Top Ad

الأحد، 30 ديسمبر 2018

http://akkioasisdesarticles.blogspot.com/

النموذج التنموي بين تثمين الموروث الحضاري والانفتاح على المشترك الإنساني


لا زالت النماذج التنموية في العديد من الدول الناهضة تراوح مكانها إن لم نقل أنها قد باءت بالفشل والفشل الذريع،ذلك أنها قد ذهبت في الحقيقة ضحية المصطلح بالدرجة الأولى قبل غيره من الإمكانيات والإرادات والمخططات والحكامات..،فعندما ينوي بلد من هذه البلدان أن يخوض غمار التنمية ويضع لها مخططاتها وبرامجها،كثيرا ما تشوش عليه مصطلحات مماثلة براقة ولكنها قليلا ما تمت للتنمية بصلة إن لم نقل أنها مناقضة لها بالتمام،وإن بدا فيها من روائح التنمية العطرة وصورها الزكية ما بدا،وهذا ما نجده فعلا في مصطلحات التغيير والإصلاح والثورة والتحديث والتجديد والتطوير..،مصطلحات غالبا ما تنتهي في أغلب الأحوال إلى مجرد التغريب والتبعية أو التمدن والمكننة أو العولمة المتوحشة التي تنتهي بدورها إلى مجرد الفرنسة المتخلفة المجانية أو الأمركة الاستيطانية والعابرة للقارات؟؟.

هكذا وبكل بساطة،تفشل العديد من المشاريع التنموية رغم كل البهرجة والدعاية المغلفة بضجيج الأرقام الضخمة وصخب الخطب العصماء من فوق البنايات الشاهقة،لا لشيء إلا لأنها حاولت استنساخ نموذجها التنموي واستنباته في أرض غير أرضها وبين قوم ليسوا هم قومها،وكأننا أمة لقيطة معدومة؟؟،نحن لسنا أمة نشأت من فراغ ولسنا أمة معدومة،نحن والحمد لله أمة غنية بتراثها الحضاري،متجذرة في أعماق التاريخ،وكان لنا من النماذج التنموية الشاملة والعادلة والمثمرة والمزهرة ما اكتسح العالم قرونا من الزمن ونهض بالأمم من قاعها ولا زال يحن إليه أهلها،نماذج في القيم والأخلاق الراقية،نماذج في الطهارة و الري والفلاحة والتجارة والصناعة،في المواطنة الصادقة والتضحية الجهادية من أجلها،نماذج في العدل والفضاء والتضامن والتماسك الاجتماعي،في تكريم المرأة والسعي على الفقراء والمحتاجين،نماذج لازالت أشكال بناء قصورنا  ومداشرنا الجامعة الشاسعة تشهد عليه،والمعمرين من شيوخنا كل يوم يروون عنه بفخر ويتحسرون على تراجعه بمرارة؟؟،



لا أحد يستطيع أن يقنعنا اليوم بأن نموذجنا المعاصر الأناني والفرداني (باباك راسك) أفضل من نموذجنا التراثي القديم بما يحمله من قيم التضامن والعيش الجماعي الذي يعم خيره بل تطوعه،بل وقفه حتى الغرباء واللقطاء والطيور والفرسان في الزمان والمكان؟؟.من هنا وجب على هذا النموذج التنموي الجديد إحياء هذا التراث والاستفادة من جوانبه المضيئة والمتجذرة وإن بأشكال وإخراجات معاصرة،وكل استغناء عن هذا هو في الحقيقة استغناء عن روح الأمة والسعي بها إلى أن تصبح مجرد أجساد طينية وديدان أرضية همها ما تملؤ به بطنها أم تمتع به فرجها،أو مجرد آلات بشرية مستهلكة هالكة مهلوكة؟؟،وهذا في نفس الوقت لا يعني الانحسار في الماضي و عيش الحاضر في مجرد ظلاله،بل لابد من الانفتاح على العصر وتقنياته وإنجازاته وخاصة ما يندرج منها في إطار المشترك الإنساني والذي يتناغم مع تراثنا الحضاري وقيم هويتنا وكينونتنا وما تدعو إليه من التيسير على الخلق والإتقان في العمل والتعايش مع الآخر،وما يمكن أن يغني ويطورها مثل هذا دون تغيير قسري أو تشويه إلى النقيض النقيض، فأتعس ما يتعس الإنسان أن يتواجد قسرا في مكان غير مكانه(كل منقالة مذبالة..كل ميتة مزبالة)؟؟.

هكذا إذن،ينبغي للتراث الحضاري أن يأخذ مكانه في النموذج التنموي الجديد،فلا تكون سياسة الإجهاز عليه أو فولكلوريته وتزييفه هي السائدة،فتلك سياسة مفلسة ستكون أكبر مانع لدى المواطن للانخراط في كذا مشروع تنموي أو التحمس له، بل أكبر عامل لرفضه ومقاومته وبالتالي فشله وإفشاله؟؟،هل يعقل مثلا..بسم ..وبسم ..وبسم ..استبدال العلاقة الشرعية المحترمة بين الزوجين أو بين الآباء والأبناء أو بين المشغلين والمستخدمين،بغيرها من بلاوي العلاقات العصرية الرضائية والمشاعية والعرفية والمتعية والصراعية و..و..و..؟؟، قد ينبغي تجويدها وتأصيلها وتحديثها،ممكن؟؟.كما ينبغي للحياة المعاصرة أن تجد مكانها في تنميتنا دون الانغماس في مطباتها من النفس الاستهلاكي والروح الرافضة للآخر غير الغربي و الأمريكي،لا للحرية غير المسؤولة ولا لنزعة الحقوق دون الواجبات..ولا للفساد والاستبداد،نعم للفرد وسط الجماعة ونعم للعلوم والأدب والفنون بالقيم والأخلاق،نعم للإبداع والحرية المسؤولة...نعم للسلوك المدني المتحضر..للحقوق والواجبات..للقيم والأخلاق..نعم...نعم..؟؟،وإن استقراء النماذج التنموية الناجحة اليوم،لنجد أن هذا ديدنها  وسر نجاحها وإكسير حياتها وتجددها..الجمع الحقيقي بين التراث والحداثة في خلطة واحدة،خلطة الفرد والجماعة،خلطة العدل والانصاف،خلطة الكم والكيف،خلطة..خلطة..خلطة..،وتلك هي الخلطة التنموية السهلة الممتنعة؟؟.

