لا تزال الرتابة القاتلة هي السائدة في جهة درعة تافيلالت
بالجنوب الشرقي للمغرب، الرتابة في الأكل في اللباس،في الوقت والعيش في البوادي
وفي العوادي،في العمل في الدراسة وفي العطلة،في الحالة التنموية في العزلة
والهشاشة وفي الموقف السياسي..؟؟،وكأن حرارة الطقس في المنطقة وجفاف المناخ وجبال
التضاريس وتصحر الواحات وهجرة الطاقات..،فحيح كبرى هائجة بورية رقطاء،أو فوهة
بركان هائج فوار يلتهم كل جهود الإصلاح ومخططات التنمية في الجهة الفاتنة
الفتية،ويجعل مهام روادها الأشاوس ومعافسيها الأبطال ليست مستحيلة ولكنها أصعب من
صعبة وأسخن من ساخنة،فلا أموالا يبقون ولا تنمية يحققون؟؟.
كلنا
يتذكر تلك المداخل الأربعة الرائعة للبرنامج الانتخابي الطموح لرئيس الجهة وهي
“العلمية” و”الاقتصادية”و”الصحية”و”الترفيهية”،عجلات سيارة رباعية الدفع
التنموي،تعقد عليها ساكنة الجهة الكثير من الآمال والأحلام إلى درجة قد رآها البعض
على غير ما هي عليه،قاطرة وطائرة وباخرة تمخر الكثبان الرملية بالجهة كما تمخر
البواخر عباب المياه في المحيطات،فعلا إن سقف الانتظارات مرتفع وحجم الحاجات
ثقيل،ولكن هل من إمكانيات ومداخل وحوامل تنموية منطقية واقعية ممكنة وسلسة؟؟.أعتقد
أن العجلة الترفيهية وما يرتبط بها من الممارسة الثقافية والرياضية والسياحية..،قد
يراها البعض تكميلية ولكنها في الحقيقة أساسية و اولوية أو على الأقل تستحيل حركة
محركنا التنموي الجهوي وانفجاره فبالأحرى دورانه واشتغاله،دون موازاة بين كل هذه
العجلات الأربعة،أضف إلى ذلك أنه لا تنمية بدون رؤية ثقافية وبدون مخطط ترفيهي
الذي سيجعل سكان الجهة من النشطاء الحركيين المتفائلين والمنتجين أو على الأصح
سينمي فيهم ذلك ويحضهم على الانخراط والتفاعل،مما يعني في الأول وفي الأخير أن
الترفيه وهو بيضة اليوم للذين ملوا من انتظار الدجاجة التي قد تأتي أو لا تأتي،
وهو بذلك من العوامل الحاسمة والمحفزات اللازمة للسعادة والإنتاج،ولا إنتاج بدون
سعادة ولا سعادة بدون إنتاج وتنمية،وبيضة موجودة خير من دجاجة مفقودة؟؟.
ومما سيملأ ولا شك هذه العجلة الثقافية الترفيهية،نشاط المخيمات الصيفية بكل
أبعاده التربوية والترفيهية والرياضية والسياحية والتحسيسية والتعبوية الوطنية.
وحول كل القضايا وكل الشعارات التي يمكن الاشتغال عليها مع كل فئاته الطفولية
والشبابية والأسرية والمؤسساتية الخاصة والحزبية والجمعوية،ولكن هناك أسئلة جوهرية
في الموضوع لن تدور العجلة كما ينبغي دون الإجابة عنها بالحل والتفكيك وهي
كالتالي:
§
ما هو حظ جهة درعة تافيلالت
من هذا النشاط التخييمي الصيفي أو المدخل التنموي الاجتماعي النوعي؟؟.
2- كم هو عدد الأطفال والشباب في الجهة؟ وما هو حظهم من
المخيمات الصيفية الوطنية برنامج “عطلة للجميع”300000 ألف مقعد؟وأين هم في هذا من
المعدل الوطني؟؟.
3- إلى متى سيظل أطفال الجهة يقضون عطلتهم في رتابة
قاتلة،بين الدراسة والدراسة،أو عرضة للأزقة والشوارع وما تقتله بانحرافاتها من
المواهب والطاقات؟،أو في أحسن الأحوال مساعدة الآباء في بعض الأعمال الفلاحية
والحرفية والتجارية،وفي أسوأ الأحوال الغرق في السواقي والسباحة في البرك الآسنة
التي تفجعنا كل صيف بابتلاعهم؟؟
4- إلى متى سيظل بعض شباب الجهة لا يتجاوزون “غار زعبل” إلا
بعد حصولهم على شهادة البكالوريا واضطرارهم للسفر للتسجيل في المعاهد
والكليات،ليظلوا قبل ذلك يتفرجون على مدن ومآثر ومنتجعات بلادهم وفقط على التلفاز؟.
5- إلى متى ستظل المحظوظة من أسر الجهة تهاجر كل صيف إلى
الأطلس او عالة على أقاربها في المدن الشاطئية،وما يخلق لهم ذلك من حرج ومعاناة
وهم الذين يطلبون الراحة والاستجمام؟؟.
