد على ذلك أيضا وبشكل أكبر نفسية الشعوب المرهقة بالمستعصي من الحروب والأوبئة والأزمات، فأضحت في أمس الحاجة إلى كثير من الفرجة والفرحة التي تأتت لها في هذا الدوري الرياضي العالمي الممتاز وما انعقد فيه خاصة من ظروف الأمن والاطمئنان وكرم الضيافة العربية غير المعهودة في كذا تظاهرات عالمية؟.

 

احتدم النقاش وحمي الوطيس بين الفرقاء أكثر من المنازلات الرياضية نفسها ومفاجئاتها التي أقصت جل الفرق الكبرى من دور المجموعات فحرمتها منذ البداية من المعهود من صولاتها وجولاتها واستعراضاتها وهيمنتها الرياضية والسياسية، وكان على دول الفرق الثالثية الصاعدة مناقشة أمور كبرى في حجم التظاهرة العالمية وأهدافها من مثل: أين نحن من السلم العالمي الذي ننشده والحروب والتوترات تستعر في العديد من مناطق العالم بقدر ما يستعر الحدث؟، هل أمن الشعوب يتحقق فعلا بالساحرة المستديرة أم بلقمة العيش المرة ومسجد آمن للصلاة ومقعد للدراسة وسرير للاستشفاء..؟، لماذا حصة الأسد من الفرق المشاركة في كأس العالم تمنح دائما للدول الغربية لا لغيرها أو مع غيرها؟، لماذا كل هذه السمسرة والاحتكار حتى في نقل المباريات إلى كل شعوب العالم وقد كان حقا لها ولم يعد؟، لماذا إقحام بعض الظواهر المشينة التي تحاربها التظاهرة الرياضية كالتعصب والشغب والانحلال.. في بعض الفعاليات، وفرض ذلك على الشعوب بدل احترام خصوصياتها الثقافية؟. ما دخل اعتمالات الربيع العربي الظاهرة والخفية الثائرة والمضادة في كل ذلك؟.

 

لكن، كل ما ناقشه بعض الحركيين الإسلاميين - مع الأسف ولا أعمم - هو مجرد بعض القشور التي تنم ربما عن عدم فهم الموضوع أصلا ولا تقدير خطورته وأبعاده، ولا رغبة الدخول في صلبه والخوض في مطباته التي يفرضها العصر، فكل ما كان من النقاش مجرد بعض الشطحات وإن كان بعضها مهما فهو على الأرجح غير مفهوم أو مؤول تأويلا غير صحيح من مثل: " ما حكم سجود اللاعبين في الملاعب؟، كيف يسجدون أمام الجماهير بمآزرهم الرياضية؟، ما حكم أموال اللاعبين التي يجنونها من الكرة والمنازلات عموما؟، ما حكم الجوائز المالية الضخمة التي تمنحها "الفيفا" للفرق الفائزة والمتصدرة وأندية اللاعبين؟، أين نحن من عقيدة الولاء والبراء في تشجيع فريق على حساب فريق آخر أو على الأصح دعم ومساندة لاعب غربي على آخر عربي؟، وكذلك ظهر بعض الخلاف العقدي اتجاه الداعية العالمي المجاهد "ذاكر نايك" بلغ حد التحريض من طرف ذلك الاتجاه الديني على عدم متابعته؟، كما شاهدنا بعض التعبئة للفريق العربي المنتصر (المغرب)، واستمداد النصر له بالدعاء عبر مختلف الزوايا والمساجد؟.

 

في حين أن الأخرين في المعسكر الحداثي العلماني قد جيشوا معسكرهم وحسبوا كأس العالم فرصة سانحة لتفسيخ وتفسيق العالم، فلم يدخروا جهدا ترافعيا و تحريضا إعلاميا بل سلوكا ميدانيا  في إثارة ودعم أمور لا أخلاقية ولا تمت هي أيضا للكرة والرياضة وتعارف الشعوب وتلاقح الحضارات بأية صلة، ومن ذلك ولا أعمم: رفضهم منع الخمور والمثلية والدعاية لها في المونديال؟، رفضهم بتك أذان "ماكرون" في منصته بشعار لا إله إلا الله محمدا رسول الله ردا على إساءته إلى رسول الإسلام والمسلمين،؟ رفضهم رفع علم فلسطين والشدو لعزتها في المدرجات؟، رفضهم طرد إعلام الكيان الصهيوني ومحاربة التطبيع؟، تشجيعهم خروج المرأة والفتيات للفرجة في المقاهي والتظاهر في الساحات رغم ما يلف ذلك من بعض التجاوزات؟. وقد دخل في دعم هؤلاء العديد من زبانيتهم الغربيين، فقاطع بعضهم نقل المباريات عبر الشاشات الكبرى في ساحات عواصمها.. وبكى بعضهم بكاء التماسيح على حقوق المرأة والعمال في قطر الخير.. وعلى حقوق الإنسان والمثلية وكأنهم لا يدركون ماذا يفعلون في "أوكرنيا" بكل همجية أو أن فعل ذلك هو عين الحقوق والإنسانية؟.  

