Top Ad

الأحد، 27 يوليو 2025

http://akkioasisdesarticles.blogspot.com/

ما وراء الظواهر الاجتماعية ؟


       إن الظاهرة الاجتماعية في علم الاجتماع، تعبر عن واقع اجتماعي تتجسد فيه الأفكار والمعتقدات والقيم والسلوكات وكافة العلاقات والتفاعلات البنيوية والهيكلية بين الأفراد والجماعات والمجتمعات. ولإن كان الرائد السوسيولوجي الألماني "ماكس فيبر" قد تحدث عنها بنوع من الاستخفاف لكون الفاعل الاجتماعي - في نظره - له هوية ومرجعية يختار وفقهما ويقدم على ما يقدم عليه من أقواله وأفعاله الاجتماعية بنوع من الحرية والإرادة والمنطق العقلاني والاستراتيحي، فإن الرائد السوسيولوجي الفرنسي "إيميل دوركايم" قد تحدث عنها في كتابه "قواعد المنهج في علم الاجتماع" بما يجعلها حتمية وقدرية وحاسمة في كل شيء، فقال أنها تاريخية، متكررة، موضوعية، قهرية تفرض نفسها على الأفراد، توجد قبلهم وتبقى بعدهم، وهي تحدد اختيارات وتوجهات الأفراد والجماعات والمجتمعات ونوع التفاعلات السائدة بينهم وحتى الصراعات والديناميات التي تنشأ بينهم، كما هو الشأن في ظواهر اللغة والدين.. والزواج والطلاق.. والبطالة والهجرة.. والجريمة والعقاب..، تفرض معاييرها على الجميع ولا سبيل للانفكاك من قيودها إيجابية كانت أو غير ذلك.

 

            الظاهرة الاجتماعية أو الحادثة الاجتماعية أو حتى الفعل الاجتماعي..، ورغم ما يوجد بينهما من فوارق وتداخلات فإن لها جميعها أشياء ظاهرة وأشياء خفية، لا يتم التعاطي الحقيقي والأجدى معها إلا بإدراك ذلك الوجه الخفي فيها على قول "غاستون بشلار": "لا علم إلا في ما هو خفي"، ولا يتم إدراك هذا الخفي إلا بدراستها كما يقول "دوركايم" دراسة وضعية كأشياء مجردة خاضعة للمنهج العلمي وأسسه من الملاحظة والتجريب والتحليل والتركيب والاستقراء الكمي والاستنباط الكيفي..، بعيدا عن كل ما يمكن أن يضرب في المنهج العلمي والحقيقة الاجتماعية الصرفة والمجردة، لا كما تتصورها ذاتية الباحث أو حتى إمكانياته أو كما تفرضها أحيانا كثيرة بعض الضغوطات الاجتماعية الرسمية أو الاختيارات الأيديولوجية المؤد لجة للباحث أو حتى إغراءات المؤسسات البحثية بتمويلاتها السخية أو ادعاءاتها في الجودة والخبرة المعيارية (ISO)، لأن كل هذا يفقد الباحث المصداقية وينحرف به عن الحقيقة العلمية ويجعله يسوق لوهم حقير يجعل الناس في معاركهم ضد مظاهر التخلف والفساد وكأنهم "دونكشوطيون" مهما واجهوا من طواحن هوائها وأعراضها زادت واستفحلت وأزمنت، فالهجرة مثلا لها مظاهر وأسباب ومآلات متعددة ومتداخلة، لم تفلح البشرية إلى اليوم في الحد منها ومن أضرارها لأنها وفي أحسن الأحوال تعالج مجرد أعراضها؟.

 

