Top Ad

الأربعاء، 31 أغسطس 2022

http://akkioasisdesarticles.blogspot.com/

هذه تحديات الدخول المدرسي الجديد، فمن يرفعها 1/2

      بعد أيام قلائل، سيحل بنا الدخول المدرسي الجديد، وستفتح المدارس بموجبه أبوابها لموسم دراسي جديد، لا شك تواجهه العديد من التحديات القديمة والمستجدة، الذاتية منها والموضوعية، وهي على كل حال ستؤثر في العملية التعليمية التعلمية.. من المدخلات والعمليات إلى النتائج والمخرجات.. التي قد تكون وفق الأهداف المسطرة والنتائج المطلوبة أو قريبة أو بعيدة عنها، حسب ما سنبذله جميعا من مجهودات كل من مكانه وحسب إمكانه، لرفع هذه التحديات ومواجهتها وتطويعها لصالح الوطن والمواطن، والتربية الحقيقية مبنى ومعنى، وليس مجرد صورة باهتة مهما ادعى فيها المدعون؟.

 

        ودون ان نعرف نوع هذه التحديات ونعترف بها، أو نقفز على أسبابها الحقيقية والمترابطة، أو نتهرب من مداخل مواجهتها المجدية، لسبب أو لآخر، فتجدنا نواجه التحدي فقط في مظهر من مظاهره، أو قشور من قشوره، مما يجعلنا في الأول وفي الأخير لا ندعم غير بيداغوجيا التهرب والتسكين .. مما يعني بوضوح عدم تحمل المسؤولية.. ويعني وبالأخص البقاء دائما بعيدين عما نرفعه من شعاراتنا البراقة حول الجودة والحكامة.. والحياة المدرسية المفعمة بالحيوية والنجاح.. وتكافؤ الفرص والادماج.. والرقمنة والتحديث.. وقيم التربية على المواطنة والسلوك المدني وحقوق الإنسان.. وكل هذا ولا شك يجعل التربية في حمى، أفضلنا في أحسن الأحوال لا يدور إلا حول حماها ؟.

 

      الدخول المدرسي هو بداية البدايات لاستئناف كل شيء، وكيفما تكون البدايات تكون العمليات والمسارات والنهايات، رؤية وإرساء موارد .. أهدافا وغايات.. وسائل وكفايات.. قدرات ومهارات.. وهكذا سنجد قطب الرحى في المنظومة كلها والتي هي الوزارة المحترمة، والتي لم ترسو بعد على اسم ولا مسمى.. سنجدها كالعادة تبتك آذاننا بالأرقام والإحصائيات، وأنها قد أعدت - والحمد لله - كذا مؤسسة جديدة حسب المستويات.. وطبعت كذا كتاب حسب المواد.. وسجلت كذا تلميذ وتلميذة.. وكونت كذا مؤطر ومؤطرة حسب الأوساط الحضرية والقروية.. وأنها جعلت على كل هؤلاء المشرفين مشرفين.. وعلى المشرفين من يشرف عليهم.. وأن الجميع سيشتغل في جد وحزم كذا ساعات تكوين وتكوين مستمر في كذا مجزوءات.. وبكذا ميزانيات وصفقات وفق المذكرات..، وكل هذا ضروري ومن الأهمية بمكان.. ولكن إلى أي حد سيدفع بعجلة المنظومة، وهل سيدفع بها نحو الأمام أم إلى الوراء، أم مجرد عصا في عجلة لا يتركها تتحرك بالإطلاق؟.

 

       كثيرة هي التحديات التي تواجه منظومتنا التعليمية المترهلة، ومنها القديم والمستجد، الذاتي والموضوعي كما قلنا، ولكن سأكتفي هنا بالإشارة إلى أربع تحديات أو خمسة أساسية، لا زلت أرى فيها - مع الكثيرين - المدخل الواسع والمحمل القوي لمعالجة ما سواها من التحديات وما يهددنا من عواقبها الخطيرة: 

 

1-  التحدي الأول: هو محاربة اليأس والعياء في صفوف أطر المنظومة: وكيف الانتقال بهم إلى شيء من الحيوية والتفاؤل وقوة الأمل والإخلاص في العمل.. لقد أصبح الإطار بمختلف أشكاله في المنظومة، الرسمي منه والمتعاقد، في مجمله فاقد الحماسة.. فاقد الروابط.. فاقد المبادرة.. مجرد أداة تنفيذ.. لبرامج ومذكرات.. لا يراها تخدمه أو تخدم النشء في شيء.. إطار كل شيء ينال بعنف من كرامته.. ويقضم بشره من مكتسباته.. في منظومة تعتبر - ويا للعجب - أن لا إصلاح - أي إصلاح - دون كرامة الأستاذ وإعادة الاعتبار إليه ماديا ومعنويا، أين هذا مما يفرض عليه اليوم من التعاقد أو يضطر إليه من التقاعد، أو يستقبل به من الإضرابات ويودع به من الاقتطاعات، ناهيك عن ظروف العمل وما يشينها من ظواهر الاكتظاظ والعنف وتمطيط العمل دون عمل إلى شهور كانت طوال تاريخ المنظومة أشهر عطلة ولا يتضرر منها أحد، فما الذي حدث اليوم لتتحول إلى أشهر عمل والجميع يتضرر من ذلك؟.

