مخيمات تفوسيخة و تفرشيخة وعدم القبول
كالعادة،عقد مكتب الجمعية اجتماعه السنوي مبكرا،وكانت النقطة الوحيدة في
جدول الأعمال،خطة الجمعية للإعداد المبكر والمتين للمخيمات الصيفية،ورغم أن استباق
الجمعية كان ثلاثة أشهر قبل حلول الموسم،إلا أن هناك عائقا يحول دون فعل أي شيء رغم
كثرة المطلوب،ألا وهو رخصة القبول؟؟.أرادت الجمعية الوطنية إخبار فروعها بضرورة
الشروع في تعبئة الأطفال عن بعد وإطلاق الإعلانات للعموم، ووضع المشروع البيداغوجي،واختيار
الشعار المنسجم مع الشعار الوطني للوزارة،وعقد لقاءات تواصلية مع الآباء والشركاء
ومع..ومع..،لكن ما يؤرقها،هل ستحصل على رخصة القبول أو لا؟؟.
على الأقل،لابد من اختيار
المديرين والمقتصدين والمؤطرين والطباخين والمساعدين لمختلف المراحل،لابد من وضع
البرامج العامة والقارة والتنسيقية..،وتوزيع التكاليف بشأنها،والإعداد القبلي لها،وتوفير
كل اللازم لذلك،لكن من يدري عن المراحل شيئا،شاطئية هي أم جبلية أم حضرية أم
قروية،لابد من رخصة القبول؟؟.كم كانت تؤلمنا كل سنة قضية النقل،وحجز الحافلة
وتغيير الاتجاه،مع ما يلزم ذلك من "ماراطون" حقيقي في التيه و دواليب العديد
من الإدارات المتدخلة في الترخيص،من شركة النقل وسمسرتها،إلى مفتش النقل وانشغاله،إلى
المديرية الإقليمية للوزارة وانتظارها للمراسلات المركزية،إلى الباشوية إلى
العمالة وهما يتساءلان عن صلتهما بالموضوع أصلا،لكن من يستطيع الموافقة على شيء أي
شيء دون رخصة القبول؟؟.
كثرت التدخلات والتنقلات
والسفريات والاتصالات والوساطات المباشرة وغير المباشرة مع مصلحة المخيمات
بالوزارة،مع المديرية الإقليمية،بدار الشباب،بأعضاء الجامعة،بالنواب البرلمانيين..من
أجل وثيقة واحدة هي رخصة التراخيص،عجز الجميع عن الإفراج عنها إن لم يكن مبكرا فعلى
الأقل في موعدها،والغريب أن الكل يعدك بخير الوعود،لكن في الواقع لاشيء يحدث ولا
يمكن أن يحدث في غياب البهية السنية لالة رخصة القبول؟؟.كم طرح هذا الموضوع الشائك
في عهد كل وزير سابق،وفي عهد التوثيق الورقي وتدخل المتنفذين،بعدها في عهد التواصل
الهاتفي والفاكس،واليوم في عهد الرقمنة الإلكترونية،و"الواتساب" و"الفايسبوك"..،التي
يتبجح الجميع أنه من مواطني الحكومة الإلكترونية،وسكان العالم الافتراضي،ومدمني
مواقع التواصل الاجتماعي،لكنهم مع الأسف لم يكتشفوا بعد هذا الذي تتوقف عليه كل
المخيمات الوطنية،ساحرة الساحرات وعقدة العقد وإسمها رخصة القبول؟؟.
