فعلا إنها المخدرات،عندما يعتدي مفعوص القوم على ثوابت الأمة ومقدساتها،اعتداء مدمن مرفوع على الأصول والفروع في عقر دارهم،ويدعي بذلك أنه إنما يريد حمايتهما وخدمتهما وأمنهما وازدهارهما،وهو باعتدائه الشنيع ذلك قد روع فيهما الشيبة والشباب وأسال منهما الدماء ومزق الأشلاء؟؟.إنها جائحة "كورونا" التي لا زالت فواجع "كوفيدها" تأتي على مناعتنا الجسدية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية،وما كنا نظنها يوما ستطال البقية الباقية من مناعتنا الروحية والعقائدية للوحدة العربية والإسلامية الهشة،وقد حصل اليوم - مع الأسف - مع هذا التطبيع العلني المشؤوم بين عيال الإمارات وصهاينة الكيان في السفارات والمستوطنات برعاية مجنون صفقة القرن وعرابها الأمريكي "ترامبولا" ؟؟.
ما
أثارني في الموضوع الفضيحة،أشياء كثيرة سنأتي على ذكر بعضها وأشنعها كقولهم:"
هذا قرار سيادي"،مدعين في ذلك فخر الزعامة العربية الموهومة،والكل يعلم أن
الفضيحة الصفقة الصفعة إنما قد تمت بين زعيم الكيان "النتن ياهو" ومجنون
رعايتها "ترامبولا"،الذي نادى فيما بعد على "محمد كوهن"
للتوقيع و بمجرد مكالمة هاتفية هو آخر من
يعلم بتفاصيلها وأول من لا يملك إزاءها غير الخضوع والخنوع والتصفيق والرقص طربا رقصة
النشامى؟؟،فهل في هذا قرار سيادي أم بغاء إرادي أم غباء سياسي،وطالما رقصت الطيور
المذبوحة من وجعها رقصة الوداع؟؟،وكيفما كان الأمر فالوسم كالعادة قد أدى أغراضه وزيادة،ومنع
الجميع بشكل "ديمقراطي" من المشاركة والتداول،ليس عبر المجالس والمؤسسات
فحسب،وليس في صفوف الصحافة والمعارضة فحسب،بل حتى عبر التعليقات والتدوينات الشعبية
في مواقع التواصل الاجتماعي،اللهم ما كان من مباركة قرار مرفوض مفروض قد أخرج
الحميمي العرفي المخبوء بين الطرفين على مدى عقود من السر إلى العلن،واللهم لا
شماتة؟؟.
نعم،كثيرون
هم المغيبون في الصفقة الصفعة،المجالس والمؤسسات الإماراتية..الشعب والعلماء الذين
قد شغلهم - كما يقال - تقديس ولاة الأمور عن محاربة ولاة الخمور..، مشاعر الأمة الإسلامية وهي على
طولها وعرضها كل يوم في ضعفها وتطاحنها..،معاناة
الشعب الفلسطيني المعني الأول والرابض على الدوام في الصفوف الأمامية وخيوط التماس
مع العدوان الصهيوني الغاشم وما يذيقه كل مرة من ويلات الاحتلال
..والتقتيل..والاستيطان..والتهجير..ومخافر الشرطة ومعابر التفتيش؟؟.لكن قبح الله
العنس والشمط والغباء والبغاء..،وكلها قد جعلت عريس الغفلة يكتفي في زواج متعته
بحضور العريس والعراب والفانوس والشمعدان بديلا عن أي جامعة عربية أو إتحاد إسلامي
أو مجلس تعاون خليجي أو حتى لجنة القدس الشريف،إنها المخدرات يا سادة..إنها جائحة
"كورونا" بكل الأعراض والأغراض؟؟.
كارثة
يا عيال الإمارات أن تطبعوا مع الكيان الغاصب،وتعلنوا تطبيعكم من السفارات
والسهرات،إلى المستوطنات والصفقات،فماذا جنا من طبعوا قبلكم كدولة مصر في كامب
دايفيد (1979)..ودولة الأردن في واد عربة (1994) وحتى منظمة التحرير بذاتها في
أسلوا (1993 - 1995) ..؟؟،وفي كل ما جرى ويجري من المفاوضات والمفاضحات لم تزد
القضية إلا تعقيدا وتراجعا وخلافا دهريا حادا بين الأطراف؟؟. ما الذي يمنع غيركم
من التطبيع، لو كان الأمر برؤية المصالح والحرص على الصفقات وصفاء العلاقات أو حتى
بموازين القوة والغلبة،لجاز لكل قوم أن يكون لهم تقديرهم الخاص أصابوا فيه أو
أخطأؤوا، ولكن الأمر أكبر من ذلك،إنه أمر عقائدي واضح من الدين بالضرورة،حسم الله
و رسوله تاريخه ومساره ومآله في العديد من
الآيات والأحاديث المقبولة عند الأمة بالإجماع؟؟. ماذا سيقول المطبعون في قوله
تعالى: " وَلَن تَرْضَىٰ عَنكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَىٰ حَتَّىٰ
تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ۗ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَىٰ ۗ وَلَئِنِ
اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ۙ مَا لَكَ مِنَ
اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ" البقرة / 120 "؟،أو في قوله تعالى:
" سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ
إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا
إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ"الإسراء/01؟؟.
