Top Ad

الخميس، 28 نوفمبر 2019

http://akkioasisdesarticles.blogspot.com/

سؤال الثقافة المغربية بين الخصائص والتحديات

       لقد كثرت تعاريف الثقافة،ولعل أشملها ذلك التعريف الأنتربولوجي الذي يقول بأن الثقافة هي ذلك الكل المعقد الذي يشمل كل معارف الإنسان وعقائده وقيمه وعاداته وتقاليده في كل مناحي الحياة الفردية والجماعية في معزل وبتفاعل مع الحضارة باعتبارها الجانب المادي للثقافة. ويقال أن الثقافة أيضا هي كل ما يغرس في الإنسان بعد ولادته وما يكتسبه خلال حياته،وهو الذي ولد ولا يعرف شيئا مما يحكم معارفه وميولاته و تصرفاته ولكنه يتربى عليها ويتشربها بحكم الثقافة،كما يقال أن الثقافة هي ما يتذكره الإنسان دون عناء ويتصرف به بسجية وعفوية في مواقف ووضعيات الحياة بعد نسيانه كل شيء لأن ذلك يكون عمق وهوية شخصيته أو معتقده وعادته وثقافته. هذا وتتجلى أهمية الثقافة في كونها تصنع الإنسان وتنمي قدراته وتوجه ميوله وتصرفاته في حياته وفي مختلف جوانبها الفكرية والجمالية والروحية معرفتها وتذوقها والتعايش بها،فوظيفتها بمثابة وظيفة التهذيب والتشذيب للشجرة والرعاية والعناية بها حتى تحيى وتنمو و تزهر و تثمر في أحسن الظروف،ويمكن أن ترقى الثقافة بالإنسان كما في الدول الراقية حيث القيم والأنظمة الراقية،أو تتقهقر به كما في الدول المتخلفة حيث القيم والأنظمة المتخلفة،إلى درجة تجد فيها شعوب هذه الدول تتصرف على طرفي نقيض اتجاه نفس العادات والمعتقدات والمواقف والقضايا؟؟.

         ومعلوم أن في الثقافة ما هو فطري عام بين جميع الشعوب والقبائل كفطرة الأكل والشرب واللباس والتعبد والزواج وإن اختلفت طرائقها ومقاصدها،وفيها ما هو خاص تفرضه عناصر و ظروف معينة حسب الزمان والمكان. وفي حالة المغرب كما يقول الدكتور "عباس الجيراري" في محاضرة قيمة له في الموضوع ما معناه:"أن الثقافة المغربية عبر التاريخ قد حددتها ثلاثة عناصر أولها عنصر الموقع بين أفريقيا و أوروبا..ما جعله جسر التواصل والإشعاع بينهما وصاحب رسالة حضارية،ثانيها عنصر السكان وتعددهم الإتني والعرقي واللساني وما نتج عنه من تعدد العادات وثراء العطاء جعل مشاعا للجميع(حفل إبراز العروس مثلا)،وثالثها عنصر الزمان باعتباره عامل التطور والتغيير والبناء والتراكم كما بين العهود السلطانية من تطور وتراكم،رغم ما ميز ذلك من توازن عام بين الأصالة والخصوصية وبين الانفتاح والمعاصرة"،ويضيف الدكتور أن الثقافة المغربية لها خصوصيات وأبعاد أورد منها:
1- البعد الديني والمعتقدي الإسلامي: وهو روحها الذي تنطلق منه وإليه وله تخدم وهو عنصر حاكم وناظم.
2- البعد اللغوي: ويتمثل في اللغة العربية،لغة القرآن الكريم،بكل حمولاتها العقائدية ودلالاتها وثرائها الفريد.
3- بعد التراث الوطني: وكل اجتهادات وإبداعات المواطن المغربي الثرية والحضارية داخل الزمـان والمكان،
4- بعد الألوان والأشكال: التي شملت كل شيء في العلوم والآداب والعقيدة والفقه،وفي القصة والشعر والزجل،والغناء والرقص،والطبخ واللباس،والعمارة والزخرفة..،ولم تترك الثقافة المغربية للمغربي شيئا أي شيء يستجدي فيه غيره فبالأحرى أن يعيش فيه عالة على غيره.
5- بعد الكتابي والشفوي: خاصة فيما يتعلق بالثقافة الشعبية وما تخر به من تعدد وغنى في العادات والتقاليد والطقوس في مختلف الأفراح و المآتم ومناسبات التعاون والتآزر بين الناس،فكان الفلكلور وكان الملحون والشعبي وكانت مختلف الأهازيج والرقصات الشعبية الأمازيغية وغيرها.
6- بعد الوسائط والأعلام: كوسائط المسجد والدعوة والخطابة،ووسائط النظم والتأليف والحفظ والإقراء،وأعلام كالحسن الوزان الذي عرف الغرب بالخزانة العربية،والشيخ عبد الله كنون صاحب النبوغ المغربي،ومحمد المنوني المؤرخ الذي عرف بالمغرب الحضاري،ومحمد المختار السوسي سجين الصحراء وصاحب المعسول، وعلال الفاسي صاحب النقد الذاتي،وعبد الرحمان بن زيدان المسرحي الذي عرف بمعالم وتاريخ أهل مكناس و عاداتها وفنونها...هذا على سبيل المثال لا الحصر.

         هذا وقد ميزت الثقافة المغربية معطيات وخصوصيات أطرتها على الدوام نذكر منها:معطى الوحدة في التعدد،ومعطى الأصالة في الانفتاح،ومعطى الحفاظ على الذات رغم الوافد الآخر وحملاته الاستتباعية،مما جعل للثقافة المغربية في الحقيقة وظائف أجملها الدكتور المحاضر في ما يلي:
1- وظيفة الحفاظ على هوية المواطن المغربي.
2- وظيفة خدمة القضايا الوطنية كالتحرر مثلا.
3- وظيفة المنافسة في المجالات الثقافية وإبداعاتها.
4- وظيفة مواجهة التحديات كمواجهة الاستعمار مثلا.
5- وظيفة الوحدة والتضامن مع القضايا الوطنية (كالفيضانات) والقضايا القومية(كفلسطين).

