Top Ad

الخميس، 27 أغسطس 2020

http://akkioasisdesarticles.blogspot.com/

المجتمع المدني و رهان مقاومة التطبيع

 

       أصلا،الفكر الصهيوني الذي يعتمده الكيان الإسرائيلي في معركته التطبيعية مع الفلسطينيين والعرب العاربة،هو فكر تلموذي..استعماري..استيطاني..عنصري..عدواني..توسعي..،طوال تاريخه وهو تؤطره على أرض الواقع خرافة   " شعب الله المختار"الذي ينبغي أن تسخر له كل الشعوب، و واهم من يعتقد اليوم أنه يمكن التعايش والتعاهد والتعاقد مع هذا الكيان اللقيط الهجين، بمسمى التطبيع أو السلام أو الأمل في تقدم وازدهار المنطقة وتخليصها من تاريخها الدامي على مر العصور،فقط لأن هذا الكيان بمثابة الفطر المسموم في جذوع الأشجار المثمرة يأخذ منها ولا يعطي،وفي حالة عطائه بحكم (Symbiose) لا يعطي غير سموم قاتلة تأتي على الأخضر واليابس؟؟.

 

         التطبيع حرب ثقافية بالدرجة الأولى تهدف إلى نسج علاقة عادية وطبيعية بين العرب وإسرائيل،و تحقيق التقارب والتعايش والتعاون بينهما،بغض النظر عما كان بينهما ولازال من حروب وصراعات وعدوان مستمر وهضم حقوق الضعيف من طرف الأقوى،والتطبيع خطة عدوانية استراتيجية يلجأ إليها الفكر الصهيوني بعدما بدا له من انحسار الاجتياح العسكري واستنفاذه لأغراضه ( د.أسامة الأشقر/ دليل مكافحة التطبيع الثقافي)والذي نستقي منه بعض هذه المفاهيم المقاومة وبعض معانيها ومنها،أن الاجتياح العسكري لا يمكن استعماله بلا نهاية،ولا يمكن أن يفرض على الناس القبول بالبذرة الإسرائيلية الخبيثة التي زرعها لهم في المنطقة بالقوة،فالعالم لم ولن يشهد انتصار ثقافة القوة على قوة الثقافة،ولا يمكن لهذا الاجتياح العسكري الظالم أن يحقق الأمن والرفاه للكيان الرهط المدلل عند فطامه،إلا بترحيب شعوب المنطقة و وضع خيراتها رهن إشارته،يعني التطبيع؟؟.

 

         التطبيع إذن،حرب ثقافية لأغراض سياسية واقتصادية وأمنية ،هدفها تهييء شعوب المنطقة والشعوب العربية والإسلامية بالقبول بالأمر الواقع،أمر الهزيمة الظرفية واليأس من المفاوضات التي لا تؤدي إلا إلى مزيد من الإذلال وضياع الحقوق،لذا لامناص من القبول بالكيان الاستيطاني كيهودي غربي متصهين في المنطقة، لن يقبل يوما بالطقوس العربية ومعتقداتها الإسلامية،ومن حقه أن يخترق الأنظمة والمؤسسات وأن يشوه كل المبادئ الحضارية والرموز الثقافية التي تحول دونه ودون ذلك، قال تعالى:"وَلَن تَرْضَىٰ عَنكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ۗ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَىٰ ۗ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ۙ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا نَصِير" البقرة / 120 ؟؟.

 

         ويظل أخطر ما في التطبيع،أنه حرب الهوية والذاكرة،وهي أخطر من الحرب العسكرية،لأن هذه الأخيرة قد تكتسب أو تخسر لتكتسب من جديد..جولات وجولات..ولو بعد حين،ولو بعد كم وكم من الزمن،ولكن لن يخوض هذه الحرب مشوه الهوية فاقد الذاكرة،وكيف سيحارب عربي مطبع يهوديا متصهينا يعتقد بمقتضى أجيال وأجيال من المسخ والمسح والتطبيع والتمييع أن ما يقال عنه عدوه..مجرد مواطن..وأنه مجرد صديق..وأنه مجرد مستثمر اقتصادي ومنعش سياحي..وأنه..وأنه؟؟. كل الاستعمارات الغربية المشؤومة خرجت من الدول العربية والإسلامية بقوة الجهاد،ولكن هل جاهدها الخونة المطبعون معها وما منحتهم من الامتيازات؟؟.إنها إذن معركة حضارية هوياتية جيوستراتيجية قد تنهزم فيها الجيوش العربية وهي لم تخضها  بالمطلق،ويستسلم فيها السياسيون العرب وهم يسعون في وهم التطبيع غير معتبرين بما سعوا فيه من سراب السلام وقد انقلب عليهم مجرد استسلام؟؟.

