Top Ad

السبت، 27 أكتوبر 2018

http://akkioasisdesarticles.blogspot.com/

الإسكافي قروي والساعة حنظلة...

الإسكافي قروب والساعة حنظلة...من مغرب يسير بسرعتين إلى آخر يسر بساعتين؟؟

مرة أخرى،ها هي حكومتنا غير الموقرة تفجعنا وتفاجئنا بقرار قهري تسرق فيه دون خجل ولا وجل ساعة إضافية من راحة المواطنين العزل وطمأنينة بالهم وسكينة أبنائهم،وتديم عليهم توقيتا غير قانوني ما كانوا يتحملونه بشكل مؤقت في الصيف فكيف بشكل دهري في الصيف والشتاء؟؟،قرار انفرادي صادم مطلوب التنفيذ بسرعة البرق،خلق موجة من الرفض والغضب العارم في صفوف المواطنين المستضعفين،وحملة من السخرية والتحريض على المقاطعة والعصيان عند رواد مواقع التواصل الاجتماعي،إلى درجة قد تمنى فيها العديدون مثلي لو أنهم في أعمالهم أحرارا يملكون فيها قرارهم،أو غادروا أسلاك الوظيفة و حصلوا على تقاعدهم النسبي ولو"ببلاش"،أو أنهم يستطيعون الهروب من هذا الوطن إلى جزيرة "الوقواق" وعالم لا يجدون فيه حسا لشيء اسمه حاكم ومحكوم وحكومة أو محكومة،عالم يبقى فيه الناس على فطرتهم كما خلقها الله تعالى،ويتمكنون من العيش فيه في حرية وفي أمن و سلام،لا يخشون فيه على سكن ليلهم ومعاش نهارهم إلا الله والذئب على غنمهم؟؟.

مرة أخرى،ها هي حكومتنا غير الموقرة ترتكب في حق شعبها المستضعف المسكين جرما فظيعا وانتهاكا جسيما صريحا،فتغتال بكل عنترية توقيته القانوني للمملكة بلا خجل،وتستبدله بكل عنجهية بتوقيتها الدخيل البخيل على عجل،متبجحة بأنها قد أضافت على"غرينتش" العالمي ساعة،وما هي إلا  زيادة بئيسة في إطار مسلسل ما أدمنته من زياداتها لتحطيم القدرة الشرائية للمواطنين في المحروقات والتقاعد والتعاقد والاقتطاعات..،لعلها تجني من ورائها بعض ما تملئ به خزينتها،والتي لا يدري أحد على أرض الواقع مع الأسف على من يعود ريعها ولا حصادها،حتى تساءل جلالة الملك أين الثروة،ولماذا لا يظهر أثرها في واقع المواطن بالشكل المطلوب،وقال شيء ما ينقصنا،والمغرب يسير بسرعتين؟؟،واليوم لم يمنعها كل هذا من أن تتجرأ على الباقية الباقية من الحصانة المعنوية والصحية والنفسية للمواطنين رغم أنها لن تأتيها في الحقيقة بدرهم ولا دينار بقدر ما ستجلب عليها من السخط والاحتجاجات والمشتكى إلى الله بأقبح الدعوات..،هشاشة تحالفها الهجين ونموذجها التنموي الفاشل على أرض الواقع في أمس الاستغناء عنها؟؟.

مرة أخرى،ها هي حكومتنا غير الموقرة قد دقت عليها ساعة الحقيقة و دخلت في امتحان ساعة الحسم،مع الشعب صراحة أو ضده،حكومة تحكم أو مجرد أداة تنفيذ محكومة؟؟،لكنها بتصرفها الأهوج والأرعن واللاعلمي واللامنطقي واللاشعبي قد خرجت منهما منهزمة منكسرة ساقطة خاسرة،ويكفيها من السقوط والخسارة أنها قد عمقت فقدان الثقة فيها والتعويل عليها لا في النفير والحابل ولا في العير و النابل،وأنها قد خسرت وأسقطت بما لا يدع مجالا للشك كل الشعارات التي طالما تغنت بها،من ديمقراطية،وحقوق إنسان،ومقاربة تشاركية،وإرادة شعبية..والنموذج التنموي الجديد..و..و..؟؟،لتظهر لالة حكيمة على حقيقتها وتعود لالة حليمة إلى عادتها القديمة:"لا أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد"؟؟. قالت الحكومة أنها ستربح قدر ساعة من تكاليف الطاقة،وأنها ستوفر الوقت لقضاء المواطنين أغراضهم،وأنها قامت بدراسة في الموضوع،وأنها ستمنح الصلاحيات للمسؤولين الإقليميين والديرين الأكاديميين ليضعوا توقيتا مناسبا للدراسة والإدارة حسب أقاليمهم،وأنها..وأنها..؟؟.

مرة أخرى وأخرى،ألا تعلم حكومتنا غير الموقرة أن كلامها الناصع غير صحيح وأن له أوجها أخرى قاتمة،وأشد ضررا وخطورة على الجميع بدء من نفسها،هل تستطيع الحكومة أن تعقد اجتماعا وزاريا على الساعة الثامنة أو جلسة برلمانية وتبثها على المباشر،وتظهر لنا تفاصيل الاستيقاظ إليها فجرا والتنقل إليها فخرا؟؟،هل تستطيع إجبار المسؤولين والمديرين والأطباء ممن ألفوا العاشرة والحادية عشرة صباحا والاجتماعات ظهرا والمقاهي عصرا على توقيت وساعة غيرها؟،أليست دراستكم من تلك التي تهدر عليها الأموال ولا تؤسس إلا للفشل؟،هل يوجد في العالم طبيب واحد ينفي الآثار الجانبية على الساعة البيولوجية للمواطن وما تخلقه لديه من توتر وكآبة لا تستقيم معها عمل ولا حياة؟،ألم يشكو الأساتذة الممارسون من أن الأطفال من حرمانهم وإجهادهم إنما يستكملون كل يوم نومهم في الفصول الدراسية؟،ألم يشكو المواطنون العديد من حالات الإعتداء عليهم في الظلام الباكر في غياب الأمن؟،ألا تشكو الأسر من التفكك الأسري وأنها لم تعد قادرة على جمع شمل أبنائها على مائدة منزلية طوال النهار؟،أي معنى للوحدة في ظل وطن توقيت قضاء الأغراض في إقليم هو توقيت فراغ خارج الدوام في آخر؟،ألا تعلمون أن السوق الأوروبية المشتركة التي تقلدونها قد تخلت هذه السنة نهائيا عن مثل هذا التوقيت الكارثة؟،ألا يستحق المواطن ساعة من الطاقة والبلاد ما فتئت تفتخر على أنها حققت إنجازات غير مسبوقة في الطاقات البديلة نور ونور...،أم"من لم يجعل الله له نورا فما له من نور"؟؟،الإشكال إذن حقيقي،وقد يتجرعه المواطن لأنه مكره على ذلك،لكن أين هي وسائل النقل،وأجهزة الأمن،والمطاعم الجماعية في قلب المؤسسات ومصاريفها وكلها لازمة لذلك؟؟.

