Top Ad

الاثنين، 29 نوفمبر 2021

http://akkioasisdesarticles.blogspot.com/

الرسول (ص) وكيف حارب السائد من العنف ضد النساء 2/1

        كلما حلت بنا محطة اليوم العالمي لمحاربة العنف ضد المرأة، والذي يصادف 25 نونبر من كل سنة، هذه المحطة التي تحتفي بها الدول الأعضاء في الأمم المتحدة منذ 1981، رثاء وتضامنا مع الأخوات الثلاثة النشيطات السياسيات الدومنيكيات: Patricia وMaria  وAntonia ، اللواتي طالهن بطش الاغتيال بأمر من حالكم الدولة يوم 25 نونبر 1960. وكلما حلت بالعالم هذه المحطة إلا وتجده على أقصى درجات التأهب يدق ناقوس الخطر باستمرار انتشار هذه المعضلة السيئة الذكر و تجده يضغط على كل الزنانيد لمحاربتها. لكن، على ما يبدو دون جدوى، بل إن بشاعتها تزداد استفحالا في الاتجاه المعاكس كما تؤكد ذلك الإحصائيات في معظم البلدان، مما يطرح السؤال تلو السؤال: هل استنفذت الأيام العالمية دورها؟، هل أخطأت الطريق مقارباتها؟، هل السياسات العامة ما عادت تكترث بها؟، هل لا زال هناك أمل في محاربة هذه الظاهرة الكونية البشعة والتخفيف من حدتها وامتدادها، وبأية مقاربات ممكنة وفعالة؟.

 

إذا صح ضجيج الأرقام، فإنه يشير إلى أن حجم العنف بمختلف أشكاله، لازال مستعرا في جميع الدول ويطال جميع الفئات و خاصة الأقليات والفئات الهشة منها، وبأرقام خطيرة غير مقبولة ولو بحالات معدودة ومحدودة، فأكثر من 95%  من العنف في فرنسا طال النساء، و700 ألف أمريكية تغتصب كل سنة و 1411 اغتصاب يومي في جنوب أفريقيا، و 85 % من الكرواتيين مارسوا ضرب النساء، و3/1 من نساء العالم يتعرضن للعنف منها 10/8 من الهنديات و47% من الأردنيات،  و 25 % من السيرينكيات خادمات بيوت دون أجرة، 120 مليون ختان فتيات و 60 مليون وليدة موؤودة تحرم من الحياة، و50% مقتولات أزواجهن في البنجلاديش...؟، وعندنا على سبيل المثال ظواهر عنف صارخة ولو بدون أرقام:  100 ألف حالة طلاق سنة أولى زواج، وحرمان السلاليات وغيرهن من الإرث، وبعض القرويات من الدراسة الابتدائية وربما الجامعية، والكثيرن يسطون على راتب المرأة الشهري بداعي من الدواعي..؟. هذا رغم كل ضجيج خطط التحسيس.. ملتقيات التداول.. حركات نسائية.. بحوث ميدانية.. تقارير موازية.. برامج أممية.. مساعدات إنسانية.. مستجدات دولية.. قوانين زجرية.. وغير ذلك كثير مما هو معروف ومعمول به في ساحة النضال الوطني والأممي ضد تعنيف وعنف النساء؟.

 

والواقع أن هناك العديد من البياضات والانحرافات في التعاطي مع محاربة ظاهرة العنف ضد النساء وخطورتها على ذواتهن وأسرهن وبني جلدتهن ومجتمعهن، ومن ذلك:

1-  عدم اعتبار العنف ظاهرة اجتماعية مجتمعية متعددة الأشكال والمظاهر والأسباب، والممارسين والممارس عليهم..، ومن الخطأ اختزالها في عنف الرجل على المرأة، الذي يصبح مجرد عنف الزوج على زوجته على خطورة ذلك.

 

2-  الاستخفاف بكون العنف سمة الحياة المعاصرة، السياسية والاقتصادية، القانونية والتربوية والثقافية..، ومن القصور الفادح محاولة علاجه في مجرد العلاقة بين الرجل والمرأة أو الحياة الأسرية وحدها، وكل شيء يؤثر عليها؟.

 

3-  ألا يطرح السؤال على الحركات النسائية أو النسوانية خاصة وخراجها النضالي لا يلبث يشيع الظاهرة ويستفحلها بقصد أو من غيره بما عادته وتعاديه من معتقدات الأمة ودينها، بل وتعتقده سبب كل مظاهر العنف السائد؟.

 

4-  القوانين التنظيمية والزجرية كالمدونة والقانون الجنائي مثلا، هل تواكب الظاهرة ومستجداتها وأشكالها..، هل تفهمها على حقيقتها؟، هل تطبق على أرض الواقع بطريقة صحيحة، هل لها وسائل ذلك؟ هل تجتهد للمستجدات، وما يتفجر فيها من معضلات؟، إلى أي حد يناسب ذلك الواقع الوطني (مراكز الاستماع ومراكز الحماية ودور الرعاية نموذجا)، ونفس الشيء يمكن أن يقال بالنسبة للمعتقدات الدينية والعادات الوطنية خاصة مسألة الحرية والمساواة والقوامة..؟.