 

         التطبيع إذن يشن حربه القذرة على الجميع،وبالدعم المعتاد للحبال الأمريكية والغربية عبر صفقات وصفعات،وقد يستسلم أمام إغراءاتها وضغوطاتها السياسي والعسكري والاقتصادي العربي وما ينبغي لهم،ولكن مهما تردت الأوضاع وكشرت عن أنيابها السباع والضباع،وهي كل يوم تعض وتنهش في أجسادنا العليلة وتذيقنا من الأسقام والأوجاع، وليس للأمة في ذلك إلا سدها المنيع وحصنها الحصين،ألا وهي الشعوب وفي طليعتها مجتمعاتها المدنية والأهلية،أفرادا ومثقفين،هيئات ومؤسسات،وكل من نذر نفسه ليصطف إلى جانب الأمة في معركتها،معركة الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية،ومعركة عدم تزييف الوعي والحقائق التاريخية أو السماح في أمانة القدس والأقصى والسماح بتهويدهما وتخريبهما،ناهيك عن مأساة الشعب الفلسطيني وهو في كل حين مسرح للانقسام والتجويع والحصار..والعدوان والدمار؟؟.

 

         1 - فهل لازالت أجيالنا القديمة  تحافظ على القضية أمانة في أعناقها ولم ينل منها الملل والإنهاك؟؟.

         2- هل تستوعب أجيالنا الجديدة القضية بكل أبعادها التاريخية وحجم وتعقد الصراع الدائر بين أطرافها؟؟.

         3- ماذا نستوعب من خطط التطبيع بكل مظاهره وخطورتها على  العديد من مسارات القضية و مـآلاتها؟؟.

         4- هل لا زلنا نبقي على جوهر القضية الذي هو الاستعمار والاستيطان وفقدان السيادة أم تختلط علينا الأمور؟؟.

       5- ما خطتنا الفردية والجماعية الرسمية والمدنية السياسية والاقتصادية والثقافية والقانونية لمواجهة التطبيع في مختلف المجالات  محليا وإقليميا ودوليا،وهي في كل حين تخترق الأنظمة والسياسات والمؤسسات والتظاهرات والمناهج والمقررات والرموز والشخصيات..ما أنشطتنا وما إبداعاتنا وكيف نعززها في مؤسساتنا وجمعياتنا وغيرها؟؟.

    6- ما جهودنا في محاربة كل ما يبعث بعض الداخل الفلسطيني وبعض الجوار العربي على التطبيع،من الانقسامات..والمساعدات..والتهديدات..والتهويدات..والتطاحنات العربية العربية في اليمن وليبيا..والصراعات بين ثورات الربيع العربي والسلطـــات في مصر وسوريا..؟؟.

        

         وباعتبار المجتمع المدني سند الشعوب وضميرها الحي،ضد تزييف الوعي والحقائق،أو اختيار الإشكال الحل بدل حل الإشكال،وطوال تاريخه وهو يتميز باستقلاليته عن الأنظمة لا التبعية لها ولإكراهاتها وتقديراتها،له قواعد شعبية عريضة يحسن خدمتها وتعبئتها والتعامل والتواصل معها بسياسة القرب والإشراك،ينتظم في مؤسسات واتحادات وطنية وربما قومية واسعة،ينظم تظاهرات تحسيسية ومظاهرات احتجاجية ناجحة،ورغم إبعاده عن الإعلام الرسمي فقد اجتاح إعلام التواصل الاجتماعي البديل بنجاعة،وله فيه رصيده حملات مقاطعة ناجعة وموجعة للجشعين والمطبعين،ورصيد مقاومة لمشاريع قوانين قمعية لازالت تحن إلى البائد من عهود الاستبداد؟؟، ولكل هذه الاعتبارات والمؤهلات، فلا خيار له غير مقاومة التطبيع ومقاطعة المطبعين وفضحهم وفضح أنشطتهم وتظاهراتهم،وفي هذا الإطار: تحية للمرصد المغربي لمناهضة التطبيع ولمجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين ولمناضليهما،على جهودهم الجبارة في رصد الأنشطة المشبوهة بالتطبيع في المغرب،وفضح المطبعين من كل الفئات والمؤسسات والسياسات المنفتحة عليهم،وتحية لهم على سعيهم الحثيث رفقة الفرقاء لإخراج قانون تجريم التطبيع إلى حيز الوجود وهو المجمد في دهاليز البرلمان بفعل فاعل،تحية لكل المثقفين المغاربة والعرب الذين أعلنوا انسحابهم من كل ما له علاقة بالأنشطة والمؤسسات الإماراتية على خلفية فضيحتها التطبيعية العلنية المؤخرة مع الكيان الصهيوني الغاصب،تحية لهم بما رسموا لنا بذلك بوصلة ما يحتاجه الجميع من تجاوز شرنقة الكلام حلوه ومره إلى فعل الإنجاز والتراكم والإنتاج؟؟.

الحبيب عكي


اقرء المزيد

الأحد، 23 أغسطس 2020

http://akkioasisdesarticles.blogspot.com/

مواصفات ما يلزمنا من السلوك المواطن في ظل كورونا.