مرة أخرى وأخرى،كان الناس ينتظرون من الحكومة أن تكون بجانبهم كما وعدتهم في وعودها الانتخابية وتساعدهم على تحقيق مطالبهم وحل مشاكلهم التي لم تعد تطاق،فخرجوا في حراكات اجتماعية سلمية في الشمال وفي الجنوب كما في الشرق وفي الغرب،فصمتت حكومتنا دهرا ونطقت كفرا على غير المتعارف عليه دوليا؟؟،وطالب المواطنون بتمتيعهم بحقهم الدستوري في العيش الكريم والقدرة الشرائية المتحملة،فبقيت الأسعار في التهابها والأمور في التعليم والصحة والتشغيل والسكن على حالها بل في تدهور مستمر،وكأنها قد قالت لهم:"الساعة لله..ليس بالإمكان أكثر مما كان"؟؟،طالب الناس المعطلون بالتشغيل والمشغلون بالزيادة في الأجور أو على الأقل الحفاظ على المكتسبات فقالت لهم في زيادة تقاعدها وفرية تعاقدها:"الله الله..التشغيل فين هو..الله الله..الزيادة في راس الأحمق"؟؟.وها هي اليوم تورط نفسها في ورطة التوقيت في غير التوقيت،وأكيد أنها الحكومة وستقول لكم:"ها أنا قد زدتها ولن أتراجع عنها..فمن يعتقد منكم نفسه رجلا فليزلها..أو فقط يخالفها"؟،وأكيد أنها ستظهر أمامها التجربة المرة للمقاطعة الشعبية الأخيرة لبعض المنتوجات الجشعة،والتي لم تستطع اتجاهها اتخاذ أي أجراء حرصا على هيبتها المزعومة؟؟،وكل ذلك في الأول وفي الأخير لن يسعفنا من الخروج من مغرب يسير بسرعتين إلا إلى مغرب يسير بساعتين،ساعة حكومة مكروهة ومفروضة وساعة شعب مرغوبة وممنوعة؟؟.

وعلى أي،ربما أحسن رد في واقعة هذه الحكومة الشاردة وساعتها الإضافية المشؤومة،ما حكي عن أحد سكان القلاع المحصنة والمداشر القديمة،أيام كانت القبيلة والجماعة السلالية(السلطة الحاكمة آنذاك)تغلق على الجميع باب القصر والقلعة،فلا يخرج أحد من الداخل إلى مآربه ولا يدخل أحد من الخارج إلى أهله،إلا بإذنها وبوابها وفي توقيتها أو توقيته الذي يرتضيه هو لا الذي يخدم مصالح الناس وهم أدرى بها،ضاق السيد وكان يدعى الطالب أحمد رحمة الله عليه،ضاق بهذا التصرف وهو الذي كان مجرد إسكافي يسترزق الله في الأسواق الأسبوعية المجاورة،والتي بهذا التصرف القبلي/الحكومي لا يتمكن من الوصول إليها عبر دراجته الهوائية في ساعة الخير ليتسلم مثل زملائه ما سيصلحه من أحذية الناس في الوقت المناسب أي وقت الوفود المبكر للناس على السوق،فما كان منه إلا أن بادر وخرج من القصر وأسواره بالمطلق،فكان أول من بنى له بيتا خارج القصر في الضواحي،منحه الحرية التي يعشق ويتنفس ويحتاج،وما مرت بعض السنوات حتى خرج جميع السكان تقريبا من القصر الواحد تلو الآخر،واحتدوا حدوه وبنوا لهم مثله بيوتا لهم خارج الأسوار،بيوت الحرية والاستقلال والقرار الذاتي قبل الجماعي،وإلى اليوم لا زال القصر التاريخي المسكين بأسواره فارغا مهجورا من السكان يلف أسواره وأسراره وأحجاره وأوقاته على أبوابه المتصدعة؟؟.

والشيء بالشيء يذكر،أنا اليوم والعديدون مثلي خاصة ممن يفكرون في الإضراب الاحتجاجي العام بسبب الموضوع سنكون إسكافي هذا الزمان،ضد سلاليي و بوابي هذا وذاك الزمان،وسنعود إلى التوقيت القانوني للمملكة الذي هو توقيت"غرينتش"يوم السبت المقبل 28 أكتوبر 2018،فمن منكم ومنكن سيعود معنا،واليوم اليوم وليس غدا،من سيعود إلى التوقيت القانوني الصحي المعتاد للمملكة ويترك الحكومة تختار لها التوقيت الذي تشاء،ولكل وجهة هو موليها فاستبقوا الصالحات،ومن الصالحات ما حفظنا عن أئمتنا أن:"إذا صلى أحدكم بنفسه فليطل ما شاء،وإذا صلى بالناس فليخفف،فإن فيهم الشيخ الكبير ومنهم المستعجل ومنهم المريض.."،وبالقياس:"إذا شرع أحدكم لنفسه فليشرع بما شاء،وليستيقظ متى شاء،وليعمل كم وكما شاء،وإذا شرع للناس فليشرع بما يطيقون،فإن منهم..وإن منهم..وإن منهم..؟؟،على أي تذكروا أن الحكومة لا تستطيع العيش بدون شعب يحني لها ظهره فتركب عليه تفرض الإتاوات على الأرزاق وتضع السكاكين على الأعناق،ولكن الشعب يستطيع العيش بدون حكومة ولو في جزيرة "الوقواق"،ولكنه "واقواق" يبقي فيه الناس على فطرتهم كما خلقها الله تعالى،ويتمكنون من العيش فيه بحرية وفي أمن و سلام،لا يخشون فيه على سكن ليلهم ومعاش نهارهم إلا الله والذئب على غنمهم؟؟.