 

2-  التحدي الثاني: هو متى ستقترب جهود الإصلاح من التلميذ داخل الفصل: وليس خارجه ولا في محيطه فقط، على أهمية الخارج أيضا ولكن ليس على حساب الداخل؟. هذا التلميذ الذي هو داخل الفصل، ويأتي كل يوم إليه، أي نوع من التلاميذ هو؟، ظروفه النفسية والاجتماعية؟، ماذا يمتلك من مؤهلات وماذا ينقصه وكيف يكتسبه؟، أي منهجية لديه للتعلم وأي حافزية بقيت عنده للدراسة؟، أي أسلوب يناسبه؟، ماذا وفرت له المؤسسة من عتاد تجريبي و وسائل الإيضاح وأدوات الرقمنة؟، أية قيم أخلاقية يتعامل بها ؟، كيف هي علاقته مع الأستاذ ومع التلاميذ ومع فضاء المؤسسة؟، لماذا يجنح أحيانا إلى العنف والغش والانحراف..؟، ما مشروعه الشخصي؟، كيف يمكن مساعدته على تدارك بياضه ونقصه في اللغات والرياضيات مثلا؟، ماذا يستفيد فعلا من أندية المؤسسة وهل هي موجودة أصلا؟، كيف سيحقق النجاح بشرف وبالمفهوم الواسع للشرف والنجاح في الدراسة وفي الحياة عامة...؟، متى سيقارب إصلاحنا مثل هذه المشكلات بدل الاستئناس بصباغة حجرات المؤسسات وبستنة حدائقها القاحلة وإعداد مشروعها كل سنة لبناء أسوار ورسم ممرات لا تبنى ولا ترسم ثلاثة عقود مضت؟.

 

3-  التحدي الثالث: هو تحدي الرؤية ومدى مرجعيتها الدستورية والحقوقية: هذه الرؤية التي يظهر أنها لم تستقر على شيء محدد بالضبط، حتى إذا كانت فيها بعض الثوابت والجوامع الجيدة والمطلوبة، أسيء تنزيلها على أرض الواقع، وتم لي أعناق المواد والفصول، وغلق الأبواب والبنود في وجه المقاصد والغايات، وهكذا تم الاستنجاد بالتدابير الاستعجالية لتقويم الميثاق الوطني، والتدابير الأولية لتقويم أختها الاستعجالية، واليوم قانون الإطار الذي لا زال الجدل حوله محتدما لمصادمته الصريحة لبعض القوانين الدستورية والتوجهات الحقوقية، وكل هذا ولاشك سيضعف من حماسة الاجماع حوله وهي أمر ضروري في غياب القناعات لن تفرضه المذكرات مهما كانت سلطويتها وبلغت قوتها، خذ مثلا قيم النشء الذي نريد تخريجه.؟. المواد الكفيلة بذلك حصيصها ومعاملها؟.. التسوق في خردة بعض الطرق البيداغوجية المفلسة؟.. معضلة لغة التدريس وتدريس اللغات ودعم اللغة الوطنية؟،..لماذا العودة إلى الفرنسة (الأحادية) بدل المناولة (التعدد) أو الإنجليزية (العالمية).،.. لماذا الغرق في مستنقع التقويم والتنقيط أكثر من اللازم، وعليه ترتكز كل جهود العاملين، وبفوارق شاسعة بين النتائج المسجلة والمكتسبات الفعلية للتلميذ على أرض الواقع.. متى وكيف وبأية رؤية سنخرج من تعليم هذه الشرنقة النقطية الخانقة إلى تعليم يرتكز على تنمية القدرات وتعلم المهارات ؟.

الحبيب عكي


اقرء المزيد

الأربعاء، 24 أغسطس 2022

http://akkioasisdesarticles.blogspot.com/

دعم الشباب في عهد المجالس والبطائق.. أية حصيلة؟

كثيرا ما تثيرك حد الصدمة، العديد من مظاهر الشباب الكئيبة البئيسة في هذا الوطن، فهذا يجر عربة سلعة موسمية تصادرها منه السلطة عنوة وزعقا وسحلا، وهذا يفترش فراشة خردة لا يباع منها شيء حتى مقدار مصاريفها لجابي الضرائب، وهذا في دوامة البحث عن منحة أو شعبة أو حي جامعي يأوي غربته أو غرفة خارجية تخفف محنته، وهذا يقضي زهرة شبابه معطلا يبحث عن عمل بشهادته الداخلية أو معادل شهادته الجامعية التي حصل عليها في الخارج، وهذا يكابد من أجل إنشاء مقاولة شبابية قد تنتهي به ديونها البنكية في ردهات المحاكم وغياهب السجون، وهذا يقع فريسة شبكات التلاعب والتغرير بضحايا الهجرة السرية ليقضي تهورا ومغامرة وحلما ويأسا في أعالي البحار، وهذا قد مسخ غولا "مشرملا" في رأس الدرب يقود عصابة ترويج المخدرات والدعارة وتعاطي النشل بمهارة، بعدما فاته وفاتها قطار العمل والزواج وكل شيء في الحياة المماة، وهذا..وهذه، و أولائي..و أولائك في العالم الحضري والقروي على السواء، ليس لهم في هذا الوطن شيء مما يحفظون به كرامتهم الآدمية إلا الحرمان والحزن والشقاء ؟؟.

 

يحدث هذا في هذا العهد الدولي للشباب ويومهم العالمي (12 غشت من كل سنة منذ ديسمبر 99)، وفي عهد كثرت فيه البهرجة حول العديد من الهيئات الشبابية والسياسات العمومية التي تدعي اهتمامها بالشباب ودعمه، مجلس الشباب والمستقبل سابقا، الخطة الوطنية لإدماج الشباب 2030، الحكومة الموازية للشباب، "موجة" لدعم مقاولة الشباب، الشباب من أجل الشباب في التربية الوطنية، "الوطنية" لدعم المشاركة السياسية للشباب، "انطلاقة"، "فرصة"، "أوراش"..، إلى غير ذلك من البرامج والمشاريع التي يبدو أنها لا تغني ولا تسمن الشباب في شيء، على ما قد تتمتع به من أهمية وتتضمنه من مزايا وتعد به من حل قضايا، تكون في الغالب بهرجة ونظرية وليس عملية ولا ميدانية، هذا إن لم تكن في مجملها دولة بين الأغنياء والأقرباء وبعض الأعضاء الحزبيين؟، ولنأخذ على سبيل المثال، بطاقة الطالب، و بطاقة الفنان، ومشروع بطاقة الشاب، وبطاقة السائح الشاب..، ماذا لامست كل هذه البطائق وهيئاتها من المشاكل الحقيقية واليومية لجموع الشباب المغربي، وهي مشاكل تزداد استفحالا وتفاقما وتأثيرا سلبيا على البلاد والعباد؟، أي ضمانات حقوقية وقانونية لمثل كذا بطائق؟، أي شفافية واستحقاق في توزيعها الكائن والمحتمل؟، أي وفرة وكفاية لازمة تغطي كل المستحقين؟، أي استيعاب للمجتمع ومؤسساته و الوعي بها واحترام أهلها وحامليها بإيفائهم حقوقهم وتمتيعهم بخدماتها دون من ولا احتيال؟؟.

