Top Ad

الأحد، 26 يونيو 2022

http://akkioasisdesarticles.blogspot.com/

تغريدات مائية على خرائر شلال

1-  وجود الماء: يعتبر الماء أكثر الأجسام انتشارا على وجه البسيطة، حيث يغطي حوالي (70%) من مساحة الكرة الأرضية، وهو ضروري لحياة كل الكائنات، قال تعالى: "وجعلنا من الماء كل شيء حي" الأنبياء/30.

 

2-  مصادر الماء: وهي متعددة، من مصادر سطحية كمياه السواقي والأنهار والبحار، ومصادر جوفية كمياه العيون والآبار، ومصار جوية كتساقطات الثلوج والأمطار.

 

3-  حالة الماء: كل الأجسام في الطبيعة لها حالة فيزيائية واحدة، إلا الماء فهو يوجد على ثلاث حالات فيزيائية صلبة كالبرد والثلوج، وسائلة كمياه المجاري والعيون، وغازية كالسحاب والبخار.

 

4-  خصائص الماء: الماء لا لون له ولا طعم ولا رائحة، منه طاهر يستعمل في العبادة وطهور يصلح للعادة، وإذا تغيرت إحدى خصائصه بشكل يضر بالإنسان والحيوان والبيئة عموما، أصبح ملوثا وتنبغي له المعالجة.

 

5-  شكل الماء: الماء له حجم خاص لا يتغير ولكن شكله يتغير، و يتخذ شكل الإناء الذي يوجد فيه، بغض النظر عن مادة صنعه أو شكله أو حجمه، وربما في ذلك درس في معنى الثبات والمرونة.

 

6-  الماء والكأس: يقال أن الماء ونصف الكأس الفارغ تشاؤم، والماء ونصف الكأس المملوء تفاؤل، والملأ والفراغ في نفس الكأس موجودان لا يلغي أحدهما الآخر، ولكن الإنسان يرتدي لما يشاء من الأشياء نظارتها.

 

7-       الماء والذوبان: للماء قدرة هائلة على الذوبان، فهو يذيب العديد من الأجسام الصلبة وتمتزج به الأجسام السائلة وتنحل فيه الغازات، لذا فهو جسم طاهر ومطهر يزيل كل النجاسات. وكثرة الماء على الماء تصفي أشد المحاليل تعكرا وتحلي أكثرها مرارة ، وفي ذلك تضرب أمثلة الأذكار والتوبة تزيل أشد الذنوب ترسخا وتوسخا وقذارة.

 

8-  تحول الماء: تتحول الحالة الفيزيائية للماء بفعل الحرارة (التبخر والانصهار والتسامي) أو بفعل البرودة (التجمد والتكاثف والاسالة)، وعند كل تحول فيزيائي يتغير الحجم ولا تتغير الكتلة. فعند تجمد الماء يكبر حجمه ويطفو فوق البحر، ويقال أن في ذلك حكمة تلطيف المياه العميقة حتى لا تتجمد فيها كائناتها من الحيتان وغيرها.

 

9-  دورة الماء: يدور الماء في الطبيعة دورته إذا دار عبر مصادره المختلفة من السطحية إلى الجوية فالجوفية، مياه سطحية تتبخر فسحبا تتكاثف وتساقطات كالثلوج والأمطار، يمكث بعضها على سطح الأرض وفي مجاريها ويتسرب بعضها إلى جوفها يغذي الآبار والعيون.

 

10-   أهمية الدورة: يقال أن دورة الماء لها فوائد كبيرة، فبفضلها تجدد المياه وتنقى وتنتقل سحبها وأمطارها بفعل الرياح من مكان قد يكون ممطرا إلى آخر قد يكون جافا، فيسقي الله بها الأرض ويملئ السدود ويحيي العيون.

 

11-   لطائف الدورة: الدورة تعني أن كمية الماء في الكون لا تتغير، لا تزيد ولا تنقص، ولكن سوء التوزيع والإمطار هو ما يحدث الاختلال، إذ قد تنتج السحب فوق بقاع وتسوقها الرياح للإمطار فوق بقاع أخرى. وكذلك المأساة في تلوث الماء والهواء، كالأمطار الحمضية والاحتباس الحراري، قد تنتجها دول صناعية وتسوق الرياح أضرارها إلى دول أخرى ليست كذلك.

 

12-   الاحتباس الحراري: يهدد بارتفاع درجة حرارة الكون، وبالتالي الجفاف وانصهار المياه المتجمدة في القطبين الشمالي والجنوبي للكرة الأرضية، مع ما سيؤدي إليه ذلك من فيضانات وارتفاع منسوب المياه في المناطق الشاطئية.

 

13-   نسبة الماء: يحتل الماء نسبا عالية في جل الكائنات فالطماطم تحتوي منه على (90%) والبطاطس على (80%) والبطيخ (95%) والبرتقال (87%) والإنسان حسب مرحلته العمرية، الجنين (90%) الرجولة (70%) والكهولة (65%). ولله ذر هذا الشلال وما زال ينبض فيه من مجاري وآمال، والجفاف إذ بلغ اليوم (64%) أتى على غيره من البرك والأحواض والعيون والآبار والسواقي والأنهار، فلا مجرى أبقى ولا عطشى أسقى.

 

14-   استعمالات الماء: يستعمل الناس الماء في كل مجالات الحياة، في الفلاحة والملاحة، في الطبخ والصناعة، في السياحة والترفيه، فهو عصب الحياة، أول ما ينظف ويعمد به الوافد المولود، وآخر ما يغسل ويودع به الميت المفقود.