الحبيب عكي

اقرء المزيد

الأربعاء، 10 أكتوبر 2018

http://akkioasisdesarticles.blogspot.com/

اللغة العربية والأمن الثقافي للشباب


     لاشك أن جيل اليوم من الشباب أو بعضه على الأقل ممن كثر أو قل،يعاني العديد من التوترات والاضطرابات وحتى من الانحرافات التي تنغص إن لم تهدد حياته واستقراره وأمنه الروحي والنفسي والجسدي،وتعايشه السلمي مع أهله والآخرين في المجتمع،ولعل من أهم أسباب ذلك ارتماء هؤلاء الشباب رغما عنهم أو باختيار منهم في براثين ثقافات الآخرين ومسالك لغاتهم،واللغة جسر الثقافة وموردها الأساسي،وهي وثقافتها في الأول وفي الأخير ما يحدد أفكار هؤلاء الشباب بالسلب أو الإيجاب ويبلور سلوكهم بالخصوصية أو الاستلاب،و من الاستلاب فساد الذوق الفني والأدبي،وميوعة التدين ربما إلى درجة لا يحل صاحبه حلالا ولا يحرم حراما ولا يقف عند حدود الله؟؟.ترى ماذا فقد هؤلاء الشباب بهجرهم ثقافتهم الإسلامية الأصيلة وازدرائهم بعض لغتها ولغتهم العربية الجميلة،وماذا يمكنهم أن يسترجعوه لو بذلوا من بعض الجهد ما يحررهم ويعود بهم إلى محاضنهما اللغوية والثقافية والدينية الطبيعية؟؟.

         إذا كانت الثقافة بمعناها الأنتروبولوجي هي كل ذلك المركب الكلي من الأفكار والعقائد والعادات والقيم والسلوكات..التي تطرأ على المرء في بيئته وكل ما يكتسبه ويتصرف به بعد ولادته في أبعاده التربوية والعلائقية،فإن اللغة ركن من أركانها الأساسية وموردا من مواردها الثرية،ويسجل السوسيولوجيون أن استلاب هذه اللغات الغريبة اليوم قد ذهب بشباب العصر كل المذاهب وتاه بهم كل المتاهات:...انخراط في عصابات الإجرام والمخدرات..وشبكات الدعارة والدعشنة والتطرف والإرهاب..عنف غير مسبوق ضد المواطنين الأبرياء في الشارع..وحتى في البيت ضد الفروع والأصول..جرأة غير مسبوقة في ممارسة الشذوذ وطقوسها الشيطانية..والمناداة بالإفطار العلني والجماعي في رمضان...لم يعد شبابنا محصن ضد أي شيء،وهكذا حتى قبل أن يجد نفسه في ديار الغربة أو بين شباب المهجر،يستلب بعضهم في لغته ويتحلل من قيمه ويتخلى عن دينه وثقافته،بل ويعاديهما ويحاربهما في العالم الواقعي والافتراضي ويتزعم ضدهما المعارك والغزوات في عقر داره نيابة عن الأعداء وبالمجان؟؟.

         لقد وصلنا مرحلة من الغزو الفكري والاختراق الثقافي غير مسبوقة،خاصة مع انتشار العولمة المتوحشة وما يسمى بالفوضى الخلاقة والتحلل من القيم وازدراء الأديان..،مرحلة لم تعد فيها الأمة تجتمع على شيء أو تكاد،حتى كلياتها الخمس والمعلوم من الدين بالضرورة،حفظ الدين والنفس والعقل والعرض والمال،الولاء والبراء وغيرها من مبادئ العقيدة وأحكام الشريعة،وإذا بالإخوة يشنون الحرب على الإخوة،ويتحالفون ضدهم مع الأعداء،ويختلفون حول التطبيع مع الشيطان ويسمون المقاومة تطرفا والحراك العربي فتنة..،وكل يوم يبتلعون لسانهم على مستوى اللغة حتى انتقلوا من تدريس بعض اللغات الأجنبية في مدارسهم إلى التدريس بها وعلى حساب لغتهم،ومن يدري ربما تدينوا بها يوما بما عرب أو عجم،ولا يزالون رغم ذلك يدعون بكل وقاحة أن لغتنا العربية هي أجمل اللغات،لغة القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف والذكر والدعاء،وباعتبارها لغة الفكر والسلوك وليست لغة الكلام من أجل الكلام فحسب،وباعتبارها لغة الهوية والسيادة وليست لغة الاستلاب والذوبان المجاني في الآخرين،وأن اللغة العربية بهذه المعاني الجليلة والشاملة يمكنها أن تكون حبل النجاة للشباب بل للأمة ككل،للسان وللإنسان؟؟،

ولكن يبقى اللسان العربي هو اللسان العربي،لا يزال كما هو معروف عند الجميع ورغم كل شيء،لسان صدق وحق ورفق وعدل،لسان فصاحة وبلاغة واشتقاق وبيان،ويمكنه بحمولته ومن موقع القوة أن يساهم في علاج مشاكل الشباب باعتباره:
1-    يحدد الهوية والمرجعية والانتماء،
2-    يضبط المفاهيم ويحدد حكمها حسب هذه المرجعية،
3-    يصحح السلوك وفق هذه المفاهيم وأحكامها،ويبين المقبول منها وغير المقبول.
4-    يحل لنا العديد من الإشكالات التي طالما تخبطت فيها حياة الشباب حسب تصوراتهم وتصرفاتهم ومنها:
1-    مسألة العقل والنقل.
2-    مسألة القضاء والقدر.
3-    مسألة حب الآخرين والتعايش معهم.
4-    الموقف من ثقافة الآخر،ما يؤخذ منها وما يترك.
5-    أسبــاب التوتر والقلق ومداخل الهدوء والسكينة.
6-    مسألة الديمقراطية والحقوق والمواطنة والسلوك المدني.
7-    مسألة تجاوز الذاتي والمحلي إلى الارتبـــاط بهموم الأمة.
8-    مسألة التفاؤل والأمل و حب العمل و تشجيع المبـــــادرة.