 

      بعد ارتفاع عدد الإصابات..وعدد الوفيات..وعدد الحالات الحرجة، وبعد ارتفاع عدد المخالطين وصعوبة ترصدهم والتحكم في تنقلهم..وارتفاع عدد الفحوصات الإيجابية..وعدد حالات الاكتظاظ في المراكز الاستشفائية،التي بدأت تستعين بالمقرات المنزلية للمصابين رغم محدودية الأطقم الطبية و عددها الاسعافية، بعد ظهور الوباء في أوساط الفئات الشبابية التي كانت محصنة بمناعتها القوية.. وبعد تفشي الوباء في المناطق النائية والقرى المعزولة والتي أصبحت في ذلك كالمدن الكبرى والبؤر الصناعية أو تكاد، وفي ظل تفاقم الأوضاع بعد رفع الحجر الصحي بما يشبه بداية الانفلات،وفي ظل تواضع النتائج المحققة رغم تضاعف عدد المستشفيات الميدانية وعدد مراكز التحليلات وغيرها من الجهود الجبارة المبذولة،وفي ظرف غياب اللقاح..أو كونه فعالا مطمئنا وفي المتناول..،وفي ظرف غموض وتضارب نشرات منظمة الصحة العالمية بحديثها عن موجة ثانية للجائحة أعنف وأقسى،أو ما يفيد احتمال استمرار الجائحة معنا لمواسم أخرى أو ربما عقود؟؟.

 

         كل هذا وطوله ولاشك،قد أصاب المواطن بالإحباط الشديد..والتذمر النفسي العميق..وكون عنده بعض التراخي في مواجهة هذا "الكوفيد" اللعين،أو حتى في التعايش السليم معه،والذي أصبح عند الكثيرين انتقال تام وسريع إلى حياة طبيعية تامة وكأن شيئا لم يكن..أو على الأصح لم يبقى إلا في أذهان أصحاب المؤامرة الوبائية لأغراض لا يعلمها حتى "كوفيد 19" وهي تسن باسمه عبر العالم؟؟،كل هذا وطوله ولاشك،قد ساهم في اهتزاز ما كان من الثقة بين المواطن وجهاته الرسمية و بعض مسؤوليها الميدانيين المتجاوزين وإعلامها الرسمي الذي لا يزال - بالنسبة إليهم - يجتر بعض نتوءات "موازين" ويعتصر فضلاتها مصرا على قلب الموازين،بعيدا عن التأطير التربوي والتكويني  للمجتمع،وهو لازال يلامس قشور المعضلة ولا يفجر فيها وفي تداعياتها ما يلزم من النقاش العمومي وبشكل ديمقراطي وتشاركي؟؟.غير أن كل هذا لن يؤدي الركون إليه و استئناس الكثيرين به إلا إلى تفاقم الوضع وشيوع الوباء واستفحال تداعياته الصحية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية..،في حين أنه لازال لدينا سلاح "السلوك المواطن" وقد أثبت نجاعته خلال الحجر الصحي،فلماذا ضعف تمسكنا به، ومن أين خرمت سفنه ومن خرمها وكيف؟،ولماذا لا نعالج الأمور بما يلزم من الروية والحكمة ونوجه بوصلتنا من جديد للإبحار بنا نحو ما ألفناه من المرافئ الوطنية التربوية و الاجتماعية التضامنية، الدافئة والآمنة؟؟.

 

         السلوك المواطن هو الذي يكون على قاعدة "حب الأوطان من الإيمان" قولا وفعلا،و قاعدة:" لا ضرر ولا ضرار" سلوكا وعملا، وقاعدة:"المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده" وعيا والتزاما،وهو سلوك تراعى فيه مصلحة الآخرين والوطن ككل تماما كما تراعى فيه مصلحة الفرد أو ربما أكثر،لأن المصلحة العامة مقدمة على المصلحة الفردية وأنانية الفرد تذوب في صواب الجماعة:"لا تجتمع أمتي على ضلال"،وقاعدة:" لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه"،و"المسلم للمسلم كالبنيان المرصوص...ومثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد..إذا اشتكى منه عضو تداعت له سائر الأعضاء.." وكل هذا يجعل هذا السلوك المواطن بمواصفات أساسية لا تغني فيها شرنقة الكلام عن فعل الإنجاز والإنتاج،كالثقة بالله وحسن التوكل عليه والإيمان بقضائه وقدره مصدر الآمان والاطمئنان و وقودهما، لذا نرى ما يلزمنا جميعا من السلوك المواطن خلال هذه الجائحة بهده المواصفات وهي أنه:

 

         1-  سلوك علمي: يمتح من الحقائق العلمية اليقينية الهادية وليس من الخرافات الباطلة والإشاعات الزائفة الضالة والأهواء المغرضة المضللة،ويقوده البحث العلمي والإبداع الوطني وليس مجرد الأمنيات والطموحات،من هنا فهو يرفض كل رفض أو كل تراخي في الالتزام بما يوصى به من الاحترازات الوقائية ضد المرض على بساطتها كالنظافة والكمامة والتباعد الجسدي،وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب؟؟.

 

         2- سلوك ذاتي:  يلتزم به الفرد عن وعي وقناعة مخلصا في ذلك ومن تلقاء ذاته،ويتشبث به كسلوك مميز للشخص كانت معه سلطة الآخرين وإمعتهم أو لا، فسواء عنده كل صرامة المذكرات وعيون الدوريات أو عدمها؟؟.

 

         3- سلوك مؤسساتي:  جماعي يراعي مصلحة الجماعة والأفراد على حد السواء،ولا أحد فيه يسمح له بخرم السفينة أو إطلاق الحبل على الغارب أو فتح الثغر أمام العدو من جهته وجبهته فيهلك ويهلك الجميع؟؟.