 

وإلا بقي السؤال مطروحا حرجا حارقا كما قلنا: ما  أهمية هذه البطائق وما مزاياها وفيما تساعد الشباب وهي بدون رصيد أو تكاد، فئوية محدودة ومشاكل الشباب شمولية عامة، قصيرة المدى لا تشغل من عمر الشباب ولا تواكبه غير سنة أو سنتين، وبدون رصيد حقيقي في ضمان التنقل والسكن الجامعي والهاتف والتغذية والاستشفاء والولوج إلى البرامج الترويحية التربوية والثقافية والفنية والرياضية..، التي قد يمتلك المرء كل بطائق الشباب والشيوخ ولا يجد إليها سبيلا، ولا إلى غير ذلك من ضروريات الحياة التي لازالت تطحن الشباب، على عكس بعض البطائق الدولية التي تفي بوعودها والتزاماتها اتجاه الشباب في الدراسة والتنقل والهاتف والسكن الدراسي والاستشفاء والسياحة وغيرها(بطاقة الطالب الدولية وبطاقة السائح الشاب نموذجا)؟، وبالتالي هل نحن في حاجة إلى بطاقة الطالب وبطاقة الفنان أو إلى بطاقة الشاب بصفة عامة؟، وهل نحن في حاجة إلى بطاقة اللعب والترفيه أم بطاقة الشغل والسكن والحرية والكرامة والاستقرار؟، بطاقة الانحراف بشتى مظاهره وبأسماء ومسميات أم إلى بطاقة الاستقامة الفكرية والسلوكية والمواطنة الصادقة ؟؟.

 

مشاكل الشباب متعددة، فكرية وسلوكية، في الدراسة والبحث عن العمل والسكن والاستقرار، في تحدي خطابات التيئيس والتغرير والتطرف و تخطي متاهات التمييع والانحراف والانجراف، أو كسب رهانات الاستقامة والتحلي بالإيجابية والمبادرة والاجتهاد والبحث والتمسك بالمسالك السالكة، وعدم اليأس والاستسلام رغم كل شيء، إذا صح ضجيج الأرقام المقلقة في المغرب فإنه يحصي حوالي 34% من الساكنة شبابا أي حوالي 12 مليون من السكان، فهو إذن قوة تنموية ورافعة نهضوية قوية، ولكن العكس ما يحدث على أرض الواقع، ف 20% من هؤلاء الشباب في بطالة و 50% منهم لديهم مناصب شغل هشة، والدولة لا تشغل غير 0,8% من الواجب تشغيلهم، 400 ألف هدر مدرسي سنوي و13% من يحصل على البكالويا وأقل منها على الإجازة، 20% إلى 91% من الشباب يرغبون في الهجرة من البلد؟،

 

 75% من الشباب لا يتوفرون على التغطية الصحية، ولا يلجون إلى الخدمات الثقافية والترفيهية، 70% من الرواتب تذهب لتغطية الديون، 1% نسبة المشاركين في العمل السياسي مقابل حوالي 10% إلى 15% في العمل المدني بسبب ما يعرفه من التنميط والتحكم حسب رأيهم، وبالمقابل كل الحراكات الشعبية في المدن والنضالات الفئوية من فتوة الشباب، بما في ذلك حركة 20 فبراير 2011، 61% من الشباب والشابات عانسين وسن الزواج أصبح يتأخر إلى حوالي 30 سنة مع ارتفاع مهول لنسبة الطلاق بحوالي 100 ألف حالة سنويا، 90% من شباب بعض الطبقات يتحدثون بالفرنسية، 600 ألف مدمنون على المخدرات، و20 ألف مصاب(ة) بمرض فقدان المناعة المكتسبة، 30% يستقون معلوماتهم الدينية من الإنترنيت والفضائيات، ولا يرون مانعا من المواعدة مع الجنس الآخر عبر الميديا...؟؟؟؟،

 

 وأكيد أن هذه المشاكل الشبابية قد تجاوزت في الواقع الأسرة والمدرسة و الجمعيات وغيرها من الهيئات والدولة، ولكن يمكن التعاون على حلها بشيء من الصدق والمصداقية والحكمة والحكامة، وتبقى المسؤولية الجسيمة على الدولة، بحيث ينبغي الكف عن الشعارات و دغدغة العواطف بمشاريع تقبر في مهدها بمبرر أو أخر إذا تعلق الأمر بالشباب، فمثلا مشروع بطاقة الشاب الذي طرحه وزير الشباب والرياضة السابق "منصف بلخياط" وظل يبشر به بمناسبة وغير مناسبة، ولكن مع الأسف، ها قد مر وراءه خمسة وزراء آخرين، كلهم تشبثوا بالمشروع ولم يخرج بعد إلى حيز الوجود، فماذا نسمي هذا غير "التخربيق" ؟؟، وكم من هيئة سياسية ومدنية دافعت عن المشروع دون جدوى، آخرها الإطار الوطني الجديد "الائتلاف الوطني من أجل الطفولة والشباب" وهو يتبنى الترافع على نفس الموضوع؟؟،

 

 وفي انتظار مثل هذا الذي قد يأتي أو لا يأتي، من وجوب تقوية مؤسسات الشباب والمجتمع المدني، ومرافعات الشباب من أجل الشباب عبر الهيئات والمؤسسات، والتكوين والتأهيل والتدريب وفق حاجيات الشباب وسوق الشغل، والوعي بأن لا قيم ولا أخلاق ولا حكامة ولا ديمقراطية ولا حقوق الإنسان ولا..ولا..دون مشاركة الشباب وحقوقهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية؟؟، كان الله في عون الشباب وأهاليهم، ولكن فليعلموا فقط أنهم شباب، ولا شيء يستحيل مع عزيمة وطموحات الشباب، وإن كانت كل الطرق أمامهم مفتوحة، فليختاروا طرق النجاح بحيويتها وتضحياتها ولا تستهوينهم طرق الفشل بكسلها ونكوصها وهاويتها، وليتأكدوا أن إمكانية وحتمية الوصول إلى المعالي دائما موجودة، وكما وصل السابقون يمكن أن يصل اللاحقون ما داموا على درب الوصول، ولكن ما حك جسم المرء مثل ظفره، ظفر الوعي والإبداع والإقناع والإمتاع، حفظكم الله على درب الأمل والعمل والتضحية والنجاح؟؟.