 

        اعتبار النقط السابقة وبالشكل المشار إليه، أساسي ولاشك في حسن تدبير معالجة ظاهرة العنف وخطورتها على الفرد والمجتمع، باعتبار العنف سلوكا عدوانيا يصدر من الفرد أو الجماعة أو الدولة المتنفذة، بذخيرة البذاءة والقسوة والشدة والغلظة والفظاظة والتسلط..، وبغرض الإيقاع بالضحية لفظيا أو جسديا أو نفسيا أو كلاهما، وبما يحدث فيه ندوبا نفسية لا تندمل أو عاهات عضوية متفاوتة الخطورة إلى مستديمة باهضة التكاليف (94 مليار دولار في أمريكا)؟، ومن أجل الحد والتخفيف من كل هذا، لابد من بعض المداخل الأخرى ومنها:

 

1-  استحضار العواقب الوخيمة لممارسة العنف: وشيوع مظاهره المدمرة للنفوس والمهشمة للأجساد الغضة الطرية والخلق الرباني الذي خلقه الله في أحسن صورة ما شاء ركبه، استحضار هذه العواقب المشينة في إطار كل ما نرفعه من شعارات الحق في الأمن والتنمية والمساواة والعدالة والانصاف، الذي سنظل نبتعد عنها بقدر ما تسود عواقب هذا العنف والعنف المضاد في المجتمع، من فقدان الذات المعنفة الثقة في نفسها/ الإحساس بمرارة الظلم والمهانة/ الاضطراب النفسي والتشوه الجسدي/ التفكك الأسري/ الخوف على الذات من الاعتداء/ وعلى الممتلكات من النهب والسلب/  حرمان الأطفال من التمدرس خوفا والطالبات من الكليات توجسا/ ...وليس عبثا قال الله تعالى:" فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف" قريش/ 3-4، وقال رسول الله (ص): "المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده.. والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه" متفق عليه. ولاشك أن للعلماء وجمعيات المجتمع المدني والإعلام دور رائد في هذا الصدد لابد أن يقوموا به بكل تحرر وتجرد ومهنية وتكامل وعلمية.

الحبيب عكي


اقرء المزيد

الخميس، 18 نوفمبر 2021

http://akkioasisdesarticles.blogspot.com/

صحتنا على ضوء الهدي النبوي في الأكل.

       من المعروف أن أكلنا المعاصر، رغم وجوده و وفرته وتنوعه وغناه - والحمد لله -، فهو لا يشكل مصدر صحة وأمن وسعادة بالنسبة للكثيرين، بل بالعكس يشكل مصدر خطورة ومرض وقلق وتعاسة لمن أدمنوه وشرهوه، لدرجة يستعبد فيها الكثيرين ممن يفرطون فيه ويزج بهم في العديد من متاهات المستشفيات والمصحات.. والمواعيد والتحاليل.. والوصفات الطبية وأكياس تلو أكياس من الأدوية ومضاعفاتها الجانبية مقابل بعض الجدوى أحيانا أو عدمها، وصفات لأمراض نفسية وعضوية عابرة ومزمنة، الواحد منها جدع مشترك للعديد من الأمراض المرتبطة والمتلازمة، كالبدانة شراهة قد تسبب السكري.. فالضغط الدموي.. فالقلب والشرايين.. فمرض الكلى.. فشبكة العين.. فالقدم السكري.. ولازالت منظمة الصحة العالمية ترفع شعار: "غذاؤك دواؤك" دون جدوى؟.

 

         ما لم يكن فيما مضى من القرون رغم ما كانت تعرف به من شدة الحروب والمجاعة والفقر والأوبئة، لكن الحياة خلالها كانت بسيطة وكذلك عيشها، كانت هناك حضارات وكانت لها قيم وعادات صحية في الأكل و الشرب والحركة، فحضارة الرومان مثلا، وما كانت تعرف به من الرياضات وصراع الأبطال، تجاوز صراع الإنسان ضد الإنسان إلى صراع الإنسان ضد الخوارق والآلهة، وهو على كل حال دليل على أهمية الحركة والقوة البدنية في تلك الحضارة. كذلك الحضارة الإسلامية كان تراثها في الموضوع أغنى وأرقى وأنقى وأبقى، انطلاقا من الهدي النبوي في الأكل والشرب والحركة التعبدية التي كان يقتدي بها المسلمون. أضف إلى ذلك نمط حياتهم الفلاحية والرعوية وما كانت تكلفهم من المشي والتنقل وحرق الدهون والطاقة، وكل ذلك ساهم في حفظ صحتهم النفسية والجسدية على الدوام في طاعة الله؟.