 

         4- سلوك مواطن: يراعى فيه الواجب والإجماع الوطني،بكونه أداة وفضاء العيش المشترك الذي علينا دعم أمنه واستقراره والسعي لرقيه وازدهاره،وتنميته بشكل تضامني وتعاوني،على قول المثل: و"من لم يطفئ النار في بيت جاره أحرقت داره"؟؟.

         5- سلوك شمولي: ينطلق من رؤية شمولية للأزمة ولحلولها الممكنة،وبروتكولات صحية قطاعية شمولية أيضا وتراعى فيها مختلف الجوانب التدبيرية المستحدثة وشروط نجاحها،وخاصة بعض الأولويات المرتبطة بالجائحة كالجانب الصحي،أو تداعياتها كالعمل والإدارة عن بعد،وكذلك الجوانب الاجتماعية والنفسية التضامنية الملحة؟؟.

 

         6- سلوك مدني: تساهم فيه منظمات المجتمع المدني في بلورته وإقراره والتأطير المحكم والتشاركي لشيوعه خاصة في صفوف روادها و كل من تصل إليهم من متعاطفيها وساكنة أحيائها؟،خاصة بعدما سجل بعض تهميش الجمعيات والأحزاب والنقابات والمجالس الترابية من نقائص التدبير الحالي؟؟.

 

         7- سلوك قانوني: يحترم دستور البلاد وقوانينها العامة،ويكيف معها إجراءات حالة الطوارىء،ولا يكون مناسبة للاستفراد بالتدبير وتمرير ما لا يمرر كما حدث مع مشروع قانون 22.20 السيئ الذكر إبان الحجر الصحي..  أو تصفية حسابات بين بعض السلطات وبعض الفرقاء وبعض الفاعلين..وكلهم في سفينة واحدة هي سفينة الوطن؟؟.

 

         وتظل المرحلة مرحلة مواجهة وتعايش سلمي مع الوباء بأقل الخسائر..لا ينبغي لأي كان التخلي ولا التولي في هذه الملحمة الوطنية المصيرية فبالأحرى وضع العصي في عجلاتها أو تبخيس إنجازها الكبير مقارنة بإمكانها المحدود،ولا يعني هذا في نفس الوقت عدم وجوب المواكبة وتقديم بعض مقترحات التسديد والتقويم وتجاوز ما قد يظهره التدبير الميداني من النقائص والخلافات والمتناقضات في حينها،وكل ذاك من مقتضى السلوك الوطني وخلاصته في الأول وفي الأخير،حفظ الله أسرنا وأطفالنا وآبائنا و أوطاننا،ورفع عنا وعن العالمين هذا الوباء والبلاء والغلاء والعناء..وأنزل علينا السكينة والطمأنينة والشفاء وألهمنا إليهم حسن التوكل وإيجاد الدواء،وأعان كل من يتصدى لهذا أو يساعد على ذلك من أي موقع وبأي إمكان،وعجل بعودتنا التامة إلى مساجدنا ومدارسنا ومعاملنا وأعمالنا وأحبابنا وأسفارنا..آمنين مطمئنين،آمين..أمين..والحمد لله رب العالمين؟؟.

الحبيب عكي


اقرء المزيد

الأحد، 16 أغسطس 2020

http://akkioasisdesarticles.blogspot.com/

التطبيع أو كورونا بغاء إرادي بقرار سيادي؟؟

 

       فعلا إنها المخدرات،عندما يعتدي مفعوص القوم على ثوابت الأمة ومقدساتها،اعتداء مدمن مرفوع على الأصول والفروع في عقر دارهم،ويدعي بذلك أنه إنما يريد حمايتهما وخدمتهما وأمنهما وازدهارهما،وهو باعتدائه الشنيع ذلك قد روع فيهما الشيبة والشباب وأسال منهما الدماء ومزق الأشلاء؟؟.إنها جائحة "كورونا" التي لا زالت فواجع "كوفيدها" تأتي على مناعتنا الجسدية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية،وما كنا نظنها يوما ستطال البقية الباقية من مناعتنا الروحية والعقائدية للوحدة العربية والإسلامية الهشة،وقد حصل اليوم - مع الأسف - مع هذا التطبيع العلني المشؤوم بين عيال الإمارات وصهاينة الكيان في السفارات والمستوطنات برعاية مجنون صفقة القرن وعرابها الأمريكي "ترامبولا" ؟؟.

 

         ما أثارني في الموضوع الفضيحة،أشياء كثيرة سنأتي على ذكر بعضها وأشنعها كقولهم:" هذا قرار سيادي"،مدعين في ذلك فخر الزعامة العربية الموهومة،والكل يعلم أن الفضيحة الصفقة الصفعة إنما قد تمت بين زعيم الكيان "النتن ياهو" ومجنون رعايتها "ترامبولا"،الذي نادى فيما بعد على "محمد كوهن" للتوقيع و بمجرد مكالمة هاتفية  هو آخر من يعلم بتفاصيلها وأول من لا يملك إزاءها غير الخضوع والخنوع والتصفيق والرقص طربا رقصة النشامى؟؟،فهل في هذا قرار سيادي أم بغاء إرادي أم غباء سياسي،وطالما رقصت الطيور المذبوحة من وجعها رقصة الوداع؟؟،وكيفما كان الأمر فالوسم كالعادة قد أدى أغراضه وزيادة،ومنع الجميع بشكل "ديمقراطي" من المشاركة والتداول،ليس عبر المجالس والمؤسسات فحسب،وليس في صفوف الصحافة والمعارضة فحسب،بل حتى عبر التعليقات والتدوينات الشعبية في مواقع التواصل الاجتماعي،اللهم ما كان من مباركة قرار مرفوض مفروض قد أخرج الحميمي العرفي المخبوء بين الطرفين على مدى عقود من السر إلى العلن،واللهم لا شماتة؟؟.