الحبيب عكي

اقرء المزيد
http://akkioasisdesarticles.blogspot.com/

حتى لا يكون النموذج التنموي جديدا بسياسات قديمة


لاشك أن الشعب المغربي قاطبة،لا يزال يتطلع إلى ذلك اليوم الذي سيتمخض فيه عن ميلاد ذلك النموذج التنموي الجديد،الذي نادى به صاحب الجلالة لتجاوز الاختلالات التنموية في البلاد،والذي كان من المفروض أن تفتح الحكومة حوله حوارا مجتمعيا واسعا،يشارك فيه الجميع،وخاصة تلك الفئات المعنية فيه بالإنصاف وتلك المؤسسات المؤهلة فيه بالتنزيل،حتى يكون ذلك المولود التنموي المنتظر من الجميع وإلى الجميع،ينبض قوة وحيوية وعطاء،لا مجرد فرط مجهض فقد الحياة من مهده،وإن رآه أهله ومهندسوه حيا وحيويا وغير محنط؟؟.

ترى أي حلول عملية و واقعية سيحملها هذا النموذج إلى الفئات المتضررة من النموذج الحالي على تعددها وعلى رأسها:
1-    فئة الشباب:وما يعانيه من معضلات البطالة والبطالة المقنعة،وصعوبة الاندماج في الحياة العامة ونبض المجتمع،نتيجة هشاشة التكوين وفشل المحاولات وانسداد الأفق وقوة اليأس التي تزج به كل يوم في أوهام الانتظارية وأحلام الهجرة والعزوف عن كل شيء بدءا من السياسة والعمل الميداني إلى الزواج والاستقرار العاطفي،إلى غير ذلك؟؟.

2-    فئة الأطفال: وما يعانونه من رداءة الخدمات الصحية والتعليمية..،وتواضع ما يتمتعون به من حقوق لا في اللعب والترفيه ولا في الحماية والمشاركة،بعضهم محروم من وسطه الأسري الشرعي،ناهيك عن ما يهدد هويته الحضارية ويجعل من العديدين منهم نشئ ممسوخا مستلبا في الفكر والسلوك،هجينا في معاملته،مميعا في ذوقه الفني واختياره الإعلامي؟؟.

3-    فئة النساء: وما زلن يتعرضن له من التمييز والدونية والعنف نتيجة عادات راكدة لعنتريات ذكورية واهمة،وأفكار وافدة تشييئية لحركات تغريبية مغررة،كل يوم تقتلعها من جذورها وتسلخها عن جلدها في كثير من مظاهرها،وهي لا تتشبث في المشاكل الحقيقية لنوعها إلا بقشورها،وفيها من الصراع و الصدام ما فيها،فلا أرضا تقطعنا ولا ظهرا تبقينا؟؟.

4-    فئة ذوي الاحتياجات: وهم المغبونون من أبسط حقوقهم ألا وهي حقوق الشعور بالإنسانية الكاملة والعيش الأدمي الكريم،ورغم أنهم يمثلون حوالي 10%  وفي كل بيت عضوا منهم أو ممثلا عنهم،فهم غير منصفين في..وفي ...وفي ...لا لشيء إلا لأنهم مختلفون،فهل يستطيع النموذج  التنموي الجديد أن يضمن حقهم في التشريعات ويلزم غيرهم بتفعيلها؟؟.

5-         فئة الفقراء والمحتاجين: وهم من لازالت تطحنهم كل يوم تكاليف الحياة،ويراق منهم ماء الوجه وكرامة الآدميين لعلهم يحصلون على بعض الفتاة من لقمة العيش المرة أو الخدمات ولو كانت رديئة وبالمن والأذى،في حين أن أمثالهم وغيرهم في نماذج الدول الأخرى تضمن لهم حق التموين الشهري،في كل حالات العوز و التشرد والبطالة وفقدان العمل والشيخوخة..والمرض..و..و..؟؟

6-         فئة الباحثين والخبراء والموهوبين والمبدعين: وهم شئنا أم أبينا من تحل على أيديهم مشاكل البلاد وتحقق بفضل إبداعاتهم طموحات العباد،وتصوب بوصلة المال والأعمال وشتى المشاريع،ولكن لا يزالون في معظم عطائهم في مختلف المجالات العلمية والأدبية والفنية والتقنية..،بمجوداتهم الذاتية رغم عهد الفريق،وقليل منهم من هم مؤطرين أو مدعمين أومؤسساتيين،فإلى متى؟؟.

   وهل يا ترى سيحمل هذا النموذج التنموي الجديد،أية قيمة مضافة أو تطوير جديد للمؤسسات المجتمعية التي ستسهر على تنزيله حتى تتمكن من تلبية حاجيات الوطن في النمو وحاجيات المواطن في التنمية والعدالة والإنصاف..،مع ما يلزم ذلك من حكامة في التسيير وجودة في الخدمات ومحاسبة على الميزانيات والمسؤوليات ودفاتر التحملات،وعلى رأس تلك المؤسسات:
1-  مؤسسات التشريع والإصلاح: والتي مع الأسف لا زالت تفقد كل ولاية رصيدها من الصدق والمصداقية،وربما أصبحت اليوم لا يختلف بشأنها اثنان على أنها مجرد مسرحية هزلية سمجة مرسومة الأدوار والأبطال والوجوه والوجهات،التي تكون دائما خارج النص وخارج الركح الحقيقي للوطن والمواطن،قوقعت حراكات شعبية وفرضت سياسات لا شعبية،لا وجود لبصمة الممثلين والمؤسسات فيها،فصدق من قال:"عليك أمان،عليك أمان..لا حكومة،لا برلمان"؟؟

2-  مؤسسات التأطير المجتمعي: من أحزاب ونقابات وجمعيات وجماعات،وقد أصبحت اليوم في كثير منها مجرد أرقام للدعاية والواجهة والوجاهة،بعيدة في معظمها عن أدوارها الدستورية رغم الحاجة المتزايدة إلى تدخلاتها في الميدان وتأطيرها على أرض الواقع،لأن مواطن اليوم يبدو قد كفر بأية وساطة بين الدولة و المجتمع،وأصبح  لا يشفي غليله في أبسط الأمور إلا تدخل رأس السلطة،أو أخذ حقه بيده وبقانون الشارع؟؟.

3-  مؤسسات الخدمات الاجتماعية: من صحة وتعليم وعمل وسكن وغير ذلك من الخدمات مما لا يمكن للمواطن أن يحقق عيشه الكريم بدون ضمان توفرها و وفرتها ويسرها و جودتها وتعميمها؟؟،فهل سيتجاوز هذا النموذج التنموي الجديد سياسة الاهتمام بالواجهة والعمران على حساب العمق والإنسان؟؟،وهل ستكون له إضافة حقيقية في سياسة القرب والتشارك والديمقراطية والتنمية وحقوق الإنسان؟؟.