         واليوم وقد أصبحت ثقافتنا المغربية بإجماع المتتبعين والدارسين والمهتمين المنصفين،قد اختلط فيها الحابل بالنابل،وتجاوزتها مشاكل الواقع وانحرافاته وتحدياته المستعصية والمستفحلة،ذلك أنها تواجه تحديات جمة إن على المستوى الداخلي أو على مستوى محيطها الخارجي،نذكر من ذلك:
1- تحدي التغريب والعولمة: التي لا تبالي بإسقاط الهويات وتجاوز الخصوصيات،وإعطاء الأولويات للمواثيق الدولية والنمطية الكونية الأحادية،خاصة فيما يناقض المرجعية ويخالفها،ويمحو خصوصية الزمان والمكان والتراكم التاريخي.
2- تحدي الفرنكفونية المفروضة: التي لا زالت تحكم مخالبها على الثقافة المغربية وحياة المغاربة بشكل واسع ومؤثر،في السياسة والاقتصاد،وفي التعليم والثقافة العالمة،مع التناقض الصارخ للثقافتين فيما يتعلق بالمفاهيم والقيم،يظهر ذلك كما يقول الدكتور "محمد بريشي" في البرامج والمراحل التعليمية بين برنامج  عربي يمجد الصلاة وبرنامج فرنسي يسخر منها (La prière de tartuffe)؟؟.
3- تحدي التدريج والتهريج والأعلام المهزوزة: بل والمنسلخة عن الخط الثقافي للمغاربة،ولكن هم من يطبل لهم إعلاميا ويمكن لهم تمثيليا في برامج ومهرجانات،ويغدق عليهم في ملتقيات ومشاريع وهمية هي أقرب للريع منها إلى الثقافة، وهي التي لا تلبث "عيايشها" من السخرية من كل ما هو ديني و محاربة رموزه طقوسا كانت أو فقهاء؟؟.
4- تحدي مؤسسات التسيير والتدبير: التي عجزت إلى اليوم حتى عن وضع رؤية ثقافية مغربية جامعة مانعة،وعجزت عن تعميم دور الثقافة عبر التراب الوطني وتقريب خدماتها من المواطن(75 مركز فقط)،واكتفت بديل ذلك ببعض البرامج الثقافية - على أهميتها - كدعم الكتاب ولكن أي كتاب،وبعض المهرجانات وأية مهرجانات،وبعض الجولات المسرحية وأية جولات، وترميم بعض القصبات والتراث المعماري؟؟.
5- تحدي الإبداعية والتنافسية: إذ على عكس "النبوغ المغربي" أيام زمان،فأن أكثر ما يروج له اليوم بما في ذلك كثير مما يفوز منه بالألقاب والسعفات المشبوهة،هو تعريف ثقافتنا بالفلكلور باعتباره بعض الشطحات الموروثة والرقصات المحنطة والبسيطة والجاهزة،أو بعض المهرجانات الدولية التي يزداد رفض "سخافتها" وقلب "موازينها" بشكل واسع،لا يبذل معها وفيها العارضون أي جهد ولا ينالون عنها غير بعض الفرجة المشوهة والتصفيق الساخر؟؟،كما هناك تعريف بالتبعية الثقافية رؤية ومجالات و وظائف وتقنيات،ولا ندري كما يقول أحدهم هل تريد ثقافتنا ومثقفيها أن يلعبوا مع الآخر(هواية) أو ضده (احتراف ومهنية) أو له وبدلا عنه (نخاسة وعمالة)،وشتان شتان بين ممارسة الرياضة لتجزيه الوقت وبين ممارستها لتخريج الأبطال والأبطال العالميين،فأين معاهدنا وبرامجنا لتخريج مثل هؤلاء المثقفين المبدعين والمنافسين الأبطال؟؟.
6- تحدي الجدل بين الثقافي والسياسي: ومن ينبغي أن يقود من، ومن ينبغي أن يؤسس لمن،ومن يمن على من، ومن  يعترف بمن، ومن يرخص لنشاط من،أو يثمن مردودية من،ومن يستثمر حصاد من،ومن يسمح بريع من،ولا يكون هذا الجدل العقيم في الأول وفي الأخير،إلا على حساب الثقافة والسياسة معا،ولهذا لا نستغرب أن كثيرا من البرامج السياسية الآن والتي كانت منفردة في سيرها،فلا أرضا قطعت ولا ظهرا أبقت،بل لم تزد معضلاتها إلا استفحالا،أخذت الآن تنادي بضرورة العودة إلى الاستثمار في التراث اللامادي للشعوب،كاهتمام برامج التنمية البشرية اليوم بالاستثمار في مشاريع الطفولة المبكرة،بما تعنيه الاستثمار المبكر في التربية والتعليم واللعب والترفيه والفنون والآداب والاندماج،وكلها اهتمامات ثقافية بالدرجة الأولى،نعود إليها بعد هدر عقد ونصف من الزمن التنموي بشكل ما،ولكن لا بأس فهذا توجه كوني،وأن تكون على الطريق خير من أن تفقده،وأن تصل متأخر خير من ألا تصل على الإطلاق؟؟.

الحبيب عكي

اقرء المزيد

الأحد، 24 نوفمبر 2019

http://akkioasisdesarticles.blogspot.com/

درعة تافيلالت..ثلاثة مجالس وثلاث مقاربات مأزومة

          حضرت هذه الأيام،مجلسا قضائيا بعاصمة الجهة بالرشيدية،كان يحتضن أطوار محاكمة ساخنة لأحد أبرز الحقوقيين المناضلين ضد التطبيع بالمنطقة وعلى الصعيد الوطني،كانت القاعة متوسطة ومملوءة بالعموم من الحاضرين،يتوسطهم في كل مكان رجال الحراسة والأمن بزيهم المدني والخاص،وعلى المنصة السيد القاضي وكاتب الضبط و ممثل النيابة العامة،وأمام المنصة فريقي دفاع ومحاميي المتقاضين،محامين من كل صنف  مع وضد على كف من يشيل،كما امتلأت القاعة ببعض الفعاليات الحقوقية والمدنية بالمدينة. بيت القصيد عندنا هو ما كان يبدو من السلطة المطلقة للسيد القاضي وهو يقود أطوار المحاكمة،فيعطي الكلمة لمن يريد و يسحبها ويمنع من الكلام من يريد،ويفرض على المتهم التحدث فيما يريد و كيفما يريد،مما يخلق عنده اضطرابا وارتباكا وكأنه مدان حتى قبل منطوق الحكم فيه،ويقبل القاضي رأي واعتراض من يريد ويرفض ذلك ممن يريد،اتهاما كان أو دفاعا،فردا كان أو جماعة،في الشكل كان أو في المضمون،ومن سلطته المطلقة كان السيد القاضي وكأنه يقود محاكمتين في نفس الوقت،محاكمة أمام المنصة وأخرى داخل القاعة،وفي هذه الأخيرة أخرج من القاعة رجلا كان يعبر على اختيارات القاضي بمجرد ملامحه يفكها ارتياحا أو يقبضها امتعاضا،وأخرج رجلان كانا يتهامسان ربما على نفس القرارات،وأخرج سيدة من العياء اتكأت على كرسي أمامها،وأخرج..وأخرج..،وكان كل الحرس والأمن في خدمته وتنفيذ أوامره دون نقاش أو تردد أو تأخير،قضاء استعجالي لا تستعجل غيره من قضايا الشعب المزمنة والمعمرة،تحوير القضية عن جوهرها التطبيعي المدمر إلى مجرد أعراضه الشكلية في الضرب والاعتداء المتبادل،وفي الأخير اتخذ القاضي رأيه رغم رأي المحامين المخالفين له وضمنهم بعض النقباء،على قول الشاعر- حاشا لله - :"ما شئت لا ما شاءت الأقدار/// فاحكم فأنت الواحد القهار"؟؟.