 

         واليوم، والبشرية تعاني في موضوع الأكل أشد المعاناة، بين الجياع من جهة والمتخمين من جهة أخرى، وتعاني مع ممن يجد كثرة الأكل والاستهلاك مع الخمول وقلة أو انعدام الحركة وحرق الطاقة، ما يرمي بضحاياه ويسوقهم إلى ما لا يتحملونه من الأمراض العضوية والنفسية وهم بالملايين تلو الملايين، فلماذا لا يجربون الهدي النبوي في الموضوع وقد كان هديا صحيا ناجحا فيه الوقاية والعلاج وفيه المتعة والفائدة، وفوق ذلك يحرر أصحابه من عصابات المصحات ولوبيات الصيدليات وفوبيا الأدوية والعلاجات.  صحيح، أن السنة النبوية فيها التعبدي الصرف ونحن ملزمون به ما استطعنا، وفيها الذاتي الخاص برسول الله (ص) بكونه بشرا قد يعجبه أمر أو لا يعجبه، وقد يقدم على اختيار أو يتركه، والآخرون غير مجبرون على ذلك، فما بالك والأمر هنا يتعلق اليوم بالأكل والشرب واللباس وكلها تعمل فيها عوامل الزمان والمكان والذوق والإمكان عملها؟.

 

         وفوق أن الاقتداء بالرسول (ص) واجب في الأمور التعبدية ومستحب في غيرها من أمور العادات البشرية، إلا أن هناك قواعد عامة في الأكل والشرب واللباس وغيرها من العادات، هي من عقيدة المسلم وعبادته التي ينبغي أن يفقهها ويهتدي بها ومن ذلك:

1-    لماذا الأكل في الإسلام؟، أي أكل؟، متى وكيف؟.

2-    ماذا نشرب في الإسلام؟ وبأية أداب؟

3-    ماذا يقول العلم الحديث في هدي الإسلام وفي غيره؟

4-    ما فائدة ما يسود الأسواق من المواد الحافظة والمنكهات؟

5-    أي نموذج للتغذية أطيب للإنسان المعاصر، في خضم سرعته وازدحامه وتفكك العديد من عاداته؟

 

وفي معرض استعراضنا لبعض الهدي في الموضوع، يؤكد علماء السيرة وفقهاء الآداب أن الرسول (ص):

1-     كان (ص) يأكل فائدة ومتعة.. ويأكل صحة و وقاية.

2-    كان يأكل ويشرب جالسا ويحرص على التسمية والتيامن وغسل اليدين قبل وبعد.

3-    يحب التقليل ويأكل حاجة لا كفاية ولا زيادة " بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه".

4-    لا يحب إدخال الطعام على الطعام "نحن قوم لا نأكل حتى نجوع وإذا أكلنا لا نشبع".

5-    يوازن بين أنواع الأكل "الحار(يعني الساخن 50%) والبارد (أيضا 50%)" من هنا أهمية المقدمات والمحليات.

6-    يوازن أيضا بين مكونات الأكل من طعام وماء وهواء " فإن كان لابد فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه ".

7-    يكثر الصيام خاصة الإثنين والخميس، و في الصيام يعجل بالفطور بالتمر والماء ويأخر السحور لما فيه من البركة.

8-    ويحرص(ص)على الأكل الجماعي والدعاء فبله والحمد بعده، وعلى تبادل الحديث بدل ما قد يسود من الصمت الآن.

9-    وروي عنه (ص) أنه كان يحب في شرابه الحلو البارد.. ومن الفواكه الرمان.. والتين.. والتمر.. والبطيخ.. ومن الأشربة العسل والماء.. اللبن.. والخل.. ومن الخضر الدباء.. القثاء.. والبصل.. و من اللحوم الأرنب.. والدجاج والكتف والعرق (العظم الذي خف منه لحمه).. ومن الأكلات  الحلوى و الثريد.. وقد رويت في كل هذا أحاديث.

 

وبالإضافة إلى ضرورة أن يكون الأكل والشراب من الحلال، فهذه قواعد عامة تضمن صحة المرء بقدر ما يحترمها ويحافظ عليها، وهو الشيء الذي تحاول الحياة المعاصرة بسرعتها وتوترها – مع الأسف – سلبه من الإنسان بدعوى ودعوى.. بل بدعاوي كثيرا ما تنطلي على أقوام غافلين وأجيال مكرهين. لكن، يتساءل المتسائلون، أي صحة توفرها لنا الحياة المعاصرة بما يسود فيها من مظاهر غريبة تهلك الصحة و النفسية معا ومنها:

·        استغراب الحلال.

·        كثرة الأكل والإسراف فيه.

·        كثرة الخمول و قلة الحركة.

·        كثرة التوتر والتوتر المجاني.

·        الخلط بين الحلال والحرام وعدم التحري.

·        إدماج الخنزير في بعض الأكلات والمحلات.

·        تعود الأكل الانفرادي وربمــا ولو في المنزل.

·        المواد الحافظة والمحليات والمنكهات والملونات.

·        غزو المعلبات و الأكلات الطاقية السريعة في الشارع.

·        طبخ غير صحي في أواني غير صحية قد تحدث التسمم ولو على المدى.