4-  مؤسسات التصنيع والاقتصاد: لأنه لا يعيش الإنسان بمجرد الأماني والأحلام والقوانين والدساتير على أهميتها، ولكن لابد لها على أرض الواقع من مؤسسات الإنتاج السياسي والاقتصادي والعلمي والتقني والأدبي والفني..،مؤسسات ترفع أركانها وتقوي عمادها وتكرم إنسانها؟،فما حظ النموذج التنموي الجديد في تقوية التصنيع والاقتصاد وتقوية أسواقها وتحريرها من كونها دولة بين الأغنياء منكم،ومن كونها مجرد المساعدات والديون فوق الديون والتوصيات تلو التوصيات؟؟

5-  مؤسسات العلاقات الدبلوماسية: من أجل دبلوماسية متميزة  حرة ومستقلة أولا،غير تابعة لا للشرق ولا للغرب ولا لأوكلاهما،وغير مفرطة في تاريخها وعمقها الحضاري الإفريقي والعربي والإسلامي،غير أن هذه الدبلوماسية المنتجة لابد لها من بضاعة يحتاجها الآخرون،وأظن أننا غير معدمون في هذا الصدد والحمد لله،ولدينا الكثير مما يمكننا تسويقه،الانفتاح والأمن والسلام والاستقرار والتقدم المضطرد وأهم من كل ذلك القيم التي أنتجت وتنتج كل ذلك؟؟.

6-  مؤسسات التواصل والإعلام: والتي لابد أن تكون عمومية فعلا،وتتجاوز عهد الاحتكار والدعاية الموجهة والمغرضة أحيانا،إعلام يقطع له مع تجاهل وتمييع هموم الوطن وآمال المواطن،إعلام القرب وإعلام الدمقرطة الذي أصبحت يفرضها الإعلام الإلكتروني الذي هجر إليه الناس أفواجا أفواجا،إعلام ينخرط في همومنا المعاصرة وحملاتنا المجتمعية،و يجتمع فيه الخبر والتحليل والترفيه وكل الأجناس الصحفية والإعلامية بطابع أساسي هو المتعة و الإفادة؟؟.

           وهذه أشياء غير سهلة بالفعل،ولكنها تستحق الاختيار و تستحق خوض المسار،وخاصة هدم بنيات الريع والفساد والاستبداد التي شكلت وتشكل إلى يومنا هيكل الدولة العميقة وأخطبوطها المخزني،مما شكل ويشكل إلى اليوم عائقا حقيقيا للانتقال الديمقراطي والفعل التنموي الحقيقي أمام الجميع،ودون تعديل هذا لن تستمر غير طواقي وكوفيات الأصفار،وخطابات التوهيم ذات الحبل القصير والتنويم المفضوح،وربما كوابيس وهواجس الإعصار،وإن سمينا نموذجها جديدا أو أجد من جديد..فهو بفساده وسياساته القديمة لن يكون في الحقيقة إلا أقدم من قديم وأفسد من فاسد؟؟.

الحبيب عكي


اقرء المزيد

الجمعة، 21 ديسمبر 2018

http://akkioasisdesarticles.blogspot.com/

النموذج التنموي الجديد وسؤال القيم؟؟

من الأخير،الفوضى الأخلاقية والفوضى الخلاقة،تفاقم الهجرة القسرية وبالأشكال الجماعية والاستعراضية،استشراء الرشوة والوساطة في مختلف الإدارات والمؤسسات واستعصاء المعضلة على المحاربة،تفشي المخدرات في أوساط الشباب وإدمانهم لها رغم كل المآسي التي تسببها لهم ولذويهم متاهاتها،مغرب السرعتين وفشل النموذج التنموي الوطني الذي يعود خراجه على بعض الفئات والجهات دون غيرها..،و ما يسمى بالبرامج الاجتماعية أقل من الحاجة وتفتقد إلى موارد كافية وقارة،ناهيك عن ضعف رصيدها الاجتماعي وموجبها الخدماتي وما يصرح به الناس مما يحدث فيها من التلاعب من حيث الاستحقاق؟،معضلات وطنية لا يخطىء المرء إذا قال أن سببها العميق والحقيقي هو اضطراب القيم التي أصبحنا نعيش بها في مختلف التجمعات والهيئات و في مختلف المجالات وعلى مختلف المستويات،خاصة تلك المرتبطة منها بالمشترك المعيشي والحكامة التدبيرية للشأن العام؟؟.

ومن الأخير،قد يكون من الطبيعي أن أي أمة قد يأتي عليها حين من الدهر تصاب فيه بالفتور والوهن والتراجع الحضاري بدرجة أو بأخرى،ويكون من الطبيعي أيضا أن كل أمة في هذا الوضع المتراجع والمتراخي والذي تكون فيه مغلوبة على أمرها عاجزة عن حل مشاكلها وتجاوز أزماتها،فإنها تسعى إلى النهوض واستئناف دورتها الحضارية والإنتاجية مهما كان وضعها مخلا أو ما لم يكن قاتلا بشكل نهائي،الحضارات المنقرضة مثلا،ومقابلها الحضارات الناهضة لا تجد لها سلاحا فعالا لذلك غير الكامن فيها من قيمها الحضارية الخالدة و قوالبها الإنتاجية المعطاءة،ترى والأمة اليوم تكاد تنكون عالة على غيرها من الأمم في كل شيء في السياسات والصناعات والمنتوجات والتقنيات والمساعدات..،ما هي القيم البانية التي تحتاجها لإيقاظ همم بنيها وإطلاق مكنونات وممكناتها كما يقال؟؟.