         وأتذكر أيضا،والشيء بالشيء يذكر،وأنا أياما مضت كنت أتابع عبر الفايسبوك النقل المباشر لمجريات دورة أكتوبر لمجلس جهة درعة تافيلالت بنفس المدينة بالرشيدية،وهو بالمناسبة المجلس الوحيد الذي ينقل أشغال دوراته للعموم ضمانا للشفافية والحق الدستوري في المعلومة،ولكنه مجلس على النقيض من المجلس الأول تماما،رغم أنه مرشح لتنمية كل الجهة وفي مختلف المجالات وهي مهام أكبر،ومرشح لمحاكمة وتوقيف كل الفاسدين والمعرقلين والمشوشين ومحاربتهم وفق القانون وهي محاكمة أكبر وحرب أخطر؟؟،ولكن مع الأسف كان المجلس على حد قولهم:.."هي فوضى"؟؟..هي خرق القانون وازدراء أحكام القضاء..هي عدم امتثال أوامر السلطة..هي محاولة انتزاع السلطة ذاتها ممن منحته إياها الساكنة..هي تدخلات سافرة ومنحازة لسلطة الرقابة..هي انحراف من التعاون على المصلحة العامة إلى التطاحن السياسوي بين الأحزاب وتصفية الحسابات بين الأشخاص،هي برمجة نفس البرامج المعطلة في الدورات السابقة لنفس الأسباب..هي في الخلاصة تعطيل تنمية الجهة ومصادرة انتظارات الساكنة بدون موجب حق..هي تشويه صارخ للجهوية الموسعة  و توجيهات جلالته السامية بصددها..؟؟،و ربما لولا استماتة رئيس الجهة و وقوفه المشرف في وجه البلطجة والطوفان..ولولا بعض المشاريع المتميزة التي استطاع وأغلبيته السابقة انتزاعها..كفتح المطارات في الحواضر و شق الطرقات في العالم القروي ومكسب تعميم النقل المدرسي وتوقيع الشراكات وجلب الاستثمارات..لصلينا الجنازة على شيء اسمه الجهة والجهوية فبالأحرى الجهوية الموسعة؟؟.

         والشيء بالشيء يذكر،لازالت درعة تافيلالت تئن - مع الأسف - تحت سياسة المغرب غير النافع،"ولو طارت معزة"،ويبقى تغيير الحال من المحال،كما تعبر الساكنة عن ذلك في مختلف الدوائر بكل مرارة:"لا والي لا باشا...الجهة مهمشة"؟؟، ولازالت درعة تافيلالت تئن تحت وطأة مجالس ومجالس..مجالس إقليمية لا حس لها ولا خبر..ومجالس جماعية بالاسم لا بالمعنى،ومجالس قطاعية لا حسيب عليها ولا رقيب،ولا أحد يعلم ببرامجها ولا مواعيد اجتماعاتها ولا مخرجاتها،وكأنها مزارع خاصة غير ملزمة بذلك؟؟.ولئن نسيت فإني لا أنسى مجلس الولاية الذي بدأ يشعر الناس وكأنه الضيف الثقيل على الجهة وما بدأ يظهر من مشروعه المجهول..وكأنه مجلس المجالس..وحزب الأحزاب..وجهة الجهات..ومحكمة المحاكم..وقاضي القضاة..وإن لم ينتخبه أحد ولا تقاضى لديه متقاضين؟؟.بل الأدهى والأمر أن يحن على ما يبدو إلى عهد الوصاية غير المأسوف عليها،وكأن غيره من أبناء الجهة قاصرون ولا يعرفون من شأنهم اختيارا ولا قرارا؟؟،والأدهى والأمر أن يحن على ما يبدو إلى شعارات بئيسة قطع المغرب معها منذ زمان كشعار:"كل ما من شأنه"وللمجلس شأنه ولا ينبغي أن يكون لأي مجلس جماعي أو جهوي شأن غير شأنه وكما يراه؟؟.أين نحن من تلك العهود الخوالي في المنطقة وما كانت مفعومة به بدرجات أو بأخرى من سياسة القرب والانفتاح..والحوار والإقناع والمشاركة والتعاون والإبداع..من الثقة والأمن وطيب المعشر بتقاسم "الطعام والملحة" بين الجميع سلطة وأغلبية ومعارضة ومجتمع مدني؟،..أين  تثمين العنصر البشري فخر الجهة وكم نهمش من طاقاته الغيورة ونعطل من قربها ومشاريعها؟،أين التوجه العالمي اليوم والمتمثل في الاحتفاء بالتراث اللامادي كضرورة الثقة والمواطنة والديمقراطية والتنمية وحقوق الإنسان؟،أين المقاربة التشاركية مع المجتمع المدني وأين دعمه المعهود؟،أين التعاون مع غيره من ممثلي الجهة ومجالسها والفاعلين..؟،أين الإرادة الشعبية والالتقائية بدل الانتقائية..؟؟،إلى غير ذلك مما يمثل اختياراتنا الوطنية  الواضحة وحواملنا التنموية ومداخلها الجهوية الراسخة؟؟.

