هو مسجد حي"الواحة"بمدينة الرشيدية عاصمة جهة درعة تافيلالت،والتي
سيقوم إليها رئيس الحكومة سعد الدين العثماني على رأس وفد حكومي رفيع
المستوى،بزيارة تواصلية تنموية يوم 06 أكتوبر2017،وطبعا إن صح هذا الخبر والتزم
به،فهذا اليوم سيصادف يوم الجمعة من شهر محرم الحرام 1439 هجرية،وحسب مصادر مطلعة
فإنه كان من المقرر أن يصلي الوفد الحكومي برئاسة سعد الدين العثماني في مسجد
"الواحة"هذا، ولكن مع الأسف لن يتمكنوا من ذلك،ولو أنهم أقسموا أغلظ
الأيمان أنهم سيفعلون،فإنهم بطبيعة الحال سيحنتون وعليهم بالفدية والصيام،فقط لأنه
وعلى أزيد من سنتين كاملتين لا زال هذا المسجد الشامخ مغلقا ومحكم الغلق والتغليق والإغلاق؟؟.
هذا المسجد العامر ورغم أنه
في حي"الواحة"،حي السادة الأساتذة الفضلاء،ويقدم العديد من خدماته
الجليلة للعديد من الأحياء المجاورة،والتي لا تتوفر على شيء اسمه المسجد أو مسجد
مماثل،هذا المسجد الذي بناه قانونيا المحسنون من أهل الحي وغيرهم على نفقاتهم
الخاصة بتبرعاتهم والتزاماتهم،وكانوا يقومون على تسييره وتدبير شؤونه الدينية
والتربوية أحسن ما يكون التدبير،ولكن ما أن تدخلت وزارة الأوقاف لضمه وتبنيه من
أجل استكمال بنائه وتجهيزه حتى يكون في مستوى تقديم خدمات حسب رأيها تليق بمقام
بيوت الله وضيوف الرحمان،ما أن حدث هذا حتى ذهبت مندوبية "التوقيف"بالإقليم
خلاف وزارتها فأغلقت المسجد ضدا على الأمن الحقوقي والروحي للمواطنين،وكأن المهام
الأساسية للمناديب الجهويين وغيرهم من المسؤولين والعياذ بالله هي إغلاق بيوت الله
في الأرض لا بنائها وفتحها وتشجيع المحسنين على ذلك؟؟،والحالة هذه فلا المسجد
أكملوا ولا بالوعد أوفوا ولا للمواطنين بالصلاة داخله سمحوا،فأصبح المساكين يصلون
الجماعة في الحر و القر خلف أبواب المسجد الموصدة ويتسولون الجُمُعات في غير مسجد
الحي و"التوقيف"،كهذه الأيام المباركة التي صلينا فيها صلاة العشاءين
كالخفافيش في البرد القارس والظلام الدامس في العراء وسط الرياح والأمطار وهبوب الأتربة
والرمال وسقوط المكبر وتطاير الحصير..وهي الفتنة التي ما بعدها
فتنة،أو لربما هذا هو المسجد النموذجي والرفيع
المستوى الذي وعد به الآفاكون،والذين لا يخجلون اليوم أن يقنعونا مع الأسف بعبثهم الذي
ولاشك يرون فيه روعة التدبير وإصلاح الشأن الديني في هذه البلاد؟؟.