من الأخير،لإيقاظ شعوبنا وإطلاق مكنوناتنا وممكناتنا قبل سواعدنا و ماكيناتنا،نحتاج إلى استنهاض قيمنا الإيجابية البانية والحضارية الإنسانية،وعلى أكثر من صعيد ومستوى ومن ذلك:
1-      على مستوى الفرد:
وهو العنصر الأساسي في كل تغيير ونهضة،لذا لابد أن يكون صالحا ومصلحا،له من الغيرة الوطنية ما يمنحه حصانة ضد التخلف والفساد،حتى يكون مشبعا بقيم الإيجابية البناءة والمفعومة بما يلزم من تنمية الإرادات والقدرات والمهارات التي ستحقق له ما يلزم من الحاجيات والكفايات؟؟.
2-      على مستوى الأسرة:
        وهي المحضن الطبيعي والأساسي للتربية على قيم الاستقامة والعطاء،وهي النواة الأساسية للمجتمع، مدرسة ومعمل ومعبد ومحكمة كما يقال،وكلما كانت أجواؤها دافئة وهواؤها نقي وأفرادها متآلفين متعاونين متضامنين،تمتعت هي والمجتمع بمواطنين قادرين ومتأهبين للانخراط في مشروع التنمية الأسرية والنهضة المجتمعية عن جدارة واستحقاق؟؟.
3-      على مستوى المجتمع:
                وهو الذي ينبغي أن تشيع فيه قيم العلم والمعرفة والعمل التضامني والتعاوني ونفي السلبية والتبعية والفردانية ومجرد الانتظارية والاستهلاكية بدل المبادرة والإنتاجية والجماعية،ولا يتأتى له ذلك إلا بقيم تقوية الإرادات وتثمين القدرات وإطلاق الممكنات وقيم تحقيق الذات والكفاية الجماعية في ظل الحرية والكرامة والعدل والإنصاف؟؟.
4-      على مستوى الدولة:
              دولة الحق والقانون،دولة الأمن والاستقرار،دولة الديمقراطية والتنمية والعدالة الاجتماعية،دولة الحريات والمبادرات والاستثمارات وفي الإنسان قبل العمران،لا دولة العوز والفقر والتبعية والريع والهيمنة والطغيان والولاءات بدل الكفاءات؟؟.
5-    على مستوى العالم:
          ولأنه لا يمكن أن تبني نموذجك على أنقاض العالم أو في معزل عنه فما بالك إذا قاومك وحاربك،لذا ينبغي أن يكون هذا العالم تسود فيه قيم التعاون على حفظ الأمن والسلام،أو على الأصح نكون بوسعنا مع الساعين بحق إلى ذلك،عالم التعايش والانفتاح والتعاون على تبادل الخبرات وتقاسم الخيرات بين الشعوب والأمم،لا عالم الهيمنة والاستحواذ والعولمة المتوحشة ومحاربة الخصوصيات وازدراء الأديان ومخالفة فضائلها،والاتجار الدائم والمخزي في استدامة الكوارث والأزمات لتدمير البيئة والإنسان؟؟.


ومن الأخير،مثل هذا النموذج التنموي المبني على قيم العدل والإنصاف والاستثمار في المشترك الإنساني ،بعيدا ..وبعيدا...وبعيدا...،لا يروق العديدين ممن يصطادون في الماء العكر وضد الفطرة الإنسانية والمطامح الكونية المشروعة والعادلة والفضلى،وبالتالي لا يدخرون جهدا في عرقلته وتحطيم كل ينابيع الخير وفسائل الصلاح،أو على الأقل إفراغها من الجدوى في أحسن الأحوال،فإذا نادت البشرية إلى قيم العفة والستر والحياء والأسرة الشرعية،نادوا هم إلى قيم الفسق والفجور والشذوذ والمشاعة والبهائمية،وإذا نادت البشرية إلى قيم الحوار والتعايش والحرية والعدالة والأمن والسلام نادوا هم إلى قيم الحرب والجبر والقهر والاستبداد والاستعباد،أو على الأقل خصصوها وجعلوها دولة بين الأغنياء والأغبياء منهم،وكالوا فيها بكل المكاييل،ما أنزل الله بها  من سلطان؟؟.

و هكذا من الأول ومن الأخير،فلا ضير عند كذا قوم و قوم من أن تدوم أزمة الشعوب الإسلامية والعربية في فلسطين والعراق وأفغانستان وسوريا وليبيا واليمن السعيد الشهيد المجيد...،ما دامت هذه الأوضاع رغم كارثيتها تحمي لهم جرثومة الكيان الصهيوني اللقيط في الشرق الأوسط؟؟،وتتيح لهم دون غيرهم الاستفراد بوسائل القوة والإرهاب والتدخل في شؤون الآخرين والهيمنة عليهم في العالم،وتتيح لهم الإنفاق الجنوني و الربح الجنوني من تجارة المخدرات والجنس والأسلحة والمميع من الفن والمخدر من الرياضة أكثر من غيرها،وإن كانت من مكانة وحجم مآسي الفقر القيمي والمرض الأخلاقي والمجاعة الغذائية والضحل العلمي والعوز التقني والبطالة و التهجير القسري ونهم الاستهلاك وذل المساعدات وأغلال القروض والمديونية،وغير ذلك مما يغلق في يأس قاتل أفق التغيير والتنمية والإصلاح والتداول السلمي على السلطة في دول العالم الثالث،ويغلق بغير حق باب المشاركة في الثروة الوطنية إنتاجا واستفادة بين أفراد الشعب الواحد بل بين الشعوب والأمم في سياساتها وديبلوماسياتها،فهل سيملك نموذجنا التنموي الجديد من القيم ما يمكنه أن يتجاوز به السقوط والتطبيع مع كل هذه الاختلالات  والمطبات للعولمة المتوحشة،هل سيملك ما سيمكنه من أن يجعل هذه القيم سائدة في المجتمع تؤتي أكلها الطيب بإذن ربها وتمسك شعبها..نرجو ذلك؟؟.

الحبيب عكي


اقرء المزيد

الأربعاء، 12 ديسمبر 2018

http://akkioasisdesarticles.blogspot.com/

المجتمع المدني وسؤال النموذج التنموي الجديد

                                 
        في الحقيقة،لا أدري كيف أطرح السؤال المناسب في هذا الموضوع،هل ما هو دور المجتمع المدني في بلورة النموذج التنموي الجديد؟،أو ما هي المكانة التي ينبغي أن تكون للمجتمع المدني في هذا النموذج التنموي الجديد؟، وكيف ما كان السؤال فالجواب الموضوعي عنه لا يمكن في نظري أن يكون إلا بالشك والريبة في كثير من الأمور؟،لأنه وباختصار بعد المكانة المعتبرة والمرموقة التي بوأها الدستور الجديد 2011 للمجتمع المدني،وبعد المشاركة الفعلية لهذا الأخير في بلورته،لا زال المسكين في وضع تراجعي أكثر منه تقدمي عما كان عليه،اللهم من حيث عدد الجمعيات المتنامي والحالمة بأوضاع أفضل؟؟.هذا لا يعني أن ليس هناك دور للمجتمع المدني في بلورة النموذج التنموي الجديد،أو ليس في هذا الأخير مكانة مرتقبة خاصة بالمجتمع المدني،وإنما الأمر في نظري يتعلق بمدى صدق أهل العقد والحل و مسؤولي الدولة وإرادتهم في التغيير والتجديد فعلا،وعدم المناورة والنكوص من جديد؟،كما يتعلق الأمر أيضا بالمجتمع المدني الفاعل ومدى قدرته على التخلص مما يحول بينه وبين أن يكون فاعلا ومتفاعلا لا مجرد مفعولا به؟؟.