 

        فلماذا لا نساعد أنفسنا على حفظ صحتنا ما أمكن؟، لماذا نرتاد على الأطباء ونرغبهم على نذرتهم وطول مواعيدهم و وصفاتهم وكثرة تكاليفهم وتكاليفها، ولا نخلوا بأنفسنا وأبنائنا وأسرنا ونلزمها.. بل فقط نبصرها بشيء من الوعي الصحي، نعودها شيئا من الصبر والقناعة وفيها الكثير من الصحة والأمن والسلامة والحياة الماتعة. هل مكتوب علينا كل هذا الشقاء المعاصر باسم الحداثة والرفاهية، وهي كالسم في العسل والهلاك في التخمة، ألا نستطيع تحرير أنفسنا وأجيالنا وأوطان أمتنا بشيء اسمه الطب الوقائي؟، بشيء اسمه إدماج الهدي النبوي في طعامنا وشرابنا ولباسنا وعاداتنا..، فكم نحتاج من أصحاب برامج الطبخ التلفزي والرقمي والتنافسي أن يقدموا لنا وصفات صحية من بيت النبوة؟، وكم نحتاج من تعليم نشئنا أن ميلهم لاستبدال أكل البيت بأكل الشارع هو استبدال الذي هو خير بالذي هو غير ذلك؟، وكم نحتاج من فلاحينا ومنتجينا وموزعينا لينتجوا لنا مواد طبيعية صحية (Bio) ويثمنوها بدل الهجين المعدل من المشهر له؟، وكم نحتاج من أسرنا إلى الحرص على أصالتها الغذائية والإطعاميه إنتاجا و طبخا، تخزينا وطقسا، مائدة وفائدة؟، يقال أن الماء غير الصحي وحده يسبب في 80% من الأمراض يذهب ضحيتها سنويا حوالي 20 ملايين من الناس، وسنخفف منها بقدر ما سنخفف من معضلة الماء وحده، أضف إلى ذلك معضلة تلوث البيئة المتفاقمة الآن، فمعضلة الطعام وفرة وجودة وعدالة توزيع وإمكان توفير وتناسب أسعار وقيم استهلاك؟، ألم يقولوا قديما: "المعدة بيت الداء.. والحمية رأس الدواء"، وألم يقولوا حديثا: " غذاؤك دواؤك" و "درهم وقاية خير من قنطار علاج"؟.

الحبيب عكي 


اقرء المزيد

الخميس، 11 نوفمبر 2021

http://akkioasisdesarticles.blogspot.com/

حتى لا نقع في جرم الإساءة إلى الرسول (ص)

      مفارقة غريبة، أنه بقدر ما تنتشر الدعوة الإسلامية ويستجيب لروح دينها آلاف من غير المسلمين(70 ألف في فرنسا وحدها)، بقدر ما يفقد الأعداء سكونهم وصوابهم وينظمون حملات مغرضة للإساءة إلى الرسول (ص)، وهو الرحمة المهداة والنعمة المسداة، وهو الجود الموجود الذي أضاء بوجوده كل الوجود. وعلى إثر تلك الإساءات المتواترة الهوجاء ينتفض المسلمون إثارة وهياجا في مشارق الأرض ومغاربها، يجوبون شوارعها ويرفعون شعاراتها ويحرقون أعلامها..، ثم يهدؤون ويعودون إلى أوكارهم وينهمكون في أعمالهم وكأن شيئا لم يكن، بل ويسعون بكل السبل كيف يهاجرون للعيش في تلك البلدان التي تسيء إليهم وإلى رسولهم ودينهم بشتى أشكال الأقوال والأفعال والمغالطات، وتخشى منهم لمجرد شيوع رأي عام يرفض الظلم والاستعباد ويحرص على العدل والإنصاف؟؟.

 

         غير أن المسيئين إلى رسول الله (ص) ليسوا من الغربيين المتعصبين فحسب، بل قد نجدهم أيضا من بني قومنا وأبناء أمتنا، ممن يعيشون بين ظهراننا وينخرطون في سفاهة وفظاعة هذه الإساءة، يصفهم المثل الشائع "يأكلون الغلة ويسبون الملة"، وهم أنواع:


1-  صنف مغرضون لا يخجلون من الطعن في شخصه الكريم (ص) ورفض سنته ورسالته، كما في عروض بعض الملحدين ومؤلفات بعض بقايا الشيوعيين.. وأنديتهم وصحفهم وأفلامهم..؟


2-  المستلبون المسخرون من طرف أباطرة الإساءة، وهم يقودونها في أوطانهم بالنيابة عنهم وبالمجان، ككل الشخصيات المستلبة والهيئات المستغربة والغريبة عن هوية الأمة و مرجعيتها..؟


3-  المقصرون في نصرة النبي (ص) والصامتون عن الإساءة إلى شخصه الكريم، أو حتى المسيؤون في سعيهم لمحاربتها، ومنهم ذلك السياسي بسياسته التجاهلية، أو حتى المناصر المخرب للملك العمومي في مسيرته التضامنية..، وكأن رد الإساءة يكون بالإساءة؟


4-  ومنهم كذلك قوم تشبعوا بالثقافة الانبطاحية والدبلوماسية الاسترزاقية..، حتى أنهم لم يخجلوا فساروا مع المسيئين في مسيرة "Charlie Hebdo" بكاريكاتورها المسيء، أو احتجوا على مقاطعة شعبية لدولة فرنسية غربية مسيئة ستحرمهم من جبنتها؟


5-  ومنهم المسلم الذي ليس بينه وبين خلق الرسول وسنته وقدوته وحبه وأل بيته وأصحابه والصلاة والسلام عليه والشوق إلى مقامه وشفاعته..، شيء مما كثر أو قل يلازمه ويتعبد به في حياته وعمله وعلمه وعــالمه؟