         إن في لغتنا العربية الجميلة يا شباب ما يستحق التبني والحذق وتشجيع الاستعمال،وما به يتم الإتباع والإبداع والأنسنة والمؤانسة والإمتاع،وقد ورد عن ابن تييمية معنى قوله:"ما خالطت العربية لسان امرئ إلا أثرت عقله وخلقه ودينه إثراء قويا قد يبلغ أو يشابه ثراء رجال صدر هذه الأمة من الصحابة والتابعين والسلف الصالح"؟؟،أو كما يقول عملاق الأدب العربي والإسلامي مصطفى صادق الرافعي:"ما ذلت لغة قوم إلا ذل،سجن لغتهم في لغة غيرهم سجنا مؤبدا،والحكم على ماضيهم بالمحو والنسيان،وتقييد المستقبل في أغلاله،وهمومهم في همومه،وأمرهم في أمره؟؟.قال عمر:"لقد كنا أذلاء فأعزنا الله بالإسلام(ولغة الإسلام)..فإذا ابتغينا العزة في غيره      (أو غيرها) أذلنا الله"؟؟.

الحبيب عكي

اقرء المزيد
http://akkioasisdesarticles.blogspot.com/

من يرحم النشء من الضحالة والتشظي اللغوي؟؟


كان الله في عون هذا النشء الصاعد من الأطفال والشباب وهم قد كادوا يصمون رغم الصراخ الذي حولهم،وكادوا يقعدون رغم الفوضى التي تجرهم وتتحرك حولهم،وكادوا لا يتكلمون إلا ببعض الرموز والإشارات،ولا يبصرون إلا ببعض الرسوم المتحركة وكوابيسها والصور العشوائية وإيحاءاتها والفيديوهات المشاعة وانحلالها،وهذا رغم ما يزخر به محيطهم من فرط اللغات واللهجات والحواريات والتواصليات الواقعية والافتراضية؟،كان الله في عون أجيال بكماء ولغتها فصيحة،وأجيال مهدرمة لا تكاد تقول أو تفهمك شيئا ولغتها أدق من دقيقة،وأجيال عنيفة ولسانها لين رخيم رطب رحيم،وأجيال نائمة لا تبالي وأمثالها يقظة متقدة،وأجيال.. وأجيال؟؟.

تلكم بعض أحوال جيل اليوم الذي وجد نفسه في مواجهة مفتوحة مع الازدواجية والتعددية اللغوية،ازدواجية وتعددية اضطرارية هدامة أكثر منها اختيارية بانية،ازدواجية بين الفصحى والعامية،وتعددا في العاميات واللغات الأجنبية،فصحى سرعان ما تتحول إلى عامية،وعامية سرعان ما تخالطها فرنسية"مبعككة"وأنجليزية عالمة معولمة و"زنقاوية"منحلة وعنيفة و"قايسبوكية" مفككة و مطلسمة..،سرعان ما تنشطر وتتشظى في الهواتف الذكية والحواسيب الشخصية والأندية المعلوماتية والشبكات العنكبوتية..،فتجد لها رجع الصدى في الرسائل والفيديوهات، والبرامج والحوارات،والقصص والمسرحيات،والمجلات والروايات،قبل المقررات والامتحانات والمقابلات،وكلها تريد أن تحل محل الفصحى وتسعى بكل الوسائل واللوبيات والسياسات إلى ذلك؟؟.

وكأن القوم قد تطاولوا في اللسان فولدت الأمة ربتها وصنعت العامية فصحتها،ضعف في التعبير الشفوي،وركاكة في التعبير الكتابي سواء تعلق الأمر بالكلمة والكلمتين أو الجملة والجملتين أو حتى الفقرة والفقرات؟؟،غرابة في الألفاظ  وضبابية في المعنى وتشتت في الفهم و" شوارعية" في الذوق..،وغير ذلك من مظاهر التخلف اللغوي غير المسبوق و"خربشات" لوحاته الرديئة القاتمة رغم ألوان صباغتها الفاقعة؟؟،كم يرتدي الشباب من أقمصة عليها رموز وعبارات لا يفهمونها،وكم يرددون من أغاني صاخبة مبتذلة لا يفقهونها،لا كلمات ولا إيقاعات وألحان فردية ولا مجموعات،وكم يتشبه الفتيات في لباسهن بلباس الفتيان ويتشبه الفتيان في تسريحاتهم وقلائدهم بتسريحات وقلائد الفتيات،قسما،قد رأيت يوما تلميذا قد كتب في ورقة امتحانه يعرف بنفسه في الأعلى وعلى الهامش،اسم "سعيدة" بدل اسمه "سعيد"؟؟.

ولكن تبقى هذه المعضلة اللغوية تساءلنا جميعا وليس الجيل الناشئ وحده وما بقي لديه إن بقي لديه شيء من الحافزية والمجهود الذاتي؟،فقبل أن يصبح نشؤنا ظباء حي بن يقظان أو رفاق "ماوكلي"،ما هي أفضل طريقة علمية وبيداغوجية لدينا لتعليم اللغة؟،كيف يمكن الانفتاح على تعلم اللغات الحية بنجاعة وفعالية دون الإضعاف بلغة الأم ورصيدها التواصلي ولا ببنية أم اللغات وحمولتها في المرجعية والانتماء؟،وعلى أي لغات يمكن أو يجب الانفتاح اليوم وبأي معيار ومتى وبكم وكيف؟،ما هو دور الأسرة في تقويم وتهذيب لسان أبنائها قبل غيرها؟،لماذا تفشل المدرسة في تدريس اللغة ولغة التدريس؟،وإلى متى ستبقى تسود فيها كل هذه التعددية والركاكة اللغوية؟،أين إضافة الجمعيات والمجتمع المدني وقوته الاقتراحية ومبادراته الميدانية والواقعية والاستباقية والعلاجية في الموضوع؟،إن المعضلات لا تحل والأشياء لا تتغير إلا بالتدخلات والمبادرات ونضج الحوارات وحسن الاختيارات،ويؤسفني أن تكون سياسة الجميع اتجاه الشأن اللغوي المتردي في صفوف النشء،عمليا هي سياسة التفرج على مأساة كرة الثلج المتدحرجة واللاتدخل،ولكن إلى متى؟؟.