وكم تتكرر هذه "التفوسيخة"
و"التفرشيخة" والعطالة والعرقلة بل والتوقيف الإجباري والتجميد القسري لكل
خطوات إعداد قبلي متين عن مهل وعن بعد،لكل مشاريع الجمعيات ومساعي مساعداتها وبرامج
شراكتها مع الوزارة،ليس في المخيمات وحدها،بل في التداريب والتكوينات أيضا،وفي
أنشطة آخر الأسبوع التي يكون من الجمعيات من يتخلى عنها،لا لشيء إلا لتعقيدات
وبيروقراطية الحصول على رخصة القبول بشأنها وفي حينها؟؟.ترى هل الوزارة فعلا مغلوبة
على أمرها؟،هل سياستها التماطلية هذه مقصودة لاستمرار المعهود من الفساد والوساطة
والتحكم والسمسرة والتلاعب بالقرارات والوعود والأعداد والفضاءات والصفقات وغير
ذلك من مصالح الجمعيات وخدمات الأطفال وهي على كل حال أمور موجودة بالأحجام وبالأشكال؟؟.أليس
ممكنا مع ما تبشر به الوزارة من عهد الرقمنة أن تسوى كل أمور عرضها الوطني للتخييم
وحيثياته بشكل يمكن من منحها الجمعيات رخص قبولها مباشرة مع إعلان نتائج العرض
الوطني للتخييم،أو على الأقل شهرا أو شهرين قبل حلول موعد المخيمات حتى تعمل
الجمعيات في أجواء صحية وبإيقاع مناسب؟؟.
لماذا،لماذا وبكل صدق لا يفرج
عن هذه المحررة السجينة البريئة أحيانا وفي الغالب إلا يومين أو ثلاثة قبل
الانطلاق الفعلي للمخيمات،لتحرق الجمعيات أعصابها وطاقاتها في دهاليز إدارية غير
متفهمة،هذا إن لم تحرق مراحلها التخييمية أو على الأقل أيامها الأولى منها،لا لشيء
إلا لأنها لم تتوصل إلى إنجاز وثائقها المطلوبة بفعل تأخر رخصة القبول من طرف
الوزارة؟؟،وفوق ذلك،لماذا رخصة القبول هذه تعطى لكل مرحلة على حيدة،بدل أن تعطى
لجميع المراحل دفعة واحدة؟؟،هل تستأنس الوزارة ومصلحتها بتكرار"تكرفيسة"
و"تسخسيخة"الجمعيات،خاصة البعيدة منها والتي في مناطق نائية،والتي تظل في
القيظ "خيطي بيطي"للمصلحة دون قضاء الأغراض؟؟،هل إلى هذه الدرجة لا زالت
الوزارة مركزية حتى النخاع فجردت مديريتها الإقليمية من كل الصلاحيات ولم تعد لها أية
مهمة تفويضية أو نيابية في عهد الجهوية الموسعة؟؟،أم هل أخطأت الجمعيات وجهتها في
انتظارها رخصة القبول من الوزارة،أقبل وأقرب منها "تفوسيخة" القبول عند
أي مئراب للرقية الشرعية؟؟.
وبعد كل هذا،هل فعلا نرفض
استغلال الأطفال في المخيمات؟؟،أم هذا هو عين استغلال الأطفال،ومخيمات الأطفال،والعاملين
مع الأطفال،بما تكلفهم سياسة الوزارة مما ليس منطقيا ولا يطيقون،ولا يفرض عليهم
غير الاشتغال في أجواء مكهربة عالية الضغط،يضطرون فيها لمصارعة الطواحين السياسية والإدارية
والاجتماعية والهوائية،لا لشيء إلا بسبب تأخير رخصة القبول من طرف الوزارة وهي في
المخيمات كل شيء وعليها يبنى كل شيء؟؟،ترى،إذا كانت الوزارة تجمع الجمعيات حولها بالقهر
وتنتظر إذنها ورخصها بفارغ الصبر،فهل تتصور البهية السنية أن الجمعيات تجمع حولها الأطفال
والمؤطرين والإدارات والحافلات وكل ما تحتاجه لإقامة مخيماتها في رمشة عين؟؟،نرجو
من الوزارة العناية اللازمة بالموضوع،خاصة في عهد رقمنتها مشكورة للعرض الوطني
للتخييم وما يرتبط به،حتى يصدق الجميع عزمها الأكيد على الشفافية والمصداقية المطلوبة،وقبل
أن يصبح ما تبقى من المخيمات في عهدها مجرد "تفوسيخة" و"تفرشيخة"
وعدم القبول؟؟.
الحبيب عكي