 

         نعم،كثيرون هم المغيبون في الصفقة الصفعة،المجالس والمؤسسات الإماراتية..الشعب والعلماء الذين قد شغلهم - كما يقال - تقديس ولاة الأمور عن محاربة  ولاة الخمور..، مشاعر الأمة الإسلامية وهي على طولها وعرضها  كل يوم في ضعفها وتطاحنها..،معاناة الشعب الفلسطيني المعني الأول والرابض على الدوام في الصفوف الأمامية وخيوط التماس مع العدوان الصهيوني الغاشم وما يذيقه كل مرة من ويلات الاحتلال ..والتقتيل..والاستيطان..والتهجير..ومخافر الشرطة ومعابر التفتيش؟؟.لكن قبح الله العنس والشمط والغباء والبغاء..،وكلها قد جعلت عريس الغفلة يكتفي في زواج متعته بحضور العريس والعراب والفانوس والشمعدان بديلا عن أي جامعة عربية أو إتحاد إسلامي أو مجلس تعاون خليجي أو حتى لجنة القدس الشريف،إنها المخدرات يا سادة..إنها جائحة "كورونا" بكل الأعراض والأغراض؟؟.

 

         كارثة يا عيال الإمارات أن تطبعوا مع الكيان الغاصب،وتعلنوا تطبيعكم من السفارات والسهرات،إلى المستوطنات والصفقات،فماذا جنا من طبعوا قبلكم كدولة مصر في كامب دايفيد (1979)..ودولة الأردن في واد عربة (1994) وحتى منظمة التحرير بذاتها في أسلوا (1993 - 1995) ..؟؟،وفي كل ما جرى ويجري من المفاوضات والمفاضحات لم تزد القضية إلا تعقيدا وتراجعا وخلافا دهريا حادا بين الأطراف؟؟. ما الذي يمنع غيركم من التطبيع، لو كان الأمر برؤية المصالح والحرص على الصفقات وصفاء العلاقات أو حتى بموازين القوة والغلبة،لجاز لكل قوم أن يكون لهم تقديرهم الخاص أصابوا فيه أو أخطأؤوا، ولكن الأمر أكبر من ذلك،إنه أمر عقائدي واضح من الدين بالضرورة،حسم الله و رسوله  تاريخه ومساره ومآله في العديد من الآيات والأحاديث المقبولة عند الأمة بالإجماع؟؟. ماذا سيقول المطبعون في قوله تعالى: " وَلَن تَرْضَىٰ عَنكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ۗ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَىٰ ۗ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ۙ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ" البقرة / 120 "؟،أو في قوله تعالى: " سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ"الإسراء/01؟؟.

 

         ماذا سيقول الطبعون في مصائر اليهود في سورة آل عمران والأعراف والإسراء وكلها تؤكد أن (وجودهم مؤقت..وجود فساد وإفساد..لا قوة لهم إلا بالحبال..وسينالهم غضب من الله وذلة)؟؟، أين منهم عقيدة الولاء والبراء وكيف سيسيرون غدا في شوارع المحتلين القتلة وهم يلقون إليهم من قلوبهم بالمودة والمحبة والتحية والسلام،وإذا ب"زايد" شريك "كوهين" و"فاطمة" زوجة "شمعون" و "أم هداية" محبوبة "أم هارون"؟؟. ماذا سيفعل المطبعون غدا،إذا هاجم الإسرائيليون الفلسطينيين فقتلوا آبائهم ورملوا نسائهم ويتموا أبنائهم وسجنوا شبابهم وهجروا شيوخهم..ومنعوا عودة لاجئيهم..هل سيدفعون فاتورة ذلك كله وهم لهم شركاء،أم سينوبون عنهم في كل ذلك كما تحدث الأنباء عن ذلك أيام التطبيع السري والعدوان على"غزة" ؟؟،ماذا سيفعل المطبعون إذا نكث العدو من منع ضم المستوطنات إلى مجرد تعليق ضمها وقد نكث ومداد الاتفاق بعد لم يجف؟؟،ماذا سيفعلون في تزايد التهجير والمستوطنات وفي تهويد القدس واستمرار الحفريات التخريبية تحت الأقصى؟؟، ما موقفهم - إن كان لهم موقف - في فتاوي علماء المسلمين وقد أجمعوا على وجوب محاربة المحتل الإسرائيلي وضرورة إخراجه من كل أراضي فلسطين راغما كما دخلها راغما؟؟.