يقول أحد اللغويين المغاربة فيما معناه:"أن المعضلة اللغوية في المغرب هي أن هناك تعددا لغويا مضطربا ومضطردا بين الأمازيغية(لغة العمق التاريخي والسكان الأصليين)،والعربية(اللغة الوطنية والرسمية للبلاد)،والفرنسية(لغة المستعمر والمال والأعمال)،وكل أصحاب لغة يحاولون فرضها على الجميع لمجرد هذه الاعتبارات الواهية دون عائدات مادية مجتمعية وتقنية حقيقية"؟؟.والواقع أن في هذا الرأي ثلاث مغالطات على الأقل،أولها أن الأمازيغ هم من فرضوا وارتضوا العربية لغة رسمية للبلاد قرونا من التاريخ،أحبوا فيها دينها وتفقهوا فيه بلفظها ورفضوا الظهير البربري وتشبثوا بوحدتها وتوحيدها وأبدعوا وأمتعوا حتى أنهم كتبوا لغتهم بحرفها،عكس ما يحدث اليوم؟؟،والثانية أن الفرنسية لغة استعمارية مفرقة،غير دستورية و متخلفة حتى في عقر دارها،استعمالها العالمي محدود وأضعف من استعمال العربية ست مرات،وهي غير مسعفة لا في التواصل العالمي ولا في البحث العلمي ولا حتى في الاقتصاد،حيث تتفوق عليها لغات حية أخرى كالأنجليزية والصينية وحتى الهندية،فلماذا بمجرد سابقة تاريخية استعمارية مشؤومة وتبعية سياسية طاغية،لا زالت تفرض على بني قومنا أكثر مما تفرض على بني قومها؟؟.

أما اللغة العربية فهي دستورية ورسمية وأوسع انتشارا تحتل الرتبة الرابعة عالميا من حيث قوة الاستعمال العالمي،ويكفيها منتوجا وعراقة أنها لغة القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف والذكر والدعاء،لغة الدين العالمي الواسع الذي يتعبد به أزيد من مليار مسلم،قال تعالى:"إنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون"يوسف/02،وقال:"وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَّقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ َأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ،قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ"فصلت/44.غير أن حب اللغة والتشوق إلى إحيائها والمحافظة عليها لا يتم بمجرد حبها وفخر الانتماء إلى حضارتها والتشرف بالحديث بلسانها..،بل لابد من فعل لغوي واقعي رسمي مؤسساتي وفعل مدني ميداني واسع يكونان هما الوعاء الذي يعمل على حفظ المكانة اللائقة للغة الأمة كما ينص على ذلك دستورها في فصله الخامس:"وتظل العربية هي اللغة الرسمية للدولة..وتعمل الدولة على حمايتها وتطويرها وتنمية استعمالها"؟؟،

وفي الختام،أنا في الحقيقة بقدر ما أحب العربية رصيدا لغويا وثقافيا تنبني عليه كل الإضافات اللغوية والثقافية الأخرى،لا أميل إلى إقصاء أي لغة أو حتى لهجة أو تهميشها،بقدر ما أحب النجاعة والفعالية في اكتسابها واستعمالها،والحسم في الاختيارات السياسية والجهود العلمية والتربوية المؤسسة لذلك دون التفاف ولا معارك هامشية،كما ينبغي إعادة النظر في برامجها و طرق ومراحل تدريسها حتى تكون ناجحة وناجعة،فقد أمرنا أن نتعلم لغة القوم وكل لسان فينا كما يقال إنسان؟؟،وعليه نقترح تأسيس نادي اللغات ضمن أندية الجمعيات و المؤسسات والمعاهد والأكاديميات،أندية تكون مهمتها الاهتمام بتقوية الجانب اللغوي عند النشء،تهتم باللغة العربية وخطها وأدبها وعلمها وحضارتها في صفوف أبناء المرحلة الابتدائية،واللغات الحية الأخرى انطلاقا من المرحلة الإعدادية فما فوق،أندية من هدفها الأكبر فك عقدة الألسن وتخريج رجال موسوعيين ومتخصصين حيويين وأكفاء،كالرجال الكتب(les hommes livres) والأدباء المبدعين والخطباء البارعين والتقنيين المتواصلين والمطورين المجددين،يتجاوزون هذه الهدرمة والركاكة اللغوية والخلط المجاني بين التعابير واللهجات الذي لا ينم إلا عن الفقر والضحالة اللغوية والمعرفية والعلمية والمهارية والحضارية؟؟.

كما يمكن أن تكون لهذه الأندية العديد من الأنشطة اللغوية الممتعة والهادفة تستمتع وتستفيد منها طفولتنا وشبابنا هنا وهناك ومن بينها:"محترفات لتعليم اللغات وممارستها..ورشات للكتابة حسب المراحل العمرية و التأليف والنشر والتوزيع..صناعات ثقافية وفنية تثمن الأدب والتراث المادي واللامادي..أندية الأنشطة العلمية والمعلوماتية والإلكترونية ومختلف التربيات المعاصرة الفكرية و الحقوقية والصحية والطرقية والبيئية..أندية الأنشطة الموازية كالمسرح والغناء والتشكيل والإنشاد..الرحلات والأمسيات والدوريات والمسابقات والمقابلات والاستضافات..أندية التعبير والإنشاء والقصص والحكايات والروايات والصحف والمجلات والأفلام..أندية المكتبات القديمة والحديثة وتشجيع القراءة والمناقشة والمناظرة..المواقع والمدونات..الصفحات في مواقع التواصل الاجتماعي..أندية حفظ القرآن والحديث النبوي وعلومهما وهما من أهم مصادر اللغة..تنمية المواهب والقدرات والكفاءات عبر العديد من الأنشطة اللغوية المناسبة كالدورات التدريبية والتكوينات الشبابية والمقامات اللغوية والمعتكفات العلمية والمخيمات الصيفية..وما يمكن أن تتضمنه من مسابقات المسلم الصغير..والعالم الصغير..والصحفي الصغير..والمبدع الصغير..والمتحدث البارع..؟؟.