هذا المسجد،وطوال الأوقات
العصيبة لمقاومة سكان الحي لإغلاقه وما رافق ذلك من الشد والجذب وكأن الأمر حرب
شرسة خفية ومعلنة بين المعتدين والمعتدى عليهم،وخلال هذا التجاذب الممتد من 2015
إلى اليوم كان رئيس الحكومة السابق السيد عبد الاله بنكيران قد قام ذات مرة بزيارة
تفقدية و تضامنية مع أهل الحي،بلسان حاله وسيرة دعوته لا بشخصه وتحكم دوائره،وكأن
الرجل قد خطب بحكمته وحنكته في القوم خطبة "حصيرية" صادقة جذابة وصريحة،خطبة
فصيحة تحت عنوان:"..الصراحة نقولها لكم..وما كاين ما نخبيوا..هذا جهدي عليكم
والغالب الله..وراه كاين..وراه كاين"،وقد تناقلت هذه الخطبة آنذاك مواقع
التواصل الاجتماعي،وحققت من المشاهدة كالعادة أرقاما خيالية،و سجلت تعليقات
المشاهدين رأيا عاما وطنيا عارما لا زال إلى اليوم يستنكر الجرأة على الحقوق
المعنوية للمواطن قبل المادية والتعدي على أمنه الروحي قبل الجسدي،وقد أسمعت لو
نادت حيا ولكن التجاهل وضياع حقوق العباد عادة من تنادي؟؟،خطبة كان يحث فيها القوم
من رواد المسجد على الصبر وعدم التصعيد،ويبين لهم أن الوضع الأمني والاجتماعي بكل
صراحة لا يسمح بغير الهدوء ولو على مضض بل ومهما كان،وأن يترك الجميع الأمر لله
فإن الله متم نوره ولو كره الكارهون،فما من مسجد على وجه الأرض شيد بنيانه إلا
ليصلى فيه وسيصلى،وما من منارة أضاء جامورها وعانق شموخها عنان السماء إلا سيرفع
عبرها الآذان وسيرفع ولو بعد حين،بعزة عزيز و ذل ذليل،ولكنكم قوم تستعجلون؟؟.
أيها السادة والسيدات:ليس
هذا مقالا في فصل الخطاب في ما بين "بنكيران" و"العثماني" من اتفاق
وشقاق وطباع،ولا مما قد يكون أو يخلق بينهما من
شد وجذب و جدل صحيح أو خاطئ،ولا مسائلة لحزبهما بما يتصدر الأغلبية
الحكومية عن عائد سياسته و مرجعيته على الدعوة من جهة،ومن جهة أخرى على الأوضاع
العامة في الجهات بين الحاجيات والإمكانيات والممكن من التدابير بين مكر التحالفات
وغيرها من تدخل السلطات؟؟.ليست هذه حملة سابقة لأوانها لصالح مرشح على حساب آخر
ومؤتمر "العداليين" على الأبواب،فالمؤتمرون راشدون وهم أدرى بشأنهم
ومصالح وطنهم و حزبهم وطينة زعيمهم،وكلهم ولا شك كما يقال مع "عبد الإله
العثماني"ومتعاطفون مع "سعد الدين بنكيران"؟؟،إنما هذا انتظار بسيط
و مشروع،قد يكون على رأس انتظارات كل ساكنة جهة درعة تافيلالت بحواضرها و
بواديها،ذلك أن الأمر لم يكن يقتصر على مسجد "الواحة"فحسب،بل تعداه كما
تناقلت ذلك وسائل الإعلام إلى غلق عشرات المساجد بالجهة،وتوقيف ما يزيد عن 130
خطيب جمعة وإمام وواعظ رسمي ومتطوع،بل والقائمات بنشاط محو الأمية في المساجد،وإغلاق
أزيد من 50 كتاب قرآني في جهة عرفت طوال تاريخها بالقرآن والوسطية والاعتدال؟؟.
