على عادتنا وقد سار فينا المثل:"نحن إذا تحدثنا بالأرقام..نسكتو كل
واحد.."حربوش"..شي حد يقول شي حاجة ما كايناش..كلشي كاين..بذلنا المجهود
وحققنا المقصود..وكلشي على ما يرام والحمد لله"؟؟،لكن الأرقام خداعة،وغالبا ما
لا يكون لها كبير الأثر على أرض الواقع،أضف إلى ذلك الجهة التي أنتجتها ولأي غرض
أنتجتها،وبأي مصداقية وموضوعية؟؟،أرقام إحصائية وطنية ودولية..أرقام جزئية
وشاملة..بيئتها مختلفة وسنواتها متقادمة غير محينة،لكن تبقى على كل حال لها دلالات
وتعطي مؤشرات وفيها أرقام صادمة مهولة صاعقة بعضها يبقى غير مقبول ولو كان فقط
بالوحدات والعشرات،فما بالك بالمئات والآلاف ومئات الآلاف؟؟.
1-الأسرة وضجيج الأرقام:
في المغرب حوالي 7.313.806 أسرة سدسها تقوده نساء حسب إحصاء 2014،وتحتضن
حوالي 7 ملايين طفل منهم 500 ألف طفل متخلى عنه - و 600 ألف طفل يشتعلون منهم 70
ألف خادمة في البيوت - وحوالي 400 ألف هدر مدرسي سنويا - 40 ألف اعتداء جنسي على
الأطفال - 4500 مهاجر سري قاصر في مراكز إسبانيا وحدها - % 33 من الأطفال تنقصهم الرعاية الصحية - 32 % فقط يتمتعون
بالرضاعة الطبيعية - 82% من الأسر ترى ارتفاعا في تكاليف المعيشة ولا تستطيع
الادخار والاستثمار، 60 % من الأسر تعيش تحت عتبة الفقر، 70 % من رواتب المدينين تذهب في اقتطاعات الديون،وينفق
المواطن 38% من راتبه على
الأكل،و 14% على السكن،و9% على النقل و7% على الصحة و6% على التعليم،وتنفق الدولة 0.2% على البحث العلمي،الذي من المفروض أن يجد الحلول
لهذه المشاكل؟؟،54% من الأمهات يعانين من الأمية و54 % خرجن إلى سوق الشغل،مع أثار ذلك
على العلاقات الزوجية وتربية الأبناء ؟؟- % 87 من الأطفال صرحوا أنهم تعرضوا للضرب - % 24 من تلاميذ الإعداديات والثانويات يتعاطون التدخين
والمخدرات - 30% من الأبناء يعتبرون العلاقات بين آبائهم سيئة ولا
يقتدون بها (خصام..لا مبالاة..تشدد..صمت أسري) - 67% من الآباء لا يستطيعون فرض قواعد النظام في البيت-
69% من البنات يرون أن أسرهن
لا تهتم بمشاعرهن ولا مشاكلهن ولا مستقبلهن- و36% منهن صرحن أن أسرهن لا تستطيع توفير متطلباتهن- و27 % من القاصرات ممن تعرضن للاستغلال الجنسي- 60 % من القاصرات ممن تعرضن للاستغلال
الجنسي بسبب التفكك الأسري بنات الشارع والمتبنيات والمهجرات من الأرياف إلى
المدن- 45% منهن تعرضن لهذا في الشارع و34% في العمل و20% في الأسر و10% في المدارس- السن بين 11 و 17 سنة - و40% من الضحايا لا يبالين و26% يبلغن الشرطة و5% جهات أخرى- 90% من شباب الطبقات الراقية تتحدث بالفرنسية مقابل 51 % من الطبقات الشعبية - نسبة العزوبة في المغرب بين
العنوسة والعزوف عن الزواج بنسبة 93% في صفوف الشباب و 61% عند الشابات بما مجموعه 8 ملايين عانسة - 100 ألف
حالة طلاق سنويا في عهد المدونة بارتفاع 80% عن عهد الأحوال الشخصية وفي الرتبة الثانية عربيا
بعد لبنان- و80% منها طلاقات الشقاق رفعتها الزوجات ضد الأزواج- 16
ألف حالة عنف ضد الزوجات أقلها في الحسيمة والرشيدية - 20 ألف حالة مصاب بالسيدا
منهم 3 % أطفال – 3354 طفل يزور مخافر الشرطة – 30 % من الشباب يستقون
معلوماتهم من التلفاز - و53% لا يرون مانعا من المواعدة بين الجنسين عبر
الأنترنيت والخطوبة عبر الفايسبوك والأنستغرام - 150 ألف يتلقون التنصير عبر
الأنترنيت....؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟.