 

15-   حاجة الإنسان من الماء: يحتاج الإنسان البالغ من شرب الماء إلى حوالي 2،5 لتر من الماء يوميا، وبقدر ما ينقص من هذا الحجم بقدر ما يصاب بالاجتفاف خاصة المسنين وبالتالي الامساك، و يستطيع الإنسان الاستغناء عن الأكل من أسبوع إلى شهر عكس الماء الذي لا يستطيع الاستغناء عنه أكثر من 3 أيام فقط.

 

16-   استهلاك المزروعات: لإنتاج كلغ واحد من القمح يحتاج الفلاح إلى حوالي 590 لتر من الماء، وبطيخة من 10 كلغ 2500 لتر من الماء، وكلغ أفوكا 1000 لتر، ومن الفراولة 420 لتر، لذا ينبغي تجنب بعض المزروعات التي أرادت بعض الدول استيطانها في أرضنا حفاظا على مواردها المائية من الاستنزاف، ومع الأسف يبدو أنها قد نجحت في ذلك. لأن زراعة وتصدير هذه المنتوجات بنسب مئوية مضاعفة يعني تصدير الماء ونحن في أمس الحاجة إليه.

 

17-   معالجة الماء: كل المياه تعالج، وتمر معالجتها عبر مراحل فيزيائية (إزالة الأجسام الصلبة بترشيحها عبر شبكات حديدية) فالمعالجة الكيميائية (إزالة الزيوت والأجسام العالقة والمترضية بترشيحها عبر طبقات رملية) فالمعالجة البيولوجية (تعقيمها من الجراثيم والفيروسات وتجويد طعمها ورائحتها عبر الشمس والكلور والفحم المنشط). فتحفظ في خزانات مائية قبل أن تقوم مصالح الماء الصالح للشرب بتوزيعها عبر شبكاتها على الأحياء.

 

18-   نعمة أم نقمة الماء: الماء في وفرة وجوده نعمة، تتطلب التخزين وحسن التدبير والتوزيع والاستهلاك والتكلفة المناسبة والعدالة حتى يكون في متناول الجميع، وفي غيابه وقلته ونذرته نقمة تتطلب حل مشاكل الايجاد والتوفير والخدمات، فالماء في جميع الحالات – كما يقال – إشكال يحتاج إلى حكامة و مسؤولية وتعبئة وإبداع.

 

19-   الماء والدنيا في القرآن: قال تعالى: "واضرب لهم مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض: "، من هنا يقال أن الدنيا كالماء لأنهما لا يستقران على حال، والماء يذهب ولا يبقى وكذلك الدنيا تذهب وتفنى، والماء لا يدخله أحد إلا ابتل، وكذلك الدنيا لا يولغ فيها أحد إلا افتتن وهلك، فالقليل من الدنيا ينفع وفضولها كفضول الماء يضر ولا ينفع.

 

20-   الطرق السيارة للماء: رغم كثرة مصادر تعبئة الماء، من التساقطات وتحلية مياه البحر وصيد السحب والمعالجة، فإن هناك ندرة وسوء توزيع بلغ أن (7%) من أراضي الشمال الغربي تستأثر ب (80%) من مخزون المياه والتساقطات الوطنية، فلم يعد الناس يفكرون في السدود الكبرى ولا الصغرى للتغلب على معضلة الماء، بل في الأحواض المائية والطرق السيارة للماء، كالطريق السيار الذي يروي عطش طنجة في الصيف ببواخر مائية مرفؤها من الجديدة؟.

 

21-   الماء الوافر الناذر: رغم وفرة الماء في الكون (70%) فإن معظمه في البحار مالح، وفي القطبين الشمالي والجنوبي جليد متجمد، وبالتالي لا يبقى للكائنات من المياه الصالحة للشرب غير نسبة ضعيفة جدا لا تتعدى (1%)، من هنا ضرورة الاقتصاد في استعماله وحسن تدبيره، قال تعالى: "وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين" الأعراف/31.

الحبيب عكي


اقرء المزيد

الخميس، 23 يونيو 2022

http://akkioasisdesarticles.blogspot.com/

إشكالات الماء في غياب الخيط الناظم والقرار الصارم .

طالما تحدث المناخيون والبيئيون والمهندسون المائيون والسياسيون والاقتصاديون والاجتماعيون عن العديد من إشكالات الماء امتدت وتمتد في مختلف المجالات وشملت وتشمل مختلف المستويات، وكلها تؤكد أن التغيرات المناخية قد أرخت بظلالها الكالحة على الموارد المائية للعديد من الدول ومن بينها دولة المغرب التي أصبحت تتفاقم فيها معضلة الماء وعلى شكل العديد من الظواهر الطبيعية والاجتماعية الصعبة والمزمنة والعامة الامتداد أو شبه العامة، ومن بينها ظاهرة الجفاف وقلة التساقطات وندرة المياه الصالحة للشرب وتلوث بعضها .. استنزاف الفرشات المائية واستنبات بعض الزراعات المساهمة في ذلك، تراجع المعدل الوطني من الاستعمال الفردي السنوي للمواطن من الماء إلى جوالي الربع (من 2500 م3 سنة 1960 إلى حوالي 650 م3 حاليا).. ارتفاع تكلفة الربط والاستهلاك والخدمات المائية وعدم تعميمها على الجميع خاصة في القرى والأرياف..، وما ينتج عن كل ذلك من ظواهر مجتمعية خطيرة تهدد الاستقرار الاجتماعي بالاحتقان والاحتجاج والصراع القبلي على الماء وارتفاع البطالة والهجرة القسرية والغلاء الفاحش في مجمل المواد والمحروقات؟.

