في الثاني من يناير 2018،احتفى محرك البحث"قوقل"باليوم العالمي
للكاتب الأفريقي،في شخص الرؤائي والتاجر المناضل في حركة تحرير العبيد
البريطانية،النيجيري"أولوداه اكيوانو"(1745 - 1797)،ترى ماذا تعني
الكتابة في أفريقيا وهي المعروفة عبر التاريخ بمجرد بعض الحكايا الشفوية الأسطورية
القديمة وتوارث بعض الأنظمة والأعراف التقليدية التي لم تمت ولم تفقد سلطتها إلى
اليوم،من هنا كل هذا السؤال عن معنى الكتابة في أفريقيا إذا كان كل الزخم الأسطوري
المتناقض قد استطاع العيس والانتعاش في ظلها؟؟.
ربما قد لا يرى المرء أية خصوصية للكتابة الأفريقية أو ما يدعو للاهتمام
بها وتصنيفها عن غيرها،باعتبار أن الكتابة أية كتابة ينبغي أن تنفتح على الهموم
الإنسانية العامة والتجربة العالمية المشتركة،وإن حاولت طبعا إمتاعها وإمتاحها
بمحليتها وبعض قوميتها وقاريتها التي ولاشك ستضيف إلى التجارب القارية الأخرى
الشيء الكثير، ولكن قد لا تؤثر في الاسترشاد بها حتى على قومها،وليس ما نعيشه اليوم
من الاتجار المأساوي في المهاجرين الأفارقة في "ليبيا"متعها الله بالأمن،ما
تصدى له الروائي الأفريقي المحتفى به قبل 272 سنة عنا ببعيد؟؟.
الكتابة الأفريقية شأنها شأن أهلها وقارتها وقرائها،كتابة التحديات
والرهانات كتابة المقاومة والصمود،كتابة الأمل والألم،كتابة التيه في الأدغال
الأفريقية العذراء والتي لا يلجها والج إلا تاهت به في حقيقة واحدة وحكمة أزلية
وهي استواء الزمان والمكان والإنسان والحيوان وكل الخلق يم الفطرية للتطهر من دنس
الفلسفات والنظريات المفتقرة إلى الفطرة والحرية،ففي أفريقيا يتعايش التيس والغزلان
والذئاب والحملان...و تتعايش الأساطير
والقبليات والأديان والوثنيات والديكتاتوريات والديمقراطيات...،ولا مستقبل إلا لما
ينفع الناس ويحفظ الهوية والخصوصية والحرية والأرض؟؟؟.
الكتابة في أفريقيا اليوم،سياسية أم فكرية ،علمية أم فنية وأدبية،لاشيء جلي
يظهر من كل هذا ولن يظهر على الأقل بالنسبة للأجيال المعاصرة غير المتخصصة
والأكاديمية مثلي،لأن هناك العديد من التحديات التي نراها تمنع هذا بكل قوة وستظل
تمنعه ما لم تتغير ظروف الكاتبة في القارة السمراء:
1- تحدي الكاتب الحقيقي في أفريقيا مفكرا كان أو
مبدعا،فهو إنسان مضايق يمتلك الحكمة والسحر والمعرفة وهو غير مرغوب فيه،لأنه إنسان
معارض في الغالب متهم في كل مذاهبه،ولابد أن يحارب ويضيق عليه في حرية تعبيره قبل
ملاحقته في موطنه ورزقه؟؟.