         أنا لا أشك ولا أتهم ولا أحاكم النوايا ولا حتى التصرفات الرعناء من أي طرف كانت - فرعونتها كفيلة بها،ولا يصح إلا الصحيح- بقدر ما أستغرب وأتأسف وأتساءل كغيري من المواطنين،كيف بكل هذه المجالس المتضاربة والمتشاكسة في جهة واحدة أن تؤدي مهمتها التنموية فبالأحرى أن تتعاون على ذلك؟،أي خيط ناظم يربط بينها وهل يمكن لهذه المهام الجهوية التنموية النبيلة أن ترتبطا أصلا بكل شيء من أقصاه ألإنجازي الميداني القانوني المسؤول إلى أقصاه السياسوي الانتخابوي الحساباتي العبثي؟،سلطة مطلقة وربما مقاربة أمنية قاصرة؟،وسلطة تمثيلية شعبية ومداولات فوضوية معرقلة؟،و رقابة أو وصاية سلطة تعيين فوقية لها من حساباتها ما لها مما لا يفهمه قطار التنمية ذاته فبالأحرى شرعية من الشرعيات الانتخابية أو إرادة من الإرادات الشعبية..؟؟،هل تتجه الجهة بعد كل هذا نحو نموذج تنموي من النماذج المتعثرة في الشمال أو الجنوب؟،هل ستتولى تسييرها عفاريت وتماسيح كائنات آلية رغم أنف المعبر عنه من إرادة الساكنة وتوجهات الجهوية الموسعة؟؟،وإلا فلمصلحة من يعرقل مجلس جهة درعة تافيلالت الفتي ومن يعرقله في الحقيقة؟؟،..لماذا لا يؤشر فيه على مشاريع وشراكات جماعات ترابية بعينها كما تشكو بذلك؟؟..لماذا لا يتدخل في حل مشاكل جماعات أخرى أعيت ساكنتها المسيرات والاحتجاجات المزمنة دون جدوى؟؟،بأي حق دستوري توقف دعم جمعيات المجتمع المدني ويضيق عليها في أنشطتها وتغمط في حقها الدستوري حول المقاربة التشاركية،في عهد تنافس السياسات المحلية والجهوية وغيرها،أيها أجدى في تحقيق الأمن والاستقرار والتنمية والازدهار؟؟،أين نحن من شعارات المناظرات الوطنية للجماعات الترابية كالتنمية والتشارك والتضامن والتطابق واللامركزية واللاتركيز والانفتاح والحكامة الجيدة..؟؟،وهل بديل كل هذا ما قام به سيادتهم من تدشين منتزه على مشارف بلدية كل أزقتها محفرة بشكل فظيع تشكو إلى ربها كل المسؤولين من أقصاهم إلى أقصاهم..وكل البلديات وكل الجهات وكل الكون يشكو معها..وإلى الله المشتكى؟؟.
الحبيب عكي


اقرء المزيد

الثلاثاء، 19 نوفمبر 2019

http://akkioasisdesarticles.blogspot.com/

ثانوية الخطابي بباريس تحتفل بعيد الاستقلال

      ثانوية عبد الكريم الخطابي،وهي الثانوية الكبيرة والمعروفة بتاريخها التربوي العريق ورصيدها والنضالي العتيد،ثانوية جامعة علمية وأدبية وتقنية تتربع في قلب العاصمة الفرنسية باريس،وهي المشهود لها بسمعتها الدولية الشهيرة وحظوتها الوطنية الكبيرة،فيها درس ويدرس كل أبناء الذوات من السياسيين والاقتصاديين والدبلوماسيين باعتبارها من البعثات الفريدة،ومنها تخرج ويتخرج كل الرؤساء العباقرة وكبار الوزراء والمقاولين الناجحين ورجال الأعمال العابرين للقارات ومشاهير الفلاسفة والسفراء وعباقرة الفنانين والحكماء،وكل من يرتبط بهم من العظماء في فلك حكم الدولة ومجرة التأثير في السياسة الدولية؟؟.

         هذه المعلمة التربوية والوطنية،تحتفل هذه الأيام كعادتها بمناسبة وطنية عظيمة ومبجلة كمثيلاتها في كل دول العالم ألا وهي مناسبة عيد الاستقلال،كيف لا و هي فرنسا بلاد الحرية والأنوار،بلاد الجاليات وتعدد الهويات والإتنيات والأدوار،وفي التعايش والتسامح بين القوميات لا يشق لها غبار،كيف لا وهو الاستقلال الذي يحمل كل معاني الحرية والتضحية والكرامة،وكل معاني الهوية والمواطنة و فخر الانتماء ونبل العطاء،وكل معاني الأمن والاستقرار والنهضة والعدالة،الاستقلال نعمة لا يحس بقيمتها إلا الذين فقدوها أو حرموا بعض ثمارها ولا يزالون يكابدون بكل مرارة من أجل ذلك،الاستقلال وما أدراك ما الاستقلال،وهو الفطرة التي فطر الله الجميع عليها،أفرادا وجماعات،مؤسسات،قبائل وشعوبا،إلى درجة قد يصبر فيها المرء على الفقر والجوع والحرمان ولا يصبر على القيد والقهر والإذلال،وصدق من قال:"ليس بالخبز وحده يعيش الإنسان"،بل بالحرية والعقيدة والقيم والكرامة أيضا وقبل كل شيء؟؟.

         قلت هذه المؤسسة العتيدة وهي تحتفل اليوم بعيد استقلالنا الوطني المغربي في قلب فرنسا،إنما هي تحتفي باسم الرجل العظيم الذي تحمل اسمه،المجاهد عبد الكريم الخطابي وتاريخه الجهادي والنضالي الشهير ومشروعه التحرري الإسلامي الواضح،وتحتفي بكل المعاني الجهادية الكبيرة للمجاهدين الشرفاء،معاني أصبح من الضروري أن تطلع عليها الأجيال الجديدة،وهي التي فقدت أو كادت كل مرجعية للتحرر أو بوصلة للنهوض،وقد أوشكت أن تصبح عالة على غيرها أعطاها أو منعها،من هنا وربطا للحاضر بالماضي،وإذكاء لروح استمرار الرسالة التحررية وتصحيحا للبوصلة النهضوية للأجيال،أصبح لزاما على الكبار المحرَّرين تمرير الشعلة إلى الصغار المحرًّرين،بمثل هذه الاحتفالات في عهد يجمع فيه المتتبعون والدارسون على تراجع العديد من القيم الحرة والمحررة،والدافعة نحو الاستقلال والرافعة لنهضة الشعوب؟؟.