الحبيب عكي

اقرء المزيد

الاثنين، 1 أكتوبر 2018

http://akkioasisdesarticles.blogspot.com/

مشاكل اللغة في المغرب،حقيقية أم مفتعلة؟؟


لازال البعض يظن أن اللغة مجرد لغة كبقية اللغات،لا تخرج عن أدوارها التعبيرية والتواصلية،وبالتالي فإن كل ما يثار حولها من صراعات ومعارك إنما هو ملهاة هامشية مفتعلة لإلهاء الناس عن معاركهم الحقيقية والتي تكمن خارج اللسان الذي قد يستطيعون العيش بدونه صما بكما وعميانا  يتدحرجون في حياتهم بمجرد الأحاسيس والإشارات أو فقط بعض التعبيرات الجسدية والفنية والتشكيلية تكون فصيحة وهي أبعد ما تكون عن ثرثرة الكلام فصح أم عجم؟؟.         ترى،هل مشاكل اللغة في الوطن العربي عامة وفي المغرب خاصة حقيقية أم وهمية مفتعلة؟،هل التعاطي معها في اتجاه الحل ضروري مستعجل أم عكس ذلك وأمامه أولويات؟،هل هي قضية أفراد دون غيرهم و مؤسسات دون غيرها؟،هل هذا الشكل الذي يتم التعاطي به مع الموضوع في نطاقه العام صائب أو بدون جدوى؟،ما هي المداخل السليمة والناجعة للتعاطي مع المعضلة اللغوية في المغرب على الأقل؟،كيف السبيل إلى تحقيق الأمن اللغوي للمغاربة في ظل الهجمة الشرسة للغات الأجنبية ودعمها من طرف السياسات الرسمية؟،ما هي الحقائق والافتراءات والانجازات والاخفاقات في هذا الصدد؟؟.

1-    مشاكل المغاربة ومدى ارتباطها باللغة:
يحصر الباحثون والمهتمون ثلة من هذه المشاكل المرتبطة أساسا باللغة كما يلي:
1-      تدني مستوى التعليم وارتباطه العضوي بتدريس اللغة ولغة التدريس؟،
2-      ما هو مستشري من الضعف والركاكة في التعبير،أليس مرتبطا بالازدواجية والتعددية اللغوية؟،
3-      طغيان العامية والفرنسية في الإدارة والإعلام أليس تناقضا صارخا مع الدستور يهدد السـيادة؟،
4-      اللغة وسؤال الهوية الهلامية والمضطربة عند الأجيال خاصة ما يتعلق بلغة التدين والعبــــادة؟،
5-      ما يتعرض له الشباب من الإخفاق في متابعة الدراسة أو خسران المقابلات الشفوية،أليس مشكلا لغويا؟،
6-      الإحراج الذي يجده الأبطال الرياضيون في حواراتهم والمهاجرون في اندماجهم،أليس من عدم تملك اللغات؟،
7-      عدم التفاهم بين بعض أبناء المناطق والجهات الغارقين في لهجاتهم المحلية بالأخص،والتي لا يفهمها الآخر ؟،
8-      صعوبة القراءة والعزوف عنها و الأخطاء الإملائية والتعبيرية الفادحة،في الدراسة والتواصل،أليس بياضا لغويا؟،
9-      ما يتعرض له التلاميذ من مطب التوجيه الأدبي أوالعلمي في سن مبكرة،مع ما يرتبط بهما من هدر مدرسي وفرص الشغل؟،
10-  محوالأمية والتربية غيرالنظامية وما يصرف عليهما من مصاريف،وهما إشكالات لغوية بالأساس قبل أن تكون غيرهــــــا؟،
11-  ما يسود في الشارع من مصطلحات ساقطة وفي مواقع التواصل الاجتماعي من تعابير مبتورة وهجينة،أليس زحفـــا لغويـا؟،
12-  التناطح المصطلحي التضليلي والتكفيري الذي يمتح من قواميس الآخرين وعدائها العقائدي والإيديولوجي الممزق لوحدة الأمة؟
13-  الرشوة في المجتمع،وهي من تجليات اللغة وحمولتها التي تحدد رؤية الأشخاص إلى العالم والآخرين،ضحايا أو ممــــــارسين؟،
14-    اللغة والإشكال السياسي المضطرب والغارق في الازدواجية والاستلاب باسم الانفتاح،وعدم القدرة على تفعيل الخيار الدستوري،العربية والأمازيغية نموذجا وقد طغت العامية والفرنسية في الشارع والإدارة والإعلام والإذاعات والاشهارات،والآن تسربت إلى المقررات الدراسية رغم أنف اللغـات الرسمية،وكأنها وضعت فقط للتبرك والزينة والتحنيط؟،

2-    إفتراءات على العربية لا أدري لماذا لا زلنا نصدقها:
         إن هذه الإشكالات ستبقى مستمرة ومستفحلة ما دامت هذه الأرضيات التي تزرع فيها موجودة والأسمدة التي تغذيها والمياه التي تسقيها متوفرة،والراعون الذين يرعونها على أتم استعداد لرعايتها،وعلى رأس تلك الإشكالات والافتراءات ادعاؤهم:
1-  إدعاء أنها لغة قلة من تتكلمها،رغم المليار والربع من المسلمين الذين يتعبدون ربهم بقرآنها،ويتفقهون في دينهم بحديثها؟.ناهيك عن الملايين من الأقوام الذين يتبنونها لغة ثانية في بلدانهم،ولغة راقية يقبلون بشغف على دراستها في جامعاتهم،وهي اللغة التي خالطت شعوبا في شرق آسيا وشمال أفريقيا فأحبوا دينها واستبدلوا بها لغتهم وكتبوها بحرفها وملئوها بلفظها،ترى كيف بعد هذا نريد ونعمل على إقبار لغة حية في حين أن القوم يعملون إحياء لغتهم الميتة؟؟.
2-  إدعاء أنها لغة غير علمية ولا عملية،متناسين أن أبطالها وفقهائها غير يسر من الدهر كانوا هم قادة الدنيا وسادتها في كافة العلوم،في الطب وفي الجبر والهندسة والفيزياء والكيمياء والزراعة وعلم الفلك وعلم البحار...،وعنهم نقل الغرب أسس نهضته البعدية،وإليها ترجمت معارف العالم وفلسفاته،أفتعجز اليوم لغتنا عن تدريس العلوم وهي أمها،كفى افتراء؟؟،
3-  ولمن يقول أنها غير عملية،إذ غالبا ما تسكن بطون الكتب الصفراء ونفتقدها في منازلنا وشوارعنا وأسواقنا،وهو أكثر ما يهمنا من اللغة،فنقول له لا تنسى أن اللغة العربية مستويات من أعلاها صفاء في القرآن والحديث المتعبد بهما كل يوم،إلى أوسطها في العلوم والآداب والتاريخ والقضاء،إلى أبسطها في اللهجات المتولدة عنها والمرتبطة بها في مختلف الفنون والحرف والمنازل والأسواق،وفي أي دائرة كنت وبأي مستوى تحدثت فإنما أنت تتحدث العربية بشكلها العام؟،