 

         لا تبحثوا أيها المطبعون عن درء فشلكم وإفشاء ضغنكم في أوهام أنتم أول من يصدق أنها كذلك ولا تنطلي إلا عليكم، دعكم من ترهات "إيران" والمد الشيعي في المنطقة،ف"إيران" تحتل جزركم ولم تخوضوا لا مفاوضات ولا حربا لتحريرها ولا قطعتم علاقة بسببها،و"إيران" منذ ثورتها وهي كالكثيرين تسترزق بالقضية وما رأيناها تطلق رصاصة واحدة في اتجاه الكيان الغاصب،و"إيران" تمتد في سوريا ولبنان و العراق واليمن..،فلا أنتم ولا أمريكا ولا غيرها استطاع فعل شيء،أي شيء إلا هذا التطبيع مع الكيان الصهيوني الذي هو من قبيل :"وداويني بالتي هي الداء"،إنها المخدرات،إنها "كورونا" ولعاب الصفقة التي ستصفعكم؟؟. دعكم من معاداة ثورات "الربيع العربي" ونعتها بالإرهاب الإسلامي الذي سيقض عروش ديكتاتوريتكم وحكم قطيعكم القبلي في المنطقة،إنها ثقة وأمل الشعوب في تداولها للسلطة و تجديد مسارها التنموي بشكل ديمقراطي،وهو يتحداكم أن تحذو حذوه ولو بعشر معشار أشكاله الانتخابية الحرة النزيهة، وإن تقبلوا التحدي يكن لكم ما تطمحون إليه وراء كل هذا الهراء السياسي: "قوة اقتصادية أولى في المنطقة،وسيقبل الربيع العربي منكم ذلك ولا ضير أن ادفعوا ل"كوبوي" أمريكا كل أسبوع ما تدفعون مقابل حماية كراسيكم،ادفعوا وادفعوا من خيرات الله وخيرات الشعب والأمة،ويوم تجف الآبار من نفطها تموت القطط عطشى مصلوبة على الجدران؟؟.

 

         والحمد لله على كل حال،أن مستقبل فلسطين لا يحدد على الطاولات ولا في المفاوضات و الجولات والصفقات ولا حتى بالتحالفات والتهديدات بقطع المساعدات وفرض العقوبات بل وشن الهجمات العدوانية الفعلية،فكل ذلك لا يزيد الأوضاع في المنطقة إلا تراجعا وتخلفا طرديا؟؟، مستقبل فلسطين عقيدة لدى الأمة الإسلامية جمعاء جيلا بعد جيل إلى قيام الساعة،أمانة في أيادي أبنائها البررة وقادتها الشجعان، والذين رغم كل الخلافات والتقديرات في الاختيارات والمسارات،فإنه إذا تعلق الأمر بالوطن وكرامة المواطن يردون الصاع صاعين،ومن وجع ما وجد ويجد منهم العدو وما يحاذر،فإنه لم يعد يقوى على مبادرتهم بالعدوان خشية إقدامهم على إغراق "تل أبيب" بوابل من صواريخ الرعب والدمار تجبر المستوطنين على الدخول كالفئران في المغارات،مستقبل الفلسطينيين بيد المقدسيين والمقدسيات الذين ينامون على أعتاب القدس الشريف صلاة وقياما بالليل ويزرعون ساحات الأقصى صفوف أشجار شامخة وجماعات وارفة بالنهار،متحدين في ذلك كل المنع والقمع والحصار العسكري الصهيوني البشري والإلكتروني، مستقبل فلسطين بيد أصحاب المفاتيح الذين دمر العدو منازلهم ومحاها من الوجود عن بكرة أبيها،ولا يزالون يحملون مفاتيحها آملين أين يعيدوا يوما بنائها وفتحها بنفس المفاتيح،و رغم كل شيء، سيعيدون بنائها وفتحها بإذن الله..وعسى أن يكون  ذلك قريبا،و رغم أنف الهادمين والجارفين والمصفقين والمتفرجين والمطبعين..سيكون قريبا بإذن الله؟؟.

الحبيب عكي

اقرء المزيد

الأربعاء، 5 أغسطس 2020

http://akkioasisdesarticles.blogspot.com/

الناس والصيف واللعب والترفيه.

       الترفيه واللهو واللعب والمرح والطرائف..،وغيرها من وسائل الراحة والترويح والبسط والاستجمام،أسئلة عديدة تطرح بشأنها،وحسب جوابها يتوقف مدى استيعابنا للموضوع من عدمه،ليس من حيث توضيح التصور فحسب،بل حتى من حيث تصحيح الممارسة وهذا هو الأهم. لماذا الترفيه؟،وأي ترفيه؟،وكيف..ومتى..وأين..ومع من..؟،هل هو عادة أم عبادة؟،هل لا ينقصنا إلا الترفيه واللعب والحياة جد لا هزل؟،وحتى إذا قبلنا ببعض اللعب فما هي أنواعه؟،وما هي قواعده؟،ولماذا نمارسه بإسراف أو لا نمارسه بالمطلق؟،أي قيمة مضافة ستكون له إذا أدخلناه في حياتنا المعقدة وأية أدوار وظائفية أو استثمارات تربوية ممكنة،وكل هذا يتعلق بالموضع كموضوع لا بأشخاصه ولا أوقاته صيفا كانت أو شتاء؟؟.