 

وبقدر ما تستوجب كل هذه المعضلات من تدخلات مستعجلة وقرارات جريئة وفعالة لإيقاف تفاقمها أو على الأقل التخفيف من تأثيراتها البيئية والإيكولوجية على أمن البلاد ومصالح العباد، فإننا نجد غياب التدخل بالمطلق في بعض الحالات وجبن القرار في حالات أخرى،  و إعزاء كل ذلك رغم مضاره الجسام ربما إلى قلة الإمكان أحيانا، وأحيانا أخرى إلى عدم الاختصاص، أو ربما قدرية الظروف المناخية التي لا رد لقضائها، فيبقى الجفاف والفيضان والزلزال كوارث بركانية على الجميع لابد مدركها، وكأن الأمور على كف "عفريت" لا يفيد معها سحر "عفريت" ولا احتجاج "نفريت"؟. والواجب ترتيب هذه المخاطر .. تحرير أسبابها وخطورة تفاقمها.. إطلاق البحث العلمي الرصين والهادف والتشاور العمومي الواسع لتحيين الأوضاع ومقترحات المناظرات السابقة في الموضوع.. للخروج باستراتيجية وطنية تعاونية قطاعية شاملة.. تحدد الاختلالات وترتب المسؤوليات ومداخل الحكامة وحواملها حسب السياسات العمومية، ما هو الاشكال الأكبر أو الذي في إمكاننا إصلاحه، وكيف ومتى وأين وبمن؟.

 

أضف إلى ذلك سلوك اللامبالاة الذي يصدر من الكثيرين حتى وإن تعلق الأمر بالعدالة المائية والأمن المائي والحق الدستوري فيه، وإذا بالإسراف والعشوائية في الاستعمال رغم كل ما ندعيه من السلوك المواطن، و رغم المعتقد الديني الذي يحض الجميع على الاقتصاد في استعمال الماء وترشيد استهلاكه ولو كان الأمر للوضوء والطهارة وغيرها من العبادات، ولو كان المرء على جنب النهر أو حتى شط البحر؟. وكم نخسر في مجال الماء وفي غيره بهذه الاستهانة بالوازع الديني، قال تعالى:" فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا، يرسل السماء عليكم مدرارا، ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم أنهارا، مالكم لا ترجون لله وقارا" نوح/12. وقال رسول الله (ص): " ما منع قوم زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء" رواه ابن ماجة، و قد تمتد هذه العشوائية أيضا في مجال الماء إلى اختيار نوع المزروعات التي يتطلب انضاجها كثير من كميات الماء ك" البطيخ " و " الفراولة "، والإصرار على زراعتهما في كل موسم ولو سبب ذلك زيادة قساوة الجفاف والعطش في مناطق الزراعة وأصاب أهلها ودوابها بالعطش والهجرة القسرية؟. ومثل ذلك في مجال الصناعة والتجارة المائية التي تقوم بعض شركات المياه المعدنية بتعدين مياهها وإغراق الداخل والخارج بعبواتها ولو على حساب مناطق العيون في الأطلس وما يصيب بسببهم ساكنتها وحقولها وبهائمها من عطش وبطالة ونزوح قسري جماعي إلى المجهول؟.

 

كيف نركز في مجمل خطواتنا العلاجية على بعض الحملات التحسيسية التي تستهدف المواطن - على أهمية ذلك - في حين تؤكد الدراسات والإحصائيات أن المواطن هو الحلقة الأضعف، وإن صام عن استعمال الماء بالمطلق - إن كان ذلك بإمكانه - فلن يغير ذلك من وضعنا المائي المختل شيئا، لأن استهلاك المواطن من الماء لا يتعدى (3%) فقط، أليس من الأصوب أن نركز على المجال الفلاحي الذي يستهلك أزيد من (85%)، ونتجرأ على اتخاذ القرارات المناسبة فيه، بدء من تعبئة موارده المائية.. تنويعها بين التساقطات والمعالجة ومحطات التحلية (9 محطات).. تخزينها بين السدود الكبرى والصغرى والفرشات الجوفية.. حسن تدبيرها حسب المجالات الجغرافية وحوالي (90% منها صحراوي).. حكامة توزيعها حسب الأحواض والطرق المائية السيارة.. بناء سدودها و آبارها و"نطفياتها".. أنظمة سقيها الموضعية الحديثة.. علقنة استثماراتنا الفلاحية والصناعية الداخلية والخارجية.. تقنين مزروعاتها موسمية سقوية وبورية.. معالجة مياهها وإعادة استعمالها وهي الآن لا تتعدى (30% من استعمال المعالج).. تجريم المخالفات وتغريم أصحابها كائنين من كانوا؟.

 