ومساهمة منا كنشطاء مدنيين في المجال،في حل هذه المعضلة التنموية نقترح ما يلي:
§
اعتبار مسألة تنمية التربية
والترفيه والسياحة والتخييم في الجهة،مسألة الجميع من القطاعات الحكومية والمجالس
الجهوية والجماعات الترابية والمستثمرين وغيرهم من الشبيبات الحزبية والفاعلين
المدنيين والجمعويين.وينبغي أن يبقى هذا المكتسب على الدوام خدمة مجتمعية عمومية
ومجانية للأطفال والشباب لا تراجع فيها ولا خصخصة.
§
العمل على تأهيل وإنشاء
مراكز التخييم المناسبة والكافية بالجهة،بمعدل مخيم في كل إقليم وبمواصفات وطنية
ودولية،سيدي حمزة،أغبالو،مسكي،…،أو على الأقل مخيم جهوي جامع بنفس المواصفات
وبحمولة معتبرة،ولنا حتى في المخيمات الرملية عبرة وإبداع كما هو الشأن في
“مرزوكة” ذات الإقبال السياحي والفني والرياضي الوطني والدولي.
§
الشراكة مع الشبكة الفندقية
المواطنة في الجهة وتعزيزها حتى تكون مؤهلة لاستقبال مخيمات الجهة وتساهم في
انتعاش السياحة الأسرية الجهوية بعروض مغرية وفي المتناول.والفنادق تحتوي على
مكيفات ومسابح وإقامة ونقل وممونين..،وهي في بعض الأحيان تكون فضاءات لمخيمات توأمة
دولية أو حتى بعض المؤسسات والشركات الوطنية،فما المانع من أن تدعم وتعمم الوزارة
الوصية هذه التجربة على أبناء الشعب،خاصة في ضعف وتراجع شبكتها التخييمية الوطنية
وإغلاق وتفويت بعض مخيماتها.
§
دعم الجمعيات المشتغلة في
مجال التخييم والسياحة والرحلات والتنشيط التربوي والثقافي والرياضي،خاصة في
المجال الذي يستنزفها ويضاعف التكلفة على الآباء وهو التنقل من وإلى
المخيمات،وينبغي هيكلة هذه الجمعيات في مختلف أقاليم الجهة مدنا وقرى،ويمكن
للشبيبات والكشفيات والاتحادات المدنية الجهوية أن تساهم في هذا الأمر.
§
المرافعة على حظ الجهة في
تكاوين مؤطري ومنشطي المخيمات الصيفية والذين تتعدى كفاءاتهم إلى الأسر والجمعيات
والمؤسسات التعليمية،كما نلح على محاربة البيروقراطية والزبونية والمركزية الطاغية
في المجال.وسيكون مهما تفعيل دور المديريات الإقليمية ودور الشباب في هذا
المجال،ومهم أيضا مساهمة الجميع في تعميم التجارب الرائعة والرائدة لملاعب القرب
ومسابح البلديات والقاعات والحدائق،ويمكن دعم كل دار شباب أو مركب ثقافي أو فضاء
جمعوي بمكتبات متعددة الوسائط وقاعات متعددة الاستعمالات،على أن تغطي كل أقاليم
الجهة الخمسة بقراها ومدنها.
§
نشر ثقافة التخييم في الجهة
وفي مؤسساتها التربوية ومقاولاتها،وأعني ثقافة التخييم بكل أنواعها الشاطئية
والجبلية و القرب والحضري،وعلى كل مدار السنة كالتكاوين وأنشطة آخر الأسبوع
الربيعي منها والصيفي،وينبغي دعم المستوى المعيشي للساكنة حتى يمكنها إحياء ما
اعتادت عليه من ثقافة “النزاهة” و إرسال أبناءها إلى المخيمات الشاطئية.كما سيكون
مهما إدماج الأنشطة الثقافية والألعاب الجماعية في المعتاد عند الناس من المواسم
والأعياد.
وختاما،وفي انتظار أن يقتنع من يهمه الأمر بأهمية
موضوع التربية والترفيه والتخييم والسياحة وأولويتهم كمدخل عملي للتعبير عن حيوية
الجهة وسعادة الساكنة ومردوديتها الإنتاجية،وكإجابة عملية على ان الجهة تستثمر
فعلا كما وعدت وينبغي في الإنسان،و خاصة في احترام حقوق الأطفال بما فيها حقوق
التربية والترفيه والتخييم والسياحة واستثمار أوقات الفراغ،في انتظار ذلكم،وفي
انتظار دوراتكم ومخططاتكم وشركاتكم وسياراتكم وطائراتكم وقاطراتكم وبواخركم
ومواخيركم…،لكم منا تحملا جميلا للحرارة،واستمراء لذيذا للرتابة،وإفلاسا وخيما
للممارسة السياسية،وعجزا فظيعا للمرافعة المدنية،وكل صيف والبط في المنتزه يتلطف
في مسبحه الفسيح والفائق العناية،والأطفال المساكين في السواقي والبرك الآسنة
ومجاري الواد الحار يبتلعون،كل صيف و أنتم في قيظكم تسبحون..وتتخبطون..وتغرقون؟؟.
الحبيب عكي