 

وكيفما كان الحال، فتبقى علينا نحن المسلمين وكل المنصفين، مسؤولية الدفاع عن رسول الله(ص)، من جهل الجاهلين وغلو الغالين وإطراء المطرين..، وكلها إساءات لابد من محاربتها، بالطرق المشروعة، ومن ذلك:


1-  معرفة الرسول (ص) من خلال الكتاب والسنة وكتب السيرة، وهنا لابد من الإشارة إلى مرجع عالمي أساسي في الموضوع ألا وهو كتاب "الشفا في حقوق المصطفى" للقاضي عياض الذي يترجم بحق عربون حب المغاربة للرسول (ص)؟


2- الوفاء له بحقه (ص) كما توجبه العقيدة، محبة واقتداء، صلاة وسلاما عليه وشوقا إليه..، قال تعالى: "وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا" الحشر/7، وقال رسول الله (ص): "تركتكم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إلا هالك، كتاب الله وسنتي"رواه ابن ماجة.


3- التعريف بشمائله (ص) عند مختلف الفئات والأجناس، وتجديد وسائل ذلك حتى تناسب العصر و رقمنته وصحافته وأفلامه القصيرة و..و..و..، مع التركيز على عنصرين أساسيين ذكر الحقائق ورد الشبهات بغرض الانتفاع والاعتبار أو المعرفة والمحبة والتأسي، قال (ص) في حديث صحيح: "لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه وولده والناس أجمعين".


4- تفادي العديد من السلوكات المسيئة إلى الرسول (ص) نأتيها في حياتنا ولا نبالي، كسبه من طرف الصغار واتهامه من طرف الكبار، و رفض صحيح حديثه أو الافتراء عليه بحديث غير يقين أو رفض الاستدلال به..، كذلك ينبغي محاربة ما يسود في مواسمنا من بدع و قبورية وخرافات طلب الولد من الأولياء، والاستشفاء بهم، والحضرة في أضرحتهم، وأكل التبن والنار وشج الرؤوس وشرب الماء المغلي والدماء..، وهي عادات متخلفة ما أنزل الله بها من سلطان؟


6-  إحداث مراكز ومؤسسات وكراسي علمية وبحثية في سيرته العطرة وشريعته الغراء (ص)، وتوحيد جهود رصد الإساءات والشبهات والخرافات، وكذلك الجهود الرقمية والواقعية اللازمة للتصدي لها ومحاربتها، ولتذهب هذه الجهود من أدناها إلى أقصاها، من الحوار مع المخالفين ودعوتهم إلى الكلمة السواء،  إلى الحجاج والاحتجاج الرسمي والشعبي ضد المسيئين، إلى الدفاع الإعلامي بمختلف أنواعه وأغراضه، إلى المقاطعة لمن جلبتها له "عنطزيته" فعلى نفسها تجني "براقيش"، وكل هذه واجبات لا تجدي فيها الجهود الفردية - كما يقول العلماء - بل لابد فيها من الجهود الجماعية المنظمة الدعوية منها والمدنية، فأين جمعيات حب النبي والتربية على أخلاقه (ص)؟، وجمعيات محاربة الإساءة إليه ؟، وجمعيات تعريف النشء بمكارم أخلاقه (ص)..وجمعيات.. وجمعيات.. يضيف بعضهم.

 

وأخيرا، ليعلم المسيؤون بكل أصنافهم وأصناف إساءاتهم، أقوالا وأفعالا ومغالطات..، رسوما وأفلاما وكاريكاتيرات..، أنما يسيؤون إلى أنفسهم ومؤسساتهم وبلدانهم قبل كل شيء، وأما رسول الله (ص)، فقد تكفل الله به وبرسالته إلى يوم الدين، ولن ينالوا منهما إلا ما ينال رأس ماعز ينطح مصمت الصخر في الجبل الأشم، وكما يقال فإن "من أساء إلى الرسول (ص) قاتله الله شر قتلة"، قتلة الردة والفتنة، وقتلة الغضب والسباب، وشر الإساءة والتفرقة بين قومه، من مع ومن ضد، وشر المقاطعة والخسارة، وشر الموتة الحقيقية كما حدث مع الدانماركي صاحب الرسومات المشؤومة؟


قال تعالى: "إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ"الحجر/95. وقال تعالى:"وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ "آل عمران/85. نتساءل مع المتسائلين: ألا بالله عليهم لماذا يسيؤون إليه (ص)، برسوماتهم التافهة؟، وإلى مصحفنا الطاهر المطهر بتدنيسه وتمزيقه وتحريقه..؟، وإلى ديننا ومتدينينا بتشويههم واسترهابهم وهم كغيرهم من البشر يصيبون ويخطؤون، والإرهاب لا دين ولا جنسية له؟

1-    أ يسيؤون إليه لأنه وحد ربه، وهم قد قتلوه (حاشا لله) أو ثلثوه زورا وبهتانا؟

2-    أ يسيؤون إليه لأنه دعا إلى مكارم الأخلاق، وهم يريدونها فوضى تعافها النفوس؟

3-  أم يسيؤون إليه لأنه خاتم النبيئين (ص)، لازال دينه يصمد 14 قرنا مضت، وأعتى فلسفاتهم لم تصمد عشر معشار ذلك؟