         وهكذا،وفي محاضرات وندوات،وعروض و دورات،و ورشات وإبداعات،ومسابقات وأمسيات،ورحلات ودوريات،وتكريمات ومقابلات مع رجالات و زعامات وزيارات متاحف وخزانات..،وفي حضور إعلامي ودبلوماسي مكثف عمل على ترسيخ رسالة الثانوية الخطابية في ذكرى الاستقلال لدى المستهدفين من النشء نذكر بعض أهم بنودها ومعالمها:
1- الثانوية خصوصية وليست عمومية،وينبغي أن تظل كذلك مزرعة خاصة حتى لا يدنس مرافقها وحقولها الأوباش من أبناء الضواحي؟؟.
2- الموظفون بالثانوية كلهم عسكريون من رتب عالية ونياشين باهرة،ولا ينبغي أن يوظف معهم أي موظف ممن لا يحمل رؤية المشروع ولا تجري في عروقه الدماء الزرقاء،ولو كان من الفرنسيين و يحمل من الشهادات الدكتوراه؟؟.
3- لغة التدريس في الثانوية عربية فصيحة،ويكفيها شرفا أنها لغة القرآن الكريم،ولغة الدستور العظيم،ولغة العلم والأدب،وككل الشعوب لا يجوز تدريجها ولا تهجينها أو الانحراف عنها ولو جاء بذلك قانون الإطار الفرنسي أو قالت به التدابير الأولية والرؤية الإستراتيجية؟؟.
4- مسالك التدريس في الثانوية وطنية محضة وخالصة وليست دولية بالمفهوم الواسع للدولية،فبالأحرى أن تكون مجرد فرنسة متخلفة غامضة متراجعة، لا يعلم أحد حاضرها ولا مستقبلها فأنى لها أن تكون في مصلحة التلاميذ؟؟.
5- تدريسنا مرتبط بالشغل وليس بالبطالة،مداخل ومخرجات،وكل الخريجين من خدام الدولة وتنتظرهم وظائف الدولة؟؟.
6- لا صلاة ولا حجاب ولا نقاب في المؤسسة،والثورة عليهما مستمرة بكل أخوة ومساواة وكرامة علمانية تحترم أداء الشعائر الدينية؟؟.
7- وتجسيدا لهذه الشعارات الثورية والتحررية فإننا سنحرق علم المستعمر الغاشم على أرضه،كما سمح بحرق العلم الوطني بكل شماتة وحقارة؟؟.وسنقرأ الفاتحة على قبر الشهيد المجاهد كما يضع  إكليل الزهور على قبر الجندي الغازي المجهول؟؟.

         عفوا قرائنا الأعزاء:ليس في باريس مدرسة أي مدرسة  باسم "الخطابي"،لا حضانة و لا ابتدائية ولا إعدادية فبالأحرى ثانوية أو معهد أو جامعة،كيف لا وهو بطل المقاومة والجهاد ضد الاستعمار في الريف،بل وشمال أفريقيا والصين الشرقية وأمريكا اللاتينية،وهو الذي أذاق الاستعمار من الويلات ما لم يجد معه الجبان بدا إلا الفرار والرحيل والاستسلام؟؟،عفوا قرائنا الأعزاء،بل الذي أعرفه وبالتأكيد،هو وجود ثانوية "ليوطي" عندنا في البيضاء،"ليوطي" المجرم الاستعماري الذي أذاق المغاربة من الويلات ما أذاقهم،ونهب من خيراتهم ما نهب،وأفسد من عقائدهم وخون من رجالاتهم ما خون،ورغم ذلك أبت زبانيته وجلادوه وضحاياه إلا أن يطلقوا اسمه البشع على ثانوية هي بالتمام بكل المواصفات التي وصفت بها ثانوية "الخطابي" الوهمية في باريس،ثانوية النخبة والانغلاق والخط التربوي الاستعماري الفظيع،والخريجين الذين تنتظرهم دواليب الدولة الحساسة في السياسة والاقتصاد والفن والدبلوماسية،ليفرضوا في الأخير على الناس بحشو أدمغتهم وفساد أمزجتهم و خيانة ولائهم،سياسات لا تمت لهوية المواطنين بصلة وأبعد ما تكون عن مصالحهم،ومن ذلك ما أصبحنا نعيشه اليوم بعد عقود وعقود من التحرر والاستقلال: فأصبح فينا من يفرض علينا فرنسة التعليم،ومن ينادي بالحريات الجنسية الفوضوية خارج إطار الزواج،ومن يريد تعديل الميراث،ومن..ومن..ومن يعقد في الخفاء والعلن عقودا استثمارية بخسة،عروضا ريعية ترهن مدخرات البلاد وتأسر طاقات العباد وتغلق الباب في وجه المستثمرين غير الفرنسيين لعقود وعقود قادمة؟؟.هل نستطيع تحقيق هذه الصورة السريالية،بفتح ثانوية "الخطابي" في قلب باريس بهذه المواصفات كما فتحت فرنسا ثانوية "ليوطي" في قلب المغرب بنفس المواصفات،هل نستطيع فتحها فقط وبخطها المرجعي في قلب المغرب،أم أن استقلالنا لا زالت معركته مستمرة؟؟.

         الاستقلال يا سادة،روح مواطنة وصيحة مقاومة،سلطان وشعب و مرجعية وبيعة والتحام و وفاء،رجالات وأبطال وزعماء،خطة وفداء،دماء وأشلاء ونصر وفخر وشهادة،تضامن فيها من أجل التحرر والنهضة الجماعية والشاملة والعدالة المجالية،الاستقلال يا سادة،هو ما أصبحت تنعم به البلاد والحمد لله من نعم الحرية والأمن والاستقرار،واسألوا الأجيال المحررة عن حجم ما كان عليهم من قيود ومراقبة وإتاوات وتصاريح السفر أو حتى السهر مع الأقارب،الاستقلال ما يطمح إليه العباد من تعميم ثمار الكرامة والإيمان ومحاربة الجهل والخرافة على الجميع،هو حق استشفاء المرضى بكل مواطنة وتعليم النشء في ظروف إنسانية راقية،هو تشغيل العاطلين وتزويج العانسين،الاستقلال هو ملحمة مستمرة ومتجددة لعل مهامها الجديدة تكمن في محاربة المستحدث من بقايا التحكم والاستبداد والالتفاف على الإرادة الشعبية و من ظواهر الهشاشة والنكوص الحقوقي والتهجير القسري والإقصاء من نيل المرء حظه من الثروة وممارسة حقه المشروع في السلطة؟؟،الاستقلال رسالة المحرًّرين الشهداء في أعناق المحرَّرين الشرفاء،رسالة "الخطابي" و "بن الخطيب" من باريس إلى "ليوطي" و"ديكارت" و"نابليون" و"جان دارك" في البيضاء،وما رأيت"الخطابي"ولا "ديكارت"،و ما رأيت باريس ولا البيضاء ولكن،ألا هل بلغت اللهم فاشهد؟؟.
الحبيب عكي

