قولوا لو..قولوا لو..قولوا لو..
قولوا لو..الحقيقة،إن المنظرون
وحدهم ربما الراضون في قطاع التعليم،وبما يحصلون من مسودات خططهم وبرامجهم
واستراتيجياتهم من مستحقات وصفقات وريع و
تكريم و علاوات وإتاوات،وبعدها طبعا ليربح الرابحون وليسقط الساقطون ويخسر
الخاسرون؟؟،أما غير هؤلاء فالكل في مستنقع التذمر والشكوى غارقون،ولا أدري هل
ستقيمون صرح إصلاحكم على كل هذا التذمر والسخط والشكوى؟،ومن لا يشكو اليوم في قطاع
التعلم،الإداريون الذين يقومون في مؤسساتهم بكل شيء من بريد مديري إلى مذكرات وتوقيعات واستفسارات إلى
اجتماعات إلى تقارير ومراسلات..،وكأنهم في المؤسسات هم الكل في الكل،ولا حاجة لهم
بغيرهم حتى من المجالس المتعددة فكل ذلك إذا جد الجد صوري ليس إلا،و كثيرا ما يفرضه
السيد المدير بسيفه المشهور"أنا المسؤول"؟؟، وبدل أن تعالج التدابير
الإصلاحية هذه الوضعية المأزومة وتمنح الفاعلين في المؤسسة حق التدبير والمشاركة
في التغيير و إمكانية الاجتهاد الميداني حسب المستجدات والمصلحة العامة،يتحدث
الناس اليوم في ظل التدابير الأولية للإصلاح عن مدير لمؤسستين أوثلاث وعن مدير شكا
من انعدام اللوجستيك في مؤسسته التي ليس لها من المؤسسة إلا الإسم فأعفي؟؟،لماذا،لأنه
بلسان الإداريين لم "يتملك الإصلاح" ولم يأمر العاملين عنده بمرارة
تملكه؟؟.
قولوا لو..قولوا لو..قولوا
لو..قولوا لو..الحقيقة،إن المديرين في تنسيقياتهم يشكون،والمفتشين في رابطاتهم
يشكون،والأساتذة في نقاباتهم وإضراباتهم يشكون،الحراس والسائقون والأعوان والمنظفات،والتلاميذ
والأسر،والجمعيات والشراكات...،تنسيقيات وراء تنسيقيات وروابط وراء روابط ونقابات
وراء نقابات ولا حياة لمن تنادي؟؟.قد يقول قائل أن الكل استشير في بلورة التدابير
الأولية حول إصلاح التعليم 2015 – 2030،ولكن الملاحظ أنه لم يِؤخذ برأي رجال
التعليم ومعاناتهم اليومية والميدانية،وكأن الأمر قد جرى على قول المثل:"شاورهم
وما تديرش برأيهم"؟؟،أين التدابير الإصلاحية من ظواهر الاكتظاظ في الأقسام،من
انتشار الغش في الامتحانات والعنف والانحراف السلوكي والأخلاقي في المؤسسات،من
انعدام التكوين المستمر الجاد والمجدد،مع العلم أن الإحصائيات تتحدث عن 4/3 من
رجال التعليم تزيد أعمارهم عن 55 سنة،وإن أسعفتهم الخبرة والتجربة والحمد لله،فإنهم
يحتاجون إلى التجديد وتلك"التيكيات"الرقمية،إن أسعفتهم أعينهم وأمراضهم
المزمنة متعنا الله وإياهم بالصحة والعافية،ألا تراهم يعانون فقط في مسك النقط
عبر"مسار"الذي ما سر أحدا؟؟،أين نحن من انسداد الأفق أمام شرائح وشرائح
من العاملين في وظائف التربية والتكوين،من الحق في متابعة الدراسة الجامعية،من
التنقيلات التعسفية للأساتذة التي لا تراعي مصالحهم ولا أحوالهم،من النقص في
الأجور والزيادة في سن التقاعد وآخرها وليس أخرها التوظيف بالتعاقد....؟؟.