       ألا إن هذا الذي تسيؤون إليه لو تعلمون لم يقل فيه عقلاؤكم غير الخير كل الخير والانصاف، فمن قائل: "إن العالم أحوج ما يكون إلى رجل في تفكير محمد..لو كان حيا بيننا لحل مشاكلنا"برنارد شو الإنجليزي، وقائل:" إننا أهل أوروبا بجميع مفاهيمنا، لم نصل بعد إلى ما وصل إليه محمد" جوتيه الألماني، وقائل:"محمد هو النبي الفيلسوف..الخطيب المشرع..المحارب قاهر الأهواء..هل هناك من هو أعظم من النبي محمد "لامارتين" الفرنسي، وقائل: "يكفي محمداً فخراً أنّه خلّص أمةً ذليلةً دمويةً من مخالب شياطين العادات الذميمة، وفتح على وجوههم طريقَ الرُّقي والتقدم، وأنّ شريعةَ محمدٍ، ستسودُ العالم لانسجامها مع العقل والحكمة" تولستوي الروائي الروسي العالمي، وقائل.. وقائل..، فمالكم كيف تحكمون؟؟.

الحبيب عكي


اقرء المزيد

الخميس، 4 نوفمبر 2021

http://akkioasisdesarticles.blogspot.com/

عندما تشهد علينا شهاداتهم في حق الرسول (ص)

رسول        رسول الله (ص) لا يحتاج في الحقيقة إلى شهادة بعد شهادات الله عز وجل في حقه، في قرآنه الكريم، حيث جاءت هذه الشهادات متواترة وكلها تنزهه (ص) عن كل ادعاءات المشركين وافتراءات المسيئين، وتعطي حقيقته القرآنية الربانية الرائعة، التي يعتقد بها كل من كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد، فقال تعالى: "محمد رسول الله"، وقال أيضا: "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين"، وقال: "وإنك لعلى خلق عظيم"، إلى أن قال: "إنا أرسلناك مبشرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا"، وقائلا:" لَقَدْ جَآءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ " التوبة/128، إذن، فهو الرسول (ص).. وهو منكم حريص عليكم.. وهو القدوة الحسنة.. وهو الداعية المجاهد.. وهو الرحمة المهداة.. والنعمة المسداة..من بعث رحمة للعالمين ليتمم مكارم الأخلاق؟.

 

                   شهادة المشركين أنفسهم في حقه (ص) وفي حق ما جاء به من الرسالة، حيث حدث أن عبد الله بن رواحة رسول رسول الله لأخذ خراج خيبر من اليهود وفق المعاهدة التي نصت بينهم على النصف، فلما رفض ما رشوه به من حلي نسائهم ليخفف عنهم قال لهم: "يا معشر اليهود جئتكم من عند أحبّ الخلق إليّ، ولأنتم عندي أبغض خلق الله إليّ، ومع ذلك لا يحملني هذا أن أحيف عليكم ولا أزيدكم، أما الذي عرضتم عليّ من رشوة فإنها سحت، وإنا لا نأكلها، فما ملك اليهود إلا أن قالوا: "بهذا قامت السموات والأرض وبهذا غلبتمونا.


وهذا الوليد بن المغيرة (أبو شمس وريحانة قريش) قال لقومه ما تقولون في محمد فقالوا: " نقول كاهن، فقال: ما هو بكاهن، لقد رأيت الكُهَّان، فقالوا: نقول مجنون، فقال: ما هو بالمجنون، لقد رأينا الجُنون وعرفناه، فقالوا: نقول شاعر، فقال: ما هو بشاعر، قد عرفنا الشِّعر بِرَجزِهِ وقَريضهِ، ومَقبوضهِ  ومَبسوطهِ، فما هو بالشعر، قالوا: إذن نقول ساحر، قال: ما هو بساحر، قد رأينا السَّحرةَ وسِحرهم، ما هو بِنَفثهِ ولا عُقَدهِ، قالوا: فما نقول يا أبا عبد شمس؟ قال:" والله لقد سمعت من محمد آنفاً كلاماً؛ ما هو من كلام الأنس ولا من كلام الجن؛ والله إنَّ له لحلاوة، وإنَّ عليه لطلاوة، وإنَّ أعلاه لَمُثمِر، وإنَّ أسفَلهُ لَمُغدِق، وإنّه يعلو ولا يُعلى عليه"؟. ثم انصرف..؟.