الحبيب عكي

 

اقرء المزيد

الخميس، 18 أغسطس 2022

http://akkioasisdesarticles.blogspot.com/

ابنتك في المخيم.. قضايا و وصايا.


         صحيح أن أفضل المخيم ما اجتازه الطفل (ة) على السجية.. دون برمجة (Programmation) ولا وصاية (tutelle) إلا ما كان من رغبته وقناعته، وتلك هي الطريقة المثلى لتكوين شخصيته المتميزة وتفعيل فرادتها عند اتخاذ قراراتها. لكن، وباعتبار الطفل (ة) لا يزال في مرحلة النمو.. واستكمال شخصيته.. وبناء تصوراته وتصرفاته، وباعتبار تعدد المرجعيات التي تقتحم عليه حياته دون استئذان، وهي لا تفتىء تؤثر على اختياراته وتحسم في قراراته، بالإيجاب أو بالسلب أحيانا.. سواء ما كان من المدرسة والشارع والأصدقاء.. أو من الإعلام.. وبعض الثقافة المكتسبة هنا وهناك.. أو من الأقرباء من الكبار والأقران من الصغار، فيستحسن أن يكون للطفل(ة) تفكير مسبق في بعض الأمور والقضايا، وبناء رؤيته المسبقة اتجاهها رفقة الآباء باعتبار مسؤوليتهم التربوية والاستشارية والحمائية اتجاه الأبناء، ودون فرض رأي ولا مصادرة صغر؟.

 

         ليكن إعدادك لابنتك للمخيم إذن، في إطار مساعدتها على اجتياز مرحلة تخييمية مريحة، لا تشعر فيها بالاضطراب ولا بتضارب المرجعيات وتنازع الوجهات فيما تتعرض له من وضعيات ومواقف، وخير إعدادك لها هو تركيزك معها على المرجعية الفكرية العامة لفهم قضاياها وتحليلها.. فهم وضعياتها واستلهام حلولها، وكذلك على منهجية التفكير السليم والمنطقي للوصول إلى هذه الحلول، وضمن ذلك في مرتبة معينة إمكانية عرض الأمر على المربية في المخيم قصد التشاور والتداول فيه بقدر ما يحصل بينها وبين الطفلة من ثقة؟. أمر آخر أساسي هو إشعار البنت وإفهامها على أنها عند مغادرة البيت فهي حرة في اختياراتها ومسؤولة عن قراراتها، وأنه بقدر ما الصواب يؤدي إلى الخير فإن الخطأ يؤدي إلى ما لا تحمد عقباه، وعندها فإن الآخرين لن يتحملوا معنا نتيجة أخطائنا، فلنبتعد عن تقليدهم وعن إدخالهم في قضايانا ما أمكن؟.

 

         وعموما، فتأطير البنات في المخيم لا يطرح في الغالب إشكالات كبيرة، ولكن بعض الوضعيات تجعلهن ربما كبعض أمهاتهن مغلوبات على أمرهن فلا يدرين كيف يتصرفن أو يتصرفن بعفوية وعاطفة غير محسوبة الخطوات ولا مضمونة المآلات، ومن ذلك بعض القضايا التي رأيتهن يتخبطن فيها وتفقدهن تدبيراتها بعض توازن الشخصية التي جئن إلى المخيم بحثا عن تقويتها، فمثلا:

 

1-  هناك حمولة الثقافة الأسرية الثقيلة من عادات وتقاليد.. يصعب فهمها.. قبولها.. فبالأحرى تجاوزها.. والواقع أن في أسرنا الصائب ينبغي تثبيته وغير الصائب وينبغي تغييره بالعودة إلى المرجعيات العقدية والحقوقية السليمة.

 

2-  اضطراب بعض المفاهيم الأساسية في حياة الطفل(ة) وبالتالي اضطراب تعامله مع الآخرين.. كالخلط بين الحياء والخجل.. والحق والواجب. والجرأة والوقاحة.. والحيلة والخبث.. والضعف والصبر..، وخير الأمور أوسطها: " لا صلبا فيكسر المرء ولا رطبا فيعصر"؟.

 

3-  ظهور العديد من مظاهر الفقر العاطفي الذي يعاني منه الأطفال بشكل عام وبشكل مهول، فيتمظهر بالتباهي وتحسيس الآخرين بالدونية.. والأنانية وحب السيطرة على كل شيء.. والتطلع المبكر إلى عالم الكبيرات واختصار الأنوثة والقبول في كل ذلك.. اللباس.. الموضة.. التزين(ماكياج).. التسريحات.. آخر صيحات الهواتف وأبهضها؟.

 

4-  إتقان الأعمال المنزلية والأعمال الفنية.. وهذا أمر طبيعي، ربما بحكم الاستئناس بالأمهات وما حبا الله بناتهن من أصوات جميلة ومشاعر مرهفة.. ولكن في المخيم هناك أشياء كثيرة وأهم لا بد أن يسجلن فيها تفوقهن كذلك، وقد لا يفعلن؟.

 

5-  بعض الإناث وكأنهن مثل بعض الذكور.. ليس في طريقة اللباس والكلام والعادات والاهتمام فحسب، ولكن أيضا في عدم الحرص على الممتلكات الخاصة.. ولا ترتيبها.. ولا الحفاظ عليها.. مما قد يسبب في ضياعها أو سرقتها، وإن بشكل غير مقصود؟.