 

الدلالات والخلاصات في كل هذه المعركة الحضارية، أنه يبدو أن هناك بعض العزلة والغربة في الخطاب الحركي الإسلامي وعدم جرأته على اقتحام الموضوع ولا التعاطي مع الهموم اللحظية واليومية لفئات عريضة من الناس خاصة الشباب، وبالتالي يطرح سؤال مدى فهم لغتها التعبيرية لهذه الفئات.. مكنوناتها وأشواقها فبالأحرى سيكولوجيتها وما قد يكمن ورائها ويترجم عبرها من مواقف وتوجهات ظرفية قد تظهر عابرة ولكنها دائمة لا تكاد تفارقهم في كل المباريات والفرق والدوريات التي لا ينفكون يتابعونها في المقاهي والقنوات والهواتف والشاشات؟. فماذا أعد الحركيون لمساعدة هذه الفئات الشبابية؟، لإفهامها الموضوع على حقيقته؟، لانتشال الممكن منها والراغب في ذلك؟، للترافع عنهم ضد ما هو أكبر وأخطر مما يغذي ذلك كعجز السياسات العمومية التي لا زالت تفرخ البطالة والغلاء.. الانحراف التربوي والفني والحرمان الترفيهي والتضييق على بعض القيم والحريات..  وما التناقضات الصارخة لبوليفار "طوطو" وسجدات اللاعب الخلوق "زكرياء بوخلال" إلا نموج ذلك؟.

 

وكمال الصورة في هذا المونديال، فكما أن هناك من الحركيين والناس عامة من لم يخرج إلى المقاهي للفرجة الجماعية.. من لم يلبس قميص الفريق الوطني المظفر.. ولم يهتف مع الهاتفين والهاتفات في الساحات.. من كان ينتظر متى تخرج الفرق العربية من التظاهرة حتى تهدأ العاصفة ويهمد البركان.. من كان يضع يده على قلبه خوفا من الحكومة أن تمرر مزيدا من قراراتها القاسية التي تضرب بعمق في القدرة الشرائية للمواطن؟، في الوقت الذي كان فيه كل هذا، فقد كان هناك أيضا وبالمقابل، من كان ضد كل ذلك.. من ألبس صغاره وكباره قمصان الفريق الوطني بكل "تمغربيت" قشورها وجذورها.. من جعل بيته مسرحا للترفيه المشروع والتربية على المواطنة الصادقة تردد فيه النشيد الوطني غير ما مرة.. من استضاف الجيران والأصدقاء وأكرم فرجتهم وفرحتهم بما لذ وطاب وتيسر من المكسرات والمشروبات.. من فتح مقرات الأندية والجمعيات للفرجة العمومية الهادفة المحترمة.. من كانت له من الشيوخ عبر المواقع والقنوات يوميات للمونديال بالصوت والصورة..؟. فعسى أن تكون مثل هذه الخطوات الإيجابية مدخلا مشرعا لإعادة النظر في ما بين الدعاة الحركيين والرياضة والتظاهرات من وصل وفصل، فإنه باب تجديد الخطاب والدعوة في نفس الوقت.. وهو واجب الوقت؟.

الحبيب عكي

اقرء المزيد

الاثنين، 16 يناير 2023

http://akkioasisdesarticles.blogspot.com/

كيف نحافظ على كسبنا الرياضي بعد المونديال؟

لقد أصبحت الرياضة اليوم وأكثر من أي وقت مضى، بالغة الأهمية في الحفاظ على صحة الشعوب وصناعة فرحها وترفيهها، بل وتنميتها وتقدمها وقبولها ورفعتها بين الشعوب، ويتأكد ذلك من خلال العديد من التظاهرات والبطولات والدوريات الرياضية الوطنية والدولية التي يشهدها العالم بانتظام. هذا فوق ما تتوفر عليه كل دولة من بنيات رياضية متنوعة تسعى جاهدة لدمقرطتها وتقريب خدماتها من الجميع.. ناهيك عن السياسات الرياضية المتطورة للدول وحرصها البليغ على رفع انتاجيتها في مختلف الرياضات عموما؟. الرياضة بطبيعة الحال، مرتبطة أيضا بالمخططات التنموية للدولة كرافعة ودافعة وقاطرة، فلا يمكن مثلا، أن تزدهر الرياضة في دولة متخلفة اقتصاديا و اجتماعيا.. ديمقراطيا وحقوقيا إلى غير ذلك. وليس عبثا أن يتأهل فريق دولة إلى إقصائيات كأس العالم مثلا دون غيره من فرق الدول الأخرى، أو أن لا يجني من تأهله غير التأهل، في حين أن غيره يذهب في الفعاليات والاقصائيات إلى أقصاها.