2- تحدي اللغة العاملة والجامعة التي يمكن أن
يتواصل بها الكتاب مع القراء عبر القارة والعالم،وفي كل بلد عشرات من اللهجات
واللغات يعتقد فيها أهلها بقوة ويكتبون بها بكل سمو وعشق ولا يفهمها في الحقيقة
إلا أهلها في دوائرهم الضيقة،فسمعنا عن كتاب "فرانكفونيون" وكتاب
"أنجلو ساكسونيون" ولم نسمع عن أمثالهم من كتاب أفريقيين بهذا الحجم من
الأفريقية والخبرة والشهرة في مختلف المجالات السياسية والفكرية والعلمية والفنية
والادبيىة...؟؟
3- التنظيمات الأفريقية لأعمال الكتاب في اتحادات
ومنتديات ورغم طابعها الرسمي في الغالب فهي جد هشة وغير فاعلة لم تستطع التعريف
حتى بمنخرطيها من الكتاب والكاتبات ومنهم من برز نجمه وسطع كعبه وكان مرشحا(ة)
لجائزة نوبل ك:"ماكسويل كويتزى"من جنوب أفريقيا و"إبراهيم الكونى"
من ليبيا و"بهاء طاهر" من مصر و"نجوجى واثيونجو"من كينيا
و" أميناتو ساو فال"من السينغال و"نور الدين
فرح"من الصومال مرافق " "وول
سوينكا" إلى قاعة نوبل 1986...وغيرهم ممن هم تواقون بالحنين الروحي إلى كل ما
هو عربي وإسلامي على مستوى القارة؟؟،وربما يمكن اليوم تجاوز الكثير من هذه العقبات
باستثمار ما أصبحت تتيحه تقنيات التواصل الإلكتروني؟؟.
4- الإشعار بالدونية رغم وحدة الأحاسيس الإنسانية و
وحدة القضايا الكونية وسمو المشاعر الإفريقية ونبلها،لكن التبعية والنظرة
الاستعمارية لا تزال هي الحاسمة في كل شيء،تقدم من تشاء وتؤخر من تشاء،خاصة كل
حاول مناقشتها في رؤيتها أو حاول منافستها ولو في طرحها التنموي الاستعماري الفاشل،أضف
إلى ذلك بعض التوترات الخفية والمعلنة التي تسببها عقد ونتوءات الألوان
والجغرافيات والجهويات في شمال و جنوب أفريقيا والشرق والساحل؟؟.
5- ورش الكاتبة في إفريقيا جد مهم وخصب أهمية
مستقبل القارة وخصوبة عطائها،وهو لبنة ضرورية في إطار التحديث والعقلنة،ولابد من
فتحه بكل مسؤولية وجدية وتنسيق وتعاون ومؤسساتية أكاديمية ومدنية،يتبلور فيها
الرصد والتشخيص والبحث والتحليل والتركيب والتفكيك...لعل كل الأفارقة يبلورون يوما
نظرتهم الخاصة بالتنمية والنهوض الناجح: أفريقيا والموارد والطاقات – أفريقيا
والتبشير والاستعمار – أفريقيا والتحرر والنهوض – أفريقيا والتفرقة العنصرية والحروب
القبلية – أفريقيا والجهل والفقر والمرض – أفريقيا والشباب والمرأة والطفولة
والتنمية – أفريقيا والعدالة الاجتماعية والتنمية المجالية – أفريقيا والحداثة
والفنون والتنقل والسياحة والاستثمار– أفريقيا والدين والوثنيات والمسيحية والإسلام
– أفريقيا والديمقراطية التشاركية – أفريقيا والأمن الروحي والغذائي - أفريقيا
والقرار الاستراتيجي - أفريقيا والمنتظم الدولي والهجرة والمساعدات...؟؟؟
أوراش ما أحوجها إلى كتاب ذوا أقلام
تصويرية رائعة ومرجعية و موسوعية في الوحدة والتنوع والمحلية والكونية،تضحك على
نفسها إذا اقتضى الأمر فكريا و سياسيا واجتماعيا وسينمائيا..،كاتب قد لا يبذل أي
جهد في تفكيره ولا يستعمل أي عمق في تصويره بل يكفيه فقط أن يستعمل هذا القلم
التصويري الرائع بكل حرفية ومن زوايا فنية وفكرية مناسبة وبألوان حاملة وأضواء
حالمة حتى يؤتي من الصور الرائعة المتحدثة والموحية فوق المنتظر،وكل عام والكاتب والقارئ
والناقد والناشر الأفريقي بخير،وكل عام والكاتب الأفريقي بقلم أكثر أملا وأقل
ألما؟؟.
الحبيب عكي