3-مقترحات على سبيل المساهة في جعل العربية جزء من الحل لا أساس المشكل:
            وستبقى هذه المشاكل اللغوية تتربص بحياتنا الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والإبداعية الفنية والأدبية وغيرها:
1-         ما لم نقوي اعتزازنا بهذه اللغة الهوية والحضارة والفصاحة والسيادة،ونبذل كل الوسع لحمايتها وتطويرها وتشجيع استعمالها كما ينص على ذلك الدستور بوضوح في فصله الخامس:"وتظل العربية هي اللغة الرسمية للدولة..وتعمل الدولة على حمايتها وتطويرها وتنمية استعمالها "؟؟.
2-         إطلاق حركة فكرية أدبية مصطلحية علمية مختبرية توالدية قطرية وقومية للمواكبة والتطوير والحماية وتشجيع الاستعمال في مختلف المجالات المعاصرة،حتى تكون أداة بحث علمي سلسة ومسعفة دون مركب نقص ولا شح في المصطلحات والمفردات والتراكيب والمعاني والمباني،ولعلها بذلك تستطيع مواكبة سوق المال والأعمال ومواكبة الانفجار المعلوماتي والتكنولوجي الذي سيطر وسيسيطر على العالم عقودا وعقودا قادمة،بل وتخلق لها مجمعات وجامعات بحث واهتمام،ومجالات إبداع وإمتاع تناسب روحها ومعانيها وهموم قومها وهموم الكون وتكون هي الرائدة فيها؟؟.
3-    غير أن الأشياء لا تكون موجودة ولا تبلغ مقاصدها وتحقق رسائلها بمجرد طابعها الرسمي والفرض القانوني على أهميته،ولكن لا بد من حركة مجتمعية مدنية تحمي هذا الاختيار وتدعمه وترافع عنه وتبدع فيه وتمتع،وهنا لابد من التنويه بمبادرة الائتلاف المغربي من أجل اللغة العربية،ولكن عسى أن نرى له ائتلافات مثيلة فالأنوار لا تتزاحم،أو ينفتح على مختلف الفئات والهيئات والمؤسسات عبر التراب الوطني في حركية لغوية إبداعية وشراكات تنشيطية وشركات للنشر والتوزيع،تحيي فينا الزمن اللغوي الجميل وتبقي فينا الشوق حيا إلى مستقبل لغوي مغربي ممكن وأفضل وأجمل..ممكن وأفضل وأجمل؟؟.

الحبيب عكي


اقرء المزيد
http://akkioasisdesarticles.blogspot.com/

وإذا اللغة فقدت الروح والمعنى،فعرنسوها أو درنجوها سيان؟؟


لا زالت اللغة العربية الفصحى تحتل المكانة المرموقة من بين كل لغات العالم،فهي ضمن اللغات الست المعترف بها في الأمم المتحدة،وهي الرابعة من حيث التداول العالمي في 66 دولة،متقدمة في ذلك على الإسبانية والروسية والبرتغالية والألمانية والفرنسية التي بالكاد احتلت الرتبة التاسعة،وهي السابعة من حيث اللغات الأكثر استعمالا ونموا في الأنترنيت ومواقع التواصل الاجتماعي،يتحدثها حوالي 300 مليون شخص عربي،بالإضافة إلى حوالي 160 مليون من المسلمين الذين يتكلمونها كلغة ثانية،وهي لغة القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف،قال تعالى:"إنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقبون"يوسف/02.يتعبد بها حوالي مليار وربع مسلم عبر العالم،من بين حوالي 8006 لغة عالمية أكثر من نصفها مهددة بالانقراض،وفوق الأصوات الجميلة والكلام والمعاني تمتلك هذه اللغة الجميلة قواعد وتراكيب تحفظ لها كيانها كحاملة للدين و الوحدة والتواصل والثقافة و الخير من التراث والحضارة؟؟.

كل هذا لم يشفع لهذه اللغة العربية اليتيمة المسكينة من أن تواجه سيلا من الحملات التشويهية المستمرة والهجمات الانشطارية من العديد من أعدائها الفرنكفونيين ومن لف لفهم من العلمانيين والعاميين وغيرهم ممن غزوها ويقصفونها بسيل من النقائص المفتراة،ويسعون جاهدين ماكرين لإحلال لغات أجنبية ولهجات عامية بدلها يكاد يكون حظها من العلم و البيداغوجيا والتداول والتواصل ضعيفا،كما أنهم يشوهون وجهها الجميل وأدبها الساحر بهذه المفرقعات الأجنبية والمتفجرات العامية الانشطارية،سرعان ما تكون بالنسبة إليها كما تكون الخلايا السرطانية بالنسبة للجسم،تغزوه في مدة وجيزة رغم كل المقاومة المعنوية والعلاجات الطبية فتهلكه كما يهلك الفصحى الأرقى إحلال اللهجة والخليط الأدنى محلها،وكأن الأمة قد ولدت ربتها واستسلمت المسكينة لوقاحتها وترهاتها فغاب التقعيد وغاب المعنى وانحصر التواصل وتردى الأدب وانقطعت الوحدة وساد اللغو بدل اللغة والكلم بدل الكلام؟؟.

هذا غزو لغوي هوياتي صريح وفصيح،ولكن يبقى الناس اتجاهه أحرارا في أن يأخذوا به أو يدعوه ما دام لا يرقى إلى امتلاك سلطة دستورية او تشريع قانوني،بل مجرد فوضى واقعية ولوبيات سياسية ذات مصالح اقتصادية وكثير من التفلت والغزو الإعلامي،وهي كلها ولاشك قد تكون خطيرة،ولكن الخطر الأكبر والحقيقي والذي لا ننتبه إليه ولا نثير من أجله إثارة ولا نبذل من أجله مبذولا هو أن تكون للغة العربية مكانتها الدستورية المحترمة،وحتى شيوعها في بعض الإدارة والإعلام والمقررات الدراسية وغيرها من المواقع والهيئات والمؤسسات،ولكن بطابع ممسوخ يفقدها الروح والمعنى قبل الشكل والمبنى،فتصبح وكأنها لغة لقيطة خارج كل القواميس اللغوية والسياسية والعلمية والاقتصادية وغيرها،فتجدها مع الأسف تعجز عن تسمية الأشياء والمبتكرات،والأخطر من ذلك أنها في أحسن الأحوال تقول المعنى واللامعنى بل الشيء وضده في نفس اللفظ والكلام،ولعل هذا هو الواقع المرير لما نتحدث اليوم ومصدر اللخبطة التي تجتاح المجتمع وتعابيره المتضاربة،خليط لغوي هجين كثيرا ما نسميه تعسفا لغة و زورا عربية،كما في العديد من هذه المواقف والحالات؟؟.