اقرء المزيد

الاثنين، 11 نوفمبر 2019

http://akkioasisdesarticles.blogspot.com/

شريط الرسول في عيون الأطفال


               في شريط حواري قصير مدته( 3.24 min)،وعنوانه:"الرسول في عيون الأطفال":(Muhammad through the eyes of children)،استجوب فيه مخرجه المجهول،ثلة من الأطفال في عمر الزهور(حوالي 9-11 سنة)،سألهم كما يحكي الشريط على الرابط:(https://youtu.be/HEd8LgjlFiw)،أربعة أسئلة...

اقرء المزيد

الأحد، 10 نوفمبر 2019

http://akkioasisdesarticles.blogspot.com/

قراءة في شريط الرسول في عيون الأطفال

      في شريط حواري قصير مدته( 3.24 min)،وعنوانه:"الرسول في عيون الأطفال":(Muhammad through the eyes of childrenاستجوب فيه مخرجه المجهول،ثلة من الأطفال في عمر الزهور(حوالي 9-11 سنة)،سألهم كما يحكي الشريط على الرابط:(https://youtu.be/HEd8LgjlFiw)،أربعة أسئلة أساسية،وددت لو أن كل الآباء والأولياء قد سألوها أبنائهم في جلسات حوارية هادئة حتى يطمئنوا على معارف وخلجات فلذات أكبادهم اتجاه الرسول (ص) أو يقوموا بتصحيحها وتربيتهم عليها بالشكل المناسب؟؟،سأل المخرج أطفاله ذكورا وإناثا أربعة أسئلة أساسية أولها:"كيف يرون رسول الله (ص) بالنسبة إليهم"؟،وثانيها:"ماذا يريدون منه كأطفال"؟،وثالثها:"لو كان (ص) حاضرا بيننا فبماذا سيفيد عالم اليوم؟،وآخرها:"لو رأوه رأي العين فماذا سيقولون له"؟.والغريب العجيب أن أجوبة الأطفال الصغار كانت على الفطرة والسليقة،طريفة عميقة،وإن كان فيها من بعض الإشكالات - في نظري- ما فيها،وهذا الذي سنحاول تناوله ببعض البيان والتحليل في هذه المقالة.

         أجوبة الأطفال تشد مشاهدها،وتنزع منه من العطف والثناء على الأطفال الصغار ما قد لا يحظى بمثله منهم الرجال الكبار،أجوبة تنم عن سبق تربوي أسري حظي به الأطفال مما جعلهم لا يأتون بأجوبتهم وطبعهم من فراغ، أجوبة سديدة أفادت أن الرسول (ص) هو من جاء بدين الإسلام،الرحمة المهداة والنعمة المسداة إلى العالمين،وهو رجل عظيم قليل الكلام أمين صادق طيب شجاع،قدوة حسنة،ذو بعد عقائدي روحاني،تعبدي مرتبط بواقع الحياة وهموم الناس؟؟،كما أفادت أجوبة الأطفال أن الرسول (ص) يحمل قيما عظيمة كالصدق والأمانة،والوفاء بالحقوق وإشاعة المحبة بين الناس،والتعاون والتكافل،والأمن والسلام.أما عن ماذا سيطلبه الأطفال من الرسول (ص) لو كان معهم،فهنا قد جسد الأطفال واقعهم و براءتهم،وتحلوا بالسائد من ثقافة العصر،ولم يحاولوا تصنع ما يخالف رغبتهم مما ليس فيهم،فقال أحدهم:"أريده أن يلعب معي كرة القدم،أن أكون أنا الهداف ويكون هو حارس المرمى،ولكن لا أظنه سيلعب معي،رغم أني قرأت عنه أنه يحب اللعب مع الأطفال"؟،وقالت أخرى:"أريده أن يحكي لي طرفة،ولا شك أن طرائفه ستكون جميلة"؟؟.

         لن أتحدث عن هذا الأسلوب الفني والحواري الشيق في التعاطي مع السيرة العطرة،ولكن أنظروا فقط رغبة الأطفال في اللعب والترفيه والطرافة والتقبيل والاحتضان..،وغير ذلك مما نتجاهله نحن على أهميته،أنظروا إلى إدراكهم العميق والصحيح في مجمله لشخص الرسول(ص)والذي قد نستخف به ونحن لا ندركه فيهم أو لا نصدقه وهو أصدق من صادق،فبالأحرى أن نتواضع ونتعلم من براءتهم صدقا وعدلا؟؟،ودون أن يتساءل المرء،هل هذا هو تصور الأطفال عن الرسول فعلا،أم هو طغيان الصورة الإعلامية المشوشة عن الكبار قبل الصغار،والمحددة لتفكيرهم وأفقهم على السواء؟؟،فهناك ما يثلج الصدر ويحيره في نفس الوقت،وهو أن أجوبة الأطفال عن السؤال الثالث قد بين حجم قلقهم وانشغالهم بهموم العالم وأزماته المستعصية،أكثر مما قد يكون في مستواهم وطاقتهم؟،ومهما كان الأمر واقعيا فهو أيضا لا يخرج عن كونه صورة إعلامية بكل أبعادها ودلالاتها،لقد تمنى الأطفال على الرسول (ص) أن يحد من الحروب المدمرة،أن يشغل الناس ويعطف على الفقراء،أن يوحد الأمة من فرقتها،وأن يحارب التشرد والمجاعة ويحارب التلوث..؟؟.أما عن السؤال الأخير:"لو رأيتم رسول الله(ص)رأي العين فماذا ستقولون له؟،فقد أجمع الأطفال كلهم وبصدق تستشفه من براءتهم وشوق يفضحه ذرف أعينهم،أنهم يحبون رسول الله (ص)حبا كثيرا قدروه تقديرات فطرية لا تخطر على البال،ويحبون أن يسلموا عليه،وأن يحضنهم،وأن يكونوا في مستوى التحدث إليه حتى يرضى عنهم؟؟.