                     وشهادة الصحابة رضوان الله عليهم فقد ورد بعضها وأقواها في ترافع الصحابي القائد جعفر بن أبي طالب أمام "النجاشي" ملك الحبشة عند الهجرة الأولى فقال: " أيها الملك، كنا قوما أهل جاهلية، نعبد الأصنام ونأكل الميتة، ونأتي الفواحش ونقطع الأرحام، ونسيئ الجوار، ويأكل القوى منا الضعيف، وبقينا على ذلك حتى بعث الله إلينا رسولاً منا، نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه...فدعانا إلى الله، لنوحده ونعبده ونخلع ما كنا نعبد نحن واَباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان...وقد أمرنا بصدق الحديث، وأداء الأمانة، وصلة الرحم، وحسن الجوار، والكف عن المحارم وحقن الدماء، ونهانا عن الفواحش، وقول الزور، وأكل مال اليتيم، وقذف المحصنات، وأمرنا أن نعبد الله وحده ولا نشرك به شيئاً، وأن نقيم الصلاة ونؤتى الزكاة ونصوم رمضان...فصدقناه واَمنا به واتبعناه على ما جاء به من عند الله، فحللنا ما أحل لنا وحرمنا ما حرم علينا، فما كان من قومنا أيها الملك إلا أن عدوا علينا، فعذبونا أشد العذاب ليفتنونا عن ديننا ويردونا إلى عبادة الأوثان... فلما ظلمونا وقهرونا وضيقوا علينا وحالوا بيننا وبين ديننا خرجنا إلى بلادك واخترناك على من سواك ورغبنا فى جوارك ورجونا إلا نظلم عندك " فكان لهم ذلك؟.

 

           غير أن ما أثار انتباهي اليوم ،هو شهادة زوجته أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها، شهادة أدلت بها في حقه (ص) في أحلك الظروف الدعوية وإرهاصات بعثته (ص)، لو تأملناها لأدركنا حقيقة رسول الله (ص) ولغيرت الكثير من فهمنا القاصر لهذا الدين الإسلامي الحنيف، خاصة على ضوء الواقع المتردي والذي يتشبث فيه الناس ببعض النتف ويدعون أن ذلك كل ما عليهم، وما قصروا في الالتزام بالإسلام في شيء. قالت خديجة للرسول (ص) وهي تواسيه وقد جاءها جزعا مما بدأه من إرهاص الناموس عند غار حراء: " إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق، والله، لن يخزيك الله أبدا"؟. "Pack"إسلامي رفيع ينجي صاحبه من الخزي والخذلان والمهانة التي قد تصيبه أو تدب في مجتمعه وأمته.

         وما أكثر "الباكات" الإسلامية جماعية أو حتى فردية في تكاليفها جماعية في أجرها، "Pack " دخول الجنة: "أيها الناس، أفشوا السلام وأطعموا الطعام وصلوا بالليل والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام" رواه الترمذي". "Pack " لزوم رحاب الله حتى عند الضعف والفتور، حيث قال الرسول (ص)  لمن جاء يشكوه ثقل تكاليف الإسلام عليه فقال له: "لا يزال لسانك رطبا بذكر الله" أ خرجه أحمد. وفي القرآن أيضا "Pack " الإيمان مثلا: " إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۚ أُولَٰائِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ" الحجرات/15. وقوله تعالى: "إنما المؤمنون الذين إذا أصابتهم مصيبة، قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون.." البقرة/156، وقوله تعالى: "إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم، وإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ ءَايَٰتُهُۥ زَادَتْهُمْ إِيمَٰنًا وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ" الأنفال/2؟.

         والآن نعود إلى "باك" أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها، خاصة في ضوء ما أصاب الأمة من الخزي والخذلان والضعف والهوان، وفي كل مرة تتساءل عن الأسباب والمسببات، وعن روافع النهوض، والحال أن الأمر أوضح من واضح، فأين هي من معالم هذا الوضوح الفاضح؟

1- إنك لتصل الرحم: والرحم معلقة بعرش الرحمان، من وصلها وصله الله، ومن قطعها قطعه الله، فأين نحن من الرحم ومنا من يقاطعها، ومنا من يتضايق بها، ويتمنى لو لم يزره رحمه، أو يعجلوا بمغادرتهم عند الزيارة، أو يكتفوا بالهاتف بدل الزيارة المباشرة، بل ربما حتى الهاتف يبلغه هموما هو في غنى عنها ويكلفه تكاليف يستثقلها ويتهرب من أدائها لا لشيء إلا لأنها من الرحم؟؟.

2- وتصدق الحديث: وما أدراك ما صدق الحديث، وما أدراك كيف كان له صفة ملازمة من صغره إلى كبره، حتى لقبه قومه (ص) بالصادق الأمين، أيما شيء حدثهم عنه صدقوه إلا في أمر الوحي والرسالة، وها نحن اليوم ندرك أهمية صدق الحديث في زمن الكذب والإشاعة، وكيف أن الكثيرين لا يصدقون غيرهم من الأقرباء أو الغرباء أو حتى المسؤولين عنهم، ما لم يترجموا أقوالهم إلى أفعال وأفعال طيبة، ولا يزال مسلسل الوهم والافتراء في زمن السياسوية والوباء يكبد الأمة ما يكبدها، لذا علينا بالتثبت قبل الحديث بما نسمع، وأن نتثبت من مصدر الخبر وصفاته: "ماذا.. من؟.. أين؟.. متى؟.. كم .. وكيف"؟.