            قديما، بحث "جورج زيمل" في ظاهرة الفقر والتسول، وعلى عكس السائد من الحس المشترك واليقين الوهمي الدافئ، وجد أن سبب ظاهرة تسول الفقراء في المجتمع الألماني هو ما يقدمه هذا الأخير للمتسولين من مساعدات اجتماعية كأفراد و كمؤسسات؟. وهذا ليس من باب دعوته إلى عدم الصدقة والرحمة والإحسان والتضامن..، إنما تلك المساعدة هي التي تمنع المحتاجين - في نظره - من المبادرة الذاتية لتحسين أوضاعهم وإنقاذ أنفسهم، خوفا من أن يحرموا مما يتلقونه من المساعدة الموجودة والمضمونة على هزالتها؟. وسواء اتفقت مع الرجل في تحليله أو لم تتفق، فهذا ما نعيشه اليوم مع سياسة مأسسة التسول والمساعدة الاجتماعية عبر الوطن، حيث كثير من الأمهات والأسر يتخلى معيلوها عما كان قد توفر لهم من العمل في الجمعيات والتعاونيات ..، خوفا من أن يصعد مؤشرهم الاجتماعي فيحرموا مما ألفوه من المساعدة الاجتماعية الشهرية ولو كانت هزيلة لا تغني من شيء، ولكن على قول المثل: " قليل دائم خير من كثير منقطع"، وهذه أحوال يعيشها المحتاجون أيضا في إسبانيا و إيطاليا وأمريكا..، مما يحرمهم من تغيير طبقتهم الاجتماعية أو حتى الرقي داخلها؟. من هنا ندرك قيمة الإسلام في معالجة الظاهرة عندما أتى الرسول صلى الله عليه وسلم رجل فقير يسأله شيئا، فأعطاه فأسا وأمره بأن يحتطب، فاحتطب وباع واشترى.. وكسب من عرق جبينه، سابقا بذلك من قال بعده بالمشاريع المذرة للدخل أو "لا تعطيني سمكة بل علمني كيف أصطادها"؟.

 

            أيضا "سيرج بوغام" في كتابه "ممارسة علم الاجتماع"، وهو يبحث في الفقر والهشاشة حاول في البداية أن يظهرها مثل الآخرين على أنها ظاهرة اجتماعية عادية، الكل يسمع بها ويتحدث عنها، الاعلام يتناولها في مختلف الوثائقيات والحوارات، ويظهرها على أنها ظاهرة تاريخية وعالمية للناس معها تجارب وتجارب، ليغوص بعمق في ما بعد إلى ما وراء الظاهرة من سياسات عمومية واختلالات اجتماعية واضطراب في القيم والمعايير والتضامن والروابط الاجتماعية؟. فمثلا، حادثة إلغاء أضحية العيد عندنا، ورغم الاستجابة الواسعة لها من طرف المواطن، بل وانطباع الفرح بها أحيانا كثيرة، هل كانت الدواعي والحيثيات المتداولة مقنعة؟. هل أنقدنا القطيع الوطني أو في تدابيرنا ما سينقده؟، هل أوقفنا استيراد اللحوم الأجنبية وقد بلغت حوالي 20 % من الاستهلاك الوطني؟، هل السبب يكمن فعلا في الجفاف والتغييرات المناخية؟. كيف وفي دول الجوار أو حتى في دول المشرق لم يتم فيها الإلغاء وعندها نفس الظروف المناخية القاسية وأشد؟، كيف نتحدث عن الجفاف ونحن نزرع الخضر والفواكه الأكثر استهلاكا للماء مثل "الأفوكا" و"البطيخ" الأحمر..، ونصدرها إلى الخارج وكأننا نصدر الماء مجانا؟. أليس في هذا أيضا دخل للسياسة العمومية وتجاهل شكوى المواطن بغلاء الأسعار وقد أرهقت وألهبت حتى الطبقة المتوسطة فلم يعد بمقدورها تلبية حاجياتها الأساسية فبالأحرى تحريك المعهود منها من عجلة الاقتصاد؟.

 

            وكذلك العديد من الظواهر الاجتماعية التي تحدث الكثير من الضجيج اليوم في الصحة والتعليم والتنمية والديمقراطية والريع والتطبيع..، مما هو أقصى جدي إلى ما هو أقصى هزلي يطرح السؤال الحارق: .. هل سنضمن الحق الدستوري للمواطن في الصحة بمجرد هذه القوافل الطبية المتجولة؟، أو حتى بنبت وفطر المصحات الخصوصية في المدن الكبرى؟، لماذا نفشل في محاربة الهدر المدرسي والجامعي رغم ما نمنحه للتلميذ (ة) والطالب (ة) من دعم وفرص لا تنتهي؟.  هل يمكن تحقيق الجودة وتكافؤ الفرص في المدرسة المغربية وهما غير موجودتان في المجتمع؟،  هل يمكن تدريس جيل لا تعني له المدرسة شيئا أي شيء، غير ما يحدث فيها من العنف والشغب وشتى أنواع الانحراف الذي يكون له جسرا من الإعلام والمحيط المدرسي إلى داخل الفصول الدراسية؟. ظواهر الفقر والهشاشة.. التفكك الأسري.. العزوف عن الزواج.. الهجرة القسرية.. العدوان الظالم على غزة والصمت والخذلان.. كبت الحريات.. التطرف.. المخدرات.. التفاهة.. "موازين" وفرضها والدفاع عنها بحجة الحضور الجماهيري المكثف والمتعدد الأذواق، مع العلم أن علاقة المهرجان لا بالفن ولا بالذوق أصلا تناقش، وأن من لم يحضروه ولا حتى شاهدوه عبر الشاشات أكثر كثافة وبالأضعاف؟، ولماذا "موازين" الرباط فقط وفي كثير من المدن وحتى القرى "موازين" و"موازين" في ترويجها للمخدرات لا تقصر وفي جرأتها على العفة لا تكل وفي إفسادها للذوق لا تنتهي؟.