 

6-  وضعيات محرجة وغريبة:

1- هناك بنات يسبحن بلباس السباحة.. وبنات يسبحن بلباسهن.. وبنات لا يسبحن إطلاقا ولو مرة واحدة خلال المرحلة التخييمية ككل، تعلق الأمر بالشاطئ أو بالمسبح؟.

2- بنات محجبات وغير محجبات، يسرحن شعرهن بأنفسهن.. وأخريات بمساعدة زميلاتهن و مؤطراتهن.. وأخريات لم يحللن شعرهن المخبل ولو مرة واحدة طيلة المرحلة.. وقيل ربما بوصية من أمهاتهن؟.

3- بنات يحافظن على الصلاة في وقتها ومع الجماعة.. وبنات يبقين يجمعنها إلى الليل كأنهن في الدراسة.. وبنات لا يصلين ولو ركعة واحدة طيلة المرحلة.. ولو حتى صلاة الجمعة؟.

4- بنات يحترمن المرافق الصحية الخاصة بهن والخاصة بالذكور.. ولكن يفتقدن إلى آداب الاستئذان والمرافقة عند الذهاب إلى مراقد الذكور وخيامهم لقضاء غرض ما، أو ربما لأن الأمر عندهن يتم جهارا نهارا، فلا داعي؟.

5-  بنات بقدر ما يكون لديهن إقبال وانشراح في الأعمال والورشات المشتركة، بقدر ما يتركن كل ذلك في الورشات فحسب، ولا يجعلن له امتدادا خارجها مهما كانت الظروف والدواعي؟.

6- بنات يخرجن بصداقات مختلطة.. وبنات بصداقات من جنسهن.. وبنات بصفر صداقة ذكور، ويعتبرن ذلك تحرشا قد يستمر ما بعد المخيم، على شكل مكالمات ودردشات وتبادل زيارات وخدمات؟.

7- بنات يأكلن كل شيء في المخيم.. وبنات يعفن ويمتنعن عن بعض المأكولات.. وبنات لا يكدن يأكلن أي شيء غير "السقاطة" رغم محاولات المؤطرين و المؤطرات إثنائهن عن ذلك دون جدوى؟.

8- بنات وكأنهن مقاولات ورجالات أعمال.. لا يتوقفن من المكالمات مع أسرهن وكأنهن لسن في المخيم.. (رغم جمع الهواتف عموما)، وبنات لا يهاتفنها إلا لماما وكأنهن معهن في المنزل ولم يغادرنه إلى أي شيء؟.

9- بنات يشتكين من كل شيء إلى مربياتهن وربما إلى رئيس الجماعة أو مدير المخيم، ولا يقبلن من التأديب ما يستحقن، وبنات لا يشتكين من أي شيء، وإذا ما حدث لهن شيء فسرعان ما يتمكن من حله وتجاوزه بأنفسهن؟.

10-  بنات يكدن يأتين على مصروف جيبهن من الأيام الأولى للمخيم فيفلسن أخره، وبنات يقتصدن بجد ويوفرن الكثير لخرجة التسوق وشراء الهدايا، وربما يوفرن أو يقرضن غيرهن؟.

11-  بنات لدهين وعي بحيضهن وطوارئهن وخاصة اليافعات.. وبنات ليس لديهن أي وعي بذلك، ويصدمن إذا ما صادفنه، وبعد الاستئناس وتجاوز الصدمة، قد لا يمنعهن ذلك الطارئ من ممارسة أي نشاط حتى الصلاة؟.

12-  بنات يفزن بجوائز التشجيع والاستحقاق في المسابقات والابداعات.. وأخرى في السلوكيات والشخصيات المثالية ويفتخرن، فبأي جائزة تريد أنت أن تفوز ابنتك، ولأي جائزة ساهمت في إعدادها وكسبها؟.

 

        هذه بعض دواخل المجتمع التخييمي، تظل العديد من إشكالاته محط برنامج الجماعة المخيمة ككل، تسدد وتقارب نحو أوسط الأمور وأصوبها، ويبقى من مسؤولية المربي والمربية - بالدرجة الأولى - ضرورة الوعي بها.. والاجتهاد في مواكبتها وحلها.. بمشاركة زملائه وأبناء فرقته طبعا، هؤلاء الأبناء الذين كلما سبق إليهم بعض الوعي بمثل هذه الوضعيات.. كان العمل على حلها سهلا وتجاوزها ممكنا.. وفي مصلحتهم قبل غيرهم ثم في مصلحة المخيم والجماعة كلها؟. وهذا الوعي أرى أن للآباء والأمهات دور كبير في غرسه وتحسيس أبنائهم وبناتهم به، ليس تحملا لمسؤوليتهم وإعدادا لأبنائهم لمخيم ناجح فقط، بل كأسلوب حياة حواري دائم يمنحهم النضج المطلوب والشخصية المندمجة بشكل أفضل؟.

الحبيب عكي

اقرء المزيد

السبت، 13 أغسطس 2022

http://akkioasisdesarticles.blogspot.com/

ابنك في المخيم.. كيف تتعامل معه؟

في المخيمات نصادف بعض الحالات من الأطفال والطفلات الذين يستوحشون ظروف مغادرتهم أهاليهم.. ووقع التنقل والإقامة في فضاء مخيم بعيد، مع مؤطرين قد لا يعرفهم وأطفال جلهم غرباء.. وقد يصل بهم الوحش إلى أن يبكوا بعض الشيء.. أو يطالب بعضهم بالرجوع إلى أهله.. أو على الأقل أن يكون في الفرقة الفلانية مع الأطفال الفلانيين والمؤطر علان العلاني، وقد تدوم هذه الحالة من الاضطراب لساعات أو أيام قليلة، قبل أن يتمكن المؤطرون من معالجتها عبر تدخلاتهم.. وأنشطتهم الاندماجية التي سرعان ما يتفاعل ويندمج فيها الطفل (ة) المستوحش (ة) ناسيا ومتجاوزا ما قد كان به وبها من الخوف والارتباك. بل إن تفاعله واندماجه يكبر عبر المرحلة ولا ينهيها في الغالب أيضا إلا عبر البكاء والحزن الشديد لكن هذه المرة، على ما انقضى من أيام المخيم المرحة وأنشطته الممتعة، والتي جعلته مرة أخرى يبكي، كما بدأ المخيم كما يختمه، ولكن في المرة الأولى كان بسبب الاستوحاش وفي المرة الثانية بسبب الفراق بعد الاستئناس؟.

