سلامة موسى،هل سيتذوق الحلويات المغربية مع عيوشاتها؟؟،الغريبة و البريوات نموذجا
لاشك أن الدعوة الصريحة الفصيحة الفضيحة إلى إحلال اللهجة العامية مكان العربية
الفصحى في بعض المقررات الدراسية المغربية،دعوة قديمة جديدة ولها أبطالها على
مستوى العديد من الأقطار والأمصار،طبعا،لم تكن هذه الدعوة بأغراض حل إشكال حقيقي بشكل
حقيقي أو إبداع تنموي في تعليم اللغة أولغة التعليم،بقدر ما كانت خلفياتها منذ
القديم هو محاولة يائسة لاستتباع الأمة لأعدائها من اليهود والنصارى قصد التحكم في
لسانها ومحاربة دينها وعولمة ثقافتها بغية إخضاع سياستها واقتصادها،يعني مسألة استعمار
قديم جديد قسري و متوحش بسلاح فتاك أساسه
تقويض لغتنا العربية الفصيحة ولسان حال الأمة ومآل وحدتها وحامل دينها وثقافتها
ومصدر عزتها وحضارتها؟،ولازال التاريخ يذكر بسوء بعض أولئك الأبطال الوهميين
المستلبين في مصر ولبنان أمثال يعقوب صروف و أحمد لطفي السيد ومارون خوري ولويس
عوض و سعيد عقل..،وكبير الجوقة ومؤسسها من عشرينات القرن الأديب المصري سلامة
موسى(1887–1958)،ومعه قاسم أمين الذي جرد نحوها من علامات الترقيم،وقبله في تركيا
مصطفى كمال أتاتورك الذي كتبها بالحرف اللاتيني ومنع الحجاب وألغى الأذان،قبل أن
يعود إليها كل هذا اليوم في عهد رجب طيب أردوغان ؟؟.
كان سلامة موسى وهو الذي نشأ في مصر وتسكع منذ شبابه في بعض مواخير فرنسا و
بريطانيا فانبهر بها،إلى ثمالة كان لا يرى فيها أن نهضة الأمة لن تتم إلا بإتباعها
الحرفي للغرب؟،وكان يدعو إلى اشتراكية وحداثة تستبدل فيها اللغة العربية الفصحى
باللهجة العامية دون خجل ولا وجل؟،ودعا الأدباء إلى ترك أدب وأدباء الشرق وتراثهم
وتقليد أدب وأدباء الغرب و التيه في تنويرهم حسب زعمه؟،وكان يبحث عن الشخصية
المصرية فيما خالطها من صلافة وصنمية الفراعنة لا ما عجنها من قيم التاريخ والتراث
العربي الإسلامي؟،ولم تفته الدعوة إلى تحرير المرأة بشكل غريب دعا فيه المصريين
والعرب إلى الزواج بالغربيات لتحسين النسل؟؟،وخلاصة فكر الرجل أنه كان على الدوام ينتقد
الفكر الديني والإيمان بالغيب ناسيا أو متناسيا انهزاميته التامة أمام معضلة
النهوض التي يرى فيها ضرورة الفرار من الذات التي هي الشرق والاعتماد على الآخر
الذي هو الغرب؟،وأن وضعه للشرق (الشر والتخلف) مقابل الغرب (الخير والتقدم) ليس
صحيحا،لأن منتهى هذه الدعوة هو الفرار من تقاليد الشرق إلى قيود ومتاهات الغرب؟؟.
ولا أدري وقد دارت الأيام،كيف نبتت في المغرب اليوم،بعض فطريات سلامية
موسوية لا زالت تدعو إلى نفس الدعوة وبنفس الأهداف والغايات،بل بجرأة كبيرة
وأساليب جديدة ماكرة بغطاء سياسي واقتصادي وإعلامي رغم بعد الزمان والمكان واختلاف
الوضعيات والمستجدات؟،ومنهما:
1- من دعا عندنا بكل وقاحة إلى تعطيل التعليم
الأصيل وإغلاق الكتاتيب القرآنية؟؟.
2- ومن فرض الفرنسية على المغاربة في التعليم
والإعلام وبعض المجلات والإذاعات؟؟.
3- ومن دعا إلى ترسيم الدارجة في الدستور وتغيير
النشيد الوطني إلى قوافيها و قوالبها؟؟.
4- ومن يشترط في الحصول على العمل والرقي الاجتماعي
وألقاب المشاهير لغة أجنبية غير عربية؟؟.
5- ومن يربط اللغة العربية بكل ما يجتاح المجتمع من
مظاهر التخلف والتطرف و العنف والإرهاب؟؟.
