1- عندما تصر شريحة من الشباب في الغالب على التعنت في مخالفة عادات القوم
وعقائدهم و خرق أعرافهم وقوانينهم،ولا ترى في ذلك غظاظة بل ترى فيه سعادتها وإثبات
ذاتها والتمكين لجيلها ولو بالسخط العارم على الواقع والانتقام الشنيع من جيل الآباء
والأجداد والمربون،وبالذات بإتيان كل ما يعتقده القدامى تيها ومزالق ومهالك و هوى
وهاوية،وكأنهم يستحبون العمى على
الهدى أو لكل عماه وهداه وتعدد الذي لا يتعدد رغم وحدة المرجعية المتجاوزة أمام سلطان الذوات والأهواء.وفي غمرة هذا السيل الجارف والزبد الأجوف والمستنقع الآسن من الأفكار
والسلوكات التي تغذي الصراع بين الأجيال بدل الحوار والاحترام والتكامل،نجد من
الشباب الآخر من لازال يعتقد في القيم ويتمسك بفضائلها ويراعي السنن ويتمسك بحكمتها
ويجتهد في اكتساب الإيجابي من المهارات وتنمية الكفاءات والانخراط في نافع الأندية
والجمعيات ويساهم في تنظيم أفيد الملتقيات والحملات..،فلا يمكن أن نقول إلا:"اللهم
احفظ لنا عقلاء الشباب في هذا البلد"؟؟.
2- وعندما تصر شريحة من
المواطنين إلا أن تعيش على أقبح صور الاستهلاكية والانتظارية والسفسطائية وتحميل
المسؤولية لغيرها في كل شيء وتبرئة ذاتها من كل شيء،فلا تفتىء في كل الأيام وكل
الأشهر وكل الأعوام،إلا أن تسب الظلام وتلعن الأفراد وتشنع المؤسسات هنا وهناك،فيسود
السواد الحالك في الواقع وتسيطر الضغناء البغيضة على النفوس أكثر وأكثر إلى درجة
أنها قد تكون جبهة التيئيس والتبخيس والتشويش في كل شيء لا يعجبها العجب ولا
الصيام في رجب،فإذا بها وهي تدري أو لا تدري قد أصبحت جبهة لاستمرار التخلف تألفه
وتستحليه وتقف سدا منيعا ضد كل من يحاول التغيير والإصلاح؟؟،و وسط هذه الطفيليات
التي تنتشر في الغابة وتفتك بأشجارها نجد من لا يجرمنهم شنآن قوم ألا يبصروا..ألا
يعدلوا..ألا يعينوا..ألا يشكروا..ألا ينصفوا..فيرون الكأس على حقيقتها..مملوءة أو
فارغة أو بين بين،يشعلون النور بدل سب الظلام مفاتيح للخير سندا لأهله مغاليق للشر
معولا لأهله،لمثل هؤلاء لا يمكن إلا أن نقول:"اللهم احفظ لنا وأدم علينا الإيجابية
والإيجابيين في هذا البلد"؟؟.
3- وعندما تصر شريحة عريضة من
الناس على التشبث بشعاراهتا الهالكة المهلكة:"الجحيم هم الآخرون"أو"أنا
ومن بعدي الطوفان"،فيحشرون أنفسهم فيما يعنيهم وما لا يعنيهم،وبكل الغلظة
والفظاظة والتطرف والقسوة والعنف،وبدعوى العلمية ودعوى السلطوية ودعوى المسؤولية
ودعوى..ودعوى..،يحجرون على هذا..ويغمطون هذا..ويكفرون هذا..ويعملون هذا..ويرجعون
هذا..ويحقرون هذا وذاك..،وكأنهم كائنات لم يخلقوا إلا لخنق الحرية وإهدار الكرامة الإنسانية
ومطاردتهما عبر العالمين في الكون؟؟،وإلى جانب أعداء الحرية والكرامة هؤلاء الذين
لم يتركوا لباس قوم..ولا مطعمهم..ولا مشربهم..ولا إيمانهم..ولا عبادتهم..ولا
لسانهم ولا أنسهم..ولا جدهم..ولا هزلهم..إلا تدخلوا فيه بغير حق ولا علم ولا صواب؟؟،وسط
هؤلاء عندما نجد من يعتقدون أنهم مسؤولون على أنفسهم لا على غيرهم أو قبل غيرهم، و
إنما الخلق للخالق وإنما السلطة للقانون،وأن مدار الأمور كلها إنما هو تعايش ودعوة
شعارها:"دعاة لا قضاة..فلا تستعبدوا الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا"،فلا
يمكن إلا أن ندعو لهم بالحفظ ورحمة من رباهم؟؟.