 

فعلا، لقد كان تأهل الفريق الوطني المغربي في هذا الإطار إلى كأس العالم قطر 2022، إنجازا معتبرا مقارنة بغيره من فرق الدول المجاورة والشقيقة والصديقة.. وكان أداؤه في فعاليات المونديال جد مشرف على غير العادة، أدخل الفرحة والبهجة على أبناء البلد بل وعلى غيرهم من أبناء الدول العربية والأفريقية والإسلامية عامة، خاصة في انتصاره التاريخي والأسطوري على فرق أوروبية عريقة كبلجيكا وإسبانيا والبرتغال التي طالما اعتبرها المعتبرون ما اعتبروها بكل الأبعاد الرياضية والقومية والتاريخية؟.  وطبعا، كان وراء ذلك ما كان.. واعتبر ذلك الفوز إنجازا رياضيا تاريخيا.. وكسبا وطنيا غير مسبوق، ولكنه في نفس الوقت يطرح علينا العديد من الأسئلة المهمة والمقلقة، لعل أهمها في نهاية المطاف: ما الذي أدى إلى هذا الإنجاز الرياضي الوطني المبهر؟، وكيف يمكننا تعميمه على كل الرياضات الأخرى والحفاظ عليه؟، كيف يمكننا الاستثمار فيه من أجل التجويد والاستدامة؟، كيف يمكنه أن يساهم من أجل الإقلاع بالقطاعات التنموية الأخرى؟، حتى تكتمل فرحة المواطن ويرى أن الرياضة فعلا تضيف شيئا إلى حياته وتغير شيئا من واقعه التنموي والاجتماعي.. السياسي والحقوقي.. وليس مجرد فرحة مخدرة عابرة على حد قولهم: "شحال خاصك من ماتش يا البيت بلا خدمة"؟.  

 

على أي، ما ينبغي فعله والحرص عليه -كما يرى العديدون - هو بالدرجة الأولى تمتين وتعزيز كل تلك العوامل التي أدت إلى هكذا كسب رياضي وطني مبهر وعلى رأسها:

1-  تثمين الجانب القيمي والأخلاقي الكبير والذي ظهر به الفريق الوطني كرسالة رياضية للجميع.. لاعبين ومسيرين شباب أنيقين.. خلوقين.. مهرة.. منضبطين.. بتسريحات رجولية عادية.. أنسونا في خيبات من كان قبلهم من أصحاب "الشعكوكات" المخنثة والنتائج المخيبة؟.

2-  تعزيز مفهوم المواطنة الذي طالما ضيقه البعض وأطلقه البعض الآخر على من يستحق ومن لا يستحق؟، فهؤلاء اللاعبين جلهم أبناء الجالية المغربية أعطوا للوطن مثل غيرهم وأكثر.. لكن حظهم من الأخذ أقل كما هو حال غيرهم من حشود المقيمين المتعثرين في الداخل؟.

 

3-  توفير ظروف ممارسة مختلف الرياضات في الملاعب والساحات.. في المدارس والقاعات.. في الأحياء والمنتجعات..، في جو رياضي أفضل للجميع وعلى الصعيد الوطني والجهوي والمحلي، فهو ما سمح ولاشك ببروز هذه الطاقات والمواهب الرياضية الحالية في فرقهم في دول المهجر؟.

4-  إصلاح الفساد الرياضي في بعض الجامعات الوطنية والعصب الجهوية التي ورغم ميزانياتها الضخمة يكاد كل عطائها لا يكون غير "جعجعة ولا طحين"، جراء ما تسلط عليها من بعض السماسرة الوصوليين والمرتزقة الصفقاتيين الذين تهم لوبياتهم وشبكاتهم الصفقات قبل الرياضة وبعدها؟.

5-  شمولية الطرح التنموي لبقية القطاعات الأساسية كالصحة والتعليم والتشغيل والخدمات الإدارية..، وهو الكفيل باستدامة الحماس والتشجيع الجماهيري العارم في كل ملحمة رياضية تربوية أو تنموية تتحقق لهذا الوطن.

6-  تكريم اللاعبين القدامى والأبطال الرياضيين والاهتمام بأحوالهم الاجتماعية بما يحفظ كرامتهم سنوات اعتزالهم.. وبما يغنيهم عن التسول المقنع ويبقيهم كغيرهم وكما كانوا قدوات لغيرهم أيام الشباب والتضحية والعطاء.