وعليه،وأخذا بعين الاعتبار للمصلحة العليا للجميع،والأدوار التاريخية لكل من الدولة والمجتمع المدني في كل العالم،لا ينبغي النظر إلى المجتمع المدني والترحيب به فقط كلما كان ضعيفا وتابعا وحبيس بعض أدواره الخدماتية والنفعية المعوضة لفراغات الدولة وغيابها في العديد من المناطق وفي العديد من المجالات،وخاصة إذا تعلق الأمر بالصحة والتعليم والتأطير الطفولي والتكوين الشبابي وإدماج المرأة والتشغيل الاجتماعي في العالم القروي وعالم الأرياف؟؟.لا مجتمع مدني بدون أدواره النقدية والترافعية والتشاركية والتنموية الحقيقية،ولا يمكن أن نمكنه من ذلك دون أخذ مذكراته وملتمساته وعرائضه بعين الاعتبار وإدماج الوجيه منها في السياسات العمومية؟،أو وضع عراقيل الأعداد في شكل التوقيعات وعدد الجهات بشكل تعجيزي للحيلولة دون تمكينه من أدواره الدستورية الجديدة في المشاركة في وضع السياسات العمومية ومراقبتها والمساهمة في أجرأتها وتقييمها وتطويرها؟؟،وإلى هذا قد ذهب السيد الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني،باعترافه بقوة المجتمع المدني كشريك أساسي في التغلب على بعض المعضلات الوطنية كمحو الأمية والتربية غير النظامية،أضف إلى ذلك أن المغرب يتوفر على أزيد من 100 ألف جمعية بطاقة تطوعية خلاقة قد تتجاوز مليون متطوع بكذا يوم عمل وكذا عائد تنموي لو تتاح له الفرص؟؟.

وحتى لا تهدر البلاد والعباد هذه الطاقة الوطنية والثروة المدنية وكل هذه السواعد المتطوعة والمبدعة والخلاقة،لابد أن يستجيب النموذج التنموي الجديد للمعضلات العالقة في مجال التطوع والاقتصاد الاجتماعي وبتجديد قانون الحريات العامة وتنقيته من العديد من القيود والإشكالات المكبلة لجمعيات المجتمع المدني ومنها:

1- ضرورة تيسير استعادة المجتمع المدني عامة والعمل الجمعوي خاصة لطاقاته الخلاقة من النخب المنظرة وليس الطاقات المنفذة والميدانية فحسب،والتي قد لا تؤدي كل مجهوداتها وتراكماتها إلا إلى تفاقم المشاكل والأزمات لأن المنطلقات النظرية والأسس الفلسفية لم تكن صائبة،أوهناك أفضل منها؟؟.

2- التسريع بحل الإشكالات القانونية التي لازالت تقيد الفعل المجتمعي التطوعي الواسع،كشرط الحصول على صفة المنفعة العامة،وتسييسها بدل الكفاءة والأهلية والتعميم والمحاسبة،وفوق ذلك ربط التماس وتنظيم الإحسان العمومي بها وبالجهات المركزية بدل اللامركزية،وكذلك إعادة النظر في القوانين التنظيمية الرامية إلى تفعيل دور المجتمع المدني في الدستور الجديد وقد جاءت بشكل تعجيزي،لا فيما يخص الانخراط في الهيئات الاستشارية،ولا فيما يخص رفع المذكرات والعرائض والملتمسات،والتي بدأ الإحباط يجتاح منها أو بسببها المجتمع المدني؟؟

3- إعادة النظر في تيسير الحصول على الموارد المالية للمنظمات الأهلية،وحق تملكها للمقرات والعقارات والقيام بالاستثمارات اللازمة لتغطية مصاريفها التدبيرية و حاجياتها المالية،بل واستفادة  العاملين فيها من بعض منتوجهم المادي كغيرهم من المتعاونين في إطار تشجيع الاقتصاد الاجتماعي وامتصاص البطالة؟؟.

4- تيسير الحصول على تراخيص تنظيم التظاهرات الثقافية والحملات الاجتماعية وربطها الفعلي بالإشعارات دون حساسيات سياسوية ولا توجسات أمنية لا مبرر لها؟،ومن ذلك حق التمتع الشفاف بالحصول على الدعم العمومي والحق الدستوري في الحصول على المعلومة وعقد الشراكات حسب الاستحقاقات والكفاءات لا حسب الوساطات والولاءات؟؟.

5- تشجيع ودعم الاقتصاد الاجتماعي والتضامني بدعم تكوين وتأهيل الأطر الجمعوية الشبابية والمتخصصة،وتيسير ودعم التشغيل الجمعوي بدءا من أعضاء مكاتبها وخاصة الشباب والذي يضطر الآن إلى تشغيل غيره في مشاريع وشراكات هيئته لكونه يقع في التنافي،رغم أنه موجز ومعطل ولا ينتمي إلى أي مكتب جماعي؟؟.

6- تغيير عقليات العديد من رجال السلطة الذين لا يزالون يتعاملون مع الجمعيات بالتوجس في ملفات تأسيسها وآجال وصولاتها،أوالمماطلة في التراخيص لأنشطتها ورفض إشعاراتها،وطلب ما لا يطلب في قانون الحريات العامة والعمل الجمعوي،في ابتداع قانونهم الخاص في شطط واضح  لاستعمال السلطة والمزاج؟؟.

7- إعطاء الديمقراطية المدنية والتشاركية ما تستحق كغيرها من الديمقراطيات التمثيلية والنيابية،لأن البنيان لا يتم إلا بتراص محكم لكل لبناته وديمقراطياته وتمثيلياته،ومع الأسف لا يزال طيف واسع من المجتمع المدني مجرد ملاحظ ومتفرج على أغلب الأمور التي تسير بدونه وحتى بانتقاده،بل إن المشاركين لا يشاركون إلا في التوقيع على أمور جاهزة،وحتى إذا ناقشوها وأدلوا باقتراحاتهم بشأنها،خرجت في الأخير كما صيغت من طرف أصحابها في المرة الأولى،إلا قشورا ولماما؟؟.