 وأكثر من ذلك، كيف سيقتنع هذا المواطن المسكين ويتعبئ وينخرط في الموضوع بكل مواطنة وفعالية، وهو رغم كل الأزمة المائية المتفاقمة والتي ينذر بعواقبها الوخيمة على الجميع، لا يرى غير استهتارا وبلادة الاسراف في استعمال مياه الترفيه في المسابح والحدائق والملاعب والمنتجعات، حتى أن أحد الظرفاء علق على الموضوع بأن كل هذه الحملات المائية إنما هي حرب أمريكية على التنين الصيني؟، لأنه يرافقها كثير من العجز  في استعمال البدائل الاقتصادية المعاصرة في الماء وتبني تقنياتها المعاصرة وتعميمها كالسقي بالتنقيط و تحلية مياه البحر.. وإعادة استعمال المياه العادمة وإن في الصناعة والفلاحة.. وصيد السحب، أو إحياء الطرق التقليدية في تخزين مياه الأمطار وتوزيعها وحمايتها من التلوث ك"النطفياتّ" في الأرياف و"الخطارات" في الواحات.. وليس في السدود الكبرى المعهودة والتي تتوفر منها بلادنا والحمد لله على (148 سد) وإنما حتى في السدود الصغرى التلية ولدينا منها حوالي (134 سد) و قد نحتاج منها أعدادا مضاعفة، ناهيك عن نظامنا الإيكولوجي في "الخطارات" وهو الذي يتساءل عن أي تثمين يحظى به اليوم وهو نظام بمثابة حوض وطريق مائي سيار دون تبخر ولا ترسب، لكن يظهر أن ما لدينا من الجبن في اتخاذ القرار المناسب والتردد في تعديل السلوك الجماعي، حال ويحول دون ذلك ودون كثير من مداخل وحوامل الإصلاح المائي في هذه البلاد السعيدة؟.

الحبيب عكي


 

اقرء المزيد

الخميس، 16 يونيو 2022

http://akkioasisdesarticles.blogspot.com/

فضاء الفتح يستنكر إقصاءه وجمعيات من أوراش الرشيدية.

بعد كل الغموض والتكتم الذي رافق البرنامج الحكومي "أوراش" بمدينة الرشيدية، جاءت نتائج المشاريع الجمعوية المنتقاة من طرف المجلس الإقليمي المشرف على تنزيل هذا البرنامج، مخيبة للآمال ومثيرة لكثير من غضب الجمعيات والرأي العام المدني المحلي، وذلك لما شاب العملية من خروقات وتجاوزات خطيرة نذكر منها:

1-     جو الغموض والتكتم الذي مرت فيه طلبات العروض دون إعلان عام للجمعيات وعلى متسع من الوقت، فلم يكن على علم بالخبر وفي آخر اللحظات إلا من كانت وكان قريبا من "دار العرس".

2-     عدم إشراك جمعيات المجتمع المدني الجادة في لجن الانتقاء وإعلان النتائج؟، وهي من المفروض حسب ما يدعو إليه الدستور، أنها شريكة في وضع السياسات العمومية وفي تنزيلها وتقييمها وتطويرها.

3-     غياب مساطير قانونية واضحة في تكوين هذه اللجن الإقليمية وعملها على أسس من الحكامة والاستقلالية والشفافية والمساواة وتكافؤ الفرص بين جميع المشاريع والجمعيات لما فيه مصلحة الإقليم أولا.

4-     انتقاء مجرد مشاريع الجمعيات القريبة من الطيف الحزبي المكون للمجلس -على ما يبدو- وإقصاء غيرها مهما توفرت فيه من الخبرة والكفاءة والتواجد الميداني والامتداد الإقليمي وربما الجهوي والوطني.

5-     انتقاء مشاريع خارج تخصص الجمعيات ودفتر التحملات، ومشاريع غير محكمة الرقابة، ولها قطاعات حكومية مكلفة بها كالدعم والتنشيط التربوي..، مما يجعلها ريعا لا ميزانية سيبقي ولا تنمية سيحقق.



       لا نريد أن يتحول برنامج "أوراش" على علاته من أهدافه الاجتماعية واستهدافه لكافة الشباب المغربي إلى برنامج بأهداف حزبية ضيقة وريع انتخابوي يحابي المقربين من مدبريه من الشباب والجمعيات دون غيرهم، وعليه، نعلن للرأي العام المدني ولمن يهمه الأمر من المسؤولين ما يلي:

1-     رفضنا واستنكارنا لنتائج برنامج "أوراش" بإقليم الرشيدية وهي أبعد ما تكون عن المقاربة التشاركية وأهدافها التنموية.

2-     مطالبتنا المجلس الإقليمي بضرورة رفع الالتباس والغموض بالكشف عن المساطر القانونية والمراسيم التنظيمية التي اعتمدها في قبول وانتقاء أو رفض وإقصاء مشاريع وجمعيات دون غيرها.

3-     التماسنا من المصالح الولائية باعتبارها من ترأس اللجن الإقليمية بضرورة التدخل لإرجاع الأمور إلى نصابها وإشراك كافة المؤهلين على أسس من الوضوح والمساواة والاستحقاق وتكافؤ الفرص.

4-   التماسنا من الوزارة الوصية للإدماج الاقتصادي..  بضرورة تحمل مسؤوليتها اتجاه التنزيل السليم للبرنامج الحكومي، وما ينبغي أن يتوفر له من ضمانات دستورية وعلى رأسها: التواصل وتوفر المعلومة.. المقاربة التشاركية.. المساطير القانونية.. استهداف جميع الشباب والجمعيات على قدم الاستحقاق، خاصة وأن الإقصاء والاستنكار تتناقله المواقع والصفحات عبر كافة التراب الوطني؟

5-   ندعو جمعيات المجتمع المدني في مدينة الرشيدية والتي طالها الاقصاء والتهميش دون مبرر مقبول، ندعوها إلى ضرورة التكتل والترافع والاحتجاج بكل الأشكال القانونية المتاحة، وما ضاع حق وراءه مطالب. ودام العمل الجمعوي وحدة تضامنية.. قوة اقتراحية.. طاقة تشاركية.. ورافعة تنموية.

 

والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل

الرشيدية في 14 ذو القعدة 1443 ه موافق 14 يونيو 2022 م

 

فضاء الفتح للتربية والتنمية.