 

إن الرياضة مدخل أساسي للتحفيز على المواطنة و"حب الأوطان من الإيمان"، والرياضة أساس لبناء القوة الناعمة وحتى الصلبة، و"المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف"، وإن كان في كل خير. غير أن القوة في الضعف عوز والعوز في الوطن غربة، فلله ذر من قال: "العقل السليم في الجسم السليم في البيئة السليمة "، ومن البيئة السليمة أن تكون الرياضة بقدرها، لا مبالغة فيها ولا هستيريا.. أن تكون مجرد ترفيه مباح وتربية وتهذيب.. ينتصر فيها الأفضل وبكل روح رياضية لا يفسد للأخوة والتنافس والتعاون والتكافل قضية، وأفضل الرياضة ما كان بروح جماعية لا فردانية ولا أنانية.. ولا رياضة لنا إلا بقدر ما تكون ممارستها تربوية مواطنة تنخرط في قضايا الوطن والأمة تعبئة وتربية.. تضامنا ونضالا، رياضة صحية ترفيهية تهذيبية واجتماعية عارمة في الأحياء الشعبية والعصب الجهوية وملاعب القرب والقاعات الرياضية والحياة المدرسية والأحياء السكنية والجامعية.. لا مجرد طقوس فرجوية في المقاهي وعلى الفضائيات.. لا رياضة لنا بغير إنصاف هذا الشعب المعطاء وأولئك الأبطال الرياضيين وآبائهم الساهرين وهؤلاء المسؤولين الداعمين.. وكلنا هؤلاء و أولائك؟.

الحبيب عكي


 

اقرء المزيد

الأحد، 8 يناير 2023

http://akkioasisdesarticles.blogspot.com/

درعة تافيلالت.. شخصيات الجهة 2022

          وتمضي سنة أخرى على الجهة، ومجمل الأمور في رتابتها المعهودة، لا جديد في الجنوب الشرقي بشكل عام غير شمسه التي لازالت تشرق وتحرق، وجفافه الذي لازال يشتد ويمتد، لا جديد في جهة درعة تافيلالت غير أصفارها التنموية التي لازالت تتوالد وتقلق، 0 مستشفى جامعي.. 0 طريق سيار.. 0 قطار يشق الغبار.. 0 معمل تشغيل للكبار.. 0 مخيم ترفيهي للصغار.. 0.. 0.. وهكذا ظلت جهتنا بعيدة عن غيرها من الجهات التي ومنذ كم من عقود وعقود رفعت مناظراتها الوطنية شعارات التضامن والتشارك.. والتمازج والتهازج.. والتطابق دون تطبيق؟.

 

            في قساوة هذا التهميش المزمن، والاخلال الرسمي بحقوق الساكنة في الحرية والكرامة والعيش الكريم، وعدم جبر ضررها الجماعي كما قضت بذلك توصيات الانصاف والمصالحة، لازال العنصر البشري الواحي المتفرد كعادته يشد العضد في الجهة بقيمه التضامنية الأصيلة، ويجاهد بمهاراته الإبداعية في مختلف المجالات وبكل قواه من أجل الجهة والوطن، بل من أجل الكون والإنسانية ككل؟. أجواء جهوية متحاملة ضد الفعل السياسي والمدني والاجتماعي الجاد، إلى درجة أطاحت بعناصرها الفعالة وكل ذنبها أنها حاولت تحريك عجلة التنمية في الجهة وأنجزت في ولايتها ما لم ينجز في كل الجهة لعقود وعقود، ورغم ذلك فالبعض بشططهم لا يرخصون بأنشطتها والبعض بمراوغاتهم يمنعون عنها القاعات والفضاءات؟.

 

            في هذه الأجواء المثبطة المحبطة الكئيبة، لم يكن أمام إنسان الجهة المسالم إلا أن يتحاشى كعادته الصدام مع أي كان، ويشق طريقه بنفسه مثابرا.. مصرا.. على تحقيق أحلامه وكرامته بجهده وعصاميته، وفعلا، وصل بعض الأفراد رغم مشاق الطريق وجسامة التضحيات، ما هم بسياسيين ولا مدنيين حقوقيين.. ولا حتى سلطويين رسميين ولا أساتذة جامعيين.. ولا.. ولا.. ولكنهم يستحقون أن يكونوا شخصيات الجهة لهذه السنة 2022 بلا استثناء، وعلى رأسهم هؤلاء الثلاثة:


1-  عمي علي الصحراوي: أو "علي جاجيوي" الأرفودي، صاحب الأنامل الستينية المتفننة (64 سنة) .. حفار الآبار الذي حبس أنفاس كل أبناء الوطن والعالم أثناء ملحمة إنقاد الطفل "ريان" الذي سقط في بئر مهجورة ضيقة على عمق 32 متر، في قرية "تامورت" بمنطقة "شفشاون" شمال المغرب، لم يكن الرجل خريج المعاهد ولا كليات الهندسة، ولكن الله منحه خبرة فريدة وتقنية عجيبة في حفر الآبار ثلاثين سنة مضت ولا يزال، واستعانت به السلطات العمومية لفك ألغاز تلك المعضلة التي دامت أطوارها خمسة أيام، جمعت كل أواصر المغاربة بدعائهم وإطعامهم وإيوائهم وتعاطف العالمين عبر مواقع التواصل الاجتماعي مع طارئهم، وكادت تكلل عملية الإنقاذ بالنجاح - لولا قدر الله -  ولا راد لقضائه. كان عمي علي كل تلك الأيام العصيبة قد أبان عن معدن الرجل المغربي الصحراوي.. شموخ التطوع.. شموخ التعاون.. الحزم والجدية.. الخبرة والتقنية.. الطيبوبة والقناعة.. لا يدخل الغار للحفر إلا متوضئا مصليا.. مشهدا ومتوكلا على الله.. مما أكسبه حب الناس الذين لم يبخلوا عليه بشيء حتى توجه بعضهم بعمرة مباركة؟.



  2-  الشاب المقاول فوزي النجاح: الشاب المهندس ورجل الأعمال صاحب 29 سنة من أصول الجهة بمدينة الرشيدية وهو يقيم بإحدى دول المهجر بأروبا (إيطاليا) ومن أب كان يعمل في شركة "Renaut" الفرنسية.. تمكن بفضل الله وقوته من اختراع سيارة "NAMX HUV".. وهي أول سيارة رباعية الدفع في العالم، بيئية تعمل بدون كثير بترول ملوث.. إنما فقط بالهيدروجين الأخضر، وهي ذات نظام هجين "Hybride" بالإضافة إلى الخزان الرئيسي فهي تحمل 6 عبوات قابلة للاستبدال وتشحن في 5 دقائق فقط يمكن أن تعبر بعدها إلى 800 كلم بدون تلوث ولا ضرر بيئي.. فقط لأن الغاز الذي يصدر منها عبارة عن بخار الماء. لقد أخذ الشاب براءة اختراعه على سيارته وسيسوقها في 2025 في نسختين إحداهما بسرعة 200 كلم في الساعة وبسعر 65 مليون والأخرى بسرعة 250 كلم في الساعة وبسعر 95 مليون، ويبقى حلمه أن ينشأ مصانع ضخمة لإنتاجها في بلده المغرب.. ولما لا في جهته درعة تافيلالت؟.

                

3-  اللاعب الدولي عبد الحميد صابيري: وهو الشاب المغربي ذو 26 ربيعا من مواليد 1996 بمدينة كلميمة العتيدة، هاجر مع عائلته منذ سن 3 سنوات إلى ألمانيا، وهناك ومنذ 6 سنوات أخذ يتعاطى لكرة القدم مع أخيه الأكبر وزملائه في الحي بمدينة "فرانكفوت"، عشق الساحرة المستديرة وظهرت مواهبه الرياضية التي صقلها بانتمائه إلى أندية مختلفة.. كنادي "كوبلنتس" و"سبورت فرند" الألماني الذي لعب له في دوري الدرجة الخامسة وأصبح فيه نجم الفريق الأول، أنهى له الموسم ب 20 هدفا و6 تمريرات حاسمة في 33 مباراة. ثم انتقل إلى نادي "هادر سفيلد" الإنجليزي 2016، فالعودة إلى نادي "بادر بورن" بألمانيا 2019، فنادي "اسكولي" الإيطالي 2021.

 

             كل هذا لفت إليه أنظار المدربين وهم يطلبون التعاقد معه في أنديتهم وبمبالغ محترمة تجاوز بعضها المليون يورو شهريا. أصيب عبد الحميد ببعض الحوادث أثناء لعبه و تداريبه كانت تبعده عن الممارسة لكن ما أن يتعافى منها إلا ويعود إلى عشقه ولو بالتعاقد مع مدرب خاص لاستعادة طراوته ولياقته البدنية وجاهزيته القتالية، أخيرا، وكما يقول المثل: "من سار على الدرب وصل"،  وها هو "عبد الحميد صابيري" اللاعب الخلوق، لاعب وسط الميدان الحامل للقميص رقم 11،  يصل إلى مرفىء الفريق الوطني ويساهم بثقة ونجاح في كسب مبارياته الإعدادية لكأس العالم قطر 2022 بل والتقدم في فعالياتها، حيث سجل أهدافا تاريخية رائعة ضد أعتى الفرق ك"بلجيكا "و"إسبانيا" حملت البلد إلى أدوار متقدمة لنصف النهاية ولأول مرة في تاريخ الكرة العربية والإفريقية، وأدخلت فرحة عارمة في كل ربوع المملكة بل في كل مكان في العالم؟.  