8- تجاوز المن والصدقة والنظرة الإحسانية والزبونية والوساطات،التي تحول دون أن تتمتع جميع الهيئات المدنية بحقها المشروع  في استعمال وسائل الإعلام العمومية والقاعات العمومية والملاعب الرياضية والساحات العمومية والمؤسسات التربوية وغيرها من فضاءات التكوين والتأطير والتواصل؟؟.

9- تشجيع التشبيك والتعاون الجمعوي في مختلف المجالات،وعلى صعيد الجهات،بدل عرقلته والتوجس منه أو خلق شبكات موازية واتحادات تمييعية و ريعية للالتفاف على المنح والمبادرات القطاعية خاصة،كما ينبغي إعطاء الأولوية لعقد الشراكات القطاعية مع الأنسجة والجامعات والاتحادات الوطنية الميدانية،وهي التي لها من الفروع المحلية ما لها،مما يؤهلها لتكون قوة اقتراحية قوية و متدخل تنموي محترم؟؟.

10- ضرورة الحماية القانونية للفاعلين الجمعويين خلال ممارستهم لتطوعهم في الجمعيات وفي المخيمات وخلال المقابلات والرحلات..،وتكفل الدولة بتأمينهم تلقائيا والترافع عنهم،خاصة إذا لم يثبت عنهم تقصيرهم في المسؤولية؟؟.
الحبيب عكي

اقرء المزيد

السبت، 8 ديسمبر 2018

http://akkioasisdesarticles.blogspot.com/

النموذج التنموي الجديد وسؤال المقاولة المواطنة


صحيح أن القيم الأخلاقية وجل التراث اللامادي مثل القناعة والعمل والصبر والصدق والصدقة والتضامن...وحفظ الكليات الخمس للدين والنفس والعقل و الشرف والمال،وفي كل الأحوال ورغم كل الظروف،وربما الاستغناء بها فقط بالضروريات عن طلب الكماليات،كل هذه ركائز أساسية في التنمية،بل إن ما يجعل نموذجنا التنموي الفاشل متماسك إلى حد ما،ومما أطال عمره بشكل كبير رغم واقع التفاوت الطبقي في المجتمع واستشراء البطالة في جل الأسر وبين الخريجين،إنما هو مثل هذه القيم الروحية والتضامنية التي غطت ولازالت تغطي عجز الدولة وغيابها عن مساعدة العديد من الفئات الاجتماعية التي تعاني ربما من العجز أو من البطالة أو منهما معا؟؟.

         لكن،هذا لا يعني أن هذه القيم تؤدي خدماتها لكل من يستفيد منها بكفاية وجودة أو فقط دون من ولا أذى ولا إراقة ماء الوجه وهدر الكرامة،بل غالبا ما يرافق ذلك قليل أو كثير من التشكي والمؤاخذة والقيل والقال،لا لشيء إلا لأن المتنازع عليه من الموارد عامة والأموال خاصة غير كافية،وستظل كذلك غير كافية ما لم يجتهد القوم و يتوفق في توفير الإنتاج و زيادة المحصول،حتى يجدوا من أصنافه ما يمكن أن يكون بين الناس موضوع توزيع وعدل وحكامة في الأصل،يعني أن الإنتاج والنمو في الإنتاج ضرورة تنموية،ولا حديث عن القيم الأخلاقية في غيابها،ولا حديث في غيابها إلا عن المشاكل والوجد والتسخط،حكاية الأسطوانة اليومية المشروخة بين الآباء والأبناء والزوجات والأزواج في جل عالمنا القروي الغارق في "أنزكوم ومكرطون"؟؟.

         ترى ما هي طرق الإنتاج عند الناس؟،العمل..الفلاحة..الصناعة..التجارة وغيرها من المجالات الإنتاجية،وما هي الأشكال التي تتم بها هذه الأعمال؟،المشاريع والاستثمارات والشراكات،وهو ما أنتج العديد من الأوراش والمقاولات والشركات..،غير أن المناولة المتزايدة في مختلف أنماط الإنتاج،لابد للنموذج التنموي الجديد أن يسائلها ويعيد النظر فيها،تعاونيات وشركات ومقاولات وكل ما يرتبط بالتدبير بالتفويض،أو مجرد إيواء لشركات أجنبية لا تلبث تلوث بيئتنا وتستنزف مواردنا وتستحوذ على مناصب أبنائنا وفرص مستثمرينا،وتهد صحة عمالنا مقابل فتاة لا يعتبر تنمويا ولا يستحق عماليا،لقد فوتنا البلاد للأجانب أو نكاد وفي كل شيء،حتى أنه كما يقال:"لو رفع كل بلد علم بلاده فوق ما فوت له أو ساهم في إنجازه،ما كدنا نرى أعلام بلادنا؟؟،ليس في الفلاحة والصناعة والملاحة فحسب بل حتى في النقل الحضري وفي الهاتف والماء والكهرباء وحتى في النظافة كأن سواعد شبابنا من تبن أو على أيدي رجالنا الحناء؟؟.

         أن الأوان لتأهيل المقاولة الوطنية بجد لتتحمل مسؤوليتها في التنتمية المجالية والمستدامة والشاملة،ترى هل سيمتلك النموذج التنموي الجديد ما يمكنه من أن يكسر طابع الريع الاقتصادي والسياسي الذي يزاوج بين السلطة والمال؟،ويحرص محظوظوه على استدامته بجميع الأشكال وجميع القوانين والتشريعات والضغوطات،حتى تلك التي تسمح لهم من التهرب الضريبي دون محاسبة؟،المقاولة الوطنية والمقاولة الصغرى تحتاج إلى دعم حقيقي وفي مختلف المجالات ولكن ليس مقاولة الوجهاء والأغنياء والمتمكنين فحسب،بل الناهضين والمتعثرين والمغمورين والنساء والشباب أيضا؟؟وهل سيملك هذا النموذج التنموي الجديد واجب إنصاف العديد من الانتماءات الحزبية والجمعوية التي تحرم كفاءاتها الوطنية من حق تأسيس المقاولات الكبرى وحق التواجد في "المعمعات" الاستثمارية دون أن تكسرها المكسرات المقاولاتية أو الانتقامية يوما؟،،هل سيملك هذا النموذج التنموي المنتظر من التسهيلات والإجراءات و من الضمانات والمساعدات،ما يمكن أن تحرر به المقاولة الصغرى من الطابع العائلي الضيق،ومن ثقل الضرائب التي غالبا ما أدت وتؤدي إلى إغلاقها وإفلاسها والزج بشبابها ربما في متاهات الديون والقروض والضغوط والمحاكمات والسجون؟؟.هل سيملك ما يمكنه أن يرقى بها إلى مستوى تنافسي مقبول الجودة والخدمات؟،أو أن يدفع بها إلى مجالات اقتصادية واستثمارية وتنموية لازالت خصبة ومنتجة وصاعدة ورائدة،كالمجال المعرفي  والأدبي والمجال السياحي والمجال التكنلوجي و الاختراعات والإبداعات؟؟.