 

         هنا ذهب القوم شتى المذاهب من أقصاها إلى أقصاها،فقوم استمروا اللعب طوال حياتهم  وفي مختلف أشيائهم ،وعلى مدى تطور أعمارهم مارسوا مختلف الألعاب،وشجعوا مختلف الفرق،مرتهنين على مختلف الدوريات والسباقات،مدمنين على مختلف الألعاب الإلكترونية التي قد يقضون معها من الأوقات وينفقون عليها من الأموال والأعصاب ما لا يقضونه ولا ينفقونه على أهاليهم وأعمالهم، حد الليالي البيضاء..حد التشرد في الشارع من بيع المساكن والممتلكات..حد الإهمال والخناق والطلاق مع الزوجات،وبعضهم دون خجل يستثمرون في المهرجانات الفنية الصاخبة وفي الفرق والجمعيات والمنح والأسفار الرياضية ومقاولاتها الريعية واقتصادياتها الرهيبة،واجدين لأنفسهم من الأقوال والأفعال المؤولة سوء التأويل ما يسعفهم:" غير بالمهل كايتكل بوذنجال"،"اضحك تضحك لك الدنيا"،"وإلى عطاك العاطي..لا تحرث لا تواطي"،"دير الهم في الشبكة..شي يطيح وشي يبقى"،"إلى جات الدنيا تجي بسبيبة..وإلى مشات ما تكودها سلاسل"،"اللي زربوا ماتوا..واللي اهتموا أش داروا"،"إن لبدنك عليك حقا..فساعة وساعة"،"اللعب هزل..ولكنه الجد كل الجد..حينما يحين الجد"؟؟.

 

         وبالمقابل هناك من أصحاب الجد،أعداء اللعب،حياتهم تكاد تختنق ب حموضة الجدية المدمرة المسمومة،لا يمارسون الرياضة ولا يحبونها،لا يلعبون مع أهاليهم ولا يبسطون معهم،ولا يستطيعون حتى الجلوس والحديث الجماعي مع غيرهم،بيوتهم صمت في صمت،واستسلام للتلفاز والعبث في الهواتف الذكية..؟؟،وهم أيضا يجدون لذلك أقولا ومبررات مجملها قابل لسوء التأويل كقولهم:"لو تعلمون ما أعلم،لبكيتم كثيرا..ولضحكتم قليلا"،"إن سنلقي عليك قولا ثقيلا"،"يا يحيى خذ الكتاب بقوة"،"اللعب مخدر الأمة..مفتر الشعوب"،"على قدر أهل العزم تأتي العزائم"،"احنا ما كنلعبوش..درنا شي حاجة بالجد..عاد نديره باللعب"،"لعب مع الدراري تصبح فاطر"،"إذا رأيت رب البيت يضرب الدف،فلا تلومن الأبناء على الرقص"،"والله إلى ما قفل ما يفور..حكاية الصرصار والنملة"؟؟.

 

         والواقع،أن كلا الموقفتين متطرفين،وأخطر ما فيهما أنهما يخرجان الترفيه واللعب والبسط والترويح عن سياقهما الصحيح تصورا وممارسة، لأن اللعب بقدر ما يمكن أن يكون مجرد عبث لا طائل من ورائه غير طائل إحداثه،بقدر ما يمكن أن يكون ترفيها وترويحا عن النفس المهمومة المضطربة والعودة بها عودة الراعي بغنمه إلى حظيرة الحياة الطبيعية المتوازنة،فقط بشيء من البسط والمرح والانشراح ببعض الحركات الرياضية الرشيقة أو الطرائف والملح التي يستمتع فيها المرء بغريب الكلام وعجيبه ولطيفه وما يعبر عنه من تناقضات بعض مواقف الحياة مما يطلق في الجسم موجة من الابتسامة الحلوة والضحك الواعي والتعديل السلوكي و هرمون التوازن السعادة؟؟،فاللعب إذن بهذه المعاني،هو نشاط ترفيهي بقيمة تربوية مفعومة بالترويح والتسلية،وخاطىء كل من يقصره على التربية وحدها أو على مجرد التسلية وحدها،بل هو متعة وإفادة،واللهو واللعب فطرة إنسانية،والفطرة لا تصادر،ومن منع اللعب في بيته مع الأقارب لعب أبناؤه في الشارع والمآرب مع غيرهم من الأباعد،مع ما قد يوجد في تلك الأوساط من الظواهر السيئة،ومن همش اللعب في أنشطته الحركية و الجمعوية تجاوزه الزمن وأصبح ذلك من أبواب التقصير و اللاواقعية والانغلاق ..وإن وضع في مواثيقه وقوانينه الأساسية أولوية الفن والرياضة و وضعها؟؟.