ماذا
سيقول الطبعون في مصائر اليهود في سورة آل عمران والأعراف والإسراء وكلها تؤكد أن (وجودهم
مؤقت..وجود فساد وإفساد..لا قوة لهم إلا بالحبال..وسينالهم غضب من الله وذلة)؟؟،
أين منهم عقيدة الولاء والبراء وكيف سيسيرون غدا في شوارع المحتلين القتلة وهم
يلقون إليهم من قلوبهم بالمودة والمحبة والتحية والسلام،وإذا ب"زايد"
شريك "كوهين" و"فاطمة" زوجة "شمعون" و "أم هداية"
محبوبة "أم هارون"؟؟. ماذا سيفعل المطبعون غدا،إذا هاجم الإسرائيليون
الفلسطينيين فقتلوا آبائهم ورملوا نسائهم ويتموا أبنائهم وسجنوا شبابهم وهجروا
شيوخهم..ومنعوا عودة لاجئيهم..هل سيدفعون فاتورة ذلك كله وهم لهم شركاء،أم سينوبون
عنهم في كل ذلك كما تحدث الأنباء عن ذلك أيام التطبيع السري والعدوان على"غزة"
؟؟،ماذا سيفعل المطبعون إذا نكث العدو من منع ضم المستوطنات إلى مجرد تعليق ضمها
وقد نكث ومداد الاتفاق بعد لم يجف؟؟،ماذا سيفعلون في تزايد التهجير والمستوطنات
وفي تهويد القدس واستمرار الحفريات التخريبية تحت الأقصى؟؟، ما موقفهم - إن كان
لهم موقف - في فتاوي علماء المسلمين وقد أجمعوا على وجوب محاربة المحتل الإسرائيلي
وضرورة إخراجه من كل أراضي فلسطين راغما كما دخلها راغما؟؟.
لا
تبحثوا أيها المطبعون عن درء فشلكم وإفشاء ضغنكم في أوهام أنتم أول من يصدق أنها
كذلك ولا تنطلي إلا عليكم، دعكم من ترهات "إيران" والمد الشيعي في
المنطقة،ف"إيران" تحتل جزركم ولم تخوضوا لا مفاوضات ولا حربا لتحريرها
ولا قطعتم علاقة بسببها،و"إيران" منذ ثورتها وهي كالكثيرين تسترزق
بالقضية وما رأيناها تطلق رصاصة واحدة في اتجاه الكيان الغاصب،و"إيران"
تمتد في سوريا ولبنان و العراق واليمن..،فلا أنتم ولا أمريكا ولا غيرها استطاع فعل
شيء،أي شيء إلا هذا التطبيع مع الكيان الصهيوني الذي هو من قبيل :"وداويني
بالتي هي الداء"،إنها المخدرات،إنها "كورونا" ولعاب الصفقة التي
ستصفعكم؟؟. دعكم من معاداة ثورات "الربيع العربي" ونعتها بالإرهاب
الإسلامي الذي سيقض عروش ديكتاتوريتكم وحكم قطيعكم القبلي في المنطقة،إنها ثقة
وأمل الشعوب في تداولها للسلطة و تجديد مسارها التنموي بشكل ديمقراطي،وهو يتحداكم
أن تحذو حذوه ولو بعشر معشار أشكاله الانتخابية الحرة النزيهة، وإن تقبلوا التحدي
يكن لكم ما تطمحون إليه وراء كل هذا الهراء السياسي: "قوة اقتصادية أولى في
المنطقة،وسيقبل الربيع العربي منكم ذلك ولا ضير أن ادفعوا ل"كوبوي"
أمريكا كل أسبوع ما تدفعون مقابل حماية كراسيكم،ادفعوا وادفعوا من خيرات الله
وخيرات الشعب والأمة،ويوم تجف الآبار من نفطها تموت القطط عطشى مصلوبة على الجدران؟؟.
والحمد
لله على كل حال،أن مستقبل فلسطين لا يحدد على الطاولات ولا في المفاوضات و الجولات
والصفقات ولا حتى بالتحالفات والتهديدات بقطع المساعدات وفرض العقوبات بل وشن
الهجمات العدوانية الفعلية،فكل ذلك لا يزيد الأوضاع في المنطقة إلا تراجعا وتخلفا
طرديا؟؟، مستقبل فلسطين عقيدة لدى الأمة الإسلامية جمعاء جيلا بعد جيل إلى قيام
الساعة،أمانة في أيادي أبنائها البررة وقادتها الشجعان، والذين رغم كل الخلافات
والتقديرات في الاختيارات والمسارات،فإنه إذا تعلق الأمر بالوطن وكرامة المواطن يردون
الصاع صاعين،ومن وجع ما وجد ويجد منهم العدو وما يحاذر،فإنه لم يعد يقوى على
مبادرتهم بالعدوان خشية إقدامهم على إغراق "تل أبيب" بوابل من صواريخ
الرعب والدمار تجبر المستوطنين على الدخول كالفئران في المغارات،مستقبل
الفلسطينيين بيد المقدسيين والمقدسيات الذين ينامون على أعتاب القدس الشريف صلاة
وقياما بالليل ويزرعون ساحات الأقصى صفوف أشجار شامخة وجماعات وارفة بالنهار،متحدين
في ذلك كل المنع والقمع والحصار العسكري الصهيوني البشري والإلكتروني، مستقبل
فلسطين بيد أصحاب المفاتيح الذين دمر العدو منازلهم ومحاها من الوجود عن بكرة
أبيها،ولا يزالون يحملون مفاتيحها آملين أين يعيدوا يوما بنائها وفتحها بنفس
المفاتيح،و رغم كل شيء، سيعيدون بنائها وفتحها بإذن الله..وعسى أن يكون ذلك قريبا،و رغم أنف الهادمين والجارفين
والمصفقين والمتفرجين والمطبعين..سيكون قريبا بإذن الله؟؟.
الحبيب عكي