تلك حال الكيان
الصهيوني الذي كما يقول الشاعر الفلسطيني "تميم البرغوتي" في ما معناه:
" ليس في قاموسهم غير الأزمات وعلاج الحصار بالحصار.. والاقتحام بالاقتحام..
وكل حصار واقتحام تكرار لسابقه، في غزة والقدس والضفة، ولو بعد سنوات وعقود، مما
يدل على فشلهم الذريع في حصار ما لا يحاصر واقتحام ما لا يقتحم، "جنين" و"القدس"
و"الشيخ جراح" نموذجا"؟. غير أن حال العرب من غير المقاومين
والمرابطين ليس بأحسن حال، مفاوضون من أجل السلام "الاستسلام"، مطبعون
مهرولون نحو الأوهام، ضحايا صفعة القرن واتباع الأزلام، وكلما أقدم الصهاينة على
إرهاب غاشم رأيتهم يتواطؤون.. يصمتون.. وإذا ما أحرجوا رأيتهم يبررون ولو بطعن
القضية في ظهرها ولا يخجلون؟.
قضية اغتيال صحفية
القضية والحقيقة "شرين" أبوا عاقلة نموذجا، وكل أو جل ردود الفعل
اتجاهها اعتلال في اعتلال ومن ذلك:
1-
يستغرب بعض القوم فداحة
الجرم الارهابي ضد صحفية عزلاء إلا من صوتها وكاميرتها ، وكأنه ينتظر شيئا آخر من
الكيان الصهيوني غير التطرف والغدر والاهاب؟.
2-
وينادي البعض بضرورة
فتح تحقيق موضوعي تشارك فيه كل الأطراف، والمعتدي لا يفتىء يغير روايته مرات
ومرات، كذبا تروج له ماكنته الإعلامية العالمية الرهيبة؟.
3-
ويركز البعض على
الحادثة الأحادية على فجاعتها، وينسى القضية ككل وعلة العلل فيها وهو الاستيطان،
الذي ذهب ويذهب ضحيته كل يوم مئات الصحفيين وغيرهم؟.
4-
وينبش البعض حمقا
وسذاجة في ديانة الضحايا بدل عطائهم النضالي وإخلاصهم الوطني، في حين أن العدو لا
يفرق في استهدافه للجميع لا بين الدين واللون والجنس ولا غيرهم؟.
5-
ويعتقد البعض في تدخلات
الهيئات الحقوقية والمنظمات الدولية، في حين أن ديدنها حق "الفيتو" في
مجلس الأمن والكيل بمكيالين، وما "شارلي إيبدو" و "خاشقجي" عنا
ببعيد؟.
6-
ولا تمنع فاجعة الحدث
وغيره من الأحداث، لا تمنع أصحاب وهم السلام والمطبعون العرب من السعي وراء
أوهامهم، مع عدو لا يراعي فيهم ولا في شعوبهم إلا ولا ذمة، ولا يقر لهم ميدانيا لا
باتفاق ولا صفقة..، وقد أسقط في أيديهم، لو يخجلون؟.
لذا
فأخشى ما أخشاه، أن يستمر وضعنا المفلس، يستوطن فيه العدو أرضنا ويغتال أبنائنا..
نسائنا وأطفالنا.. ونثور لحظة ونصرخ هنيهة ثم نستكين في انتظار إيثار شرطي "بافلوفي"
آخر، و هو وضع غير مقبول مع الأسف، ولكنه قد يكون عاديا لاعتبارات مخجلة لابد من
تجاوزها، ولن نتجاوزها:
1-
ما لم نعمل على استمرار
الرسالة النبيلة النضالية والإعلامية ل"شرين" أبو عاقلة والتي أراد
العدو طمسها وراء جريمته النكراء في اغتيالها.
2-
ما لم نقرر جائزة
الشهيدة "شرين" أبو عاقلة في مجال الصحافة والإعلام كمدرسة نضالية إعلامية
تؤهل الشباب للانخراط في هموم الوطن والأمة.
3-
ما لم نطلق اسمها كبطلة
شجاعة وصحفية ملتزمة على شوارعنا وساحاتنا ومؤسساتنا كما يطلق العدو أسماء مجرميه
على ذلك في إطار التهويد وحفظ الذاكرة.
4-
ما لم ننحت في صدريات
كل الأجيال من الصحفيين الشباب اسم " Shirine"
وصورتها إلى جانب كلمة "Press" ورمز
مؤسستها، حتى يعلم العدو أن "شرين" ورسالتها لا تموت أبدا، وقديما
قيل:" قد يعبث الطغاة بوردة ولكنهم أبدا لا يستطيعون إبادة الربيع"؟.
5-
ما لم تكف أنظمتنا
القطرية عن التضييق عن الصحافة الحرة والصحافيين المستقلين، وعن الضغط عليهم في
رسالتهم الإعلامية بمحاكمات صورية سياسوية مفضوحة؟
6-
وما لم تكف أنظمتنا
الإعلامية القطرية من الارتهان بأتون الوكالات الإعلامية الرهيبة وتكتفي إزائها
بلعب دور السخرة المجانية والببغائية المغيبة لشأن الأمة والمزيفة للحقائق؟
لكن، هل سنفعل ذلك أو متى سنفعله وفينا
من يشكك في المقاومة الباسلة ويركن إلى غيرها من المفاوضين والمطبعين، وهي التي
تعمل جادة على عدم تكرار ما وقع، أو على الأقل إذا ما وقع ردوا عليه ردا مناسبا باللغة
التي يفهمها العدو حتى يتذوق المجرمون مرارة ما يذيقونه غيرهم من الأبرياء، قال
تعالى: " إِن
تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ ۖ وَتَرْجُونَ
مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ "النساء/104؟.
وهل سنفعل ذلك أو متى سنفعله وفينا آخرون من لا زالوا يرقصون على
"شرين" أخرى تملأ بهم الميادين والساحات وترقص بهم على جرائم "العرص
بلحة" في مذبحة "رابعة" وملحمته الخرقاء البلهاء في غلق المعابر في
وجه الفلسطينيين وفتحها دون خجل في وجه الصهاينة؟. اللهم لا شماتة، فلا نضال إلا
في الميدان، و رحم الله من قال: "الغائبون في الجغرافيا غائبون في
التاريخ"، ولعل تلك من رسائل الشهيدة المجيدة "شرين" أنطوان أبو
عاقلة، فهل نستوعبها ونفعلها.. من أجل القضية نرجو ذلك؟.
الحبيب عكي