 

         اللعب والترفيه ممارسة أصيلة في الدين،مما ثبت عن رسول الله (ص) أنه لا رهبانية في الإسلام،وأنه كان (ص) يسابق عائشة (ر) فيسبقها وتسبقه هذه بتلك،وكان (ص) ينحني للحسن والحسين فيركبان على ظهره الشريفة ويقول:"نعم الجمل جملكما ونعم الراكبان أنتما"،وكان (ص) قد رفض لعمر بن الخطاب (ر) نهره للأحباش لعبهم في المسجد يوم العيد فقال له:"دعهم فإنهم بنو أرفدة"يعني الحبشة المعروفون بلعب الرماية تلك،بل كان (ص) يستر على عائشة (ر) حتى تأخذ من فرجتها منهم ما تأخذ؟،وذلك الرجل الذي قال:"والله إن لي 10 أبناء ما أقبل منهم من أحد"،قال المسلمون:"وماذا نفعل لك إذا نزع الله من قلبك الرحمة"؟؟.واليوم أيضا ما من داعية ناجح إلا وفي خطبه قصص معبرة وطرائف مضحكة،وما من مكون في التنمية البشرية إلا وفي عروضه "كسارات جليد"يبسط بها مع الناس ويرفه عليهم حتى يطمئنوا إليه وينشرحوا لعلمه ويتحمسوا لمهاراته وتفتح بينه وبينهم جسور التواصل وإمكانيات الاستفادة؟؟.

 

         الأمور إذن واضحة،وبلا شك دلائلها مقنعة،ولكن مع الأسف لا زالت العادة تغلب العبادة ولازال الطبع يغلب التطبع،فهناك الكثيرون ممن لا يعرف اللعب واللهو في حياتهم وجودا،ولا الرياضة والاستجمام ممارسة،ولا الترويح والبسط نكهة،حتى إذا كان شيء من ذلك فبكل برودة وطقس رسمي وجدية وصرامة تفقده المنتظر من طعم اللعب كالمتعة والحبور والأنس والمودة والسكن والاطمئنان،وتلك قمة المأساة أن يفقد المرء حتى القدرة على اللعب والترفيه حتى مع أهله وأبنائه، أو يبقى أسيرا بين مخالب المشاكل المادية و حموضة الحياة ومفرقعاتها من الشكوى و"النكير والمعيار" وشظاياهما الحارقة؟؟.

 

         الألعاب الترفيهية أنواع،صغرى وكبرى،داخلية وخارجية في الهواء الطلق،غابوية وشاطئية،عائلية تخييمية ومدرسية فردية وجماعية،تعبيرية وثقافية،سحرية ونارية..؟،للمرء أن يختار منها حسب حاجته وظروفه وقدرته وتواجده..ما يعجبه ويلبي حاجته،فجلها لها وظائف تربوية تكوينية كما قلنا كالمساهمة في الاندماج الاجتماعي،والتخفيف من العزلة والانفراد،أو الوظيفة التعليمية والاستكشافية للمواد المستعملة في الألعاب وطبائعها،أو التعريف بالقوانين وضرورة احترامها،الاعتماد على النفس والتعاون والتنافس الشريف والعمل الجماعي وشروط نجاح الفريق،توارث جماليات الأهازيج والرقصات واللوحات والأولمبياد التعبيرية والرياضية للشعوب والبحث عن معانيها وتاريخها،وظيفة التنشيط والترفيه والتسلية والثقة والأمل والتفاؤل،بل وظيفة العلاج من الحالات النفسية المكتئبة والسلوكية المنحرفة...؟؟.ولنجاح أية لعبة لابد من الدراية التامة بها وبقواعدها والحرص على أهدافها وتوفير وسائلها،لابد كذلك من تملك بيداغوجيا ممارستها والإشراف عليها سواء تلق الأمر بالكبار أو مع الصغار؟؟.

 

         غير أنه لا ينبغي للواقع وما يسود فيه ويشاع أن يكون هو المرجع في ألعابنا،بل لابد من مراعاة بعض القواعد التي تترك اللهو واللعب والبسط والترويح في حدوده المباحة في الشريعة ومنها:

         1- أن لا يلهي عن العبادات،فهي مقدمة على العــادات.

         2- أن لا يكون فيه كذب فالرسول كان يمزح ولا يقول إلا الحق.

         3- أن لا يكون فيه فحش ولا تفحش كما هو سائد عند الكثيرين.

         4- أن لا يكون فيه رهان كمـا في رهانات السباقات والدوريات..

         5- أن لا تنتهك فيه حرمات الله كالتعري أو الخمور في الألعاب.

         6- أن لا يكون فيه تعذيب لخلق الله كما في ألعاب الديكة والثيران.

         7- أن لا يكون فيه استهزاء بالقيم والتعاليم و الشخصيـات الدينية.

         8- أن لا يكون فيه غش واحتيال وتعصب أو يكون خاليا من التهذيب وحسن الخلق و الروح الرياضية.

         9- أن لا يكون فيه استهزاء بالإثنيات والألسن والألوان و المدن وغير ذلك مما وجد فيه الإنسان نفسه وهو ليس عنه مسؤولا، بل إن كل تلك الاختلافات آية من آيات الله سبحانه وتعالى.

         10- أن يكون اللعب بالقدر المباح كقدر الملح في الطعام،فالحياة جادة لا ينفع معها غير الجد ولو بلباسه الساخر،و ما يزهد في العديد من البرامج الإعلامية لرمضان - كما يقول النقاد - إلا لطغيان الكوميديا السمجة فيها،والواقع أنها ينبغي أن تكون ساخرة هادفة،ولا ينبغي أن تفوق فيها نسبة 15 %،وحتى هذه النسبة بعضها ينبغي أن يكون مبثوثا في ثنايا البرامج الأخرى كرسائل مرحة وهادفة،معلمة ومقومة؟؟.

الحبيب عكي


اقرء المزيد

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

المتابعون

المشاركات الشائعة