4- وعندما تصر شريحة من
الموظفين أو حتى خدام الدولة إلا على الإمعان في "التكرفيس" على المواطنين
وامتهانهم في خدماتهم بدعوى مقبولة أو بدونها،بل أحيانا بدعوى أقبح من زلة لا يخجل
أحدهم أن يمسحها في طلاسم هو أول من لا يصدقها كقوله:"هذا هو
القانون..أو..إنما هي أوامر عليا"،ولا لشيء إلا لأنهم حسب زعمهم موظفين
وغيرهم مواطنين على حد قول أحدهم في زلة لسان تبطن ما تبطن:"أنا وزير.. ماشي
مواطن"،ولا ندري متى كان الاشتغال في الإدارة أو الوزارة أو التجارة أو السقاية
أو غيرها مقياسا للتفاضل في الوطنية والمواطنة؟؟،هذا مع العلم أن هذه الإدارة المبجلة
رغم كل النداءات السامية وكل محاولات الإصلاح لا تزال كما توصف حقا:"الداخل
إليها مفقود والخارج منها مولود" بينها وبين ما ينادى به من التبسيط والنجاعة
والتخليق..وبينها وبين شعارات المناظرات الوطنية ما بين السماء والأرض؟؟،وعندما
تجد وسط كل هذا الهمل من الموظفين زملاء لهم مجدون ومخلصون مواطنون شرفاء همهم
خدمة المواطن بصدق و رحابة صدر وأداء حقوقهم بتفان ودون امتنان،فلا يمكن إلا أن
نقول:"اللهم احفظ لنا هؤلاء الموظفين المجدين المخلصين،وبارك لنا فيهم في هذا
البلد"؟؟.
5-
وعندما تجد أن السائد من التضارب والتناقض في الهيئات والمؤسسات والسياسات
والائتلافات أكثر من التوافق والتعاون وتجاوز الذوات والمصالح الضيقة إلى غيرها من
خدمة الإجماع الوطني والتكامل التنموي والمصالح العليا للبلاد،حتى كأنه يبدو أن التعليم
والصحة والتجهيز والتكوين والإعلام..،وكأنها في جزر معزولة متضاربة غير
متعاضدة؟؟،و حتى كأنه يبدو أن الحكومة والأحزاب والنقابات والجمعيات والشركات
والمقاولات..،تفتقر إلى التنسيق والتعاون والمناولة والمشاريع الكبرى المندمجة التي
يمكن للجميع أن يساهم فيها كل من جهته حسب إمكانياته واختصاصه؟؟،وعندما تجد في ظل كل
هذه الأوضاع المتضاربة وهذا المناخ الصراعي بدل التنافسي والتعاوني من يحاول أن
يتجاوز الأيديولجيا الضالة المضلة والمعسكرات البائدة المبيدة،ويتجرأ
ليقول:"أن فرنسة التعليم خيار نكوص لا يخدم اللغة في شيء"،فإنما لا نملك
إلا أن نرفع القبعة لهؤلاء ونقول لهم:"اللهم احفظ لنا حكماء هذا البلد وعقلائه
من الشيب والشباب عسى يوما ننتفع ببعض حكمتهم ورجاحة عقلهم من أجل مغرب ممكن
وأفضل"؟؟.
الحبيب عكي