المراجع"(المندوبية السامية للتخطيط - منتدى
الزهراء - جمعية إنصاف - جريدة التجديد - مقالات)
2- نحن وطوفان الأرقام وطيفها:
صحيح أن الأسرة تعاني ولديها مشاكل،ولكنها ليست بهذه القتامة في
الواقع،وربما هذا الذي لا تنتبه إليه هذه الأرقام أو من يروج لها عن قصد أو دون
قصد فهو لا يساهم إلا في تشويه المشوه وإن لم يكن مشوها،فلا زالت الأسرة المغربية
تجمع أبنائها على كل حال..ولا زالت تأويهم من الشارع وإليها يهرعون صباح مساء..ولا
زالت تنفق على تمدرسهم في كل المراحل في الداخل وفي الخارج.. ولا زالت تحتضن
الأيتام والمسنين وتعطف على ذوي العاهات وتستر على المبتلين..لازالت تسعى لستر
بناتها ما تيسرت لها أمور ذلك..وتتحمل من عنوستهن وطلاقهن ما تتحمل..لا زال جلها
يجتمع على المائدة ويحتفل بالعيد ويصل الرحم..ولازالت..ولازالت..؟؟،ولكن حسب هذه
الأرقام،وكأنها بمثابة المدرسة التي يشكو منها الجميع ولكن لا أحد يستطيع
الاستغناء عنها،ألم تسمعوا بتلك الأمهات اللواتي يظلن ينهشن في المدرسة ليل
نهار،ولكن ما أن يأخذ أبناؤهن أياما من العطلة حتى يتضايقن بهم ويصرخن يا رب..يا
رب.. متى تأتي المدرسة حتى نرتاح منكم؟؟.
أضف إلى ذلك كل هذه
القتامة والسوداوية سوداوية التي سيخجل منها الواقع نفسه،مثلا: 24% من تلاميذ الإعداديات والثانويات يتعاطون التدخين
والمخدرات؟؟،كيف نصدق هذا الرقم المهول والممارسون للتدريس وفي مختلف المراحل
الدراسية لا يكادون يرون أفرادا على رؤوس الأصابع في أقسامهم ممن هم مبتلون
فعلا،وقد يقول قائل إن الأمر مستفحل في المدن،وقد يكون كذلك ولكنه في القرى عكس
ذلك،مما لا يرفع المعدل الوطني بأي شكل من الأشكال إلى هذه الأرقام الكارثية؟؟،(في
مقارنة بين عهد الأحوال الشخصية وعهد المدونة فقد ارتفعت زيجات الطلاق ب 80%،ويظل المعدل الوطني للطلاق في 45 %،بينما تقول دراسة أنه لا يتعدى 2% في أوساط الحركة الإسلامية)؟؟،الأرقام
السابقة كذلك تغيب فيها المظاهر الإيجابية في الأسرة المغربية،وهي بالتأكيد موجودة
و متجذرة وعميقة وعامة الانتشار،بل هي روحها وإسمنتها المسلح الذي حفظ معظمها من
التفكك والانهيار رغم الضغوطات والاكراهات،مثلا: ما نسبة الأسر التي تنفق على
دراسة أبنائها في مختلف المراحل الدراسية في الداخل وفي الخارج؟،ما نسبة الزوجات
التي يساعدن أزواجهن على تكاليف الحياة؟،ما نسبة المتعاونين على ظروف الحياة
بالأساليب الشعبية البسيطة (دارت) و(تويزة) و"دار الجماعة"و"ضيف
الله"..؟،أو على الأصح من المسؤول عن مثل هذه الأرقام ولماذا لا يتم الترويج
لها،وهي الوجه الآخر والحقيقي في الموضوع؟؟.
لا ينبغي اتخاذ كل الأرقام
على عواهنها،وإطلاقها على الواقع الذي نعيش فيه ونحن أعرف به من غيرنا الذي يريدنا
أن نصدقه ونكذب أنفسنا؟؟،لا ينبغي أن نتخذها مطية للصراع السياسوي والاقتتال
الفئوي والنضال الاسترزاقي من أجل استصدار قوانين وتغييرها بأخرى لا تزيد الطين في
الواقع إلا بلة،قوانين طالما ادعت أنها تعالج مشاكل الناس وتسعى لتحسين
أوضاعهم،ولكنها في الحقيقة لا تعالج إلا بعض المظاهر والقشور بدل الأسباب والأسباب
الحقيقية؟؟،مثلا:ظاهرة "الأمهات العازبات" ورهطهن من "أبناء
الشوارع"،من النظرة الحقوقية الصرفة من حقهن التصرف في أجسادهن،ومن حقهن
اختيار نمط حياتهن راغبات كن أو مرغمات،ومن حقهن الاستقرار والنفقة..ومن حقهن..ومن
حقهن..،ولابد لأطفالهن من الهوية،ولابد لهم من المأوى،ولابد لهم من التمدرس،ولابد
لهم من..ومن..ومن..؟؟،ولكن بهذه الإجراءات تظل الظاهرة المشؤومة تتكاثر بينما نحن
نريد القضاء عليها أو الحد منها على الأقل،وستظل الأمور الموجعة كذلك في تفاقم ما
لم نواجهها بالمداخل والحوامل الحقيقية للإصلاح؟؟.
وهذا لا يعني تجاهل هذه
الأرقام ولا غض الطرف عنها في شيء،خاصة ما يتعلق منها بالحاجيات المستقبلية
للساكنة في الصحة والتعليم والسكن وفي ..وفي..وفي..؟؟،أو ما كان منها من الأرقام
المرفوضة بالإطلاق ولو كانت بالوحدات أو بالعشرات وسط ساكنة تعد بالملايين
والملايين،(الهوية والمرجعية..الهدر المدرسي..الاغتصاب الجنسي..الفقر
والأمية..فقدان الثقة في الآباء..العنف الأسري..العزوف عن الزواج..القيم
والأخلاق..الهجرة القسرية..الطلاق والتفكك..)،لأنها بمثابة خلايا سرطانية لا
يزيدها تركها إلا نموا سرطانيا سرعان ما سيخرب خلايا الجسد ويدمر تماسك
المجتمع،وإن بدت هياكله متماسكة من الخارج فهي ولا شك منخورة من الداخل؟؟.
الحبيب عكي