 

والسؤال الذي يطرح نفسه بقوة الآن، هو أين هي شخصيات الجهة لهذه السنة 2022؟.. لا من السلطويين. ولا من السياسيين والنقابيين.. ولا حتى من المدنيين الحقوقيين.. الذين يدعون ما يدعون ويتحملون من المسؤوليات ما يتحملون؟.. وكان من المفروض أن تكون لهم بصمة بارزة في مجالات نشاطهم وهيئات تحركم.. وكذلك في مسؤوليتهم المنتظرة في الوقوف إلى جانب الساكنة وانتظاراتها في تخفيف معاناتهم وتحريك عجلة التنمية في الجهة.. مستثمرين في ذلك ما أصبح يسمح به الدستور الجديد من إمكانيات حركية ونضالية واسعة.. وما تتطلبه الجهوية الموسعة من ترافعات وإنجازات حقيقية؟. لكن مع الأسف، العكس هو ما يحدث الآن، من تحجر الفعل السلطوي وتحجيره على الفعل السياسي والمدني والاجتماعي الجاد، مستفردا بكل شيء على مقاساته وحساباته السياسوية، ومن تمييع غيره لأدواره السياسية والتنموية المطلوبة، فلا أرضا يقطع ولا ظهرا يبقي.. لا مشاريع ينجز ولا ميزانيات يبقي؟.

 

السؤال المطروح الآن على كل العناصر السابقة وبقوة:

1-  كم من عمي "علي الصحراوي" بخبرته وحنكته وإرثه وتراثه تزخر به الجهة طولا وعرضا.. من يثمن خبرتهم.. حكمتهم.. حكايتهم.. من يخفف محنتهم وينقذ مهنهم التي تتهاوى وتنقرض في معاناة وأنين وحنين وصمت؟.

 

2-  كم من مقاول شاب لم يجد إلى إنشاء مقاولته سبيلا.. ومقاول شاب يتخبط في مشاكل مقاولته الناشئة وهو مهدد إما بالإفلاس أو السجن أو بهما معا؟. أين سياستنا التدبيرية الجهوية وسلطتنا التحجيرية من خطابنا الرسمي لتشجيع الجهوية والمقاولة والاستثمار؟. أم أن الأمر يتعلق عندها بالجهات غير جهتنا الثامنة؟، وبالمقاولة والاستثمار الأجنبي فحسب؟. لماذا لا تتبنى جهتنا الثامنة مقاولة "فوزي النجاح" مثلا؟. لماذا توقف بناء المشروع الملكي ل"مدينة المهن والكفاءات"؟. لا شيء.. لا شيء غير الهجرة المرة والقضاء في الأعالي لمن استطاع إليهما سبيلا؟.

 

3-  السؤال المطروح الآن أيضا، كم بيننا وبين ليس الطموح الرياضي الذي يستلزمه العصر بأفقه الدولي.. بل فقط، بيننا وبين ماضي الجهة في عطائها وازدهارها الرياضي؟، ولازالت دور الشباب في كل أقاليم الجهة الخمسة وملاعبها وساحاتها وثانوياتها وأبطالها ومساراتها كلها تشهد على ذلك؟. صحيح، هناك أيضا حديث وفعل رياضي في الوقت الحاضر، بل هو في بعض الأحيان مبالغ فيه حتى، لكنه غارق في المحلية والاستهلاك وتدبير الأزمات حد الانتهازية والاسترزاق.. وبالتالي يكون كل شيء وكأنه مجر إلهاء ودر الرماد في العيون؟. أين رياضتنا على ضوء المسيرة الرياضية الناجحة للبطل "عبد الحميد صابيري" وغيره من زملائه من أبناء الجالية لاعبي الفريق الوطني لكرة القدم؟.

 

         حقا، هناك عندنا أيضا بعض القاعات الرياضية وبعض ملاعب القرب، لكن، أين الممارسة الرياضية المكثفة في الأحياء؟، أين الممارسة العلمية التربوية في البطولات؟، أين المدربين الأكفاء ومراكز تكوينهم وتشغيلهم عبر الجهة؟، بل أين فرقها المثابرة والناجحة و أين فرق وشركات الاحتضان؟، أين الاحتراف؟، أين التعاقد؟، أين الجمهور الرياضي الواعي؟، أين.. أين..؟. كل الأشياء أصبحت اليوم احترافية متقنة وبمعايير عالمية دقيقة (كما هو متعارف عليه دوليا).. فإما الدقة والاتقان وإما "باركا ما تكذبوا على الرياضة وعلى ساكنة الجهة المسكينة"، وداك "خنفس دنفس ودوز الليل".. راه هو من ترك الجهة وسيتركها كما هي، وذنب المسكينة على كاهل الأريسيين و السياسيين والبزنطيين؟.