         وفي شريط آخر مماثل أو منسوخ،أضافوا سؤالا آخر على الأطفال:"ماذا تتعلمون من الرسول (ص)؟،فأجابوا بكل تلك القيم الإسلامية الرفيعة من الإيمان وإقامة الصلاة وتلاوة القرآن،والمحبة والتسامح والصدق والأمانة والشجاعة والاستقامة..وسيحاولون تطبيق ذلك في حياتهم ومعاملتهم مع الأطفال؟؟.وأعتقد أن هذه صورة إعلامية رفيعة وفي الواقع - والحمد لله - كثير مما يطابقها،وهنيئا وبشرى للأطفال وذويهم ممن يصنعونها ويحيونها ويدعون إليها بروح المحبة:"والمرء مع من أحب يوم القيامة"؟؟.ولكن مما لا شك فيه أن هناك صورة أخرى تشوش على صفاء هذه الصورة الأولى بكل ما يناقضها وينفر من دعاويها ويسيء إليها و إلى رموزها بما في ذلك سيد الخلق رسول الله (ص)منقذ البشرية من الضلال ومعلمها الحرام من الحلال؟،حتى غدا عند هؤلاء المسيئين أن الإسلام عنف وتطرف وإرهاب أو استلاب و ميوعة وانحلال،أو تيه وانحراف في عصابات المخدرات و"التشرميل" والدعارة،وليس له أي إشكال مع ما لا يطاق من عوالم الجحيم تلك،ذلك بأنهم استحبوا العمى على الهدى،واعتبروا قمة البطولة والانتماء إلى فرق ضلالهم في مدى تمرد خفافيشهم على القيم البناءة والسخرية من الأديان ورموزها وأنظمتها؟؟.

         من هنا تعظم المسؤولية على المربون والدعاة لمعالجة هذه الاختلالات التي تنخر النشء و تدمر المجتمع،كما في حديث السفينة:"...فإن هم تركوهم هلكوا وهلكوا جميعا،وإن هم أخذوا بأيديهم نجوا ونجوا جميعا"؟؟،ومن أفضل السبل لمعالجة اختلالنا التربوي الثقافي السياسي الاجتماعي..المعاصر،هو غرس محبة الرسول (ص) كقيمة القيم في نفوس النشء والمجتمع،ومن أجل ذلك يرى المربون والمهتمون بضرورة:
1- مسؤولية الأسرة في الموضوع بالدرجة الأولى،والمدرسة وغيرها مجرد مساهمين:"..فأبواه يهودانه أو ينصرانه".

 2- محبة الرسول (ص) كل لا يتجزأ وهي ذات بعد إيماني عقائدي،تعبدي سلوكي،معرفي فكري،روحي وجداني أعمق..

3- الرسول كما هو لا كما يريده الإعلام،وفي هذا يقول د.مصطفى أبو السعد:نريد الرسول الإنسان و القائد والمربي،القدوة والحكيم،الزوج والإمام،الداعية والمجاهد..،وليس المحارب الشجاع فحسب وذو الغزوات التي لا تنتهي،مما يختزل الصورة بل يعطيها لونــا واحدا ليس بالضرورة هو الحقيقي ولا المطلوب.

4- وأفضل المناهج التربوية في موضوع المعالجة هذه،هي القدوة العملية التي تحيى بخصال الرسول سنة عقائدية ومواقف سلوكية..أفعالا صحيحة وأقوالا رفيعة..مع النشء،مع المستضعفين،مع العدل والإنصاف،مع الإصلاح والقضاء،مع الإحسان في العبادة، مع الإكثار من البرهنة و الاستدلال على ذلك بأحاديثه الشريفة وليس الأمثـال الشعبية وغيرها فحسب.

5- برامج أسرية مدرسية مسجدية جمعوية إلكترونية تعطي النشء حظه من القرآن والسنة والسيرة والفقه والأحكام والقصص والأناشيد..،مما سينمي ثقافة الأذكار والأدعية في حياتنا الأسرية وثقافة الآداب في المأكل والمشرب والملبس..،ويعزز احترامنا لشخصه كقدوة وتعظيمنا لأمره (ص)وهو من أمر الله تعالى:" قل أن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله"،

6- حملات تربوية ثقافية واجتماعية،رياضية فنية وترفيهية،للعيش الجماعي والمجتمعي في ظلال محبة الرسول وفضائل الإسلام وقيمه في الرحمة والسكينة والتعاون والطمأنينة،والوحدة والنظافة والتكافل،والصلاة والصيام والتوبة والصدق والأمانة والاستقامة،مما سيعمق فينا خصال النبوة وفضائلها،ويرشحنا للحظوة بشفاعته يوم الدين ومرافقته في الجنة يوم القيامة.

7- تنظيم رحلات الشوق والمحبة لزيارة مقام المصطفى ومزارات الرسالة والدعوة ..حجة وعمرة وسياحة..وغير ذلك مما سينمي التزاور والتعارف والتعاون بين أبناء الشعوب الإسلامية وقبائلها وأجيالها الناشئة،ويساعدها على تقاسم الخبرات المكتسبة والتفكير الجماعي الإبداعي الحضاري لحل المعضلات ورفع التحديات وكسب الرهانات.
الحبيب عكي

اقرء المزيد

الجمعة، 1 نوفمبر 2019

http://akkioasisdesarticles.blogspot.com/

لماذا لا تحضر دولة فلسطين معرض التمور بأرفود؟؟

       لا زال التطبيع مع الكيان الصهيوني الغاصب،يخترق جل الدول العربية،ويكتسح فيها مجالات حساسة وبأشكال خبيثة وضيعة وفظيعة،سياسية واقتصادية،فنية ورياضية،علمية وسياحية..،وطبعا بدعم خفي أو علني رسمي مهزوم من حماة المطبعين،وعلى حساب مواقف الجامعة العربية الرافضة للتطبيع،وعلى حساب إرادة الشعوب المقاومة له بقوة وصلابة تصل حد الاحتجاج بالمسيرات المليونية والفضح والمقاطعة،بل على حساب القضية العادلة ذاتها للشعب الفلسطيني المكلوم في أهله والمغصوب في أرضه والمهجر من وطنه،اللاجئ في مخيمات الشتات والممنوع من حق العودة،وعلى حساب شيء اسمه ما تبقى من التضامن القومي والفضيلة والكرامة الإنسانية،والتي بقدر ما تتراجع في العالم العربي  - مع الأسف - بقدر ما تزداد في كل العالم  الحر الأبي،الذي يعتبر إسرائيل كيانا غاصبا خارج الشرعية الدولية،بل متحديا لها بجرائمه العدوانية ضد كل الإنسانية،وينبغي أن يؤدب ولو بالمقاطعة على أضعف الإيمان؟؟.