         هل سيكون لديه ما يمكنه أن يفك به مطبات المقاولات والشركات والمؤسسات الاستثمارية في أزمة التسويق، خاصة المحترفات الذاتية والتعاونيات والمقاولات الصغرى،التي طالما "تبهدلت" في المعارض دون عائد،وفوق ذلك لا تتاح للجميع،هل لها من أسواق خارجية كبرى ومن تأهيل يرفع من جودة منتوجها وتنافسيتها والتنظيم والإدارة والإبداع؟؟،وقبلها متاهات التأسيس التي طالما تغنينا ولا زلنا بضرورة تسهيلها على جميع المستثمرين،ولكن يبدو أن ذلك لا يزال كله مجرد كلام للاستهلاك ودعاية في التلفاز ليس إلا،وهاهم أفواج الخريجين من الجامعات ومراكز التكوين المهني يتسولون لقمة عيشهم المر خارج المقاولات الذاتية والشركات الكبرى،والتي يمكن للمرء أن يؤسسها في"سانغفورة" مثلا،إلكترونيا فقط وفي مدة لا تتجاوز 24 ساعة،ويكون خراجها التنموي مضمونا مساعدا للمواطنين مربحا لصاحبه ناهضا بالوطن،بينما نحن لا يتم ذلك عندنا إلا بعد ماراطون شهور وسنوات،وفي الأخير لا يستيقظ  فيه المغامرون إلا على مصير الديون والإفلاس والمحاكمات والسجون؟؟،

وأخيرا،هل سيكون لدى نموذجنا التنموي الجديد،ما يمكنه أن يقنع به الشركات والمقاولات من أن هناك شيئا أهم من الأرباح والصفقات،وهو تنمية قيمها التضامنية ومواطنتها وعائدها الاجتماعي أكثر،وإلا فكيف نفسر وجود العديد من الجهات الفقيرة والمناطق المنكوبة،تكاد تكون مغطاة بكل أسماء البنوك والوكالات ولا تساهم في تنميتها وفك أوحالها ولو بدرهم ولسنوات وسنوات؟؟،وكيف نفسر تواجد أساطيل من الفنادق المصنفة وغير المصنفة في العديد من المدن،قد تكون هي فارغة أو تكاد،ولا زال فقراؤها ومشرديها يبيتون في الأزقة والشوارع والمحطات معرضين لكل شيء؟،بل إن هذه الفنادق لا تقدم للنسيج الجمعوي للمنطقة لا منحة ولا حتى إيواء واحدا لمؤتمراته وضيوفه،بل لا تستطيع حتى استضافة بعض أنشطته التكوينية أو الإشعاعية،ويمكن على الأقل أن تكون موضوع شراكة بين الطرفين لفائدتيهما ولفائدة السياح الذين تقدم لهم هذه الفنادق والمآوي كل شيء إلا الخدمات الثقافية الجيدة،وأنى لها ذلك؟؟.

الحبيب عكي

اقرء المزيد

الأحد، 2 ديسمبر 2018

http://akkioasisdesarticles.blogspot.com/

النموذج التنموي و سؤال تأهيل الإنسان


         لماذا فشل نموذجنا التنموي إن وجد أصلا؟،ما مدى مسؤولية الإنسان على ذلك؟،هل يمكن بناء نموذج تنموي بدون الإنسان مسؤولا كان أو مسؤولا عنه؟،كيف يمكن تأهيل هذا الإنسان،وفيما،وبما؟،ومن المسؤول عن ذلك؟،ما هي النماذج الإنسانية المؤهلة لتحقيق النمو والتنمية والنهوض والإصلاح؟،ما حظ نماذجنا البشرية من ذلك؟،هل يكفي التأهيل البشري لتحقيق التنمية أو ماذا يلزم التأهيل وماذا بعده؟؟.وهل الإشكال التنموي فقط في الإنسان المؤهل أم منظومة و ظروف العمل؟،وما حدود وجدوى المشاريع والميزانيات؟،الاستثمارات والمساعدات والتفويضات؟،وما دور الآليات والتقنيات في الموضوع؟،إلى غير ذلك من الأسئلة الحارقة والتي لا يمكن بناء نموذج تنموي جديد دون امتلاك أجوبة واضحة وراهنية بشأنها تكون أرضية صلبة لكل المنطلقات والمخططات والضامنة لتحقيق المقاصد والغايـات؟؟.

         لاشك أن أي نموذج تنموي يرتبط ارتباطا عضويا في فشله أو نجاحه بالإنسان،وعلى عدة مستويات منها،مكانة هذا الإنسان في هذا النموذج التنموي،وعلاقته بخراجه التنموي،ومؤهلاته الفكرية والمهاراتية لتحقيقه على أرض الواقع،لاستمراره وتطويره والتغلب على تحدياته وكسب رهاناته،لضمان التعميم العادل للاستفادة الجماعية من خراجه؟؟.وإن مما أفشل نموذجنا التنموي المعاصر أنه لم يكن متزنا ولا متوازنا بقدر ما انحاز إلى الاهتمام بالعمران على حساب الإنسان،على أهمية العمران في حياة الإنسان؟،كما أن مما شوهه وأفقد الثقة فيه اعتماده بالأساس على الآلة وأرباب المعامل على حساب العمال،ناهيك عن كون هذه المعامل في جزء كبير منها عائلية لا تعرف في تسييرها غير قانون القرابة والموالاة الأسرية؟،ثم ناهيك أيضا عن كون ما عرف مما سمي بالنموذج التنموي،لم يكن من صيحات التنمية المجالية ولا البيئية ولا المستدامة؟؟.