 

يلاحظ في المخيم أيضا، بعض الآباء لا يساعدون أبنائهم على الاندماج في المخيم والتركيز في أنشطته والاستمتاع بها، من كثرة ما يزورونهم أو يتصلون بهم هاتفيا ويشيرون عليهم في ما يحدث لهم، أو على الأقل من كثرة المكالمات وطولها يثيرون شوقهم إلى بيتهم وإخوانهم، بل قد يصلون عند زيارتهم إلى مطالبتهم بمرافقتهم وإخراجهم من المخيم غير ما مرة، إما لزيارة عائلة كان من الممكن تأجيلها، أو قضاء أغراض معينة أو جولة سياحية وسط مخيم هو في الأصل تربوي وسياحي؟، وكل هذا لا يساعد الابن على الاستقرار في المخيم.. ولا يساعد المؤطرين على الاشتغال معه على ذلك. وكل هذا خلل في علاقة الآباء بالأبناء وهم في المخيم، وربما في الحياة عامة، ترى كيف ينبغي أن تكون هذه العلاقة بين الآباء والأبناء حتى تخدم الأهداف التربوية والتكوينية التي يتجند الجميع في المخيم لتحقيقها وإظهار أثرها الإيجابي على الأطفال؟.

 

أولا، ينبغي على الآباء أن يحددوا الأهداف التي من أجلها أرسلوا ابنهم/ابنتهم إلى المخيم، ويساعدوه/ها على تحقيقها، وليس العكس؟. ثانيا، عليهم أن يطمئنوا على أن ابنهم/ابنتهم في المخيم يحيط به(ها) فريق متكامل من المؤطرين المكونين.. والمسؤولين.. ويحيطونه بفائق العطف، والحنان والرعاية والحماية.. والحرص على أمنه وتغذيته.. صحته وسلامته.. وفي نفس الوقت على تربيته وتكوين شخصيته وبصم شعوره وقراره بما ينفعه في حياته. ثالثا، على الآباء أن يعرفوا أن المخيم له قانون داخلي.. سواء ذلك الذي وضعته الوزارة الوصية والذي تسير بموجبه المخيمات وكله حرص ومسؤولية.. أو ذلك الذي تضعه الجمعية وتحرص على تطبيقه وكله أس التعامل مع الأطفال.. أس السلامة.. أس التغذية الصحية والمتوازنة.. ومن مكوناته برنامج عام وبرنامج قار ينظمان أوقات الاستيقاظ وأوقات النوم.. أوقات الأنشطة وطرقها.. أماكن الخرجات وشروطها.. الرياضة والسباحة.. أوقات تقييمية للبرامج وسيرها وعلاج ما قد يقع خلالها من الاختلالات والوقاية من عوارضها؟.


فأولا، قبل المخيم:

يمكن للآباء أن يساعدوا ابنهم بتوفير ما قد يحتاجه من الأدوات في المخيم، وفي حدودها الدنيا كما قد يتوصلون بها من الجمعية المخيمة، أن يوصوا ابنهم/ابنتهم بما ينبغي أن يحرص عليه في المخيم..  وأن يعرضوا عليه بعض الوضعيات من.. ومن.. ومن..، ويروا كيف يمكنه أن يحلها.. ويطلعوه على ما قد يكون من صواب أو أخطاء في هذه الوضعيات والمواقف، وأن يكون للطفل قراره الحر في كل ذلك ومبادرته أفضل بكثير حتى من مساعدة المؤطر القريب فبالأحرى الوالد/الوالدة البعيد(ة).. وذلك هو المطلوب. لأن من أهداف المخيم، مساعدة الابن/الابنة على الاعتماد على نفسها دون تدخلات الآخرين في اختياراتها وقراراتها.. أو بأقل ما يمكن منها، وقد يكون ذلك بمساعدة تناقصية تدريجية من الآباء وغيرهم، ولكن استمرار هذه المساعدة وطغيانها كأن الابن/الابنة في المنزل مع والديه، لن يحقق الهدف، بل بالعكس؟.

 

ثانيا، وسط المخيم:

            أن يحترم الوالد/الوالدة أوقات الاتصال بولده داخل المخيم، ومواضيعها المحدودة والمركزة على الاطمئنان على  سلامة الطفل وبعض مشاعره اتجاه المخيم وتشجيعه على الاستفادة من أنشطته.. وتهنئته على ما يحقق من إنجازات يومية ويتخذه من مواقف وخطوات صائبة.. وليتجنبوا الاتصال في أوقات ذروة الأنشطة مثلا، وهو أمر مربك.. خاصة إذا كان لمجرد الاطمئنان أو ترك رسالة، يمكن تركها عند المؤطر إذا لم يكن هو بدوره منهمكا في النشاط مشرفا أو منظما مساعدا..  ولهذا فإن من الجمعيات من تأخذ الهواتف من الأطفال وتمنع استعمالها مطلقا أو جزئيا في حدود وللأوقات محددة.. ولكن هذا موضوع آخر خاصة في هذا الوقت، وقت الإدمان على الهواتف الذكية ومخيمات أبناء الجالية؟. ومقابل مثل هؤلاء الآباء، هناك أيضا آباء آخرون لا يتصلون بأبنائهم طيلة المرحلة إطلاق أو نادرا، حتى أن أبنائهم في قرارات أنفسهم يتساءلون: هل هذه هي مكانتنا عند آبائنا لا نستحق حتى مكالمة واحدة (ولو على عنين الأطفال)، فيبادرون هم بمكالمتهم ولكن بدموع حارة تختزل كل أشواقهم وتساؤلاتهم؟.

 

            هناك بعض الأمور التي ينبغي على الآباء الاطمئنان عليها، وأن أـبناءهم في المخيم يمارسونها بشكل صحيح فعلا، دون وصاية ولا مصادرة رأي ، ومن ذلك:

1-     موضوع الصلاة وكيف يدبرونها في المخيم؟.