الحبيب عكي


اقرء المزيد

الاثنين، 2 يناير 2023

http://akkioasisdesarticles.blogspot.com/

منسوب الثقة في الشباب على ضوء المونديال

لمن لا زال يحتاج إلى برهان ساطع حول أهمية الثقة في الشباب وتقديمهم بكل صدق إلى مهام المسؤولية على اختلاف مستوياتها وتعدد مجالاتها، لينظر هؤلاء إلى هذه الملحمة الرياضية للفريق الوطني لكرة القدم في كأس العالم قطر 2022، لينظروا  إلى ملحمة الشموخ والإباء والنبوغ التي أنجزها لاعبون شباب أكبرهم لا يكاد يتجاوز عقده الثالث، ولكنه طاقة خلاقة من المهارات وعين متدفقة من الروح الرياضية الأنيقة والانجاز الوطني والإشعاع الحضاري الشامخ، بفضلها أمهر وأبدع وأمتع وأقنع وجمع وأجمع، وكان له ما لم يكن لغيره ممن سبقوه وسارت بهم البطولات والمونديالات وكانوا يغادرونها خاليي الوفاض في أولى أطوارها؟.

 

فريق الشباب المغربي في مونديال قطر 2022، بلغ في إقصائياته ولأول مرة نصف النهاية، رغم مجموعة الموت التي كان يتواجد فيها فواجه بموجبها فرق أوروبية عتيدة وعنيدة، كان قاب قوسين من النهاية، وهو إنجاز غير مسبوق لكل الرياضات العربية والأفريقية ويشكرون عليه، وطبعا، كان وراء كل ذلك بعد توفيق الله تعالى، عوامل متعددة لعل أهمها كونهم شبابا أكفاء وكفى؟. وإذا كان من الضروري أن نضيف شيئا آخر فالروح الوطنية التي جعلت بعضهم يؤثرون اللعب لفريقهم الوطني بدل فرقهم الأوروبية التي طالما أغدقت عليهم وكانت في أمس الحاجة إليهم؟. نظرا لمهاراتهم الكروية الفريدة والمتكاملة رغم حداثة سنهم؟. 

 

دون أن ننسى الإطار الوطني المحنك والمدرب المقتدر "وليد الركراكي" وما استطاع أن يزرع فيهم وفي وقت وجيز من الثقة في أنفسهم وفي قدراتهم وفي حلمهم المشروع.. ومن اللحمة الأخوية أبناء الجالية كانوا أو أبناء الأكاديمية، وحضور غفير للجمهور إلى الملاعب ومتابعته كثيفة عبر الشاشات، وربط كل ذلك الطموح الرياضي الجامح بالرسالة الرياضية الكبرى في مثل هذه المحافل الدولية الكبرى، رسالة أساسها الفخر والاعتزاز بقيمنا الأخلاقية الوطنية التي كان يتمثلها الشباب كل مرة عبر السجود لله تعالى شكرا على نعمه وتسديده.. وعبر الاحتفاء بالأمهات والآباء والأسرة التي أراد غيرهم غرس معاوله المسمومة في حصونها؟.

 

نعم، لقد كانت الثقة في الشباب أكبر دافع لهم على العطاء والتألق والإنجاز والإبهار والاعتزاز والافتخار..، أو ما علق عليه المدرب وشاهده الجميع ب "المقاتلة" على أرض الميدان، وصرع الفرق الكبرى: "بلجيكا".. "إسبانيا".. و"البرتغال"، هذا وقد كانت مظاهر الثقة في اللاعبين الشباب أكثر من طافحة، بدء من المناداة عليهم.. دفىء الأجواء بينهم.. تواصل المسؤولين معهم والاهتمام بهم وبمعاركهم.. حكامة ونجاعة خططهم.. إدخال اللاعب المناسب للمهمة المناسبة.. الثقة في تعويض اللاعب المصاب بزميله وكأنه هو.. اللعب الجماعي المعاصر دون احتكار الكرة ولا أنانية المبادرة.. الاحتفاء الجماعي بالتسجيل وبالفوز.. وهل كان هذا الفوز ممكنا لو لم يثق اللاعبون في خطة مدربهم..و في بعضهم البعض.. أو لم يتحمسوا لتمرير الكرة بينهم لمن يطورها أو يقدمها أو يسجلها؟.

 

ترى، ما هي مظاهر ثقتنا في شبابنا خارج إطار الكرة في الحياة العامة وهو الأوسع؟. في الأسر والمؤسسات.. في الجمعيات والهيئات.. بل في السياسات العامة وعند الحكومات؟.

1-  هل تثق الأسرة في شبابها إذا كان رب الأسرة لا يزال يكاد يهيمن على كل شيء فيها ويقوم به شخصيا، حتى أداء فواتير الماء والكهرباء والهاتف، وقد تتعرض البنات لمثل هذا من طرف الأم، ولا يسمح الآباء لغيرهم من الأبناء والبنات بفرصة المساعدة في شيء فبالأحرى اعتمادهم عليهم، لا يحاورنهم ولا يشجعونهم ولا يأنبونهم على شيء أصابوا أو أخطأوا، وكأنهم في الجزر والعوالم المتباعدة وليس في أسرة واحدة؟. 