1-  لغة الفرض: فما أن تتصل بإدارة أو مؤسسة حتى تجيبك الرابضة على الجانب الآخر من الخط مباشرة Oui Etablissement XXXX Bonjour،وكأنها تأكدت من أن المتصل لا يمكن أن يكون إلا فرنسيا ولا بد من التواصل معه بلغته القومية،أما إذا كان مواطنا فلا بد أن يتواصل هو أيضا بلغة الاستعمار،ولا بأس إن كانت مرشوشة ببعض الدارجة؟؟.
2-  لغة الخلط: وقد غزتها العديد من اللهجات والدارجات واللغات الأجنبية والمعلوميات والإلكترونيات،وغالبها خارج القواعد لكنها متجذرة ومنتشرة بل وحلت محل مرادفاتها ولا تدري الأجيال مع الأسف أيها الأصيل وأيها الدخيل؟؟.
3-  لغة غير ضرورية: قد يستغني عنها البعض بلغة الأحاسيس والرموز والإشارات والموسيقى والتشكيل وفنون التعبير الجسدي والغناء،وإن في مرافىء متعفنة يدعي فيها المدعون أنها فطرية وطبيعية،وما أفطرها وطبعها غير الضعف و التفلت من اللغة السليمة؟؟.
4-  لغة الالتباس: المقصود وغير المقصود للمعاني والمصطلحات،خاصة في الروايات والأفلام و وسائل الإعلام،فإذا بالملتزم متطرف وبالمجاهد إرهابي وبالمستشهد  انتحاري وبالتطبيع تسامح و بالتفسخ انفتاح؟؟.
5-  لغة الكذب والنفاق: التي تغلف حياة أصحابها ولا يملون من ممارستها حتى على أنفسهم قبل ضحاياهم،وقد يتنفسونها وتصبح إكسير حياتهم ويمارسونها مهما كانت الظروف والملابسات والمسؤوليات؟؟.
6-  لغة التجاهل والتحامل المجاني: على المستضعفين والحراكيين الذين يتجرؤون على المطالبة بالإصلاح وتحسين الأوضاع وحظهم من الكرامة والعيش الكريم،فإذا بهم عند المسؤول انفصاليين،خونة،فتانين وقتلة..،لا بد أن يجرجروا في متاهات المحاكمات وينتهوا في غياهب السجون؟؟.
7-  لغة التطرف والعنف والاغتصاب: لإرادة الأشخاص أو حتى إرادة الشعوب،تصوت لحزب فيحكم آخر،ويطالب الناس بالحرية والكرامة والاستثمار والتقدم والازدهار،فإذا بالعجب العجاب يجرهم إلى كبتها والريع والبؤس والتخلف والاندحار؟؟.
8-  لغة الشارع والتشرميل: وغير ذلك مما تصنعه ثقافة المسؤول الفاشل التي لا يجد الناس بدا معها إلا نطح الحائط وإن شق رؤوسهم،و شرب الحنظل وإن قطعت مرارته أمعائهم،والتيه في الفيافي وإن ابتلعتهم مجاهلها،فإذا الغلاء والبطالة والهجرة القسرية حكايات وبطولات؟؟.
9-  لغة العولمة المتوحشة: فيما يفرض تفكك الكيانات الضعيفة و تغول الكيانات القوية،ليصبح لا معنى لأي تعايش بينهما غير الانبطاح والاستتباع،"معنا و لنا أو ضدنا و مع الإرهاب"؟؟،شعار نظام دولي جديد أو على الأصح كولونيالية فاشتية جديدة؟؟.
10-      لغة المواطنة المزاجية: قد يحترم فيها المواطن وطنه ومواطنيه ويتعامل معهم بالسلوك المدني الراقي،وقد يسخط عليهم وينتقم منهم شر انتقام،وقد يحترم الملك العمومي ويؤدي الواجب الوطني أو يكون عكس ذلك مدمرا وصوليا يأكل الغلة ويسب الملة،حسب الهوى والمزاج؟؟.

             فهل تتصدى العامية أو الفرنسية أو غيرها لكل هذه المطبات والانحرافات اللغوية الطاغية في الواقع؟، وقد يقول قائل أن كل اللغات واللهجات مثل بعضها مملوءة بكل المعاني:الحق والباطل والصواب والخطأ والحلال والحرام والصدق والكذب والإخلاص والنفاق والخير والشر والوضوح والغموض والكسل والاجتهاد..؟،ولكن لا ننسى أن اللغة العربية وحدها الأقدر على تحديد المعنى وضبط المبنى،بل وحمل القوم على الوفاء والانضباط؟،لأنها لغة الروح وروحها كتاب الله القائل:"إنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقبون"يوسف/02 "،ولغة المعنى ومعناها في سنة رسول الله:"ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك"؟،غير أن هذه الروح والمعنى ورغم كونهما عبادة لا عادة عدلا لا جهالة وتدينا لا سفسطة،فلن تفرضا وقعهما ورفعتهما ولغتهما على الواقع بسلطة القانون أو بمجرد فخر الانتماء،بل بضرورة توفير بعض الشروط الأساسية لعل أهمها حسب تحديات العصر هي:
1-    النهوض بالبحث العلمي والتطوير المختبري والبيداغوجي والإبداع التقني الذي سيطر وسيسيطر على العالم عقودا وعقودا قادمة؟؟.
2-    تفجير حركة فكرية وإمتاع أدبي وصناعات فنية شيقة وأخلاقية مفيدة تملأ تلك الحوامل الفنية والإطارات التقنية ملأها للحياة؟؟.
وإذا اللغة فقدت الروح والمعنى،والحامل على الانضباط والمبنى،فلا تستغرب في أن ترى متحدثيها من عالم الكبار يلقون بالشرور على عالم الصغار،ويسببونها لهم و يغرقونهم في أتونها ومتاهاتها وتخلفها المزمن،لذا نعود ونقول:إذا اللغة فقدت الروح والمعنى،والحامل على الانضباط والمبنى،ف"عرنسوها"أو"درنجوها"سيان.."عرنسوها" أو"درنجوها"سيان؟؟.

الحبيب عكي

اقرء المزيد

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

المتابعون

المشاركات الشائعة