الرئيس: ذ. عبد العالي طلبي


اقرء المزيد

الأربعاء، 15 يونيو 2022

http://akkioasisdesarticles.blogspot.com/

حول التراث المائي في حضارتنا الإسلامية

كثيرا ما يتساءل المرء كيف بوضعنا المائي أصبح اليوم يشكو من عدة اختلالات واعتلالات لم تكن يوما في تراثنا المائي الحضاري الإسلامي؟، وهو المعروف بكونه دبر المسألة المائية عقائديا وثقافيا.. سلوكيا وميدانيا.. قوانين وأعراف.. سقوية وخدماتية.. ترفيهية وجمالية بشكل غير مسبوق عبر غيرها من الحضارات؟، ثم يتساءل المرء الحصيف بعدها هل استلهام هذا التراث اليوم يمكن أن يكون له دور أي دور في معالجة اختلالاتنا المائية المعاصرة؟، أم أن الأمر مناخي طبيعي يغزو  طيف مخاطره كل العالم وتتجاوز أضراره القدرية كل المعتقدات والثقافات والقوانين والسلوكات السليمة منها والمنحرفة كائنة مرجعيتها مهما تكن؟.

 

أولا، كيف كان التراث المائي في الحضارة الإسلامية؟، ما هي ملامحه وإرثه الحضاري الخالد؟، ما موارده المائية وكيف كان يعبئها.. ما امتداد هذا التراث  على مختلف الشرائح والكائنات.. كيف كان يحكم مختلف الاستعمالات؟، ما تدخلاته حتى عند الكوارث والأوبئة كالجفاف والفيضانات؟. فأولا، كان المسلمون يعتبرون الماء من العناصر الأربعة الأساسية التي تقوم عليها الحياة وأمزجتها وهي الماء والهواء والنار والأرض؟، وهو العنصر الحاسم في تحديد مكان إقامتهم وترحالهم.. أمنهم واستقرارهم.. تحالفهم وتنافرهم.. سلمهم وحربهم.. في حواضرهم وبواديهم التي يقيمونها دائما على منابع من الماء وعيونها ومجاريها..؟.

 

وهو نعمة من الله تعالى يقابلونها بالشكر والحمد، قال تعالى: "وأنزلنا من السماء ماء مباركا فأنبتنا به جنات وحب الحصيد" ق/9. ماء مباركا ترتبط به حياة كل الكائنات كما في قوله تعالى:" وجعلنا من الماء كل شيء حي" الأنبياء/30. هو أول ما يستقبل به الوافد المولود وآخر ما يغسل به الميت المفقود، وهو عندهم طاهر يصلح للعبادة.. وطهور يصلح للعادة.. يغسل الذنوب وينعش الأرواح كما ينظف الأبدان من الأدران ويبعثها على النشاط والأفراح، قال تعالى:" وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به ويذهب عنكم رجز الشيطان وليربط على قلوبكم ويثبت به الأقدام" الأنفال/11. وهكذا لا تجد مسجدا إلا وفيه ماء.. ولا حتى ضريحا إلا وفيه بئرا  أو حوله ينبوع.. فالماء عندهم طهارة.. رواء.. بل شفاء، إنه من الأطباء الصم كالشمس الدافئة والهواء النقي والطعام الصحي، قال (ص): "إن الحمى من فيح جهنم فأبردوها بالماء" رواه البخاري؟.

 

ومن مبادئ الماء في التراث العربي الإسلامي أنه حق للجميع والناس فيه شركاء لا يحق احتكاره ولا حرمان قوم منه، قال (ص): " الناس شركاء في ثلاث، الماء والنار والكلأ" رواه أحمد وغيره. و واجب على الناس الاقتصاد وعدم الاسراف في استعماله ولو كان الأمر للوضوء والعبادة، ولو كان المرء على جنب نهر أو شط بحر، والماء عند المسلمين صدقة جارية بل من أفضل الصدقات، قال(ص):" أفضل الصدقة سقي الماء" رواه أحمد. وهو نعمة لا تلوث كما في الحديث:" لا يبولن أحدكم في الماء الدائم (الذي لا يجري) ثم يغتسل منه" رواه مسلم. فلما للعديد من ودياننا وشواطئنا أصبحت اليوم من التلوث لا تطاق ولا تصلح لا للعادة ولا للعبادة؟.

 

أما "السقاية" و"التسبيل" المائي فقد بلغ عند المسلمين أن وقفوا لهما حسب الحاجة حتى لم تبقى لأحد إليهما حاجة، فكان أنه لا يذهب ذاهب أنى ذهب إلا وجد الماء والماء الصالح للشرب، في المسجد.. في الحج.. في الصحراء مع قوافل المسافرين.. في المراعي مع فيالق المواشي.. على صهاريج الطيور والخيول والأبقار والجمال.. في الحقول والمنتجعات.. في الحمامات والحامات..؟. وقد عبئوا من أجل ذلك كل الموارد من تساقطات الثلوج والأمطار.. وحمولات السدود والمجاري والأنهار.. وفرشات العيون والآبار.. وهذا أبو بكر رضي الله عنه يشتري بئر يهودي في المدينة ويجعل مائها للمسلمين قطعا للاحتكار.. وهذه "زبيدة بنت أبي الفضل" زوجة هارون الرشيد، تشيد عينها تسقي بها الحجاج على امتداد حوالي 40 كلم وهي أكبر وقف مائي بعد وقف عثمان بن عفان للتمور، ورغم ذلك تأمر عمالها بالتشييد والبناء ولو كلفتهم ضربة فأس دينارا من الذهب؟.