 

2-  هل يثق العلماء والدعاة والمصلحون في شبابنا عندما يتأففون من بعض مظاهرهم المخلة بالحياء، ويتركونهم عرضة للأفكار المتطرفة والسلوكات المنحرفة، يتركونهم حتى وإن سرقتهم منهم شلل وعصابات الانحرافات والمخدرات، وغيرها من أوكار العالم الافتراضي تنشر بينهم التنصير والإلحاد والاباحية العابرة للقارات؟.

 

3-  هل تشجع المؤسسات السياسية والهيئات المدنية هؤلاء الشباب وهم خارج هياكلها.. لا يثقون فيها ولا يقدمون عليها قبل ألا تثق بهم هي ولا تفتح لهم أبوابها الموصدة.. اللهم ما كان منها من قبيل الفتاة الهامشي والتبعية و"تقطاع الصباط" الذي لا يلبي من طموحهم القيادي ولا يستجيب لكفاءاتهم المتنوعة في شيئ؟.

 

4-  هل تؤمن السياسات العمومية إطلاقا بالشباب وهي دائما تدعي خدمتهم والسهر على مصالحهم؟. فأين هي هذه المصالح عندما تتحدث الأرقام على أن حوالي 80 % من الشباب لا يمارسون أي نشاط ترفيهي منظم في مؤسسات الدولة؟. وأن حوالي 70% منهم عانسون لا يتمتعون بأي زواج ولا استقرار أسري، وأن مصير جل المتخرجين هو البطالة أو الهجرة السرية والقضاء في الأعالي والغياب وراء الضباب؟. أين هذه العناية عندما يتم تسقيف اجتياز المباريات في 30 سنة ضدا على الشباب والكل يعلم أن لا علاقة بين السن وما يدعيه المدعون من الجودة والحكامة؟.

 

         ويبقى السؤال الآن للشباب، هل الثقة توضع في المرء وتمنح له هكذا بالمجان، أم تبنى وتكتسب وقد تفرض وتنتزع؟. فالشباب اللاعب في الفريق الوطني لم توضع فيهم الثقة هكذا على سواد أعينهم، بل هم في الحقيقة من فرضوها على غيرهم، بما اجتهدوا في تكوين أنفسهم.. بما كان لهم من الجرأة في تحديد مصيرهم واختيار مسارهم.. وكلنا يعلم وراء كل واحد منهم حكاية وأية حكاية؟. مهارة رياضية.. قيمة مضافة في المجموعة.. خبرة وتجربة وضاءة.. تعدد لغوي (عربي.. فرنسي.. إنجليزي.. إسباني.. برتغالي..هولاندي..).. تشبث بالقيم الأخلاقية للأمة ودعم مبادراتها الوطنية وقضايا التضامنية..، أين هؤلاء من بعض من كانوا قبلهم ولم يكن لهم كثير شيء من كل هذا، وقد عشنا مآسي بعضهم ممن كانوا يفوزون - يا حصرة - ولا يعرفون حتى التواصل مع الإعلام الأجنبي؟.

 

         خلاصة القول، الثقة في الشباب طاقة محركة.. مفخرة ومفجرة المواهب.. قيمة مضافة في البناء الوطني والاشعاع الحضاري.. والجرأة في كل هذا واجبة وضرورية.. وإنجاز الشباب وعطاؤه وتألقه كما كان في الرياضة فهو يمكن أن يكون في غيرها، في الفن الهادف وفي البحث العلمي والعمل الاجتماعي والحقوقي والتنموي بشكل عام، وهو في كل هذا قد يفوق عمل غيره من الأجيال الحالية بعقليتها بما لها وما عليها، وهو أضمن لدوام المؤسسات وأنشطتها وأدوارها التنموية والإصلاحية، غير أن هذه الثقة تبنى وتكتسب ويكون النجاح حليفها كلما تأسست على الصدق والعمل الدؤوب (النية) وعلى التكوين العميق والمتخصص(الكفاءة)، وعلى التفكير في مشاكلنا خارج المعتاد المأزوم (الإبداع)، وعلى التوافق القيمي والأخلاقي بين الأجيال بدل (الصراع)، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا ويعرف لعالمنا قدرا" حديث صحيح، وقال أيضا: "المؤمنون تتكافأُ دماؤهُم ويسعى بذمَّتِهم أدناهُم ويردُّ عليهم أقصاهُم وهم يدٌ على من سواهم" أخرجه أحمد. فهل نعيد توجيه بوصلتنا في تعاملنا مع الشباب؟، بل هل يعيدها الشباب مع ذاته قبل غيره؟.

الحبيب عكي


اقرء المزيد

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

المتابعون

المشاركات الشائعة