 

            ولكن، كيف بهذه المهرجانات تجد من سخاء الدعم وقوة البرمجة وجهود الإنجاز ما لا يجده غيرها من المشاكل التنموية الحقيقة للجماعات؟، على أي أساس علمي أو تنموي أم مجرد مصالح وصفقات وأكل أموال الجماعات بطرق تستعصي على الحسابات والمتابعات؟، لا تنمية حقيقية بدون دراسات علمية واقتصادية، سوسيو-ثقافية..  موضوعية ورصينة، تظهر حقيقة الظواهر والمعضلات الاجتماعية على حقيقتها خاصة وخاصة جوانبها البنيوية الخفية، لأن الظواهر في الغالب تخفي ما لا تظهره ولا يتسنى للفاعلين والمتدخلين مواجهتها بما يناسب وبشكل فعال دعما أو محاربة إلا بمعرفة الظاهر والخفي. ومن أجل ذلك لابد من دراسة الظاهرة/المشكلة من جميع جوانبها لأن طبيعة الأشياء أيضا أنها تكون معقدة ومركبة، نسقية ومنتظمة، لا يغني فيها التعاطي مع جزء واحد منها دون بقية الأجزاء. ثانيا، عدم الاكتفاء بالوجه البراق والدعائي للأشياء فقد تكون مزيفة غير حقيقية، وكذلك بين الدكتور "مارسيل كوبر" بعد 30 سنة من دراسته للسقي النقطي في المجال الفلاحي وفي العديد من الضيعات الفلاحية محل هذه التقنيات في مختلف الأحواض، فوجد أن هذا النوع من السقي (Goutte à Goutte) وعلى عكس ما يشاع عنه فهو لا يقتصد في استعمال الماء بل يسرف فيه بسبب الأحواض المائية التي يجمع فيها ويتبخر قبل الاستعمال وبعده، وهو أي السقي النقطي وراء تأثر الفرشة المائية العميقة وانقراض بعض المزروعات التقليدية والإيكولوجية وبطالة الشباب القروي وهجرتهم إلى المدن؟.


   
                                                                                         الحبيب عكي  



اقرء المزيد

الأربعاء، 16 يوليو 2025

http://akkioasisdesarticles.blogspot.com/

أيت بوكماز.. وسؤال تنمية الجبل في المغرب

        لله ذر الفنان الساخر وقد كان يثير - منذ عقود - أزمة صعود "القرد الفلاحي" إلى الجبل بدعوى عزمه على تنميته ومساعدة أهله في تيسير أمرهم وتحسين حياتهم، بما سيمنحهم من ديون سخية لدعم مزروعاتهم وتوفير أعلاف بهائمهم وتثمين حرفهم التقليدية واستقرارهم في الجبل بشكل عام. لكن أهل الجبل لم تسعفهم ظروفهم القاسية وعدم تنظيمهم إلا على استثمار "قرودهم" في معيشهم اليومي من حفلات الزواج ومآتم الطلاق.. ومواسم الأولياء وفي أحسن الأحوال حراك نحو المدينة للقطع مع الجبل والترحال والطرق الوعرة وكل الجغرافيات والمناخات الصعبة؟. وحتى من أسعفته نيته وتشبته بموطنه واستمر فعلا في الفلاحة وحفر بئرها واستخراج مائها، وشراء تقنيتها وأسمدتها، فإن التغيرات المناخية قد اشتدت عليه أكثر وأكثر، فلا منتوجات قد حصد ولا ديون قد رد، إن "القرود" قد أدمنوا على الفساد، إذا صعدوا جبلا خربوه وكذلك يفعلون؟.