6- ومن يحمل كل ما ينخر التعليم من فشل وتدهور مزمن
إلى اللغة العربية الفصحى ومن ثمة وجب تلهيجه بالمناسبات الشعبية والألبسة
التقليدية على إيقاع الوصلات الفنية والحلويات المغربية.."الغريبة"و"البريوات"
نموذجا؟؟.
وهكذا تجرأ الفرنكفونيون المغاربة في خطوة
انفرادية إلى فرض العودة إلى تدريس المواد العلمية في الأسلاك الإعدادية والثانوية
بالفرنسية،في تناقض صارخ مع كل المرجعيات التي تقضي بتنوع العرض التربوي بدل
توحيده وفرنسته،وعلى رأسها الدستور و الخطة الاستراتيجية(2015-2030)والمجلس الأعلى
للتعليم وقانون الإطار والمقاربة التشاركية؟؟،وهكذا تجرأ الدارجيون المغاربة وفي
سابقة خطيرة أيضا إلى إدراج كلمات دارجية في بعض المقررات الدراسية
الابتدائية:"تكشيطة"و"شربيل"و"غريبة"
و"بريوات" و"بغرير" و"عظيمات"..،وهي أسماء بالأساس لألبسة
تقليدية وحلويات مغربية استنكر المغاربة إدراجها في المقررات الدراسية الابتدائية
استنكارا عارما،بحكم أنها لا تأتي بجديد لأبنائهم،وبحكم أنهم لا يرسلون أبنائهم
إلى المدرسة لتسطيح رصيدهم المعرفي وتضييق أفقهم التواصلي،ولا ليتعلموا ما يعلمونه
قبليا وبالسليقة في كل مكان؟،في حين أن الوزارة الوصية وزارة التربية الوطنية
والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي،تدافع عن زلتها بغباوة واستغباء،بداوعي
أن الأمر بيداغوجي،قبل أن يتدارك رئيس الحكومة فيطمئن الرأي العام إلى أن ما حدث قابل
للمراجعة وللتراجع،وأن أي تدريج في المقررات الدراسية ليس واردا في برامج
الحكومة؟؟.
ورغم ذلك،فلا يزال دعاة التدريج،من
لوبي الفرنكفونيين في المغرب،و من لف لفهم من الغالين العلمانيين واللهجويين،يفرضون
دارجتهم أو على الأصح دارجياتهم في العديد من المؤسسات الإدارية والأسلاك
التعليمية والمنابر الإعلامية،حتى أنك تجد الدارجة بسهولة مخلوطة بكثير من الفرنسية
أو على الأصح كثير من الفرنسية مخلوطة ببعض الدارجة،هي السائدة رغم أنف الدستور
الذي يتحدث في فصله الخامس بالبند العريض فيقول:"وتظل العربية هي اللغة
الرسمية للدولة..وتعمل الدولة على حمايتها وتطويرها وتنمية استعمالها"؟؟،ترى
هل ستتحمل الدولة مسؤوليتها اتجاه لغة الشعب وهويته ومحضن قيمه وثقافته الحضارية أم
ستخرص لسانه وتعجمه وتدرجه وتشوهه أو تخلعه وتمزقه فتزيله أو تستبدله،؟؟،هذه هي
الدارجة التي يقال أن الجميع يعرفها،فلماذا كل هذه المعركة من أجلها؟، وهذه هي
الفرنسية التي يقال دائما أنه يمكن تعلمها في خمسة أيام بدون معلم،فلماذا كل هذه المعركة
الجارفة لفرضها ودعمها؟،هل ستتحمل الدولة مسؤوليتها والفاعلون كل من موقعه
وبإمكانه،أم سيتركون سلامة موسى وجوقته المشرقية يقومون من قبورهم ويقيمون قيامتهم
بعد عشرات السنين من اليأس والقنوط عز فيها عليهم ما حققه "عيوشاتهم"
المغاربية اليوم في التدريج واستبذال الذي هو خير بالذي هو أدنى؟؟.وكيفما كان
الحال،فالأمر يستحق كل التقدير والاحتفال،بكل المناسبات الشعبية والألبسة التقليدية
والوصلات الفنية والحكايات الخرافية والرقصات الفلكلورية،والمأكولات والمشروبات
والحلويات المغربية،وقد عرفتها المقررات الدراسية للجميع:"الغريبة"و"البريوات"و"البغرير"و"كعب
غزال"..،ورحم الله من قال:"نحن قوم نحلق الرؤوس،ونلبس"البرنوس"،ونأكل"الكسكوس"..،"الكسكسو"
و"البسطيلة"و"المخرقة"و"المحنشة"و"الغريبة"و"البغرير"و"كعب
غزال"..،و"اللي مات على شبعة لهلا يردو...واللي مات على "بغريرة"
لهلا "يقريه"؟؟.
الحبيب عكي