Top Ad

الجمعة، 13 ديسمبر 2019

http://akkioasisdesarticles.blogspot.com/

الأسرة المغربية والتحديات التربوية المعاصرة

 

كثيرة هي التحديات التي تواجه الأسرة المغربية بمختلف أطيافها،و كثيرة هي الرهانات التي تنتظرها بمختلف ألوانها،حتى تتجاوز معيقات الأمن والاستقرار والسكينة والازدهار،وتتحرر مما يراد لها من أن تكون مجرد حظيرة للأكل والشرب والنكاح أو فندق للنوم والإيواء،لا تفيد المجتمع بشيء يحرره من وضعية أخطر تجعل منه مجرد غابة للتهتك والإباحية باسم الكونية والحرية أو غيرها؟؟.تحديات تقليدية مزمنة كالفقر والأمية والتحدي القيمي والأخلاقي والاجتماعي،نتجت عنه بالتبع تحديات تربوية معاصرة،تقتحم الأسر بدرجة أو أخرى،تهدد الأبناء وتعظم المسؤولية على الآباء،وسنورد منها ما يلي بشكل عام دون ترتيب الأولويات التي قد تختلف حسب الظروف والفئات:
1- تحدي الهوية:
         والكينونة وروافدهما المتعددة،والتي يحتار فيها الطفل أي منها يختار ومتى وكيف ولماذا؟،مسلم العقيدة،مغربي الوطن والهوى،عربي أو أمازيغي اللسان،شمالي أو جنوبي السحنة والقبيلة،وربما كوني القيم والمواثيق..،هل تصبح أو تبقى الأسرة "الرضائية" شرعية؟،ألا يهدد رهط الأمهات العازبات هويتها؟،تكرر بين القوم تقليد الغراب للحمامة فلا هو بقي غرابا ولا هو أصبح حمامة،كنهر دخل في البحر،فلا هو أصبح بحرا مالحا أجاجا ولا هو بقي نهرا متدفقا رقراقا؟؟.
2- تحدي الخدمات:
         رغم بعض البرامج الاجتماعية المحدودة في الكم والكيف والوتيرة والفئات،فلا زالت الخدمات التي تتلقاها الأسرة متدنية ورديئة وفيها الكثير من العنت والمشقة في مختلف المجالات،الحقوقية والتربوية والصحية والاجتماعية،من شيوع البطالة وصعوبة الولوج إلى سوق الشغل أو السكن الخاص واللائق،أو حاجة أفراد الأسرة إلى مأكل وملبس كافيين أو تعليم وصحة محترمين..،مع ارتفاع المتطلبات وانخفاض القدرة الشرائية في ظل التباهي و التماهي الاجتماعي وغياب المساعدة،مما يهدد تكوين الأسرة من أصلها بالمطلق أو على الأقل يؤخر تكوينها و يحدد إنجابها أكثر من اللازم،مع ما ينتج عن ذلك من العنوسة والضغوطات والانحرافات؟؟.
3- تحدي القيم و المواطنة:
         وما أصبح يتلقاه بشأنها الوطن من سهام الاستخفاف القاتلة،بدء بتراجع قيم الصبر والوفاء والإخلاص وتحمل المسؤولية والاحترام المتبادل وغير ذلك من أعمدة تماسك الأسرة،مما يفتح الباب واسعا على ظهور الاختلالات والمخالفات الشرعية التي دبت رذائلها في الأسرة والمجتمع،أما عن المواطنة،فهناك لعن الدين والوالدين والوطن والمسؤولين على لسان الأبناء،بما يعني أكل الغلة وسب الملة دون خجل ولا حياء،وهناك استخفاف بالمناسبات الوطنية التي يكاد يكون الاحتفال بها رسميا فقط،إلى تخريب المرافق والمنشئات وتكسير الممتلكات العمومية في الملاعب والحافلات وتلويث الحدائق والشواطىء،بل وأحيانا تمزيق الشباب الساخطين لبطائق وجوازات الهوية والارتباط،فأين نشؤنا من قولهم:"حب الأوطان من الإيمان"؟؟.
4- تحدي التفكير المنطقي:
         وكأن أجيالنا اليوم لا يعرفون الخطأ من الصواب،ولا الحق من الباطل،ولا حتى النافع من الضار،ولا مرجعية أو منهجية لهم إلى ذلك،يطرح على بعضهم في أسرته لماذا فعلت هذا أو لماذا أردت ذاك وهو مشين فيجيب لأن الآخرون يفعلونه ولأنهم يريدونه؟،ويطرح على بعضهم في فصله الدراسي سؤال:"أجب بصحيح أو خطا"،فيؤشر على كلتا الخانتين أو يتركهما معا؟؟،ويطرح على بعضهم حدد الشكل الهندسي للجسم،مربع أو مستطيل أو مكعب،فيجيب:"إنه مربع مستطيل يشبه المكعب"؟؟.
5- تحدي التربية والثقافة:
         التحدي الثقافي ويتمثل في تسطيح الوعي وتفاهة الفكر وضحالة المعرفة واختلاط الحابل بالنابل،وقلق المواطن يعيش في عمق بلده بثقافة الآخر،وبتمنع تربوي يفصل العلم عن الإيمان والمعرفة عن السلوك،مما يجعل القيم الأسرية كالانتماء والتعاون والسكن والمودة والحوار والاحترام والتوقير والصدق والأمانة والمسؤولية...في واد والواقع الأسري في العديد من الأسر في واد آخر ربما لا تؤثر فيه الأسرة إلا قليلا أو لا تؤثر فيه مطلقا؟؟.
6- تحدي  Connexion:
         والتي تنيخ على بهو الأسرة بصمتها الرهيب،وتأسر أفرادها إلى عوالمها الافتراضية،وتقطع بينهم أواصر الحميمية والسمر وأشكال النقاش والتواصل،وهي في غياب التربية والتكوين لا تعدو أن تكون في مجملها غير سلاح العولمة السياسية والاجتماعية، ثقافتها ثقافة الشارع بحابلها ونابلها،تسوق لنموذجها الكوني الغربي الغريب، وتحاول القضاء على خصوصيات الشعوب وثقافاتها،وتكبيل الضعفاء من الناس في قرية استعمارية استهلاكية عالية الأسوار شائكة الأسلاك،كل الإبحار فيها لا يساوي عشر معشار جلسة أسرية حميمية يتحلق فيها أفراد الأسرة حول شأنهم بين المائدة والفائدة؟؟.
7- تحدي اللامبالاة:
         ضحاياه أجيال اللامبالاة واللامسؤولية واللانتماء واللامشاركة في شيء أي شيء في المنزل أو خارجه،وهو انطباع عام معلق على قمصان الجيل الناشء،وربما يغذيه صراع الأجيال واختلاف العقليات والاهتمامات والمصالح والأولويات،ولكن كيف لا يكون واقعيا عندما تجد ضمن هذا الجيل اليوم من لا يهمه أكان كلا على أسرته أو عدلا،عرف أو جهل،نجح أو سقط،وقح أو مؤدب،مستقيم أو منحرف..،كل الأمور عنده سواء ولا يبالي بأي شيء،وشعار طلعته البهية وبوصلته المفقودة السنية:"حمار وبخير"؟؟.
8- تحدي الإدمان:
         يعني الانحراف و الإدمان بكل أشكاله وأخطاره،وخاصة في المدن الكبرى حيث فرص الانفتاح أكبر وظروف الحياة أعقد،مما يجعل التطبيع شيئا عاديا مع الإدمان على الموضة واستلابها والهاتف وتباهيه والاستهلاك وتناميه،وعلى القمار والمخدرات والمسكرات وغيرها من متاهات عالم الانحراف،وما تتذوقه الأسرة جرائه من عنف و تفقير وتمزيق لأواصر المحبة والرحم قد يصل إلى "تشرميل" الأصول والفروع،وتحريك عقارب العلاقات بين الأقارب ومع الأباعد إلى ما تحت الصفر؟؟.
9- تحدي التبعية:
         التبعية الفكرية والحقوقية والسلوكية،بدل الاستقلالية وقوة الشخصية،وهو نتيجة الدلال الزائد أو القسوة المفرطة في التربية،ونتيجة هذا قد يتبع النشء في الخطأ والصواب،والديه أو أصدقاؤه أو قبيلته أو الشارع أو القدوات الرياضية والفنية والإعلامية على عللها،أو أي طائفة أخرى في الشرق أو في الغرب،متطرفة "داعشية" كانت أو غربية "شيطانية"،وفي كل ذلك استلاب وضعف الشخصية وهو أمر هالك ومهلك لا يسمح بالوسطية والاعتدال في التفكير والتدين والسلوك والمعاملة،ولا بالتعايش والاندماج واحترم الآخرين في معتقداتهم وحقوقهم؟؟.
10- تحدي Boy Freind:
         وهو اضطراب صارخ للعلاقة بين الجنسين،بحيث تطبع بعض الفئات بجرأة ودون عقدة مع معظم أشكال العلاقات المنحرفة بين الفتيان والفتيات، كزمالة الدراسة البريئة وصداقة المراجعة المشتركة ،إلى Boy and Girl Freind الرحلات والحفلات و"السيلفيات" والمكالمات والمراسلات والمواعيد والمقابلات..،ويصبح الغريب الشاذ والمنغلق التحفة المعقد هو من لم يجرفه الواد ولو إلى مستنقع الهزات العاطفية والمشاكل الاجتماعية لأبناء الشوارع ورهط الأمهات العازبات المتخلى عنهم في ملاجئ الأيتام على قيد الحياة؟؟.
11-تحدي التعلم الذاتي:
         وما أصاب به غيابه معظم الأسر من هوس الساعات الإضافية،واعتماد الأبناء على الآباء اعتمادا كليا  في حل واجباتهم المنزلية،رغم كل الوسائل الورقية والإلكترونية والسمعية البصرية للبحث عن المعلومة والتعلم الذاتي،ولا أدري كم بين أسرنا وقولهم:"لا تعطي ابنك كل يوم سمكة،ولكن علمه كيف يصطادها"؟،ولا أدري كم بين أبنائنا وما يشيع بين فئات متزايدة منهم من الغش في الامتحانات،لا لشيء إلا لفقدانهم الثقة في أنفسهم واعتمادهم على غير ذواتهم"؟؟.
12- تحدي الهشاشة:
         يعني الهشاشة بشكلها العام،فقر وبطالة،ومعيل واحد في الأسرة من أحد الجنسين أو لا معيل،أمية وجهل،تفكك وطلاق عاطفي أو فعلي،هدر مدرسي وعنف سلوكي وهجرة قسرية،ضحالة لغوية واستهتار أخلاقي يساءل فيه الاحترام والتوقير والعفة والحياء والصدق والأمانة وغيرها من القيم الأسرية الخلاقة وعلى رأسها الوازع الديني الذي يحمل الناس على الرضا بأحكام الله وامتثالها ورؤية الانحراف والتعاسة في مخالفتها،وهي أمور لا يمكن التعافي منها بغير مزيد من التماسك والتضامن والتعاون الأسري ومساهمة المجتمع المدني في ذلك مساهمة فعالة،بالإضافة إلى مطالبة الدولة بالتفعيل الجاد لبرامجها الاجتماعية بما يكفي؟؟.
13- تحدي الترفيه والإعلام:
         الإعلام الذي سوق للناس صورة مادية نفعية استهلاكية ضارة لكنها ساحرة أخاذة قلما يستطيع الناس الزيغ عن بؤرها الفكرية التسطيحية والسلوكية التمييعية والتي طالما سوقت باسم الحداثية والكونية؟؟،أما عن الترفيه،فكثيرة هي الأسر التي قد لا تستغني عن حقها المشروع في استهلاك الفن والرياضة والترفيه عموما،ولكنها تستغني عن سفاسف الساقط الموجود دون الاهتمام ببدائل الغائب المنشود،لا تربية وممارسة ولا برمجة وإبداعا..رغم حجم الخصاص الكبير بحكم تعدد الفنون والفئات والأذواق،لتحصد الأسرة الحصاد المر في الأخير،قد يسقطها و أبنائها في ما هب ودب من الأذواق والبدائل التي تعج بها الساحة الإعلامية المهيمنة حتى ولو كانت مستلبة الأفكار والمعتقدات، شيطانية الطقوس والإيقاعات بذيئة الكلمات خليعة الحفلات؟؟.
14- تحدي الصراع العربي الإسرائيلي:
         هذا الصراع وما يعنيه من فساد القرن الذي ينبغي أن يجتث من جذوره،وما يستوجبه ذلك من غرس هموم الأمة في أذهان النشء و واجب نصرتها،وما يعتري ذلك من جهل أو تجاهل أو تشويه لذاكرتها،وعلى رأسها القضية الفلسطينية،التي ظلت على الدوام قضية الوطن والمواطنة،لا ينبغي أن تخبو جذوتها في الأمة،بدء من الأسر والمدارس والجمعيات،فيقصر الجميع في محاربة ما يعتقد به من الفساد والعدوان و في تحقيق ما يتوجب عليه من الأمن والسلام،قضية آن لها أن تصبح قضية فردية وأسرية داعمة بمختلف الوسائل وحسب الإمكان،لا مجرد قضية حزبية احتفالية أو رسمية موسمية بروتوكولية دون جدوى،فأين أسرنا من حمل هموم الأمة وماذا تقدم لقضاياها وعلى رأسها قضية الشعب الفلسطيني المجاهد؟؟.

         ويبقى طيف آخر من الأسر المغربية - والحمد لله - متوضئ وضاء،حريص على أصالة الأسرة المغربية واستقامتها،وكرمها وكرامتها وتكريمها،وتماسكها وتضامنها،ودفئها ومودتها وسكنها واستقرارها،وأمنها الروحي والاجتماعي،بصيرة بزمانها مقبلة على شأنها وحسن تربية لأبنائها الذين خلقوا لزمان غير زمانها،ولكن بحكم العدوى يخشى أن تتعادى مثل هذه الأسر الناجحة وقد بدأ تعادي بعضها فعلا،ليس على مستوى الأزمة المادية والنفسية أو السكنية والتساكنية،أو التعليمية أو الصحية أو التشغيل والسكن والزواج والاستقرار فحسب،بل ربما على مستوى أخطر مثل فساد بعض الذوق والقيم الأخلاقية،وظاهرة الإدمان والشذوذ والتحلل والتفسخ والإلحاد والعياذ بالله؟؟.
الحبيب عكي

http://akkioasisdesarticles.blogspot.com/

About http://akkioasisdesarticles.blogspot.com/ -

هنا تكتب وصفك

Subscribe to this Blog via Email :

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

المتابعون

المشاركات الشائعة