 

لقد جمع المسلمون في تعاملهم مع الماء بين العبادة والعادة حتى أن بعض المتصوفة جعلوا طريق صناعة الواصل منهم من يقل في الماء والأكل عموما.. وجمعوا فيه بين الانتفاع والترفيه المباح.. فلم يفت الأندلسيين أن جعلوا لهم حدائق غناء ذات بهجة وبهاء.. وربما قد دفعهم إلى ذلك ما عاشوه من حياة الخصب والسلم والترف، ولكن أيضا ما استلهموه من كثرة حديث القرآن الكريم عن الجنة وأنهارها وحدائقها ذات بهجة ونعيم وجمال فوق الخيال، فأين منا تلك الأيام الخوالي و السنين الغوالي وكثير من حدائقنا دب فيها الجفاف ونافوراتنا معطلة لم تعد تمطر وسقاياتنا جافة لم تعد حتى تقطر؟.

 

لقد كان المسلمون يأخذون بالعرف في تدبير الماء وما جرت عليه عادة القوم وهم أعرف بشأن مائهم ودنياهم، ولكنهم كما يقول د. عادل عبد الرشيد في مقال له بعنوان " التراث المائي العربي الإسلامي"، أبدع المسلمون خلال حضارتهم محاكم الماء تفض نزاعاته بين الناس وهي بمعنى قوله: " محاكم شعبية محلية تتميز بالبساطة والشفاهية والسرعة والفعالية والمجانية والرضا بين المتنازعين"، كما أبدعوا في معرفة الأراضي التي يكون  في عمقها الماء ما لم تتوصل إليها التقنيات الاستكشافية الحديثة؟. وأبدعوا في تخصيص نوع المزروعات التي تناسب أرضا دون غيرها.. ومنطقة دون غيرها.. وموسما دون غيره.. سقوية كانت الفلاحة أو بورية؟.

 

وأخيرا، لم يفتهم استدامة مواردهم المائية، بالدعاء وصلاة الاستسقاء، حتى أن بعض السلاطين يخرجون فيها بذواتهم متذللين وبأكفهم مبتهلين.. وكانوا يمطرون حتى أن عهدهم وصف بعزير المياه؟. أضف إلى ذلك عملهم بحديث الخصال الخمس لابن ماجة ومن بينها: " ما منع قوم زكاة أموالهم إلى منعوا القطر من السماء"، ومن بينها: "لم تظهر الفاحشة في قوم قطُّ حتى يعلنوا بها، إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع "، ومن بينها: " ولم يُنقصوا المكيال والميزان إلا أُخِذوا بالسنين"، ومن بينها: " ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله إلا سلط الله عليهم عدوًّا من غيرهم"، ومن بينها " وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله إلا جعل الله بأسهم بينهم "، ومن بينها.. ومن بينها؟، ورغم كل ذلك  كان يحدث أن يصاب القوم بالجدب والسنوات العجاف، لكنهم يخففون من وطئها عليهم بالسدود كسد "إرم ذات العماد" باليمن يسقي قومه كما أجذبوا، ويخففون من وطئها عليهم بالتضامن الاجتماعي الذي يعيدهم إلى أصلهم كالناس شركاء في ثلاث، وإلى فصلهم" من كان له فضل زاد فليعد به على من لا زاد له" ومن كان له فضل دابة.. ومن كان له.. ومن كان له..، فالفضل كله لله.. فلننفق من فضله ولنترك على قول "زبيدة" الحساب لرب الحساب يوم الحساب ؟.

الحبيب عكي


اقرء المزيد

الخميس، 9 يونيو 2022

http://akkioasisdesarticles.blogspot.com/

المقاربة الحقوقية وسؤال المعضلة المائية

      كثيرا ما يربط البعض إشكالات الماء بالتغيرات المناخية المفاجئة والسيئة، ويضع عليها كل المسؤولية ليريح نفسه أمام المواطن ومحاسبته الشديدة، ويكتفي بقول إنه القدر لا ينفع معه التدبير ولا الحذر، ونظرا لجلاء هذه الظواهر وخطورتها وعامل الطبيعة فيها، فإن الأمر يبدوعاديا ومستساغا بل مقنعا وإن حمل ما يحتمل سياسيا وتدبيريا، فتأثير الاحتباس الحراري وتلوث الماء والهواء وقلة التساقطات واستنزاف الطاقات الأحفورية والفرشات المائية، أمر واضح على مستوى البلاد ومصالح العباد. ولكن هناك من يرى أن الأمر مسألة حقوقية قبل كل شيء، والمعضلة البيئية عموما والمائية منها خصوصا ترتبط بالمسؤولية والحكامة قبل غيرها وأكثر من غيرها في نفس الوقت؟.

 

         ما أجمل أن ندبج دساتيرنا ونلائم قوانيننا بمسألة حقوق الإنسان، وكما هي متعارف عليها دوليا، وما أجمل أن ننشئ لذلك مجالس استشارية ولجن جهوية وجمعيات حقوقية، ونجتهد غاية الاجتهاد في تنزيل برامج سياسية تنموية باختيارات اجتماعية وتربوية، ربما إلى حد التخمة والاسهال، لكن أين رجع الصدى لكل هذا عند ساكنة الواحات وأرياف الجبال وهم يقضون كل يوم ساعات وساعات في البحث عن قطرة الماء في ماراطون سيزيفي لا ينتهي؟، أين هذا الصدى في المدن الكبرى التي تحرم ساكنتها من هذه المادة الحيوية خلال الصيف ساعات وساعات؟، أين هو، في العديد من المناطق المتضررة والمهددة بالجفاف والعطش وموجات النزوح الجماعي القسري نحو المجهول؟.