         لماذا لا يمكن لأي زعيم سياسي أو اقتصادي في العالم ولو كان من أمثال"هتلر"و"موسوليني"أن يحقق التنمية في دول العالم الثالث؟،لماذا فشلت كل النماذج السياسية والاقتصادية في غالبية هذه الدول،ولم يعد منها الشيوعيون والاشتراكيون والرأسماليون والاستعماريون بغير خفي حنين مؤثث باستشراء الفساد المتفاقم والانقلابات والاغتيالات العسكرية المزمنة؟؟،ومن جهة أخرى،لماذا نجحت العديد من الدول والشعوب من النهوض في اليابان وكوريا والصين وماليزيا وسانغفورة ورواندا..؟،ولماذا فشل اليساريون العرب والعلمانيون والإسلاميون على حد سواء في تحرير وتنمية شعوبهم المقهورة؟؟،إن النموذج التنموي لا يستنسخ،والشعوب البانية لحضارتها لا تستنسخ،والقادة وثقافات ومسارح البناء أيضا لا تكترى ولا تستنسخ،فهل من قطيعة جريئة مع مرجعيات وعقليات وأدوات الاستنساخ المجاني في عهد الاستنساخ؟؟

         طيلة نصف قرن من محاولات التنمية والنهوض في بلداننا العربية،كان ورائها رجال سياسة واقتصاد ومهندسو القطاع العام ومقاولو القطاع الخاص،وتربويون وخبراء..،وسواء كانوا مجتهدين مبدعين أو مجرد مستأجرين مقلدين،وسواء كانوا مسؤولين فعليين مخططين أو مجرد رجال سلطة منفذين راغبين ومكرهين،وسواء كانوا زعماء مناضلين وعلماء عاملين أو مجرد مبيضي وجوه الأنظمة المستبدة ومشرعني وجودها القمعي والاستبدادي،فقد باءت تجربتهم رسميا و واقعيا ودوليا بالفشل ولم تنهض ببلدانها ولا حققت العدل بين فئاتها الاجتماعية وجهاتها الجغرافية،رغم كل المجهودات الجبارة والمصاريف الباهضة التي صرفتها من أجل ذلك،ترى هل يمكن أن يأتي الصلاح والإصلاح من هذه النماذج البشرية المسؤولة عن كل هذا الريع والفساد،هل ما ذاقته الشعوب من بؤس كل هذه العقود الماضية لازال يبقي أمامها في التنمية باب الأمل في العقود القادمة،أم لابد من أجيال جديدة تكون ذات مرجعيات ومؤهـلات وعقليات جديدة؟؟.

      أولا،نميز في الإنسان رجالا ونساء كبارا وصغارا وكلهم معنيون من منطلقات النوع والمساواة والإنصاف وتكافؤ الفرص،نميز بين نموذجين،أولهما المواطن العادي،والذي غالبا ما يستفيد من برامج ومخططات التنمية ولكن يمكنه أن يساهم فيها بل يجب عليه ذلك،ويمكنه ذلك إذا ما تم تأهيله أيضا،ولا يتم هذا التأهيل دون تغيير العقليات والسلوكيات والتشجيع على المبادرات والمساهمات كل من موقعه وحسب إمكانه،لابد من محاربة عقلية التطبيع المجتمعي مع التخلف ومظاهره،بل لابد من محاربة الحساسية ضد كل من يسعى لمحاربته واستعداء الناس عليه،وفسح المجال للشيطان ليكمن في التفاصيل،لابد من محاربة عقلية الانتظار الجماعية لكل شيء من الآخرين حتى في أخص خواص المرء والجماعة،ولابد أيضا من القدر الكافي والمجدي من ثقافة الديمقراطية والمواطنة والتضامن و حقوق الإنسان والسلوك المدني والحفاظ على الملك العمومي..؟؟.ولتقع مسؤولية ذلك على من تقع فلا يستغني في تحقيقه عن أوسع حوامل التنمية ومداخلها التربوية والتعليمية والفنية والرياضية والثقافية بمعناها البناء والواسع؟؟.

         وثانيا،هناك الإنسان التنموي المسؤول ولابد لتأهيله من ثقافة النمو والتنمية والإنتاج والاستهلاك والتوزيع العادل للثروة،ثقافة المجتمع والدولة والأمن الجيوستراتيجي واستقرار الشعوب بفعل المواطنة القوية و تحقيق الكفاية في الفلاحة والصناعة والتجارة..،ثقافة الإحساس بالتخلف وامتلاك خطط فعالة لتجاوزه بالإبداع والاختراع،ثقافة إدارة الأزمات والمعارك وقيادتها بتشارك وشراسة وتنافسية ونجاح،الكافي وفوق الكافي من الشفافية في عقد الشراكات وتفويت الصفقات،ومن حق الوصول إلى المعلومة والعلم والمعرفة وثقافة المشروع والمهارات السلوكية والتقنية لتدبيره،التشبع بثقافة القدوات التنموية العالمية الرائدة والبحث العلمي والاجتماعي،والأشياء البسيطة والنموذجية والنتائج المعيارية والجودة،وهذا مع الأسف لا يتوفر في العديد ممن يزجون بأنفسهم في مواقع التنمية في المجالس الجماعية والمجالس التشريعية وغيرها من المؤسسات والإدارات،فهل من جامعات شعبية تأهيلية في الموضوع؟؟.

         وأخيرا،قد يقول قائل إن جل من يقودون تنميتنا في مناصبها العليا ودواليبها الحساسة والحاسمة من خريجي المعاهد والكليات،لكن أريني شواهدهم في السماء أصمت وأريني نتائجهم على الأرض أتعجب؟،ولأن الإنسان مهما كان يظل إنسانا،قبضة من طين قد تطليه في مواقف ضعفه وتجذبه أسفل سافلين إلى أصلها في الأرض،فلابد من حكامة جيدة تعينه على الشيطان،ومن ربط المسؤولية بالمحاسبة تعينه على الشفافية والموضوعية،والديدن الفاصل في كل شيء هو العمل ليس بالمشروع فحسب بل بتحقيق النتائج وبمؤشرات واضحة تفي بدفاتر التحملات و بحل الوضعيات والإشكالات،والعقد شريعة المتعاقدين؟؟.ولا يمكن أن تصح هذه الحكامة والمحاسبة في غياب امتلاك حرية المبادرة الفعلية دون تدخلات ولا تعليمات ولا وساطات..،وطبعا في إطار واضح من المرجعيات الدستورية والمقاصد التنموية والإجراءات القانونية والمنظومات التنموية الوطنية وظروف وفرق العمل وهي الأهم،والتي تجعل من:" أمر الإنسان هو كل شيء وعليه يبنى كل شيء"،فتأهيل الإنسان يخلق الآلة ويحسن تسييرها ويغطي عن عجزها،والآلة لا يمكنها إلا أن تكون تحت تصرف الإنسان إن بناء أو هدما،فمتى يكون شعارنا نحو التقدم والازدهار:"تنمية الإنسان أولا..تنمية الإنسان دائما"؟؟.

         الحبيب عكي

اقرء المزيد

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

المتابعون

المشاركات الشائعة