هو فقط رئيس جماعة ترابية شبه نائية(بلدية)،و رغم ذلك فقد اتخذ لنفسه هواية
غريبة عجيبة،لا تكاد تجد لها مثيلا حتى بين هوايات رؤساء الشركات والمقاولات
والمؤسسات،ورؤساء الجهات وعمدات الولايات،بل ورؤساء الدول القطرية والفيدراليات
الدولية،وفي هوايات هؤلاء كثير من الخلط بين الترويح والترفيه عن النفس من ثقل
وضغط المسؤولية والمتابعة وإدارة الاجتماعات واتخاذ القرارات،وبين الأحلام والتمني
والرغبة في امتلاك مهارة ضبط الأمور والنجاح في وضع الخطط وتحقيق الأهداف؟؟،خذ
مثلا،رئيس دولة طقسها في العموم الغالب جاف،وهوايته السباحة والتزحلق على الجليد،ولئن
تمكن من ممارسة هوايته الأولى بإنجازه المسبح والنهر الاصطناعي العظيم،فإن هوايته
الثانية لن يتمكن من معانقتها إلا إذا نقل بلاده إلى "اسكتلاندا" أو انتقلت
هي إلى بلاده؟؟.
وعمدة بلدية غربية هوايته
كتابة الشعر والرواية والتأليف الموسيقي بل والغناء في مجموعة ل"الروك أند
رول"،وهو يمارس مسؤوليته العمودية قد أصدر روايته 4 وديوان شعره 6 وهو الآن
بصدد الاستعداد لإصدار ألبومه الغنائي 8 تحت عنوان "ثق بهواتك ترى
العجب"،من المفترض أن ينظم به رفقة المجموعة جولة قارية ناجحة يكون مدخولها
لمحاربة الإرهاب ودعم السلام والطفولة المحرومة في أفريقيا؟؟،في كل
الهوايات،القراءة..الكتابة..الرسم ..لعب الكرة..ركوب الدراجة..الركض..المشي ..جمع
النقود والطوابع..الجيدو والكراطي..التصوير والمونتاج..البرمجة..الخطابة..السباحة..القنص
والرماية..ركوب الخيل..ترويض الكلاب والثعابين..،كل الهوايات لها فوائد طالما
أفادت أصحابها الرؤساء والمرؤوسين في الصبر والتحمل وضبط الأهداف وإصلاح الأمور
والعمل على تحسين الأوضاع..و..و..و؟؟،حتى أن الكثيرين منهم قد تكون هواياتهم هي
عملهم أو أكثر،بل وعادت على عملهم بأكثر مما عاد به عليهم هو نفسه،وما ذلك على
طبيعة الهواية بغريب فشركة "ديزني"التي تشغل اليوم 150 ألف موظف وبعائد
مادي حوالي 40 بليون دولار،كان أصل منشئها هواية رسم ورسام؟؟.
رئيس جماعتنا ليس من كل هؤلاء
السابقين،وليست له هواية العديد من رؤساء الجماعات والمصالح،كهواية قمع المعارضة
وإفحام الخصم وإحصاء أخطائه عليه حتى يسكت دهرا ولا ينطق ببنت شفة،وإذا فعل فكفرا،و
ليست له هواية إطفاء الهاتف في وجه المتصلين والمتواصلين ولو خارج أوقات العمل،ولا
هواية الغياب عن الاجتماعات أو الاستعذار بها عن استقبال المواطنين،ولا هواية الالتفاف
على الميزانيات بسم مشاريع مزيفة يكون جزاء انتظارها مجرد الانتظار،ليست لديه أيضا
هواية لعب أي نوع من الكرة ولا اقتطاع أمسيات لمتابعتها والتفرج على أبطالها،لا
يركب الدراجة للتجول وسط الأحياء و الالتقاء المباشر مع ساكنة قد تستقبله بالرجم
بالبيض والطماطم أو تقاسمه الملح والطعام،وهو يبادلها الترحاب و يباشر الاستماع
إليها وإلى مشاكلها وانتظاراتها،وإن كان في الحقيقة يلبي جل الدعوات التي توجه
إليه في هذا الاطار،بل ويخلقها بدعم وزيارة الأنشطة المكثفة التي تعرفها العديد من
المرافق الاجتماعية والترفيهية التي حلقها في المدينة؟؟.