 

         ماذا يعني أن ينخفض معدل الاستهلاك الوطني السنوي للمواطن من الماء من 1000 م3 إلى 650 م3 ،في حين أن المستهلكين الكبار في الفلاحة وتجارة المياه المعدنية، يدوم لهم استهلاكهم ويتضاعف استنزافهم بعيدا عن خطاب الأزمة؟، ماذا يعني أن تكون مجمل الثروات المائية (80%) مركزة في محورها الشمالي الغربي (7%) في حين تظل غيرها من المناطق في الجنوب والجنوب الشرقي تحت رحمة التساقطات النادرة ؟، صحيح أن ربط الساكنة بشبكة الماء الصالح للشرب قد بذل فيه جهد كبير وقد عم وطنيا حوالي (86%) وزيادة، ولكن إلى متى غلاء تكاليف الربط وخدمات الاستهلاك إلى درجة  أصبح المواطن يدفع مقابلها حوالي (20%) من دخله المتواضع، والمنعدم في كثير من الأحيان؟.

 

         هل نعلم أن عجز الماء في معظم الدول العربية قد بلغ إلى (30%)، وأن معدل استهلاك مواطنيها من الماء يقل عن المعدل العالمي ب (10 مرات)، وأن هذه الدول التي طالما نشدت وتنشد التنمية لا تنفق على الماء ما يلزم رغم أن الدراسات تؤكد أن صرف دولار واحد في الماء يعود على صاحبه ب (34 دولار) في التنمية المستدامة. إنها مسألة الحق في التنمية، في الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، في الأمن والاستقرار والرفاه الاجتماعي؟، هل تعلمون أن النساء في بعض المناطق الريفية يقضين حوالي (4 ساعات) في اليوم لجلب الماء؟، وأن كثيرا من فتياتهن جراء ذلك لا يلجن المدرسة إطلاقا، أو حتى إن ولجنها فسرعان ما يقعن من ضحايا هدرها المدرسي للبحث اليومي عن قطرة الماء؟.

 

         إن توفير الماء لكل مواطن من الحقوق الأساسية التي أقرتها المواثيق الدولية، والدساتير الوطنية، ولكن، هل يمكن ذلك في غياب أو ضعف الانفاق المائي التنموي المناسب أو في غياب عدالة وأمن مائي الذي هو روح الأمن الروحي والاستقرار الاجتماعي؟، آن الأوان لإبداع سياسة مائية وطنية تعتمد البحث العلمي الرصين والمثمر للحفاظ على المخزون من ثروتنا المائية وتعبئة مواردها.. لحسن تدبير التساقطات وتخزينها.. لدعم السدود الكبرى بما يلزم من السدود الصغرى.. لتبني تقنيات جديدة ومثمرة في التعبئة المائية كالتحلية.. والمعالجة.. وصيد السحب.. لتغيير أساليب الري من العشوائي إلى الاقتصادي.. لتجريم التلوث والتبذير المجاني خاصة في المجال الفلاحي وبعض مزروعاته المستوردة (85%) وفي المجال التجاري (10%) الذي قد يكون على حساب المواطن الذي يمثل الحلقة الأضعف في كل هذا، إذ لا يتعدى استهلاكه من الماء حوالي(3%)، ورغم ذلك قد يرخص سوء حكامة السلطات ورشاوي الوساطات بسم الاستثمارات، قد يرخص لمعمل ماء معدني يستأثر بعيون ساكنة في منطقة أطلسية لتموت نزوحا وعطشا هي وحقولها وبهائمها ومشاريعها السياحية والترفيهية؟. فمتى سنمنع مثل هذا الجرم المائي والاستثماري؟، بل وكيف سنمنعه دون مقاربة حقوقية ونحن نحتل الرتبة (114/170) في الأمن المائي العالمي، و(160/180) في مؤشر الأداء البيئي العالمي؟.

الحبيب عكي


اقرء المزيد

الأحد، 5 يونيو 2022

http://akkioasisdesarticles.blogspot.com/

الأسبلة أو الثورة المائية التي لم تقع.

      أتذكر إبان ذروة وطيس المؤتمر الدولي للمناخ coop22، كيف أن صحافيا قد زار منطقة الجنوب الشرقي للمملكة، فأزبد وأرعد تضامنا وترافعا بشأن ما استعره من غياب المرافق الصحية العصرية في المنطقة، مع ما يسببه ذلك من إذاية و"حكرة" لساكنة الجهة، هي في الأول وفي الأخير، هضم لحقوقها البيئية، مع أن نوع المرافق الصحية الموجودة في المنطقة، صحيح هي تقليدية ترابية.. بدائية غير عصرية ولا أنيقة.. ولكنها إرث حضاري قديم (شيخ الدار) يناسب الساكنة بكونه نظاما إيكولوجيا متكاملا، وبما تستفيد من فضلاته المنزلية التي تتخمر في تلك المرافق وتصبح سمادا جيدا لمزروعاتها في الحقول والواحات، طالما استعاضت بها عن الأسمدة الكيماوية المهلكة بأثمنتها المرتفعة الباهضة وأضرارها الجانبية البالغة؟.