2-      التعامل مع المؤطرين و مع الزملاء، كيف يسير؟.

3-     مدى الاقدام على المشاركة وتنمية الروح الجماعية؟.

4-     مصروف الجيب وكيف يدبرونه خلال مرحلة المخيم؟.

5-     استعمال الممتلكات الخاصة والمحافظة على العامة؟.

6-     موضوع التفكير والحوار وحل المشكلات وفن اتخـــاذ القرارات؟.

 

وأخيرا، بعد المخيم:

            يعني، عند عودة الطفل(ة) من المخيم، وقد عاد بمجموعة من العادات والمهارات والمكتسبات، فكيف نقيمها ونثبت الإيجابي منها.. بل ونصل إلى اعتماد روح وفلسفة بعضها في تربيتنا لأبنائنا وعلى رأسها.. أن الطفل يتعلم عبر المتعة والمرح لا عبر القسوة والألم.. أن الطفل في حاجة إلى تكامل العديد من الجوانب الروحية والمادية في حياته.. أن اعتباره وحواره ومشاركته - خاصة في ما يخصه - ضرورية.. أن تنظيم أوقاته وأعماله مفيد وحمايته خلالها واجب.. وأن الصداقات في حياته مهمة ولكن كيف يختارها.. وأن قدر من الترفيه البناء والاحتفاء بالإنجاز والعطاء له حق لا ينبغي أن يهضم..، تماما كما نعد أبنائنا للمدرسة ونحاول توجيههم ورعايتهم خلال مسارها والاستفادة من عطائها؟.  ويبقى المؤطر في الأول وفي الأخير، هو عين الآباء على أبنائهم، ليس بعين الآباء التي قد تكون متساهلة وليس بعن المحاسب التي قد تكون قاسية.. ولكن بعين حاضنة للطفل أولا.. متفهمة له.. مقدرة لرأيه.. موجهة لاختياره عند اللزوم.. ومراعيا لمصلحة الجماعة وقراراتها ثانيا. وكلما كانت العلاقة بين الآباء والجمعيات جيدة تعاونية كان المخيم أنجح.. ولمصلحة الأطفال أضمن.. وهذا هو المطلوب. والله الموفق.

الحبيب عكي

الموضوع القادم: ابنتك في المخيم.. قضايا ووصايا؟


اقرء المزيد

الاثنين، 1 أغسطس 2022

http://akkioasisdesarticles.blogspot.com/

مع من ترسل ابنك إلى المخيم؟

          رغم انتشار التخييم في المجتمع المغربي، ورغم الاقبال عليه بأشكال مختلفة وفي مناسبات عديدة.. تقليدية منها (نزاهة وخرجات) وعصرية (مخيم ورحلات)، إلا أن هناك الكثير من الآباء في كثير من الأوساط، لا يزالون متحفظين على إرسال أبنائهم وفلذات أكبادهم إلى المخيمات (خاصة الفتيات)، وإذا ما تجرؤوا فبالكاد يرسلونهم إلى بعض المخيمات الحضرية ومخيمات القرب، التي يظل فيها الأطفال خلال النهار في دور شباب خانقة أو مؤسسة تعليمية حارقة، ثم يعودون في كل مساء للمبيت في منازلهم وسط أهاليهم، وفي الغد كذلك يستأنفون الذهاب في الصباح ثم العودة في المساء، هكذا دواليك طيلة مدة المخيم التي هي وفق نظامه أسبوعا كاملا، ولكن في الحقيقة، لا مخيم قد  اجتازوا ولا في منازلهم قد مكثوا، بلحق، " اللهم العمش ولا العمى "؟، فهناك طبقة اجتماعية كل ما تستطيعه من التكاليف المادية هكذا مخيم، خاصة إذا كثر عدد الأطفال من الأسرة الواحدة وتريد أن ترسلهم إلى المخيم كلهم أو جلهم؟.

 

ما قد يسعف مثل هؤلاء الآباء وغيرهم، إذا ما أسعفتهم طاقتهم المادية وقدرتهم الشرائية وتدبير ميزانيتهم الصيفية، هو العثور على جهة مخيمة تحظى بثقتهم حتى يرسلوا معها أبنائهم وفلذات أكبادهم إلى مخيم قار جبلي أو شاطئي لمدة أطول (21 يوما قبل تقليصها إلى 10 أيام فقط)، وهي مطمئنة " نايمة على جنب الراحة "، فما هي مواصفات مثل هذه الجهات والجمعيات التي تحظى بثقة الآباء واطمئنانهم على أبنائهم وهي ترسلهم معها إلى المخيمات؟:

1-     أولا:

صحيح أن الآباء هم أحرار في أن يرسلوا أبنائهم إلى المخيمات التي يرون، مع الجهات والجمعيات التي يريدون، حسب قناعاتهم وإمكانياتهم معارفهم ورغبات أبنائهم، وصحيح أيضا، أن المخيمات بشكل عام هي مؤسسات تربوية ترفيهية فيها من الأمن والأمان.. والمسؤولية القانونية والمحاسبة.. وهي تحت إشراف الدولة ووصاية وزارتها في الشباب وشركائها الرسميين والمدنيين.. وهناك الوازع الديني والحس الوطني..، لكن، واقع اختلاف البرامج التنشيطية والمرجعيات التربوية إلى حد التضارب أحيانا، وكذلك ما يحدث من بعض التفلت من الحدود المرسومة للوزارة الوصية أو ضعف في خدمات الشركاء، كل هذا يجعل من بعض المخيمات تكون ضدا على الأطفال وتربيتهم لا لهم ولا في مصلحتهم؟. لذا من حق الآباء بل من واجبهم أن يختاروا لأبنائهم ما يريحهم وأبنائهم:

 

2-     ثانيا:

1-  لا ترسل ابنك مع جمعية برلماني "مخلوض" يستطيع بطرقه الخاصة انتزاع مقاعد من الوزارة، لكن بدون طاقم تربوي مؤهل.. ولا برنامج تخييمي، غير "الشطيح والرديح" وحملة "انتخابوية" قبل أوانها؟.