لن نسائلكم السيد رئيس
الحكومة عن هؤلاء الظالمين المتورطين في منع مساجد الله وغلق أبوابها في وجه
المصلين وما شبكاتهم وما دوافعهم،فحكمهم إلى الله وهو القائل:" وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا
اسْمُهُ وَسَعَىٰ فِي خَرَابِهَا ۚ أُولَٰئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَا
إِلَّا خَائِفِينَ ۚ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ
عَذَابٌ عَظِيمٌ"البقرة/114.؟؟،ولن نسائلكم سيدي عن محاسبة من أغلقوا بالأمس دور
القرآن بمراكش متى شاؤوا،ثم أعقبوا وفتحوها متى شاؤوا،وكأننا بدون هوية ولا مرجعية
في دولة الغاب لا دولة الحق والقانون؟؟،لن نسألكم عن شيء آخر غير هذا الذي قلنا بالأساس،لأننا
نعرف إجاباتكم المسبقة وما تحاجون به الشعب على درب من سبق،من كثرة المطالب وقلة
الإمكانيات وشح الميزانيات...رغم أن الأمر ليس على الدوام كذلك،ولا على كل الفئات
ولا على كل الجهات كذلك؟؟،فهذا مطلبنا الأساسي ألا وهو سؤال الأمن الحقوقي والأمن
الروحي للمواطنين في جهة درعة تافيلالت إسوة بباقي إخوتهم في غيرها من الجهات
الآمنة المطمئنة للمملكة؟؟،انتظارنا الأساسي حول مسجدنا وكل المساجد المغلة في
الجهة والتي يدعو المصلون على الدوام في ركوعهم وسجودهم أن يرفع الله الظلم عنها
ويقيض لها من يفك أسرها ويحل أبوابها فيكتب له أجر ذلك، فهل سيكون ذلك اليوم على
يد فضيلتكم أو منصفا من منصفي فريقكم الحكومي؟؟،سؤال و رجاء واحد لا يتطلب جوابه وتحقيقه
فعلا ولو فلسا واحدا،لا يتطلب غير شيء من الرغبة الصادقة في خدمة المواطنين،والحفاظ
على أمانة ومشروعية صناديق الاقتراع وهذا موجود،ولا يتطلب غير البرهان الواضح في
امتلاك شيء من السلطة،والجرأة في اتخاذ القرار، وأجرأة ما ترفعونه من شعار فك
معضلة الإدارة مع المواطن وعلى رأسها الإدارة الكارثية ل"التوقيف"والأوقاف،وهذا
شيء ننتظره وهو المدخل الضروري والوحيد للمساهمة الفعلية في الإصلاح تحت القيادة
الرشيدة لصاحب الجلالة؟؟.
ختاما،وكما يقول المتتبعون أن إشكال الإشكالات في هذا البلد أن تقاسم فيه المتنفذون
والمتحكمون رغم أنف الدستور كل السلط حتى سلطة رئيس الحكومة،ما زهد فيه وما لم
يزهد،فصيموه دهرا وأفطروه جهرا على"الماء والزغاريت"و عرسوه رغبة وأدخلوه
رهبة على"هجالة"حمقاء،وزارات سيادة داخل الوزارات..و وزارات تتدخل في كل
شيء ولا تحاسب على أي شيء،بل غيرها المحاسَب وعلى كل شيء؟؟،فإذا وكما يقال ل"الحموشي"رجاله
ول"بنسليمان"رجاله ول"لفتيت"رجاله ول"التوقيف"رجاله
ول"القضاء"و"الإعلام"رجاله..،أعان الله الجميع من يحترم
الدستور والقوانين والمواطنين ولكن فمن وماذا أبقوه إذن للسيد رئيس الحكومة؟؟لا
شيء..لا شيء غير بعض وزراء تستمر بهم
ومعهم الأزمة والفضائح"زوج فرنك"و"الكراطة"و"الشوكلاطة"و"الوقاف"و"البناج"و"السلاخ"
و"الغلاق"و"الشناق"...وماراطون من ادعاء الاكراهات والتبريرات
والمكالمات والبروتوكولات؟؟، لا شيء..لا شيء غير برلمان مهترىء لا ينتهي من
المسرحيات الهزلية والضحك السخيف على الذقون،فلا أموال الشعب قد ترك ولا تنمية لهم
قد حقق؟؟،وكيف بعد هذا نستغرب من خطاب التحكم والعفاريت والتماسيح،وكيف سيتمكن أيا
كان من حل أي معضلة في هذه البلاد قبل حل هذه وهي معضلة المعضلات؟؟.
الحبيب عكي