قولوا لو..قولوا لو..قولوا لو.. قولوا لو..الحقيقة،هل يعي الإصلاح
بهول معضلة العنصر البشري في القطاع،طبعا ليست كل مطالب العنصر البشري في القطاع
مادية بالأساس،فهي أيضا تحفيزية اعتبارية تسهيلية تكوينية حقوقية وغيرها،ولكن لا
يستقيم الإصرار على تدبير كل هذا الإصلاح من هذا الحجم على ظهر العنصر البشري كأداة
تنفيذ و بصفر درهم كما يقولون، و رغم كل الوقفات والإضرابات والمسيرات والاحتجاجات،هل
يبصر هذا الإصلاح كل هذا التذمر العارم في صفوف أبنائه الذين يعول عليهم لصنع
المعجزات،هل يبصر كل هذا النزيف الحاد
للأساتذة في القطاع،وهم عموده الفقري الذي لا يمكنه الاستغناء عنه إلا بالشلل لا
قدر الله،مما سيضع حدا لحياة صرحنا التربوي ولاشك،إذا استمرت الأذان الصماء
وحوارات الطرشان في أحسن الأحوال،وفرض الأمر الواقع ولو بقهر القانون المتخلف
والمذكرات الظالمة والمتجاوزة، فأساتذة يهربون إلى التجارة والسمسرة ولو في
الفلاحة والتجارة وبيع السيارات والعقارات،و آخرون يهربون وينتجون بنشاط وحماس في
الجمعيات والمجالس الجماعية والبرلمان،ولم تستوعبهم مؤسساتهم ولا آمنت بقدراتهم
ولا وفرت لهم ظروف الاشتغال،و غيرهم يهربون للحلول الفردية في التعليم الخصوصي
والساعات الإضافية ولو في المآرب الليلية،وآخرون يهربون إلى التقاعد النسبي أو حتى
من المؤسسات والأقسام وهم داخلها،وآخرون...وآخرون..وآخرون؟؟.
قولوا لو..قولوا لو..قولوا لو.. قولوا لو..الحقيقة،على أي كما يقول
المثل أيضا:"لا أحد يهرب من دار العرس والأفراح"،ولكن مع الأسف لا أرى
في التعليم إلا من يهرب من دار"خشيشن والوفا وعبد الجبار"،فهل تملك
التدابير الإصلاحية 2015-2030 مفتاحا لمعضلة هذا القفل الحديدي الصدىء وهي التي
تبشرنا بالحياة المدرسية المفعمة يالأفراح وبمدرسة الكفاح و النجاح،وقد يكون شيء
من ذلك في مؤسسات التجريب عبر التراب الوطني إن كانت هناك مؤسسات التجريب،أما نحن
فلم نرى منها شيئا إلا "الدوباج" التربوي والتقارير المدبجة بإحكام وهي
تقطر تزويرا وتدويرا،ولحسن الحظ أن الدوائر الدولية المعيارية الحقيقية لا ينطلي
عليها التزوير ولا تقبل التدوير،ولا زالت
إلى اليوم تفضحنا و لا ترتب تعليمنا رغم
كل المساحيق إلا فيما يستحقه من السلاليم المعلومة،فعلى سبيل التوضيح فقط، يقال أن
في كندا يتعلم المتمدرس وكل الأطفال عندهم متمدرسون ويتعلمون توجها دراسيا و اختيارا مهنيا ونمط حياة عام،مقابل
ماذا يتعلم أبناؤنا من مهن لا تحتاج إلى التدريس أصلا أو على الأقل هكذا تمارس في
الواقع؟؟،وفي فلندا %90 من المتمدرسين يلجون المعاهد والتعليم العالي
مقابل %13 عندنا فقط،وفي
اليابان وفي كوريا وفي ماليزيا وكل الدول"الجكوارات"السبع وقد بدأت
إصلاحاتها بعدنا بمراحل ووصلت قبلنا بمراحل ومراحل،ونحن ما نزال نراوح المكان ذات
المكان ونجرب الإصلاح تلو الإصلاح وإصلاح الإصلاح؟؟،فهل ستفرحنا التدابير
الإصلاحية الجديدة يوما بمعالجة هذه المعضلة،هل
تجرأ على ذلك؟،هل تجرأ على تجريب أولوية الإصلاح في العنصر البشري والعناية
بحقوقه وأوضاعه المهنية والنفسية والتكوينية والمادية،على أي نتمنى لها التوفيق في
مساعيها الوطنية الإصلاحية الطموحة وكل عام واللقاءات التواصلية حول الإصلاح في تقدم ورقي وإنجاز وتراكم..يا أبو عيون جريئة،ورحم
الله الثلاثي العبقري المبدع مرسي جميل عزيز كاتبا و كمال الطويل ملحنا وعبد
الحليم مغنيا ومطربا وملهما،وعسى أن يستلهم منهم الجميع الوعي بالحقيقة والدندنة
للحقيقة وعلى متطلبات الإصلاح والتدابير الفعلية ولو على الناعم؟؟.
الحبيب عكي