 

         من سمع مثل هذا الصحافي، وكل الأشخاص والهيئات المشاركة في تلك القمة على كثرتها.. قطاعات ومؤسسات وجمعيات.. وما استحدثته من مخططات وبرامج وشراكات ومشاريع وميزانيات، لا يخامره شك في أن ثورة إيكولوجية ستقوم في العالم وليس في المغرب فحسب، لكن مع الأسف، ها قد مرت القمة.. وبعدها قمم وقمم متتاليات، وقد وصلت اليوم ربما إلى القمة coop30، ولازالت الأوضاع البيئية في العالم ككل في مجملها هي الأوضاع، إن لم تكن في جوانب بيئية منها قد تراجعت إلى الأسوأ كما في مجال الماء والهواء، فأين يكمن الخلل؟، وهل مشاكلنا البيئية لا تستحق منا ومن بعض المسؤولين غير بعض البهرجة والاستعراض المناسباتي، سرعان ما يخبو بعدها بريقها وازدحامها وكأنها قد حلت وهي لم تحل بل ربما تعقدت؟.

 

         فلو أخذنا من الإشكالات البيئية إشكال الماء وحده وفي أبسط مستوياته وأدناها وهي توفير الماء الشروب للجميع، في ظروف جيدة وخدمات مصونة وتكلفة مناسبة، باعتباره حقا مشروعا، ففي الوقت الذي نجد فيه أن التراث المائي في الحضارة الإسلامية، يحكي على أن المسلمين كانوا ممن أبرع في هذا المجال المائي توفيرا وتوزيعا جريانا وجمالا في حدائق غناء..، وبدوافع عقائدية على رأسها جمالية القرآن في حديثه عن الجنة، ومبدأ: "خير الصدقات سقي الماء"، ومبدأ: "الأسبلة"، يعني جعله صدقة جارية في سبيل الله، ومبدأ: "في كل ذي كبد رطب أجر"، ما جعلهم يتشبعون بثقافة "الوقف" لتجسيد هذه القيم المائية الخالدة، فحفروا العيون والآبار، ووقفوا المجاري والأنهار، وملؤوا الصهاريج وخزنوا الأمطار، وسقوا بها الحقول والأشجار، والحدائق والبهائم والأطيار، والحجاج في طوافهم وقوافل الأسفار وعمار المساجد في الأسحار، ديدنهم في كل ذلك اعتقادهم الفعلي والعملي بأن الناس شركاء في ثلاث، الماء والكلأ والنار؟.  

 

         واليوم، ونحن نعتقد نفس المعتقد، ونعقد قمما مناخية، ولدينا برامج سياسية تنموية، وجمعيات بيئية ومجالس ترابية، وننظم ندوات علمية ونخطب خطبا منبرية، صحيح يكفيها مردودية أن حوالي 86%  من الساكنة أصبحت مرتبطة بالشبكة الوطنية للماء الصالح للشرب، ولكن لا تزال نسبة العالم القروي والأرياف  فيها لا تتعدى ربما حوالي 40%؟، بعيدا عن هذا وعودة إلى صحافينا الغيور على المرافق الصحية في الجنوب الشرقي وعالمه القروي، أين هذه المرافق في العديد من الفضاءات العمومية؟، والمؤسسات التربوية؟، والشوارع العمومية؟، والمخيمات الصيفية؟، والمحطات الطرقية؟، والأسواق الأسبوعية؟، والمدارات السياحية؟، والحدائق العمومية؟، والمنتجعات الترفيهية؟، والملاعب الرياضية..؟، بل حتى ما يوجد منه - قليله أو كثيره - في أسوأ حالة صحية، يهم القائمين عليها أكثر من النظافة والارتفاق الحسن، ما ينتزعونه من المواطن المضطر مقابل الارتفاق وأي ارتفاق، وهكذا أصبح المسكين – مع أسبلة العصر – يدفع مقابل الأكل والإدخال .. ويدفع مقابل التبرز والإخراج ؟.

 

         هناك العديد من أوجه التطوع و"الأسبلة" الصدقة الجارية التي ينبغي أن نحييها ونحافظ عليها اليوم كما يلزم، علنا نساهم بشكل ناجح وفعال في رتق ما أصاب مجال مائنا العمومي الشروب من إهمال لا يطاق نتجت عنه معاناة يومية شاملة ومستدامة تطال الجميع، لكن، يمكن الإسعاف فيها وإلى حد كبير بجهود المخلصين من المسؤولين والغيورين من المواطنين عبر قطاعات حكومية مسؤولة وهيئات مدنية مواطنة ومجالس ترابية تنموية كل تنافسها ومصداقيتها في التعاون على العديد من المشاريع التنموية المواطنة وعلى رأسها مشاريع "الأسبلة المائية عبر الوطن:.. كترميم "السقايات".. حفر الآبار.. تحويط العيون.. بناء "نطفيات" الأمطار.. توفير المضخات.. تثمين "الخطارات".. توفير الماء للمساجد.. الحمامات الشعبية والشلالات السياحية والمسابح الترفيهية.. التسبيل على حراس المرافق الصحية العمومية ومنظفيها.. صهاريج الطيور والدواب.. السقاية في أماكن الحفلات والتجمعات.. السدود التلية الصغرى.. آبار لماء الرعاة في الواحات.. وقوافل المسافرين في الصحراء ..؟. إنها مسؤولية جماعية ويكفي أهلها ما ورد فيهم وبشرهم به حديث رسول الله(ص): "سبع يجري للعبد أجرهن وهو في قبره: "من علم علما، أو أجرى نهرا، أو حفر بئرا، أو غرس نخلا، أو بنى مسجدا، أو ورث مصحفا، أو ترك ولدا يستغفر له بعد موته"، سنن ابن ماجة. فكفانا من التجاذبات والحسابات الفارغة، إلى العمل والتعاون، ولنترك الحساب لصاحب الحساب إلى يوم الحساب؟.

الحبيب عكي


اقرء المزيد

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

المتابعون

المشاركات الشائعة