 

2-  لا ترسل أبنائك مع مخيمات بعض الجهات والمصالح الاجتماعية التي لا زالت تشتغل بمنطق استدعاء "الشيخ" و"المقدم" لجل أبناء المسؤولين غير المستحقين، ضمنهم أبناء بعض الموظفين وغيرهم للتغطية المفضوحة على الديمقراطية المذبوحة والاستحقاق المفترى عليه، وحقيقة الأمر أنه ريع وظيفي تخييمي اجتماعي بدون برنامج ولا مؤطرين إلا ما جادت به عليهم بعض الجمعيات، ويمكن أن تدخل في هذا الإطار أيضا، مخيمات بعض الشركات الخاصة التي تكون مخيماتها - مع الأسف - فاحشة في الأكل والتنشيط فقيرة في التربية والأخلاق؟.

 

3-  لا ترسل أبنائك إلى مخيمات المآرب (الكراجات) والبهرجة والتهريج في الأحياء الشعبية، ولا مخيمات المقاهي والملاهي والتمييع والاستيلاب في أبهى المنتجعات وفنادق خمسة نجوم، ولا إلى مخيمات الثلاثة أيام واليومين واليوم الواحد، عبارة عن سهرة ختامية تستدعى إليها أشهر الفرق الغنائية الشعبية (السوقية) لا ينتج فيها الأطفال ولا نشيدا واحدا ولا لوحة تعبيرية، وكل ذلك ضد الأهداف التربوية للمخيم؟.

 

4-  وإذا مسك الله عليك، وأردت ان ترسل ابنك إلى مخيم دولي في باريس ولندن، ومن حقك، فاعلم أن هناك مثلها من مخيمات الخليج الباذخ في مولات (Dubaï) وسهرات (Istanbul by night)، كما هناك مخيمات العمرة في الديار المقدسة، وليس هناك أفضل مما يهديه الآباء للأبناء مثل هذه الهدية التي لن تنسى مدى الحياة ألا وهي العمرة وعائدها التربوي والقيمي على الأبناء؟.


3-     ثالثا:

1-  أرسل ابنك مع جمعية الحي التي حظيت بثقتك وكان ابنك ينشط فيها طوال العام، فأنت تعرفها.

2-  أرسل ابنك مع جمعية وطنية لها فروعها عبر الوطن، ولها سمعتهــــا وتاريخها المشرق في التخييم.

3-  مع جمعية تشرك الآباء في إعدادها للمخيم، وتطلعهم في تواصلها ولقاءاتها الخاصة معهم على مشروعها البيداغوجي وبرامجها التربوية التي تعتزم تطبيقها في المخيم، بل وتشركهم فيها بمقترحاتهم وآرائهم.

4-  جمعية تتمكن من التعرف من الآباء على أبنائهم وأحوالهم الخاصة إذا لزم الأمر، كعادة خاصة.. استعمال دواء.. وصفة طبيب.. أو عادة جيدة أو سيئة يراد تغييرها منه واستبدالها.

5-  جمعية تطمئن معها على قيم ابنك أن ترعاها وتنميها لا أن تهملها أو تهدمها، فليس مقبولا مثلا، أن يكون الطفل قد اعتاد على الصلاة في منزلهم ثم يتركها خلال المخيم لأنه لم يجد من يذكره بها.. من يشجعه عليها.. من يراه يمارسها؟.

6-  جمعية تحترم الآداب الشرعية بين الذكور والإناث، صحيح هم في مخيم مشترك، لكن في الحقوق والواجبات وتحمل المسؤوليات ونيل الاستحقاقات، وليس في اقتحام ومحو الخصوصيات في الخيام والسهرات والمرافق الصحية مثلا؟.

7-  جمعية توفي الأطفال حقهم في التغذية الصحية والمتوازنة، حسب ما تسمح به المنحة العامة للوزارة، بل وتزيد من دعمها لها لا أن تنقص هي منها أو تسمح بمن يسعى لذلك.  

8-  جمعية تحتفي بالأطفال ولا تبخل عليهم بكل ما يدخل عليهم الفرحة، وضمنه الكسوة الخاصة الموحدة.. من قميص ومئزر وقبعة.. وغير ذلك مما يساعد على التميز و على الحماية.

9-  جمعية يكون مؤطروها ومؤطراتها قدوة فيما بينهم في التكوين والتعاون والتكامل.. وقدوة لأطفالهم.. يحترمون أهم ركن في التخييم وهو الحوار والمشاركة والانضباط، لا عنف.. ولا تحرش.. ولا إكراه نفسي أو بدني.. بل احترام متبادل وحقوق عامة.. لا إهمال ولا تمييز على أي أساس.

10-  جمعية لها اهتمام ودراية في التوثيق والاشعاع ومواقع التواصل لتترك بصمة لمخيمها لا تنسى وذاكرة مشتركة في متناول كل مشارك ومشاركة في صفحاتها الاجتماعية قبل أرشيفها ومقراتها.

 

           مثل هذه الجمعيات، معروفة في الساحة، لا تحتاج إلى الدعاية والإعلان حتى في مواقع التواصل الاجتماعي، وعليها إقبال يفوق تغطيتها وما يمنح لها من المقاعد، خاصة إذا أسعفتها المراحل والفضاءات الممنوحة لها، وإذا لم يكن الأمر كذلك فهي تعوض ما يمكنها من النقص بنوعية برامجها التربوية الممتعة والمفيدة.. كفاءة أطرها المبدعون.. شبكة علاقاتها وحنكة تدبيرها الذي يجعل غالبية الأمور ميسرة.. يفرح الجميع بكونها تنجز بسلاسة.. و يتيقنون أن المخيم ليس مجرد فضاء محظوظ ومنحة ضخمة.. ولكن قبله وبعده برنامج متزن وفريق متضامن، ذلك وحده الكفيل بإنجاز مخيم تربوي ترفيهي كما هو متعارف عليه في المخيمات بالاسم والمسمى؟.

الحبيب عكي

الموضوع القادم: ابنك في المخيم.. كيف تتعامل معه ؟


اقرء المزيد

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

المتابعون

المشاركات الشائعة