3- وتحمل الكل: تعين صاحب الدابة على حمله، في وقت كانت الدابة وسيلة نقل الجميع، وهي كناية على المساعدة العامة في التنقل أو في غيره من مكابدات الناس عامة والكلالة الضعفاء منهم خاصة، كأن تساعد محتاجا معدوما على سفره، بحجز تذكرة له، أو إعارته سيارتك أو نقله على مثنها إذا كان بالإمكان، أين نحن من هذا وشعارنا اليوم :" كل شيء إلا السيارة فهي كالمرأة من العار أن تعار"؟.

4- وتكسب المعدوم: والقرآن والسنة مليئين بهذا إلى درجة يؤكدان فيها أن هذا هو منهج الإسلام في التضامن الاجتماعي:" حق السائل و المحروم"، "إنما الصدقات للفقراء والمساكين"، "حتى لا يكون دولة بين الأغنياء منكم" ومنا من لازال لا يريد أن يعود في ماله وراتبه الشهري إلا ذاته وأهله على أكبر تقدير، رغبة فيما يرغب أو خشية مما يخشى، والقرآن يقول: " خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ ۖ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ ۗ" التوبة /103؟.

5- وتقري الضيف: يعني تمكنه من واحب الضيافة أي القراء، ورحم الله زمن كرم الضيافة و" التيساع في الخاطر ماشي في الخيمة"، شيمة العرب والأمازيغ الأولى، بذبح الجديان والخرفان بل حتى الجمال، واليوم أغلقنا بيوتنا وأصبح يسري على الضيافة ما أصبح يسري على الرحم، ولكل شعاراته الأنانية أقبحها:" واش عندي فندق"؟، أو" اللي جاء يمشي لدار الضيافة" يعني دار الجماعة أو عابر السبيل، فأين هي هذه الدار؟ ومن ينفق عليها أو كم ننفق نحن عليها؟.

6-وتعين على النوائب: ولا زال كل الناس بفئاتهم في مختلف النوائب، نوائب الفقراء المعسرين ونوائب الأغنياء الميسورين، ولا خلاص لهم إلا بهدي النبي (ص) في التعاون والتضامن وتفقد الفقراء والمحتاجين، ماديا ونفسانيا بدل السائد بينهم من التحاقد والتطاحن، لدى الأغنياء ما قد يحتاجه الفقراء من الكرم وخشاش الأرض، ولدى الفقراء ما قد يحتاجه الأغنياء من النبل والبساطة وراحة البال، فلماذا كل هذا التباعد بينهم والاستعلاء ؟.

          هذا هو رسول الله (ص) الرحمة المهداة والنعمة المسداة، وهذه هي رسالته، يصل الرحم، ويصدق الحديث، ويحمل الكل، ويكسب المعدوم، ويقري الضيف، ويعين على نوائب الدهر، فيا باغي الخير أقبل و يا باغي الشر أدبر، أقبل وأدبر و أدبر وأقبل، فكل القوم في سفينة، أصاب بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها، وأراد القوم أسفلها خرقها حرية وأنانية، فإن هم منعهم القوم أعلاها نجوا ونجوا جميعا، وإن هم تركوهم هلكوا وهلكوا جميعا. أقبل وأدبر و أدبر وأقبل، فهؤلاء علماء الغرب وحكماؤه أيضا يدلون بشهاداتهم في حق الرسول (ص) فيقول "برناردشو" الإنجليزي:" "إن العالم أحوج ما يكون إلى رجلٍ في تفكير محمد، لو تولى أمر العالم اليوم، لوفق فى حل مشكلاتنا بما يؤمن السلام والسعادة التى يرنو البشر إليها"؟. و قال الفيلسوف الفرنسي "لامارتين": "النبي محمد علية الصلاة والسلام، هو النبي الفيلسوف المحارب الخطيب المشرع، قاهر الأهواء وبالنظر إلى كل مقاييس العظمة البشرية، أود أن أتساءل هل هناك من هو أعظم من النبي محمد عليه الصلاة والسلام"؟، وقال "تولستوي الروسي":" يكفي محمداً فخراً أنّه خلّص أمةً ذليلةً دمويةً من مخالب شياطين العادات الذميمة، وفتح على وجوههم طريقَ الرُّقي والتقدم، وأنّ شريعةَ محمدٍ، ستسودُ العالم لانسجامها مع العقل والحكمة"؟. 

           شهادات كلها قمة في السمو والحقيقة والإنصاف، لا تكاد تظهر أمامها كل إساءات المسيئين، ولكن -مع الأسف- تثيرنا الإساءة وقد كفاها الله إياه "إنا كفيناك المستهزئين"، ولا يحركنا الإنصاف، أو إلى كم يحركنا حتى نلزم بحبوحة دينه وروعة رسالته وسمو خلقه، فلا زال الاستلاب كل يوم يسلبنا وهو لا ظهرا يبقي ولا أرضا يقطع، وأنى له؟، قال عمر رضي الله عنه: "نحن قوم أعزَّنا الله بالإسلام ،فمهما ابتغينا العزَّة في غيره أذلَّنا الله "رواه ابن حبان؟. فاللهم ارزقنا الأمن والإيمان والسلامة والإسلام و احفظنا من الخزي والمهانة ومن الذل والهوان...آمين والحمد لله رب العالمين.

الحبيب عكي

اقرء المزيد

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

المتابعون

المشاركات الشائعة