         بالأمس جريمة بناء مجسم للهلوكوست في قلب مدينة مراكش،على مرأى ومسمع الجميع،واليوم فضيحة حضور شركة فلاحية إسرائيلية في معرض التمور بمدينة أرفود،ولئن كانت الدولة بالأمس ربما بفعل الضغط المجتمعي والإعلام الافتراضي،قد تحملت مسؤوليتها ونسفت مجسم العار،فإن سلطتها اليوم في أرفود قد سارت ضد التيار الشعبي والإجماع الوطني الرافض للتطبيع،فعنفت أعضاء المرصد الوطني لمناهضة التطبيع أثناء اعتزامهم تنظيم وقفة احتجاجية في قلب المعرض،وعلى رأسهم رئيس المرصد المناضل الحقوقي "أحمد ويحمان"،الذي ضرب مع الأسف من طرف قائد المنطقة وحاشيته بزيهم المدني،وربما حسبوها منطقة محمية وخاصة باليهود و"اللي دخلها يرعف"، فضربوا الرجل وركلوه حتى سقط وأصيب بكسر في يده،بل زج به في محاكمة تحاول تحوير القضية من فضيحة التطبيع الشنيعة إلى مجرد جريمة الضرب المتبادل في لحظة انفعال آدمي كانت فيه السلطة هي البادية،مما أوقع مع الأسف بين المغاربة وحما الصهاينة في شركتهم،"خلاها مولاها خايبة حتى للمعاودة:"ليهود يبيعوا ويشريوا في المعرض..والمغاربة في المدابزة والمحاكم..إي والله قضية..ههييهه "؟؟.

         إسرائيل كيان غاصب،ومجرمة حرب،تقتل المقاومين والأطفال والشيوخ والنساء،وتخرجهم بالقوة من أرضهم وديارهم،لذا فالتطبيع معها أي تطبيع،جزءا من الإشكال وليس جزءا من الحل،فضيحة فتنة واستسلام لا مفاوضات وأمن وسلام؟؟،المهم،خلال محاكمته التي حضرت جلستها الأولى إلى جانب ثلة من خيرة محامي المغرب مؤازرين للضحية يتقدمهم النقيب عبد الرحمان بن عمرو والمحامي خالد السفياني وحشد من القوى الحية والحقوقية بمدينة الرشيدية،قلت رافع المناضل الحقوقي أحمد ويحمان (وسط الصورة أعلاه) ضد التطبيع لعل حماة المطبعين يدركون بعض أخطاره على البلاد والعباد،وقال كما ورد في كتابه:"ببييييبيييو..الخراب على الباب"،إن البذور الإسرائيلية قد تسببت في سرطنة 75 ألف مواطن مصري،وبسببها لازال بطل تلك المأساة يقبع في السجن؟؟،وفي المغرب أعد الصهاينة مخططا جهنميا لتقسيم البلد إلى خمس دويلات في الشمال والجنوب والشرق والغرب والوسط،ومخطط لابتزاز المغرب في ملف الصحراء مقابل التطبيع،عمليات تدريب مواطنين من طرف صهاينة الموساد وحاخامات،صفقات لتجنيس مواطنين غير مغاربة وتزوير جوازات سفرهم،استقطاب فنانين ومثقفين من حساسية معينة لزيارة إسرائيل،تنظيم حفلات وأعراس مثلية شاذة ترفع فيها أعلام الكيان الصهيوني في رمال "مرزوكة"وبعض قصور الجنوب الشرقي،تدنيس المسجد الأقصى،وإحراق باب المغاربة ومصادرة أوقافهم وهدم حارتهم على أهلها دون حسيب ولا رقيب؟؟.

         إن المغرب كان على الدوام سندا قويا وعقائديا لإخوانه الفلسطينيين،رفع قضيتهم إلى درجة قضاياه الوطنية الأولى،وبرهن على ذلك بنصرته للقضية بمسيراته المليونية المباركة،برئاسة جلالته للجنة القدس،بفتح صندوق يتيح للمغاربة جميعهم المساهمة في تنميتها،بل وضع قانون تجريم التطبيع في البرلمان،ورفض صفعة القرن التي ترعاها أمريكا والتي أراد بها "ترامبولا" تهويد القدس وجعلها ضدا على مجرى التاريخ عاصمة للكيان،تماما وكأن المغرب الأقصى قد سكن المسجد الأقصى،أبعد كل هذا يسمح أحد لنفسه ،كائنا من كان أن يطبع في معارضه الفلاحية أو مهرجاناته السيمنائية أو غيرها؟،لماذا لا نحترم الإرادة الشعبية في الموضوع؟،أين مشاعر المغاربة المقاطعين للبضائع الصهيونية فلاحية كانت أو غيرها؟،أين معاهدنا الفلاحية للزراعة والبيطرة وأين باحثوها ومهندسوها؟،في برنامج أي حزب أو أي فاعل وردت دعوة الصهاينة والتطبيع معهم،وجل هؤلاء الفاعلين إن لم يكن كلهم لهم عضوية في المرصد الوطني لمناهضة ومقاومة التطبيع؟،ودون الخوض في معرض التمور في حد ذاته والناس لم ترى منه غير غلاء الأسعار والتهابها،وسمسرة غالبية المنتوج ونذرة الجودة وسط احتراق واحات النخيل في المنطقة وجفافها..دون غوث يجدي؟،دون الخوض في كل هذا،هل تنقصنا التمور حتى نستورد تمر إسرائل،وعندنا أجود منها من الفقوس والمجهول والخلط الرفيع؟،هل يصح أن يصوم الناس طوال النهار في رمضان أو غيره إيمانا واحتسابا ثم تفطرونهم على تمر إسرائيل غفلة وخذلانا؟،ألم نغلق مكتب الاتصال مع الكيان الصهيوني الغاصب في الرباط منذ زمان؟،وأخيرا،إذا كان معرض التمور بأرفود يسع لكل هذا الانفتاح وكرم الضيافة والترحاب،فلماذا لا تحضره دولة فلسطين عوض الكيان الصهيوني؟؟.
الحبيب عكي

اقرء المزيد

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

المتابعون

المشاركات الشائعة