 

        أين الجبل مما سجله التراث العالمي الزاخر الفاخر الساحر حوله؟، أين عنزة السيد "سوغان" من كانت تصعد وحدها حرة طليقة إلى الجبل فتفرح وتمرح، تطوف حول خرير المياه في المروج وبهاء الشلال وبياض الثلوج .. تصهرها أشعة الشمس الدافئة، في توازن بيئي إيكولوجي بين الرشد الإنسان والتنوع النباتي والتعدد الحيواني، الجبل كان على الدوام مأوى الجميع ومنبع كل الخيرات ومصدر كل الثراء والعطاء والسخاء الدائم للجميع، معادن نفيسة وجواهر كريمة سطحية ومطمورة، وقود أحفوري وفحم وملح حجري، غابات كثيفة وهواء نقي صحي يداوي من العلل والأسقام، أعشاب عطرية طبية، منسوجات صوفية وحرف تقليدية متنوعة ومزدهرة، سياحة جبلية عبر مواقع تاريخية وأحداث أسطورية، منتجعات لرياضات التسلق والتزحلق، غنى العادات والتقاليد الفطرية الأصيلة، وكلنا يتذكر ما كان من تقدم بين أهل السفح وأهل الجبل في العهد القريب للتبادل والمقايضة والسوق الاسبوعي، عهد رابح ..رابح.

 

         لكن، يبدو أن ليست "القرود" وحدها من صعدت اليوم إلى الجبل فخربته، بل "الحلاليف" و"الذئاب" بكل أشكالها ومن على شاكلتها أيضا، وإلا فمن فتك بعنزة السيد "سوغان" ليلا في غفلة منه؟، من سبب حزنه وقوى أوجاع الثري المسكين على رفيقة دربه الوفية السخية، يعطيها حبا وعشبا ترعاه في كل مكان وتعطيه لبنا وزبدا رابيا لذة للشاربين. من أخرج ساكنة "أيت بوكماز" الهادئين (حوالي 33 قصرا) عن بكرة أبيهم بالآلاف في مسيرة عزة وكرامة، وحقوق ومواطنة، وعدل وإنصاف، ينشدون ما ينشدون في حر الصيف من السلطات العليا قبل الدنيا، وقد قطعوا كبارا وصغارا من المسافات الطوال ما قطعوا، ورفعوا من الشعارات الصاخبة والآهات الصادمة ما رفعوا، ودبجوها من الرسائل والمطالب ما يبتك الآذان، هي في قواميس التنمية وشعاراتها المجالية والمستدامة بدائية، ولكنها وعبر عقود وولايات من التجاهل والنسيان..، لم يكن لها عند أحد ممن كان موطئ قدم أي موطئ؟.

         وعمليا، وكأن السياسات العمومية قد تناستها، والقطاعات الحكومية قد تجاهلتها، وعجز عن تلبيتها من خاض الانتخابات البرلمانية باسمها، ومن تصدر مقاعد الجماعات الترابية الجهوية منها والقروية، بل حتى السلطات المعينة وجهة المسيرة الاحتجاجية للساكنة بقيادة رئيس جماعة المنطقة لينضاف بحراكه الاجتماعي إلى حراكات ملتهبة منطفئة في "الريف" و"جرادة" و"العيون" و"زاكورة" و"فكيك" و"تطوان"...، ولكن هذه المرة من العالم القروي، وعشرات القرى مثل "أيت بوكماز" تئن في صمت، ناهيك عن الحراكات الفئوية المتقدة الكامنة للأساتذة المتعاقدين.. وأطباء الغد.. وأئمة المساجد والخطباء.. والممرضين والمتقاعدين.. ممن يملؤون شوارع الرباط العاصمة كل حين، لتأكد حقيقة واحدة أن المغرب في دينامية اجتماعية مستمرة وحارقة، ولكن من يراعيها؟؟. مطالب "أيت بوكماز" : إصلاح طريق لفك العزلة، طبيب قار للصحة العامة، سيارة إسعاف، شبكة أنترنيت، ملعب القرب، مركز التكوين في المهن الجبلية ضد البطالة والهجرة،  بناء سدود تلية للحماية من الفيضانات..، فقط.. فقط ولكن هذا يستدعي احتجاجا وحركا اجتماعيا - وربما من يدري - في مغرب كأس العالم 2030؟.