وكم كان أحد الأولاد الصغار
يضحكنا،وهو منذ صباه تسلطت هواية رسمه الكاريكاتوري وحكيه الرسومي الهزلي على ما
كنا نفتخر به نحن من رموز الساحة الوطنية آنذاك،وخاصة بعض المسؤولين المحليين منهم،خلع
عنهم كل الهيبة والوقار فيصور هذا لاعب كرة بمأزره وهذا عازف على العود بلحيته،وتلك
رقاصة ضاربة على الدف بجلبابها أو متسولة على قارعة الطريق برهطها،وذاك ضابط إيقاع
وأستاذ فلسفته أو قائد الأربعين مغامر بخطابته،يجمعهم في مقابلات رياضية و وصلات فنية
ومناظرات سجالية تقتل الجميع بالضحك،ورغم ما كانت تطفح به من نقذ لاذع لشخوصهم ورفض
لسلوك بعضهم خاصة المحليين،ففيها استيعاب جيد للمفاهيم والمرجعيات والانتماءات
والصراعات،ترى ماذا كان سيكون موقفه اليوم لو علم بهواية هذا الرئيس؟؟،هواية هذا
الرئيس أيها السادة،هي ممارسة علم الفلك،ومتابعة حركة الكواكب والنجوم،ورصد
الظواهر الفلكية من الخسوف والكسوف والمد والجزر ورؤية الأهلة والمواقيت،ليست سحرا
وشعوذة ولا قراءة طالع المدينة عبر الكواكب،بل تمييز علمي بين الكواكب والنجوم والمجموعات
والمجرات والدروب والشهب والنيازك..،هواية قديمة أنشأ لها السيد الرئيس ناديا خاصا
في إحدى جمعيات الحي،ورغم طول عهد بينهما فلا زال يمارسها إلى اليوم وإن مات
النادي و خفت أنشطة الجمعية أيضا؟؟،
بادر المجلس الجماعي بتنسيق مع جمعية شريكة بتنظيم خرجة فلكية لرصد الخسوف
الدامي للقمر ليومه الجمعة 27 يوليوز 2018،وقد تكون هذه الجماعة الترابية هي الوحيدة
أو من بين الوحيدات التي أمتعت ساكنتها والحضور الغفير بمتابعة هذه الظاهرة
الفلكية الناذرة،كما كان السيد الرئيس من المؤطرين الشخصيين والبارعين في العروض
العلمية للأمسية؟؟،ولكن يبقى السؤال،هل يريد السيد الرئيس أن يهرب من ضيق الأرض إلى
سعة السماء،أم يريد ربما أن ينظر إلى شعب المدينة من فجج السماء؟؟،على أي إنه
يتحدث ومجلسه الجماعي عن حدائق المعرفة تجمع بموجبها حدائق المدينة بين بعد
الترويح والترفيه وبعد التربية والثقافة،ويتحدث عن حاجة المدينة إلى فضاءات علمية وتيمات
ثقافية كالساعة الشمسية والمحطة الفلكية..،بل ويتحدث عن الجيل الجديد من الخدمات
العلمية والثقافية في مختلف مرافق المدينة،في فضاءاتها الجمعوية ومركباتها الثقافية
وملاعبها السوسيو رياضية و..و..؟؟،ومن يدري ربما بادرنا يوما بقمر اصطناعي أو محطة
فضائية تطهر المدينة والمدن الوطنية من زبالة المدبلجات المكسيكية والتركية على
السواء،عل ما تزخر به المنطقة والجهة ككل من كنوز التراث اللامادي والحضاري يجد
طريقه إلى التثمين والتصنيع والتسويق وفرص التشغيل،وسيرا على نهج الدول المتقدمة
الغربية والأسيوية وتجربتها الرائدة في المجال،سيكون ذلك مدخلا جديدا للتنمية
المستدامة والإنتاجات الإبداعية،أصلها طيب وفرعها ثابت تؤتي موائدها وفوائدها كل
حين بإذن ربها؟؟.
الحبيب عكي