 

إنها مطالب أبسط من بسيطة، بمقدور مجرد المحسنين إنجازها، فكيف عجز عنها "البرنامج الوطني لتنمية الجبل" نسمع بضجيجه ولا نرى خراجه، و"الصندوق الوطني للتضامن بين الجهات"، و"الصندوق الوطني لمحاربة الكوارث الطبيعية"، و"المبادرة الوطنية للتنمية البشرية"، و"الوكالات الجهوية لتنمية "الأركان" و"النخيل" و"التفاح" و"المزاح" و"حب الملوك".. في الشرق والغرب وفي الشمال والجنوب"؟. كيف عجزت عنها وحتى عن التوسط فيها أحزاب سياسية أنشأت لعقود وولايات لتنمية الأرياف وإنصاف العالم القروي خصيصا؟. أين المجتمع المدني ومشاريعه الوطنية والدولية، من يمنعه من تعبئة الرأسمال المتاح لمواجهة مثل هذه المعضلات التنموية؟، إن هناك خللا وشيئا ما ليس على ما يرام، إن هناك شيئا ما ينقصنا، لعل أهمه بالدرجة الأولى هو الصدق، الصدق في ما نقول وما نعمل، والصدق في مدى نشداننا للعدالة الاجتماعية والانصاف الجهوي والمجالي، ناهيك عن مستلزماته من شعارات الحكامة الجيدة وربط المسؤولية بالمحاسبة والنتائج؟.

 

أكيد، أن أجيال اليوم قد تغيرت - كما قال السيد رئيس الجماعة - يهاجرون خلال السنة إلى مناطق قريبة وبعيدة من المنطقة، وعندما يعودون في مناسبات العيد، يقارنون بين ما عند الآخرين وما ليس عندهم، يبحثون عن مجرد ملعب للقرب لمبارياتهم الحبية، عن مركز ثقافي للترفيه وهي حق من حقوق الأطفال والشباب، عن شبكة الأنترنيت في المقاهي كما تستدعي الحياة المعاصرة..، فلا يجدون.. لا يجدون؟، فكيف تريدهم أن يصبروا، أو أن يعتقدوا بالأمل في غد أفضل أو في إصلاح أشمل يمكن أن يأتي فيه دورهم يوما حتى تتمتع قريتهم بما يتمتع به الآخرون، خاصة أن تأثيرات المدينة والعولمة في القرية لا تخفى على أحد؟. وهنا السؤال للسيد الرئيس المحترم، هل ترون أيها المناضل في مطالب حراككم الاجتماعي على بساطتها ومشروعيتها وما حظيت به من التضامن الشعبي الواسع، هل ترون فيها ما يمكن أن يساهم في الاستقرار الحقيقي للساكنة والحد من تراجع القيم وضعف القدرات والهجرة والبطالة.. وغيرها من أسباب مآسي الشباب؟. التنمية تثمين موارد مادية ورأسمال بشري وقيم جماعية نهضوية، فماذا تثمن من منتوجات جبالنا وأريافنا وحتى مدننا، ماذا نعطيها من أدوار تنموية مناسبة ومستدامة حتى لا تتقهقر مثل المدن المنجمية بعد غلق مناجمها؟.  

 

مساهمة منا في هذا الاتجاه، إليكم بعض التجارب الدولية الناجحة في تنمية الجبل وعوالم الأرياف، ففي سويسرا والنمسا ونيوزيلاندا والصين وكوستاريكا.. وكلها ذات تضاريس وعرة ومناخ صعب، ولكنهم يستثمرون الجبل في إنتاج اللحوم والألبان ومشتقاتها والجلود والأخشاب وصناعاتها والأصواف والأوبار وملبوساتها، بالإضافة إلى السياحة الجبلية بملايين الوافدين من أجل رياضات المشي والتسلق والتزحلق ومنتجعات الاصطياف، ومراكز تثمين المنتوجات التقليدية والعادات الأصيلة في الاستهلاك مثلا، وهنا يمكن الإشارة إلى جماعة "أوريكا" عندنا وكل اقتصادها قائم على مجرد "وادي" والسياحة الجبلة ببعد وطني ودولي؟،  وفي الهند وهي بلد الفقر والهشاشة والكثافة السكانية الهائلة، قد استثمرت في التكنلوجيات الحديثة للتعليم عن بعد، مما أتاح لها الرفع من منسوب الوعي لدى المتعلمين وبالتالي تحقيق العديد من النتائج الإيجابية لديهم.. مشاريع مدرة للدخل، التعليم لمحاربة الجهل والأمية، تحسين الخدمات الصحية، محاربة الهدر المدرسي والزواج المبكر وكثرة الإنجاب...، والأهم من كل ذلك الاستقرار ومحاربة الهجرة والفقر والبطالة...، نرجو الاستجابة لمطالبكم الاجتماعية البسيطة والمشروعة، وبكل صدق لمطالب العالم القروي والأرياف والجبال، فإنها قلب ورئة هذا الوطن؟.

                                                                                                                                                                                                                الحبيب عكي 


اقرء المزيد

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

المتابعون

المشاركات الشائعة